روايات

رواية اسيا وشر الجنوب الفصل الثاني عشر 12 بقلم هنا عادل

رواية اسيا وشر الجنوب الفصل الثاني عشر 12 بقلم هنا عادل

رواية اسيا وشر الجنوب الجزء الثاني عشر

رواية اسيا وشر الجنوب البارت الثاني عشر

اسيا وشر الجنوب
اسيا وشر الجنوب

رواية اسيا وشر الجنوب الحلقة الثانية عشر

الاخير
شجن كانت مش مصدقة ولا مقتنعة بكلام انيسة، قالتها بحدة واستهزاء:
– انتي هتضحكي عليا ياست انتي؟ عيلة ايه دي االلى يعشقها عفريت؟! البت دي انا هخلص منها، بيكي بلاكي مش هتقعد فى ارابيزي.
انيسة بغضب:
– لمي روحك ياشجن لأخر مرة بقولهالك، انتي حرة، البت لو اذتيها كل اللى وصلتيله هيتهد فوق نفوخك، انا بنصحك وانتي حرة.
شجن:
– انا عارفة انتي من الاول مش عايزة تأذي حد من العيلة دي….
انيسة:
– عايزة ولا مش عايزة ده شغلي واكل عيشي، انتي بقى بعد نصيحتي صممتى وانا نفذت، فأنا ماليش دعوة بيكي، اه جحودك ده وكرهك للي حواليكي خوفني منك ومن شرك، لكن انا مش هتقدري تأذيني بحاجة، اما اللى تقدري تعمليه هو انك تأذي نفسك وده اللى انتي هتعمليه لو قربتي من بنت جاد.
شجن:
– جحود؟! علشان حبيته وعلشان عيشت سنين عمري مستنياه ابقى جاحدة؟ علشان رسمت دنيتي عليه وهو مسح رسمتي بأستيكة من غير ما يحس بوجودي اصلا ابقى انا اللى جاحدة؟ لاء يا ست انيسة، هو اللى جاحد وهو اللى يستاهل اللى انا عملته فيهم، حتى لو سابني بعد ما دخل عليا، كل اللى هاممني اني اتمتعت بيه ولو ساعة زمن، وهاممني اني بوظت حياته وبعدت عنه اللى اختارها بدالي.
انيسة:
– انا خدت فلوسي، والولية الكبيرة هخليهم يبعدوا عنها وتفوق، البت خلي بالك من انك تقربي منها، بتحبيه بقى، بتكرهيه…انتي ودماغك، لكن خليكي عارفة اللى بييجي بالسحر والجلب بيروح بسهولة، هو لا رايدك ولا له فيكي مزاج، اللى حصل ده كله بسبب السحر اللى شربه، لو متجددش هيفوق من اللى هو فيه، وهيبعد عنك ويندم على اللى جرى بينك وبينه.
شجن بصيت لأنيسة بغضب وقالتلها:
– لحد ما ده يحصل كفايا انه هيبقى معايا انا مش مع غيري، وهجدده كل ما مفعوله يقرب يخلص متقلقيش مش هسمح انه يبعد.
سابتها شجن ومشيت، واستدعيت انيسة نيار وحضر بسرعة وابتديت تتكلم معاه:
– خلاص يانيار، مهمتك مع سليمة انتهت.
نيار بحدة:
– هأذيها لو قربت من اسيا يا انيسة، حذريها.
انيسة:
– حذرتها، لكن هي جاحدة وفاكرة اني مش قد القول، لو خالفت النصيحة والشورة…اتصرف زي ما يحلالك.
نيار:
– هخليها تتجنن لو قربت منها بسوء.
انيسة:
– للدرجة دي يا نيار البت تستاهل؟
نيار برغم هيبته اللى بتظهر فى صوته رغم اختفاء ملامحه وهيئته عن عيون انيسة الا انه اتكلم بحب غريب وقال بطريقة استغربتها انيسة:
– عقووود عايش في عالم الجن وعالم البشر، عقود مقابلتش انسية او جنية تستحوذ عليا بالشكل ده…
انيسة بأبتسامة واستغراب:
– دي رضيعة.
نيار:
– هتكبر، وهستناها، وهتبقى بتاعتي وفى حمايتي.
انيسة:
– دي انسية، مش هتوصل معاها لحاجة الا لو كسرت عهودك.
نيار:
– مش هعاشرها يا انيسة، انا عشقتها، عشقتها بأحتفاظي بكل العهود، عشقتها وهكون حامي ليها من اي شر مقصود يقرب منها، هكون بحميها من نفسها ومن اي حد على وش الارض يفكر يمسها…وحتى لو من باطن الارض، هي فى حمايتي وفى كياني، هتكبر وهكون انا الحارس الخاص بتاعها وهتعرفني.
قال نيار اخر كلمة واختفى صوته من ودن انيسة، ابتسمت وهي بتقول:
– ياخيبتك يا انيسة، حتى الجن عشقوا المساخيط وانتي قاعدة برأسك عمرك كله، هههههي، يلا اهي ابخات.
رجعت شجن للبيت وكعادتها محدش حس بغيابها، نامت جنب جاد وكأنها متحركتش من جنبه خطوة، صحى جاد من نومه وشافها جنبه، حس بنغزة فى قلبه اول ما عنيه وقعت عليها، لكن فى نفس الوقت جسمها المكشوف جذبه ليها كراجل، وتقريبا دي الحاجة الوحيدة اللى كانت بتربط بين جاد وشجن وبرغم اقتناعها بده الا انها موافقة بيه، ريم ميعرفش جاد عنها حاجة ولا حتى بيجيب سيرتها وكأنه ناسيها، كل ما يلمح اسيا يحاول يفتكر عايز يسأل عن ايه لكن بيحس بصداع غريب، ريم محدش متابع حالتها اللى لسه زى ماهي غير رقية وجوزها، اما سليمة اللى فى غيبوبة وقاعد جنبها عبدالله يحكيلها اللي حصل الايام اللى فاتت كان ابتدا نيار يشوف شغله معاها ويخليها تفوق بالتدريج، لكن لأنها بقالها فترة طويلة فى الحالة دي وبسبب سنها وصحتها فى الاصل كانت مش مستجيبة بسرعة انها ترجع للحياة بسهولة، خلال الايام دي حاولت شجن اكتر من مرة تنفرد بأسيا لكن ده مكانش بينفع، عبدالله بيكون معاها طول ما هو فى البيت حتى لو في اوضة سليمة، او رقية، ولو لواحدها نيار بيكون حارس حرفيا على باب اوضتها ومبيسمحش لشجن تقرب، حتى لو قربت من باب الاوضة تحس ان فيه حاجة محتاجة تتعمل فترجع تاني من غير ما تفكر ان فيه حد بيبعدها عن اسيا، ورغم حزن اسيا اللى حاسة بيه نتيجة فراق امها ليها برغم طفولتها الا ان اللى كان مساعدها فى انها تتقبل الحياة دي هو وجود نيار، وكمان انها مش بترضع طبيعي، نيار كانت اوقات لما يحس بزعل اسيا بسبب انها مش شايفة ريم كان بيتجسد فى صورتها، اه طفلة واه مش فاهمة واه صغيرة…لكن الطفل اكتر حد بيحس بأمه بسهولة ومن وهو جوة بطنها، مكانش عارف جاد يحس ببنته لأنه تحت تأثير السحر، ابتديت الايام تعدي، وكل يوم سليمة بيجد جديد فى حالتها، وكل جديد كان بيفرح البيت كله حتى لو مجرد رمشة من عنيها، لحد ما جه يوم اتجمعت فيه الاخبار، كان قاعد عبدالله جنب سليمة، ووصلت رقية من برة على اوضة امها، قابلت ابوها بتوتر شوية لكن هو قالها:
– مالك فيكي ايه؟ عملت ايه البت دي؟
رقية:
– فاقت ياحاج الحمد لله، نقلوها اوضة.
فجأة صوت زرغوطة فى البيت لكن مكملتش للاخر، طلعت رقية تجري من الاوضة ووراها عبدالله وهو فى عنيه غضب الدنيا وبيزعق:
– مين اتخبطت فى دماغها وعملت العملة دي؟
هنا اتكلمت عزيزة من بتوتر:
– حقك عليا يا حاج، والله ما قصدي، الفرحة خانتي بس….
عبدالله:
– بتعديكي الاصول يا مرات اخويا…
عزيزة بفرحة بتحاول تداريها:
– البت حامل ياحاج، من فرحتي مقدرتش امنع نفسي.
عبدالله لسه هيرد ورقية مش عارفة تبارك ولا تزعل على ريم اكتر، سمعوا صوت جاي من اوضة سليمة، برقوا وهما بيبصوا لبعض بصدمة وذهول ودخلوا الاوضة يجروا، كانت سليمة مفتحة عنيها، مش عارفة اوصف فرحتهم ازاي، فكرة انها فتحت عنيها بس دى كانت فرحة الدنيا بالنسبالهم، لا عارفين هي بتتكلم ولا لاء؟ ولا عارفين دي حلاوة روح ولا خلاص هي فاقت اخيرا؟ مش عارفين هترجع لغيبوبتها تاني ولا رجعتلهم كده خلاص، المهم عنيها فتحت وبس، زراغيط زادت ومليت البيت، الكل عرف ان سليمة فتحت عنيها، نيار دخل اوضة اسيا وابتسم فى وشها وهي شايفاه بيلاعبها وحاسة بحبه ليها برغم طفولتها وبرائتها، اتكلم وهو متجسد فى هيئة جميلة تفرح عين اللى يشوفها وقالها:
– انا مش هكون سبب فى حزن ليكي، اه كنت بداية خيط فى كل اللى حصل فى البيت ده، لكن صدقيني هصلح كل حاجة حصلت من بعيد لبعيد، حياتك هتبقى جميلة، وانا معاكي فيها وجمبك، مش هينفع اكسر عهودنا، مش هينفع اخالف قوانين مملكتنا، لكن…لكن بطريقة حاولت ابسطها كل حاجة هتتعرف وكل حاجة هترجع زي ما كانت واحسن.
ابتسمت اسيا برغم انها مش فاهمة حاجة ولا عارفة ايه اللى بيحصل، البيت كله فرحان ومبسوط، جري عبدالله على اسيا وشالها من مكانها وهي عنيها على نيار اللى محدش شايفه غيرها، راح بيها على اوضة سليمة اللى لسه منطقتش بكلمة ولا حتى عارفين هتتكلم ولا لاء؟ قعد بيها على حرف السرير جنب سليمة اللى كل العيلة ملفوفة حواليها واتكلم بسعادة وقالها:
– شوفي يا سليمة، شوفي ولدك اتغرب ورجعلنا بأيه؟ عمل عاملة سودة، لكن دي احلى حاجة فيها.
كان بيقول كده وهو بيبص لسليمة ويبص لأسيا المبتسمة وهي مش عارفة ده بيقول ايه، عين سليمة جت على اسيا واسيا كمان بصيتلها، فجأة عيون سليمة راحت لشجن وكشّرت، اتكلم عبدالله وقال:
– وشجن كمان حبلة، اتجوزت هي وجاد بقالهم ييجي شهر ونص، رجالة الغازولية طول عمرهم ولادهم فى رجليهم.
عيون سليمة بعدت عن شجن وبصيت على عيالها واحد واحد وعلى احفادها، حتى عزيزة وعاشور كانت بصالهم وكأنهم كانوا واحشينها، رجعت عنيها لجاد وكانت نظراتها فيها زعل، مفهمش جاد النظرة دي معناها زعل منه ولا زعل عليه ولا ايه الحكاية بالظبط؟ قرب جاد منها وهو بيقول:
– حقك عليا يا امي، عارف اني قصرت معاكي، لكن غصب عني، انا جنبك اهو وهفضل جنبك من دلوقتي.
حركت سليمة ايديها ومدتها ناحية وش جاد وطبطب على خده وهي عنيها مع اسيا اللى لسه عنيها مع سليمة ومبتسمة، كل حد قرب من سليمة وحضنها وباسها، كلهم فرحانين وقال عبدالله:
– جهزوا عزومة للبلد بحالها، عايز دبايح تأكل الكل، الليلة فرحة والكل لازم يفرح معانا، الاخبار الحلوة كلها اتجمعت، مبروك يا جاد والجاي يكون واد بقى يشيل اسمك.
جاد كان فرحان بصحوة سليمة وكأنه مسمعش ان شجن حامل اصلا، هي كمان كانت مش فرحانة، لكن تخيلت انها لو خلفت اسيا هيكون مالهاش لازمة فى البيت وده كان همها،
الغريبة فى كل ده ان نظرة سليمة لشجن كانت هي هي نفس نظرة اسيا لشجن، اتكلمت رقية وقالت:
– طيب يلا يا ستات نروح نجهز المطبخ، والرجالة بقى تروح تشوف الدبايح، مفيش وقت عايزين نخلص بسرعة.
فعلا كله ابتدا يتحرك، وابتدا عبدالله كمان يتحرك، لكن سليمة مسكت ايديه، فرح اكتر وفضل جنبها، وماسك اسيا اللى مسكتها بأيديها بعد ما قعد عبدالله، كلهم ضحكوا وسابوهم وخرجوا بعد ما قال عاشور:
– يلا بقى بدل ما احنا عوازل كده، خليهم مع بعض بقالهم كتير لا حس ولا خبر.
كلهم خرجوا وقعد عبدالله لسه هيتكلم مع اسيا اللى باصة لسليمة لكن هي سبقته وقالت:
– ليه يا عبدالله؟ ليه تأذي ابنك وبنته ومرته بجوازة زي دي؟
فهمها غلط عبدالله وقال:
– هو اللى اذى نفسه، راح جاب واحدة غريبة مش من دمه ولا من اصله، ولا حتى من دينه و….
قاطعته سليمة وقالت:
– جيبتله حية يا عبدالله، اللى كانت معاه كانت شارياه وصايناه، لكن انت حطيت بذرتك فى ارض بور.
عبدالله استغرب:
– بت اخويا ارض بور يا سليمة؟ انتي كان ليكي كيف للي ابنك عمله؟
سليمة:
– مكانش ليا كيف ولا حاجة يا عبدالله، لكن بنت اخوك سحرتلنا، بنت اخوك رقدتني بالسحر، بنت اخوك خربت بيت ابني بالسحر……
قاطعها عبدالله بذهول:
– ايه اللى بتقوليه ده ياسليمة؟ انتي واعية للكلام ده و لا ايه؟
سليمة:
– ده اللى سمعته وانا بين ايد ربنا يا عبدالله، سمعته من بنت اخوك وهي بتطلع السواد اللى جواها وفاكرة اني لا حاسة ولا سامعة، لكن ارادة ربك بقى انه يكشفهالي، وفى عز ما كنت مفارقة الدنيا وغايبة…صوتها الوحيد اللى سمعته، وكأن ربنا اراد يحذرنا منها، اه الوقت اتأخر لكن تقدر تلحق اللى حصل.
عبدالله كان مصدوم، لكن صدمه اكتر اللى حصل بعد اللى اتقال ده، صدمة لعبدالله ولسليمة اللى مكانتش متخيلة ان اللى حصل ده حقيقي، صوت رن فى ودن الاتنين وقال:
– شجن راحت لأنيسة، انيسة عملت سحر لأمي وابويا.
عيونهم برقت والاتنين سكتوا تماما، فكرة ان اسيا الطفلة بتتكلم كانت لا يمكن تتصدق ابدا، محدش يعرف ان نيار رغم انه له قواعد وقوانين بيتبعها علشان يقدر يبقى بين عالم الجن والانس، الا انه له علاقات بعشائر مالهاش عهود، وعلشان كده قدر يتفق مع جن مع عشيرة من العشائر ناقضة للعود بأن اسيا تنطق عن طريقه، يبقى هو اللى بيتكلم لكن اللى يسمع الصوت يتخيل ان هي الطفلة اللى بتقول، ويقول الجني ده اللى حصل من شجن مع انيسة وبكده يبقى نيار مخالفش عهده لأن اللى ساعد اسيا مش هو واللى خرب السحر اللى اتعمل مش هو، ده جن تاني من عشيرة تانية محدش من عشيرة نيار يقدر يحاكمه او يعاقبه، عبدالله بعد سكات دقايق اتكلم وهو باصص لأسيا:
– انتي شوفتي وسمعتي اللى شوفته وسمعته يا سليمة؟
سليمة ابتديت تتحرك من مكانها وتقوم قدام عيون عبدالله اللى لا اتفاجيء ولا اتصدم بعد اللى شافه وسمعه من دقايق وقالتله:
– عايز ايه تاني يقولك ان بنت اخوك ابليس يا عبدالله؟ الرضيعة نطقت.
عبدالله:
– سبحان الله، سحر؟! اعوذ بالله من غضب الله، ازاي؟ وليه؟
فجأة ردت تاني اسيا وقالت قصاد صدمتهم:
– لأنها خبيثة، لأنها انانية، لأنها بتكره نفسها وكل اللى حواليها، حتى جاد هي عايزة تأذيه مستحيل تكون بتحبه زي ما ريم بتحبه.
قام عبدالله من مكانه وساب اسيا بين ايد سليمة وهو بيقول:
– والله اللى تتهز له الارض والسما، شجن ما هتبات على ذمة ابني ليلة، وامك يا اسيا لو ظلمتها انا هرجعهالك، واللى فى بطن شجن ذرية الغازولية، يعني مش هنسيب ضنانا بين ايد ساحرة مؤذية زي دي.
برغم ان سليمة كانت خايفة من اسيا، الا انها مجرد ما ضمتها لصدرها حسيت براحة وامان بيحس بيها كل اللى يقرب منها، فى وسط الفرحة اللى كل البيت فيها عبدالله قرر يداري اللى حصل واللى عرفه كله عن كل اللى حواليه، كان البيت قايم على رجل واحدة بيجهزوا كل حاجة، وفى وسط العزومة والناس اللى اتجمعت كان عبدالله غاب شوية عن عيون الموجودين، ظهر فجأة مجرد ما سمعوا ضرب النار مالي البلد بظهور سليمة وسط الناس بترحب بيهم، شجن من جواها حاسة انه وصلت للي هي عايزاه، حامل واتجوزت اللى عايزاه والسحر وصلها لكل حاجة، لكن دور اسيا يمكن ييجي لما هي تولد، وده اللى كانت معتقداه، وقف عبدالله بين الناس مبتسم لسليمة اللى واقفة جنب بناتها بملاحفهم قصاد كل الضيوف مبتسمة وحاضنة اسيا، من ورا عبدالله ظهرت انيسة بخطوات بطيئة وظهورها ده كان سبب فى ان شجن رجليها ترتجف واعصابها تسيب، محدش كان فاهم ولا عارف ايه اللى بيحصل الا سليمة، لكن عبدالله اتكلم وقال بصوت يسمع كل الناس:
– انيسة، عارفينها طبعا، واللى ميعرفهاش دي تبقى الدجالة بتاعت البلد اللى عايشة فى نهاية طريق الغابرة، جاية االنهاردة تحكي حكاية واحدة قولت عليها من دم الغازولية وتستاهل تشيل اسمهم.
الكل واقف مستني يفهم، لكن شجن واقفة عارفة اللى هيحصل، بتحاول تخوف انيسة بعنيها لكن انيسة قلقها من عبدالله كان اكبر، غير انها من البداية كانت معترضة على انها تقع فى مشاكل مع العيلة دي، صوت انيسة طلع وكأنها بتتكلم بطلاقة اول مرة تتكلم بيها، وده كان بمساعدة جنية تانية من نفس عشيرة الجني اللى ساعد نيار، كانت بتكلم انيسة وهي من جواها مش عارفة الكلام خارج منها ازاي وابتديت تحكي كل اللى حصل، ومن غير تدخلات من اي حد عبدالله زعق فى شجن تقرب فى وسط الناس وقالها:
– احكي كل حاجة من البداية لحد دلوقتي.
وللمرة التالتة كان نيار عند وعده لأسيا، ابتديت تتكلم شجن من غير ما تكون من جواها بتتكلم، بتتكلم وهي مبرقة عنيها ومش مصدقة انها بتنطق بكل اللى جواها ولا كل اللى عملته ولا حتى اللى كانت ناوية تعمله، وحكيت كل حاجة بالتفصيل حتى اللى كان بينها وبين نفسها قالته، قالته قدام الدنيا بحالها، قدام البلد كلها، قدام ناسها وشجرها وارضيها، اتكلمت شجن غصب عنها قدام الكل اللى كانوا فى حالة ذهول من اللى بيسمعوه، فى نفس الوقت اللى خلصت فيه الكلام وصلت عربية اتفتح بابها ونزلت منها ريم، قرب جاد اول ما شافها قدامه ناحيتها وهو حاسس بصداع غريب، كانت شجن مبرقة عنيها بطريقة مرعبة لكن مش عارفة تتحكم فى نفسها ولا عارفة تسكت، اتكلم عبدالله وقال:
– قرب يا جاد من مرتك، قرب من ام بنتك، ظلمتها وظلمتك وسمحت ل حية تبوظ دنيتكم.
شجن كانت بتتكلم وهي حاسة بوجع فى كل جزء فى جسمها وبتتألم وهي بتمسك فى جسمها ومكملة كلام، نظرات غضب وضيق وصدمة من كل الموجودين ونظرات خذلان فى عيون عاشور وعزيزة وعيالهم اللى هما اخوات شجن، رعب من فجورها وحقدها محدش فيهم ابدا جواه ذرة من كل اللى هي عملته او فكرت فيه، كان واقف نيار فى المكان ومحاوط اسيا بعنيه، كانت شايفاه ومبتسمة وحاسة بوجوده، محدش عارف ايه اللى بيحصل ولا في ايه اسيا شايفاه، انهارت شجن ووقعت قدامهم كلهم على الارض وكله مش عايز يقرب منها، ورغم وجع عزيزة وعاشور على بنتهم الا انهم رافضين اللى عملته بكل الاشكال، وعلشان كده اتكلم عاشور وهو شايفها مرمية على الارض:
– انا ببري ذمتي قدام البلد كلها من ناحية البنت دي، البت دي لا بتي ولا اعرفها، انا بريء منها ليوم الدين.
عياط طبعا من عزيزة لكن مش قادرة تخالف كلام جوزها، قربت من شجن اللى على الارض بتتألم بسبب تعذيب الجنية اللى كانت بتعاشر جاد لها لأن سحرها انكشف منتهاش لأنه متجددش، وقالت بدموع:
– مش هقدر ا دعيلك ربنا يسامحك، كفرتي وخسرتي حياتك وخسرتينا، منك لله يا شجن، منك لله.
مكانتش بتعيط من ندمها، كانت موجوعة ومحدش حاسس بيها، اتكلم عبدالله وقال:
– نهاية البت دي وسطنا مع وصول اللى فى بطنها للدنيا على خير، من بعد اللحظة دي هي مش من عيلتنا ولا من دم الغازولية، متحرمة علينا دنيا ودين.
بص عبدالله لرجالة من رجالته فهموا نظرته لأنه كان متفق معاهم، قوموا شجن من على الارض وراحوا بيها ناحية اوضة موجودة برة البيت بتاع عبدالله، دخلوها الاوضة وقفلوا عليها الباب، اتكلم عبدالله وقال:
– هي مرمية هنا لحد ما تولد، ومن بعدها مكانها الشارع، ولو اخويا عاشور رجعها لبيته هو حر، لكن وقتها هيكون برة البلد بيها.
عاشور بحزن وانكسار:
– انا ماليش بنات كافرة يا عبدالله، دي لا بنتي ولا اعرفها، غضبان عليها ليوم الدين.
اتكلم عبدالله وقال:
– عايز حكايتها تتحكي على مر الزمن، عيالكم وعيال عيالكم يعرفوا نهاية اللى يفكر يأذي ويسحر، اما انيسة فكفايا اللى ربنا هيعمله فيها، اما حسابي معاها هيكون اني ارميها برة البلد بحالها، مالهاش مكان وسطنا، واي حد هعرف انه قرب ناحية باب بيت دجالة ولا دجال هيكون برة البلد دي، بلدنا مفيهاش مكان للسحرة والاذى والشر، ودلوقتي بقى جه وقت الفرحة، افرحوا برجوع الحاجة بالسلامة، افرحوا برجوع الدكتور جاد ومراته وبنته من غربتهم، افرحوا معانا علشان انتم اهل البلد واهالينا.
فعلا كله كمل الليلة، السحر انتهى وانكشف للكل، جاد وريم رجعوا لبعض، اسيا عايشة بينهم كلهم وعايشة بتكبر يوم بعد يوم تحت عيون نيار العاشق، شجن بتتعذب من جنية حضروها لعالم البشر ومقدرتش ترجع لعالمها بسبب انكشاف امرها، ورجوعها تاني لعالم الجن هيكون بموت شجن،
لكن كانت ارادة ربنا ان شجن تتألم وتتعذب شوية فى الدنيا لحد ما ييجي اليوم اللى تولد فيه، صريخها و صوتها كان مسمع البلد كلها، عزيزة كانت موجوعة لكن هي خلصت ذمتها قصاد ربنا من البنت دي، محدش فكر يقرب من اوضتها غير ريم، ريم اللى عاشت فى البيت ده لمدة تسع شهور كله بيحاول يعوضها عن اللى حصل فيها ورميتها فى المستشفى لواحدها بعد ما اطرديت من البيت من كبيره وصاحبه، ريم اللى محدش حس للحظة انها من دين غير دينهم، ريم ام اسيا بنتهم اللى عشق نيار ليها كان سبب فى كشف السحر اللى خرب حياتهم، ريم هي اللى قدرت تساعد شجن فى ان بنتها تخرج للدنيا بخير، ريم هي اللى سمعت اخر كلام قالته شجن وهي بتطلع فى الروح:
– بكرهك، بكرهكم كلكم، واللى جت من بطني دي انا بكرهها…..
شهقت وهي بتتعذب ودمها سايل وبنتها لسة الحبل السري متقطعش بينهم، طلعت روحها من غير حتى ما تقول الشهادة، فى اللحظة دي رجعت الجنية لعالمها، فى اللحظة دي قرب جاد من ريم وبص لبنته، فى اللحظة دي قربت سليمة وقالت وهي على باب الاوضة اللى اتحبست فيها شجن بأكلها وشُربها لمدة تسع شهور:
– دى بنتك يا جاد، بنتك انت وريم، دي اخت اسيا ودي بس الحاجة اللى لازم كلنا نعرفها من اللحظة دي.
جاد بص لأمه:
– مش هكتب بنتها بأسم ريم يا امي.
سليمة:
– ريم اللى هتربي، هتربي الاختين ومش هتفرق بينهم، هتربي غزالة وهتربي اسيا، مش هي اللى حملت ولا اللى ولدت، لكن ريم اللى هتربي، وهتكبر غزالة وتعرف كل اللى البلد عرفته، هتعرف امها وتعرف نهايتها نتيجة اللى عملته، وتنصح غيرها بأنهم ميقربوش من الباب اللى امها قربت منه، غزالة هتكبر وتعرف كل حرف حصل من البداية للنهاية.
بص جاد لريم، ابتسمت ريم وهي بتضم البنت لحضنها وقالت:
– حلو اسم غزالة، هي جميلة وعيونها شبه عيون الغزال.
ده كان اخر فويس بعتته غزالة وده كان اخر كلام سمعته بصوتها، لكن اللى بعد كده كان كتابة اخدته ليكم زى ما وصلني:
– وده اللى حصل يا نونا، كل اللى سليمة جدتي طلبته من ريم امي ومن جاد ابويا هو اللى حصل، اتربيت بنتهم فى حضنهم، اتربيت وكبرت مع اسيا اللى هي ملاك على الارض، اسيا اللى عرفت منها حكاية نيار بعد ما كبرت وقدر يحكيلها كل حاجة من يوم ما شافها لحد دلوقتي، اسيا اختي اللى زي ما نيار حارس ليها هي حارس ليا، اسيا اللى برغم معرفتها بأن هي ونيار حكايتهم مجرد خيال الا انها بتعشقه ومينفعش يعدي يوم من غير ما تشوف ملامحه الجميلة اللى حفظتها فيه، اسيا اللى جواها برائة وشفايفة وجمال خارجي اضعاف واضعافه جمالها الداخلي هي اللى بتتمنى ان كل الكلام اللى عرفته عن امي ميسيبش فيا اثر ولو للحظة، وعلشان امنيتها دي انا بعتلك علشان اثبتلها بس ان امي دي بالنسبالي اكتر شيطان مؤذي على وش الارض، انا فرحانة اني مشوفتهاش، والحاجة الوحيدة اللى مزعلاني اني كنت فى بطنها هي مش بطن امي الحقيقية ريم، انا عيشت احلى دنيا وسط عيلتي، وادعوا لأسيا تقابل انسان يشبه فى صفاته وجماله وحمايته نيار اللى عايش بس لسعادتها، اه خيال، لكن الخيال كان هيكمل لو ينفع يعيشوا سوا ويعملوا بيت مع بعض، بس للأسف مش كل الخيال ينفع يكمل، وبرضو مينفعش نيار يعيش مع اسيا على انها مراته، بس مش هيمنعها من انها تتجوز وتفرح وتعيش مع حد يحبها وتحبه…تحت حمايته وتحت عنيه.
تمت

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية اسيا وشر الجنوب)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى