روايات

رواية الثلاثة يحبونها الفصل الثالث عشر 13 بقلم شاهندة

رواية الثلاثة يحبونها الفصل الثالث عشر 13 بقلم شاهندة

رواية الثلاثة يحبونها البارت الثالث عشر

رواية الثلاثة يحبونها الجزء الثالث عشر

الثلاثة يحبونها
الثلاثة يحبونها

رواية الثلاثة يحبونها الحلقة الثالثة عشر

زفر مراد قائلا:
يعنى برده مصممة متنزليش تفطرى معانا؟
تقلبت بشرى على جنبها، تسحب الوسادة لتضعها تحت رأسها، قائلة بنعاس:
تؤ تؤ، أنا قلتلك من بالليل إنى هحاول مشوفهاش كتير، عشان لما بشوفها بتعصب وساعتها إنت وأخوك هتزعلوا منى، يبقى أنزل بقى ولا أكمل نوم أحسن؟
تنهد مراد قائلا:
لأ، كملى نوم أحسن، أنا نازل رايح الشغل، محتاجة حاجة؟
غمغمت بكلمات لم يفهم منها شيئا ليدرك أنها قد عاودت النوم من جديد، هز كتفه بقلة حيلة، ثم إتجه إلى الخارج مغادرا الحجرة بهدوء، وما إن غادر حتى فتحت بشرى عينيها وهي تنهض بسرعة ساحبة الهاتف من على الكومود بجوارها وممررة أصابعها على أزراره بسرعة، ليرن على الجانب الآخر، وما إن رد عليها محدثها حتى قالت بصوت متهدج تشوبه دموع مفتعلة:

حاج صالح، إلحقنا ياحاج.
كان مراد يهبط السلالم ببطئ، يحضر نفسه ربما لمشهد عاطفي يمزق قلبه، يتمنى من الله أن يظلا هذين الزوجين بحجرتهما وأن يغادر للعمل دون أن يراهما اليوم مطلقا، توقف في جمود حين خاب أمله و رآهما على طاولة الطعام يتناولان الإفطار، تماما كالماضي، حين كان يهبط لتناول الإفطار فيجدهما يفطران مع بعضهما البعض، وسط جو من المرح والضحك مايلبث أن يشاركهم فيه، كان وقتها لا يدرى أنهما واقعان بالحب بل كان يظن أنه وحده المغروم بذات العيون الدخانية والشعر الأسود كالليل، ورغم أنها غيرت لونه الآن للون الكستنائي، إلا أنه مازال يليق بها، ولا يقلل من جمالها ذرة، بل إنها إزدادت نضجا وجمالا عن الماضى، نفض أفكاره الخاطئة كلية، إنها زوجة أخيه، إمرأته هو ولا يجب أن ينظر لها كحبيبة أبدا، بل يجب أن ينساها، ولكن كيف ينساها وهي أمامه طوال الوقت؟، ربما عليه فعلا الإنتقال لمنزل آخر.
تأمل الزوجان الجالسان بجوار بعضهما البعض بشئ من الريبة، إنتابته الحيرة، فكليهما صامت، يتناول طعامه بسكون تام، وكأن الليلة الماضية لم تكن أبدا ليلة زفافهما.
مهلا…
ها هو أخيه يسترق النظر إليها يتأملها بنظرات لم يرها في عيني أخيه أبدا، إنها نظرات عاشق، ربما لم ينتبه لها بالماضى ولكنه كان غرا وقتها، مشاعره ساذجة، ودون تجارب تذكر، فقط رحمة ولا أحد غيرها، لذا لم يميز نظرات العشق من نظرات المودة والأخوة،.
وها هي رحمة ترفع عينيها إلى يحيى تحاول إستراق النظرات إليه بدورها فإلتقت عيناها بعيني يحيى وتجمدا سويا، فقط ينظران لبعضهما البعض، يغرقان وسط دوامة من المشاعر ظهرت لمراد واضحة جلية، أشعرته بالإختناق رغما عنه، كاد أن يبتعد مغادرا قبل أن يلمحاه، ولكن لسرعته إرتطم بتلك الطاولة في طريقه وكاد أن يوقع تلك المزهرية الثمينة ولكنه تمسك بها في اللحظة الأخيرة، ليضعها مكانها وهو يزفر بقوة ليغمض عينيه بقوة حين إستمع لصوت أخيه وهو يقول بهدوء:.
مراد.
فتح عيناه وهو يلتفت إليهما مقتربا بهدوء يختلف عن كيانه المضطرب بالكامل، قائلا:
صباح الخير.
قالا سويا:
صباح النور.

تخضب وجه رحمة بحمرة الخجل وهي تنظر إلى يحيى قبل أن تطرق برأسها، بينما أبعد يحيى عيونه عنها بصعوبة وحمرة الخجل تزيدها جمالا، لينظر إلى مراد قائلا:
إنت كنت ماشى من غير ما تفطر يامراد؟
أومأ مراد برأسه قائلا:
أيوة، أصل ورايا شغل مهم وعايز أخلصه قبل الميتنج.
قال يحيى بهدوء:.
الميتنج مهم صحيح بس صحتك أهم يامراد، أقعد إفطر معانا.
نظر مراد إلى رحمة ثم إلى يحيى بإرتباك قائلا:
مش هينفع صدقنى.
كانت رحمة قد أعدت لمراد شطيرة سريعة وهما يتحدثان وناولته إياها قائلة:
طب كل دى بس، عشان خاطرى يامراد.
شعر مراد بالإضطراب لينظر إلى يحيى الذي ظهرت ملامحه عادية وهو يومئ له برأسه ليأخذها، ليأخذ مراد منها الشطيرة وهو حريص على أن لا تلامس يده يدها، ويحيي يجز على أسنانه ويقبض على يده بقوة كي لا يتهور، يشعر بالغيرة تحرقه، أشعلته كلمات رحمة البسيطة، وإدراكه أن مراد تأثر بها، وبإبتسامتها الحمقاء تلك والتي إرتسمت على شفتاها عندما رأت مراد يتناول شطيرته على عجل، ليود يحيى أن يمحي تلك الإبتسامة من على وجهها حتى لا يراها غيره، ولكن وحتى دون تلك الإبتسامة تظل ملامح رحمة ملائكية جذابة، تجذب هالتها البريئة إليها الصغير قبل الكبير، فما بالك بقلب يعشقها كقلب مراد، وقلبه هو قبل الجميع.
إستأذن مراد كي يذهب إلى عمله فتمنى له يحيى التوفيق في إجتماعه اليوم والإتصال به إن إحتاجه، ليغادر مراد تتبعه العيون، قبل أن يلتفت يحيى إلى رحمة يحدجها بنظرات قاتمة حادة، لتنظر إليه في حيرة قائلة:
بتبصلى كدة ليه؟
قال بنبرات حانقة:
يعنى مش عارفة؟
عقدت حاجبيها قائلة:
لأ مش عارفة.
لينهض ويمسك بيدها ينهضها ويسحبها خلفه وسط دهشتها، لتشعر بالألم في يدها من جراء إحكام قبضته عليها و جذبه إياها بقوة، لتقول بألم:.
إيدى يايحيى.
توقف على الفور وهو يلتفت إليها، ثم ينظر إلى يده الممسكة بيدها بقوة، ليدعها على الفور يلاحظ إحمرار بشرة كفها، ليلعن بسره قبل أن يشير إليها لتسبقه، فنظرت إليه لثوان في تحدى لم يلبث أن فاز فيه عندما مد يده ليمسك بيدها مرة أخرى ولكنها تفادتها بصعوبة وهي تسرع بخطواتها إلى الحجرة، ليبتسم من طفوليتها، رغما عنه.
كانت شروق جالسة في مكانها تنظر في صدمة إلى هذا الشريط المزين بخطين أحمرين، تدرك أنها حامل بالفعل ولم تكن أوهاما كما صور لها عقلها، صدمة أخرى، ألا يكفيها صدمة إكتشافها بالأمس حبا خفيا في قلب زوجها، ورغم أن حبه لرحمة اصبح حبا بلا أمل لزواجها بأخيه، ولكن يظل قلبه معلقا بأطلاله كقلبها تماما، قلبها هذا الوحيد المعذب في عشق يائس يضنيه، تشعر بألم قلبها، بدقاته المتسارعة، يمتزج به الألم بالخوف، فكيف ستخبر مراد بهذا النبأ؟وهو الذي حذرها مرارا وتكرارا من حدوثه، فقد قالها صريحا، لا أطفااال،.
ولكن ما ذنبها وقد أراد الله أن تحمل طفله، ويعلم الله أنها ما حاولت أن تنجب منه عمدا، بل اخذت جميع إحتياطاتها، أحست بالإعياء، بدوار يكتنفها، مدت يدها لتسحب هاتفها وتتصل بمراد لينجدها، ولكن كيف تتصل به وهي تخشى ردة فعله، لتفتح قائمة الأسماء وتختار إسما تدرك أن صاحبته الوحيدة التي قد تستطيع مساعدتها الآن، صديقتها نهاد، لتضغط على زر الإتصال وعندما أجابتها نهاد، قالت شروق بضعف:
نهاد، محتاجالك.
إستمعت إلى صوت محدثتها لتقول بصوت خفتت نبراته:
تمام، مستنياكى.
كانت رحمة تلاعب هاشم الذي إبتسم وهو ينظر إليها عندما تهدم ذلك البيت من المكعبات والذي بنياه سويا، هو ورحمة، لتبتسم رحمة بدورها وهي تميل عليه تمنحه قبلة على وجنتيه قائلة:
ياجمال إبتسامتك بغمازاتك دى ياقمر إنت.
لتنظر إلى عسليتيه المبتسمتين بدورهما وتتنهد قائلة:
لأ وكمان عيون باباك، هو أنا كنت قادرة على يحيى واحد بس؟عشان أقدر على إتنين ياهاشم؟
تأوهت حين شد خصلات شعرها بين يديه لتقول بألم:.
سيب شعرى ياهاشم.
تعالت ضحكات الصغير لتقول رحمة متوسلة:
بتضحك؟، طيب سيب شعرى وأنا هجيبلك شيكولاتة.
ترك الصغير شعرها على الفور وهو يقول بسعادة:
طا طا، طا طا.
إعتدلت رحمة على الفور وهي تنظر إلى ملامح الصبي المسرورة قائلة في عتاب:
بقى كدة ياهاشم، يعنى إنت قاصد بقى؟
لتبتسم رحمة رغما عنها وهي تراه يومئ برأسه مرددا:
طا طا، طا طا.
مدت يدها إلى جيب فستانها لتخرج لوح شيكولاتة صغير فتحته و منحته للصبي الذي أخذه مهللا، لتتسع إبتسامتها قائلة:
حتى في دى طلعت شبه باباك، كان يعوز منى حاجة وأعاند معاه يقوم يلف خصلتين من شعرى على إيده، وأول ما أقوله خلاص حرمت، كان يسيبنى ورغم إنى كنت ببقى متغاظة منه أوي بس اول ما أبص لإبتسامته أم غمازات دى، وأبص لضحكة عينيه، كنت أنسى كل غيظى منه وأترمى في حضنه، وآه من حضنه،.
لتشرد بعيدا، تتذكر هذا الإحساس الذي أضناها إشتياقها إليه، وهي تقول:.
مكنش فيه أحن من حضنه، كنت بحس فيه بإنى لقيت مكانى، وطنى، أهلى اللى إتحرمت منهم، كنت بلاقى فيه نفسى، وفجأة إتحرمت من الحضن ده، صدق كل اللى إتقال علية، وحرمنى من حبه وحنانه، حتى لو كان اللى شافه يظهر خيانتى، كان لازم ساعتها قلبه ينكر اللى شافته عينيه، كان لازم يقول فيه حاجة غلط، رحمة مش ممكن تخونى، كان لازم يفضل سندى، لكنه وقف معاهم ضدى، مش قادرة أسامحه رغم إنى سامحت جدى على قسوته علية زمان وإديتله أعذار، لكن هو، مش قادرة أسامحه أو أديله عذر، يمكن في يوم قلبى يسامح، لكن دلوقت ورغم إنى عارفة إنى لسة بحبه بس قلبى مش قادر ينسى او يسامح، فاهمنى؟
إبتسمت رغما عنها وهي ترى الصبي قد لوث شفتيه وجانب وجهه ومقدمة ملابسه بالشيكولاتة، لتقول بمرح:
هو أنا إيه اللى بقوله ده؟، وإنت أصلا في دنيا تانية ياهاشم، الظاهر إنى لازم أسمع الكلام وألم شعرى وانا معاك ياحبيبى، بس تعالى كدة يابطل لما نغسل وشك و نغير هدومك، قبل ما حد يشوفك وإنت كدة، مع إنك برده سكر وأحلى من السكر كمان.
تعالت ضحكات هاشم، لتحمله رحمة وتتجه به إلى الحمام الملحق بالغرفة، بينما كانت هناك عينان بخارج الغرفة، ظهر بهما حقد شديد، وقلب يغلى من الغضب قد إستمعت صاحبته إلى حديث رحمة، و الذي يدور عن يحيى وذكرياتها معه، لتقول بغل:
عشتى مع يحيى اللى حلمت أعيشه معاه يارحمة، وحضنه اللى كان ملكك مسيره في يوم هيبقى ملكى أنا، اللى مطمنى إنك لسة مسامحتيهوش وده معناه إنه لسة مقربلكيش،

لتبتسم بسخرية قائلة:.
ومعتقدش هتعيشى لغاية ما تشوفى اليوم اللى هتسامحيه فيه ويقربلك يابنت بهيرة.
لتبتعد عائدة إلى حجرتها تعلو شفتيها إبتسامة شيطانية وهي تنتظر وصول الحاج صالح ورجال عائلة الشناوي، جميعا.
خرج الطبيب من حجرة شروق تصاحبه نهاد التي أغلقت الحجرة خلفها، ثم إلتفتت إليه قائلة:
طمنى يادكتور رأفت، شروق أخبارها إيه؟
تأمل رأفت عسليتيها القلقتين، يود لو قال، صديقتك بخير، أما أنا فلست بخير إطلاقا طالما لم تمنحينى ردا على طلبى الذي أنتظر إجابتك عليه منذ زمن طويل ولن أيأس ولن أتراجع حتى أحصل على ردك بالإيجاب يافاتنتى، شعرت نهاد بالخجل وهي تلاحظ تأمله لملامحها، لتقول بإرتباك:
دكتور رأفت؟
تنهد رأفت وقلبه يقول:
عمر رأفت ونبضه.
ولكن لسانه قال:
مدام شروق بخير يا نهاد، الإغماءة اللى حصلتلها دى طبيعية، نتيجة للحمل، هي بس ضعيفة حبتين ومحتاجة فيتامينات وتاخد بالها من صحتها شوية، أنا كتبتلها على الفيتامينات اللى هتحتاجلها وبإذن الله مع المتابعة هتكون كويسة وزي الفل كمان.
ظهرت إبتسامة على شفتيها خلبت لبه وهي تقول:.
أنا مش عارفة أشكرك إزاي يادكتور، وأنا آسفة يعنى لو تعبتك وخرجتك من عيادتك وانا عارفة أد إيه إنت مشغول.
قال في حنان:
تعبك راحة.
ثم مال قليلا ينظر إلى عمق عينيها قائلا:
بس مش ناوية توافقى على طلبى وتريحى قلبى بقى يانهاد؟
تراجعت نهاد خطوة للخلف وهي تطرق برأسها أرضا تقول بصوت خجول تشوبه بعض المرارة:
أنا قلتلك رأيي قبل كدة يادكتور، ياريت تنسى الموضوع ده خالص وتشوف واحدة تليق بحضرتك، وبعيلتك.
لترفع رأسها تواجه عيناه وهي تستطرد قائلة:
واحدة تشرفك يارأفت.
رقص قلبه طربا رغم مرارة كلماتها، فلأول مرة تنطق بإسمه دون ألقاب، إلى جانب دموع عيونها الحبيسة داخل مقلتيها، واللتان أشعرتاه بأنها تكن له بعض المشاعر، مما زاد الأمل في قلبه بأنها ستوافق، إن أشعرها بأنه حقا يعشقها ولا يهمه كل تلك الأسباب البالية والتي تسيطر على عقلها وتمنعها من أن تحظى بفرصة أخرى في الحياة، فرصة للسعادة، لذا نظر إلى عينيها الجميلتين وهو يقول بحنان:.
إرتباطك بية شرف لية يانهاد، إنتى مكسب لأي عيلة بأدبك وأخلاقك وذوقك وعطفك، إنتى نسيتى ماما كان جرالها إيه بعد وفاة اختى ناهد الله يرحمها وإزاي رجعتيها لنفسها ولحياتها ولينا من تانى، نسيتى بتحبك أد إيه، دى بقت بتعتبرك زي بنتها بالظبط، انتى مش بس أخدتى ملامح من ناهد، إنتى خدتى روحها، وأد ما أهلى كانوا بيحبوا أختى حبوكى انتى كمان، يعنى مستحيل هيعارضوا جوازنا.
سقطت دموعها وهي تقول:.
وأنا كمان بحبهم زي أهلى اللى ماتوا وسابونى لوحدى، بحب حنيتهم وروحهم الطيبة المتواضعة، بس رغم تواضعهم يوم ما هتقولهم إنك عايز تتجوزنى مش هيرضوا، إزاي بس يرضوا لإبنهم الوحيد إنه يتجوز من واحدة زيي بسيطة وعلى أد حالها وكمان، مطلقة؟
كاد رأفت ان يمد يده يمسح دموعها التي تقتله، ولكنه يدرك خجلها الرائع والذي يجذبه بشدة إليها، ويعلم علم اليقين أنها سترفض أن يلمسها، ليقول بحنان:.
هيرضوا لإنهم عارفين إن الفقر مش عيب، هيرضوا لإنهم عارفين إن الجواز قسمة ونصيب وكل واحد بياخد نصيبه، هيرضوا لإنهم بيحبوكى وبيعتبروكى زي بنتهم بالظبط، هيرضوا لإنهم عارفين إنك ملاك برئ تايه في الدنيا ومحتاج أمان، وعارفين برده إن إبنهم هو الوحيد اللى يقدر يحميكى يحافظ عليكى، هيرضوا لإنهم متأكدين إن إبنهم مش بس بيحبك، لأ ده بيموت فيكى كمان.
تأملت عيونه العاشقة بعيون ظهر فيهم عشقه أخيرا، عشقه الذي أخفته بين ضلوعها، خوفا من أن تضعف، وكادت أن تعلنها صريحة، أحبك وسأتزوجك، ولكنها لم تستطع أن تتفوه بتلك الكلمات، فمازالت ترى أن رأفت، هذا الطبيب العظيم سليل تلك العائلة العريقة يستحق أكثر من تلك الممرضة المطلقة والتي دعستها الحياة مرارا وتكرارا، فلم تعد ترى في نفسها سوى حطام إمرأة، لتطرق برأسها قائلة في حزن:.
كلام جميل، بس تطبيقه مستحيل، هنتجوز وتندم بعدين، صدقنى.
قال رأفت:
نهاد أنا مستح…
قاطعته نهاد وهي تنظر إليه مشيرة بيدها إليه بالصمت قائلة:
أرجوك يادكتور، من فضلك نقفل الكلام في الموضوع ده.
تأمل قرنيتها العسليتين الدامعتين وهو يقول بتصميم:
مش هقفل، مستحيل أفقد الأمل، أنا معاكى يانهاد ويا توافقى ياتوافقى، الأيام أدامنا طويلة، وأنا صبرى أطول.
رغما عنها ظللت عيونها إبتسامة فرح لم تظهر على شفتيها ولكنه رآها وإكتفى بها، ولو مؤقتا، ليستطرد قائلا:

مش هتنزلى معايا أوصلك البيت؟
هزت رأسها نفيا قائلة:
مش هروح دلوقتى، شروق زي ما انت شايف تعبانة ومحتاجالى جنبها وخصوصا إن جوزها مسافر وملهاش حد زي حالاتى، هبات معاها.
إبتسم قائلا بعشق:
أنا قلتلك قبل كدة إنى بحبك.
أطرقت برأسها خجلا، ليستطرد قائلا:.
طيب، خلى بالك من نفسك ولو هتباتى بكرة كمان، ياريت تعرفينى، رقمى معاكى، فياريت متبخليش علية بإنى أكون مطمن عليكى يانهاد، لو سمحتى.
رفعت إليه عيونها وهي تهز رأسها موافقة، ليبتسم لها قبل أن يغادر لتغلق الباب خلفه وهي تضع يدها على خافقها تهدئ ضرباته القوية، لتنتفض على صوت شروق وهي تقول:
لما انتى بتحبيه كدة ياهبلة، رفضتيه ليه؟
إلتفتت إليها نهاد وهيتأخذ نفسا عميقا ثم تقول بعتاب:
وقفتى قلبى ياشروق.
ثم تقدمت منها قائلة في قلق:
إنتى قمتى من السرير ليه بس دلوقتى؟إنتى لسة تعبانة.
جلست شروق مكانها وهي تقول لنهاد التي جلست بدورها:
بصراحة كنت خايفة الدكتور يكون مخبى علية حاجة، فقمت عشان أسمعه بيقول إيه،
لتبتسم في مرح قائلة:
لقيت بقى حتة مسلسل تركى إنما إيه، البطل فيه هيمان ع الآخر والبطلة مش عاطياله ريق حلو خالص،
نهرتها نهاد قائلة:
شروق.
قالت شروق:.
بلا شروق بلا نيلة، فيه واحدة تلاقى راجل بيحبها أوي كدة وقابلها بكل كلاكيعها وترفضه وتكسر خاطره بالشكل ده؟
تنهدت نهاد قائلة في حزن:
ماهو مش هينفع ياشروق، انتى مش فاهمة حاجة؟
نظرت إليها شروق قائلة بمرارة:.
لأ أنا أكتر واحدة فاهمة وحاسة بيكى، وحاسة بيه هو كمان، الحب أجمل حاجة في الدنيا، ولما يكون الحب متبادل بين الإتنين، يبقى كدة لقوا جنتهم على الأرض يانهاد، ليه بقى ترفسى جنتك عشان أوهام في دماغك، ليه تخرجى تانى من الجنة يابنت حوا عشان وساوس شيطان ملهاش أي أساس؟، إتمسكى برأفت وعيشى معاه، حبى وإتحبى، إدى نفسك فرصة، الحياة من غير حب مش حياة يا نهاد، ومش كل حد بيحب بيبادله حبيبه مشاعره.
لتسقط دموعها في تلك اللحظة، فتسرع إليها نهاد تأخذها في حضنها قائلة:
طب إهدى ياحبيبتى، إهدى عشان خاطر اللى في بطنك.
قالت شروق بسخرية مريرة من وسط دموعها:
اللى في بطنى، اللى في بطنى غلطة مش ضامنه مراد يتقبلها، ورغم إنى نفسى فيه بس ممكن محتفظش بيه…
أخرجتها نهاد من حضنها وهي تقول بجزع:
إنتى بتقولى إيه يا شروق؟مراد مستحيل يقبل بحاجة زي دى، مستحيل يخليكى تجهضى طفلكم.
مسحت شروق دموعها وهي تقول في مرارة:.
كان ممكن أصدقك لو كان مراد بيحبنى، بس مراد مش بيحبنى يانهاد، مراد بيحب واحدة تانية.
عقدت نهاد حاجبيها قائلة:
إزاي؟، إنتى مش قايلالى إنه مبيحبش بشرى.
قالت شروق بسخرية مريرة:
هو فعلا مبيحبش بشرى، بس بيحب رحمة، مرات يحيى، أخوه الكبير.
إتسعت عينا نهاد بصدمة وهي تقول:
إنتى بتقولى إيه؟
تنهدت شروق قائلة:
هحكيلك يا نهاد، لإنى تعبت، تعبت ومش لاقية حد أفضفضله غيرك.
قالت نهاد بشفقة:.
طيب، إحكيلى ياشروق، إحكيلى ياصاحبتى.
لتسرد لها شروق ما إكتشفته اخيرا من مشاعر زوجها التي أخفاها داخل قلبه طويلا والتي جعلت من أملها في عشق زوجها، أملا مستحيلا.

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية الثلاثة يحبونها)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى