رواية الثلاثة يحبونها الفصل السابع عشر 17 بقلم شاهندة
رواية الثلاثة يحبونها البارت السابع عشر
رواية الثلاثة يحبونها الجزء السابع عشر
رواية الثلاثة يحبونها الحلقة السابعة عشر
مررت رحمة يدها على عنق تلك الفرسة الجميلة قائلة بحنان:
تعرفى انا نفسى في إيه دلوقتى؟
إلتفتت إليها الفرسة لتمنحها رحمة قطعة من السكر تناولتها الفرسة بنهم لتبتسم رحمة قائلة:
شكلك بتحبى السكر ومش عايزة تعرفى، بس أنا غلسة وهقولك برده.
لتشرد وهي تقول بعيون تلمع:.
نفسى أركبك وأطير بيكى، أسابق الريح زي ما كنت بعمل زمان، نفسى أفرد دراعاتى والنسمة تضرب وشى تحسسنى إنى لسة عايشة، إنى سعيدة وفرحانة، مبسوطة بحياتى وراضية، بس مع الأسف مش هقدر.
لتصمت وقد كسى صوتها الحزن في كلماتها الأخيرة، لتنتفض على صوته وهو يقول:
وإيه اللى مانعك؟
إلتفتت إليه لتجده واقفا على باب الإسطبل، يستند بظهره إلى بابه يتأملها بدوره، نظرت إلى عيونه المنتظرة إجابتها لتقول بصوت حاولت أن تجعله هادئا:
يمكن عشان مركبتش خيل من زمان، بقيت بخاف، ويمكن لإن خوفى مش بس من الركوب، لأ، خوفى إنى مش هحس بنفس الإحساس اللى كنت بحسه زمان لما كنت بركب على حصانى وأطير، خوفى من إكتشافى إن الإحساس ده راح منى للأبد ومش ممكن احس بيه من جديد.
إعتدل وهو ينظر إلى عينيها مباشرة وهو يقول:
الظاهر إنك نسيتى أنا قلتلك إيه قبل كدة، مش قلتلك متحكميش على حاجة قبل ما تجربيها ومتسبقيش الأحداث، مش قلتلك إنك لو خفتى يبقى مش هتجربى وإنك لازم تآمنى بإنك تقدرى تحققى المستحيل، الظاهر إنك نسيتى كل اللى علمتهولك زمان.
نظرت إلى عينيه قائلة بمرارة ظهرت في نبراتها رغما عنها وهي تقول:.
أنا منستش حاجة، بس اللى إتعلمته من يوم ما خرجت من البيت ده خلانى حسيت إن اي حاجة إتعلمتها جواه ملهاش أي معنى.
نظر إلى ملامحها في حيرة، يتساءل عن مقصدها، وبالفعل وجد نفسه يسألها قائلا:
وإتعلمتى إيه يارحمة برة بيتنا؟
نظرت إليه يقول قلبها، تعلمت أن الإخلاص في الحب خرافة، وأن سنده وهم وأنك مهما كنت طيب القلب محب وتهتم فقط بشئونك فمن السهل أن يظلمك أحبائك ويلقونك خارج حياتهم كما يلقون بقمامتهم، تعلمت أن من يمسح دمعتى هو كفى ومن يطبطب على جرحى هو إستغفارى وأن من يريح قلب ذاق الكثير هي سجدة أسجدها لخالقى أسكب فيها مدامعي وأناجيه، فأنهض منها مرتاحة القلب وكأن احزانى لم تكن، تعلمت الكثير والكثير ومازلت أتعلم على أيديكم ياآل الشناوي،.
غشيت عيونها الدموع، لتطرق برأسها بسرعة ولكن ليس قبل أن يلمحهم يحيى، ليتوجع قلبه وهي تقول:
ياريت نقفل على الموضوع ده ونركز على حفلة النهاردة لإن الوقت بيجرى، من فضلك بس تقولى إيه المطلوب منى؟
قال لها بهدوء:
يعنى مش ناوية تسمعى كلامى النهاردة وتجربى تركبى الخيل؟
نظرت إلى ساعتها ثم رفعت رأسها تنظر إليه ليجد عيونها خالية من الدموع وكأنها لم تكن، ليظن أنه توهم تلك الدموع، وهي تقول بهدوء:.
مش هلحق، عايزة أقعد مع هشام شوية قبل ما، آااااه.
تأوهت رحمة من الألم وهي تجد يحيى قاطعا المسافة بينهم في خطوتين قابضا على ذراعيها بقوة وهو ينظر إلى وجهها قائلا بغضب شعرت به في كل ذرة من كيانه:
إبنى إسمه هاشم مش هشام يارحمة، مفهوم؟
قالت رحمة بألم:
أكيد عارفة إن إسمه هاشم، يمكن بس عشان إفتكرت هشام دلوقتى لخبطت أو يمكن عشان…
هدر بها وهو يضغط أكثر على ذراعيها ليزداد ألمها قائلا:.
وكمان بتقولى أدامى إنك إفتكرتيه، إفتكرتى جوزك الأولانى، عشيقك اللى خنتينى معاه زمان، إفتكرتيه وأنا واقف قصادك قلبى بيوجعنى على حزنك اللى حسيته قى صوتك، تصدقى إنى أنا اللى أستاهل كل اللى بيجرالى، وأنا اللى جبت ده كله لنفسى.
غشيت الدموع عيونها وهي تقول بصوت يقطر مرارة:.
حرام عليك بقى كفاية ظلم، أنا مخنتكش ومكرهتش في حياتى أد هشام وإنت عارف، لو كنت بس فكرت بعقلك شوية، لو كنت دورت جوة قلبك، كنت هتعرف الحقيقة، بس إنت زيهم كلهم، كنت دايما تقولى ميهمكيش منهم، إنتى غير مامتك، بس ساعة الجد، شفتنى زيها، أنا صدمتى الكبيرة فيك هي اللى خلتنى سكت وسيبتكم تظلمونى كمان وكمان، لكن لحد كدة وكفاية أنا تعبت، حقيقى تعبت،.
خفف قبضته حول ذراعيها ليتركها تماما وهو يعقد حاجبيه في حيرة قائلا:
قصدك إيه؟، انا مش فاهم حاجة.
إبتسمت في مرارة قائلة:
ولا عمرك هتفهم، تعرف ليه؟لإنى لما حبيتك، كنت فاكراك مختلف عنهم، بس إنت في الآخر طلعت زيهم يايحيى، طلعت زيهم.
لتتركه وسط حيرته وتسرع بخطواتها مهرولة من أمامه بإتجاه المنزل، تنهمر دموعها بألم، بينما يتابعها يحيى بعينيه، تزداد شكوكه حول ما حدث بالماضى، ليصمم على سبر أغواره، والوصول للحقيقة مهما كان الثمن.
كان مراد يعدل من رباط عنقه لينظر إلى نفسه في المرآه، تأمل وجهه للحظات، إنها فعلا ملامحه ولكنه بات لا يعرفها فهذا الذي يراه أمامه لا يمت بصلة لمراد الذي يعرفه، بل إن هذا الذي أمامه هو مسخ تجرد من كل المشاعر الإنسانية، كيف إستطاع أن يفعل ما فعل؟، أن يخير شروق بكل برود بين وجوده في حياتها ووجود طفلهما؟، بل كيف أمرها بكل قسوة أن تقتل الطفل، هذا الطفل الذي حلم به طويلا، وأدرك أنه لن ينجبه من بشرى فلم يحزن، فهو لا يريد أطفالا منها، لقد أراده فقط من رحمة ورحمة أصبحت الآن بالنسبة إليه ماض، أم أنه ولصدمته مازال يأمل بأن تكون له يوما وأن تحمل هي طفله، هي فقط ولا احد غيرها، ولاحتى تلك المسكينة شروق والتي تعشقه بكل كيانها، ياالله هل جن؟لقد تحول حقا لمسخ، وهذا لا يعجبه على الإطلاق، ليقرر اليوم وبعد أن يحضر تلك الحفل أن يجلس مع نفسه طويلا يعيد حساباته جميعها، يجب أن يحسم قراراته ويعيد ترتيب حياته، تلك الحياة الفوضوية والتي لا تعجبه على الإطلاق وأول قرار سيتراجع عنه هو قرار إجهاض الطفل، فمن المستحيل أن يجبر شروق على تلك الفعلة الشنعاء، فلا ضميره يقر ذلك ولا، قلبه.
خرجت رحمة من الحمام لتتفاجأ بفستان أسود رائع دون أكمام، موضوع على سريرها وإلى جانبه جاكت أبيض قصير يتناسب معه، وعلى الكومود بجوار السرير وضع حذاء وحقيبة يتناسبان معه، إتجهت رحمة إلى الفستان وامسكته بين يديها تتأمله بسعادة، تعلم أنه إختيار يحيى وهديته إليها، لا تدرى إن كان إعتذارا منه عن تلك الكلمات القاسية التي قالها لها هذا الصباح، أم هو مجرد فستان أحضره لها لتليق به كزوجة ليحيي الشناوي، في كلا الحالتين، هذا الفستان من إختياره، إختاره خصيصا من أجلها، هذا الفستان ذوقه، ولطالما أعجبها ذوقه في الإختيار لتخلع منشفتها وتلبس الفستان وداخلها لا يوجد سوى السعادة، السعادة الخالصة.
نظرت رحمة إلى نفسها في المرآه تتأمل جمالها به، حقا لقد عرف يحيى مقاسها بالضبط وعلم ما قد يليق بها، ليبدو هذا الفستان وكأنه قد صنع خصيصا من أجلها، لتنظر إلى ذراعيها واللذان ظهرت عليهما علامات يد يحيى ككدمات ذرقاء كادت أن تقلل من جمال فستانها ولكنها حمدت ربها أن هذا الفستان له جاكت أبيض قصير بأكمام سيوارى تلك الكدمات بسهولة، لتقول بهمس:
شكله كان عارف إنها هتعلم بالشكل ده.
إنتفضت على صوته وهو يقول:
إيه دى اللى هتعلم؟
ضمت نفسها بيديها تخفى آثار أصابعه، لينظر إلى فعلتها ويفسرها على أنها خجل منه، ليقترب من السرير قائلا:
على فكرة أنا شفتك قبل كدة بفستان من غير أكمام، يعنى مفيش داعى تتكثفى منى، لكن مش معنى إنى شفتك يبقى غيرى يشوفك كمان، أنا راجل شرقى جدا، وعشان كدة جبت الجاكت ده تلبسيه عليه.
إلتقط الجاكت من على السرير وإتجه إليها ينوى إلباسه لها بنفسه، ليجدها مازالت تضم نفسها بيديها ليزيل إحدى يديها وهو يقول بعتاب:
قلتلك إنى…
ليصمت وهو يحدق بجزع في علامات أصابعه على ذراعها ويدرك أنه السبب فيها، ويدرك أيضا سر وضعها يدها على ذراعها ليسقط الجاكت من يده وهو يقول بألم:
أنا السبب، صح؟
نظرت إلى ألم عينيه لتدرك أن لم يكن بوعيه حين ضغط على ذراعها ولم يتوقع أن تترك أصابعه ذلك الأثر البشع المظهر عليها، لتشفق عليه قائلة:
دى حاجة بسيطة، أنا بشرتى بس اللى حساسة وبتظهر كدماتها بسرعة، أنا كنت بتعالج لشهور من علامات…
لتقطع كلامها فجأة وقد كادت ان تكشف الماضى أمامه وتعرى روحها، لتطرق برأسها قائلة:
دى حاجة بسيطة يايحيى وهتروح بسرعة، متقلقش.
لم تمر كلماتها بسلام، أدركت هذا وهي تستمع إلى صوت يحيى وهو يقول بحيرة:
كنتى بتتعالجى من إيه يارحمة؟
رفعت رحمة إليه عيون مضطربة وهي تقول بإرتباك:
لما كنت يعنى بقع من على السلم أو أتخبط في حاجة، كنت بضطر أتعالج من كدماتهم اللى كانت بتسيب أثر جامد على بشرتى.
لم يقتنع يحيى بكلماتها، يدرك أن هناك ما هو أكثر من ذلك، يراها الآن ترتدى الجاكت وتعدل مظهرها بأيد مرتعشة من التوتر، لذا لا يجب أن يزيد من توترها وهي مقبلة على حفل هام كهذا الحفل، سيتركها في الوقت الحالى، لينوى بعد إنتهاء الحفل أن يسعى إلى الحقيقة، سيدفعها لقولها، دفعا.
تأملت نهاد بأسى صديقتها شروق التي تجلس شاردة في الشرفة تنظر إلى الأفق البعيد، تنهمر دموعها بصمت، لتقترب منها قائلة:
مش تروقى كدة ياشوشو، وتمسحى دموعك، عشان خاطر البيبى اللى جواكى ده على الأقل.
مدت شروق يدها تمسح دموعها وهي تنظر لنهاد قائلة في حزن:.
غصب عنى يانهاد، مش قادرة اصدق إن مراد اللى حبيته وإديتله قلبى وعمرى وكل حاجة جوايا، جاي يخيرنى دلوقتى مابينه وبين إبنه، مش قادرة أصدق إنه باعنى بالرخيص أوي كدة.
قالت نهاد وهي تربت على يدها:.
يمكن الصدمة كانت جامدة عليه شوية ياشروق، أنا مش بديله عذر على كلام فارغ قاله في ساعة صدمة او غضب، انا بديله فرصة يفوق ويفكر صح، ووعد منى إن مجاش وصلح غلطته وإعتذر عن اللى قاله، لأنا بنفسى اللى هقفله وأجيبلك كل حقوقك منه.
قالت شروق بحزن:
أنا مش عايزة منه حاجة.
قالت نهاد بحزم:
لو متنازلة عن حقك فمتتنازليش عن حق إبنك في فلوس أبوه.
تنهدت شروق قائلة:.
أنا كان نفسى لإبنى في حب أبوه وعطفه وحنانه، مش فلوسه يانهاد.
قالت نهاد بشفقة:
إذا مقدرتيش تجيبيله حقه في دول فعلى الأقل هاتيله حقه في أملاك أبوه، عشان يستقوى بيها على الزمن اللى إحنا فيه، واللى بينداس على أمثالنا فيه لمجرد إن مش معانا فلوس ياشروق.
نظرت لها شروق قائلة بإستنكار:
إنتى اللى بتقولى الكلام ده يانهاد؟، إنتى أكتر واحدة عارفة إن الفلوس مبتجيبش قوة ولا سعادة، وان الحب بس هو اللى بيحققهم.
أطرقت نهاد برأسها، لا تستطيع دحض كلمات صديقتها فهي تعلم علم اليقين أن معها كل الحق، لتتنهد قائلة:
طيب، أنا هقوم أعمل كوبايتين لمون، يروقوا دمنا وبعدين نقعد نشوف هنعمل إيه، ونحل مشكلتك دى إزاي ياشروق؟
لتنهض تتابعها عينا شروق التي نظرت إلى الأفق البعيد مجددا، وقد اغروقت عيناها بالدموع، تقول بهمس مرير:
مشكلتى ملهاش حل يانهاد، مع الأسف، مش شايفالها أي حل.
أجابت بشرى هاتفها قائلة:
أيوة يامراد.
قال مراد بهدوء:
إنتى فين يابشرى؟
قالت بشرى:
لسة عند علا، وإنت؟
قال مراد وهو يشغل سيارته:
رايح خلاص الحفلة،
قالت بشرى:
طيب يامراد، بالتوفيق.
كادت ان تغلق الهاتف لتتوقف يدها عن إنهاء المكالمة وهي تستمع إلى صوته يناديها لتعقد حاجبيها قائلة:
فيه حاجة يامراد؟
زفر مراد قائلا:
لأ مفيش، بس متتأخريش يابشرى.
مطت بشرى شفتيها قائلة:
ماشى يامراد، مش هتأخر، سلام.
إستمعت إلى صوته وهو يقول بهدوء:
سلام.
ثم أغلق الهاتف، لتغلقه بدورها وهي تشرد قليلا لتفيق على صوت مجدى يقول بحيرة:
مالك يابشرى؟
نظرت إليه وكأنها تنتبه لوجوده للمرة الأولى لتقول بحيرة:
مراد.
ظهر الضيق على وجه مجدى وهو يقول:
ماله سي زفت؟
هزت بشرى كتفيها قائلة:
أول مرة يتصل بية ويسألنى عن مكانى وأول مرة يقوللى متتأخريش،
نظر إليها مجدى قائلا بإستنكار:
وده بقى مفرحك ولا محيرك؟
نظرت إليه لتنتبه إلى غيرته وتقول بإبتسامة:
وانا بس هفرح ليه يامجدى؟من حبى فيه مثلا؟
قال مجدى بسخرية:
مثلا؟
إتسعت إبتسامتها وهي تقول:
متبقاش عبيط يابيبى، مراد ولا في دماغى أصلا، بس تحس من صوته كدة إنه مخنوق وكأن فيه حاجة مش ظابطة معاه، أو حاجة حصلت، مش عارفة بس الموضوع ميريحش.
قال مجدى بحنق وهو يربت على كتفها بقوة:.
بقولك إيه يابشرى، سيبك من سي مراد بتاعك ده وركزى في اللى إنتى رايحة تعمليه عشان متوديناش في داهية، ماشى.
نظرت إليه قائلة في حنق:
بالراحة طيب، وعموما لو إتكشفت أنا بس اللى هروح في داهية ياسي مجدى.
قرصها مجدى في وجنتها بخفة قائلا:
وأنا وإنتى إيه ياروحى؟
تجاهلته قائلة:.
طيب مش إحنا خلاص ظبطنا مع فتحى، وكله تمام، مش فاضل بس غير إنى أدخل البيت زي ما إتفقنا، ورايحة متأخر أهو زي ما قلتلى، على بداية الحفلة تمام عشان الكل يبقى مشغول و محدش يقفشنى، وساعتها هحط السم في كوباية عصيرها وهتأكد إنها بتشرب منه وهمشى بسرعة، هلاقيك برة بعربيتك هتاخدنى ونهرب قبل ما حد يكشفنى، كدة تمام يامجدى؟
أنزل مجدى نقابها لتظهر فقط عيونها الجميلة من خلاله ليتأملها قائلا بعشق:.
كدة تمام ياقلب مجدى، خدى بالك بقى من نفسك.
ظهرت إبتسامتها في عيونها وهي تومئ برأسها، ليتجها سويا إلى الخارج لتنفيذ خطتهما الشريرة والتي تتناسب مع قلوبهم السوداء، تماما.
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية الثلاثة يحبونها)