روايات

رواية الدهاشنة 2 (صراع السلطة والكبرياء) الفصل الثامن والأربعون 48 بقلم آية محمد رفعت

رواية الدهاشنة 2 (صراع السلطة والكبرياء) الفصل الثامن والأربعون 48 بقلم آية محمد رفعت

رواية الدهاشنة 2 (صراع السلطة والكبرياء) البارت الثامن والأربعون

رواية الدهاشنة 2 (صراع السلطة والكبرياء) الجزء الثامن والأربعون

الدهاشنة 2 (صراع السلطة والكبرياء)
الدهاشنة 2 (صراع السلطة والكبرياء)

رواية الدهاشنة 2 (صراع السلطة والكبرياء) الحلقة الثامنة والأربعون

العتاب أحيانًا ينقص من حجم ما يكمن بداخلنا، وأحيانًا لا نود الخوض بمعركة الحديث التي قد تنبش بجرحٍ نود بكل خطوة نسيانه، هكذا فعل “آيان” حينما تجاهل ما حدث، وخطى من خالته التي تتهرب عينيها من التطلع إليه، فمنحها ابتسامة دافئة قبل أن يحرر صمته المطول:
_كبير البيت اللي قعدت فيه الفترة اللي فاتت دي علمني أن التسامح والفرصة التانية هما أعظم من العقاب، ويمكن ده الفرق اللي كان بينا وبين “فهد” وعيلته..
ثم ضمها لصدره وهو يخبرها بحنانٍ:
_تحذيرك لآسر ساعدني في اللي بحاول أعمله عشان أوحد العيلتين.
احتضنته “فاتن” والبكاء لم يرفع عنها، بل ازداد أضعافًا، ربما ندمًا على ما فعلته طوال تلك السنوات، كان بأمكانها زرع الطيب بداخل قلب هذا الصغير البائس، ولكنها جعلت الشيطان على عتبة فراشه، فاستفرد به وجعله من نسله البغيض، نعم بات ضميرها يأنبها على ما حدث لروجينا وعائلتها ، فهي السبب وراء شخصية آيان المريضة، فانتقلت نظراتها تجاه “آسر” الذي يراقبهما بابتسامةٍ صغيرة مرسومة على وجهه، فتركته واتجهت لتقف مقابله، وبارتباكٍ لحق بجملتها الغير مرتبة:
_معرفش أشكرك ولا أشكر فهد على أنه رباك تربية يفتخر بيها العمر كله.. كان قدامك أكتر من فرصة تنتقم مني فيها، أولها اللي حوصل مع بتي في بيت “مهران الدهشان”، وأخرهم اللي عمله اخوي كان ممكن تسيب آيان يظن أني اللي ورا كل ده ويفارقني اني وبتي، خليته يشوف الحقيقة ويعرفها بنفسه من غير ما يجبرني اعترف على اخوي الوحيد.. أبوك فعلا يحقله انه يبقى كبير الدهاشنة والصعيد كلتها..
قال بصوته الرخيم المنبعث من خلف تلك البسمة الصافية:
_يمكن ربنا جعلني أنا وآيان سبب عشان نصلح اللي حصل من سنين بين العيلتين وكان ضحاياه ناس كتير بريئة ومتستحقش كل ده..
واسترسل حديثه بعدما اقترب ليصبح مجاور لآيان بوقفته:
_آيان كمان كان له دور في انتهاء العداوة دي، والحاجة اللي صدمتني وصدمت الكل إنه بقى قريب للكل ومني أنا شخصيًا وده كان شبه مستحيل..
لف آيان يديه حول كتفيه ثم قال بضحكة عالية:
_الفضل للكبير ولا أيه؟
ضحك هو الأخر وهو يرد عليه ساخرًا:
_يعني مبقاش فهد؟
هز رأسه نافيًا وهو يبرر:
_كان، حاليًا الكبير ويستحق يكون كده..
غمز آسر بمشاكسةٍ:
_الاحترام ده وراه انحراف، أنت بتراضي الكبير عشان تكسب بنته من تاني ولا أيه!
تطلع للخلف ليراقب انشغال خالته بابنتها، ثم عاد ليقف باستقامةٍ مقابله:
_ما تكسب أنت الثواب وتلين دماغ أختك عليا، لحسن الوضع اللي أنا فيه ده خطر على الصحة لا مني عازب ولا متجوز والباقي أنت فاهمه بقى.
تعالت ضحكاته الرجولية الساحرة، فأشار له بتتبعه قائلًا:
_طب يلا نرجع ونبقى نشوف موضوع صحتك ده بعدين..
لحق به الاخير ببسمةٍ خبيثة من قرب تحقق هدفه بالحصول عليها كزوجة خاصة به…
*******.
بالمندارة..
وبالأخص بالطابق الثاني حيث تقطن “ماسة” بعد عودتها من المشفى، كانت تستلقى على فراشها بانهاكٍ شديد، تشعر وكأن أحداهما يمزق أحشائها، فيزيد من الضغط على جرحها الغائر، فكانت بعزلة عن فرحة الجميع بأول حفيد ينير عائلة “فهد الدهشان”، باتت الغرفة خالية بها بعد عودتها، فانشغلت الفتيات باعداد الطعام للعمال، ووالدتها بتجهيز طعام خاص بها وبرضيعها الصغير، أغلقت عينيها مجددًا بألمٍ يهاجم رأسها بعد أن ضربه صداع عاصف غير محتمل، فذاك من البوادر المطروحة بعد الجراحة القيصرية، فتطلعت للكومود المجاور لها ثم حاولت جذب المسكن الذي أحضره” يحيى” منذ قليل، فعبثت بمحتويات الكيس الصغير وهي تحاول إيجاده، فوجدته مرفوع تجاهها، فتطلعت لمن يحمله وهي تردد ببسمةٍ يحفها التعب:
_يحيى!
أسندها إليه ثم جذب كوب المياه ليضع أحد الحبوب على لسانها ثم عاونها على إرتشاف بعض قطرات المياه، وعاد ليضع الوسادة خلفها جيدًا ليسألها بحبٍ:
_كده أحسن؟
هزت رأسها ووجهها الشاحب يمنحه ابتسامة تسلب ما تبقى بداخله من ثباتٍ، وخاصة حينما همست له:
_والأحسن هو وجودك جنبي.
احتضن بيديه الخشنة جانب وجهها الأيسر وهو يسألها بعتابٍ:
_وأنا أمته اتخليت عنك؟
واستكمل بنظراتٍ عاشقة لأدق تفاصيلها:
_حتى لو سبق وعملتها مرة فقلبي كان معاكِ برضه ومتخلاش للحظة عنك..
رفعت أصابعها الناعمة،لتحتضن يديه وتقربها منها،وهي تردد بدمعة سعادة تلمع بحدقتيها :
_بأحبك..
انحنى بوجهه ليتأمل الطرقة المتصلة بباب الغرفة، وحينما وجد الطريق آمن، طبع قبلة عميقة على جبينها وهو يهمس لها بصوته الرخيم:
_قومي أنتي بس بسرعة وأنا هوصفلك بنفسي أنا بأحبك أد أيه؟
ضحكت بصوت مسموع، فأنتباها وجعًا شديد، ففزع الأخير وهو يحاول استنتاج ما يحدث لها، وخاصة حينما لكمته بصدره وهي تصرخ به بغضبٍ:
_آآه بطني…. متضحكنيش خاااالص الجرح بيشد مع الضحك.
رفع أحد حاجبيه بسخطٍ:
_وبيرخي مع العياط ولا نظامه أيه؟
بغتاته بضربة قوية على صدره استنزفت قواها هي، فصرخت مجددًا، تعالت ضحكات “يحيى”، فأشار لها ساخرًا:
_أنا بقول إنك تعتكفي أنتي وايدك لحد ما جرحك يلم.
ثم انحنى تجاهها وهمس بشغفٍ احتل كيانه:
_بس متطوليش لإني في الاعتكاف ده من قبل الولادة..
ابتسمت خجلًا ، ثم قالت كمحاولة منها للتهرب من حديثه المشاكس:
_هو فين تيم من ساعة ما رجعنا وأنا ما شوفتوش!
ضيق عينيه بضيقٍ مصطنع:
_هنبتديها من دلوقتي ولا أيه، ده رابع مرة تسأليني على البيه يا هانم!
واسترسل بمرحٍ:
_هتلاقيه صايع هنا ولا هنا ما أنتي عارفة ابنك مش راكز كده..
ضحكت بصوتٍ اصطحبه تأوهات مؤلمة، ومن ثم لحق به صراخها الغاضب:
_أطلع بره يا يحيـــى.
رفع يديه باستسلامٍ:
_خلاص خلاص طالع.
وتركها وغادر على الفور حتى يتفادى غضبها الصريح..
********
وصل” آسر” و”آيان” لسرايا “فهد الدهشان”، فأتجه كلا منهما للبناء، ليجدوا العمل يقام على قدم وساق، حتى أن” سليم” و”عمر” كانوا يشرفون على العمال بأنفسهم مما زاد من دهشة “آسر” الذي تساءل باستغرابٍ:
_أمال فين “بدر” والشباب؟
أجابه “آيان” بحيرةٍ:
_يمكن بيشتروا حاجة وراجعين..
وضع “آسر” الكرتون الصغير الممتلأ بالعصائر الطازجة أرضًا، وأشار له بغموضٍ:
_أنا عارف هما فين، تعالى ورايا..
لحق به “آيان” للداخل، فوجده يدلف لأحد غرف المندارة، فتفاجئ بالشباب بأكملهم، يلتفون حول مولود صغير وعلى ما بدى له بأنه ابن يحيى، انطلق صوت “آسر” كالشرار الذي مزق بقاع سعادة كلا منهم:
_ما شاء الله على رجالة العيلة، سايبن العمال بيشتغلوا بره وقاعدين بالبيبي جوه!
انتصبوا بوقفتهم حتى “بدر” نهض حاملًا الصغير بين يديه، فقال بتوترٍ:
_أحنا بس بنعرفه علينا مش كده ولا أيه يا عبد الرحمن..
بتلعثم قال:
_آآه.. يعني ميصحش الواد يبقى عنده أربع أعمام وميعرفش عنهم حاجة..
أضاف أحمد بخوفٍ من نظرات آسر الحادة:
_يعني نسيب يحيى في يوم مهم زي ده يصح يعني؟
أتاه ردًا ساخرًا ممن يدنو ليصبح قريبًا منه:
_لا صاحب واجب طول عمرك..
منحه أحمد نظرة متعصبة، ثم جذب الصغير من يد بدر ليضعه بين يديه قائلًا:
_طب خد ابنك مش عايزين منك حاجة.
حمل يحيى منه الصغير ثم قال بشراسة:
_أنت بتحدف كيس جوافه، ما براحة يا عم أنت.
صاح آيان بمللٍ:
_يا شباب الناس محتاجنا بره هنسيب الشغل ونقف نتخانق على عم تيم القمور ده..
استدار آسر برأسه للخلف ليقذفه بنظرةٍ غاضبة، فردد بصوتٍ منخفض:
_ما أنا هموت وأشيله أنا كمان والله.. رفع آسر صوته بصرامة مخيفة:
_كل واحد يروح يكمل اللي بيعمله وبطلوا شغل العيال ده.
هبط عبد الرحمن أولا ثم لحقه بدر واتبعه أحمد، فحمل يحيى الصغير ثم كاد بالخروج من الغرفة ليصعد به للاعلى، فاوقفه آسر حينما تنحنح وهو يتصنع الجدية:
_سيب الواد ده هنا وروح أنت معاهم..
كبت ضحكاته بصعوبة، ثم وضعه بين يديه :
_لا خد راحتك يا كبير..
وتركه يحيى وهبط للأسفل، فحمله آسر ثم جلس على الأريكة القريبة منه، يتطلع له باهتمامٍ، فأمسك بيديه التي بدت صغيرة للغاية مقارنة بيديه، تابعه آيان ببسمة صغيرة ثم قال بمشاكسةٍ:
_اللي يشوفك دلوقتي ميشوفكش من شوية وأنت هايج في الشباب.
أجابه وعينيه متعلقة بالصغير:
_تعالى شوف الجمال ده.. عايزين نجبله بنتين ونسيبه يختار براحته.
راقب آيان الطريق بالخارج قبل أن يسرع بالجلوس لجواره فحمل عنه الصغير وطبع قبلة على جبينه، ثم قال بخبثٍ:
_فكك من حوار البنتين دول، المفروض بعد اللي حصلك وحصلي نتعلم أن مستحيل تختار لابنك او لبنتك عريس على مزاجك هما اللي بيختاروا ولا أيه..
ضحك بصوته الرجولي الجذاب ثم قال بمزحٍ:
_خلاص ننقيله عروستين احتياطي.
تعالت الضحكات فيما بينهما، حتى قاطعهما صوت صارم أتى ليعيد ما حدث بالغرفة منذ قليل:
_صحيح اللي سمعته ده يا آسر.
استقام بوقفته ثم أعطى الصغير لآيان الذي حمله عنه، وهو يجيب من يقف أمامه باحترامٍ:
_الموضوع بسيط يا بابا.. وخلاص اتحل.
تلألأ الشر بعينيه، فانقبضت عاصفة هائجة تتبعت لتلاحق نبرته المتعصبة:
_بسيط كيف! ، اللي عمل اكده كان قاصد يتخلص منك أنت وآيان، وأكيد أنت عارفه زين بس ورحمة أبوي حسابه عندي عسير عشان يكون عبرة لغيره ولأي حد يفكر يمس عيلتي.
وطرق فهد بعصاه أرضًا بغضب:
_هاشم مش هيهداله بال الا لما أكسرله جناحه..
اقترب منه آيان ثم قال بثباتٍ:
_وأنا كسرتهوله ومفتكرش هيطلعله جناح تاني بعد اللي عملناه فيه أنا وآسر ولا أيه..
صاحب الشر ابتسامة خبيثة زرعت على وجهه، فقص على مسمع أبيه ما فعله آيان به.. فما أن انتهى حتى اتجهت نظرات فهد تجاه آيان فربت على كتفيه بفخرٍ:
_بكيفك أو غصب عنيك بقيت واحد مننا.
رد عليه بحب وعاطفة حملت من هذا المكان الذي شعر بانتمائه إليه:
_ده اللي كنت بتمناه من لحظة دخولي هنا يا كبيرنا.
منحه نظرة اندث بها الحنان الذي اتبع نبرته:
_قولتهالك سابق وهرجع أقولهالك أنت اهنه وسط أهلك وناسك يا ولدي.
ثم أشار لهما قائلًا:
_ورانا شغل كتير، هملوا الصغير وحصلوني.
قبل آسر الصغير ثم قال وهو يتجه للخروج خلف والده:
_سمعت اللي قاله، طلع الولد وحصلنا..
ذهل من تصرفه الغير مبرر، فصاح بدهشة:
_اطلعه فين، خد هنــا متهزرش…
وحينما لم يستمع لرده خرج للردهة وهو يناديه بغيظٍ:
_آســـــر..
زفر بضيقٍ شديد، فكان يشعر بالحرج للصعود للطابق العلوي الخاص بالنساء، وبالرغم من ذلك كان يشعر بالسعادة لثقة آسر الكبيرة به لأنه يعلم كونه حازمًا لا يسمح لأي شخصًا بالتعدي على حرمته، وبسماحه له بالصعود قد حصل على مكانة عظيمة بداخله، لذا حمل آيان الصغير ثم صعد الدرج الجانبي، فوضع عينيه أرضًا حتى لا تجرح خصوصياتهم، فانتبهت “رواية” إليه، فكانت الفتيات بأكملهن تتجمعان بغرفة ماسة، رفعت “رواية” صوتها وهي تناديه من داخل الغرفة التي تقطن بها ماسة،و تكشف الدرج بشكلٍ كبير:
_تعالى يا آيان..
اتبع الصوت حتى ولج للغرفة، فقال ومازالت عينيه أرضًا:
_الكل خلع وسبوه فقولت أطلعهولكم.
ضحكت الفتيات فميزت آذنيه ضحكاتها، فرفع عينيه تجاه الأريكة المقابلة إليه، فوجدها تراقبه بعشقٍ، انتبه آيان لرواية فوجدها تحمل الصغير منه وتخبره:
_طب ادخل يا حبيبي واقف بره ليه كده..
قتل بتهذبٍ وهو يتحاشى التطلع بالداخل:
_معلشي لازم أنزل عشان في حاجات كتيرة هنجبها من برة للعمال.
هزت رأسها بتفهمٍ ثم قالت:
_ربنا يعينكم يا رب.
منحها ابتسامة هادئة ثم غادر وقلبه يتعلق بمن تتابعه بعينيها بنظراتٍ تسللت لتشعل حبه الدافين، فهبط الدرج وهو يردد بابتسامة حالمة:
_مدة الاختبار انتهت ودلوقتي مبقاش في اللي يفرقنا تاني يا روجينا..
*******
غلب الليل الضياء وساد ليبتلع نوره، ومازال الجميع يتعاون بالعمل الشاق في محاولاتٍ عسيرة للانتهاء من السرايا، وما أن غادر العمال حتى توجه الشباب لغرفتهما المؤقتة بالأسفل، فطرح أحمد بمساعدة عبد الرحمن غطاء سميك احتل أرضية الغرفة بأكملها، ثم وضعوا عدد من الوسادات، ليصنعوا فراش مريح، فالقى أحمد بجسده المتعب عليه ولجواره تمدد يحيى وهو يردد بارهاقٍ:
_حرام اللي حصل فيا النهاردة ده، المفروض تقدروا إني لسه أب جديد ومحتاج أخد كام ساعة راحة كده مع مراتي وابني..مش الصبح أكون معاها بالمستشفى وبالليل بشيل رمل وطوب بالذمة ده كلام!
تمدد “بدر” جواره بتعبٍ شديد ثم قال ساخرًا:
_يا عم اتلهي بلا أب بلا نيلة، ما أنا قدامك أهو عريس جديد وبعيش العزوبية من أول وجديد..
جلس “آسر” على المقعد المقابل لهم، ثم خلع حذائه بصمتٍ مخيف، فخلع “آيان” جاكيته الاسود ثم وضعه على المقعد المجاور له، ولحق بالشباب على الفراش ثم قال بمكرٍ:
_أنت مش لوحدك يا بدر كلنا في الهوا سوا..
ثم غمز بخبث وهو يسترسل:
_مش كده ولا أيه يا آسر..
فهم الشباب ما يقصد آيان بالقاه، فاتجهت النظرات تجاه آسر الذي ردد بسخرية:
_فكك مني عشان مزعلكش وأنت مجرب زعلي قبل كده ولا أيه؟
دفع أحمد يحيى وبدر حتى استلقى هو جوار آيان، فهمس له بصوت ظنه غير مسموع:
_كبيرنا المستقبلي بيشد علينا بالنهار وهو بينحرف عادي وبيعرف يصرف نفسه..
رد عليه آيان باستهزاءٍ:
_يعني هو ينحرف براحته وإحنا نموت بادبنا ولا أيه ؟!
أبدل آسر ملابسه ثم ترنح جوارهما وهو يشير بتحذيرٍ:
_هترجع مكانك يا أحمد ولا تنام برة في حضن همام ومهجة النهاردة؟
ابتلع ريقه بتوترٍ:
_مين المجنون اللي يقرب للخيل الأهبل ده، لا هرجع مكاني وباحترام..
وبالفعل عاد لمحله قبل أن ينال هذا العقاب الحازم بصحبة الخيل المتمرد، تحرر صوت آيان الناعس حينما قال:
_أحمد اقفل النور..
أجابه الاخير بنومٍ:
_قوم أنت، أنا مش قادر اتحرك..
وهز أحمد من يغفل جواره قائلًا:
_قوم أنت يا بدر اقفله.
رد عليه بتعصبٍ:
_مين ده اللي يقوم، ادعي ربنا اني تعبان ومش قادر أقف كان زماني قتلتك وقتي..
قال ساخرًا:
_تبقى دعوة جماعية انه يقطع عمومي..
وغفل بنومه الذي بدى مزعجًا حينما صاح آسر بغضبٍ:
_قوم يا زفت اقفل النور مش عارف أنام..
زفر بغيظٍ وهو يلقي بالغطاء عنه:
_هو يوم مش فايت أنا عارف..
وأغلقه أحمد ثم عاد ليستلقي محله من جديد، فداثرهما نومًا ثقيل بعد يومًا شاق للغاية، ولكن لم يدم طويل، حينما بات ذاك الصوت المسموع مزعجًا، وما جعل الأمر ملموسًا حينما ضربهم الثليج فنخر عظامهم، فجعل الاستيقاظ مصير مؤلم لهم، فأسرع أحمد الى مفتاح الضوء وهو يردد بانزعاجٍ:
_احنا فينا من كده، أيه صوت الشخير ده!!!
تفحصوا الغطاء فوجدوه مسحوبًا بأكمله من عليهما، فاتجهت النظرات الحائرة تجاه الصوت المزعج، فوجدوا عبد الرحمن يحتضن الغطاء الكبير وصوته يغدو ليصبح أعلى من زي قبل، كز “بدر” على أسنانه وهو يردد بغيظٍ:
_وأنا أقول أيه البرد ده؟
لكزه يحيى وهو يناديه بغضب:
_انتي يا عم انت فوووق ايه صوت البلاعة دي..
لم يأتيهم أي رد أو استفهام صريح لما يحدث، فنهض آسر عن محله ثم دفعه للأرض بعنفٍ:
_قوم كلمنا زي ما بنكلمك، هتعمل فيها قتيل!
فزع عبد الرحمن حينما وجد ذاته ملقي أرضًا، فردد بعدم وعي:
_مين… فين؟
لكمه أحمد بحدةٍ:
_لأ.. بقولك أيه المشرحة مش ناقصة قتلة هتقعد هنا تقعد بادبك احنا عايزين ننام..
تساءل بعدم فهم:
_ما تنام هو حد جيه جنبك؟
كبت آيان ضحكة كادت بالانفلات منه، فانحنى آسر تجاهه ثم عاونه على النهوض وقال:
_مهو احنا بنحاول ننام من ساعتها بس مش عارفين من صوتك ، ده حتى اللحاف يا أخي مستخسره فينا ولفه حوليك لوحدك!
تحرر منه و عاد ليتمدد جوار بدر وآيان مجددًا وهو يردد:
_مهو ده بيحصل معايا لما بكون تعبان للاسف..
جذب آيان الغطاء عن رأسه بغيظٍ:
_أيوه طب وأحنا ذنبنا أيه يا عبده، ما أحنا محتاجين ننام برضه ورانا مصالح بكره تهد جبال!
قال وقد انغمس بالنوم:
_خلاص خلاص..
وتركهم وغفى مجددًا، فعاد أحمد لمحله وكاد آسر بالعودة ولكنه تسمر محله حينما عاد عبد الرحمن لنفس الكرة، فركله بدر بعصبية:
_يابــــــا أنت مركب شفاط جوه ولا نظامك أيه… لا وعايز تتجوز ده مراتك هتطلب الطلاق من أول يوم..
استقام عبد الرحمن بجلسته ثم اهدر بانفعالٍ:
_في أيه يا عم انت وهو مش عارف انام ساعتين منكم اروح انام في الشارع يعني!
لوى آيان فمه بتهمكمٍ:
_مهو ده مش وضع يا عبده!
كاد آسر بالحديث ولكن صرير الباب الفاصل بينهم وبين الغرفة المتصلة أوقفه، فولج “فهد” و”سليم”للداخل، عمت فترة هدوء صغيرة قبل أن يقطعها فهد حينما تساءل:
_أيه الدوشة دي مش عارفين ننام!
أجابه آسر بضيقٍ:
_ولا أحنا والله يا كبير، ابن اخوك مبهدلنا هنا وبصراحة كده لو محطتلوش حد هقتله هنا واللي يحصل يحصل أنا بنوه قبل أي حركة أهو..
ابتسم سليم ثم قال:
_ليه كده يا عبدالرحمن عملت فيهم أيه؟
رد عليه بدر:
_أنا بقول تاخده معاك وتكتشف بنفسك يا حاج..
ارتعش عبد الرحمن وخاصة حينما اشار له فهد بجدية:
_تعالى يا ابني نام معانا خلي الليلة دي تعدي..
تشبث بالغطاء وهو يردد بخوفٍ:
_لا يا عمي أنا تمام هنا..
اتجهت نظراته الصارمة تجاه سليم ليخبره قبل ان يعود لغرفته:
_هاته وتعالى يا سليم.
أومأ برأسه بتأكيدٍ ثم دنى من عبد الرحمن وجذبه برفقٍ ليعود كلا منهما للغرفة، فتهللت اسارير أحمد الذي أطفئ الضوء وعاد للفراش سريعًا، ولكن بترت فرحة الأوجه حينما عاد سليم اليهما بعد أقل من ساعة، ليدفع عبد الرحمن للداخل وهو يشير اليهما بتحذير:
_سيعوا بعض النهاردة انتوا شباب ولازم تستحملوا بعض احنا العضمة كبرت ومش حمل سهر..
وأغلق الباب من خلفه، فابتسم آسر بخبثٍ، ثم اطاح بعبد الرحمن أرضًا، وأشار بعينيه لآيان الذي أسرع لجلب ما يوده، فردد عبد الرحمن بخوف:
_هتقتلوني عشان بشخر وأنا نايم!
قال آيان وهو يناول آسر غايته:
_دي ميكرفون مش شخير ده يا عبده.
جذب آسر اللاصق منه ثم كمم فمه، وأشار للشباب قائلًا:
_عايز حزام أو اتنين يا رجالة..
حرر بدر الحزام الجلدي الاسود من بنطاله، حتى آيان خلع عنه حزامه البني وقدمه له بصدرٍ رحب، فلف آسر احداهما حول يديه والاخر حول قدميه، ثم رفعه على الوسادة وطرح فوقه الغطاء قائلًا بمشاكسةٍ:
_تصبح على خير يا عبده.
تلون وجهه غضبًا فحاول التحرر ولكنه لم يستطيع، فاستسلم وغفى بنومٍ غير مريح بالمرةٍ، ولكنه ضمر بداخله خطة للانتقام منهم جميعًا وردد بداخله بعزمٍ:
_والله لاوريكم.. وبكره تشوفوا هعمل أيه..

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية الدهاشنة 2 (صراع السلطة والكبرياء))

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى