رواية إنما للورد عشاق الفصل الخامس 5 بقلم ماهي عاطف
رواية إنما للورد عشاق الجزء الخامس
رواية إنما للورد عشاق البارت الخامس
رواية إنما للورد عشاق الحلقة الخامسة
بعد مرور أسبوع شعرت بوجعٍ حاد شديد في الأمعاء وضعت يدها فوق فمها لمقاومة هذا الغثيان الذي انتابها فجاةً لا تعلم سببه، صرخت متأوهةٍ بصُحبةِ الدموع الغزيرة؛ لتهرول ” كوثر” نحوها حينما استمعت لصراخها
اقتربت منها مُتحدثة بتوجسٍ لأولِ مرةً نحوها: مالك يابت ياورد بتصرخي لية؟
قبضت بيدها فوق الملاءة فأجابت بنبرةٍ باكية: بطني، بطني يامرات عمي وجعاني أوي، مش قادره حاسة إني بموت، خديني للدكتورة بالله عليكِ
صاحت بها فلم تعد قادرة علىٰ الصمود أكثر، هاتفت زوجة عمها “فريد” الذي وقع الخبر علىٰ مسامعه كالصاعقة وجاء راكضًا من عمله ..
مر بضعٌ من الوقت قام الطبيب بفحصها ثم خرج إليهم فركض “فريد” نحوه الذي تغلغل القلق داخل أوصاله من الانتظار
ليتحدث الطبيب بنبرةٍ هادئة: مبروك يا أستاذ فريد المدام حامل في الشهور الأولى
أطلقت “كوثر” شهقة فزع لتقول بتلعثم بعدما استوعبت الأمر:
ح حامل إزاي؟
بتر “فريد” حديث الطبيب ليُسرع بقوله: الله يبارك فيك يادكتور، اتفضل
أشار بيده نحو الدرج؛ ليهبط مع “سعاد” التي جاءت للتو، بينما هو جاء ليدخل الغرفة كي يطمئن عليها؛ فأمسكته والدته من يده بقوةٍ قائلة بإحتدام: البت دي حامل من مين يافريد؟
لم يجد إجابةٍ فأردفت بنبرةٍ قوية تحمل التحذير: لو مقولتش ليا الحقيقة ورحمة الغاليين هطلع سُمعة زفت عليها ولا هيهمني حد
لم يعبئ بكونها والدته فصاح بفحيح: جربي تتكلمي نص كلمة بس عليها وهتشوفي هاعمل إيه ياكوثر
رفعت حاجبيها مُستطرة بدهشة: أنت بتهددني؟ بتهدد أمك علشانها؟
نظر أمامه بجمود مُتابعًا بقوة: وأعمل أي حاجة فأي حد ينطق بكلام يخص أم ابني بالباطل
اتخذت خطوةٍ للخلف مُحركة رأسها بنفي من حديثه الذي اخترق أذنيها، رغمًا عنها فرت دمعة حارة من عيناها لتلطم وجنتيها بقسوة: يخربيتك عملت فيها كده لية؟ منك لله يابني مين إللى هيرضي يتجوزها بعد عَملتك دي؟
أجاب بلامُبالة كأنه لم يفعل شيء بتاتًا: ما أنا عملت كده علشان محدش يتجوزها أصلًا، فكفاية صريخ بقي وبلاش تكسري فرحتي، نتكلم بعدين يعني
تركها ثم تحرك نحو غرفة “ورد” لتنظر نحو طيفه بخذلان ووجع لأولِ مرةً تشعر بالشفقة نحوها !!
بالداخل هزت رأسها رافضة لحديثه ودموعها انسدلت بشدة فوق وجنتيها، تراجعت للخلف تضم ساقيها إلىٰ صدرها، مطبقة جفونها؛ لتعتصر عيناها ألمًا من حديثه الذي شطر قلبها لنصفين وكأن لها يد بما حدث لها !!
اقترب من مجلسها لتنفض يده بعيدًا عنها لتقول بشراسة:
حامل إزاي مش فاهمة، رد عليا بقولك
علم بأن القادم عاصفة هوجاء تحرق الأرض واليابس في طياتها فتابعت بتلعثم بعدما لم تجد إجابة منه كأنه بات كالصنم:
أ أنت بتقول إيه؟ وكلام الدكتور دا مش فاهـ …
لتشهق بذعر حينما لمحت بعينه بريق السعادة فاتضح الأمر لها:
هو أنت إللى …
بتر حديثها حينما طبع قبلة مطولة فوق رأسها مُبتعدًا عنها قائلًا بإيجاز: آه ياحبيبتي أنا، ما هو مش معقول يعني يكون غيري
اتسعت بؤبؤة عينيها لترمقه بإشمئزاز قبل أن تُعقب بنحيب:
ياحيوان يا …
وضع يده فوق ثغرها مُجيبًا بصرامة: قلة أدب مش عايز، اللين منفعش معاكِ فلجأت للعنف، والأصول بتقول إني معنديش غلط في كده
لطمت وجنتيها لتصيح بهِ بقوةٍ: منك لله عملت فيا لية كدة؟
أنا عملت ليك إيه؟ يخربيتك دا أنا بنت عمك
لم يعي بصياحها ليناطحها بقوله البارد مما جعلها ترغب في الفتاك بهِ: بقولك إيه العصبية في الحمل مش كويسة، ريلاكس كده ياحبيبي وآه أنا عايز ولد ويكون فرفوش زي أبوه، مش بنت نكدية زيك
قهقهت كأنه أخبرها بمزحةٍ لتتفوه بإستهزاء: دا لو الحمل كمل بقي
تنهد قائلًا بنبرةٍ جعلتها ترتجف من قوتها: ومش هايكمل لية ياحبيبتي؟ معقول بتفكري تلعبي بعداد عمرك معايا؟ أعتقد لأ فعلشان كده اهدي وبطلي تفكير سطحي ومتخلف
ركضت نحوه تمسكه من تلابيب قميصه مُجيبة بعدوانية:
هاقتلك يافريد والله لهقتلك
زفر بيأس محاولًا الابتعاد عن قبضتها فتحدث بحنق: ورد بطلي بقي تهديد والشغل دا مش بحبه يابيبي
رمقته بصدمة ثم جلست فوق فراشها مرةً أخرى لتقول بنبرةٍ حزينة وعدم استيعاب للأمر بعد: أنا مصدومة فيك بجد إزاي قادر تكون بوشين؟ بتتعامل حلو وبإحترام ووش خسيس بان علىٰ حقيقته بعد عملته الحقيرة
لتتابع بدهشة كلما تذكّرت توجسه نحو مرضها: يعني الخوف ونظرات القلق دي كلها كدب؟ طب لية عملت فيا كده؟ لية خلتني غضبت ربنا لــيــة؟
بكت بقوةٍ لقد تحملت الكثير والكثير من المعاناة والآلام معه، والآن يُخبرها بأنها تحمل بين أحشّائها جنينه، ألّا يكفي !!
شعر بوجعها المكبوت بداخلها، بخوفها منه وكأنه كأشواكٍ تخربش فوق جروحه المؤلمة، الشعور بالشفقة نحو هيئتها المزرية، نحو ذاته بالتقزز من فعلته الشنيعة تلك ..
ليبتلع ريقه قائلًا بجمود عكس ما بداخله: لمي الدور مش عايز غلط، وآه أنا بوشين ارتاحتي كده ياورد؟
مُستكملًا بتهديد مُشيرًا نحو أحشّائها: وهاقول تاني لو حصل إنك سقطتي غصب أو بإرادة ربنا مش هخليكِ تتهنى بحياتك، سامعة
جاء ليُغادر فأستدار نحوها بلهفة حينما استمع لندائها له،
تبادلا النظرات للحظاتٍ كانت كالدهر لكلاهما قبل أن تردف بصوت متحشرج حزين: قول ليا عملت كده إزاي؟ وإزاى بصحي مش بفتكر أي حاجة خالص؟
جلس فوق الفراش امامها شارحًا لها ما فعله في الفترة الماضية: بحط برشام مفعوله قوي في عصير البرتقال قبل ما تنامي بحجة إن بابا طلب منك تشربيه، بس كل حاجة بتم في أوضتي مش هنا وقبل نص ساعة بجيبك أوضتك ولا كأن حاجة حصلت
اهتزت حدقتاه بتردد مُردفًا بإرتباك: ومافيش هنا عفريت ولا حاجة الكدمات دي أنا إللى بعملها
أومأت له بهيئة لا حياة فيها، انتفض ذعرًا مُرتسمًا القلق علىٰ محياه حينما لاحظ شحوب وجهها وارتخاء جسدها
لكنها أشارت بيدها صائحة بهسترية : اطلع بره يافريد دلوقتي علشان لو فضلت هنا اقسم بالله ما هتلمح طيف إللى في بطني ده ولا طيفي حتىٰ
أومأ لها علىٰ مضض مُبتلعًا ريقه بتوجسٍ من حديثها عن فقدانها وفقدان جنينه الأول ثم غادر دون أن ينبث بكلمةٍ معها، بينما هي ظلت تبكي بقوةٍ وتدعو الله أن يغفر لها ما حدث دون إرادة منها
فمسحت عبراتها لتردف بقوةٍ وتوعد: وحيات دموعي إللى مش فارقة مع أي حد فيكم دي لهخليكم تعيطوها دم،خصوصًا أنت يافريد الكلب
****
شعر بوخزةٍ مؤلمةٍ شقت صدره لنصفين حينما وجدها تنفر من وجوده، رافضة له ولإعطائه فرصةً أن يقتحم قلبها بعشقه لقلبه الهائم لها بجنون !!
كلما تذكّر دموعها أراد ضمها بكل قوةٍ حتىٰ يشبع روحيهما معًا؛ لكنه توقف حينما رأى نظرات النفور والأشمئزاز نحوه، زفر بسأم راغبًا في التمهُل كي يقتحم قلبُها فيما بعد بعشقه النازف لها !!
نظر خلفه لتتسع عيناه حينما وجد شقيقه “ماجد” يهبط الدرج مُبتسمًا له فاقترب من موضعه ؛ليعانقه بشدة رابتًا فوق ذراعيه
ثم جلسا في غرفة المعيشة ليتحدث “فريد” بسعادة:
مش معقول بجد، أنت هنا من امتي؟
أراح ظهره مُجيبًا : وصلت بقالي ساعتين يدوب غيرت ونزلت، بس مش لاقي لا ابوك ولا امك ولا ورد حتىٰ، هو في إيه؟
_تلاقيهم خرجوا، المهم حمد الله علىٰ السلامة
تفوه “ماجد” بإمتنان ودهشة في آنٍ واحد:
الله يسلمك يافريد، مالك أنت كنت بتعيط والا إيه؟
تنهد طويلًا قبل أن يُعقب بخفوت: الحمدلله علىٰ كل حال
رفع حاجبيه قائلًا بعدم تصديق لحديثه الخفيّ: لأ التنهيدة دي وراها كلام غامض كتير، تعالي احكي ليا
اصطحبه نحو الخارج حيثما الهواء النقي، الهدوء الليلي والسكون الذى نأوى إليه كل ليلةٌ، يتجمع ما بنا من أحزان وآلام موجعة، وصرخات دموع وذكريات مؤلمة، …
جلس فوق المقعد ينظر نحو شرفتها بشرود مما جعل شقيقه يقول بتساؤل: لسه بتحبها يافريد؟
نظر له مُتماسكًا قبل أن يذرف الدموع مُخبرًا إياه بوجع:
هايفرق ياماجد؟ ما خلاص إللى حصل حصل
نبرته تدل علىٰ شيء واحد وهو الافتقاد لتبادل الشعور ليربت فوق ذراعه قائلًا بدعابة: إيه النكد ده ياعم، بقي أنا سايب بنى سويف وجاي القاهرة علشان الاقي المنظر دا؟ هو دا الاستجمام إللى جاي أعمله؟
ليتابع بمشاكسة: وبعدين إيه إللى حصل يعني؟ ما هي لسه زي ما هي قاعدة أهو مش متجوزة ولا حاجة، ماتتقدم ليها والا مكونتش نفسك لسه؟
ابتسامة باهتة اعتلت ثغره مُجيبًا بنبرةٍ حزينة: لأ حصل كتير يا ماجد، وإللى حصل عمر ما ورد هتسامحني عليه، كنت فاكر إن خلاص كده هتبقي ليا برضاها، روحت بغبائي وتسرُعي بوظت الدنيا
رمقه بعدم فهم فأردف بإستفهام: لأ معلش كده فهمني عملت إيه؟ وليه بتقول كده؟
طأطأ رأسه أرضًا ليُسرد عليه ما حدث؛ مما جعل عيني “ماجد” تتسع من هول صدمته بشقيقه، هو الآخر مُذنب مثله لكنه لم يفعل شيء يغضب ربه ..!!
تنفس بعمق مُحاولًا التريُث كي لا يعنفه لفعلتِه بأبنة عمهُ؛ لكنه يعلم جيدًا حبه لها منذ الصغر؛ فأراد الوقوف بجواره والاستماع لمعانته دون اللجوء للقسوة معه !!
عانقه حينما لمح عيناه علىٰ مشارف هطول الدموع مما يُعانيه من عذابٍ قاسي يفترسه؛ ليربت فوق ظهره كي يهدئ من ذاته قليلًا
ليقول “ماجد” بغموض استغربه شقيقه: تحس إن الإنسان دايمًا عايش في حالة اللاوعي مش مدرك هو بيعمل إيه ولا بيفكر إزاي أصلًا، يعني أنت ندمان علىٰ إللى عملته في ورد
ليستكمل بتأنيب ذاته: وأنا ندمان إني مشيت ورا عقلي مش قلبي لما فكرت إن بجوازي هاقدر أحل أي مشكلة، لما افضفض لحد ومكتمش جوايا بس طلعت غلطان، أديت الأمان لواحدة متستاهلش الحلو إللى عملته علشانها وكل دا لية؟ علشان مش بخلف تخيل!!
شهق “فريد” مُردفًا بعدم تصديق: أنت اتجوزت من ورانا؟ يخربيتك إزاي تعمل كده؟
قهقه الأخر مُجيبًا بإستخفاف: دا علىٰ أساس إنك شيخ جامع؟ ما أنت زاني يعني داخل النار بصاروخ
_يا نهار أسود يا نهار أسود إيه إللى سمعته دا؟
نظروا نحو الصوت ليجدوا “كوثر” تقف بأعيُن متسعة كأنها استمعت للحديث الذي دار بينهم للتو !!
لطمت وجنتيها متفوهه بعصبية وهي تشير بسبابتها نحوهم:
يا عيني علىٰ رجالتي إللى هما المفروض يكونوا سند ليا،
واحد متجوز ليا في السر ويا عالم عمل إيه تاني وهو في الغُربة
لتتابع بجنون وإحتدام: والتاني خلي بنت عمه تحمل منه غصب عنها علشان يضمن إنها متروحش لغيره، وابوكوا المدهول علىٰ عينه لا باخد منه حق ولا باطل، منكم لله علىٰ كسرة قلبي وحزني على تربيتكم، منكم لله ياولادي
تحدثت بهذا الحديث ثم تحركت للأعلى صوب غرفتها، بينما كليهما ظلا في موضعهم والحزن يتملك بهم من فعلتهم البشعة وحديث والدتهم القاسي لهم ..
***
انتهت من رياضة الركض ثم صعدت لأعلى كي تُبدل ثيابها؛ فوجدت باب غرفة زوجة عمها مواربًا؛ فاقتربت بخطواتٍ متأنية حينما استمعت لصوت قهقهات صاخبة؛ اختلست النظر إلىٰ من في الغرفة لتجد “عاصي” بصُحبة شقيقته “عنان” في جوء مُحبب مليئ بالحنان فابتسمت لهيئتهم تلك،
ثم جاءت لتتحرك فأستدارت مرةً أخرى بلهفة عندما استمعت لحديث “عاصي” المليئ بالحماس: يعني خلاص اجهز للحفلة علشان عيد ميلاد فرح الأسبوع الجاي؟
كبحت شهاقتها وعبرات الفرحة التي شعرت بها من حديثه نحو يوم ميلادها
إذًا من وجهه نظرها يُكِن لها مشاعر حب واهتمام !!
اتخذت خطوة للخلف حينما لمحت “عنان” تخرج من الغرفة ثم ركضت هي نحو غرفتها قبل رؤية أحد لها ..
امسكت بهاتفها كي تُهاتف “نيرة” التي أصبحت صديقتها عبر الفيسبوك لتُخبرها بسعادةٍ مُفرطة: طلع بيحبني يانيرة، سمعته بيظبط لحفلة علشان عيد ميلادي، عايزة انزل اقول ليه أنا بحبك ياعاصي مش قادرة بجد هموت من الفرحة
لتتحدث الأخرى بنبرةٍ تحذيرية: فرح قُلت ليكِ اوعي تسرحي مشاعرك لحد أنتِ مش عارفه هو حاسس ناحيتك بإيه؟، لحد ما تتأكدي منها، علشان ميدلدلش رجله عليكِ، كسرة القلب قاسية أوي ومش هتستحملي يافرح
ثم أضافت بوجع: أسأليني أنا، ياما اتجرحت واتأذيت بسبب الحب فاستني تيجي منه هو، بلاش يافرح صدقيني بلاش
أومأت لها بشرود ثم أغلقت الهاتف مُتنهدة، فامسكت بحقيبتها تخرج منها مسحوق أبيض كي تستنشقه؛ ثم اتجهت نحو المرحاض تُهدئ من ذاتها كي تكف عن التفكير بهِ وبحبه المهترئ لقلبها اللعين والتريُث كما أخبرتها رفيقتها ..
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية إنما للورد عشاق)