رواية أو أشد قسوة الفصل السابع والعشرون 27 بقلم سارة مجدي
رواية أو أشد قسوة الجزء السابع والعشرون
رواية أو أشد قسوة البارت السابع والعشرون
رواية أو أشد قسوة الحلقة السابعة والعشرون
عاد أوس الي بيته بعد ذلك اليوم الطويل … مجهد يشعر بالالم في جميع انحاء جسده … قلقه على ظلال .. وسفره خلفها … والتعامل مع مراد وحديثه الطويل مع أكرم حتى يفهم حالته جيدًا .. ليستطيع التصرف وحماية ظلال … كل هذا لا يعتبر شيء في مقابل ما يقابله في عمله من خطر يوميًا لكن بما أن الامر يتعلق ب ظلال فقد انهكه بشدة
القى بجسده المنهك فوق الأريكة التي تعتبر سريره فهو في الغالب لا ينام في الغرفة الداخلية … بسبب وحدته ف من اول دخوله الي البيت يشعل التلفاز بصوت عالي يملىء به فراغ الوحدة القاتلة ويجلس على الأريكة يشاهد ما يعرض أمامه دون وعي او أدراك حتى يذهب في نوم عميق
منذ وفاه والدته حياته أصبحت تدور حول عمله فقط … لا أصدقاء مقربين … ولا عائلة تملىء ذلك الفراغ بالزيارات … لذلك وضع كل تركيزه في عمله حتى أصبح من أكفأ الضباط بالداخلية وله أسم وسمعه جيدة
أغمض عينيه بإرهاق لكن صورة ظلال وهي مخدرة … تجلس في سيارة ذلك الرجل متوجه بها لمكان معزول … وهيئتها وهي ممددة على الأريكة بلا حول ولا قوة تجعله يشعر بعدم الارتياح رغم انها الان امنه في بيتها وسط عائلتها
لكن النار تشتعل داخل قلبه بلا رحمه او هواده وهو يتذكر حين تجرء ذلك القذر وأقترب منها واستحل ما ليس له وقبل قدميها وداعب اصابعها بعشق
كيف يتجرء ويفعل ما فعله
ظلال من حقه هو .. هو من أحبها منذ وقعت عينيه عليها وهي مراهقة صغيرة … هو من أبتعد حتى يبني نفسه وتكبر هي … هو من لم يرى طوال حياته فتاة في جمالها وظل يحتفظ بحبها في قلبه كما يحتفظ العاشق بأول زهرة أهداها له المحبوب بين صفحات كتابة … ان قلبه يأن داخل تجويف صدره يطالبه بالاطمئنان عليها
هل يتصل بأدهم؟ … ويعود ليقول بقلق
-ما انا مش عارف هو حالته ايه دلوقتي وأخاف اسبب له هو كمان اذى
يصمت ثواني ثم يقول
-طيب هكلمه ومش هقول اسمه … هسأله عنها بس واطمن
ظل يفكر كثيرًا لكنه لن يستطيع ان ينتظر حتى الصباح القلق ينهش قلبه والخوف سيقتله
أمسك هاتفة الذي القاه على الطاولة المستديرة منذ اول دخوله الي البيت واتصل به … لكنه لم يتلقى اي رد
قطب جبينه بحيرة
لكنه اعاد الاتصال مرة اخرى … وأيضًا لم يتلقى رد … تنهد بهم … ثم فتح إحدى تطبيقات الدردشة … وارسل الي أدهم رسالة
“عايزة اطمن على ظلال … محتاجين نتكلم علشان نشوف هتعمل ايه مع مراد … دكتور أكرم حجزه في المستشفى ”
رسالة مكونه من مجموعة عنواين واسئلة دون ذكر اسمه ارسلها ثم تمدد على الأريكة بعد ان خلع حذائه … وكل دقيقة واخرى ينظر الي الهاتف … فهو في انتظار الرد … بلهفه عاشق للقاء الاول
~~~
الموقف بأكمله يثير الضحك … ثلاثتهم من جديد في صاله بيتها … يتحدثون في تفاصيل الزواج للمرة الثانية
يالا الغرابه انها ستتزوج زوجها مرة اخرى ولكن في شخصية ثامر … ذلك العابث الوقح طويل اللسان وقليل الحياء …. المميز في كل شيء حتى في قله الأدب … كانت تقف خلف باب غرفتها تتابع ما يحدث بالخارج وابتسامة واسعه ترتسم على وجهها خاصه مع تعليقات عدنان المرحة ورد عبدالله غير المصدق
فقد اتصلت بعبدالله مرة اخرى حين سمعت جملة ثامر لوالدها وهو يقف امام باب بيتهم … ليتصل هو بعدنان ويضمه في مكالمة جماعية لمناقشة الوضع الراهن والوقف على الاحداث آول بأول
فهذا حدث لن يتكرر كثيرًا … قال عدنان ببعض السخرية
-هبلغ عنك هتتجوزي اتنين يا سليمة … وابقى كده كمان خلصت من أدهم واستولى على الشركة
ليضحك عبدالله بصوت عالي وهو يقول
-يا ابني دي الحالة الوحيدة اللي حلال فيها انها تتجوز اتنين … بس مش عايزين الموضوع يتعرف ويبقى حصري بس لعيلة الخشاب
لم تستطع سليمة الرد …فهي تشعر بسعادة كبيرة لا تستطيع وصفها … وخوف كبير لا تعرف كيف تعبر عنه …. وترقب لما هو آت يحمل الكثير من الإثارة … ومشاعر مختلطة بين الرضا بأن شخصيتي أدهم اختارتها … وشعور اخر بالقلق من شكل الحياة وكيف ستتعامل معهم
وبالخارج كان يونس يود ان يصرخ في ذلك البارد الجالس امامه والذي يختلف كليًا عن أدهم ف أدهم لبق .. صاحب لسان حلو … يتحلى ببعض الحياء وكثير من الأدب .. لكن ذلك المغرور .. الذي يضع قدم فوق الاخرى غير مبالي باي اعتبارات للسن والاحترام … ويتحدث بغرور وتعالي … وبأسلوب فج قال
-الشقة اللي انا اشترتها قدامكم دي هي اللي هنتجوز فيها واهو سليمة تبقى جمبكم ومبعدتش عنكم وابقى انا عملت معاكم ومعاها الصح … واصلا انا بغيب ساعات كتير علشان الشغل ف متبقاش هي لوحدها … وكمان بعمل فيكم جميله بنا انكم معندكوش غيرها ف ابقى محرمتكوش منها
قال ثامر موضحًا … ليرفع يونس حاجبيك مرددًا
-عملت معانا الصح؟!
ورددت فاطمة بصدمة
-وجميله
ليبتسم ثامر ببعض السماجة واكمل باستفاضة في الحديث غير مبالي بصدمة يونس او فاطمة
-أصلًا الشقة فاضية انا مكنتش اشتريت غير كنبه في الصاله وهي كان فيها غرفة نوم والمطبخ لو مناسبين معها تمام نخليهم مش مناسبين نغيرهم عادي
أومأ يونس وهو يقول
-عارف ان استاذ إحسان باعها بيهم علشان مش محتاجهم أصلًا
اخرج ثامر إحدى اللفافات من علبه السجائر وامسكها بين إصبعيه الوسطى والسبابة لكنه لم يشعلها
لينظر يونس الي فاطمة بضيق في تفس الوقت التي كانت هي تكتم ضحكاتها بصعوبه … ليكمل ثامر حديثه
-يبقى ان شاء الله نكتب الكتاب الخميس الجاي … ونبدء نجهز الشقة وبعدها نعمل الفرح ايه رأيكم؟!
-طيب مش نشوف راي العروسة الاول وبعدين فين عيلتك يا ابني
قالها يونس من بين اسنانه ليقول ثامر بتأكيد
-هي أكيد موافقة … وانا مقطوع من شجرة ومليش حد … لكن هيبقا ليا ان شاء الله … سليمة وحضرتك وطنط
لتضحك فاطمة بصوا عالي وهي تقول ليونس
-دمه خفيف يا يونس انا موافقه عليه
ليرفع يونس حاجبيه بصدمه … في نفس اللحظة التي قال فيها ثامر
-خلينا نتكلم في التفاصيل والمهم
وبالفعل تم الاتفاق على كل شيء ليغرق عبدالله وعدنان في الضحك حين وصلهم صوت زغاريد فاطمة
وانهالت المباركات على سليمة … والمزاح على أدهم الذي أصبح له ضرة
هي أيضًا لم تستطع منع ضحكاتها المرحة ف الموقف برمته لا يناسبه سوا الضحك فقط
غادر ثامر بعد قرأة الفاتحة ليدخل يونس الي غرفة سليمة وهو يقول
-انا محتاج اسال شيخ في الحكاية دي … ده شخص تاني خالص غير أدهم … راح فين أدهم المؤدب المحترم اللي بيقولي يا عمي … ده بيقول سلام يا ابو سليمة كنت واحد صاحبة قاعد معاه على القهوة … لا وبيقول لأمك سلام يا حجة وقبلها طنط
كل هذا كان يصل الي عدنان وعبدالله الذين لا يستطيعون التوقف عن الضحك وقال الاخير مازحًا
-أدهم أخر الرجال المحترمين يا عمو
وحين استطاع عبدالله أخذ نفس قال
-قوليله لسة مشفتش حاجة … اكدي عليه محدش يشرب قهوة من ايد ثامر … خالطها بالمريجوانا
لتشهق سليمة بصدمة ليكمل هو من بين ضحكاته قبل ان يغلق الهاتف
-مبروك يا مرات الاتنين
لتظل عيونها على اتساعها من الصدمة … حين سمعت صوت شيء ما في شرفة غرفتها ليقول يونس ببعض الضيق
-كلمي خطيبك واوعي جوزك يعرف … انا هتجنن
وغادر الغرفة لتضحك سليمة بسعادة حقيقة وهي تتوجه الي الشرفة
~~~~
دخلت الي الشرفة لتجده يقف هناك كمان كان يقف قبل ان يأخذ تلك الخطوة الجريئة والمهمة …أقتربت من سور الشرفة ووقفت كما يقف هو دون ان تقول اي شيء
لينظر اليها لثوان طويلة ثم قال
-مبروك يا خطيبتي … انتِ عملتي فيا ايه علشان ثامر بجلالة قدرة اللي كان يعرف ستات بعدد شعر راسه يخطب غفير الدرك
نظرت له بنظرات تحمل الكثير من الغضب والغيرة واضحة على وجهها ليقول هو بمزاح
-يا بايرة غيرانه عليا اوي كده
لتبتسم وهي تقول بثقة
-انا مش بايرة … ومش غيرانه لكن كنت اتمنى انك تكون من غير علاقات … لكن اهو علشان تعرف الفرق وتقدر النعمة اللي في ايدك
ليضحك بصوت عالي وهو يقول بمرح
-أحب الواثق
ثم أعتدل في وقفته وهو يكمل بمشاغبة
-هو ده اللي بتمناه في شريكة حياتي أنها تكون عارفة قيمة نفسها كويس علشان تقدر تعرف قيمتي
-مغرور سيكا
ورفعت أصبعيها السبابة والابهام علامة على قدر الغرور ليضحك من جديد بصوت عالي .. لكن فجاة صمت ونظر لها ببعض التشتت ثم قال
-أنا أفتكرت أن عندي مشوار مهم .. سلام
ولم ينتظر ردها .. وأسئلتها وغادر الشرفه ثم أغلق بابها بقوة .. شعرت بالصدمه والخوف لكنها دلفت الي غرفتها تتصل بعدنان وتخبره بما حدث .. وطلبت منه أن يتصل بها
إذا عاد أدهم الي القصر.. ليطمئنها عدنان رغم أنه شعر هو الاخر بالخوف
…………..
تجلس على الاريكة الكبيرة تضع قدميها أسفلها وبين يديها طبق كبير به الكثير من الفاكهة وبعض الشوكلاتة .. وكوب من عصير البرتقال .. تشاهد فيلم كارتوني وفمها لا يتوقف عن مضغ كل ما تضعه داخله .. دون تفرقة بين الفاكهة أو الشوكلاته أو العصير .. يتابعها من باب غرفتهم وأبتسامة سعادة ورضى تزين وجهه .. حبيبته التي أصبحت تحمل بين أحشائها جزء منه ومنها .. دليل توبته ورضا الله عنه
أقترب بخطوات هادئه حتى لا يقطع أستمتاعها بمشاهدة الفيلم .. لكنها شعرت به وقالت بمرح
-نفسي لو ربنا رزقنا ببنت يكون شعرها طويل أوي كدة زي روبنزل
جلس جوارها وحاوط كتفهيها بذراعه وقال بحب
-بس أنا عايزها شبهك في كل حاجة .. شعرك وطوله .. لون عنيكي .. طيبة قلبك
كانت تنظر اليه وأبتسامة رقيقة تزين ثغرها .. رفعت يدها تداعب وجنته وهي تقول باندهاش
-للدرجة دي بتحبني يا بيبرس؟!
-للدرجة دي أنتِ كل دنيتي يا زيزي .. أنتِ باب توبتي .. حبيبتي وأم أولادي أن شاء الله .. رفيقة طريق .. دنيتي اللي متمناش حاجة تانية غيرها
أتسعت أبتسامتها الرقيقة وأقتربت منه تقبل وجنته بحب ثم قالت ببعض المشاغبة
-أتفرج معايا بقى .. وعلى فكرة انت أحلى من نيوجين
-مين؟!
سألها باندهاش لتقول موضحه
-بطل الفيلم
ليضحك بصوت عالي وهو يضمها أكثر الي صدره يشاهد معها ذلك الفيلم الذي لا يفهم منه شيء
……………..
وصل أدهم الي القصر متلهفًا ليرى ظلال .. لا يعلم لما يشعر أن هناك شيء ناقص .. هناك ألم قوي في قلبه .. وشعور غريب مختلط بين سعادة كبيرة تسكن قلبه .. وبين خوف لا وصف له .. وقلق من مجهول غريب
صعد درجات السلم راكضًا ومباشرة الي غرفة أخته .. ودون ان يطرق الباب دخل الي الغرفة ليجدها تجلس متكومة فوق الكرسي تضم ركبتيها الي صدرها والدموع تغرق عيونها .. ليسقط قلبه أسفل قدمية بحزن وشفقة .. وأقترب منها سريعًا وجثى على ركبتيه امامها وهو ينطق أسمها بأسف
لتنظر له بحزن شديد ليضمها الي صدره وهو يقول
-أنا أسف يا ظلال ..أسف يا حبيبتي .. أسف أسف
مع كل كلمة أسف يقولها كان صوت بكائها يرتفع حتى وصل الي أن يكون صراخ صراخ يحمل ألم قلبها وروحها .. ألم حبها لشخص ظنت أنه يحمل لها شيء خاص كما تحمل هي .. والم ثقتها في شخص يحمل لها الحب لكنه حب مريض يحمل بداخله الاذى واحساس وحده وضياع .. وكأن الارض بكل وسعها لا تساعها ولا تتحملها فوقها
شدد من ضمه لها حتى تخرج كل ما بداخلها .. وهي وكأنها كانت تنتظر ذلك الصدر الحاني حتى تشعر بأن لها مكان تصرخ به بكل ما تحملة من الم داخل صدرها … بعد نصف ساعة تقريبًا كان يجلس أدهم على الارض يستند الي الحائط وهي تجلس فوق ساقيه وتخبىء وجهها في تجويف عنقه كطفلة صغيرة بين ذراعي والدها .. أجلى أدهم صوته وقال بهدوء قدر أستطاعته .. فخرج صوته مختنق بحزنه عليها حاني بحبه لها
-بصيلي يا ظلال
ظلت لثوان كما هي ليربت على ظهرها بحنان لتبعد رأسها عن عنقه ورفعت عيونها تنظر اليه ليرفع يده يمسح الدموع عن وجنتيها وهو يقول
-عايز أسمعك
أخفضت رأسها تنظر الي يديها امستريحه فوق صدر أخيها ثم قالت
-عايزني أقول ايه؟!
-اللي جوه قلب ظلال .. الصرخة اللي طلعت منك وانت بتعيطي دلوقتي علشان نتخلص منها للأبد لازم تتكلمي قولي كل اللي جواكي وأنا هنا هسمعك بعقلي وقلبي مش بوداني بس … قولي كل اللي جواكي من غير خوف او حذر
عادت دموعها تنهمر من جديد وهي تقول
-هو انا وحشه يا ابيه .. متحبش .. مستاهلش أني اعيش سعيدة والاقي الحب اللي بجد .. الحب اللي استحقه؟!
-ليه بتقولي كده ؟.. أنتِ تستاهلي اللي أكتر من كده بكتير
قالها وهو يربت على وجنتها بحنان .. لتقول هي وصوت بكاء يعود للارتفاع
-طيب ليه عدنان محبنيش زي ما أنا بحبه .. ليه لما قررت أبعد عنه وأختار بعقلي اللي بيحبني يطلع حبه ليا حب مريض حب تملك .. لما عدنان حكالي اللي حصل مكنتش عارفه أفرح أنه بيحبني أوي كده .. ولا أخاف أنه من كتر ما بيحبني ممكن يأذيني عادي .. ليه عدنان يحب واحدة تانية ويقرر يقف جمبها ويدعمها ويديها قلبه ومشاعره وأنا لا … ليه انا قلبي يتوجع وانا بشوفه مع واحده تانية بتاخد منه اللي من حقي انا
شعر بالاندهاش من كلماتها .. عدنان وفتاة أخرى ما هذا الحديث لكنه تصور أن عدنان أوهمهم بهذا حتى يبعدها عنه تمامًا ويكمل اغلاق الابواب بينهم
أخذ نفس عميق وقال بهدوء بعد لحظات من التفكير
-ظلال الحياة مش سهلة ولا بسيطة .. ولازم نمر بمواقف صعبه توجع القلب علشان تعلم فينا ونفهم .. التجارب هي اللي بتقوينا وبتزود خبراتنا .. مش معنى أن قصة حبك اللي كانت من طرف واحد ولا معنى تجربتك مع مراد أنك أنتِ اللي وحشه .. هو بس ربنا عايزك تتعلمي .. علشان الاختيار الجاي يبقى أختيار صح بعقلك وقلبك .. مينفعش يكون أختيار قلب بس ولا اختيار عقل بس وهرجع أقولك تاني .. مش هنقدر نلوم عدنان على أنه محبكيش لان دي حاجة مش بأيده .. لكن نقدر نلوم مراد انه بدل ما يختار أنه يتعالج علشان يستحقك لا هو كان عايز يجبرك على أنك تفضلي معاه وغصب عنك وتبقي غطى لعجزه لو الخبر ده انتشر
كانت تستمع اليه وبكائها قد هدء لكن شهقاتها لم تهدئ … ليكمل هو بابتسامة رقيقة
-ظلال أوعي اي حاجة في الدنيا مهما كانت تهز ثقتك في نفسك واوعي تحاسبي حد على اللي ميملكوش والقلوب بأيد ربنا يقلبها كيفما يشاء .. حاسبي الناس على قرارتهم .. وتصرافتهم .. عدنان أنتِ بالنسبالة شيء غالي ومهم مشفتهوش كان عامل ازاي لما عرف اللي عمله مراد .. كان مستعد يموته .. إنك تكسبي عدنان أخ ليكي يا ظلال أحسن ألف مرة من إنك تكسبيه حبيب وزوج .. حتى لو بتحبيه طالما هو مش بيحبك وده لا غلط منه ولا منك يا حبيبتي
كان يجلس خلف بابها حين لاحظ دخول أدهم الي القصر .. أرسل رسالة لسليمة بوصوله .. وغادر غرفته ليطمئن عليه وعليها كان يبكي كما تبكي هي .. وهو يستمع لكلمات أدهم .. يبكي حبيبته كسيرة القلب والروح .. يبكي ضعفه .. وخطئه الذي جعله يبتعد عنها رغمًا عنه وعنها .. يبكي عجزه وقله حيلته في ان يرفع عن قلبها كل هذا الالم والعذاب
عادت الدموع تغرق وجهها من جديد ليضمها أدهم بقوة وربت على ظهرها وبيده الاخرى داعب خصلات شعرها وهو يقول
-وبالنسبة لمراد من دلوقتي تقدري تنسيه تمامًا.. أنا عارف إنك محبتهوش .. واللي حصل أثر عليكي ك بنت أستأمنت راجل على حياتها وقلبها وهو مكنش قد الامانه دى .. خدي وقتك في حزنك علشان بمجرد ما هنطوي الصفحة مش هنرجع لها تاني أبدا .. أتفقنا
أومأت بنعم ليربت على وجنتها بحنان .. ثم قال
-عايز ظلال القوية ترجع من تاني وردة البيت ده وشمعته المنورة
لتخبئ وجهها من جديد في تجويف عنقه وعادت تبكي لكن تلك المرة وكأنها تريد أن تقول “لن أبكي بعد الان ”
وظل هو يضمها بحنان ويربت على ظهرها حتى هدأت تمامًا وشعر بجسدها يسترخي بين ذراعيه ليقف على قدميه وهو يحملها بين يديه ليضعها على السرير وقبل جبينها واغلق الاضائه وغادر لتصطدم قدمه بعدنان الذي يجلس أرضًا .. ويبدوا على وجه المحتقن انه أستمع الي حديثم .. ليربت على كتفه ببعض الدعم وتوجه الي غرفته لكن صوت عدنان أوقفه في مكانه حين قال
-على فكرة ثامر خطب سليمة النهاردة
لتجحظ عيني أدهم بصدمه ونظر له ليبتسم عدنان بجانب فمه وببعض السخرية قال
-مبروك بقالك ضرة
ظل أدهم واقف للحظات يشعر بالصدمة والاندهاش وبخطوات سريعه توجه الي غرفته وهو يبحث عن هاتفه حتى يتصل بها ويفهم ما حدث وعاد عدنان يريح رأسه على الحائط وأغمض عينيه غير قادر على تركها بمفردها والذهاب الي غرفته
……………
عاد أكرم الي بيته لكنه لم يستطع أن يصعد الي شقته ما حدث من مراد حتى وصولهم الي المستشفى أرهقه وجعله في مزاج لا يتحمل ومؤكد زوجته وأولاده لا يستحقون منه أن يصعد اليهم بعد غياب يوم بأكمله وهو بتلك الحاله
لكن قلبها الذي يشعر به .. وحبها الكبير الذي يسكن قلبه ويجعلها تشعر به حتى لو لم تراه عيونها جعلها تتصل به وقبل أن يجيب رفع عينيه الي نافذه غرفتها ليجدها تقف هناك شبح أسود لا يظهر منه شيء بسبب الاضائه الضعيفة .. أجابها بصوته المرهق لتقول مباشرة
-أطلع يا أكرم حضني مكانك ومنتظرك يهون عليك كل صعب
تنهد بأرهاق واضح في تهدل أكتافه .. وصوته حتى جفونه المتثاقله .. ترجل من السيارة وبخطوات مرهقه صعد درجات السلم وحين وصل الي شقته وجد بابها مفتوح كعادتها تنتظره هناك بروحها الطيبة وقلبها الذي يطيب لقلبه البقاء جواره … ذراعيها مفتوحان له بترحاب دائم
أمسكت يده بعد أن أغلقت الباب ومباشرة الي غرفتهم كان يسير معها مستسلمًا تمامًا ليدها الحانية وحنانها الذي لا يوصف ولثقته أنه بعد ما تقوم به علياء سيستعيد نشاطه وصفاء زهنه .. أجلسته على الأريكة وجثت على ركبتيها كعادتها حين يكون في تلك الحالة …. تخلع عنه حذائه وجوربيه ووضعت قدميه في ماء دافئ به بعض الملح والزيوت الطبيعيه المنعشه كانت قد قامت بتحضيره حين رأته من النافذه وقبل ان تتحدث اليه عبر الهاتف
بدأت في تدليك قدميه بطريقتها المميزة ليغمض عينيه وأراح ظهره على الاريكه .. يتنهد براحه واسترخاء .. لا يعرف متى بدات تلك العادة لديها.. كلما وجدته في تلك الحاله .. تقوم بعمل جلسة مساج خاصة تساعده على الاسترخاء وصفاء الزهن وكل مرة تخبره ان راحه الجسد تبدء من القدمين وإذا استراح الجسد استطاع العقل العمل بشكل أفضل .. فتح عينيه وقال ببعض المرح
-تصدقي لايق عليكي دور أمينة
لتبتسم وهي تقول بمرح مشابه
-علشان انت أحلى سي السيد
صمتت لثواني لكن عيونهم لم تتوقف عن الحديث اخبرها كم هو ممتن لها … شاكرًا لعطفها وحبها الكبير … وتخبره هي انه سبقها في العطاء وكم تحملها وما تقوم به نقطة في بحر عطائه .. ليغمض عينيه براحه وهو يتذكر ما حدث ويفكر فيه لكن بهدوء وتعقل
بعد رحيل أدهم وعدنان وظلال .. حمل أوس مراد على كتفه المخدر اثر حقنه قام أكرم بحقنه بها حتى يصلوا الي القاهرة … وغادر الشالية يلحقه أكرم الذي أغلقه جيدا.. وضع مراد على الكرسي الخلفي وجلس خلف عجلة القيادة وجواره أكرم الصامت تمامًا
لكن أوس كان يغلي من الغضب فقال ببعض العصبية
-أنا متقيد بحاله أدهم ومش عارف أعمل في الكلب اللي ورى ده ايه؟!لو عليا
-ممكن تهدى علشان نقدر نتكلم
قاطعه أكرم بهدوء .. لينظر له أوس نظره خاطفه ثم عاد بنظره الي الطريق لكن كل تركيزه كان مع أكرم الذي قال
-مراد مريض وأي حاجة هتحصل أو اي أجراء هيبقى فيه شوشره عليه وعلى أنسه ظلال كمان .. والاحسن أن الحكاية تتلم .. وأعتقد أن أدهم وعدنان من بعد الموقف ده هيعملوا حسابهم كويس ده غير أني لازم أخد قرار دخول مراد المستشفى حتى لو ده عكس إيرادته لكن هو ده الحل الوحيد
ظل أوس صامت يفكر في كلمات أكرم .. لكنه قال ببعض التفكير
-مش عارف يا دكتور مش مرتاح من جوايه وحاسس أنه خطر على ظلال
شعر أكرم أن ظلال تحتل مكانه خاصه بداخل ذلك الرجل الذي يقابله لأول مرة .. في حقيقة الامر انه اليوم التقى بأربعه أشخاص لأول مره لكنهم وبكل حالتهم أثروا فيه بشده .. أدهم بتحوله من شخصية لأخرى حين حدث خطر لأخته .. وعدنان ذلك الرجل الذي يذوب عشقًا في ظلال وذلك واضح وضوح الشمس لكل من ينتبه لنظرات عينيه وتصرفاته .. لكنه في الوقت نفسه يبتعد عنها مسافات ومسافات رغم وقوفه بجانبها .. وذلك الرجل الذي يجلس جواره يبدوا عليه رجل قاسي وقوي شجاع مقدام لا يبالي بشيء .. كما يقول كتلاوج الضباط دون أن يخرج عن النص بحرف .. وظلال تلك الصغيرة والرقيقة .. عادية الملامح لكن بعيون تخطف النظرات وثقة نابعه بتلقائيه تجعل الجميع ينجذب لها
-على العموم أحنا هنطلع دلوقتي على المستشفى .. ولو أدهم قرر يقدم بلاغ ويتهم مراد بشكل رسمي أنا هكون جاهز بتقديم كافه الادله على أنه مريض نفسي
شعر أوس بالغضب وكاد أن يصرخ في وجه أكرم لكنه أبتسم وهو يقول باندهاش
-أنت غريب جدًا يا دكتور .. بتتكلم بهدوء شديد .. لكن انا متأكد أنك لو مكاني أو مكان أدهم هتبقى بتغلي من الغضب أكثر مننا
تنهد أكرم وأرخى رأسه الي الخلف قليلاوهو يقول
-مفيش راجل عنده نخوة يقبل اللي حصل ده … لكن مهنتي بتحكم عليا أشوف الموضوع من كل الاتجاهات يا حضرة الظابط .. أفهم اللي عمل كده عمله ليه وأيه دوافعه .. أنا شاركت في قضاية كتير جدا وكنت سبب في أن المجرم ياخد جزائة .. والمظلوم كمان ياخد حقة .. والمريض اللي عمل غلط بسبب المرض ياخد فرصته في العلاج
صمت للحظات ثم أكمل موضحا
-مثلا أدهم مريض …. عنده شخصية تانية مش هو اللي بيتحكم فيها .. الشخصية التانية دي هي اللي بتستغل جسمه .. يعني ممكن تعمل جريمة او مصيبة تفتكر وقتها أدهم يستحق العقاب؟!
ظهر التفكير على وجه أوس وكلمات أكرم تفتح له أبواب الفهم داخل عقله .. وتجعله يرى الامر من الجهه الاخرى
وبعد أكثر من ثلاث ساعات كانوا قد وصلوا أمام المستشفى .. وتم نقل مراد الي غرفته مع تشديد أكرم بعد دخول اي شخص له ورحل أوس على وعد بأتصال ولقاء حين يعود أدهم لشخصيته الحقيقة
عاد أكرم من أفكاره حين أنتهت علياء من جلسه المساج الخاصة والمميزة .. وقبل أن تحمل الماء وتغادر أمسك يدها يقبلها بحب وتقديس وشكر كبير .. ثم قال بصدق
-ربنا يباركلي فيكي يا علياء .. لو تعرفي بحبك قد ايه لو تشوفي قلبي من جوة شايلك ايه .. ويخاف عليكي قد ايه .. أنتِ دنيتي وجنتي وحياتي كلها
كانت تبتسم بسعادة ليضمها الي صدره بحنان ولا يعلم هل هو من يضمها أم هي من تحتويه بحنانها وقلبها الكبير .. ليت كل أنسان لديه عليائه الخاصة .. وليت كل إمرأة لديها أكرم خاص بها يستطيع أستيعاب دواخلها وروحها “رواية عشق الرجال”
…………….
وبداخل غرفته كان يستمع لها وهي تخبره بكل ما حدث .. تضحك مرة وتبكي مرة .. وكان هو يستمع لها وهو يبتسم .. ما أجمل من أن تكون أمرأته بتلك الحلاوة لسيت حلاوة الشكل .. هو يقصد حلاوة الروح والافكار .. أن تذوب بك عشقًا وبكل شخصياتك وتكون قادرة على أستيعابك بكل حالاتك
-يعني قدرتي توقعي أدهم الخشاب في حبك .. وقدرتي كمان على شخصيته التانية اللي محدش كان قادر عليها
لتضحك بصوت عالي وهي تقول بثقة
-طبعًا يا أبني .. دة أنا سليمة وبعدين طالما وقعتك أنت في حبي ف اكيد اقدر اوقع كل شخصياتك ولو عندك الف شخصية هخليهم كمان يحبوني
ضحك بصوت عالي انها قادرة على تحويل مأساته الي حدث مميز وحاله حب تغلف كل ما يحدث له بحلوه ومره .. وكأنهم في فيلم وتعرف نهايته السعيدة وتسير بخطواتها الثابته في هذا الاتجاه
أنتبه من أفكاره على صوتها وهي تقول ببعض القلق
-بس تعرف انا خايفة من حاجة .. رغم أني فرحانه أني هعيش تجربه الجواز بكل تفاصيله معاك مرتين وبشخصيتين مختلفين وهستمتع معاك في كل لحظة .. لكن في حاجات مش عارفة هتكون…
لم تستطع أن تكمل حديثها من الخجل .. فهم مقصدها فهي وضعت يدها على مخاوفه ببساطة .. لكنه قال بهدوء قدر أستطاعته حتى يهدئ مخاوفها رغم أنها ايقظت كل مخاوفه
-قبلها هنتكلم مع عبدالله في الموضوع ده ونشوف ممكن نحل الموضوع ازاي
ظلت صامته لعده لحظات ثم قالت مغيرة دفه الحديث
-ظلال عاملة ايه دلوقتي .. وقررت هتعمل ايه مع مراد؟!
تنهد بصوت عالي وهو يخبرها بما حدث مع ظلال ومدحت تصرفه وكلامه .. ثم تنهد بثقل وقال
-مش عارف أعمل ايه مع مراد .. لو أخدت إجراء قانوني الفضيحة مش هطوله هو بس لا ظلال كمان وخصوصا انها دلوقتي بقت مشهورة وأسمها معروف
تنهد مرة اخرى ثم قال بعد تفكير
-هقعد مع عدنان واوس ودكتور أكرم وهشارك كمان عبدالله ونشوف الحل المناسب
شعرت بثقل الهم فوق كتفيه فقالت له ببعض المشاغبة
-ايه رأيك تعمل نفسك ثامر وتيجي نجرب القهوة بتاعته المخلوطه بالمريجوانا
ليضحك بصوت عالي وقال
-والله فكرة .. بس أكيد مش هنشرب من القهوة بتاعة ثامر .. هنشرب من القهوة بتاعة سليمة
وأغلق معها الهاتف وتحرك ليغادر القصر من جديد ليصدم أن عدنان مازال يجلس عند باب غرفة ظلال وحين رأه قال له بتوسل
-أدخل طمني عليها بالله
ليقترب من باب الغرفه وفتحه بهدوء ليجدها تغط في نوم عميق فعاد وأغلق الباب من جديد ونظر لعدنان وقال
-نايمة .. روح أنت كمان نام وأرتاح بكرة محتاج مخك يكون صاحي ومركز علشان نشوف هنعمل ايه مع مراد
-هقتله
قالها عدنان بغل وغضب .. ليقول أدهم بلوم
-روح نام يا عدنان وأرتاح وشغل مخك شوية
وتركة وغادر ليتحرك عدنان بعد لحظات الي غرفته بعد أن وضع يده على باب الغرفة وقال بهمس
-نامي يا قلب عدنان ونبضه .. نامي وبكرة شايلك الاجمل والاحلى .. نامي وأعرفي أن في هنا قدام بابا خدام رهن أشارتك وهب نفسه بس لحمايتك .. حتى لو كان على حساب نفسه ودمه
…………..
تصارع يد تخنقها بقوة .. ويد أخرى تمزق ملابسها .. ويد أخرى تستحل جسدها .. ويد أخرى تضع فوق عنقها سكين حادة تنحره بها ببرود وكأنه يريد أن يعذبها أو يزيد عذابها أو يجعلها تشعر بما يحدث معها بالكامل أنه يريدها أن تتعذب فقط .. وصوت في أذنها كفحيح الافعى .. أو كنعيق الغراب يقول بكل كره
“أنت لازم تدفعي التمن .. أنتِ لازم تموتي .. أنتِ محدش بيحبك .. ملكيش مكان هنا”
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية أو أشد قسوة)