رواية الدهاشنة 2 (صراع السلطة والكبرياء) الفصل الحادي عشر 11 بقلم آية محمد رفعت
رواية الدهاشنة 2 (صراع السلطة والكبرياء) الجزء الحادي عشر
رواية الدهاشنة 2 (صراع السلطة والكبرياء) البارت الحادي عشر
رواية الدهاشنة 2 (صراع السلطة والكبرياء) الحلقة الحادية عشر
صرخاتها احتبست خلف لائحة يديه التي يضغط بها على شفتيها، حدقتيها استوعبت من يقف أمامها فهدأت حدتها تدريجياً، وجدته يغلق باب غرفته ثم انتصب بوقفته مقابلها ليردد بشرارةٍ اكتسحت معالمه:
_مش هتخرجي من هنا غير لما أعرف مالك بالظبط.. فاهمه؟
وأزاح يديه عن شفتيها على مهلٍ، فالتقطت “رؤى” أنفاسها الثقيلة بصوتٍ مسموع، ودمعاتها اسُتحضرت بتلك اللحظة، فأجلت صوتها المتقطع:
_وهتفرق في أيه..
وتركته وكادت بفتح الباب لتغادر، فجذبها لتقف أمامه بعنوةٍ لتنفلت كلماته الحادة من بين اصطكاك أسنانه:
_كلامنا مخلصش.
رفعت عينيها البائسة تجاهه، ثم قالت بإنكسار:
_خلص من زمان يا “بدر” ، وختامه في كلمتين اتنين إن ربنا انتقملك مني فمش هتحتاج إنك تنتقم من تاني.
تمزق قلبه من كلماتها التي تحمل ألم استطاع إن يلمسه بصوتها، ومع ذاك بدى صلباً لا تهزه ما تقول، فقال بتريثٍ:
_معرفتش اللي حصلك برضه!.. متهربيش من إجابتي.
ومنحها نظرة متفحصة قبل ان يضيف ساخراً:
_أيه لقيتي الشخص اللي يستحق عذريتك ومطلعش اد المسؤولية!
أغلقت عينيها بقوةٍ تحتمل كلماتها التي ذبحت فؤادها قبل أن تنهال منها، فتمزقت أوردتها من فرط كبتها للدموع التي قررت البوح له عما يشعل هذا الجسد الضعيف، دموعها الصادقة طرقت أبواب قلبه بكل ما تحمله بقوةٍ، لتنهزم من أمامه، شفتيها المتحجرة تخلت عن بعضها لتخبره بوجعٍ:
_في فرق لما تحب شخص وتبقى عايزه باردتك وفرق تاني لما تكون مجبور وعاجز حتى إنك تصرخ وتستنجد بحد يخلصك من كلاب استباحت لحمك وعرضك حتى بعد ما أخدوا اللي عايزينه أنت برضه عاجز إنك تصرخ وتتكلم عن اللي حصلك لاني بالنهاية كانت دي طريقة تفكيري اللي المفروض بتتماشى مع البلد اللي اتربيت فيها.
تحررت يديه المتمسكة بها، وانفرجت شفتيه بصدمةٍ وهو يتابع ما تقوله بعدم استيعاب، رفعت “رؤى” يديها لتزيح دموعها التي الهبت وجهها الأبيض، لتضيف بحزنٍ:
_الغريبة إنهم بيفكروا أن الموضوع ده عادي لكن انا بعد اللي حصلي محستش بده…
وبدأت بشرح ما خاضته، قائلة:
_حسيت إني انتهيت ومبقاش ليا كيان، فقدت نفسي اللي ملقتهاش لحد دلوقتي يا “بدر”..
وسقطت أرضاً أسفل قدميه تبكي بانهيارٍ، لتشير بأصبعيها تجاه صدرها وهي تستكمل بصوتها الموجع:
_حتى قلبي قتلته الف مرة لما ضيعتك من ايدي…
وبابتسامةٍ جاهدت لرسمها استرسلت:
_بس أنا أستاهل كل ده، ده عقاب ربنا ليا عن الاستهتار اللي كنت فيه، عقاب عن الصح اللي كنت ببقى عرفاه وبحلله بحكم البلد اللي عيشت فيها،عقاب عن حاجات كتيرة أوي وأولهم اللي عملته مع الإنسان الوحيد اللي حبيته وحبني بدون ما يستنى مني مقابل أو شيء.
واخفت وجهها بيديها معاً وهي تصرخ بصوتٍ مزق جسدها كالأبر التي تخترقه:
_أيوه أنا أستاهل كل ده.
أيا قلب أين قسوة قلبك التي رجوته بالتحلي بها؟! .. إذاً ما الذي حدث لك الآن واليوم هو انتصارك العظيم ممن أستباح أوجاعك وسرق النوم من أعينك؟! … ما الذي حدث الآن؟ .. لماذا يزداد الألم أكثر من ذي قبل؟، تراجع” بدر” للخلف خطوة ومن ثم استدار ليخفي تلك الدمعة اللعينة من مرمي بصرها، فكلما أجبر قدميه عن الابتعاد أستوقفته دمعاتها وصراخها المتقطع، تباً لذاك الحب الذي يستضعفه رغم قوة بنيته، استدار بوجهه تجاهها وهو يقاوم رغبته بالابتعاد والرحيل، وبين الاقتراب أسقط عقله بتلك الحرب الدامية، وانحنى!.. أجل انحنى لأجلها… انحنى وقد الزمه عقله بضرورةٍ الوقوف ورفع رأسه بكبرياءٍ لم يختاره ذاك العاشق الذي تمرد قلبه بما يخبئه لها من حبٍ، الا يكفيها ما نالته من قسوة العقاب الأثم؟!
توقفت عن البكاء بصدمةٍ حينما شعرت بأصابعه تبعد خصلات شعرها الأصفر عن وجهها، فرفعت رأسها المستند على ذراعيها لتجده أمامها، يطالعه بنظرات تلمع بدموع الألم الذي رأته بارزاً في نظراته، عادت أصابعه لتلامس وجهها،فأبعد الدموع عنه وكأنه يرفض رؤيتها بتلك الحالة التي تصيبه في مقتل رويداً رويداً، وزعت نظراتها بين عينيه ويديه التي تمسح دموعها ومن ثم منحته نظرة تحمل سؤال ورجاء خافت بأن يضمها لصدره فربما يترمم الجرح النازف بداخلها، تخشى ان تتعلق به فيتركها خائبة الامل ويبعدها عنه مجدداً، منحها ما هو الأجمل بالموافقة حينما جذبها لداخل حصنه المنيع، يحتضنها بداخله، فتسللت نبضات قلبه المختبئة خلف صدره إلى أذنيها التي تستند على صدره القاسي، فارتعش جسدها من لوعة عشقها له، وكأنها احتضنتها الفرحة لتعيق بينها وبين الحزن والألم بسد منيع، ما كان سراً يؤلمها الاحتفاظ به بمفردها ها أصبح أحداً يشاركها به ويربت على ظهرها بحنانٍ ليخبرها بأنه لا بأس، مر الأمر… يربت عليها ويخبرها بأنها على ما يرام الآن، انفطرت دموعها وشهقاتها الخافتة فاهتز جسدها من فرط البكاء بين احضانها، كأنها تشاركه ما مرت به من أوجاعٍ وهو يستقبل ما تلقيه بصدرٍ رحب، وكلما شعر بترنح جسدها شدد من احتضانه، ليخرج صوته الرخيم:
_يارتني كنت جانبك مكنتش هسمح لمخلوق يمس شعرة منك .
تعلقت بقميصه الأبيض الذي احتفظ بدمعاتها وهي تردد بصوتٍ هامس:
_أنا السبب يا “بدر”.. انا اللي عملت كده في نفسي… آآ…. آنا السبب..
وانهت كلماتها ليترنح رأسها الثقيل للخلف، ففزع حينما رأها فقدت الوعي، لطم وجنتها بهدوءٍ وهو يناديها:
_” رؤى”!
الصمت والسكون تغلب عليها فجعلها كالجثة التي فارقت الحياة، انكمشت ملامحه بذعرٍ فانحنى ليضع يديه من أسفلها ليحملها سريعاً لفراشه ومن ثم أسرع للسراحة ليجذب عطره الخاص ومن ثم نثر منه على لائحة يديه ليقربها من انفها وهو يؤمرها بحدةٍ:
_فووقي يا “رؤى”، إفتحي عيونك.
هزت رأسها للجهة الأخرى وكأنها تشعر بالتقزز من رائحة هذا البرفنيوم الذي يساعدها على افاقة وعيها في حين أنها اختارت الهروب من مواجهته، وكلما استدار بوجهها للجهة الاخرى اسرع بيديه خلفها حتى فتحت عينيها الثقيلة لتقابل نظراتها المتلهفة للإطمئنان عليها، فحاولت الاستناد بلائحة يدها على الفراش لتستقيم بجلستها، فكادت بأن يختل توازنها ليساندها” بدر” حتى جلست بالطريقة التي أرحتها، فجذب كأس المياه المسكوب ثم قدمه لها قائلاً بثباتٍ عجيب:
_اشربي.
تناولته منه ثم ارتشفت بضع قطرات وأعادته اليها فوضعه على الكومود، ثم تطلع لها قبل ان يردد بغضبٍ متخفي بصوته الهادئ:
_هو مين؟ … أنا أعرفه؟
جزت على شفتيها السفلية بأسنانها حينما تذكرت هذا الأرعن ثم قالت بدموعٍ سبقتها بالحديث:
_معرفش كل اللي أعرفه إنه اسمه “مروان” ومن مصر كان بيدرس عندنا، هو صديق “مارثا” صاحبتي وهي اللي عرفتني عليه وكنا بنتقابل كلنا في مكان عام..
ومسحت دموعها وهي تسترسل:
_هو كان بيحاول يتقرب مني وانا اديته الفرصة بس مكنتش متوقعة إنه يعمل فيا كده..
وبكت بحرقةٍ حينما تذكرت هذا اليوم المشؤم، فقال بحزنٍ:
_ليه عملتي في نفسك كده يا “رؤى”؟
نهضت عن الفراش لتقف مقابله وهي تطلع له بصدمة من سؤاله الذي يفترض به معرفة الاجابة، فخرج صوتها متقطع كحالها:
_كنت بحاول أنساك ومعرفتش.
ومسحت دمعاتها وهي تبتسم بإلمٍ:
_لو كان في امل بسيط إني أرجع واعتذرلك وأحاول أرجع علاقتنا زي الاول فالأمل ده انتهى بعد اللي حصلي يا” بدر”..
واخفضت عينيها أرضاً ثم اسرعت بالخروج من أمامه، فأغلقت الباب من خلفها لتعود لغرفتها محطمة القلب وإن كان فؤادها قد داوه حضنه الدافئ..
***********
اسندت جسدها العلوي على سور الشرفة، ويدها تعبث بخصلات شعرها القصير بعض الشيء بابتسامةٍ حالمة به، حديثه القليل ومظهره الرجولي أفتك بها، تلاشت تلك الابتسامة حينما لمحت عينيها الدبلة التي ترتديها بأصبع يدها، فاستوقفتها اللحظة لتعاتبها بأنها تعتبر على ذمة رجل أخر، أنبت “روجينا” نفسها ألف مرة على السماح لنفسها بالتفكير لغيره، فهمست بصوتٍ مختنق بالدموع:
_أيه اللي أنا بعمله ده واحد وأتقذني من الموت وشكرته خلاص الموضوع انتهى، ليه شاغلة نفسي بالتفكير فيه كل ده.
وأبعدت تلك الخصلة المتمردة على عينيها بغضبٍ فشعرت بأنها مشتتة وبحاجة لأن تهتدي لضالتها، لذا أسرعت لهاتفها فجذبته لتضغط على زر الاتصال الخاص به، ورفعته بلهفةٍ لسماع صوته عل قلبها يهتدي على من ينبغي عليها حبه عوضاً عن هذا الغريب الذي اقتحم اساورها العالية..
انزعج من نومه على صوت هاتفه، فقربه إليه ليتسلل الضيق لمعالمه حينما رأى اسمها، فتح “أحمد” الهاتف وهو يجيبها بجفاءٍ:
_خير، أيه اللي فكرك بيا؟
اتاه ردها الحاد:
_وأنت اللي بتسأل يعني!
قال بابتسامةٍ ساخرة:
_مش لما أعرف خطيبتي فين أبقى أسأل، انتي مش واخدة بالك من تصرفاتك يا “روجينا” ولا أيه؟!
_تصرفاتي!!، أنا عملت أيه عشان تكلمني باسلوبك ده؟!
سحب الغطاء عن جسده ثم نهض ليجلس على المقعد القريب منه وهو يجيبها بتعصبٍ شديد:
_انتي مش شايفة نفسك غلط لما تسافري كده من غير ما تعرفيني وأدرى من “بدر” انك مسافرة اسكندرية!
قالت باستغرابٍ:
_وأخد اذنك ليه ما أنا استأذنت من أخويا ووافق، انت عايز تتحكم فيا من دلوقتي يا “أحمد”..
طعنته كلماتها، فقال:
_لا لسه ممتلكتش الحق اللي يخليني اتحكم فيكي ولكن على الاقل أعرف انتي راحة فين وبتعملي أيه، عموماً استمتعي برحلتك ونتكلم لما ترجعي يا بنت عمي.
واغلق الهاتف وهو يحاول ابتلاع كلماتها الحادة، يشعر بأنه لم يعد يملك المقدرة على استكمال تلك العلاقة المخادعة، ولكنه مجبور على ذلك فكيف سيفعل ذلك بابنة عمه بعد خطوبة دامت لاكثر من ثلاثة أعوام، أفاق”أحمد” من شروده المطول على صوت رنين باب الشقة، فنهض ليفتح الباب فتفاجئ بها تقف من أمامه باسدال الصلاة الذي يزيدها جمالاً وحشمة، أشارت له “حور” بضيقٍ:
_أنت فين يا “احمد” الاكل برد وانا برن عليك الجرس من الصبح مش بترد!
أجابها بابتسامة عابثة:
_راحت عليا نومة في الوقت الغلط، اوعي تكونوا مكملتوش حسابي.
أجابته سريعاً:
_لا طبعاً أنا شلتلك اكلك.
وأشارت له على باب الشقة قائلة:
_يالا تعالى..
اتبعها بعدما أغلق الباب، فولج من بعدها ليردد بمرحٍ وهو يتأمل السفرة:
_ده الحبايب كلهم هنا أهو..
التهم “عبد الرحمن” قطعة الدجاج من أمامه وهو يجيبه بمزحٍ:
_حد يفوت أكلة من إيد “حور”!
جاهد لرسم ابتسامة مخادعة ليخفي بها غيرته الغامضة، فوزعت انظاره لماسة التي تجلس جوار” يحيى” يطعمها بيديه ويا للعجب تتناول طعامها بقبولٍ تام له، فإقترب “أحمد” منهما وهو يشير ليحيى بعدم فهم، فابتسم وهو يجيبه بكلماتٍ مبهمة لماشة؛ ولكن تفهمها أحمد ومن حوله:
_”حور” صممت مننزلش الا لما نتغدى، بس أحنا هناكل كل الاكل ده وننزل الملاهي زي ما اتفقنا صح يا “ماسة”؟
أجابته بحماسٍ وفرحة:
_ ومش هنأخد”طارق” الوحش معانا، صح يا “يحيى”؟
تعالت ضحكات الجميع، ليجيبها”يحيى” وهو يمسح حبات الارز على جانبي شفتيها:
_صح يا روح “يحيى”، يلا خلصي أكلك بسرعة قبل ما ينزل ويشوفنا.
التهمت قطعة الدجاج بيديه بسرعةٍ وهي تشير له بانصياعٍ، فاتسعت ابتسامة” أحمد” الذي أومأ برأسه ليحيى وهو يخبره:
_الحمد لله إنها تخطت المرحلة دي.
بادله الابتسامة ثم انشغل بها، فنادته “حور” مجدداً:
_انت لسه واقف يا “احمد” اقعد.
جلس على المقعد التي أشارت اليه، ثم جذب أحد الأطباق وكاد بأن يضع قطعة من الدجاج وقطعة من المعكرونة، فأسرعت اليه “حور” لتجذب الطبق من أمامه ثم وضعت الطاجن الذي يغطيه السلوفان قائلة بسخريةٍ:
_انت نسيت الاتفاق ولا ايه؟
حرر السلوفان وهو يردد بعدم تصديق:
_أيه ده لحقتي تعملي ورق العنب بالسرعة دي..
وضعت “تالين” السلطة من يدها على الطاولة وهي تجيبه بدلاً عنها:
_هي راضية تقعد من ساعتها ولا حتى تخليني أساعدها، دي من ساعة ما رجعت من الامتحان وهي مطلعتش من المطبخ..
قال “عبد الرحمن” وهو يلوك طعامه بتلذذٍ:
_لا بس بصراحة تسلم ايدها الأكل مالوش حل.
ابتسمت بفرحةٍ:
_الف هنا.
ثم اتنقلت نظراتها المتلهفة اليه، لسماع رأيه هو الأخر، فغمس “احمد” الشوكة في أحدى لفات ورق العنب الشهي وتذوقها ومن ثم رفع وجهه مقابلها ليشير برأسه بابتسامة عذباء، سعدت للغاية بما أخبرتها بها عينيه، فانتبهت “حور” لمراقبة “تالين” لها، فشعرت وكأنها ترتكب ذنب أو جرماً ما، فالهت ذاتها بتناول الطعام ومن ثم أسرعت بلم الاطباق حينما انتهوا جميعاً من تناوله، فأستأذن “يحيى” بالإنصراف، واصطحب “ماسة” لسيارته، أما “عبد الرحمن” فجلس جوار “أحمد” بالصالون بانتظار الشاي الذي وعدتهم “تالين” بإعداده..
*********
بالمطبخ..
تهربت “حور” من نظرات “تالين” المحاصرة لها، فاشغلت ذاتها بتنظيف الأطباق، وتركتها تحضر الشاي، وضعت “تالين” ملعقة من السكر في كل كوب وانتظرت الشاي حتى ينضج، فقالت “حور” بلهفةٍ:
_”احمد” بيحب الشاي يكون فيه معلقتين سكر مش واحدة..
تخلت “تالين” عن صمتها، قائلة بشكٍ:
_أنتي مركزة مع كل حاجة بيحبها أحمد بطريقة مش معقولة يا حور!
تلاشت ابتسامتها وتطلعت لها بارتباكٍ شديد، فقالت بتلعثمٍ واضح:
_لا بس عملته الشاي مع بدر ويحيى اكتر من مرة فأكيد عارفة كل واحد منهم بيشرب بكام معلقة سكر!
رفعت يدها على كتفيها بحنانٍ، ثم قالت بابتسامةٍ هادئة:
_يا حبيبتي أنا مقصدش حاجة، لاني عارفة إن مستحيل يكون في بينكم حاجة خصوصاً إن احمد مرتبط بروجينا من سنين وفرحهم بعد شهرين، أنا بس بحذرك عشان تخدي بالك ممكن “روجينا” تفهم اهتمامك ده غلط وأنتي نيتك صافية ومش بدماغك حاجة.
شعرت بأن هناك سوط حاد يجلدها بقوةٍ، فتماسكت وهي تجيبها ببسمةٍ تتعلق بها بتشبث:
_عارفة، وأنتي على فكرة بتتكلمي صح.
ثم أشارت لها كمحاولة للتهرب من ذاك الألم الطاعن لروحها قبل أن يلمس قلبها العاشق:
_الحقي الشاي غلي.
واغلقت “حور” النيران ثم حملت البراد وسكبت منه بالأكواب، لتصفن بكلماتها من جديدٍ، حتى انها لم تنتبه للكوب الذي إمتلأ لأخره بالشاي الساخن، فصرخت بها تالين، فمن غفلتها تركت البراد لتمسك الكوب فسقط على قدميها ليهتز جسدها بقوةٍ من شدة الألم فأهتز الكوب الذي تحمله ليتساقط على يدها، فتعالت صرخاتها المتوجعة، ومن خلفها “تالين” التي تحاول ابعاد الاسدال عن قدميها حتى لا يلتصق بجلدها المحروق، هرول “عبد الرحمن” للداخل و”احمد” الذي تساءل بفزعٍ:
_في أيه؟
اجابته “تالين” ببكاءٍ:
_البراد حرق أيدها ورجليها.
دون عقل أو تفكير فيما سيظنه من حوله، هرع إليها ليجد الجروح بالغة للغاية، لم يتردد لحظة واحدة وحملها ليدلف بها للحمام المجاور للمطبخ، فوضع الماء على يدها ومن ثم جذب الدش المتنقل ليسقطه على قدميها، فتعلقت بجاكيت بذلته الأسود وهي تبكي بألمٍ، لم يتحمل رؤيتها هكذا فقال:
_لازم نروح المستشفى، الحرق مش عادي.
قالت بصوتٍ مرتعش:
_لا بلاش مستشفى بالله عليك.. أنا خايفة.
أجابها “عبد الرحمن” من خلفها بحزمٍ:
_مينفعش يا “حور” ده حرق مش لعب عيال..
وأشار لاحمد بجديةٍ:
_هاتها يا “أحمد” عما أجيب العربية تحت العمارة.
أومأ برأسه وحملها بخفةٍ من جديد فأسرعت “تالين” لتفتح الباب اليه، ثم صرخت به قائلة بدموع:
_استنى يا “احمد” لما اغير هدومي وأجي معاكم.
اشار لها وهو يتخطى الدرج:
_خليكي هنا وانا هبقى اطمنك بالتليفون.
واستكمل خطاه السريع للاسفل، فوضعها بالمقعد برفقٍ وحذر، ثم صعد جوار “عبد الرحمن” وعينيه لم تتركها لحظة واحدة..
*********
كلما يزحف القطار من بلدتها يتمزق قلبها ارباً وكأنها تقترب من حتفها، أغلقت “تسنيم” عينيها المتورمة من أثر عدم النوم وهي تحاول التقاط انفاسها على مهلٍ، تخشى رؤية خالها البغيض مجدداً، تمقت صلة القرابة التي تحتمها على قبوله بالاجبار، مازالت تلك الرجفة القاسية تكتسح جسدها حينما تتذكره فكيف إذا رأته؟!
عادت تلك الذكرى لتهيم عليها من جديد تذكرت حينما ولجت لغرفة والدتها وقالت تلك الفتاة البالغة من العمر خمسة عشر عاماً:
_ماما كنت عايزة أقولك على حاجة ومش عارفة أقولك ازاي؟
انتبهت الأم لصغيرتها، فكفت عن ترتيب الفراش ثم وقفت مقابلها لتبدأ بتخمنياتها:
_قولي يا “تسنيم” في أيه… اوعي تكوني وقعتي فلوس الدرس زي الشهر اللي فات انتي عارفة ان ابوكي مبعتلناش فلوس الشهر ده!
أشارت بإصبعها الصغير:
_لا يا ماما مش كده.
قالت الاخيرة:
_امال في أيه؟
أجابتها بخوفٍ من ردة فعلها:
_خالو يا ماما بيبصلي بصات وحشة اوي، وكل ما يشوفني يحضني ويمشي ايده على جسمي بطريقة وحشة.
التهبت عين الأم، لتلكزها بذراعيها بقوةٍ وبتعصبٍ شديد قالت:
_اخرسي قطع لسانك عيلة منحطة ومشوفتيش تربية، خالك ده هو اللي مربيكي وبيعتبرك زي بنته، عيب تتكلمي عنه كده، بيحضنك زيك زي مريم بنته..
ودفعتها على الفراش وهي تصرخ بها بشراسةٍ:
_ بطلي هبل واوعي تقولي الكلام ده لابوكي لما يتصل تولعي النار بينهم، خالك ده هو اللي فتحلنا بيته لما ابوكي سافر ومتخلاش عننا عيب عليكي تتكلمي عنه كده.
وتركتها وغادرت الغرفة لتنهمر الدموع على وجنت الصغيرة، والآن تنتقل الدموع على وجنة تلك الشابة البالغة من العمر الثانية والعشرون عاماً، انقبض قلب “تسنيم” حينما توقف القطار، فهبطت واتجهت لمنزلها ومع كل خطوة تخطوها يرتحف قلبها خوفاً من رؤياه، وحينما وصلت للمنزل حمدت الله كثيراً حينما اخبرتها زوجة خالها بأنه بالخارج وسيعود بعد قليل، فاستأذنت من والدتها بالذهاب لوالدها لتساعده بعمل الحقول بعدما علمت بأنه ذهب منذ ساعة ولم يعد، أبدلت ثيابها لجلباب رجالي أسود ثم احكمت الشال الابيض لتخفي ملامحها واتجهت سريعاً للحقول، لا تعلم بأن من منحها تفكير معاكس عن طبيعة الرجال ستلقاه الآن وربما يكون المسكن لذاك الوجع الغائر!.
**********
بمنزل كبير الدهاشنة.
انتهى “آسر” من تبديل ثيابه، ثم أغلق الخزانة ليصفف شعره بعنايةٍ، انتبه لانعكاس صورة والدته بالمرآة، فاستدار وهو يردد بابتسامة مشرقة:
_ست الكل اللي وحشاني.
وضعت “راوية” القدح الذي يحمل البخور على الكومود، ومن ثم اقتربت منه لتخبره بضيقٍ مصطنع:
_ست الكل أيه بقا، انت من ساعة ما جيت وأنت مقضيها بالاسطبل ودلوقتي غيرت هدومك ونازل مفيش وقت ليا أصلاً..
ترك ما بيديه وهرع اليها، لينحنى على ركبتيه ومن ثم طبع قبلة على كف يدها وهو يردد بمكرٍ:
_أنا لو علسا والله ما عايز اتنقل من جنبك بس هعمل أيه جوزك اللي ساعة ما بيشوف خلقتي بيمشورني هنا وهناك وعلى يدك أهو ملحقتش اريح شوية باعتني الغيط اتطمن الامور ماشية ازاي..
نجح بتبديل ضيقها لعطف وتودد حينما قالت بحنوٍ:
_معلش يا روح قلبي هو برضه مش بيثق في حد غير فيك، وبعدين أنت ابنه الوحيد هيعتمد على مين غيرك؟
ابتسم وهو يحتضنها:
_وانا متقبل ده وأخدمه بعيوني، بس لازم ست الكل تديني عذر ولا أيه؟
تعالت ضحكات “راوية” لتحتضنه وهي تردد بعدم استيعاب:
_انت مكار وخبيث..
أجابها بغمزةٍ من عينيه الساحرة:
_بس بحبك ولا أيه..
_بتعمل أيه عنديك يا واد أنت، أني مش بعتك الغيط تشوف مصالحنا واجف عندك تتمرع وتحب في أمك من غير ما تستحي.
سلطت الاعين على من يقف أمام باب الغرفة يشير لهما بعصاه الانبوسية بضيقٍ شديد، ابتعد “آسر” عنها وهو يهمس بخبثٍ:
_نسيت أن الحاج بيغير فكريني او حذريني أقفل الباب مثلاً!
تعالت ضحكات “راوية” حتى أحمر وجهها، فنهضت عن المقعد ثم اقتربت من “فهد” قائلة بحنقٍ:
_وبعدين معاك يا “فهد” انت مش هتبطل طريقة كلامك دي.
تجاهل حديثها، ثم لكز بعصاه صدر آسر ليخبره بغيظٍ:
_هم بقولك، روح شوف حالنا.
كبت ضحكاته بصعوبةٍ ورفع يديه يخبره:
_تحت أمرك يا كبيرنا… اعتبرني مشيت..
وتخطاه ليهبط على الدرج الضخم الذي يتوسط الثرايا فلحقت به “راوية” لتناديه ومن ثم حذرته بتذكر تعليماتها:
_الأبيض خد بالك.
تطلع لقميصه ومن ثم رفع صوته لتستمع له:
_متقلقيش حفظت القواعد الابيض أحطه في عنيا من جوه عشان غسيله بيهري القلب من بره.
تعالت ضحكاتها حينما قلد لهجتها، فاستدارت لتغادر فوجدت “فهد” يقف من أمامها بنظراتٍ لا توحي بالخير، اقتربت منه وتفحصت الطريق قبل ان عدل من جلبابه الكحلي ومن ثم ارتفعت يدها لعمته البيضاء فعدلتها، وأنحنت بجسدها تحتضنه وهي تردد بهمسٍ:
_انت اللي في القلب والروح.
ابتسم “فهد” وضمها اليه ليجيبها بصوتٍ منخفض:
_واثق من ده بس برضه متزديش في محبتك لابنك وبنتك اعدلي بينا، اتفقنا؟
ازدادت ضحكاتها وهي تجيبه بصعوبةٍ بالحديث:
_نفسي حد من الصعيد يسمع كبيرهم ويشوفوه وهو غيرن من ولاده!
وتركته وهبطت للاسفل لتشير له:
_هنزل أشوف ورانا أيه أحسن ما الحاجة “هنية” تعلقني جنب “نادين”.
التصقت بها نظراته وكأنها تحرس عشقه الوفي الذي طال لسنواتٍ ومازال يستمر حتى أن تودعه الروح وتفارق جسده، فاكمل طريقه هو الاخر للمندارة الخارجية.
**********
تلقت”حور” عناية طبية، فتم تضميد جرح قدميها ويدها، فوضع الطبيب المحاليل الطبية بذراعها السليم ثم أخبر “عبد الرحمن” و”أحمد”بأنها ستتمكن من المغادرة فور انتهاء المحلول، فولج “أحمد” للداخل، ثم جلس على المقعد القريب منها، وقال باهتمامٍ:
_طمنيني يا “حور” عاملة أيه دلوقتي؟
ابتسمت وهي تجيبه بامتنانٍ:
_الحمد لله، الوجع خف بالمرهم اللي الدكتور حطه.
اومأ برأسه وهو يردد برضا:
_الحمد لله.
سألته بانزعاج:
_هنمشي أمته بقا، بقالنا هنا ساعتين.
قال بهدوءٍ:
_لما المحلول يخلص هنمشي، متقلقيش.
هزت رأسها ومن ثم تعلقت أعينها بباب الغرفة الذي فتحه “عبد الرحمن” فولج الاخير ليخبرها بابتسامةٍ مرحة:
_أيه يا حور حسدناكي ولا أيه؟
ابتسمت وهي تخبره:
_حد بيهرب من اللي مكتوبله يا “عبد الرحمن”، الحمد لله على كل شيء.
_الحمد لله، المهم انك تاخدي بالك من نفسك بعد كده.. أنا هنزل أجيب عصير وأجي.
وتركهما وغادر، فشعر”أحمد” بانزعاج “حور” من حجابها، لم يفهم ببدء الأمر ما يزعجها فانتبه بأنها تحاول اخفاء خصلات شعرها الظاهرة من أسفل حجابها الغير منظم، فتحاول بيدها الملفوفة بالشاش ان تخفيه واليد الاخرى المحلول مدثوث بعروقها، انتقلت نظراتها للحائل الزجاجي فوجدت الطبيب على وشك الدلوف، كسر احمد حاجز صمته ونهض ليقترب منها ومن ثم أخفى خصلات شعرها الحريري الذي استطاع أن يلامسه بيديه، فاخفاه خلف الحجاب وهو يردد:
_خليني أساعدك.
انتهى مما يفعله وعينيه هائمة بعينيها، فلعق شفتيه وهو يتراجع لمقعده بارتباكٍ، حتى هي خفق قلبها بسرعةٍ جعلتها تستشعر بأنها ركضت لالف ميل دون أن تلتقط انفاسها، انتبهت لحالتها الغريبة حينما قال الطبيب:.
_المحلول خلص، تقدروا تروحوا بس الاهم انها تواظب على العلاج والمرهم اللي كتبتوا.
صافحه احمد وهو يخبرها بابتسامة عملية:
_الف شكر يا دكتور.
ومن ثم قدم يديه لها ثم قال:
_يلا يا “حور”.
وزعت نظراتها بينه وبين يديه ومن ثم قدمتله يدها بحرجٍ شديد، فهي غير قادرة على الإتكاء على قدميها بالفعل هي بحاجة للمساعدة، هبطت عن الفراش ببطءٍ فحينما استندت على قدميها صرخت ألم، فرفعها أحمد سريعاً عن الأرض ثم قال:
_الدكتور قالك متحمليش عليها.
وجدها تقرب يدها السليمة من رقبته بارتباكٍ، وكأنها لا تريد وضعها فتحرك بها ليجدها تلف يدها حول رقبته، هبط بها للاسفل وعينيه لا ترى سواها، وحينما وصل للاسفل لم بجد السيارة باستقباله كما كان متوقع، فردد بضيقٍ:
_راح فين ده؟
ثم قال:
_” حور” موبيلي في جيب الجاكت حاولي تسحبيه.
احمر وجهها خجلاً وهي تقرب يدها من جيب جاكيته، فجذبته ومن ثم رفعته له، فاخبرها الرقم السري لتفتحه، اندهشت معالمها حينما رأته يضع صورة تجمعه بروجينا منذ الصغر لا تعلم لما شعرت بالحزن بتلك اللحظة ولكنها تناست عمداً ما رأته واجرت اتصالاً بعبد الرحمن كما طلب منها، فخرج من المشفى ليحضر السيارة ولذاك الوقت أبى أحمد أن يتركها تقف على الارض لحينما يأتي عبد الرحمن بل ظل يحملها حتى وضعها بالسيارة وعاد بها للمنزل.
***********
وقف “يحيى” يتابعها بضحكة أنارت وجهه المنطفئ، وهي تتأرجح على ذاك الحصان الذي يدور يساراً ويميناً، وتتناول غزل البنات الذي تحمله بين يدها، ابتسامته تتسع أكثر فأكثر كلما ضحكت هي، وفجأة انكمشت ملامحه حينما وجدها تضع يدها على رأسها وكأنها ستفقد وعيها، فأسرع اليها ليساعدها على الهبوط من الارجيحة وهو يتساءل بخوفٍ:
_مالك يا حبيبتي؟
كادت “ماسة” بأن تجيبه ولكن التقيأ اوقفها عن الحديث، افرغت ما بجوفها ومازال يحيى يتمسك بها لينبع بداخله خوفاً لا مثيل له من الشكوك التي هاجمته بتلك اللحظة حيال أمر حملها!!
**********
مر بسيارته على حقل العم “فضل”، فرقصت ملامح وجهه فرحاً حينما رآها، حتى وإن كانت تتنكر بما ترتديه؛ يعرفها قلبه جيداً، ركن” آسر”سيارته على قربٍ منهما ومن ثم هبط، فقال وعينيه تتابع من تحاول قطف الحشائش من الأرض:
_أزيك يا عم “فضل”، عامل أيه؟
انتبه العجوز اليه، فقال بفرحةٍ:
_بشمنهدس” آسر”.. منور البلد كلتها.
ابتسم وهو يجيبه:
_منورة بأهلها يا راجل يا طيب، طمني رجلك بقت كويسة ولا أيه؟
قال بحمد:
_أهو أحسن من الاول الحمد لله..
_تستاهل الحمد.
واستدار برأسه تجاهها ثم قال بثباتٍ:
_ازيك يا ريس؟
تهجمت معالمها وإن كانت سرت باحتفاظه بسرها أمام والدها، فأشارت برأسها، فأقترب آسر منها ثم جذب منها السيف الغليظ الذي يستعمله الفلاح لجني الحشائش، ثم قال وهو يشير لها بعينيه:
_عنك يا ريس..
رفع عم فضل صوته البعيد عنهما:
_ميصحش يا بشمهندس ده أحنا اللي نخدمك برموش عنينا..
أشمر عن ساعديه وانحنى يجني الحشائش وهو يجيبه:
_عيب يا عم فضل، انا مش ابنك ولا أيه؟
لم يجد العم فضل الكلمات المناسبة التي قد تشكره على كرمه السخي، عمل “آسر” بنشاطٍ وكانت تسنيم تحاول مساعدته بأن تجمع ما يجنيه وتضعه على العربة، فانحنى للخلف ليراقب العم قبل ان يهمس لها:
_هو عم فضل ميعرفش انك بتشتغلي معايا ولا ايه؟
اجابته وهي تراقب والدها هي الاخرى:
_لا، بابا ميعرفش اني بشتغل أرجوك يا بشمهندس آسر متقولوش حاجة..
رفع حاجبه وهو يردد بذهولٍ:
_أقول أيه بس هو أنا أعرفك يا ريس؟!
ابتسمت “تسنيم” وهي توزع نظراتها بينه وبين والدها، فغمز لها “آسر” وهو يستكمل عمله، انتهى من عمله سريعاً ليضع أخر حزمة من الحشائش على العربة، فاقتربت منه بالحزمة التي تحملها، فالتقطتها آسر منها، تعجب للغاية حينما شعر برجفة جسدها وقتما تلامست يديه بيدها دون قصد منه ولكنه لم يشغل تفكيره فوضع الحزمة من يديه على العربة فوجدها تهمس له بحذرٍ:
_مش عارفة أشكرك ازاي بجد تعبتك معايا.
تفحص بنظراته عم فضل المشغول بتجهيز الفرس، ثم همس لها:
_لا ده دين وهترديه.
جحظت عينيها في ذهولٍ ، فاسترسل موضحاً وهو يشير على قميصه:
_القميص اتوسخ ولو الحاجة شافتني هتقتلني وتقتل عم “فضل” الراجل الطيب ده، وطبعاً ده ميخلصكيش فكده كده انتي هتيجي بالملفات العصر هخبي القميص وتعيدي تجدديه قبل ما الحاجة تشم خبر، موافقة يا بنت الحلال؟
كبتت ضحكاتها بصعوبةٍ خشية من أن يستمع والدها لها، ثم قالت بصعوبةٍ:
_لا ميخلصنيش… حاضر.
منحها ابتسامة صافية قبل ان يشير لعم فضل بيديه قائلاً:
_لو عوزت حاجة ابقى كلمني يا عم فضل..
قال بوجهاً بشوش:
_منحرمش منك يا ابني.
والتفت تجاهها ثم غمز نفس غمزته المعتادة وهو يقول:
_مش عايز حاجة يا ريس..
كبتت ضحكاتها وهي تشير له بالنفي، فغادر لسيارته ثم صعد للمقعد ليتحرك بسيارته وعينيه متعلقة بالمرآة التي تختم صورتها من خلفه، وكلما تقدم بالسيارة استودع انعكاسها الذي يتباعد رويداً رويداً حتى اختفى وكان لإختفائه ألم موجع لقلبه ومشاعره!
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية الدهاشنة 2 (صراع السلطة والكبرياء))