روايات

رواية اصفاد مخملية الفصل الثاني 2 بقلم شيماء الجندي

موقع كتابك في سطور

رواية اصفاد مخملية الفصل الثاني 2 بقلم شيماء الجندي

رواية اصفاد مخملية الجزء الثاني

رواية اصفاد مخملية البارت الثاني

اصفاد مخملية
اصفاد مخملية

رواية اصفاد مخملية الحلقة الثانية

هل سمع أحدكم يوماً عن استغلال البراءة ؟! هل رأى أحدكم يوماً ما رجل يعشق إلى درجه الجنون ؟! هكذا فعل و يفعل سليل البراري الماكر !!

راقب ملامحها الجميلة أثناء غفوتها بجانبه داخل الملحق الخاص بهم بالقصر حيث رفض أن يعود إلى جناحه أو جناحها و بعد إتفاق مع ابن العم أثناء تواجدهم بالمشفى كان قد أنهى له جميع التجديدات لم تُبدِ جميلته اعتراض حول تواجدها معه بشكل منفرد لقد كان شعورها بالذنب حيال ما تسببت به له يطغى على جميع تصرفاتها حيث رفضت تركه وحيداً بالمشفى بل قررت الإقامه معه إلى أن تعود له عافيته فضلت أن تتخذ الأريكة مضجع لها و أن تُشرف على نظام علاجه بنفسها على أن تعود مع أخيها إلى القصر بتلك الفترة …

قرر أبناء العم إقامه حفل صغير كانت مبادرة من شقيقها الحبيب إحتفالاً بسلامتهم معاً و كان ذلك أقصى ما يمكنه فعله حيث استمر على معاملته الجافة بعض الشيئ لزوجها و لم تتطلع “أسيف” إلى معاهدة صُلح بتلك الفترة بينهم بل إكتفت بتقبل أخيها تواجدها معه حتى و إن كانت زيارته لا تعد ولا تُحصى لهم ، لم يحاول “فهد” إثارة الجدل كثيراً حيث لم يُلمح إلى عدم ثقته به و كثره زياراته لهم بالرغم أنه لم يبتعد عن القصر لأجل راحة الجميع حيث قرر أن ينفرد بها و بذات الوقت ألا يفصلها عن أخيها بالوقت الحالى هى تحاول من أجل سلامته حتى و إن كانت لا تُصارحه بمشاعرها و لا تُظهر له سوى شعورها بالذنب و عليه هو أيضاً المحاولة لأجلها !

أطلق تنهيدة حارة ثم طفت ابتسامة صغيرة فوق ثغره حين تذكر محاولاتها بتجنبه و التى كانت تبوء بالفشل بفضله حيث استغل مرضه أفضل استغلال بالعبث معها و تعمد التقرب منها بجميع الوسائل الممكنة …

اتسعت ابتسامته تدريجياً حيث لاحت له هيئتها فائقة البهاء حين تتوتر من أفعاله أو همساته اللطيفه لها أغمض عينيه و دس جسدها بأحضانه و هو يتذكر كيف وصلت إلى فراشه دون عناء يذكر بعد إصرار بالغ منها بالنوم بغرفة منفصلة عنه حيث أنها لم تستجمع شتات أمرها معه إلى الآن و هو لم يمارس ضغطه عليها بل تركها و هو على يقين أنها لن تحقق أياً مما رغبت طالما هو بذلك القرب منها !

Flash Back

وقف يستند إلى الحائط بجانبه حتى لا يفقد توازنه و يسقط إذ أنه إلى الآن لا يمكنه السير دون تلك العصا السخيفة بعينيه لكنها تنفعه كثيراً فى حالات مشاكسته لها و إدعاء سقوطها بالخطأ مثل الآن تماماً ألقى العصا أرضاً لتصدر صوت واضح لكن صوت صرخته التى أطلقها و هو يلقى بثقله إلى الحائط بجانبه كانت أقوى من أى شيئ سوف تدلف إليه الآن بحالتها البريئة المذعورة لأجله تلك هى أحب الأوقات إلى قلبه حين يرى ذاك القلق لأجله بمُقلتيها حين يشعر بتلك البراءة النادرة اعتدل حين وصل إلى مسامعه صرختها تهتف بإسمه و كادت تفلت تلك البسمة اللعوب من ثغره :

– فهد !!!

حدق بها بأعين متسعه حين وجد يد صلبه امتدت إلى كتفه و صوت أخيها الماثل أمامه يكاد يصم أذنه قائلاً بلطف :

– إيه يافهد حكايه عدم التوازن ده و أعصابك مالها يابنى !

صدمة واضحه على ملامحه قابلها “تيم” بنصف ابتسامة عابثة ليرمقه “فهد” بنظرة غاضبة حين ترآى له مدى إدراك أخيها لعبته لكنه ماكر بطبعه حيث ابتسم له بتحدٍ خفيف ثم لوى ساقه على حين غرة و هو يلتقط العكاز من زوجته لتتشبث “أسيف” بذراعه و هى تشهق برعب أحاط خصرها أمام أعين أخيها المشتعلة و دسها بأحضانه يقول بنبرته الهادئة :

– أنا تمام ياحبيبتى ده غالباً لما وقفت فترة هاتى العكاز و أنا هرجع لوحدى عشان اتعود ..

تركته بتردد و هى تحدق بساقه ثم ناولته إياه و وقفت تراقب حركته فى حين جذبها “تيم” إلى أحضانه حتى يتثنى له توديعها و الإنصراف إلى عمله و هو يقول بصوت واضح يصل إلى زوجها الذى وصل لتوه إلى الفراش :

– هو مش هتتخلص من العكاز الأسبوع ده برضه ؟!

ابتسم بتسلية واضحة حين شعر بالامتعاض من نبره ابن العم الغاضب الغيور للغاية على تلك الملاك لكنه محق بل كل الحق معه إنها بريئته جميلته ذات المعجزات تمتلك سحر خاص بها وحدها تروض به القلوب و تجعلها قابعة بأحضانها برضا تام !

استمع إلى ردها اللطيف و وداعها الأشد لطافة نحو شقيقها !! يوماً بعد يوم تُلهبه بعشقها ، ليست أول مرة يحقد بها على احتضانها الودى الأخوي له لماذا لا ينعم هو بتلك الأحضان وحده ! بلا منازع ! لكنه سوف ينفذ تلك الأمنية قريباً ! و تحديداً الليلة !!

انتظر لحظات ليجذب هاتفه من فوق الطاولة و يهاتف ابن عمه ابتسم حين أتاه صوته المتذمر الناعس :

– ياأخى بقا اقتل نفسى عشان أريحك أنت مش خدت الملاك و هربت على عش حبكم عاوز من أهلى إيه ارحم اللى خلفونى !!

حدثه “نائل” و هو يغمض عينيه بتأفف واضح لكن اجابه ابن العم جعلته ينتفض و هو ينصت إليه حيث تشدق “فهد” بهدوء :

– اهاا يعنى أفهم من كلامك إنك عاوزنى متواصلش معاك و ابلغك إن روان جايه كمان شويه تفطر هنا !

كتم “فهد” ضحكته و هو يستمع إليه بتسلية حيث قال مسرعاً :

– حبيب قلبى يافهد باشا هوا هكون عندك اطمن على صحتك برضه صباحك فل ياابن عمى ..

عقد حاجبيه حين قال “فهد” بخفوت :

– لا ياحبيبى مش هدخلك هنا إلا بشرط !

صاح “نائل” بتذمر و هو يخرج من فراشه :

– أنت مش بتعمل حاجه لوجه الله ابدااااا ؟!!!

أجابه ببرود واضح :

– بعمل بس اكيد مش معاك أنت انجز و تعلالى عشان افهمك عاوز ايه عشان أنت بتاخد وقت فى الفهم ..

أغلق بوجهه فور أن أنهى كلماته و توبيخه له مما دفع “نائل” إلى إلقاء هاتفه وهو يتجه إلى المرحاض متشدقاً بغضب :

– إنسان مشفش ربايه صحيح ما أنا لو كان اسمى أسيف مكنش عمل فيا كداا ، منك لله يااستغلالى ..

أغلق “فهد” المكالمة يسند ظهره إلى الوسائد خلفه يراقب عودتها إليه بابتسامة صغيرة لتتأكد من تناوله الدواء لكنه لوى ثغره بمكر يقول بملامح حزينة :

– أسيف أنا ضهرى بدأ يوجعنى جدااا .. تفتكرى الجرح اللى فى كتفى اتفتح !

رفعت رأسها برعب و أعين متسعة تقول بخوف :

– اتفتح إزاي يافهد الدكتور قال إنه بدأ يلم و أنت معملتش أى حركه زياده !

مط شفتيه و هز رأسه بلا مبالاة ثم قال بهدوء :

– خلاص يبقى أنا بيتهيألى !

نظرت إليه بصمت لحظات و كادت أن تلوذ بالفرار من عينيه و نظراته الشغوف للغاية لكنها اعتدلت مره أخرى تعض على شفتها السفلية بخجل تقول بوجه متورد :

– طيب ترفع التيشيرت ابص عليه عشان نطمن !

أخفى تلك البسمة التى تحاول التمرد و الطغيان على ملامحه الرجولية الحزينة و قال بعبث طفيف لم تلحظه :

– لا خلاص أنتِ عارفه مش بعرف ارفعه لوحدى لما يجى نائل بقا الوجع يحتمل متخافيش .. !

عادت إليه تهمس بتوتر و حزن :

– لا أوعى ارفعه و اتطمن .. و اطمنك عشان متقعدش قلقان كدا !

عقد حاجبيه يردف بهدوء تام :

– لا لا أنا مش هقدر اتحرك كمان و اطلع لقدام أكتر من كدا !

نظرت إلى الوسائد خلفه ثم تنهدت تقول بتشتت و ذلك الإحمرار ينتشر برقة فوق وجنتيها شيئاً فشيئ مما جعل أنظاره تتوقف على ملامحها البريئة و أذنيه تستمع إلى ألحان صوتها العذب الرقيق حيث تهتف :

– طيب يعنى أنا ممكن أحاول أشوفه منغير ما تتحرك !

صعدت فوق الفراش حيث أقلقها حديثه و ملامحه المُتألمة الجادة للغاية تلمست كتفه المصاب فى حين ترفع بيدها الأخرى الوسادة من خلفه لتحل محلها بجسدها الصغير لتُصبح شبه ملتصقه به جذبها من ذراعها نحوه بشكل فجائى لتشهق بعنف حين قيدها بأحضانه يميل بها فوق الفراش و جثم فوقها بجسده و ابتسامة عابثة تزين ثغره و يده الحرة تسير على ملامحها البريئة المذعورة من فعلته لكن اتضح الفخ الذى أوقعت حالها به حين هبط بشفتيه يقبل وجنتها و يلفح وجهها بأنفاسه المُلهبه يهمس لها و هو يهبط بقبلاته إلى أذنها :

– كان فى موضوع مهم بينا نسينا نقفله أول ما فوقت قولتى جمله واحده و من وقتها بتهربي !!

مرمغ أنفه بخصلاتها ثم مرة أخرى إلى نحرها يتلمسه بإبهامه و من الجهة الأخرى بشفتيه و يستنشق عبير جلدها الناعم ، طاح صوابها و عضت على شفتيها بخجل تحاول الإنسحاب بجسدها الصغير من بين براثنه المُهلكة !

زحفت تلك البسمة العابثة إلى ثغره و وضع قبلة صغيرة أعلى وريدها النابض بالحياة له !

شعر بتلك الحركة الخفيفه منها و صدرها يعلو يلتصق بصدره و يهبط بسرعه البرق ، تكاد تلتهم شفتيها من فرط التوتر و الخجل تناول يديها يضمها معاً فوق صدره و هو يحاول التغلب على تلك الأوجاع الخفيفه بعظامه استمع إلى وتيره تنفسها التى تضطرب و تعاود بمحاولة فاشلة منها بالانتظام ، شعور من التخبط و التشتت يدنو منها كلما حاصرها ذاك الرجل لا زالت إلى الآن تخشى أن يسلبها إرادتها كما سلبها قلبها ، تخشى أن تكُن تلك المشاعر مجرد شفقه لما حدث له لأجل حمايتها ، حماية عِرضه لقد كاد يلفظ أنفاسه لأجلها ، لكنها أيضاً معه بإرادتها ! لقد سحرها ! لقد ابتعدت عن الجميع و تطلعت إلي الإستقرار جواره بل بكل وضوح بأحضانه الماكرة الدافئة هو نبيهاً بما يكفى ليُدرك مدى توترها داخل تلك الأحضان المُلهبة كما يدركه الآن و يستغله كعادته !!

أذنت لعينيها البريئة باقتحام ملامح ذاك الفهد إذ بها لأول مرة تتمهل بالنظر إليه عن قرب هكذا تتفقد تلك الملامح التى خبأت تشتت و ضياع بالغ ، كيف لها ألا تُدرك أنه يحتاج إلى دعم من حوله !

و صلابة روحى و بأسها ما هما إلا غطاء يستر عُري ندباتي ، صراع حاد ينشب فيما بين جنبات صدرى لم أتمكن يوماً من الصراخ به و حقيقه الأمر أن صمتى ليس عجزاً عن العويل ، إنما هى رغبة .. رغبة التفرد بأوجاعي حيث أدركت منذ نعومة أظافري أننى إن كشفت عنها لم و لن أنَل سوى الخيبات و أنا لا أشتهي صفعات القدر ! ألتزم صمتى لأصُن روح تكاد تغرق بين أمواج الإرهاق !!

قطع استرسال تأملها حين وقعت عينيها على ابتسامته العابثة المُغرية مال على أذنها ليبثها أنفاسه المُلهبة الحارقة لعُذرية روحها البريئة أغمضت عينيها بسلام بعد أن خفقت بالسيطرة على ارتعاشه بدنها و شفتيها و قد أقرت بالواقع هى هاالكة !! هالكة لا محاله بين أنياب عشق يقرع أبواب قلبها لتتراقص روحها الجميلة على أوتار من صُنع فهد لم ينجح بترويضه سوى ملاك رفرف بأجنحته حول روحه المُنهكة بلا كلل أو ملل !

عضت على شفتيها بقوة و هى تشعر به يفترسها بقبلاته الناعمة بالغة الشغف لم يُخيل لها يوماً أنها سوف تمتن لأحضانه هكذا ! هربت الدماء إلى وجهها و قد بدأت تفيق و تُدرك وضعها حين طرقت الخادمة فوق الباب تقول بهدوء :

– Madam ! .. Mr. Nael waiting ..

” مدام .. مستر نائل ينتظر”

تأفف بضجر واضح و لعن داخله و هو يعتدل ببطء شديد لينعم بدقيقة إضافية داخل تلك الأحضان الناعمة المُهلكة دون إزعاج ، عاونته برقتها المعهوده ليعود إلى مضجعه مره أخرى و قد سرق الماكر الأحرف الأبجدية منها إذ أنها عجزت عن الرد على الخادمة و تركته يتشدق بصوته القوي الجهوري :

-ok , maria

” تمام يا ماريا “

لم تتركها مقلتيه الحائرة حيث راقبها و هى تُعيد ضبط وضعيه كنزتها بأصابعها المرتعشة ، و تحاول تنظيم أنفاسها قبل أن تتجه إلى الباب لتغادره و قد تمكنت من الفرار بروحه و نبضاته العاشقه لطيف تلك الجميلة ذات الهالة الملائكية !!

دلف ابن العم تصحبه بسمه عابثة يرمقه بها ثم غمز لذاك الفهد المتربص يكاد ينقض عليه .. ارتفعت ضحكات “نائل” و اتجه يجاوره فوق الفراش يردف بتشفٍ :

– شكلي أخدت مكان تيم في قطع اللحظات دي بس احسننن عشان تبقي تصحيني تانى ..

رمقه “فهد” باشمئزاز و أردف باستنكار :

– جتك داهيه أنت و هو انتوا متسلطين علياا أنا متأكد !! اتنيل ركز معايا و نفذ بالحرف فااهم ..

اعتدل الآخر بجلسته يرمق ذاك الماكر الذي يبرز جانب الدعم له بسخاء منذ أخبره بغضب تلك الروان الجميلة منه حيث هجرته منذ أيام ساخطة لعبثه معها بالحديث عن صديقاته العابثات مثله ، و رفضها الاجتماع معه بمكانٍ واحد لم يلحظ أحد ذلك سوى ذاك الفهد الذي سأل باهتمام عما يؤرق تلك العلاقة اللطيفة بنظره و أخبره ابن العم بفشله الواضح و الصريح بالتعامل مع تلك الفصيلة المشاكسة من جنس حواء ..

انصت إليه باهتمام و هو يُملى عليه الكلمات التي تضعه على بداية طريق مُلبد بالعشق لتلك الفاتنة المشاكسة ابتسم حين راقت له تلك الخدعة الصغيرة بالرغم من مقته لمكر ذاك الفهد لكنه على يقين أن له عقل بارع يُبهره دوماً ..

– هاا يانائل فهمت هتقول ايه ؟!

هكذا أخرجه “فهد” من جعبه أفكاره المشتتة ليعقد حاجبيه و يردف بإندهاش :

– طيب حلو أنت بقا هتستفاد إيه لما فرح و روان يباتوا هنا ! يعني أنا هاخد فرصه مع روان لكن أنت فايدتك أي انت مش وش عمل حاجه لوجه الله ابداا ..

ابتسم بتسلية و أسند رأسه إلى ظهر الفراش ثم أردف بهدوء :

– أنا غلطان إني عاوز أساعدك .. هتبعت الرسالة و لا تغور من وشي أنا ورايا شغل ..

رمقه بإشمئزاز ثم أمسك هاتفه و بدأ بكتابه ما يمليه عليه الماكر و أرسل الرسالة أمام أنظاره المتربصة …

لم تمر ساعة واحدة و كانت الفتاتين لدى صديقتهم دون الإعلان عن سبب الزيارة و قرار المبيت لديها كما أمرهم “نائل” أو بمعنى أدق الفهد العابث !

كما أراد انقلبت الأوضاع و تركت الغرفة الخاصة بها لهن بعد أن إنصاع “نائل” لإبن العم و قام بشغل الغرف الأخرى لتكُن غرفته خير مستودع لروحها و أحضانه خير مستقر لها !!

Back

مال عليها يضع القُبله الألف بعد المائة فوق جبهتها يراقبها أثناء استقرارها بأحضانه رأسها تتوسد صدره تحديداً فوق موضع تلك الطبول التي لم تتوقف عن الضجيج منذ إحتل خدها الندي تلك المساحة الصغيرة من جزعه العلوي ، تنهد بحزن عليه أن يُنهي تلك المتعة الآن لقد أوشكت على الاستيقاظ حين بدأت الشمس تتسلل داخل الغرفة لتسرقها من أحضانه حيث أنه ترك لها الفراش أمس ليحل تلك الأزمة الغير متوقعة حيث نطق بضع الكلمات حين راقب ذاك التوتر فوق ملامحها :

– أسيف مينفعش تنامي برا و لا مع صحباتك بس أنا مش هجبرك علي حاجه شوفي حابه إيه ولو قررتي تقعدي هنا أوعدك هسيب السرير ليكِ عشان ترتاحي أكتر …

تركها وتظاهر بالإنشغال بجهازه اللوحي و هو علي يقين أن ذاك القلق داخلها ماهو إلا توتر صبية سرق براءتها يوماً ما و كان هو قبطان رحلتها ببحور الشك و الرعب لكنها أذهلته حين ألقت تعوذيتها فوق أمواج غضبه الهائجة لتهدأ فجأة عن ثورتها و تُجبره بالتراجع تاركاً لها ذراع الدفه لتشق بحر العشق به فور أن قيدته بأصفاد مخملية من البراءة و النقاء ، لكن ما أثار دهشته أن تلك الظلمات التي كان يُبحر داخلها منذ أعوام على أمل برؤية أضواء الشمس الساطعة قد اندثرت خجلاً من تلك الجميلة منذ أن تولت عرش قلبه تُدير دفه السفينه بمهارة قد وُلدت بها و كأنها إحدي حوريات تلك البحور حيث بدت على علم و معرفة بجميع جُزر قلبه الغارق بأعماق عشقها …

الآن قد غادر الفراش و استلقى فوق الأريكة مبتسماً يضع ساعده فوق وجهه يستنشق تلك الرائحة العبقة خاصتها حيث تشبثت رائحة جلدها به ترفض أن تتركه و شأنه و كأنها أقسمت أن تُذيقه حلاوة قربها و مرار هجرها قلبه الشريد !!

بدأ النور يتسرب إلى عينيها بخفة لص ماهر استطاع أن يسرقها من أحلامها الوردية النفيسة التي هجرتها منذ عام تقريباً لكنها عادت إليها تغزو نومها الهادئ عوضاً عن تلك الكوابيس المؤلمة التي كانت تتغذي علي روحها الجميلة !

استقامت فجأة حين تسرب إلي أنفها رائحته الخاصة حيث أنار عقلها لوهلة أنها بأرض الواقع و ليكُن الأمر أكثر دقة هى داخل أرضه هو تحديداً تشاطره غرفته منذ ليلة أمس ، اعتدلت تنظر حولها و قد ارتفع صخب ضربات قلبها حين ظنته نكث عهده معها ! لكنها هدأت و ارتخت ملامحها حين وجدته يغط بنومه فوق الأريكة ابتسامة صغيرة شقت ثغرها و هى تتأمل نومته التي قد تُسبب له أرق لكن ما بيدها حيلة تلك الحدود أفضل كثيراً لكليهما ، هى لم تحدد شكل علاقتها به إلى الآن ! لا تعلم إن كان ذاك الطريق الذي تسلكه هو الصواب أم أنها تضل الطريق مرة أخري بجانبه ! كل يوم بتلك الحيرة حيث أصبح الفهد أشد المخلوقات وداعه معها هى فقط !

لم ترّه بأنيابه الشرسه إلا بفترة عمله الصغيرة من حين لآخر و بمجرد رؤيتها يتحول فجأة لاحظ ذلك الجميع حتي أن ابن العم المرح بدأ باستغلالها و استخدامها كوسيط بجميع أموره مع فهدها الوديع !

ضحكة قصيرة كادت تخرج منها لكنها عضت علي شفتيها بتوتر بالرغم من جميع ما يُظهره من خصال حسنة إلا أنها تشعر ببعض الارتياب حيث تلك العلاقة يشوبها أوجاع الماضى و قلق الحاضر و غموض المستقبل ، كأغلب العلاقات ، لكنها تخشى أن تهبه روحها الملوثة بما اقترفته يداه فيما مضى ! لن تنكر أنها أحبت الإستقرار معه بذاك المكان المنعزل عن القصر ، و أنها تنام بطمأنينة بالغة بالرغم من علمها أنها معه بمفردها ! لكنها لا تخشاه منذ أن رأت بمقلتيها ما يفعله لأجلها و لمست بيديها دماء تضحيته !

أطلقت تنهيدة صغيرة و هى تغادر الفراش بخفة و تتجه نحوه تتفقده عن قرب حيث لم يبدُ على ملامحه تذمر من تلك النومه حيث تكاد تُهشم عظامه التى لم يتثنَ لها التعافي التام بعد !

اقتربت منه للغاية ثم جلست على طرف المنضدة الزجاجية بخفة تطالع ملامحه الساكنة بهدوء للحظات حيث عصفت بها الأفكار حين وجدته بتلك الوداعة و الاستسلام التام هكذا قرر أن يزيل الماضي ! بوداعة فهد لازالت روحها تحمل آثار أنيابه و مخالبه ! لكنه طفل ، حقاً طفل ! لقد أثبت ذلك حين وجدت حيرته بأمور بسيطة في الحياة و ارتباكه بعض الشيء حين أتى الأصدقاء للزيارات المزيفة بتلك الأوقات و أجمل الأمنيات بالشفاء العاجل له تتذكر حينها توتره الطفيف الذي كان يتوارى خلف ملامحه الجامدة حيث بدا كالطفل ينظر إلى أمه أثناء الحديث الخفيف خشية أن يُخطئ بكلمة ، لقد كان يسرق قلبها بتلك اللحظات حيث كانت تجاوره شبه ملاصقة له تدعمه بحركة يديها فوق يده و إكمال الأحاديث معه إن استاء من الحوار ! أو عجز عن التعامل بتلك الأوساط أبلغتها العمة أن أبيه قد رفض الإتيان بمربية إليه قد بدا ناضجاً للغاية ! لم يدرك أن ذاك النضج ما هو إلا سِتار تخفي وراءه طفله الصغير !

مالت بجسدها تضع يدها بتردد فوق خصلاته كانت تخشى أن تكُن علاقتها به مجرد شفقه ، لكنها أدركت أنها ليست هكذا حيث أن ذاك الحادث قد شتت جميع الأفكار السيئة عنه لكن كما يقال الإنطباع الأول يدوم إلى حين إشعار آخر !

ارتسمت ابتسامتها الجميلة و نظرت إلى تلك المسافة الصغيرة بجانبه فوق الأريكة لحظات قبل أن تُبدل جلستها و تتخذ تلك المسافة مستقر لها و هى تميل عليه تُقبل خصلاته الأمامية بلطف عبثت أنفاسه المضطربة بعنقها و لم يخفِ دهشته حيث نظر إليها بأعين متسعة من رغبتها بذاك التقارب فيما بينهم توترت حين وجدته يحملق بها بنظرات ثابتة تفوح منها رائحة عشقه لتلك الفعلة البسيطة استطاعت أن تقرأ امتنانه من فعلتها لم تبتعد و لم يُجبرها أكثر من ذلك هو يريد ما بداخلها و ليس ما يأخذه هو بطرقه الملتوية !

رمشت عدة مرات ثم رفعت أناملها تخفي خصلاتها المبعثرة خلف أذنها و هى تقف مندهشه من عدم محاولته منعها كعادته !

وقفت تطالعه بتشتت ثم ألقت تحية صباحية خافتة بصوتها المتحشرج :

– صباح الخير !

أشرق وجهه بابتسامة أقرب إلي عدم التصديق ثم تشدق و لازالت حروفه تحمل أثر أنفاسه المضطربة :

-صباحي أنتِ !

اتسعت حدقتيها باندهاش من رده المباغت المبهم بعض الشيء ثم اتسعت ابتسامتها بتعجب تتابعه و هو يحاول الإعتدال و الجلوس قائلاً بابتسامة تُزين ثغره الحاد :

– ماهو مفيش خير ممكن يحصلي أكبر من اللي أنا فيه دلوقت !

يمدحها بأسلوبه المتميز ، لن تُنكر الآن أنها تحب أسلوبه الماكر بالحديث حيث يفعل بها العجائب ببضع كلمات مختلفة ! يعرف تمام المعرفة كيف يداعب أوتار قلبها الصغير بمشاعر صادقه لم تتخيل أن ترَه يوماً بتلك الحالة !

لازالت دهشتها واضحة على قسمات وجهها من تركه إياها لكنها فضلت الإنسحاب بابتسامتها المشرقة و هى تهمس برقتها المعهودة :

– هروح أخد شاور !

ثم تركته و انصرفت مسرعة حيث غرفتها الخاصة !

فور أن أغلقت الباب تنفس بإرهاق و وضع يده أعلى صدره يجز علي أسنانه قائلاً :

– هتعملي فيا إيه أكتر من كدا !

عاد بظهره إلي الخلف يستند إلي ظهر الأريكة مبتسماً يستعيد فعلتها العفويه بعقله و هو يهمس :

– كدا أحسن خليني أشوف شيفاني إزاي ياأسيف معنديش استعداد اظلمك تاني و أجبرك أكتر من كدا !!

أغمض عينيه لحظات ثم غفا من فرط الإرهاق و ملامحه لازالت متأثره بسهر ليلته الكاملة جوارها !!

-***-

أنهى “تيم” إرتداء ملابسه بوقت قياسي حيث بدا متعجلاً و هو يسير بالردهة إلي حد الإصطدام بعمته صاحت “سمر” برعب حين كانت على وشك الإنقلاب فوق الدرج ليسرع “تيم” قائلاً :

– معلش ياعمتو ! مشوفتيش نائل بتصل بيه مش بيرد و مش موجود هنا !

قالها مشيراً برأسه إلي الغرفة لتعقد “سمر ” حاجببها لحظات تقول بإندهاش :

– نائل بقاا نشيط أوي صاحي من بدري و راح لفهد و أسيف طبعا عشان روان و فرح هناك ..

رفع حاجبه و قطع استرسالها بالحديث قائلاً باستنكار :

-فرح و روان جايين بدري أوي كدا ؟!!

هزت رأسها بالسلب تهدر موضحه :

– لا ياحبيبي روان و فرح مع أسيف من امبارح !

اتسعت عينيه بقلق لكن أسرعت عمته تُكمل قبل إقدامه علي فعله متهورة حيال ابن عمه :

– أسيف بخير و فرحت أوي بيهم امبارح .. أنت مش بتكلم فرح ولا ايه !

مط شفتيه و هو يعيد خصله شارده خلف أذنها ثم مال عليها مقبلاً وجنتها يقول أثناء انصرافه :

– طيب أنا هروح أشوف أسيف قبل ما أروح الشغل ..

ابتسمت ثم رفعت كتفيها بحيره تهمس لحالها :

– ربنا يهديكم مبقتش فاهمه ولا واحد فيكم يا ولاد أخواتي !

وقفت “فرح” تراقب ملامح صديقتها المتوترة و هى تُعيد ترتيب الأشياء للمرة التي لا تعلم عددها بشرود و ابتسامة صغيرة تشق شفتيها أحياناً و تتوارى أحياناً أخرى نظرت إلى “روان” و هى تغمز بطرف عينيها و تحرك شفتيها بكلمات مُبهمه عجزت الأخرى عن تفسيرها لتقول باندهاش :

– مالك يافرح فيه إيه ؟

أفاقت “أسيف” من شرودها و رفعت عينيها تطالع ملامح صديقتها باندهاش لتقول “فرح” بتهكم :

– واضح إن قعدتك مع نائل جايبه مفعولها يااروان الذكاء عدوى عندكم !!

ابتسمت “روان” و اجابتها ببرود و هى تضع ساق فوق الأخرى :

– أكيد مش زي نتايج قعداتك و سهراتك أنتِ !!

عقدت الأخرى حاجبيها و ضربت بيدها فوق الطاولة التى تتوسط جلستهن و قالت بغضب :

– أنا معنديش قعدات كله شغل و أنتِ عارفه كدا !!

ضحكت “روان” حين أشعلت نيران غضبها كعادتها بتلك الفترة الأخيرة و هدرت بلطف و هى تنظر حيال “أسيف” :

– معندهاش كدبه جديدة غير الشغل ! على العموم أنا و نائل اليومين دول على خلاف و معترفة بده مش محيرة نفسي يافرح ؟!

عقدت “فرح” حاجبيها و قد بهتت ملامحها تطالعها بحزن لتُواصل ابنه الخالة الحديث قائلة :

– متبقيش قماصة أنا خايفة عليكِ و شايفة اللي كنتِ عاوزاه بيحصل و أنتِ اللي بتبعدي حددي موقفك يافرح متعلقيش تيم بيكِ لو مش عاوزاه سيبيه لغيرك ! ولا إيه ياأسيف ؟!

عقدت “أسيف” حاجبيها تراقبهن بصمت و كأن ذاك الحديث يجب أن يُوجه لها هى !! كيف لها أن تحكم فيما بينهن و هى الأشد حيرة الآن !! و يبقى سؤال عالق بالأذهان ! أتريده ! أم أنها اعتادت التواجد ليس إلا ! و كيف لها أن تتبين حقيقة تلك المشاعر المبهمة !

استقامت “فرح” ووقفت تواجهها تنظر إليها بصمت لحظات سرعان ما تحول منها إلى عناق هادئ تحاول بثها طمأنينة تفتقدها هى أيضاً !!

-***-

وقف الصغير يُعلن تمرده على أوامر أبيه البديل و يعقد ذراعيه بإصرار رافضاً الرحيل عن صديقته الصغيرة المُقربة !

رفع “أيهم” حاجبه و قال بصوت صارم قليلاً حين طالت المناوشات بينه و بين الصبى الصغير الذي تجاوز سبعة أعوام منذ يوم واحد :

– بعيداً إنك جد اتصنت على كلامنا و دي اسمها قلة أدب مفيش حاجة اسمها مش هسافر اتفضل !!

تشنجت ملامح الفتى و عقد حاجبيه و أجابه بعنف غير مسبق :

– لا أنا مش هسافر و بكلم مامي مش أنت !

صدرت شهقة من “رنيم” و اتسعت عينيها بصدمة و ضيق “أيهم” عينيه يحدق بحالته المستجدة بهدوء و هو يستمع إلى توبيخها له و هى تجذبه إليها فور أن جلست فوق تلك الأريكة لتقابله بنظرات حادة رادعة لتمردة الصبياني :

– ولد !!! ازاااي تكلم باباااا كدااا ؟!!!

قضب جبينه الصغير و هدر بإنفعال :

– ده مش باباااا !! بابا إسمه شهاااب !!!!!

اتسعت حدقتيها من كلماته الصادمة و رفع “أيهم” حاجبه لأعلى مُتسائلاً كيف لفت انتباه الصبي ذاك الأمر !! توترت نظرات “رنيم” و توقف سيل كلماتها و كأنه صفعها للتو ليقترب منه والده و يهدر بلطف :

– مين قالك الكلام ده ياعمر ؟!

ابتعد الصغير عنه ليضع مسافة فيما بينهما و أردف قائلاً :

– صحابي كلهم اسم باباهم بيقولوه زي المكتوب على الورق و أنا سألت عمو سيف قالى إنك مش بابا !!! أنا مش بحبك و عاوز بابا اللي في الصورة !!

توترت الأجواء حين رفع الصغير إصبعه يُشير إلى تلك الصورة العائلية التى ضمت الإخوة معاً و أصاب الأم حالة من الذهول و الذعر حيث بدأت الأمور تتفاقم و يرتفع غضب “أيهم” الذي جذب الصغير من يده على حين غرة و صرخ به رادعاً إياه :

– إياك أسمعك بتقول الكلام ده تاني سااامع و متتكلمش مع سيف تااني أنت ليك أب واحد هو أنااا ساااامعني ؟!!!

انتفض جسد الصغير و انتفض معه قلب الأم التي هرعت إليه تضمه إليها و تزجره بنظراتها و قد حُلت عقدة لسانها أخيراً لتقول بعنف :

– أنت بتزعق كدااا ليه متكلموش كدااا عمل إيه يعني عشان كل ده !!

ضيق عينيه يراقب يدها التى تربت على رأس الصغير الذى دس وجهه بصدرها يبكي خائفاً ، كاد يفرغ ما في جعبته لها لكنه انتبه أخيراً إلى ذاك الصغير الذي أفرغ به شحنة غضب ليست مبررة بوجه نظرها حيث رمقته بنظرة غاضبة ثم استقامت و اتجهت مع الطفل إلى خارج الغرفة تاركة إياه بمفرده !

قضب جبينه يراقبها و هي تنصرف غاضبة بصحبة صغيرها و كأنه لا يزن مثقال ذرة لديها بالرغم من شدة محبته لذاك الصغير لكنه دائماً يثير غيرة داخلية تدعو إلى الشفقة على حاله المتيم بها ، يعشقها و قد ارتضى باقتسام الصغار قلبها معه لكن بدأت الأمور تزداد سوءً بأفعال الصغير نحوه و دعمها لصغيرها دون اهتمام لرأيه هو !!

جلس فوق الأريكة تتقاذفه الأفكار إلى أن وجدها تدلف إلى الغرفة بصمت تصرف عينيها عنه و تتجه إلى غرفة الملابس وقف غاضباً و أوقفها عن سيرها متشدقاً :

– جهزي حاجتك هنسافر الصبح اسكندرية !

رفعت حاجبها و اعتدلت تقول بعدم استيعاب :

– نساافر !! أنت شايف ده وقت مناسب للاستجمام بتاعك ؟ أنت مدرك عملت إيه في الولد من شوية ؟!!!

تقدم منها و هو يقول بهدوء :

– اه مدرك كنت بقوم ولد واقف بيزعق في أبوه و أمه اللي معرفتش تقوله عيب كداا و قعدت تتفرج على قلة أدبه !!

اتسعت حدقتيها و ارتفع معدل غضبها تهدر :

-ده طفلللللل !!! عارف يعني إيه طفل زيه زي عدي أنت صبرك مش ينفذ إلا مع عمر بسسس !!!!

صرخ بها بنفاذ صبر و قد تحولت تلك الضغوطات إلى نيران تشعل داخل صدره و يراها لا تُبالي سوى بصغيرها المدلل :

– عشاااان ابنككك مش متربيييي !! و أنتييي مساعداااه على ده بدلعك الزااايد مش شايفه غيره هو وبس !!! حياتنا اتدمرت و افلسنااا و أخوياااا دمرنيييي و انتييي همك كله عمررر عمرررر مش شااايفة غيره انتيييي ازاااى انانيه كدا ؟!!!

أفلتت شقهة منها فور أن أنهى كلماته و اقتربت منه تهمس بصدمة :

– أخوك مين ! سيف !!!! مش فاهمه حاجه !!

أغمض عينيه بقوة يجذب خصلاته بعنف ثم أطلق زفير حار يقول بإرهاق و هو يهرب من أمامها بخطوات واسعة :

– جهزي حاجتك و حاجه الولاد القصر ده مبقاش بتاعنا !! هنتحرك الصبح !

تركها !! تركها تحاول استجماع ما قاله للتو !! إفلاس ! خيانة ! أخيه ! سيف !!!! هل إنشغلت بالفعل عنه إلى تلك الدرجة !!!

أسرعت خلفه تبحث عنه لتجده داخل غرفة الصغار يقبل جبهة صغيرها الذي اتهمته للتو بشكل غير مباشر بكراهيته له ! هل بالغت بتدليل الصغير بالفعل ! أم أن زوجها بالفعل يغار و يخشى أن يستحوذ الصغير على مكانته لديها !!

انتظرت خروجه لكنه أطال بجلسته إلى أن وجدت الخادمة تدلف إليه تُمسك بعلبة صغيرة تمدها نحوه و تهمس بكلمات موجزة ثم تنصرف بهدوء ، استقام أخيراً و انصرف إلى الخارج ليجدها واقفة تحدق بتلك العلبة الصغيرة القابعة بين أنامله ثم إليه تتأمله لحظات كاد ينصرف عنها لكنها أحاطت عنقه بذراعيها و دست جسدها داخل أحضانه ثم همست بجانب أذنيه و هى ترفع أناملها تربت على خصلاته لتستقر يدها خلف رأسه :

– أسفه !

ضمها إليه بهدوء ثم قبل خصلاتها و بادلها الهمس قائلاً :

– متتأسفيش ! الفترة دي أنا فعلاً عصبي زيادة !

تنهدت و ربتت برفق فوق ظهره تحيط عنقه بقوة و قد بدأت عينيها تدمع لنبرته المهزومة التي شقت قلبها نصفين تعاتب حالها كيف غفلت عن أوجاعه هكذا !

أخشى قهر الرجال ! أرتعب أن أرى ذاك القلق بأعينهم ، عجزت عن لمس دمعات محجوبة عن أناملى داخل أقفاص أعينهم الراكدة ، قيل يوماً أنه يلوذ باللذات كل مُغامر ، و يموت بالحسرات كل جبان .. و ها أنا أقول يموت الرجل من فرط قهره و قتل الكبرياء أشد الرماح طعناً لروح الرجل !!

ليلة قاسية ! ضمت رأسه إلى صدرها و يديها ترتب فوق ظهره العاري حيث تسطح فوقها و أغمض عينيه و هي على يقين أنه يقظ حيث تلك الأنفاس التى يُطلقها بإرهاق بين حين و آخر قبلت خصلاته و التى تربت عليها بحنو و قالت بصوت مرتجف متوتر :

– أيهم مش عاوز تقولي حصل إيه ؟

شعرت بعضلات جسده تشتد و كأنها تتيبس رفع جسده قليلاً و يده تقبض بقوة على خصرها ثم اقترب من أذنها اليمنى و همس لها بصوت شاحب :

– أول مرة أبقى مش عارف أحكي يارنيم ! أنا موجوع حاسس إن حد ماسك سكينة و بيطعني في قلبي !

بدأت عينيها تذرف الدموع بحزن لحالته و نبرته و همساته التى تصرخ بمدى إرهاق و وجع روحه ، أغمضت عينيها و أحاطت ظهره بقوة أكبر تضمه إليها تشعر بشفتيه تتحرك على فكها بلطف حتى أدرك عينيها الدامعتين قبلها فوقها و همس يستأنف حديثه و قد قضب جبينه بغضب :

– رنيم بلاش عياطك أنتِ عارفه إني مش بستحمل دموعك ! العالم كله ميقدرش يوجعني قد دموعك دي !

فتحت عينيها تحدق بملامحه المرهقة و نظراته التي تجمع بين الحدة و الحزن و الرفض تشعر به مشتت ! تشعر به لكنها عاجزة لأول مرة عن مداواته رفعت وجهها و قبلته برقة فوق شفتيه تعمدت الإطالة بتقبيله بادلها بلطف حازم ثم لم تمر لحظات و بدأ يبثها حزنه عن طريق تلك القُبلة ثم مرمغ أنفه و شفتيه فوق ملامحها و بين خصلاتها يجذبها إليه أكثر و تضمه إليها بقوة تبثه دفئ يبحث عنه منذ عدة أيام !!

لم يذق النوم طوال الليل و هى أيضاً قبعت بأحضانه برضا تام ابتسم و هو يراقب ملامحها بهدوء حيث محاولاتها طوال الليلة بالبقاء يقظة معه بالرغم من يومها الشاق إلا إنها بنهاية المطاف سقطت داخل أحضانه بنوم عميق تقبض على خصره العاري بقوة و كأنه سوف يفر هارباً !!

تنهد و قبلها فوق شفتيها بهدوء لتقضب جبينها بلطف و تدس وجهها بتجويف عنقه و رفعت جسدها فوقه لتفلت ضحكته فجأة و بدأ يهتف بصوت هادئ ضاحك محاولاً إفاقتها قائلاً :

– رنيم يلاا قومي احنا ورانا سفر !

انتفضت فجأة و أطلت عليه تقول بصوت متحشرج يحمل أثر نومها :

– هنسافر دلوقت !

راقب إطلالتها بابتسامة شغوف و جذبها من خصرها فجأة لتسقط صارخة فوق جسده ليلتهم شفتيها و يديه العابثة تتنقل فوق بشرتها الناعمة بحرية بالغة ثم أدار جسديهما معاً فوق الفراش و تشدق عابثاً و هو يمرمغ شفتيه فوق نحرها :

– لا هنتأخر شوية عندنا حفلة وداع !!!

ارتفعت ضحكاتها المُتسلية العابثة و هي تُجيبه برقة :

– بحب أوي حفلاتك الخاصة !!

-***-

وقف “تيم” خارج غرفة الأرشيف يراقب حركتها الهادئة بابتسامة صغيرة تُزين محياه دلف إليها حين رفعت رأسها تحدق به بتوتر طفيف يشعر به دوماً حين تتقلص تلك المسافة فيما بينهما حتى أصبح يتعمد التقرب إليها ليرى ذاك الخجل اللطيف فوق ملامحها ..

أسند كتفه إلى الحائط جانبه و راقبها بهدوء و هي تُغلق هاتفها و كادت تعود لكنها أمسك يدها برفق و اعتدل واقفاً بوجهها متشدقاً ببسمة صغيرة :

– هي مامتك هتيجي من السفر أمتى ؟

رفعت حاجبها من سؤاله هل يسأل عن والدتها أم أن الأمر اختلط عليها و حدقت به بأعين متسعة ثم قالت بتوتر :

– ليه !

هربت حدقتيها بعيداً عنه و عن ابتسامته المُهلكة و عادت خطوة للخلف تلتصق بالحائط خلفها ليتقدم منها و يهمس لها بهدوء :

– عاوز أخد منها حاجة غالية أوي !

انتفض جسدها و انتابتها قشعريرة و حدقت بعينيه بإندهاش تهمس :

– تاخد إيه ؟ مش فاهمة !

قرر إنهاء حصاره عليها و تحرك مبتعداً عنها يلوح بيده لها و هي تراقب حركته بذهول بالغ !!!!

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية اصفاد مخملية)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى