روايات

رواية استقلال الفصل الرابع 4 بقلم ساندي عاطف

موقع كتابك في سطور

رواية استقلال الفصل الرابع 4 بقلم ساندي عاطف

رواية استقلال الجزء الرابع

رواية استقلال البارت الرابع

استقلال
استقلال

رواية استقلال الحلقة الرابعة

– مش هتاكلي؟
– مش جعانة دلوقتي.
قربت وقعدت جمبي:
– كده كتير يا رها، والاكل مالوش أي علاقة.
مسحت على وشي بتعب وبصيتلها:
– الامتحان كان عامل إيه؟
فضلت بصالي شوية بعدين قالت:
– كان لذيذ، فيه شوية تركات، بس الحمدلله لما راجعت لقتني ناقصة درجة واحدة بس.
– كده عوضتِ درجة الترم الأول صح؟
هزت راسها بالإيجاب، سكتت شوية بعدين قالت:
– فارس كلمني تاني، وجه كمان من شوية بس كنتِ نايمة.
– مزهقش؟
– هو مُصِر يا رها، وأظن لازم تتكلمي معاه وتحسمي كلامك وقرارك، عشان هو بدأ يستهبل.
– بمعنى؟
– قال كلام كتير مش قادرة افتكره بالظبط، بس معناه أنه مش هيسكت وهيعمل أي حاجة عشان ترجعي.
– اتجنن ده ولا إيه؟
رفعت كتفها بقلة حيلة بعدين بصتلي، لما بصتلها لقيتها بتهرب بعينيها وبتفرك في إيديها بتوتر، حسيت إن فيه حاجة مقالتهاش، فسألت:
– إيه اللي حصل؟
فضلت ساكتة شوية بعدين اتنهدت:
– زين كلمني.
في حاجة اتحركت أول ما سمعت اسمه، مش عارفة اتخضيت ولا إيه، بس كل حاجة جوه اتكركبت أول ما مجرد اسمه اتذكر..
بلعت ريقي وحاولت اكون هادية:
– في حاجة ولا إيه.
– كان بيطمن عليا وعلى الامتحانات، وكنت طالبة منه يسألي على حاجة فقالي أنه سأل عليها واقدر اروح لما نرجع القاهرة.
انتبهتلها:
– حاجة إيه؟
– ثيرابيست، كنت قايلالك عايزة اروح، قولتله قبل كده وقالي هيشوفلي حد كويس.
اتنهدت:
– بس احنا مش هنرجع القاهرة يا روان، لو حابة تروحي تقعدي مع يزن ومريم محدش هيمنعك، فأنتِ اللي هترجعي، مش أنا.
بصتلي شوية بعدين ابتسمت ابتسامة خبيثة وهي بتقول:
– سألني عليكِ على فكرة.
اتعدلت في قعدتي بسرعة وأنا بقول:
– بجد؟
هزت راسها بنفس الابتسامة، بعدين كمّلت:
– سأل عنك وعن فارس وسألني إن كنتِ وافقتِ ولا لأ.
– وقولتيله إيه؟
اتعدلت وبصتلي بحماس:
– حسيته ملهوف أوي وخايف وهو بيسأل، فمردتش اريحه، وقولتله إنك بتفكري.
ضحكت:
– من امتى بقيتِ بالخبث ده يا روني؟
– والله لا خبيثة ولا حاجة، هو اللي واد خواف فلازم يتربى.
ابتسمت:
– تفتكري حاسس حاجة؟
– مفتكرش، أنا متأكدة.
سمعنا صوت ماما جاي من برا:
– روان!!
قامت وقفت:
– إيه رأيك نسيبنا من الأكل اللي برا ده واعملنا أنا حاجات خفيفة؟ ناكل سوى ونتفرج على فيلم.
ابتسمت:
– طب والمذاكرة؟
– لسه امتحاني بعد يومين، وبعدين متقلقيش مذاكرة المادة دي كويس.
هزيت راسي:
– هاخد شاور لحد ما تخلصي.
قامت دخلت هي المطبخ، وقومت أنا عشان اخلص بسرعة لحد ما هي تعمل الأكل.
بعد حوالي ربع ساعة كنت خلصت، طلعت وبدأت اسرح شعري بهدوء، جه على بالي فابتسمت تلقائي، ولكن ابتسامتي اختفت لما افتكرت آخر موقف بينا.. تحديدًا قبل قبل شهر ونص من دلوقتي.
***
“قبل شهر ونص”
– أنت مين أنت يابني؟
– السؤال هنا، أنت اللي مين.
بعد فارس إيد زين بعنف:
– أنا جوزها.
بصيتله بسخرية، زين بصلي بعدين قرب ووقف قدامه، وبقيت أنا وراه، ورد بسخرية:
– تقصد طليقها.
بعده فارس من قدامه وبصلي:
– أنا جاي عشان اتكلم مع يزن يا رها.
بصيتله باستغراب:
– ليه؟
ابتسم:
– محتاج فرصة.. أنا عايز أرُدك يا رها.
رجعت خطوتين لورا:
– يعني إيه؟
قال زين:
– رها اطلعي فوق.
بصيتله فزعق:
– اطلعي يا رها.
– أنت بتزعق ليه؟
صوته عِلي أكتر:
– قولت اطلعي فوق!
بص لفارس وابتسم:
– أنا هتفاهم مع الدكتور.
قبل ما اتكلم لقيت يزن بيقرب، أول ما شاف فارس بصلنا كلنا باستغراب وقال:
– هو إيه اللي بيحصل هنا؟
رد فارس:
– كنت جاي اتكلم معاك وقابلت رها فوقفت اتكلم معاها..
بص لزين وكمّل بعصبية:
– لكن البني آدم ده اتدخل في الكلام وعمال بيزعق وعايز يتخانق وخلاص، ده مخلانيش امسك إيديها؟
بص يزن لزين اللي كان واقف بيبص للكل ببرود، رجع يزن بص لفارس تاني:
– وتمسك إيديها بتاع إيه أصلًا؟
هي مش مراتك.
اتوتر فارس وكمّل يزن:
– والبني آدم ده يبقى نسيبي.
توتره زاد اكتر، لكنه قال:
– بعد إذنك يا يزن محتاج اتكلم معاك.
شاور يزن على السلم:
– اتفضل.
طلعنا كلنا لحد شقة يزن، وقفوا هما الاتنين قدام الشقة وطلعنا أنا وزين لفوق، واحنا طالعين قال فارس:
– هي طالعة معاه ليه؟
لف زين وكان هينزله فمسكته:
– استنى استنى!
خبطه يزن في كتفه بعصبية:
– هتقعد بأدبك على عيني وراسي، هتقل أدبك هعرف كويس أقل منك.
– بس..
رد زين:
– شقتي قصاد شقتها يا دكتور.
كمّل بعصبية:
– وطالما مش واثق في أخلاق الست اللي جاي تردها، جاي ليه؟
– هو أنت بتدخل في كل حاجة ليه؟
قاا بعصبية:
– بس أنت وهو، اطلع يا زين بعد إذنك.
شاور لفارس على الباب:
– وأنت ياريت تتفضل.
بصلنا بعصبية ودخل الشقة، دخل يزن وراه وقفل، فبصلي زين وبعد إيدي وكمّل بنفس العصبية:
– قدامي على فوق.
كنت هزعق فقاطعني:
– عايزة تزعقي وتتخانقي فياريت يكون فوق، عشان الدكتور ميسمعناش، لأني آخر حاجة هكون عايزها إن الكائن ده يشمت فينا.
طلعنا ووقفنا قدام الشقق، وقبل ما هو يتكلم دخلت وقفلت الباب في وشه، حاسة جسمي بيغلي من العصبية، فاكر نفسه مين ده عشان يزعقلي!
– زين الكاشف.
كان صوته من ورا الباب، ففهمت أنه سمعني، ثواني ولقيته بيقول:
– هستناكي في البلكونة، اعمليلنا شاي بس.
ثواني وسمعت صوت باب شقته بيتقفل، فدخلت المطبخ بعصبية، عملت الشاي بسرعة وحطيت قطعتين كيك وطلعت البلكونة، على غير العادة كان قاعد على كرسي معرفش جه منين وقدامه ترابيزة، قربتله الصينية وآخد كوبايته والكيك، فقعدت أنا كمان.
فضلنا شوية ساكتين، لحد ما هو بدأ الكلام:
– كنتِ هتنفجري تحت وعايزة تزعقي وتتخانقي، ساكتة ليه؟
عدلت الكرسي لجهته وبصيتله:
– أنت بتزعقلي!! بتزعقلي بتاع إيه؟
مش كفاية الكلام السم اللي قولتهولي من شوية؟
ساب الكوباية على التربيزة وعدل الكرسي لجهتي وقال:
– حقك عليا.
هو أنا كنت قايلة إني متعصبة منه أوي يعني؟ مش سامعة حاليًا غير صوت صرصور الحقل!
ملامحي لانت وهديت، وهو كمّل:
– هو عصبني بصراحة وكمان ا…
قاطعته:
– أيًا كان إيه اللي حصل، ماكنش ينفع نهائي تزعقلي يا زين.
– أنا آسف، بجد آسف.
اتنهدت بعدين بصيتله:
– على أنهي مرة بقى؟
– المرتين، أنا آه مقتنعتش بكلامك أوي، لكنه فيه شيء من الصحة، وماكنش ينفع أبدًا أنفعل بالشكل ده عليكي، أنتِ ملكيش ذنب.
ابتسامة غبية ظهرت على وشي، لكنها اختفت لما كمّل:
– أنتِ ناوية ترجعي لاسمه إيه ده؟
رفعت حاجبي:
– اسمه فارس.
نفخ بملل، فكمّلت:
– أنا مفكرتش في ده قبل كده.
– إنكم ترجعوا؟
هزيت راسي، بعدين قولت:
– لو كنا هنقدر نكون سوى مكناش سبنا بعض.
– معاكِ حق.
– احنا اتطلقنا عشان مش متفاهمين، وعشان نرجع لازم نتفاهم، هنعملها ازاي دي؟
– بالظبط كده، مش هتقدرروا تتفاهموا نهائي.
– كمان هو..
قاطعني:
– معاكِ حق.
رفعت حاجبي:
– بس أنا ملحقش اكمّل يا زين؟
– أيًا كان اللي هتقوليه فمعاكِ حق، باين عليه ميتعاشرش، ميستاهلكيش.
قبل ما اكمّل لقيت يزن دخل، بصلنا بعدين قعد، فزين سأل:
– كان عايز إيه؟
رفع يزن حاجبه، بعدين سند ضهره وابتسم:
– عايز يرجعلها.
بصلي وكمل:
– فاضل حوالي أسبوع وتكون العدة خلصت، كان هيرُدك ويجي يقولك، بس مرضيش يحطك قدام الأمر الواقع، وراح لبابا وماما وعرف منهم إنك هنا، فجِه عشان يقنعك.
رد زين بسخرية:
– لأ كتر خيره.
بصلي يزن وكمّل:
– قرارك إيه؟
– مش عارفة هو فـ…
قاطعني:
– أهو شوفت؟ مش موافقة، متغطش عليها بقى.
قبل ما ارد رد يزن:
– مين قال أنها مش موافقة؟ رها بتحب فارس.
بصيتله باستغراب، فرد زين بانفعال:
– بتحب مين؟؟
ابتسم يزن بهدوء:
– فارس، دكتور فارس.
بصلي وكمّل:
– أي اتنين طبيعي بيحصل بينهم مشاكل يا رها، وأنتوا مكملتوش سنتين متجوزين، فكل اللي كنتوا فيه ده طبيعي، وممكن يكون طلاقكم ده كان في صالحكم، عشان تعرفوا قيمة بعض كويس، وتعرفوا ازاي تحلوا مشاكلكم وازاي تقدروا تتفاهموا.
ده مش كلام يزن، هو كان أكتر حد داعمني في قرار طلاقي، ومش قادرة افهم ليه بيقول كده دلوقتي! ممكن فارس أقنعه؟
– أنتِ موافقة على الكلام ده؟
بصيتله بعدين بصيت ليزن:
– أنا.. أنا مش عارفة..
محتاجة وقت افكر و..
قاطعني:
– تفكري؟؟ عقلك بيشاورك توافقي؟
رد يزن:
– تعالي أنا وروان عايزينك تحت.
قام وقف ومسك إيدي، بعدين ابتسم وبص لزين:
– عن إذنك.
نزلنا تحت وقعدنا أنا وهو وروان، فقال لمريم:
– اطلعيله.
طلعت مريم وفي إيديها صينية عليها أكل، قفلت الباب فبصيت ليزن:
– في إيه؟
– مش هلف وأدور، بس أنا مش موافق ترجعي لفارس يا رها، لكن القرار الأول والأخير يرجعله.
– بس ده ماكنش كلامك فوق يا يزن؟
ابتسم:
– عشان زين بيستهبل، فكان لازمله قرصة ودن.
– بمعنى؟
ردت روان:
– كلنا حاسين إن فيه حاجة بينكم يا رها، بس أنتوا الاتنين مش معترفين بده.
بصيت في الأرض بتوتر، فقال يزن:
– زين في النقطة دي بالذات جبان، وعشان كده لازم ياخد قرار.
– بس يا يزن..
قاطعني:
– روان امتحاناتها أو شهر 5، يعني كمان شهر ونص، ارجعوا اسكندرية سوى، هي تحضر امتحاناتها ومراجعاتها هناك، وأنتِ فكري كويس.
– افكر في إيه؟
– حابة ترجعي لفارس ولا..
بس لروان، بعدين قال حاجة خلتني اقف بسرعة من الصدمة، بصيتله وقولت:
– أنت قولت إيه؟
ابتسم و…
***
قاطع أفكاري دخول روان، كانت ماسكة صينية كبيرة عليها نودلز ومشروب لونه أخضر فخمنت أنه ليمون، قربت منها ومسكت الصينية حطيتها على التربيزة، ظبطت هي القاعدة وشغلت فيلم، وقعدنا نتفرج.
بعد شوية سألتها:
– ماما كانت عايزة حاجة؟
سندت على كتفي وهي بتقول:
– كانت بتتكلم، بتبررلي.. متخيلة؟
رفعت إيدي وأخدتها في حضني، بدأت امسح على شعرها براحة:
– حسيتِ بإيه؟
– مش عارفة.. تبريراتها مأقنعتنيش، بس ارتاحت لفكرة أنها بررت، هي اشترت خاطري وحبت تريحني من تفكيري بتبريرها.. واعتذرت، وده كفاية.
– حاسة إنك مرتاحة هنا؟
– مش حاسة وجودي مضايقني زي قبل كده، كنت بتخنق من وجودي في البيت، وبتخنق أكتر لو موجودين، بس المرة دي راجعة بروح مختلفة، فيه حاجة متغيرة.
– إيه هي؟
ابتسمت وضمت نفسها ليا أكتر:
– إنك هنا، وإنك في ضهري وهتدافعي عني مهما حصل، أنا مبقتش بخاف يا رها.
سكتت ثواني بعدين كمّلت:
– زمان كنت بحس إن لو حصل أي مشكلة كلكم هتكونوا ضدي، حتى أنتِ، كنت حاسة إنك بتيجي عليا معاهم.
اتنهدت براحة وهي بتكمّل:
– بس دلوقتي واثقة أنه لو الدنيا كلها ضدي، أنتِ هتكون جمبي ضد الدنيا.
الاخوات بيتولدوا بروح واحدة، برغم اختلاف شخصياتهم، بيعيشوا سوى عمر كامل، بيتشاركوا كل حاجة، لبس، أكل، مشاكل، وفي النهاية الحياة بتبعدنا، جواز، سفر وغيرهم، أو سوء تفاهم يزعلنا من بعض لفترة من الفترات، ولكن في الآخر ملهمش غير بعض، بمجرد حضن كل التلج بيذوب، وكل حاجة بتهون، بس لأننا سوى.
انتبهتلها:
– ناديتي؟
هزت راسها:
– سألتك..
– عن إيه؟
ابتسمت:
– مش ناوية تريحيه بقى؟
– زين؟
هزت راسها، فرديت:
– لازم يتعلم يواجه يا روان، ويفهم إن الهروب عمره ما كان حل، وممكن يضيع من إيدينا حاجات كتير.
اتنهدت وكمّلت:
– ومحتاج يفهمم أهمية العلاقات، وأهمية وجودها في حياتنا.
ابتسمِت:
– بتحبيه؟
– زين خلاني احس بمشاعر ماكنتش متخيلة أنها ممكن تكون لسه موجودة جوايا، حُبي لزين متخلف، مشاعري نضجت وفهمت الدنيا أكتر آه، بس برضو بحس تجاهه بمشاعر مختلفة، حاجات بحسها لأول مرة، مع أنها يمكن اتكررت لما اتجوزت فارس، بس كل حاجة مع زين مختلفة.
– طب يا رها ما توافقي!
– لما يتربى شوية.
ضحكت ورجعت بصت للفيلم تاني، ابتسمت وسرحت لذكرى بعيدة، تحديدًا اليوم اللي فارس جه فيه القاهرة.
***
– روان امتحاناتها أو شهر 5، يعني كمان شهر ونص، ارجعوا اسكندرية سوى، هي تحضر امتحاناتها ومراجعاتها هناك، وأنتِ فكري كويس.
– افكر في إيه؟
– حابة ترجعي لفارس ولا..
بس لروان، بعدين قال حاجة خلتني اقف بسرعة من الصدمة، بصيتله وقولت:
– أنت قولت إيه؟
ابتسم وهو بيقول:
– زين طلبك مني من فترة.
وقفت وبصيتله بصدمة:
– مين!!
– أمال أنتِ فاكرة أنا وافقت يوم وسط البلد ليه؟
كمّلت روان:
– وأنا وقتها سيبتكم لوحدكم ليه؟
قعدت وبصيتلهم وأنا بتكلم بانفعال:
– وأنتوا ازاي محدش فيكم يقولي حاجة زي كده؟
– هو صارحني، قال أنه شايفك شخص مناسِب بس، لكني كنت حاسس العكس، وعشان كده مريحتوش.
– مش فاهمة؟
– يعني هو مش فاهم نفسه، وأنا ماكنتش عايز أقولك عشان متشغليش بالك، وقولتله سيب الأمور تمشي ولو حسيت إنك حاسة بقبول يبقى نتكل على الله، بس ظهور فارس ماكنش متوقع.
سكت ثواني وكمّل:
– ضيقه من وجود فارس أثبتلي إني كنت صح، بس برضو هو محتاج قرصة ودن.
رجوعك اسكندرية تاني هيعرفنا الخطوة الجاية هتكون إيه.
– أنا مش مقتنعة يا يزن، وكمـ…
قاطعني:
– أنا مبقولكيش استنيه يا رها، برغم إني عارف إن زين مش هيقول حاجة إلا لو متأكد منها، بس أنا بقولك فكري، سواء في موضوع فارس لو حابة، وخدي قرار في موضوع زين، واللي يريحك كده كده اللي هيحصل، وهفضل داعمك مهما حصل.
***
“حبيبي يا رِقة
فاكر ولا لأ!
فاكر الهوا؟”
– فاكر يا كتكوتة.
اتخضيت وبصيت جمبي، فأول ما شوفته رجعت خطوتين لورا، قرب وهو بيقول:
– شوفتِ عفريت ولا إيه؟
مسحت على وشي بتعب:
– إيه جابك عندنا؟
ابتسم:
– جاي اشوف جميلة.
رفعت حاجبي:
– جميلة؟
حلوة جميلة؟
– اسم على مُسمى.
حاولت تكون ردود أفعالي هادية، ابتسمت بسماجة:
– طب هي موجودة هنا الست جميلة؟
– لأ.
– أمال جيت ليه؟
– جاي اجيبك ونروحلها.
بصيتله باستغراب لثواني، بعدين دماغي ربطت الاسم، فابتسمت بإحراج:
– طنط جميلة مامتك؟
هز راسه وابتسم:
– عايزة تشوفك، هي فاتحة جاليري قريب من هنا، تيجي تسلمي عليها؟
سكت ثواني بعدين قولت:
– هقول لروان عشان متقلقش عليا.
– ابعتيلها لوكيشن خليها تيجي.
بعد ساعة كنا أنا وهو وروان وعبدالرحمن أخوه وغادة مرات أخوه، وحبيبة بنت عبدالله أخوه الكبير، قعدنا نتغدى كلنا في مطعم جمب الجاليري، مامته تعاملها لطيف برغم إن ملامحها نوعًا ما حادة، ومرات أخوه دمها خفيف بشكل مش طبيعي، في أواخر شهور الحمل فمطلعة كل الهرمونات على عبدالرحمن، تقريبًا اتخانقوا حوالي 10 مرات من أول ما قعدنا، روان وحبيبة في نفس السنة الدراسية ونفس الشعبة، فاندمجوا سوى بسرعة.
في وسط الأكل مامته سألتني:
– عندك بيبي يا رها؟
بصيت لزين، بعدين قولت:
– لأ يا طنط.
– كان فيه مشكلة عند حد فيكم؟
رد زين بحِدة:
– ماما لو سمحتِ!
طريقتها ماكنتش حادة وهي بتسأل، يمكن من باب الفضول، أو من باب أنها بتطمن عليه، فابتسمت ورديت بهدوء:
– لأ الحمدلله، احنا الاتنين كويسين، بس كنا مقررين من قبل الجواز نأجل الخِلفة شوية لحد ما نتعود على طباع بعض.
ابتسمِت:
– قرار سليم، الطفل كان هيتئذى بشكل مش طبيعي من عدم التفاهم.
حاول زين يغير الموضوع، فقال:
– تعرفي إن رها بتكتب رواية وقربت تنشُرها؟
ابتسمِت:
– عن إيه؟
ابتسمت أنا كمان وبدأت احكيلها فكرة الرواية والاسم، كانت بتناقشني في كل تفصيلة تقريبًا، بدأت تديني نصايح في حاجات لو غيرتها يمكن تكون واقعية أكتر،
فات حوالي ساعتين واحنا بنتكلم، الست لطيفة ومثقفة لأبعد حد حقيقي، وجميلة، اسم على مُسمى زي ما زين قال.
قومنا وقفنا أنا وروان وابتسمتلهم:
– شكرًا على القعدة اللطيفة دي، بس لازم نستأذن.
قامت وقفت ومدتلي إيديها، قربت فحضنتني بحب:
– هستناكِ تاني تكمليلي باقي الرواية.
وعدتها إني هجيلها تاني، وسلمنا على الكل واتحركنا.
أول ما خرجنا سابتني روان لأن كان عندها درس، واتمشينا احنا، هو مازال خايف ياخد خطوة، الفترة اللي فاتت ماكنتش كافية لآخد قرار؟
غمضت عيني وخدت نفس وخرجته، فتحت عيني أول ما سأل:
– انبسطتِ لما رجعتِ؟
ابتسمت:
– كل الناس بترتاح أول ما بيرجعوا لوطنهم، مهما بعدوا ومهما راحوا أماكن أحسن وأجمل، فبيفضل المكان اللي اتولدوا وعاشوا حياتهم فيه هو موضع الراحة الوحيد.
– كان ممكن تختصري وتقولي آه على فكرة.
ابتسامتي اختفت واتحركت بعيد عنه، فضحك ورجع وقف قدامي:
– أنا آسف، بهزر والله.
– متهزرش تاني ارجوك.
– أنا آسف.
ابتسمت وسكتّ، فضلنا بنتمشى شوية بدون كلام، أنا حاسة أنه مش هيتكلم إلا لو شايفني بموت قدامه!
– رها..
انتبهتله، وقف وبصلي بتردد:
– بصراحة أ.. يعني..
– رها؟
بصيت للصوت ورايا، كان فارس، رجعت بصيت لزين تاني، ملامحه اتحولت 180°، قرب مننا وقال بابتسامة:
– كنتِ جايالي؟ فكرتِ مش كده؟
رفع زين حاجبه:
– جايالك؟
بصيتله بتردد:
– بيتنا.. اقصد بيتي القديم، بيت فارس يعني الشارع اللي بعد الجاي.
– كده؟
رد فارس:
– فكرتِ؟
لفيتله وقبل ما اتكلم قال هو:
– بعد إذنك حابِب الكلام يكون بينا لوحدنا.
بصيت لزين وشاورتله بعيني، فضل واقف ثواني، بعدين بعِد، رجعت بصيت لفارس تاني وبدأت اتكلم:
– فارس أنت عارف إن على المستوى الشخصي أنا بعزك جدًا..
اتنهدت وكمّلت:
– مش قادرة يا فارس، لو كنا هننجح كنا نجحنا قبل كده.
– بس..
قاطعته:
– أنت مفيش فيك مشكلة، المشكلة فيا أنا.
– بتحبيه؟
– لو فاكر إن عشانه تبقى متعرفنيش فعلًا يا فارس.
اتنهد:
– آخر قرار؟
هزيت راسي، فكمّل:
– وأنا مش هضغط عليكِ يا رها.
ابتسم بهدوء وكمّل:
– كفاية إنك هتكوني مبسوطة.
شكرته بامتنان، ومشي، أنا كرها شخص بيكره لحظات الوداع، بس أحيانًا فيه وداع بيكون أكتر حاجة مريحة ممكن تحصلنا.
***
“في بيت أهل رها”
– أنا تعبت! كفاية كفاية بقى.
صوته عِلي أكتر:
– أنتِ كمان بتعلي صوتك؟؟
ردت الأم:
– عبدالرحمن اهدى، كل حاجة وليها حل.
ردت روان وهي مازالت بتعيط:
– أنت عايز مني إيه؟ مش سبتلك البيت ومشيت وريحتك مني فترة؟ اتضايقت إني رجعت؟ رجعت مغصوبة عشان الامتحان، وأهي كلها كام يوم وهمشي نهائي، مش قادر تيجي على نفسك كام يوم بس!
– أنتِ مشوفتيش تربية، كان حد من اخواتك يقدر يرفع عليا صوته كده؟
وقفت قصاده وبدأت تزعق:
– اخواتي اخواتي اخواتي، كل حاجة اخواتي، أنت لما بتقول كده مبتفكرش فيا؟ مبتفكرش كل مرة بتدوس عليا وبتقارني بيهم، كل مرة مبعملش اللي أنت عايزه وبعمل اللي أنا حاباه برغم أنه مش غلط، كل مرة بتحسسني إني قليلة لأني مش الشخص المثالي في نظركم، مبتفكرش أنا بيحصل فيا إيه؟
– أنتوا اللي المفروض آخد منكم ثقتي في نفسي، عشان اقدر اواجه العالم، بقيتوا السبب الأساسي لخوفي وضعفي وعدم ثقتي في نفسي واللي حواليا، لو أهلي مش شايفني شخص كويس، شخض يستحق، الناس هتشوفني إيه؟ أنا هشوف الدنيا ازاي؟
قولتولي إني بغير منهم، آه أنا بغير منهم، يزن! يزن ده حبيبي وأول فرحتي، في الرايحة وفي الجاي بيتقال يا أم وأبو البشمهندس، رها؟ هو فيه في جمال وأخلاص وشطارة رها؟
– طب وروان؟ هي روان مدخلتش علمي ليه عشان تطلع زي اخواتها؟ ليه روان معندهاش صحاب كتير زي يزن ورها؟ ليه روان مش بيضة وحلوة زي رها؟ ليه مش طويلة زي يزن؟ هي رفيعة كده ليه مش طالعة لاخواتها؟
روان روان روان، وكأن مفيش أسوء من روان، كل المشاكل سببها روان، كل تعبكم بسبب روان، عمري ما سمعت منكم كلمة ولا مدح فيا، دايمًا المدح ليزن ورها، هنطبخ الأكل اللي يزن بيحبه لأنه جاي النهارده، هنعمل لرها بسبوسة لأنها بتحبها..
طب وروان؟ أنا فين يا بابا؟
قعد على الكرسي بتعب، بصلها بعتاب وهو بيقول:
– بقيت أنا الوحش؟
أنا بس كنت عايزك كويسة، كنت بحـ…
قاطع كلامه تليفونه وهو بيرن، بصلهم وهو بيقول:
– دي رها.
دموع روان زادت أكتر، حتى بعد كل اللي قالته، هيرمي كلامها عشان تليفون رها؟
– ألو؟
سمع صوت من الجهة التانية، فقام وقف بسرعة:
– إيه؟ حصل ازاي!
مستشفى إيه؟
قفل الخط واتحرك لباب الشقة وهو بيقول:
– رها عملت حادثة.

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية استقلال)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى