رواية الثلاثة يحبونها الفصل الرابع والعشرون 24 بقلم شاهندة
رواية الثلاثة يحبونها البارت الرابع والعشرون
رواية الثلاثة يحبونها الجزء الرابع والعشرون
رواية الثلاثة يحبونها الحلقة الرابعة والعشرون
كانت بشرى تمشى جيئة وذهابا، ينتابها الغيظ ممتزجا بالحقد الشديد، تشعر بأنها الآن تود أن تحرق الأخضر واليابس وليشتعل الجميع بنيرانها، تابعها مجدى بعيون قلقة على حالتها، ليقول بعد لحظات:
بشرى، إهدى كدة، على فكرة التوتر ده مش هيحل مشكلة.
توقفت ونظرت إليه بحدة قائلة:
مش ههدى ولا يرتاحلى بال غير لما أحرقهم كلهم بنارى يامجدى.
لتعود وتمشى جيئة وذهابا قائلة في غل:.
بقى مراد يطلع متجوز علية أنا، ومتجوز مين، حتة سكرتيرة لا طلعت ولا نزلت، لوكال، مشغلهاش عندى خدامة حتى، لأ وبيبصلها بصة عمره ما بصهالى، ماشى يامراد، ماشى.
لتقف مجددا وهي تقول بغضب:
هو البواب قالك إسمها إيه؟
قال مجدى بتوتر:
إسمها شروق.
ضمت بشرى قبضتها اليمنى تضرب بها كفها الأيسر المنبسط وهي تقول:
شروق، شروق، شروووق.
لتفكر لثوانى ثم تلتمع عيونها فجأة وهي تستطرد قائلة:.
طيب، تمام أوي، إن ما وريتك يامراد، إن ما خليتك تندم على اللى عملته مبقاش أنا بشرى. إصبر علية بس.
قال مجدى وقد لاحظ تلك اللمعة بعيونها:
هتعملى إيه يابشرى؟، عينيكى بتقوللى كتير.
نظرت إليه لثوان تتأمله، ثم إبتسمت وهي تقترب منه تلمس وجنتيه بنعومة قائلة:
قربت منى كتير أوي يامجدى وبقيت بتفهمنى من عيونى كمان.
ضم خصرها بيديه يقربها منه أكثر وهو يقول بعيون عاشقة:
ده إسمه حب يابشرى، وأنا مش بس بحبك، أنا بعشقك.
إتسعت إبتسامتها وهي تقترب بشفاهها منه تقبل شفتيه بنعومة تهمس أمامهما قائلة:
حلو، حلو أوي يامجدى.
لتغيم عيناه من أنفاسها التي لفحته وقبلتها التي أذابته ليختطف شفاهها في قبلة طويلة مشتاقة، لتبادله قبلته تشعر بالراحة أخيرا وقد وجدت الحل لكل مشاكلها، تقريبا.
إقتربت رحمة من يحيى تدفن رأسها في تجويف عنقه، ليضمها يحيى إليه أكثر، رفعت يدها تضعها على خافقه تشعر بنبضاته المتسارعة في حركة بات يألفها ويعشقها، ليسمعها تهمس برقة قائلة:
شكرا يايحيى.
عقد حاجبيه في حيرة وهو يقول بهمس مماثل:
على إيه بس ياحبيبتى؟
رفعت وجهها تنظر إلى عيونه العسلية قائلة بإمتنان:.
على أجمل ليلة قضيتها في حياتى، عيشتنى فيها قصة خيالية، كنت فيها مع أميرى، أكلنا وضحكنا ورقصنا، حلمت دايما أكون بين إيديك، عينى في عنيك وإنت بتسمعنى أحلى كلام عن حبنا، وكملت بأغنية ماجدة، اللى دايما كنت بسمعها في غيابك.
ليبتسم وهو يرفع يده يمررها على وجنتها قائلا ف حنان:
وكنت بسمعها أنا في غيابك.
لتدندن رحمة بالكلمات قائلة بصوت عذب:
يسمعنى حين يراقصني، كلمات ليست كالكلمات.
يأخذني من تحت ذراعي، يزرعنى في إحدى الغيمات.
ليضمها إلى صدره بقوة وهو يهمس قائلا:
وأنا كالطفلة في يده، كالريشة تحملها النسمات،
لتقول هي بهمس:
يخبرنى أنى تحفته وأساوي ألاف النجمات، بأنى كنز وبأني أجمل ما شاهد من لوحات.
ليعتدل وهو يشرف عليها قائلا بهمس:
يروي أشياء تدوخني، تنسينى المرقص والخطوات.
نظرت إليه بعشق قائلة:
كلمات تقلب تاريخي، تجعلني إمرأة في لحظات.
لتصمت وهي تتطلع إلى عينيه بنظرة شابها بعض الحزن وهي تقول:
يبني لي قصر من وهم، لا أسكن فيه سوى لحظات وأعود لطاولتي لا شيئ معي إلا كلمات.
تأمل ملامحها وقد أدرك مقصدها ليقول بوعد:
مبقاش فيه قصور من وهم، مبقاش فيه فراق، سامحيني من قلبك يارحمة وإنسي الماضي، وإفتكرى بس إنى بعشقك ووعد منى، إنى مستحيل هسمح لقلبى يإذيكى من تاني ولو كان التمن حياتى يارحمة.
إبتسمت بعيون غشيتها الدموع من وعده الذي قطعه على نفسه، رغبة منه في أن يطمأن مخاوفها، ليميل بشفتيه يمسح تلك الدموع عن وجنتيها ثم يقبلها قبلة أودعها كل ثقته في القادم، ليطمئن قلبها بدورها وتمنحه نفسا أذابها عشقه.
دلفت بشرى إلى شقتها، لتجد الظلام التام يحيط بها، وماإن خطت بإتجاه مفتاح الإضاءة حتى سطع الضوء في كل مكان، لتجد مراد جالسا على الأريكة، ينظر إليها بوجه خال من المشاعر، تأملته لثوان تدرك أن هناك شيئا ما خلف هيئته تلك لتقول بهدوء:
مساء الخير.
نظر مراد إلى عينيها مباشرة قائلا:
كنتى فين يابشرى؟
إقتربت منه وجلست على المقعد المقابل له وهي تزفر قائلة:.
هكون فين يعنى يامراد؟كنت مخنوقة، لفيت بالعربية شوية، وأنا جاية في الطريق العربية عطلت وإضطريت أوديها لميكانيكى وقعدت لغاية ما أصلحها وبعدين جيت علطول.
عقد حاجبيه قائلا:
ومكلمتنيش ليه؟
قالت بنبرة ساخرة:
وهو إنت فاضيلى أصلا؟
إزداد إنعقاد حاجبيه وهو يقول:
قصدك إيه؟
قالت في هدوء:
هيكون قصدى إيه يعنى؟إنت مش قايل إنك في ميتينج مهم، أنا محبتش بس أعطلك، هي دى كل الحكاية.
تفحصها مراد يدرك أن هناك شيئا ما تخفيه عنه، يظهر في نظراتها الغريبة إليه وتلك النبرة الساخرة في صوتها، ليصمم على معرفته آجلا أم عاجلا، ليقول في حزم:.
يحيى ورحمة كلمونى وكانوا عايزينا نرجع الفيلا، وأنا رفضت، يحيى كان عايز يكلمك وأنا إضطريت أكذب وأقوله إنك نايمة، مكنتش أقدر أقوله إن مراتى لسة مرجعتش البيت وهي عارفة إنى تعبان ولسة خارج من المستشفى، ده غير إنه لو سألنى عن مكانك، كان هيبقى شكلى وحش وأنا معرفش عنك حاجة، ياريت لو هتروحى مكان بعد كدة تبقى تعرفينى قبلها، مفهوم؟
مظهره أمام يحيى، هذا ما يهمه فقط، أما هي فلا تهمه على الإطلاق، تدرك ذلك جيدا، فعلاقتهما سويا واضحة ومنذ البداية، فهي لم تستطع أن تحبه وقلبها ممتلئ بحب أخاه، وهو لم يستطع أن يحبها وقلبه ممتلئ بحب رحمة، مهلا، إذا كان هكذا إذا لماذا أحب تلك الشروق، وهل نسي رحمة؟وهل حقا العيب فيها لذا لا أحد يحبها حقا؟إذا لماذا أحبها مجدى كل هذا الحب؟تحركه بإشارة من إصبعها وإن طلبت روحه فلن يتوانى عن إهدائها إياها؟لماذا؟
آاااه، أسئلة عديدة تدور برأسها بلا إجابة، تطيح بتركيزها على مهمتها الجديدة وهي التخلص من رحمة للأبد هي وتلك الشروق وستسعى من الغد في تنفيذ مخططها، لذا ستريح أعصابها المتعبة الآن وتكتفى بالصمت، الصمت المطلق.
لتفيق من أفكارها على صوت مراد وهو يقول بلهجة تحذيرية:
مفهوم يابشرى؟
نظرت إليه ببرود قائلة:
مفهوم يامراد، بعد إذنك اليوم كان صعب أوي، وأنا محتاجة أنام.
لتبتعد من أمامه يتابعها بعينيه بقلق، فهدوءها هذا وحالتها الغريبة تلك تنبئ بكارثة في الطريق، ليدعوا الله في صمت أن ينجيهم منها.
كانت رحمة تقف في الحديقة حين أحست بيدين توضعان على عينيها، لتبتسم بسعادة وهي تدرك أن صاحب تلك اليدين هو حبيبها يحيى، لتقول بحب:
مهما غميت عينية هفضل شايفاك ياحبيبى، وحشتني.
تسللت إلى مسامعها نبراته التي تخشاها وتمقتها وهو يقول بهدوء:
إنتى كمان وحشتيني يارحمة.
إنتفضت تبعد يديه عن وجهها وتبتعد عنه وهي تلتفت لتواجهه قائلة بعيون إتسعت من الصدمة وهي تراه أمامها، بنفس الهيئة التي رأته عليها آخر مرة، لم يتغير البتة لتقول بنبرات مرتعشة من الخوف:
هشام؟
إبتسم قائلا:
أيوة هشام، حبيبك، إنتى قلتى إنى حبيبك، وأخيرا يارحمة؟، سمعتها بودانى، ولا كنتى تقصدى حد تانى؟
تراجعت لخطوة وقد إرتعش قلبها وجسدها عندما إقترب منها خطوة، لتقول وهي مازالت تحت تأثير صدمتها:
إنت، إنت ممتش؟
إتسعت إبتسامته وهو يقول:
هموت إزاي بس وأنا واقف أدامك أهو؟
قالت بخوف:
أنا شفتك بعيونى، والعربية بتنحرق بيك؟
ضحك بسخرية قائلا:
ده اللى حبيت أوريهولك، لكن قبل ما النار تمسك في العربية، كنت ناطط منها، وبعدين إنتى أغمى عليكى وأنا هربت.
قالت بدهشة:
والجثة اللى لاقوها جوة العربية؟
إقترب منها قائلا بسخرية:
ده شغلى أنا بقى.
عقدت حاجبيها في حيرة قائلة:
طب وعملت كل ده ليه، كنت عايز توصل لإيه ياهشام؟
مال يرمقها بعيون باردة وهو يقول بلهجة كالصقيع:
كنت عايز أشوفك هتعملى إيه بعد ما أموت، هتبقى أصيلة وتفضلى عايشة على الذكرى، وأبقى بكدة ظلمتك، ولا هتخونى الحب اللى بينا، وتقلي بأصلك؟، وإنتى ما شاء الله مكدبتيش خبر، جريتى وخونتينى، وقليتى بأصلك زي ما توقعت يارحمة.
إبتلعت ريقها بصعوبة قائلة:
إحنا مكنش بينا حب أصلا، وإنت متجوزنى وإنت عارف ومتأكد إنى بحب يحيى.
هدر بها قائلا:.
إخرسي، متقوليش إسمه على لسانك، إنتى فاهمة؟
تخلت رحمة عن خوفها وهي تقول بكل قوة:
لأ هقول، يحيى يبقى حبيبى وجوزى وكل حاجة لية.
إتقدت عيونه بشرارات الغضب وهو يقول بحدة:
جوازك منه باطل، باطل يارحمة، إنتى مراتى أنا وحبيبتى أنا،
قالت بغضب:
لأ، أنا مش مراتك، أنا عمرى ما كنت مراتك، أنا مراته هو، وشم روحى وقلبى بإسمه، ومستحيل هكون لحد تانى، إنت فاهم ولا لأ؟
توقف أمامها تماما ليتأمل ملامحها لثوان ثم قال ببرود:.
الظاهر إنه موشمش روحك وقلبك بس يارحمة، ده قدر يوصل للى مقدرتش أنا أوصله.
أطرقت برأسها تدرك مقصده لتجد يديه فجأة إمتدت لعنقها، يحكمها حوله، لتشعر بالإختناق، حاولت المقاومة، الإستنجاد بيحيي، ولكنها كلما نطقت إسمه، كلما زاد من خنقها، لتسمع صوت يحيى آتيا من بعيد ينشلها من الموت المحيط بها، فتحت عينيها فجأة بقوة لتجد يحيى أمامها، نظرت حولها بصدمة، تدرك أنها في حجرتها وأن يحيى بجوارها ينظر إليها بقلق، وأن كل ما مرت به هو كابوس، فقط كابوس بشع، لتعود بعينيها ليحيي الذي قال بقلق:.
رحمة، مالك ياحبيبتى، فيكى إيه؟
طفرت الدموع من عينيها فجأة، ليسرع ويضمها إلى صدره، يهدهدها، قائلا:
هششش، خلاص إهدى يارحمة، أنا جنبك…
قالت بصوت تهدج ألما:
هشام، هشام يايحيى رجع وكان هيموتنى.
أغمض عينيه في ألم وهو يدرك خوفها المرضي منه، كم عذبها أخيه سامحه الله على أفعاله، ليفتح عينيه وهو يقول بحنان:
ده كابوس يارحمة، هشام مات وإنتى هنا في بيتى وفى حضنى.
قالت رحمة بنبرات مرتعشة:.
ضمنى كمان يايحيى، ضمنى جوة حضنك، خبينى جواك.
ليضمها يحيى بقوة، يود لو أدخلها بين ضلوعه بالفعل ليحميها من مخاوفها، يعيد لقلبها الأمان والسكينة اللذان حرمها منهما هشام، ليقسم أنه سيحاول بكل طاقته أن يفعل ذلك، وسينجح بإذن الله.
قالت نهاد بإبتسامة خجولة:
أنا لما جيت أخرج ولقيتك جوة حضنه كنت هموت من الكسوف ياشروق،
قالت شروق بمرح:
كان شكلك فظيع وإنتى مش عارفة تتلمى على أعصابك ولا تقولى كلمتين على بعض، وبدل ما تقوليله أهلا يامراد، قلتيله صباح الخير يامراد، صباح الخير بالليل، مراد مسك نفسه بالعافية، أنا شفت وشه ساعتها، كان هيموت ويضحك.
وكزتها نهاد وهي تقول بغيظ:
آه، بس إنتى مسكتيش، نزلتى ضحك لغاية ما خليتينا كلنا ضحكنا.
إبتسمت شروق قائلة بمزاح:
وهو فيه أحلى من الضحك، ربنا يديمها علينا نعمة ياشيخة.
لتنظر إلى نهاد وهي تعتدل قائلة بجدية:
بس مقلتليش عملتى إيه مع رأفت؟
إبتسمت قائلة في خجل:
عملت بنصيحتك ووافقت، متتخيليش فرحته كانت عاملة إزاي، وقاللى إنه هياخدنى النهاردة عشان نجيب الشبكة، والفرح هيكون آخر الشهر بإذن الله.
قالت شروق بسعادة:
بجد، ألف مبروك يانهاد.
إبتسمت نهاد قائلة:
الله يبارك فيكى، عقبال ما نفرح بالنونو بتاعك.
وضعت شروق يدها على بطنها قائلة:
يارب يانهاد، يارب.
قالت نهاد بإبتسامة:
وإنتى عاملة إيه دلوقتى مع مراد ياشروق؟
إرتسمت على شفتي شروق إبتسامة حالمة، وهي تقول:
مش قادرة أوصفلك حنيته معايا وحبه اللى بقى مغرقنى فيه، بيتصل بية كل شوية عشان يطمن علية وقبل ما يقفل يقولى بحبك، بحبك ياشروق، يااه لو يعرف أد إيه إستنيت الكلمة دى وإيه اللى بتعمله فية لما بسمعها، أنا عايشة حلم يانهاد، حلم بتمنى مصحاش منه أبدا.
تأوهت فجأة لتنظر إلى نهاد بإستنكار قائلة:
بتقرصينى ليه بس؟
قالت نهاد في مزاح:
عشان تعرفى إنه مش حلم ياشروق وإنه حقيقة.
قالت شروق بغيظ:
تصدقى إنك بايخة، خرجتينى من المود، وأنا كنت لسة هبدأ أوصف الجنة اللى أنا عايشة فيها معاه، فصلتينى يافصيلة.
تعالت ضحكات نهاد وهي تقول من بين ضحكاتها:
جنة إيه ياشروق؟، إنتى لحقتى، طول عمرك أوووفر.
لتنظر إليها شروق لثوان ثم لم تلبث أن شاركتها ضحكاتها وهي تحمد الله على تلك الصديقة التي تشاركها كل شئ، أحزانها، وأفراحها.
نظرت بشرى بإشمئزاز إلى هذا المبنى القديم والذي يوجد به سلاحها القاتل لرحمة، ترغب في العودة من حيث أتت، ولكن رغبتها الشديدة في إزاحة رحمة عن طريقها، دفعتها للدلوف إليه، لتقف أمامه وتطرق بابه، لم يجبها أحد، كادت أن تطرق بابه مجددا، لينفتح الباب في تلك اللحظة ويظهر على عتبته سيدة في الخمسينات من عمرها، تأملتها بشرى لتدرك أنه رغم ملابسها البالية إلا أن تلك الملابس لم تقلل أبدا من جمالها، جمالا لم تأخذ منه السنون كثيرا، لتنظر تلك السيدة إلى بشرى وهي تعقد حاجبيها، قائلة:.
أفندم، حضرتك مين؟وعايزة إيه؟
إبتسمت بشرى قائلة وعيونها تلمع خبثا:
أنا بشرى، بشرى الدرملى.
لتتسع عينا تلك السيدة في دهشة وتزداد إبتسامة بشرى، خبثا.
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية الثلاثة يحبونها)