رواية أيوب الفصل الثاني 2 بقلم بسنت رائد
رواية أيوب الجزء الثاني
رواية أيوب البارت الثاني
رواية أيوب الحلقة الثانية
أيوب أسلوبه متغير معايا من امبارح ، مش عارفة إذا كنت عملت حاجة ضايقته !! بس لأ!! دة أيوب !! تصرفاتي حريصة عليه أكتر مني، وجعه بيوجعني ، وأنا مقدرش اجرحه و أكون سبب ف وجعه و وجعي ”
و النهاردة كان نفس التعامل والردود الغريبة عليا منه ! وجع قلبي بتجاهله ليا ، وحرماني منه ، طلبت منه إني أروح عند والدتي بِحجة أنها محتاجة طلبات وحاجات في البيت ، ولأنه متعود أنه كل فترة بعمل كدة مرفضش ”
أيوب نزل ومحضنيش قبل ما ينزل !! ولا باس كف ايدي !! زي ما بيعمل كل يوم وهو نازل الشغل و وهو راجع بالسلامة من الشغل ”
أيوة أيوب متوتر أو مضغوط من امبارح ، أنا عارفاه أصل أيوب دة عُمر ، بس مهما كانت حالته عمره ما أهملني ، متصلش عليا طول اليوم حتى يعرف وصلت عند ماما ولا لا ، ولا كلمني يقولي هيجي ياخدني امتى زي ما بيعمل دايما ”
قلقت ليل عليه وأتصلت بيه ،رنت..مفيش رد!! مفيش رد!!مفيش رد!! مفيش رد!! أتصلت كذا مرة ونفس النتيجة ، لحد ما رد :
_ في أي ؟ عمالة ترني ترني !! مش برد يعني مش فاضي دلوقتي ، أو في حاجة مهمة !!
_ حاجة مهمة!!
يعني أنا مش من الحاجات المهمة ؟ وجودي مش من الأولويات!!
_ أنجزي !! في اي ؟
_أنتَ بتزعقلي ليه مش فاهمة!! متصلتش عليا طول اليوم ولا قولتلي هتيجي تاخدني امتى ؟ وقلقت عليك أكتر لما مردتش .
_ تمام ، عايزة أي ؟
_ عايزة أي !! لا شكرا مش عايزة !! أنا هبات النهاردة مع ماما عشان تعبانة .
_ سلام .
قفل المكالمة من غير ما يسمع ردي أو حتى يعلق على كلامي ، لينا ٣ سنين من ساعت زواجنا عمري ما نمت ف مكان هو مش فيه ، أول مرة هبات برة بيتنا لوحدي من غيره ، ريحته مش محَوطاني ، و حضنه محتويني ، بين ضلوعه مكاني اللي أمان الدنيا كله فيها .
عَرّفت ماما إني هبات معاها النهارده..هي استغربت إني هبات لوحدي من غير أيوب ، أصل أنا دايما أقولها مقدرش أنام ف مكان أيوب مش فيه ، مقدرش اسيبه لوحده ومطمنش عليه ، سألتني لو أحنا أتخانقنا؟
_ لا يا حبيبتي ، متخافيش كله تمام الحمد لله .
مقدرش أطلع سر بيتي حتى لو لوالدتي اللي مش هتتمنى ليا غير كل حاجة خير ولصالحي ، بس دة سري أيوب ! مقدرش أقول حاجة ممكن تخلي النفوس تشيل من أيوب ولو بمثقال حبة رمل .
_ طيب يا حبيبت قلبي ، خلي بالك من بيتك و زوجك ، وأوعي تخلي المشاكل تتراكم حتى لو كانت بسيطة ، الكوباية ممكن تتملي نقطة نقطة بس في الاخر هيفيض بيها ، المشاكل قادرة تهد بيوت ، وتقتل الحب والمودة ، ومشاكل زوجك غير مشاكلك ، هو عنده التزامات و ضغوطات خارجية غصب عنه بيبقى مضغوط و الدنيا مش ألطف حاجة معاه ، راعي زوجك واحتسبيه بأجر عند ربنا سبحانه وتعالى ، وافتكري أنك هتتسائلي عن زوجك يوم الحساب .
عيونها دمعت بامتنان ، وحضنتها تشكرها على كلامها ، وتحمد الله عز وجل على وجودها معاها ، خلصت ليل مع والدتها الأمور في البيت ، وقررت تروح شقتها ، تجهز أكله حلوة ل أيوب ، وتهيئ له البيت ، وقاعدة حلوة في البلكونة فيها صراحة ولعله يبوح بمكنون صدوره ، لعله يبقى بخير ، لأنه طول ما أيوب مش بخير أنا مش بخير ، وأيوب مش بخير .
دخلت ليل شقتهم وكانت الدنيا ضالمة خالص ، فتحت الأنوار وسمعت صوت شهقات بصت لمصدر الصوت ، وحست كإن حاجة قلبها هيقع من الخوف وجسمها اترعش .
_ أيوب ، أيوب يا حبيبي مالك ؟ في أي طيب ؟ بتعيط ليه ؟ عشان خاطري متعيطش .
مشهد عمرها ما تخيلته ولا تخيلت أنه يوجعها بالطريقة دي ، أيوب قاعد على الأرض في الضلمة ، متكور على نفسه ف أيده ورق وبيعيط زي الأطفال ، رمت اللي ف أيدها و جريت عليه بسرعة ، و دموعها بتتسابق مع دموعه .
_ في أي بالله عليك ، طب حاسس ب أي ؟ أنتَ تعبان ؟ طب متعيطش عشان خاطري بتعيط ليه ؟
صوت بُكاه بقى أعلى ، كأنه طفل صغير ، أول مرة ف عمري اللي كله كان مع أيوب ، أشوفه بيعيط بالطريقة دي !!
لاحظت الورق اللي ماسكه ف أيده ومتمسك بيه بشدة ، سحبته منه تشوف أي دة ؟
عِرف !!
_ أيو..أيوب !!
بصلها و عيونه كلها دموع ، بصلها ب انكسار _ مفي..مفيش حلم يونس يا ليل ، مش هتعرفي تبق..تبقي أم يونس ولا هيبقى زيي ، يا ليل .
نهى كلامه ، وصوت عياطه بيعلى أكتر وهو بيردد اسمها.
_ آه .
_ آه يا ليل ، آه .
_ حقك على قلبي والله العظيم ، بس بطل عياط وتعالى نتكلم .
قالت كلامها من وسط دموعها ووجعها على حزنه ووجعه ، على وجعهم .
رفع راسه ليها ب استغراب ، وكأنه بيستوعب _ أنتِ عارفة ؟
ردت بتلعثم _ عا.. عارفة أي ؟
رد ببكا _ إني مبخلفش !! ، وإنك مش هتقدري تكوني أم !! عارفة إن حلمك من صغرك إن يبقى ابنك يونس يكون زيي ، مستحيل ؟
_ وفيها أي ؟
بصلها ب استنكار ، رفعت أيدها وحضنت وشه بين كفوفها تمسح دموعه و كملت كلام و دموعها بتتسابق في النزول _ مش أنتَ قولتلي إني مِنَك ؟ وإني الناقص منك..محتاج أي تاني ؟ أنا مش كفاية ، مش مالية حياتك !!
_ حلمك يا ليل ، حلمك اللي دايما كنتِ تفضلي تقوليلي يونس هيبقى زيك لحد بعد ما اتزوجنا وانتي تقوليلي إنك متحمسة ليونس عشان يبقى زيي عشان انتي بتحبيني.
لحظة يستوعب !! _ عشان كدة بقالك فترة كبيرة مش بتجيبي سيرته ، عشان كدة مكونتيش بتوافقي نروح لدكتور نطمن على التأخير ، عشان كدة كنتِ بتقولي أنه رزق وبتتحججي ب أي حاجة عشان منروحش نكشف !!
_ هو فعلا رزق ، يرزق من يشاء بغير حساب ، وأنا ربنا سبحانه وتعالى رزقني ب الخير كله ، وأنتَ رزقي يا أيوب ، مش عايزة حاجة غيرك والله ، أنتَ كفايتي من الدنيا ، وهو كان يونس حلمي ليه ؟ مش عشان أنا بحبك وعايزة يبقى زيك ، طب دة أنا ربنا مَنٌ عليا بيك شخصيا ، الاوريشنال مش تقليد .
أنهت كلامها بمرح ، لعله يبتسم ، وبالفعل ابتسم على طريقتها من وسط دموعه .
_طب دة الواحد شايف منظر أحلى من منظر الشروق على شط اسكندريه يواد ، أي الحلويات دي !! أي الغمازات دي !!
_ غلباوية يا ليل .
قربت منه وضمته بحنان أم ، و اتنهدت _ مش محتاجة حاجة غير وجودك معايا ، دفاك حواليا ، وحضنك ضامنني ، هعوز أي تاني غيرك ، أنا وأنت نسعى ونهون على بعض مشقة الدنيا وشقائها ، ناخد ب أيد بعض للفردوس ، والعوض والمُستراح هناك يا أيوب .
_ وأنتِ العوض ف الدنيا ومستراحها يا ليل ، لِحين المُستراح في الچنة معاكي .
/
_ يلا يا ليل .
قرب منها وضيق فتحة النقاب على عيونها ، ف ابتسمت بحالمية _ فاكر أول نقاب جبتهولي .
_ و دة يتنسي !! نقاب فضل معايا سنين لحد ما ربنا أذن إنك تبقي معايا و أديهولك .
ابتسمت _ طب يلا عشان منتأخرش.
بصلها بتهديد _ خلي بالك عشان النقاب بيوسع ، أنا مش فاهم أي اللي هينزلنا؟ وهتبقى حفلة مختلطة يبنت الحلال ، لا خلينا قاعدين .
_ يلا يا أيوب ، بعدين تبارك الله دي حفلة ختم قرآن بنتهم ، ومينفعش منشاركهمش فرحتهم ، وسيف أكيد هيزعل منك لو مروحتش .
_ الله المستعان ، هما خمس دقايق ، وهنتوكل على الله ، نقعد ف بيتنا ، وكوبيتن كاكاو و بطانية زي القمر ، واخدك ف حضني ، بالله في ءأمن من كدة ؟
ضحكت ليل بحب _ خمس دقايق بإذن الله ونمشي، ونيجي نشوف حضنك بيقول أي .
_ طب ما تيجي أقولك حضني بيقول أي دلوقتي ؟
وصلوا لحفلة الدار ، وراحت ليل تسلم على زوجة سيف وتبارك لبنتها على حفظها كتاب الله الكريم ، وأن يجمعها الله مع السفرة الكرام البررة ، و أيوب وقف مع سيف جارهم وصاحبه من صغره .
جه وقت آخر تسميع لبنتهم ، والكل بارك لها ولوالديها .
_ ما شاء الله ، مبارك يا سيف الله يحفظهالك ويثبت القرآن ف قلبها ، وتشوفها ف أعلى منزلة .
_ الله يبارك فيك يا صاحبي ، هي ووالدتها اللي بيهونوا حِمل الليالي ، الله يرزقكم بالذرية الصالحة.
ابتسمله أيوب ب وجع ، أستأذن سيف وراح ل بنته ، أيوب واقف لوحده على جنب يبص على سيف بانكسار وعيونه بتحكي والدموع على مشارف النزول ، بيبص على سيف وهو محتوي بنته بين ضلوعه وبيبوس جبينها .
مش هسمع كلمة بابا !! مش هقدر أضم بنتي !! ولا هيبقى في يونس وأربيه على الصالح ويقولي بابا ، ليل تستحق دورها كأم بجدارة ، ليل كانت هتبقى لطيفة كأم ليونس ، مفيش بابا ، ليل تستاهل تكون أم ، بس أنا حياتي مش حياة إلا بوجودها ، مقدرش على الدنيا غيرها”
فاق من شروده على مسكة أيدها ، وهي بتبتسم وبتمسح دمعة فرت من عيونه _مش هيبقى في بنت تقولي يا بابا ، ولا هقدر احضنها .
_ أنا بنتك ، وقت ما تحب أحضني يا أيوب .
ضم أيدها بحب _يلا نروح بيتنا ونشوف حضنك بيقول أي .
طول الطريق و أيوب سرحان وملامحه باهتة والحزن متغلغل ف روحه ، أنا عارفة أنه لسة مش مستوعب زي ما أنا مكنتش مستوعبة من سنة ، و أنا مش بخير عشان أيوب مش بخير .
جهزت بطانية وكوبيتن كاكاو وخرجتله ، كان قاعد سرحان و الحزن محتل ملامحه .
قعدت ليل جنبه وغطتهم ببطانية ، ضمت وشه بين كفوفها _ الرزق يا أيوب بيجي على هيئة حاجات مختلفة ، عندك ناس رزقها ف شغلها ، و ناس رزقها ف معيشتها ، ناس رزقهم ف أهلهم ، ناس رزقهم ف أولادهم ، ناس رزقها ف زواجهم ، ربنا رزقنا ب أهل ، أو ب أولاد رُحماء ، أو ب زواج كله مودة و رحمة ، أو بمعيشة كويسة مش مهينة ، أو بمركز شُغل عالي..ف الحمد لله على نعيم مُعَچل ، وكدة كدة فانية ، دُنيا…والمُستراح في الچنة يا أيوب خليك فاكر .
ضمها وهو هايم عليه يدخلها بين ضلوعه ، ومن وسط دموعه قال _ أنتِ أحن ما في العُمر يا ليل ، أنتِ رزقي من الدنيا وحظي الحلو ، الحمد لله على نعيمي المُعچل ، وجودِك من لُطف ربنا عليا وعلى قلبي .
أتحرك أيوب حط رأسه على رجلها ، وهي مررت أيدها ف خصلات شعره بحنان لايق عليها _ بسم الله علىٰ قلبك حتىٰ يهدأ ويستكين ويُلملم شتاته، وبسم الله علىٰ روحك حتىٰ تطمئن، وبسم الله علىٰ إبتسامتك وهدوء أيامك حتىٰ تستعيدها ، بسم الله علىٰ قلبك من أوجاع لستُ تملك الصبر في تحملها ، بسم الله علىٰ قلبك من تقلبات الحياة وضيقها ، بسم الله علىٰ أقدارك وأحوالك حتىٰ تتبدل لأفضلها..باسمك اللهم استودعتك أيوب ، وقلب أيوب ، وحال أيوب.
/
_ ليل.
_ نعم يا حلويات .
أبتسم على اللقب اللي دايما بتقوله ليه _ تعالي عايز أتكلم معاكي .
_ سمعاك يا عيوني .
_ حلمت حلم غريب يا ليل شاغل تفكيري ليه يومين.
_ لعله خير !!
_ حلمت بطفل بيقولي يا بابا ، وحلمت بمكان شبه دار الأيتام ، مش عارف هل دي إشارة من الله عز وجل ، ولا دة عقلي ، حاسس إني تايه .
سألته وهي مش مصدقة _ بجد يا أيوب ؟ طب هتعمل أي ؟
ابتسم على فرحتها اللي حاولت تخفيها _ آه يا ليل ، هصلي استخارة ونشوف الموضوع دة .
_ تعرف أن فكرة كفالة اليتيم كانت مستحوزة على تفكيري من فترة ثانوي لحد زواجنا بس أنا كنت صغيرة ومعنديش دخل وكان هيبقى تحدي مع العيلة ، ف مرة سمعت حديث رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم : ((كافل اليتيم له أو لغيره، أنا وهو كهاتين في الجنة)) و ذُكِر أنه أشار على السبابة والوسطى ، تخيل الفكرة ، وتخيل الجزاء عند ربنا سبحانه وتعالى ، أنه يكرمنا بجوار رسوله الكريم ، يا الله .
/
_ أنا خايفة يا أيوب ومتوترة ، مش عارفة !!
قالت آخر كلامها وهي قدام باب دار الأيتام ودمُوعها بتنزل تعلن عن ضعفها وتوترها ، قرب منها أيوب يبوس جبينها _ متخافيش يا عيوني ، أنا معاكي ، ربنا يقدم اللي فيه الخير .
_ طب أنا أفرض منفعش ! يارب ينفع ، طب لو نفع هقدر أكون أم كويسة ، هقدر أعوضه عن أي أحساس سيء مر بيه من غير أهله ! ازاي في أهل ممكن يسيبوا أولادهم ! جزء منهم ، من روحهم !!
قالت آخر كلام وهي بتبكي بحُزن على حالهم و حالها .
_ أنتِ أم هايلة يا حلويات .
_ بجد ؟ هعرف ؟
_طب نرجع بيتنا ؟
قالت بلهفة _ لا ، لا منرجعش عشان خاطري.
دخلوا الدار وكان في أطفال بمختلف الأعمار ، وللأسف عدد مش قليل .
_ تمام حضرتكم أحنا راجعنا البيانات ، وتمت الموافقة من الإدارة العليا على كفالة اليتيم في المنزل ، وطبعاً في رقابة مستمرة .
الباب خبط ، و دخلت واحدة من المتطوعين والعمال في الدار تكلم المسؤولة _ حضرتك يونس عمال يلعب و لسة مش عايز ياكل .
ابتسمت ليل من وسط دموعها و بُكاها بصوت عالي _ يونس يا أيوب ، يونس .
قرب منها وضمها ودموعه بتنزل على فرحتهم _ أيوة ، يونس يا حلويات .
تَمت .
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية أيوب)