روايات

رواية إنما للورد عشاق الفصل الرابع 4 بقلم ماهي عاطف

موقع كتابك في سطور

رواية إنما للورد عشاق الفصل الرابع 4 بقلم ماهي عاطف

رواية إنما للورد عشاق الجزء الرابع

رواية إنما للورد عشاق البارت الرابع

إنما للورد عشاق
إنما للورد عشاق

رواية إنما للورد عشاق الحلقة الرابعة

أسرع مهرولًا نحوها جاذبًا إياها من رسغها بقوةٍ؛ كي يتحدث معها لكن حركت رأسها بنفي، عَلمت “فيروز” بأن القادم عاصفة هوجاء تحمل الكثير في طياتها نظرًا لتحدي “فرح” وغضب “عاصي” من حديثها التي أخبرت بهِ والدته وإنها ستُغادر البلاد بعيدًا عنهم،
بينما “عنان” زفرت بيأس تاركة إياهم ذاهبة نحو المطبخ فحينما يحدث مشاجرة تُعِد طبقٍ من الذرة وتجلس تستمتع بهذا ..
صاح “عاصي” بها بعدما استنفذت طاقته بالحديث معها: اثبتي بقي وكفاية قلة إحترام ليا
رمقته شزرًا قائلة بغضب سافر: وكان فين إحترامك ليا وسط الناس وأنت بتقول ليا إني متربتش؟
نفضت يده بقوةٍ بعيدًا عن خاصتها لتتابع بإحتدام: والا علشان أنت الكبير تتصرف براحتك؟، ابعد ايدك عني مش مسموح ليك تلمسني كده
شهقت “فيروز” بتوجسٍ من عدوانية “فرح” نحو ابنها مُدركة بأن هناك فجيعة ستُقام لا محال، أغمض “عاصي” جفونه مُحاولًا السيطرة علىٰ ذاته كي لا يفتك بها
زفر بعمق ليُعاود التُمهل قائلًا بنبرةٍ هادئة: طب خلاص، حقك عليا متزعليش منى يافرح، أنا افتكرته والله بيضايقك؛ فعلشان كده اتعصبت
طأطأت رأسها أرضًا فأجابت بعتاب: لو بيضايقني هجيب حقي وأنت عارف، بس كلامك وجعني أوي حسيت إني مليش سند ولا ناس في الدنيا بعد أبويا وأمي
شعر بالشفقة نحوها ليتقدم منها؛ مما جعلها تتسع عينيها مُبتلعة ريقها من قُربه المُهلك لقلبها العاشق له ، وضع يده فوق ذراعها قائلًا بحنوٍ أخوي: أنتِ مش بنت عمي بس يافرح
اتسعت ابتسامتها لتتحدث بداخلها مع ذاتها: ياربّ يقول أنتِ حبيبتي يافروحة ياربّ
مُغمغمًا بخفوت: أنتِ بنت عمي وأختي الصغيرة، صدقيني عمري ما فرقت بينك وبين عنان
لتتلاشا سعادتها ويُعاود لديها الشعور بالحزن من حديثه المخترق لقلبها،
سحقًا بما تشعر بهِ من خيبة أمل واستسلام مخزي لحياتها البائسة وقلبها !!
ومن جهة أخرى ذكرياتها السعيدة وعشقها له الذي يشعل النيران في صدرها وتآكلها حتىٰ النهاية !!
ابتلعت غصّة مريرة نتيجة حديثه فابتسمت بتكلف قائلة بخفوت: ربنا يخليك ياعاصي، بس معلش هرتاح أكتر لو مشيت وسافرت برا مصر
لتُسرع “فيروز” بقولها الحاد: مش هتمشي يافرح والله ماهتمشي، حتىٰ لو فيها موتي
تشنجت ملامح وجهه بقسوة قائلًا بعصبية: بس ياماما اسكتي، واتفضلي جوه عند عنان
رمقت”فرح”بعتاب ثم غادرت دون قول حديثٍ آخر، بينما “عاصي” سحب نفس عميق مُحاولًا التمهُل أكثر كي لا يعنفها لرأسها اليابسة تلك
قائلًا بنبرةٍ هادئة: هتسافري لية ولمين يافرح؟ أنا اعتذرت منك و لو بتحبي ماما اقعدي، ووعد منى مش هتكلم معاكِ ولا انصحك تاني طالما مش بتتقبلي النصيحة، بعد اذنك
تركها في حيرة من أمرها مُتسألة ذاتها هل تبقي أم تغادر؟
لا تعلم؛ لكنها مُدركة جيدًا بأنه لا مفر من نسيانه مهما ابتعدت عنه يظل حبه كالسُم في قلبها المهترئ !!
أطلقت زفرةٍ محملة بالأوجاع مُلتقطة حقيبتها استعدادًا للمغادرة غير عابئة بحديثٍ أحد،
زفرت بحنق حينما استمعت لنداء “عنان” قائلة بنحيب: علشان خاطري متمشيش يافرح، مليش حد اتكلم معاه ولا احكيله مشاكلي غيرك
التفتت لها لتتسع عينيها بدهشة من عبراتها الغزيرة لتقول بتلعثم: عـ عنان أنا …
بترت حديثها برجاء: اوعدك والله هروح لدكتور نفسي زي ما كنتِ بتقولي ليا وهعمل كل حاجة عايزاها والله، بس متمشيش
مسحت عبراتها المتساقطة لتتابع بسعادة وتهللٌ: طب اقولك علىٰ خبر هيفرحك ويجبرك تقعدي؟
نظرت إليها بتساؤل تُحثها علىٰ تكملة الحديث مُضيفة بعيون لامعة بشغف : عثمان زميلي في الكورس اتقدم ليا، وأنا مبسوطة أوي علشان دلوقتي هقدر اخد ميعاد من عاصي
تلاشت “فرح” بريق عينيها نحو الحديث الذي وقع علىٰ مسامعها لتقول بعدوانية: قُلتي لحد؟
قهقهت “عنان” قائلة بتوجسٍ مصطنع: أنتِ أول حد ياكبيرة
اقتربت منها مُعانقة إياها بسعادة رابتة فوق ذراعها بحنوٍ، فابتعدت عنها قائلة بإنشراح: مبسوطة أوي ليكِ ياعنان، ربنا يكمل ليكِ علىٰ خير ياحبيبتي ويرزقك بالسعادة دايمًا ياربّ
ابتسمت لها بإمتنان لتستطرد الأخرى بشيء من الحدة :
هقعد، بس لو أي إساءة تاني حصلت ليا همشي بجد
أومأت لها بلهفة ثم امسكت بالحقيبة واليد الأخرى بيد”فرح”ثم دلفا إلىٰ الغرفة مرةً أخرى غافلين عن الأعيُن التي تراقبهم بإبتسامة لعلاقتهم القوية المحببة لأي شخصٌ يراهم متواعدًا بداخله نحو”عنان” لحديثها الخفيّ هذا ..
***
كانت مشدوهة ملجمة اللسان لا تستطيع الحركة والحديث، رغمًا عنها فرت دمعة حارة من عيناها، ظلت تلطم وجنتيها بقسوة كأنها فقدت أعز الأشخاص لديها للتو !!
ضربت بقبضتها الملاءة مُطلقة صرخة تحمل الكثير والكثير،
يكفي عذابٍ يتفرس بين طياتها حتىٰ أصبح كآنينٍ باهت تفوح منه رائحة الموت !!
فُتح الباب علىٰ مصراعيه ليدخل “فريد” لاهثًا نتيجة ركضه حينما استمع لصراخها بالأسفل
جلس بجوارها فوق الفراش قائلًا بلهفة: مالك ياورد، أنتِ كنتِ بتحلمي والا إيه؟
حركت رأسها بنفي متفوهة بنحيب وتلعثم: أ أنا عايزة امشي من هنا في عفاريت، والله في عفاريت
أغلق جفونه متنهدًا، لاعنًا ذاته بما فعله معها لكن لا بيده حيلةٍ ليفعلها فحُبه لها أصبح كاللعنة المصاحبة أينما كان !!
عاد إليها الخوف مرةٌ أخرى ليدب في أعماقها بأشد صورة كلما نظرت نحو جسدها المليئ بالكدمات الزرقاء لترتجف كورقةٍ خريفية وحيدة فوق غصن شجرة في مهب الريح؛
قائلة بتوجسٍ: بالله عليك خليني اروح عند خالتي مش عايزة اقعد هنا، بص جسمي مليان علامات إزاي؟
لتتسع عينيها مُغمغمة بخفوت: ومش بحس بحاجة خالص، ولا بفتكر حصل إيه معايا، ومين إللى عمل فيا كده؟
نهض من موضعه حينما وجدها تُعاني بهذا الشكل الموجع، ألمًا مفرط اجتاح كل خلية بجسدهُ، روحهُ تتمزق، عبراتها أمامه تحولت إلىٰ قطع زجاج تشحذ صدره،
اقترب منها هامسًا بنبرةٍ هادئة وأخرى مُراوغة كأنه لم يفعل شيء مطلقًا: حقك عليا ياورد من كل حاجة، خلاص اهدي وقومي البسي نروح للدكتور نشوف إيه سبب الكدمات دي
حركت رأسها بذعر ناظرة يمينًا ويسارًا مما جعله يتسأل هل جنت أم ماذا !!
أشفق كثيرًا لهيئتها المذعورة تلك فتحدث بهدوء نسبي: هوديكي للدكتور وبعدين نيجي نحضر الشنط علشان نسافر شرم زي ما أنتِ عايزة، اتفقنا؟
لم تُجيبه فقط حركت رأسها بإيماءة لتهبط الدرج خلفه،
أخبرها بالانتظار بالخارج ثم تحرك صوب المطبخ ليجد “سعاد” تقبع فوق المقعد شاردة؛ لكنها فزعت مُبتلعة ريقها
حينما وجدته أمامها ليقول بخفوت مُشيرًا نحو البراد: ادلقي عصير البرتقال ومتديش ورد حاجة تانية غير بأمر منى، فاهمة؟
أومأت له بلهفة ثم غادر دون أن ينبث بكلمة أخرى معها، بينما هي وجدت هاتفها يُنير فابتسمت بسعادة ثم أخذته وخرجت تتحدث بالخارج غير عابئة بحديثه والعواقب الوخيمة التي ستحدُث !!
****
طرق الباب بخفة فلم يجد إجابةٍ فتنهد بيأس ثم وضع يده فوق المقبض، دلف ليجد هدوء منبعث من الغرفة إلاّ صوتٍ ضجيج يصدر من الشرفة، تسحبَ ببطء ليجد “فرح”، شقيقته” عنان” صوت القهقهة يملئ المكان
فاقترب من موضعهم ليرىٰ بالأسفل رجلٌ ذو جسد نحيف يقف بجوار زوجته الثمينة ويغمرها بالمياه عنوةٍ وعلامات الغضب فوق قسمات وجهها؛ فكبح قهقهته مُحمحمًا ليخرج صوته الصارم: ممكن افهم بتضحكوا علىٰ إيه أوي كده؟
ارتجفا كلتاهما لتبتسم “عنان” ببلاهة قائلة بتلعثم: مـ مافيش حاجة ياعاصي، كنا بندردش عادي
نظر نحو “فرح” ليجد ملامحها المتهجمة؛ فزفر بعمق مُوجهًا حديثه لها بنبرةٍ هادئة: فرح عايز اتكلم معاكِ، ممكن؟
رمقته بإستغراب جَليٍ فوق قسماتها، فأومأت له مُتحركة معه نحو الخارج، بينما هو ظل يهدئ من ذاته وملامحه الحادة القاسية فمن يراه يهابهُ ..
وقفت معه بالأسفل أمام البار الخاص بالمشروبات ليجلب لها العصير المفضل لديها فابتسمت بسعادة لإهتمامه بأمرها ثم تلاشتها مُسرعة ليحل محلها الوجوم مرةً أخرى،
بينما “عاصي” ابتسم علىٰ هيئتها فتحدث بدعابة: لأ بقولك إيه اضحكي ما تحسسنيش إني واخدك غصب
شق ثغرها ابتسامة صغيرة فتابع بمشاكسة: أخيرًا ضحكتي، بصي الشمس طلعت إزاي؟
تسألت هل لو اقتربت منه الآن وقبلته فوق شفتيه سيغضب أم ماذا؟
لعنت ذاتها لتفكيرها الوقح هذا لكن ماذا تفعل فهو وسيم، ملامحه الرجولية تجعلها تعشقه بشدة
لتستفيق علىٰ صوته بنفاذ صبر: فرح مش كل مكان هنروح فيه هتفضلي سرحانة، قبل أي تفكير وشرود حابب أعرف منك عن عثمان إللى عنان بتحبه، الدكتور النفسي إللى عايزاها تروحه.
ضاقت حديقتيّ “فرح” بغرابة من سؤاله وردت عليه بعدما أطرقت رأسها بخجل فهو استمع لحديث شقيقته معها: عثمان زميلها في الكورس بقاله أربع شهور، حاول يكلمها علشان يجي يتقدم بس أنت كل مرة بتكون مشغول؛ فهي بترفض تدي ليه ميعاد، لما عرف إننا مسافرين استجمام وكده فقال إنها فرصة يعني كويسة علشان يتقدم.
فتنهدت شارحة له ما حدث مع “عنان” منذُ فترةٍ مضت:
بالنسبة للدكتور النفسي من تسع شهور تقريبًا دخلت في حالة اكتئاب وكان في تخيلات بشعة بتحصل ليها، روزا قالت إنها لازم تروح لدكتور نفسي بس هي رفضت ولما جيت أنا أحاول معاها رفضت وفضلت تتخانق معايا علشان افتكرت إن إللى بيروح ليهم بيكون مجنون وهما بيعالجوه
شعر بالوجع نحو شقيقته الصغرى كيف يمكث معها بذات المنزل ولا يعلم أي شيء عنها؟
تحدث بمرارة كابحًا الكثير بداخله من تأنيب ذاته: طب ودلوقتي يافرح ممكن نعمل إيه يعني يخرجها من الوحدة والاكتئاب؟
شعرت بحزنه الدفين فتلاشت حزنها نحوه لتقول بحماس جَليٍ في نبرتها: لأ متقلقش خالص والله، الحل بسيط جدًا وهو إنك توافق تقابل عثمان، وهي وعدتني إنها هتفكر في موضوع الدكتور ونروح سوا
اتسعت ابتسامته قائلًا بإشادة: شكرًا يافرح، بجد شكرًا
رفعت حاجبيها لتقول بغيظ مكتوم: متقولش شكرًا، عنون دي أختي
قهقه ليقول بدعابة مُقتربًا من مقعدها قليلًا مما جعلها تطلق شهقة ذعر: طب وبالنسبة إني أخوكي وكده، عايز اقولك علىٰ موضوع وتساعديني فيه
ابتلعت غصّة مريرة لتقول بإبتسامة زائفة: اتفضل ياسيدي قول
تنهد قائلًا بلهفة ولهجة جعلتها ترغب في البكاء من شدة وجعها لفقدانه : طبعًا أنتِ عارفه ورد بنت خالتي صح؟
لتؤمى له بعينيها مُستكملًا بخفوت: بقالي فترة بقنع ماما تخطبها ليا وكل شوية تقول استني وبصراحة اتخنقت ومش قادر اصبر
أزدرد لُعابها بصعوبة فغمغمت بصوت لا حياة فيه: والمطلوب منى إيه ياعاصي؟
اهتزت حدقتاه بتردد متفوهًا بنبرةٍ خجولة بعض الشيء: هي بتحبك وبتحب تقعد تحكي ليكِ حاجات كتير مش بتحكيها لعنان حتىٰ، فعايزك تقنعيها يعني توافق وتروح معايا نخطبها
صمتت فلا تستطيع مجارته خاصةً في هذا الحديث، اقسمت بأنها ستموت لا محال من تفاقم الضغط عليها، شعرت بإهتزاز الأرض أسفلها لتغمض جفونها بإرهاق شديد،
فجأةً شحب وجهها لا إراديًا، ثم ترنحت في وقفتها ليُسرع “عاصي” بإحاطة جسدها بلهفة قائلًا: مالك يافرح أنتِ تعبانة؟
حركت رأسها بنفي مُغمغمة بنبرةٍ خافتة: لأ، بس شكلي هاخد برد
_برد في الصيف إزاي؟ وبعدين ايدك بتترعش كده لية؟ تعالي نروح عند الدكتور أحسن نطمن
أسرعت بقولها علىٰ عجالة: لأ لأ أنا هطلع ارتاح بس شوية وهبقي كويسة بإذن الله
جاءت لتُغادر فتحدث بصرامة جعلتها تصمت عن هرتلتها في الحديث معه: من غير نقاش هطلع معاكِ لحد الأوضة وهسلمك لعنان علشان أكون مطمن أكتر
زفرت بيأس ثم سارت بجواره، ظلت ترمقه بنظراتٍ هائمة فلم تسنح لها الفرصة لإرتشافِ ملامحه أكثر من هذه اللحظة، تمنت لو فارقت الحياة الآن وهو بجوارها ومعها تنعم بوجوده ..
****
تنهد بإرتياح حينما انتهى الطبيب من فحصها ثم أخذ بيدها وسار علىٰ عجالة وسط اندهاشها لكنها لم تُعاير الأمر أهمية بتاتًا،
بعد ساعة ترجل من سيارته وقام بفتح الباب لها، ركضوا حينما استمعوا لصراخ قادمًا من الداخل
دلف ليجد والده يقفز في موضعه كأنه جن !!
اقترب منه بلهف قائلًا بلهاث: في إيه يابابا، بتصرخ لية كده؟
تفوهه “محمود” بسعادة: أمك ماتت يافريد، ماتت أخيرًا
اتسعت عيني”فريد” علىٰ مصراعيها من هول ماسمعه مُبتعدًا للخلف فتحدث بعدم تصديق: لأ أنت أكيد بتهزر يابابا صح؟
لم يجد إجابة فركض صوب المطبخ ، وجد والدته مرتمية فوق الأرضية وبجوارها “سعاد” تبتلع ريقها بذعر مما يحدث
جثا علىٰ ركبتيه بجوارها، تساقطت عبراته بغزارةٍ فوق وجنتيه كطفلٌ صغير فقد والدته للتو !!
اقتربت منه “سعاد” فأردفت بنفاذ صبر مما يحدث حولها: حضرتك بقالي ربع ساعة بَفهِم أستاذ محمود إنها نايمة وهو عمال يقول ماتت أخيرًا ماتت، طالما بيكرهها أوي كده وعايزها تموت متجوزها لية، مش فاهمة؟
مسح عبراته مُقتربًا منها ليقول بنبرةٍ جامدة:عرفتي منين إنها نايمة بس؟
أزدرد لُعابها بصعوبة، داعية ربها أن يمر هذه اللحظة دون حدوث عوائق ومشاجرة
فطأطأت رأسها أرضًا قبل أن تُعقب بإيجاز: أصل يعني، أصل هي شربت من عصير البرتقال بتاع الست ورد
شدد علىٰ خصلاته كاد أن يقتلعهم بيده من شدة الضغط ليتنفس بإرتياح فتحدث بصوت فحيح: مش قُلت ترميه في الزفت، أنتِ إيه مافيش فهم خالص ؟
ابتلعت اهانته لها فردت بتحشرج حزين: الله يسامحك، والله جيت ادلق العصير زي ما حضرتك قُلت، راحت قالت ليا لأ هاتي منه كوباية
شعر بزيادة حنقه نحوها ليقلل من حدته قائلًا بآسف: متزعليش ياسعاد حقك عليا، أنا بس اتخضيت لما لاقيت ماما كده، روحي أنتِ بيتك دلوقتي، فيكِ تاخدي اجازة أسبوع نكون رجعنا من شرم، هتلاقي ظرف سبته ليكِ الصبح علىٰ السفرة خُديه.
ابتسمت له بإمتنان ثم غادرت أمتثالًا لأوامره، بينما هو حمل والدته وصعد بها الدرج رامقًا والده بغضب شديد لأفعاله البلهاء تلك،
بينما “ورد” جلست فوق الأريكة كابحة قهقهتها بصعوبة لرؤية ما حدث وحينما صعد بوالدته أطلقت ضحكتها الرنانة مُتناسية آلامها المكبوتة ووجع جسدها، غافلة عن الأُذن المستمعة لها بتمعنٍ كطربٍ لغنوة، وإبتسامة عاشقة زُينت محياه مُتمنية السعادة الدائمة لها ..
بعد ثلاثة ساعات شعر بالاطمئنان نحو والدته ثم هبط الدرج ليجد والده الغضب يعلو وجهه فتنهد بيأس، بينما “ورد” صامتة في مقعدها فهي تعلم بأن الحديث لا يصح بتاتًا في هذا الوقت ،
تقدم من “محمود” يجلس بجواره قائلًا بدعابة: يعني أول ما ماما تقع تفتكر أنها ماتت؟ ياعم طلقها وخلاص
ابتسم والده ليقول بإمتعاض: فرحت والله يابني قُلت أخيرًا خلصت منها
قهقه “فريد” مُغمغمًا بإرتياح: الحمدلله صحيت وبتاخد شور كمان
ثم نظر نحو “ورد” لينتشلها من شرودها بقوله الهادئ: ورد اطلعي جهزي شنطك يلا علشان هنتحرك بعد ساعتين بإذن الله
أومأت له في صمت ثم صعدت، بينما “فريد” نظر نحو طيفها مُتنهدًا ثم صعد هو الآخر كي يوضَّب حقيبته ..
***
اجتاح قلبه ألم هائل فأنهار عالمه وأصبح كجسد موتى بعد فراق شقيقته، كأنه اكتوي ألمًا ووجعًا كلما تذكر دموعها ورجائها كي يتركها وشأنها لكن لا جدوى !!
ظل حبيس بمنزله لم يخرج، تُقيده أصفاد الندم بلا رحمة، أصبحت التعاسة كرفيق له، ماكثًا في غرفتها الصغيرة طوال الوقت، ينظر لكل شيء خاص بها مُتخيلًا ماذا كانت تفعل هُنا وهُناك ..
ابتسامة مرارة اعتلت ثغره حينما أخبرته ذاك اليوم بتذكُرٍ لحظاتهم سويًا ..
لم يرغب بها وبوجودها من الأساس فعن أي لحظاتٍ تتحدث؟؟
استمع لصوت الباب يطرق فتحرك نحوه بخذلان وهيئة مزرية؛ فوجد رفيقه “ماجد” الذي عانقه بشفقةٍ رابتًا فوق ذراعه بقوةٍ،
جلسا فوق الأريكة ليقول بحزن نحو رفيقه: عامل إيه دلوقتي يامُعاذ؟
رفع يده بإستسلام مخزى قائلًا بيأس: زي ما أنت شايف ياصاحبي عايش، هعمل إيه يعني
تنهد “ماجد” مُجيبًا بنبرةٍ هادئة: شد حيلك ياغالي، متخليش الحزن يلازمك، هون علىٰ نفسك علشان مريم حتىٰ
تحدث بنحيب وعبراته تتساقط بغزارة: علشان مريم؟ إللى كنت السبب في موتها؟ والله متستاهلش إني اكون أخوها، مريم شافت كتير منى أوي آخر أيامها، كتير أوي ياماجد
استطرد “ماجد” بجدية : وهي والله مش زعلانة منك، علىٰ حسب كلامك يعني إنها مكانتش بتزعل من حد؛ فتخيل بقي لما يكون أخوها الكبير؟
وقف في موضعه مُستطردًا بدعابة كي يقلل من حزنه البادئ علىٰ قسمات وجهه: أنت بخيل لية كدة؟ مافيش ماية حتىٰ جبتها ليا، ماشي هطلع أنا الجدع يعني؟ هنزل اجيب فطار لينا علشان جعان أوي وهعمل حسابك معايا، مش هتأخر عليك
أومأ له دون حديثٍ فتحرك للمغادرة، لكنه استدار عائدًا ركض حينما استمع لصوت يرتطم فوق الأرضية بقوةٍ فوجده “مُعاذ” !!
ظل يضرب فوق وجنته برفق لكن لا جدوى،
قام بإحضار الطبيب ليفحصه فتقدم منه مُستطردًا بآسف:
البقاء لله شد حيلك
ارتمى بجسده فوق المقعد بجواره لا يصدق ما وقع علىٰ مسامعه فهو كان يتحدث معه قبل قليل !!
لا يصدق ما حدث بتاتًا، اقترب من فراشه ليقول بحزن دفين: الدنيا صغيرة أوي يامُعاذ، أنا عارف إنك ارتاحت دلوقتي لما روحت لأختك، ربنا يرحمك ياصاحبي ويصبرني علىٰ فراقك

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية إنما للورد عشاق)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى