روايات

رواية الخياط الفصل التاسع 9 بقلم شروق عمرو

رواية الخياط الفصل التاسع 9 بقلم شروق عمرو

رواية الخياط الجزء التاسع

رواية الخياط البارت التاسع

الخياط
الخياط

رواية الخياط الحلقة التاسعة

“‏في اللحظة التي تقرر فيها أنك لا تريد شيئاً من الحياة ؛ تبدأ الحياة بتحقيق ما كنت تتمناه منها .”
1
– محمود درويش
.. §~~~~~~~~~~~~
كان يتمدد على فراشه، يشعر بأرق بسبب تلك الافكار العاصفة برأسه حول الجميع ” ناريمان، والدته، اخواته، فيروز “، فيروز
تلك الرجفة التي تستوطن جسده حين يتخيلها، و خفقات قلبه التي تلحن مقطوعة موسيقية حين يراها تكفي لجعله قلق لشأنها ، وقلق حين هددت عمته بالرحيل بها خارج. منزله.
ولكن لن يكف ضميره من التأنيب حول” ناريمان ” تلك الفتاة التي خطبها لمجرد الاستقرار بعد يأسه من ان تكن فيروز له.
انتبهت جميع حواسه إلي تلك الصرخات الأتية من الخارج..
ليذهب ليتفحصها حين وجد خروج والدته أيضا ولم يكن مصدر الصوت الا ” عايدة ” عمته.
هبط” يوسف ” الدرجات سريعا يرمي ببصره أعلي عمته ” عايدة ” التي صاخت بملئ صوتها ” بنتي مش هتتحرك من هنا يا فضل و اللى عندك انت وأبوك اعمله ”
نظر فضل لها ليقول بحدة ” ابويا قايلي مجيش غير وفيروز معايا ”
ثم تابع بسخرية لاذعة ” مش معني ان ابوها غايب اننا هنسبها من غير لا حاكم ولا كاسر ”
تجمع جميع من كانوا بالعمارة وخرج عامر يصعد للطابق الذي يدور به الشجار حتي يحاول التهدئة وحل الامور ودية .
نظر له يوسف يقول فى نبرة مليئة بالتحدي ” وريني بقي هتاخدها ازاي يا روح امك ”
2
تأفف” فضل” وهو يردف متجاهلا يوسف يتقدم من ” عايدة ” ” يا مرات عمي انا حتي الان عامل حساب الدم اللى بينا ، خلي بنتك تلم حاجتها وتيجي معايا ، مش احنا اللى هنسيب لحمنا كدة ”
لتقول ” عايدة ” بعنف وهى تدفعه للخارج ” وكنت فين يا فضل انت وابوك واعمامك و ولاد عمامك من سبع سنين لما فتحي سافر وسبني انا وبنتي ، دلوقتي افتكرت انك ليك لحم وعايز تلمه ”
ليقول عامر بخشونة ” عيب يا فضل كدة تتهجم على بيوت الناس فى نصاص الليالي ”
تدخل يوسف بحدة وهو يدفع عمته لداخل شقتها ” خشي جوا يا عمتي كدة ، اتفضل من غير مطرود يالا ، واياك اشوفك هنا تاني عشان صدقني مش هرحمك ”
ابتسم فضل ساخر يهمس ” مش هخرج من هنا غير وبنت عمي فى إيدي ”
” يبقي مش هتخرج من هنا يا وحش ”
لم تأتي تلك الجملة من أي الواقفين ، بل هي جاءت من خارج الدائرة لم يكن الا ” يونس ”
5
تقدم يونس منه بمنتهي البرود ” ها يا وحش ، صوتك عالي لية كدة حد قالك ان هنا تقديم مواهب غنا ؟”

بادله “فضل” البرود ” ملكش فى الحوار محدش ليه فى الحوار ده كله بنت عمي وانا حر انا وهي و مرات عمي ”
التفت “يونس ” ” ليوسف” يقول ” امم ده شكله عبيط ”
عاد برأسه مرة اخري وهو يربت على كتفه ” هديك فرصة تخرج على رجليك من العمارة دلوقتي ، ياريت ماتضيعش الفرصة دي عشان انا كلمتي غير ”
لتقول ” عايدة ” ” روح يا فضل ، روح عشان والله لا انا ولا بنتي هنيجي معاك . ، روح ”
ليقول يونس ” آه ، كلمتين تحطهم حلقة في ودنك ، سلسلة فى رقبتك ، توكة فى شعرك ، اي حاجة بس لو اتعرضت لعمتي عايدة ، او فيروز بنت عمتي في اي حاجة ، ردة فعلي هتبقي الاسوء على الاطلاق ، يلا سكة السلامة يا وحش ”
7
نفض فضل جلبابه بعنف وهو يغادر العمارة ليهبط خلفه يونس يأمن على سيره متجها نحو حارس العقار يقول ” عم محمد مفيش غريب يدخل العمارة خالص ”
ليقول الحارس ” والله يا يونس بيه قالي انه تبع الست عايدة عشان كدة دخلته ”
ليقول يونس ” خلاص انا أكدت عليك اهو ”
ثم اخرج ورقة اموال من حافظة امواله يقول قبل ان يمد يده بالاموال ” هاتلي بقي 5 هوهوز ميكس ؛ عشان نسيت اجيب وانا جاي ”
4
أما فى الاعلى اردفت ” سلوي ” ” مش هينفع تقعدوا لوحدكم فى الشقة يا عايدة ”
تحدثت عايدة وهي تحلس على الاريكة جوار فيروز التى بدت دابلة من صعقة الاحداث حولها ، لم تبكي ولكن كانت صامتة الي حد مخيف
” هنروح فين يعني يا سلوي ، ربنا مش هيغفل عننا ”
ترك يوسف المجلس بهدوء متجها الي شقته بالأعلي يدور فى رأسه بعض القرارات والتي كانت أهمها ” يكفي ” الي هنا ، يشعر وكأن نيران قلبه تثير ، لا يرغب الآن سوا إخمادها و تبريد جسده ..
جاءته رسالة نصية من خطيبته ” ناريمان ” ليفتحها بهدوء يجدها تقول ” يوسف مش بترد لية عليا ”
اغلق يوسف الهاتف ما ان ترجل الي الشقة ليجد يونس يقبع بالاريكة التى تتوسط الردهة جواره يحيي وزكريا ، تجاهلهم وهو يدلف الي غرفته .
لم يمر ثواني ليجد روهان تخرج من غرفتها تتثاءب بنعاس لتعقد ما بين حاجبيها بتعجب معلقة ” اية ده في اية ؟!”
2
سخر يحيي ” طبعا لو البيت اتهد مش هتحسي يا رورو ”
دلفت سلوي الشقة مؤخرا تغلق الباب خلفها لتتسأل ” هو فى حاجة حصلت ولا اية ، في اية يا ماما ؟”
ردت سلوي ” مفيش يا روهان خشي كملي نوم ”
جاءت بالاعتراض ليدق الباب ، تقدم يحيي يفتح بينما قالت سلوي تحادث يونس ” مش هينفع عمتك تفضل تحت لوحدها ”
ليقول بثقة ” هتروح فين يعني ، وبعدين متقلقيش الواد مش هيهوب ناحية هنا تاني . ”
عاد يحيي وهو يحمل الكيس الذي جاء به حارس العقار بما طلبه يونس قائلا قبل ان يعطيه الكيس جالسا جواره ” يونس بجد افتح مشروع هوهوز ميكس وكُله لوحدك ، اغرف ناس بتدمن مخدرات لكن مدمن حلويات دي جديدة . ”
1

ضيق يونس عينه ليقول وهو يمد لزكريا بواحدة و لروهان واحدة ” انت الوحيد اللى مش هتاخد يا مراهق ، خلي طولة لسانك تنفعك ”
ضحك يحيي يضيف ” طالع لساني طويل ليك والله يا كبير ”
1
تنفست سلوى تقول بحزم ” يلا يا يحيي قوم نام عشان هصحيك بدري بكرة عشان الامتحانات دخلت اهو عشان تتلم وتذاكر ”
ليقول يحيي متذمرا ” هو انا لو مصحتش بدرى مش هلحق اذاكر يعني . ”
لتقول بصرامة ” قوم يا يحيي احسن لك ”
تذمر يحيي مغادرا الجلسة .
ليقول زكريا ” وانا عندي امتحان بكرة يا ماما صحيني بدري ”
نظر له يونس يتساءل ” هتروح لوحدك كدة ازاي ؟”
ليردف ” حسام هيعدي عليا ”
ليقول بهدوء قبل ان يعود برأسه للخلف ” ابقي صحيني معاك اوصلك واروح اشوف الكافية ”
لتقول روهان ” انت هتفك الجبس امتي يا زكريا ”
اردف زكريا بنبرة اكتستها الاستياء ” لسة اسبوع تقريبا ”
لتسخر سلوى ” عشان تحرم تلعب كورة تاني يا زكريا . ”
أجابها زكريا ” انا هخلص الامتحانات وارجع للفورمة تاني بأسرع وقت عشان مسابقة كاس الجامعة ”
شعرت سلوى بالغضب ” انت هتمشي كلامك عليا يا زكريا ”
ليبرر زكريا بصوت هادئ ” ماما انا راجل وعارف اية اللي اعمله و اية اللى غلط انا مبقتش صغير ، ومش هبطل كورة طول ما فيا نفس ”
استند على عكازه يغادر الدرهه هو الاخر لتنظر سلوى الي يونس ، نظرة كأنها تقول له أرأيت ما يفعل اخواتك .
1
لتجلس روهان جوار يونس تثول بصوت منخفض ” يونس ، كنت عايزاك فى موضوع ”
التفت يونس يصب اهتمامه نحوها ليجدها تقول ” انا عايزة موبايل غير اللى معايا ده ”
تدخلت سلوى ” اية يا روهان انتِ كمان عايزة موبايل لية ؟”
” بعد اذنك لحظة يا ماما بس ، لية يا روهان عايزة الموبايل دلوقتي ”
أجابت بصوت مختنق ” يا يونس انا حاسة ان اغبي قرار اخدته فى حياتي اني قسمت السنة دي ، حاسة ان حياتي بتتسحب من تحت ايدي فى الثانوية العامة ، بقالي سنتين علي نفس الموضوع وبصراحة كدة انا تعبت ”
اردف يونس بصوت هادئ ” مش انتِ اللى اختارتي كدة يا روهان حد اجبرك على كدة ؟”
نفت برأسها لتكمل ” انا دلوقتي زهقت بقي ”
ليقول يونس ” المشوار بيخلص اهو فاضل تلات شهور ، وموبايلك هتاخديه بس متضيعيش السنتين على الفاضي . ”
ثم التفت الي والدته ” بعد اذنك يا ماما اديهولها ، انا واثق فيها وفي اجتهادها. ”
احتضنته روهان بحب قبل ان تغادر لغرفتها ، تاركة يونس مع والدته التي رمقته بضيق قائلة ” انا بقالي فترة مش عايزة اتلكم معاك يا يونس بس حركاتك مريبة ، قلبي مش مطمن للي انت بتعمله ، انا نش عارفة اية هو بس انا حاسه انك ماشي فى طريق غلط ”
2
فرك فروة رأسه لينظر لها بتردد يقول ” فى موضوع عايز اقولهولك ، انا كنت ناوي محكيش بس معتقدش انه هينفع ”
نظرت له بتساؤل ترغب فى تكملة حديثه ليقول ” حسن الخياط خارج من السجن ”
زاغ بصرها نحو غرف أولادها ، ليصب يونس نظره نحوها ، يعد انفاسها ليجدها تقول بصوت مختنق ” لا يونس ، مش عايزينه .. كفاية كدة ، يخرج ويبعد عننا .”
لم يعطيها اي تعبير ولم ينطق بحرف لتكمل ” أنا مش عايزة غيركم يا حبيبي ، مش عايزة حسن فى حياتي تاني ، وعشان خاطري يا حبيبي انت كمان ملكش دعوة بيه ، ابوك اختار سكة ومشي فيها سيبه يتحمل لوحده ملكش دعوة بيه . ”
استنشق كمية كبيرة من الاكسجين ، مطلقا عقبها تنهيدة طويلة يقول ” من زمان وانتِ بيفوتك محطات القطر يا ماما ايام ما كنا بنروح زيارة لجدتي ، ولسة مازالت العادة فيكِ ”
قال عبارته ومن ثم غادر الشقة بأكملها كا روح تركت غلغلت عنقها .
لم تفهم سلوي مغزي حديثه ، أم انها لم تريد فهمها ؟ ؛ تشنج فكها السفلي تبكي ، ونحيبها يتزايد .
.. §~~~~~~~~~~~~
فرحاً بشيء ما خفيٍّ ، كنْت أَحتضن الصباح بقوَّة الإنشاد ، أَمشي واثقا بخطايَ ، أَمشي واثقا برؤايَ ، وَحْي ما يناديني: تعال ! كأنَّه إيماءة سحريَّة ٌ، وكأنه حلْم ترجَّل كي يدربني علي أَسراره ، فأكون سيِّدَ نجمتي في الليل… معتمداً على لغتي. أَنا حلْمي أنا. أنا أمّ أمِّي في الرؤي ، وأَبو أَبي، وابني أَنا.
توالت الايام سريعا ، لم يمر سوي تلك الاسبوع المخزي على الجميع ..
كل يوم يصبح اسوء من ما قبله ..
خرج زكريا بصحبة يونس من المستشفي بعد ان فك الحبيرة الطبية .
كانت ابتسامة زكريا واسعة ، مليئة بالحماس فانه سينهي امتحاناته خلال ايام ويعود الى محبوبته المستديرة الاولي .
” خلاص يا حبيبي هو انت عيل صغير عشان تمشي تتطط كدة ”
قالها يونس مستنكرا فعلته الطفولية ليردف زكريا المبتسم ” رجلي كانت وحشاني يا يونس والله ”
اردف يونس ” ماشي يا عم ، خليك فى العربية هجيب قهوة ..”
قاطعة زكريا يردف ” والله ما يحصل انا اللة عازمك خليك انت وهروح اما هو انا ناقص رجل ولا حاجة ”
” طيب انجز عشان الحق اعدي على يوسف ”
غادر زكريا بعد ان قال ” صاروخ يا خويا ”
استقل يونس السيارة وهو يتفحص هاتفه يفتح تلك التطبيق ينظر الي كل تلك الرسائل المعلقة يختار احد المحادثات لفتحها لم تكن الا ليلي التي ارسلت المزيد من الرسائل تطمئن عليه وهو لا يجيب ومنها تلك الرسالة
” يا يونس عمتي سلوي منهارة حرام عليك كدة ريحينا بقي ”
خرج من المحادثة الي الك المحادثة الصادرة من ” أشجان ” ” رجعلي ابني يا يونس وانا اعملك كل اللى انت عايزه ”
كانت مصاحبة بعض الرسائل الصوتية التي تبكي بها تترجاه .
اغلق الهاتف وهو يعود برأسه للخلف يتذكر ما فعله بهذا ال ” أيمن ” فهو لن ينفد منه بالتأكيد عاد بذاكرته الي هذا اليوم حين ترك المنزل لوالدته
كان يسير بسرعة متوسطة شارد قليلا ، ولكن افاقه تلك السيارة التي حاولت غلق سيره .
نظر بالمرأة ليتأكد من سائقها ، احتدت عينيه بشر وهو يرفع من معدل سرعته متخدا اول ملف ملاحظا وجودها خلفه .
اطمئن قليلا حين وصل به الي هذه المنطقة ، توقف يونس بالسيارة عن السير وهو يجلس مكانه بعد ان وجد الاخر توقف خلفه .
لم يجاذف و يخرج مم السيارة يخطط لشئ ما ، ولسذاجة ” أيمن ” نجح مخططه حين تقدم ايمن لفتح السيارة ليتفاجأ به يركل الباب بعنف للخارج يرميه ارضا .
خرج يونس من السيارة ساخر قبل ان يلكمه بوجهه ” اية الجرأة اللي انت فيها دي يا ابن الرقاصة ، طب حتي كنت اعمل نمرة وهات رجالة ، لكن بطولك وعايز تضربني ، انا بقي هوريك الرباية اللى امك معرفتش تربيهالك ”
2
عاد من ذاكرته سريعا حين وجد زكريا يجلس جواره يالسيارة يقول ” قهوة ، وهوهوز ميكس اهو فرحة فك الجبس ، ولو كسبت كاس الجامعة هتبقي حلاوة تانية خالص ”
اخذ منه القهوة يقول ” ماشي ، ابقي خدني اتفرج عليك واشوفك بتعرف تلعب ولا بوء ”
غمز له زكريا ” بص هتنبهر بيا ”
.. §~~~~~~~~~~~~
” كفاية يا عم انا زهقت كل شوية بغلبك ، انت متعرفش تلعب اصلا ”
قالها يحيي بعد القي بذراع ألعاب الفيديو ليقول إيهاب ” وانا كمان زهقت ، تضرب سجاير ”
نظر له يحيي بضيق ” لا ياسطا بحاول ابطل امي قفشت و يونس بهدلني ”
عقد ايهاب ما بين حاجبيه يسخر ” هو انت لسة صغير اوي كدة ، لسة امي واخويا ، كنت فاكرك استرجلت عن كدة ”
شعر يحيي بالضيق يقول ” متستفزنيش يا إيهاب ، انا عادي يعني بعمل حساب لأهلي ”
ليقول ايهاب وهو يدخن سيجاره ” خلاص ياعم ما تقفش كدة ، طب المهم اية تيجي افسحك ”
نظر له مترقبا ” فين ؟”
لملم اشياءه يقول ” هعرفك على شلة جامدة اوي ، بس هما مش بيتجمعوا دلوقتي بتجمعوا بليل ”
استفهم ” اشمعنا يعني ”
ليقول آيهاب غامزا ” مستعجلش يا وحوح ، هتعرف بليل بص عدي عليا الساعة 7 هنروح على هناك ”
6
ابتلع يحيي لعابه فى توتر من ذلك الامر ، يفكر بإكذوبة يبتدعها لوالدته
.. §~~~~~~~~~~~~
5
‏”اليوم أعترف أني قد ركضت طويلاً في ساحات العمر ولم أنل شيء، وهبت نفسي و بذلت روحي لأشياء لم تقدّرها، تعاملت بحناني و تسامحي دائمًا وكانت هذه غلطتي، ظننت أني بذلك أنتصر وإذا بي قد خسرت كل شيء، أنا اليوم أستسلم و أترك كل الأشياء التي أحببتها للأيام، كشيء لم يعد يخصني أبدًا •
كان شعورها منفرط ، لم تكن كالفتيات التي تركهن حبيبهم ، تستمع للاغاني الحزينة ، وتبكي وهي تشاهد صورهما سويا انما كان حزنها لحن باكي يصيب عينيها الزرقاء بالتورم ، كمن غادر دون ان يأتي اصلا .
تبكي على كل شئ ، على والدها الذي تركها وهاجر ، واستغني عنها ، تبكي لأجل غبائها لاختيارها بالوقوع بشخص لا يقدرها .
كان هلاكها الذي شعرت انها لن تكن لها رجعة مرة اخري .
مسحت وجهها بعنف وهي تنظر نحو باب غرفتها الذي فتحته والدتها تحمل حامل الطعام على وجهها معالم الاستياء ” لسة يا فيروز ، لسة بتعيطي ؟”
اجابت بصوت متحشرج ” لا يا ماما مش بعيط ، انا كويسة اهو ”
جلست عايدة جوارها لتقول ” مش حرام عيونك الجميلة دي تبكي على شخص مايتساهلش ضافرك ”
5
أجهشت بالبكاء ، لتحتضنها عايدة تربت على صفحة ظهرها هامسة ” اهدي يا نور عيني ، وانسي الزفت ده بقي ، مادام ربنا مش كاتبلك فيه خير يبقي مش هتاخديه . ”
أكملت ” انتِ ست البنات كلها ، ونصيبك الحلو هيجيلك يا قلب امك .. متعطيتش وتوجعي قلبي ”
اجابت ” انا تمام يا ماما والله ، انا بس مخنوقة شوية ”
لتقترح ” تيجي نسافر سوا انا وانتِ نروح اي حتة تغيري جو ”
1
نفت ” لا يا حبيبتي ، مش عايزة لما هعوز هقولك ”
لتقول عايدة بقلة حيلة ” طيب يا حبيبتي قومي اغسلي وشك كدة وتعالي ناكل سوا انا مكلتش من امبارح ”
هزت رأسها هزة غير ظاهرة وهي تنهض من مكانها .
.. §~~~~~~~~~~~~
‏لستٌ سيء بقدر ما تتخيل ، بل أسوأ من ذلك .
دلفت ” رضوي ” الي غرفتها بهدوء لينتفض ” صابر ” من جلسته وهو يقلب الهاتف على وجهه .
” انت بتعمل اية ؟”
قالتها رضوي وهي تتفحص وجهه المتعرق و انفاسه اللاهثة حين قال ” م م مفيش ”
انتشلت الهاتف منه على دون حذر منه تشهق بصدمة ” يا نهار اسود يا صابر يا نهار اسود ”
دفعها بقوة وهو ينتشل منها الهاتف يقول ” اخرسي يا بت اخرسي ”
نهضت خلفه تصرخ بصوت مرتفع ” بتتفرح على افلام زبالة من دي يا صابر ”
ليصفعها على وجهها بغضب ” وطي صوتك ، الناس سمعتنا ”
1
لتصرخ رضوي ” خايف من الناس ومش خايف من ربك ”
ليقول بعد ادفعها ارضا ” انا هسبهالك يا بومة وهغور فى داهية ، يكش داهية تاخدك وتريحيني منك ”
وضعت يدها على فمها من صدمتها وهي تتابع مغادرته للشقة .
لم يمض دقائق غير وانها تضب حقائبها وتجهز حالها هي وابنتها بعد ان غسلت وجهها ، لتتجه الي المطبخ سريعا وهي تخرج كيسا من الدقيق ، ثم تعبئه فى كيس بلاستكي اخر ، ثم تدبسه مغلقة اياه
تقول ” مبقاش انا رضوي ان ما ربتيك يا صابر ”
لتتجه الي خزانته تدس تلك الكيس به مغادرة الشقة بصحبة ابنتها الى منزل ابيها ..
4
والمصير الاسود ينتظر صابر حين عودته .
.. ~~~~~~~~~~~~
كانت تتابع مذاكرتها قبل ان تنتبه الي تلك الرسالة التي وصلتها على تطبيق الماسنچير
أمسكت مريم الهاتف وهي تتفحصه لتجد رسالة من غريب تجاهلت المحادثة فى بادئ الامر ولكن ثار فضولها حين جاءت رسالة اخري
” عارف انك مش هتردي بس انا هبقي حاولت ”
امتعضت ملامحها وهي تجده يرسل ” عموما انا هعتبر الشات فضفضة ليا لاني مليش اي حد اتكلم معاه ومحدش بقي بيسمعني ”
7
قالت ” ده اية العبيط ده ” توجههت عقب حديثهت لتفعيل الحظر له ولكن جائها برسالة اخري مترجيا ” بلاش تعمليلي بلوك ، انا مش عايزك تردي بس انا عندي مشاكل ومش لاقي حد افضفض معاه ، مترديش سبيني اتكلم انا .”
6
رفعت حاجبيها وهي تكتب له ” اعمل جروب و حط نفسك مع اي واحد ، وبعد ما يتعمل خرج اللى انت دخلته ده وابعت اللى انت عايزه مع نفسك ”
ثم توجههت عقب رسالتها تفعل زر الخظر سريعا ، تتغاضي عن الحديث وهي تصب كامل تركيزها على مذاكرتها .
6
.. §~~~~~~~~~~~~
– أفضل ما تهبه في حياتك: العفو عن عدوك والصبر علي خصمك والإخلاص لصديقك والقدوة الحسنة لطفلك والإحسان لوالديك والاحترام لنفسك والمحبة لجميع الناس.
كلام يقدر بثمن ولكن هو لن يقوم به ، فمن سلبه سيسلبه ، ومن انتزع منه شعره سينتزع منه روحه .
كانت ليلي تقف بالشرفة حين جذب انتباهها وجود يونس أمام الباب بالاسفل لتخفض الدرج سريعا .
فتحت الباب بإبتسامة تقول ” كنت فين الاسبوع ده كله يا يونس ؟”
تنهد ” فى الدنيا ، جابر فين ؟”
8
رفعت مقلتيها الي عينيه التي زاغت نحو الداخل متهربة قائلة ” جوا ، تعالي اتفضل ”
دخل بشموخه دون ان يزيد حرفا .
” يونس ، أهلا ”
لم يجيبه يونس وهو يجلس يضع قدما فوق الاخري بمنهتي العنجهية ، ليحمحم جابر “طيب يا ليلي اعمليلنا قهوة ”
غادرت ليلي ، ليجلس جابر يقول ” خير يا يونس ”
ليبتسم يونس ” كان هيبقي خير لو كنت جاي اخد روحك يا جابر ”
ليقول جابر بضيق ” اخلص يا يونس عايز اية ”
” اية يا خال ، في اية هو انا حرام اجيلك زيارة ، ده حتي الفيلا الجميلة دي من فلوس أمي ”
1
تأمل المنزل مبتسما يقول ” على رأي رضا البحراوي والله ، بيت العويل لو دهب ما يجبش غير جرابيع ”
شعر جابر بالغضب ” يا تقول عايز اية يا تتفضل من هنا انا مش فاضي للعب العيال ده ”
همس يونس بعد ان تقدم منه قليلا ” قتلت صبحي لية يا جابر ؟” .
5
.. §~~~~~~~~~~~~

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية الخياط)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى