رواية الأربعيني الأعزب الفصل الثالث 3 بقلم آية محمد رفعت (ملكة الإبداع)
رواية الأربعيني الأعزب الجزء الثالث
رواية الأربعيني الأعزب البارت الثالث
رواية الأربعيني الأعزب الحلقة الثالثة
ستحوذت الصدمة عليهما، فلأول مرة منذ سنوات يصطحب “عاصي سويلم” فتاة معه، كانت “هند” الامرأة الاولى والوحيدة بحياته، وكلما حاولت شقيقته “إيمان” أن تجد له عروس مناسبة اليه، ولكنه رفض في كل مرة أتت له بفتاة مختلفة، وأخبرها بأنه لا يفكر بالارتباط بعد موت خطيبته وحبيبته “هند”، وهي الآن تراه يقف أمامها وبصحبته فتاة جميلة للغاية، تجاهل”عاصي” السؤال المطروح، فعادت شقيقته لتسأله من جديدٍ:
_من تلك الفتاة “عاصي”؟
ابتسمت وهي تقترب منها، لتجيبها بابتسامةٍ عذباء:
_أنا”لوجين” ، وأنتي ما اسمك؟
انتقلت نظراتها المتعجبة تجاهه، ومن ثم أشارت له هامسة:
_أخبرني “عاصي” ..
جذبهما برفقٍ للغرفة القريبة منه، ثم أغلق بابها ليلتفت اليهما ومن ثم قص على مسماعهما ما حدث، فقال “عمر” بصدمةٍ:
_دعني استعب ما قلته لتو… أيعني ذلك ان تلك الفتاة بالخارج هي خطيبة قاسم خلدون والذي من المفترض ان تتم صفقة بينكما في نفس يوم خطبتهما، فخطفتها أنت لأنها لم ترد الزواج منه!…. بربك يا رجل مع من تورطت!
ابتسمت “إيمان” لتقطع حديث زوجها بحماسٍ:
_دعك من هذا يا “عمر”، كل قصص العشق والغرام تبدأ بمثل تلك الاحداث، أنا الآن متفائلة بأن تلك الفتاة ستفعل ما حجزن نحن عن فعله..
استدار تجاهها”عاصم” ثم صاح بها بانفعالٍ:
_هدئي من روعك “إيمان” لن يحدث ما تتمنيه أبداً، اخبرتك مراراً بأن قلبي مات باللحظة التي رحلت بها “هند”..
ثم تركها وخرج من الغرفة ليجلس على الاريكة مقابل”لوجين” التي تنتظرهما بالخارج، فما ان جلس جوارها حتى قالت بخجلٍ:
_أتمنى أن لا أكون تسببت لك بالحرج مع عائلتك سيد “عاصي”..
لمس بحديثها خجل مخفى، وها قد استكشف بها جانب جديد جوار مشاكستها وجرائتها التي أثارت اعجابه، لم ينكر بأن تلك الفتاة بها شيئاً يثير اعجابه، ولكنه علل لذاته بأنه لم يتخلى عن أحداً قط حتى يتخلى عنها وهي بحاجة لمساعدته، فقال بصوته الرخيم:
_لا أبداً… شقيقتي كانت تود الاطمئنان علي فحسب..
قاطع “عمر” الهمس المتلهف بينهما، حينما قال بترددٍ:
_تفضلا بالداخل…
لم يفهم “عاصي” لماذا يريد منه الدخول، فغمز بعينيه وهو يخفض من صوته خشية من أن تستمع له زوجته:
_المفاجأة التي أخبرتك عنها يا رجل ما بك؟
ابتسامة شبه ساخرة رسمت على محياه، بينما نهضت “لوجين” عن مقعدها وهي تشير اليه بحماسٍ:
_أي مفاجأة هذة… هيا أخبرني..
أشار لها بأن تتبعه، فأتبعته للداخل ومن خلفهما “عاصي”، فوجد شقيقته قد زُينت الغرفة بأكملها بالبلالين الحمراء، والشموع، ووضعت طاولة كبيرة بمنتصف الطاولة، تحوى قالب عملاق من الكيك المغرق بالشوكولا الشهية، وكتبت على سطحها بالكريمةٍ
“عيد ميلاد سعيد عاصي”…
تطلع تجاهها وهو يمنحها ابتسامة حنونة، فلم يعد يملك بهذا العالم سواها هي وصديقه الوحيد، لا يعلم ماذا كان سيفعل بدونهما!
ساد الصمت بينهما حتى طوت صفحته صفقات تلك الفتاة واتبعها صياحها:
_أعتقد أنني هنا بالوقت الصائب، هيا فلنقطع الكعك..
ابتسمت لها “إيمان” ثم قالت:
_فلنحضر السكين والأطباق اذن..
أومأت برأسها ومن ثم اتبعتها للمطبخ ومازالت نظرات “عاصي” المندهشة من تلك الفتاة التي سرعان ما تتأقلم مع الأغراب تتابعهن حتى خرجن من الغرفة، أسرع “عمر” تجاهه ثم جذبه على الأريكةٍ ليردف بشكٍ:
_هيا اخبرني الحقيقة والا أستدعيتك بعيادتي الخاصة لقولها… من تلك الفتاة؟
أبعده “عاصي” عنه ثم قال بسخريةٍ:
_اتظن بأن حيلتك الساذجة تلك، ستجدي نفعاً معي مثلما تفعل مع المرضى المختلين!
رد عليه بضيقٍ:
_وظيفتي تحتمني على النبش داخل ماضيهم وحاضرهم فأنا دكتور بنهاية الامر يا صاح!
دفعه بشراسةٍ قبل أن يجيبه:
_حسناً فلتمارس تلك المهنة بعيداً عني والا سأقتلع عنقك..
ابتعد عنه ببعض الخوف:
_إهدأ.. كان مجرد نقاش عادياً لماذا انزعجت هكذا!
استقام “عاصي” بجلسته ثم عدل من قميصه، لينتبه كلاً منهما لصوت الضحكات المرتفع الذي يقترب، حتى بات بالغرفة نفسها، فما كانت سوى ضحكات “إيمان” و”لوجين”المرحة بعدها تعرفت كلا منهن على الاخرى، فكونت صداقة سريعة بوقتٍ لم يستغرق الثلاث دقائق!
ناولت “إيمان” زوجها السكين، قائلة:
_هيا “عمر” فلتقطع الكعك..
جذبت منها لوجين السكين سريعاً ثم قالت بدهشةٍ:
_مهلاً… مهلاً.. سنقطع الكعك بتلك السرعة!
تساءل “عاصي” باستهزاءٍ:
_وماذا يفترض بنا أن نفعل؟
دارت حول الطاولة وهي تدندن بدلالٍ:
_happy birthday عاصي….
دارت عدة مرات وهي تغني بصوتها العذب، لتتوقف بعد فترة قصيرة لتشير لعاصي الذي يرمقها بنظراتٍ حادة:
_هيا إقترب لتطفئ الشمع..
انتقلت نظراته تجاه اخته وزوجها فوجدهما يتطلعوا لبعضها البعض وفمها يكاد يصل للارض من شدة الصدمة، فكان عمر اول من تماسك ليعود لثباته، فدفع “عاصي” برفقٍ وهو يخبره مازحاً:
_ماذا نتتظر؟ هيا أطفئ الشمع!
تحولت نظراته القاتمة تجاهه، فبعد يديه عنه وهو يردد بخوفٍ:
_أعتذر عن ذلك.. افعل ما تريد..
راقبت “لوجين” ما يحدث بينهما ثم تساءلت باستغرابٍ:
_ماذا هناك؟ كل شيئاً على ما يرام أليس كذلك؟
جذب “عاصي” السكين منها ثم قطع الكعك، ليضعه بالاطباق، ثم ناول “عمر” احداهما وهو يردد بغيظٍ:
_اجلس جانباً ثم تناول الكعك..
كان انذار صريح اليه، بان يكف عن الحديث، فجذب زوجته ثم جلس جانباً، أما “لوجين” فجلست على المقعد تتناول ما قدمه لها بشراهةٍ، وخاصة الشوكولا، خرج “عاصي” للشرفة ليضع طبقه جانباً والحزن يسيطر على معالمه، مازال يتذكر وجودها لجواره بمثل هذا اليوم الذي بات أتعس يوماً بالنسبة إليه، كل مناسبة تخصه باتت نقمة عليه بدونها، لا يعلم كم ظل على هذا الحال، ساعة ام ساعتين قضاهما وهو يتطلع للنيل بشرودٍ، أفاق من غفلته حينما وجد اخته تقترب منه بحزنٍ اتبع لهجتها:
_ما بك “عاصي”؟ أمازلت لا تستطيع نسيانها!
نظراته الضائعة اليها كانت بمثابةٍ اجابة صريحة لها، فربتت على يديه الممدودة على السور بحنانٍ:
_حاول أن تنسى ذكرياتها المؤلمة، عشر سنوات ومازلت كم أنت وكأنها توفت بالأمس… العمر يمضي فمتى ستحتفظ ببعض الذكريات لنفسك “عاصي”!
زفر ليخرج العالق برئتيه ومن ثم قال:
_لا أريد الحديث عن ما مضى”إيمان”..
وتركها وولج للداخل فوقف مشدوهاً حينما رآها غفلت محلها كالطفلة الصغيرة التي اتبعت ابيها لمشوارٍ هام ثم غلبها النوم، حك طرف انفه وهو يردد باستياءٍ:
_لا أصدق!
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية الأربعيني الأعزب)