روايات

رواية استقلال الفصل الثاني 2 بقلم ساندي عاطف

رواية استقلال الفصل الثاني 2 بقلم ساندي عاطف

رواية استقلال الجزء الثاني

رواية استقلال البارت الثاني

استقلال
استقلال

رواية استقلال الحلقة الثانية

– محتاجة حاجة؟
قعدت وبصتلي من غير كلام، بعدين قالت:
– حصل حاجة من فترة..
اتعدلت وانتبهتلها:
– حصل إيه؟
– فارس كلمني من فترة.
بصتلها باستغراب، فكملت:
– كان بيطمن على امتحاناتي، وفي وسط الكلام سألني عليكي.
– قولتيله إيه؟
– معرفش إذا كنتِ حابة تعرفيه حاجة عنك أو لأ، عشان كده اتهربت ومدتهوش تفاصيل.
اتنهدت بارتياح وهزيت راسي، فكملِت:
– هو أنا اقدر اسألك سؤال؟
– مش محتاجة تسألي إذا كنتِ تقدري أو لأ.
– أنا مش عايزاكي تحسي إني متطفلة، بس..
قاطعتها:
– بس أنا أختك مش صاحبتك.
– يعني إيه؟
– يعني مفيش حد فينا بيتطفل على التاني يا روان، احنا اخوات، حقنا على بعض نطمن على بعض ونعرف أحوال بعض، وده عمره أبدًا ما كان تطفل.
بصت للشارع قدامها شوية، من تفاصيل وشها فاهمة هي بتفكر في إيه، فضلنا ساكتين لحد ما هي سألت:
– أنتِ وفارس اتطلقتوا ليه؟
قبل ما ارد كملت هي بانفعال:
– لو هتقوليلي زي ماما وبابا أنتِ لسه صغيرة ودي حاجات كبار والكلام ده، فـ وفري طاقتك وخليني امشي أحسن.
فهمت أكتر هي مالها، كلامها معناه أنها فكرت تسأل بابا أو ماما، وبطريقتهم ضايقوها، وبسبب ده هي أخدت يومين كاملين بتصارع نفسها أنها تيجي تكلمني!
ابتسمت:
– لسه صغيرة؟ ليه يا حبيبتي مبتعرفيش تنطقي لسه؟
بقيتِ أنسة كبيرة وخلاص كلها سنة وتبقي في جامعة.
بصتلي بشك، فبدأت احكيلها.
ختمت كلامي:
– حاولنا كتير بس النتيجة واحدة.
– بس فارس بجد بيحبك.
– عمر الحب ما كان كفاية يا روان، ممكن الاتنين يقدروا يعيشوا من حب عادي، الاحترام بيكون سائد وبيبنوا بيت كويس كمان، ممكن يسامحوا بعض أو يعدوا لبعض، بس لو مفيش تفاهم، مستحيل يقدروا يكملوا.
– أنتِ مرتاحة؟
ابتسمت:
– كده احنا الاتنين مرتاحين.
سكتت، فقولتلها:
– حابة تقولي حاجة؟
– كنت طالعة اطمن عليكي بس.
ابتسمتلها وهي قامت تمشي، وأول ما خرجت من البلكونة ناديتلها:
– روان؟
بصتلي فكملت:
– شكرًا.
– على إيه؟
ضحكت:
– عشان طلعتي تطمني عليا.
ابتسمت:
– احنا اخوات، حقنا على بعض نطمن على بعض ونعرف أحوال بعض.
سابتني ومشيت بسرعة قبل ما ارد حتى، روان أختي أطيب قلب فينا، لكن الظروف أحيانًا بتجبر الشخص أنه يحاول يقسى، ولكن في الآخر بيلين، وحنيته بتغلب على قسوته.
– احم..
انتبهت فلقيت زين واقف قدامي، فقولت:
– واقف من بدري؟
– يعني.
رديت بحدة:
– يعني كنت بتتصنت علينا؟!
ضحك بسخرية:
– حلال ليكي وحرام ليا؟
فهمت أنه بيرمي على أول امبارح، معقولة شافني؟
– آه شوفتك.
بصيتله بذهول فكمّل:
– بتفكري بصوت عالي.
اتنهدت:
– أنت مُتعب.
ابتسم ابتسامة غريبة مقدرش افهمها، بعدين سأل:
– بتكتبي إيه بقى؟
بصيتله فكمّل:
– عرفت من مريم إنك بتكتبي رواية، عن إيه؟
– عن العلاقات.
– اشمعنا العلاقات؟
– لأنك مهما كنت شخص قوي ومبيهموش أي حاجة، فبرضو هتحتاج ونس، أب يحميك، أم تحبك بدون أي شروط، أخوات في ضهرك دايمًا، وشريك حياة تتقاسم معاه همومك.
– كلامكم كلكم زي بعض.
– كلنا مين؟
– اللي بيكتبوا، الأب أحيانًا بيكون هو مصدر الأذى مش الحماية، وفيه أم بتحبك بشروط، لو شاطر هحبك، لو سمعت الكلام هحبك، ده غير الاخوات اللي بياكلوا في بعض ولا كأنهم أعداء..
ملامح وشه اتغيرت ومسكته لسور البلكونة زادت، عروق إيده ووشه برزت بشكل ملحوظ، كمّل بعصبية:
– ومين قال إن شريك الحياة هيتقاسم معاك همومك؟ ممكن يكون هو السبب الوحيد لهمومك.
حاولت احافظ على هدوئي:
– مينفعش نختار شخص غلط ونعلق نتيجة اختياراتنا عليه هو.
كمّل بنفس العصبية:
– كلكم بتتجملوا في الأول، مبيكونش فيه غلطة واحدة تخلينا ناخد بالنا حتى..
ضحك بسخرية:
– دي حتى نظرة العين بتزيفوها!
كنت بصاله بهدوء مستنياه يكمّل، لكنه مسح على وشه بعصبية، بعدين دخل جوه من غير ولا كلمة.
فضلت باصة مكان ما دخل، ماكنتش محتاجة حد يجي يشرحلي أنه مجروح من علاقة، مجروح إيه، ده متعقد!
ضحكت بسخرية، حاساه خرج من رواية، بطل بارد معندوش دم ولا ذوق متعقد من صنف النساء كله، ده حتى كمان اسمه زين! خارج من الواتباد على هنا.
– على أساس أخوكي اسمه محمود؟ ما هو اسمه يزن!
شهقة صغيرة خرجت مني، هو جه امتى؟
– من أول بارد ومعندوش دم.
حطيت إيدي على وشي بتعب، بعدين بصيتله بتردد:
– أنا آسفة و..
قاطعني:
– أنا اللي خرجت تاني عشان اعتذرلك.
بص للشارع شوية، بعدين اتنهد وبصلي:
– آسف إني انفعلت من غير سبب.
ابتسمت، بيعتذر؟ ده بيعرف يعتذر كمان؟
ضحك بصوت عالي:
– آه بعرف أعتذر، تصبحي على خير يا رها.
دخل تاني، فقومت خدت حاجتي ودخلت أنا كمان، قعدت على الكنبة وفي ابتسامة لا أعلم مصدرها مفارقتش وشي، رها؟ ضحكت لما افتكرته بيقولها، يمكن لأني لسه واخدة بالي أنه عنده لدغة بسيطة في حرف الراء، هي تكاد تكون غير ملحوظة، بس بتفلت منه أحيانًا..
زين الكاشف، يا ترى مين ده؟
***
كانت قاعدة بتبصلي بذهول:
– يعني إيه؟
بصيت لمريم وضحكنا، وهي بتبصلنا بحيرة، بعدين بصتلي وقالت:
– يعني بجد أنتِ كنتِ شايلة مادة في سنة من سنين الكلية؟
ردت مريم:
– شلناها يا روحي، أختك ومرات أخوكي شالوا نفس المادة.
– يا مريم أنتِ عادي! بس ده حصل بجد يا رها!
بصيت لمريم بصة فهمتها، خطتنا جابت نتيجة كويسة جدًا.
ضحكت:
– حصل بجد للأسف، كنا في سنة تالتة، وخدناها في السمر كورس.
كمّلت مريم:
– ويزن وقتها اللي ذاكرهالنا.
ابتسمت بتوتر وحاولت تقلل ذهولها، لكنها برضو سألت:
– طيب حسيتي بإيه وقتها؟
– اتضايقت شوية في وقتها، بس بعدين الموضوع بقى عادي.
– محستيش إنك فاشلة!
ضحكت مريم:
– عشان شالت مادة؟ ده على كده يزن وزين عدوا مرحلة الفشل!
بصتلنا بذهول أكبر وقالت بصوت عالي:
– هو يزن عمره شال مواد!!!
– أخوكي؟ أخوكي كان كل سنة تقريبًا بيشيل.
فضلت ساكتة شوية بعدين سألت:
– طب وبابا وماما قالوا إيه؟
– مكانوش يعرفوا.
بصتلي:
– كدبتي عليهم؟
– مكدبتش، هما مسألوش وأنا محكتش، أنا قولت إني نجحت، وبالفعل كنت ناجحة، والمادة اتصرفت فيها لوحدي.
سكت شوية وكملت:
– بصراحة ده كان تبرير عبيط حاولت اقنع نفسي بيه إني مكدبتش، بس ماكنش عندي القدرة اواجه.
– يعني عادي؟ أننا نشيل مادة أو حتى نجيب درجة وحشة؟
– نهاية العالم؟ قصرتي في حق ربنا؟ في حق نفسك؟ في حق أهلك؟ في حق صحتك؟ لأ، يبقى عادي، اللي مش عادي إنك تيجي على نفسك بزيادة عشان تحققي حاجة دونيوية تقدري تعوضيها، مبقولكيش تهملي، لأ بالعكس، حاولي واعملي اللي عليكي، ومش معنى إنك وقعتي مرة إنك فاشلة، حتى لو وقعتي أكتر من مرة، عادي، كل ده عادي، الفشل كلمة المجتمع حطها وخلاص، بس مفيش حاجة اسمها أنا فاشل، مش أنتِ بتحاولي؟ حتى لو ملقتيش نتيجة، فأنتِ حاولتي، ومفيش حد بيحاول وبيكون فاشل.
بصيت لمريم لقيتها بتبصلي بفرحة، من تعابير وش روان فهمنا أننا نجحنا، نجحنا جدًا كمان.
***
فات حوالي أسبوعين على وجود روان هنا، وحوالي شهر ونص على وجودي هنا.
الدنيا بدأت تستقر، علاقتي بيها بقت أهدى، أكيد مش أوي، لكنها أهدى بكتير عن الأول، هتاخد وقت طويل لحد ما تبقى طبيعية، هي مش قادرة تتعامل طبيعي، بحس إن كل ما بتقرب فيه حاجة بتشدها، معذورة، لو أنا جبت شخص وقعدت طول الوقت أقوله ذاكر عشان تبقى زي فلان، خليك هادي زي فلان، اتكلم زيه، البس زيه امشي زيه، أكيد الشخص الأول هيكره التاني غصب عنه!
يمكن التاني ده بالفعل كويس وشاطر في دراسته وحياته وشغله، بس الأول مش هو، احنا مش مضطرين أننا نمشي على خُطى غيرنا، ممكن ناخد ناس كويسة مثل أعلى لينا، أنهم نجحوا ووصلوا والناس حباهم، لكن مستحيل أقدر أمشي حياتي كاملة زي شخص تاني، ماكنش ربنا هيخلق كل واحد بشخصية مستقلة غير التاني، خلقنا مختلفين عشان اختلافنا بيكمل العالم، لو مشينا كلنا على نفس النمط؟ هنبقى مهمشين، لو كلنا عملنا نفس الحاجة بنفس الطريقة، مفيش حد هيبقى مميز، هنبقى كلنا بنزايد على بعض وخلاص!
***
مفيش أسوء من يوم الحد الساعة 9 الصبح، اللي رايح شغله، واللي رايح المدرسة، فمستحيل بل من سابع المستحيلات تلاقي مواصلات، كنت عاملة حسابي فنزلت بدري، حاولت الاقي تاكسي بس مفيش، كل أبلكيشنز التاكسي بتكنسل الرحلة بعد ما اطلب بدون سبب! مريم ويزن عندهم ميعاد ف مدرسة فريدة فمشيوا بدري سوى، طب وأنا؟ يعني اترفد من شغلي عشان مش معايا عربية يا رب!
– تحبي اوصلك؟
اتخضيت وبصيت ورايا لقيته هو! البني آدم اللي مجرد وجوده بس بيوطيلي ضغطي!
– لأ ألف سلامة.
ماكنتش محتاجة اعرف إني أكيد فكرت بصوت عالي وسمعني، خدت نفس وخرجته وقولت بهدوء:
– هو بس مفيش أي تاكسي ومريم ويزن عندهـ…
قاطعني:
– عارف، أنا راكن هناك، اتفضلي.
ماكنش فيه حيل اناهد، وماكنش فيه أي وقت أصلًا للمناهدة، اتحركت بهدوء لعربيته، وركبت من غير كلام واتحركنا.
فضلنا ساكتين أغلب الطريق، لحد ما هو قطع الصمت وسأل:
– مش هتكمليلي باقي الرواية؟
بصيتله بسخرية:
– وتقوم قالب بينا العربية؟
ضحك، أنا مبشوفهوش بيضحك غير مرات قليلة، تقريبًا أغلبهم وهو بيلاعب فريدة.
– متقلقيش، كمّلي.
بدأت اشرحله الفكرة واحدة واحدة، وأنها بتناقش العلاقات الإنسانية كلها بشكل عام، وكمان أنماط الشخصيات ولكن بشكل فلسفي شوية،
كنا وصلنا قدام الشركة وقبل ما ندخل سأل:
– واسمها إيه بقى؟
ابتسمت ورديت وأنا بدخل:
– فصول السنة الستة.
***
ريحة المخبوزات بالنسبالي أحسن من أحسن دكتور نفسي، أكتر حاجة ممكن تعدل مزاجي وتحسسني إني مبسوطة.
كنت واقفة في المطبخ بعمل كيكة، لقيتها بتفتح الباب وداخلة ووشها باين عليه الخوف، دخلت الصينية الفرن وقربت منها:
– مالك؟ فيه حاجة؟
قبل ما اكمل آخر جملة لقيتها قربت بسرعة وحضنتي، حضنتني! روان حضنتني و.. بتعيط!!
شديتها لعند الكنبة وقعدتها وسألت بخوف:
– روان.. روان إيه اللي حصل؟
قالت حاجة لكني مفهمتهاش من عياطها، فكمّلت:
– براحة براحة، خدي نفسك واحكيلي مين زعلك!
مسحت دموعها دموعها وقالت:
– النتيجة طلعت.
سكت ثواني بعدين حضنتها:
– طب يا حبيبي كانت وحشة؟ مش مشكلة والله فداكي أي حاجة.
عياطها زاد أكتر:
– ناقصة في التاريخ درجتين عن النص،
ماما اللي جابتها وبهدلتني يا رها.
شددت على حضنها:
– هي بس عشان متعودتش منك على كده، بس أنتِ مفيش فيكي مشكلة والله، فداكي ألف امتحان.
بعدت عني ووقفت وبدأت تزعق:
– قالتلي أنتِ فاشلة وإن عمر ما حد فيكم جاب درجات وحشة نهائي، وإني كنت غلطانة لما اختارت أدبي، المادة اللي المفروض أنها أهم مادة عندي سقطت فيها في الترم الأول.
قالتلي ليه متكونيش زي اخواتك!
ضحكت ودموعها بتنزل وكملت بنفس الزعيق:
– هي ليه عايزاني اكون نسخة منك!
أنا ليا شخصيتي اللي ممكن تكون أحسن من شخصيتك، اختارت حاجة بحبها ومسمحتش تتفرض عليا، هي عشان كده مش حاباني؟ شايفاني عاق عشان معملتش اللي اللي هي عايزاه، طب وأنا؟
قربت مني ونزلت قدامي على الأرض:
– هو أنا مستحقش أتحب زي ما أنا يا رها؟
أنا وحشة للدرجادي؟ ليه لازم أبذل مجهود عشان اشوف نظرة الحب في عيونهم يا رها؟
طيب طالما هما مش عايزني، خلفوني ليه؟ ليه مسابونيش وأنا صغيرة في أي ملجأ أو غيره!
قامت وقفت وكمّلت:
– إني أكون فاكرة أنهم روموني أو ميتين أحسن ما اكون عايشة طول عمري معاهم وبحاول أفهم فين غلطتي وهما مش حابيني ليه؟
هما.. هما..
مكملتش الجملة ولقيتها وقعت قدامي فصرخت:
– روان!

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية استقلال)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى