رواية أوهام الحب الوردية الفصل العاشر 10 بقلم بتول علي
رواية أوهام الحب الوردية الجزء العاشر
رواية أوهام الحب الوردية البارت العاشر
رواية أوهام الحب الوردية الحلقة العاشرة
انصرف الرجل بعدما سلم الإخطار وترك خلفه أمنية التي رمشت بعينيها عدة مرات ولم ينتشلها من حالة الذهول الذي تلبسها إلا صوت إلهام التي خرجت من غرفتها، ونظرت نحو رامز هاتفة بتساؤل:
-“مالك يا رامز، واقف متنح كده ليه؟!”
تطوعت أمنية وأجابت بالنيابة عن شقيقها:
-“الهانم مراته رفعت عليه قضية طلاق بعد ما أخدته لحم ورميته عظم”.
-“يخرب بيتها، هي حصلت ترفع عليه قضايا وتلففه في المحاكم، حسبي الله ونعم الوكيل فيها وفي أهلها”.
قالتها إلهام بصدمة فنظر رامز لها قائلا بحزم:
-“الموضوع يا ماما مش مستاهل قضايا، أنا هروح دلوقتي أطلقها وأوفر على نفسي لفة المحاكم، لأن مش أنا الراجل اللي يقبل يخلي ست في عصمته وهي مش عايزاه”.
أمسكت به إلهام قبل مغادرته هاتفة برجاء:
-“استنى بس يا ابني واستهدى بالله وقبل ما تعمل أي حاجة فكر في ابنك اللي لسة يدوب مولود من فترة قريبة ومحدش فينا لحق يفرح بيه”.
همس رامز بتنهيدة وهو يملس جبهته بكفه الأيمن:
-“لا إله إلا الله، يعني عايزاني أعمل إيه بس يا ماما وأنتِ شايفة بنفسك أنها رفعت عليا قضية طلاق؟!”
ربتت إلهام على كتفه قائلة بنبرة حكيمة:
-“بص يا حبيبي، إحنا الأول هنتكلم مع أهلها ونعمل قعدة لعل وعسى نقدر نوصل لحل يرضي كل الأطراف”.
استجاب رامز لنصيحة والدته ثم أخرج هاتفه واتصل بمحسن واتفق معه على إقامة جلسة عائلية حتى يتفقوا بها على حل لتلك المشكلة.
▪▪▪▪▪▪▪▪▪
انتهى آدم من إلقاء المحاضرة على طلبته واستمع إلى أسئلتهم ثم خرج من المدرج بعدما أجاب على جميع الأسئلة.
جفف آدم عرق جبينه وهو يشعر ببعض الإرهاق فقد اضطر إلى شرح المحاضرة بدلا من الأستاذ الأساسي؛ لأنه غائب ويجب عليه أن يسد مكانه بما أنه معيد وسوف يناقش الدكتوراه في وقت قريب.
اتسعت عينا آدم والتفت خلفه بعدما سمع صوت أنثوي مألوف لا يمكنه أن ينساه مهما حدث وهذا الصوت يعود إلى “شمس” التي كانت زميلته ووقع في حبها أثناء دراسته بالجامعة.
وقفت شمس أمام آدم وهتفت بمرارة:
-“إزيك يا آدم عامل إيه؟ أنا سمعت أنك اتجوزت، هو الكلام ده فعلا صحيح؟”
أومأ آدم قائلا بتشفي فهو على الرغم من انتهاء حبه لها إلا أنه لم ينسَ أبدا الإهانة التي تعرض لها على يديها بسبب مشاعره الحمقاء نحوها:
-“أيوة يا شمس أنا اتجوزت من فترة قريبة وأخدت أجازة المدة اللي فاتت عشان كنت بقضي أنا ومراتي فترة شهر العسل”.
ابتلعت شمس غصتها وتحكمت بصعوبة في دموعها وهي تهمس بحشرجة:
-“واضح كده أنكم واخدين بعض عن حب، على العموم ألف مبروك”.
سارت شمس مبتعدة بسرعة عن مرمى بصره حتى لا يرى دموعها التي سمحت لها بالخروج من عينيها، فهي قد تأكدت في هذه اللحظة من أنه قد نسي الحب الذي جمع بينهما أثناء فترة دراستهما والذي حاربه والده بعدما علم بالأمر وقام بتهديدها، وفعل الكثير من الأمور البشعة حتى يجبرها على الابتعاد عن ابنه.
مضت السنوات واشتعل الأمل في قلب شمس عندما توفي والد آدم ولكنها سرعان ما أصيبت بالإحباط بعدما رأت كره آدم لها وعدم رغبته في الحديث معها؛ فهو يظنها تركته لأنها أحبت رجلا أخر أغنى منه ولا يمكنها أن تلومه؛ لأنها قامت بترسيخ هذه الفكرة داخل عقله بعدما أجبرها والده على فعل ذلك؛ لأنه رأى أنها من عائلة وضيعة لا ترقى إلى المستوى الذي يؤهلها إلى مصاهرة عائلته.
عادت شمس إلى منزلها وهي تبكي وجلست على أقرب كرسي صادفها ثم دفنت وجهها بين كفيها وارتفعت شهقاتها.
خرجت شقيقتها من الغرفة عندما سمعت صوت البكاء الحاد وتوجهت نحو شمس وهي تسألها بصوت ظهر به قلقها الشديد:
-“مالك يا حبيبتي، بتعيطي ليه؟”
رفعت شمس رأسها وهتفت فجأة وهي تقفز من مكانها واقفة أمام شقيقتها:
-“مفيش حاجة يا سمر، أنا كويسة خالص”.
تقدمت شمس نحو شقيقتها بضع خطوات وملست على وجهها بحنو مستطردة:
-“أنتِ أكلتِ وأخدتِ دواكِ يا حبيبتي ولا لسة؟”
أومأت سمر قائلة بهدوء:
-“أيوة أنا أكلت وقولت لنفسي أنام شوية؛ لأني مصدعة”.
ربتت شمس على كتفها وابتسمت قائلة:
-“تمام يا قلبي، روحي ارتاحي شوية وأنا هبقى أصحيكِ عشان تذاكري”.
▪▪▪▪▪▪▪▪▪
ابتسم مراد بشدة بعدما تلقى اتصالًا من أحد أصدقائه الذين يعملون في دول الخليج وقد أخبره صديقه أنه قد نجح في إيجاد وظيفة مرموقة من أجله وبراتب يعادل أضعاف الراتب الذي يتحصل عليه من عمله الحالي.
هتف مراد بامتنان شديد، وهو ينظر بغيظ نحو صاحب الشركة الذي يقف بعيدا عنه:
-“أنا مش عارف أشكرك إزاي يا رؤوف، أنت بجد قدرت تعمل معايا معروف كبير عمري ما هقدر أنساه”.
هتف رؤوف بجدية شديدة:
-“أهم حاجة دلوقتي هي أنك تجهز الأوراق بتاعتك وتعمل جواز سفر وتظبط أمورك عشان أنت لازم تيجي تستلم الوظيفة في أسرع وقت ممكن وبالنسبة للكفيل بتاعك فأنا مش عايزك تقلق من ناحيته لأنه راجل محترم جدا وبيني وبينه عيش وملح وهو بيحاول بقاله فترة طويلة أنه يخدمني”.
زرعت كلمات رؤوف الطمأنينة في نفس مراد الذي عزم على تقديم استقالته من عمله الحالي بعدما ينتهي من تجهيز جميع الأوراق اللازمة التي يحتاج إليها من أجل السفر واستلام العمل الجديد.
هتف مراد بلهفة شديدة بعدما ابتعد قليلا عن مرمى نظر مديره في العمل:
-“أنا مش محتاج أعمل جواز سفر؛ لأن معايا بالفعل جواز وهو ساري وهينفع أسافر بيه، كل اللي طالبه منك هو أنك تظبطلي كل حاجة عشان أنا عايز أكون عندك خلال شهر بالكتير”.
▪▪▪▪▪▪▪▪▪
استمعت نادين خلال اتصالها بوالدتها إلى أخبار رامز وعلمت بما جرى معه ولم تشعر بالشماتة ولا بأي شيء عكس ما كانت تتوقع.
تذكرت عندما حزنت وتألمت بعدما تخلى عنها رامز الذي أحبته والآن حان الوقت الذي ينبغي عليها أن تشمت به ولكنها لا تستطيع أن تفعل ذلك.
تُرى هل يزال قلبها يحمل له بعض المشاعر أم أن أمره لم يعد يهمها لتلك الدرجة التي تجعلها لا تكترث بأي شيء يخصه؟
في هذه اللحظة وقعت عيناها على صورة آدم ولسان حالها يتساءل، تُرى يا قلب هل ستحب مرة أخرى بعدما دمرك من أحببت أم ستظل مجرد حطام متناثرة تحت أنقاض الحب الأول؟
دلف آدم إلى الشقة وهو يشعر بالضيق الذي انعكس على ملامح وجهه بشكل واضح للغاية جعل نادين تشعر بالدهشة وهي تتحدث بهدوء:
-“حمد الله على السلامة يا آدم، تعالى اقعد على السفرة لحد ما أسخن الأكل”.
كادت نادين تتوجه إلى المطبخ حتى تنفذ ما قالته ولكن أوقفها آدم بقوله:
-“مفيش داعي تعملي أي حاجة يا نادين، أنا هدخل أنام لأني تعبان وغير كده أنا مليش نفس للأكل”.
توجه آدم إلى غرفته دون أن يضيف كلمة إضافية فهزت نادين كتفيها وهمست بخفوت:
-“دي أول مرة أحس فيها أنه مخنوق وملهوش نفس للأكل، الظاهر كده أنهم اتوصوا بيه في الكلية بعد الأجازة اللي كان واخدها”.
▪▪▪▪▪▪▪▪▪
هب رامز واقفا وهو يصيح بانفعال شديد جعل والدته تشعر بالقلق؛ لأنها تعلم جيدا أن ابنها يتصرف بعدم تفكير عندما يكون تحت تأثير إحدى نوبات غضبه:
-“يعني إيه يا محسن الكلام ده؟! أنا اتصلت بيك عشان أقعد معاك ونحل الموضوع وأنت جاي تقولي بمنتهى البساطة أني لازم أطلق داليا!!”
هتف محسن ببرود وهو يضرب ركبتيه بكفيه:
-“يعني أنت عايزني أعملك إيه بالظبط يا رامز؟! أنا روحت اتكلمت مع داليا وهي مصممة على الطلاق ومش راضية تتراجع عن قرارها وأنا مقدرش أغصبها على حاجة هي مش عايزاها”.
تحدثت إلهام بأسف موجهة كلامها لمحسن وهي تربت على كتف ابنها حتى يهدأ ولا يقوم بارتكاب أي حماقة:
-“معلش يا محسن حاول تتكلم معاها مرة تانية وخليها تفكر في ابنها اللي هيفضل طول عمره محتاج لوجود أبوه جنبه زي ما هو محتاج لوجودها هي كمان”.
قال محسن بعدم اكتراث وهو ينهض:
-“حاضر، أنا هتكلم معاها تاني وهحاول أقنعها بأنها تعيد النظر في موضوع الطلاق”.
غادر محسن تحت نظرات أمنية التي كانت ترمقه بسخط طوال الجلسة؛ لأنها تدرك حقيقة عدم اهتمامه بأمر انفصال داليا عن رامز التي يبدو من خلال تصميمها على فكرة الطلاق أنها وجدت الرجل البديل الذي سيجعل حياتها أفضل بكثير مما هي عليه الآن.
تمتمت أمنية بغيظ وهي تغلق الباب خلف محسن:
-“روح يا شيخ ربنا ينتقم منك أنت وأختك، أنا كان عندي حق لما قولت عليكم عيلة مقرفة وحقيرة”.
عادت أمنية إلى غرفة الصالون ونظرت إلى شقيقها بحزن وهي تقول بنبرة آسفة على ما جرى معه نتيجة عناده وتجاهله لنصائحها وتحذيراتها بشأن زواجه من داليا:
-“واضح يا رامز أن محسن مش مهتم أصلا بالموضوع والظاهر كده أن داليا خلاص استكفت منك وشايفة أنك خلاص مش هتقدر تعيشها في مستوى كويس بعد الأزمة اللي حصلت معاك”.
أيقظت كلمات أمنية البركان الخامل في قلب رامز الذي قرر أن يستعيد كل شيء منحه لداليا حتى لو كانت حياته هي الثمن الذي سيدفعه من أجل تحقيق هذا الهدف.
▪▪▪▪▪▪▪▪▪
شعرت سمية ببعض القلق عندما اتصل بها مراد وأخبرها بأمر فرصة العمل التي نالها بإحدى الشركات المرموقة والتي يوجد لها فروع كثيرة في دول الخليج:
-“طيب وأنت ناوي تسافر وتسيبني هنا ولا عامل حسابك لما تيجي هتجهز ورق ليا أنا كمان عشان أسافر معاك؟”
طرحت سمية هذا السؤال بنبرة مستهجنة جعلت مرادًا يصاب بارتباك ولكنه تمالك أعصابه ورد بهدوء:
-“احنا هنتكلم ونتناقش في الموضوع ده بإذن الله أول ما أرجع في أخر الأسبوع بعد ما أخلص كل أموري مع صاحب الشركة اللي أنا شغال فيها دلوقتي”.
لم تشعر سمية بالراحة بعدما سمعت جواب زوجها ولكنها قررت أن تنتظر قدومه وتستمع إلى حديثه وفي الوقت نفسه قررت أنها سوف تعارضه وتتصدى له إذا أخبرها أنه ينوي تركها برفقة والدته المتسلطة والسفر إلى الخليج بمفرده.
زفرت سمية بضيق قائلة:
-“تمام يا مراد، أنا هستناك لما ترجع وبعدين هسمع اللي عندك وأشوف أنت ناوي على إيه بالظبط”.
أنهت سمية المكالمة ثم نظرت إلى أخيها الذي يجلس أمامها واجم الوجه كعادته منذ عاد إلى المنزل بعدما تعرض للحادث:
-“أنا مش عارفة أعمل إيه يا محمد، من ناحية شايفة أن السفرية دي فرصة كويسة جدا لمراد ومن ناحية تانية مش قادرة أتقبل فكرة أن مراد يسافر وأفضل أنا هنا في مصر لوحدي وسط أهله”.
أطلق محمد تنهيدة وأخذ شهيقا وزفيرا وهو يفكر في أمر أخته، فهو على الرغم من حاجته لوجودها بجواره إلا أنه ليس أنانيا إلى تلك الدرجة التي تجعله يقبل أن تظل سمية وحدها ويسافر زوجها بمفرده؛ لأنه قد رأى بعض النماذج التي عاشت تلك التجربة وكانت النتيجة في معظم الحالات هي قيام الزوج بالزواج من امرأة أخرى تؤنس وحدته دون اكتراث لمشاعر زوجته التي تركها خلفه تذوق الويلات في منزل عائلته.
ربت محمد على كتف شقيقته قائلا بجدية:
-“أنا مش عايزك تخافي يا سمية، أول ما مراد يوصل بالسلامة أنا هتكلم معاه ومش هسمحله يسافر غير وأنتِ معاه أو على الأقل تسافري وراه بعد مدة بسيطة من سفره”.
▪▪▪▪▪▪▪▪▪
ارتشفت هانيا من العصير الموضوع أمامها ثم نظرت إلى صديقتها “شيري” وقالت:
-“بس يا ستي هو ده كل اللي حصل، محمد عشان يعوض النقص اللي بقى عنده بعد الحادثة بدأ يهيني ويقلل مني وأنا مقدرتش أستحمل الإهانة دي وعشان كده اتطلقت منه”.
أثنت شيري على موقف صديقتها قائلة بنبرة ماكرة:
-“أحسن حاجة عملتيها هي أنك سيبتي محمد لأنه بصراحة دمه تقيل أوي وهو أصلا بني آدم خنيق وقفوش وكان بيحاول دايما أنه يبعدك عني وعن باقي الشلة”.
هتفت هانيا بنبرة يشوبها كثيرًا من الغل؛ لأنها اضطرت للكذب على جميع أصدقائها وأوهمتهم بفكرة أنها هي من طلبت الطلاق من محمد وأكدت لهم أنه ظل يتوسل لها حتى لا تتركه:
-“عندك حق يا شيري في كل كلمة قولتيها وضيفي على كده كمان أنه بخيل جدا ودايما كان بيتخانق معايا لما بشتري فساتين جديدة رغم أن الفستان بيكون رخيص جدا ومش غالي خالص”.
لوت شيري شفتيها هاتفة بامتغاض شديد فهي لا تكره في حياتها أكثر من البخل:
-“طالما بخيل فكويس أوي أنك بعدتي عنه لأنه واضح كده أنه كان متجوزك عشان طمعان في فلوسك ولما لقى أنك ذكية وصعب أنه يضحك عليكِ بقى بيتخانق معاكِ عشان متطلبيش منه فلوس لما تكوني عايزة تشتري فساتين جديدة”.
هزت هانيا رأسها متظاهرة بصحة حديث شيري على الرغم من إدراكها التام لحقيقة أن محمدًا لم يكن يهتم بمسألة أموال عائلتها كما أنه قد رفض في كثير من المرات تلقي مساعدات مالية من والدها:
-“فعلا يا شيري، محمد بني آدم انتهازي وطماع وكويس أن أنا اكتشفت أنه طمعان فيا قبل ما يكون عندي منه أطفال لأن وقتها الانفصال عنه كان هيبقى صعب جدا بالنسبة ليا”.
أقسمت هانيا أنها سوف تسيء إلى سمعة محمد حتى لا يتهمها أحد بالوضاعة وقلة الأصل وها هي الآن قد بدأت في تنفيذ الخطوات الأولى من خطتها التي ستضمن لها أن تظهر أمام الناس بدور الزوجة الجيدة التي اكتشفت أن زوجها ارتبط بها حتى يستنفذ ثروة عائلتها.
▪▪▪▪▪▪▪▪▪
عادت سمية إلى المنزل بعدما زارت أخيها الذي ساءت حالته النفسية وتدهورت بعدما جرحت هانيا كرامته.
بدلت سمية ملابسها وتمددت على الفراش وأغمضت عينيها رغبة منها في الحصول على قيلولة قصيرة تريح أعصابها.
استيقظت سمية من نومها بعد مُدة زمنية لا تعلم إذا كانت طويلة أم قصيرة على لمسات فوق كتفها وذراعيها، فانتفضت بذعر وكانت الصدمة بانتظارها بعدما وجدت أمامها شقيق زوجها.
دفعته سمية وانتشلت عباءة منزلية تستر بها نفسها وهي تهتف بصدمة:
-“أنت بتعمل إيه في أوضة نومي يا بني آدم أنت؟!”
أجاب كريم ببساطة أذهلت سمية وجعلتها تلطم وجهها بخفة حتى تتأكد من أن ما يجري معها في تلك اللحظة حقيقة وليس كابوسا مزعجا:
-“جاي عشانك يا سمية؛ لأني بحبك ومش قادر على بُعدك”.
صرخت سمية بشدة ودفعته للمرة الثانية بعدما حاول احتضانها:
-“أنت مستوعب الكلام اللي بتقوله يا حيوان؟! أنا أبقى مرات أخوك عارف يعني إيه الكلام ده؟!”
-“أنا بحبك أوي يا سمية ومش قادر أعيش من غيرك وواثق أنك لما تعرفيني كويس هتحبيني زي ما أنا بعشقك”.
قالها كريم وهو يقترب بضع خطوات من سمية التي تراجعت للخلف بينما هو استطرد بنبرة أظهرت مدى هوسه بها:
-“افهمي بقى يا سمية، أنا معجب بيكِ أوي ونفسي تقدري مشاعري ناحيتك، صدقيني واحدة حلوة وجميلة زيك خسارة في مراد أخويا”.
صاحت باشمئزاز مقاومة رغبة قوية تدفعها للتقيؤ من فرطِ التقزز الذي تشعر به:
-“ابعد عني يا قذر، أنت شكلك كده اتجننت وعقلك فوت”.
هتف كريم باستنكار وهو يشير نحو نفسه بطريقة أظهرت لها أنه واقع تحت تأثير أحد أنواع المخدرات:
-“ليه بتقولي كده!! كل ده عشان بحبك؟! أنا مش عايزك تخافي يا حبيبتي، مراد مش هيعرف حاجة عن علاقتنا ببعض”.
هتفت سمية بتوعد بعدما تمكنت من الابتعاد عنه مؤكدة له أنها سوف تقوم بفضحه أمام جميع أفراد العائلة:
-“قسما بالله العلي العظيم لهخلي يومك أسود لأن أنت اتجننت خالص ووصل بيك العبط أنك تعرض عليا عرض مقرف زي ده وتتجاهل حقيقة أني مرات أخوك”.
هبطت سمية إلى الأسفل وتوجهت بسرعة نحو غرفة حماتها وخلفها كريم يحاول إيقافها ومنعها من فضح أمره أمام والدته.
استغربت ميرڤت من دخول سمية لغرفتها بتلك الطريقة وهتفت باستغراب:
-“فيه إيه يا سمية، أنتِ كويسة؟”
أشارت سمية نحو كريم الذي لحق بها قائلة باشمئزاز:
-“لا مش كويسة يا ماما؛ لأن ابنك اللي معندوش ريحة النخوة طلع معاه نسخة من مفاتيح الشقة ودخل عليا وأنا نايمة في أوضتي وحاول يعتدي عليا”.
أسرع كريم بنفي حديثها فهو يعلم جيدا حجم العواقب الوخيمة التي سوف تلحق به إذا أثبتت سمية صحة اتهامها ضده:
-“دي واحدة كدابة يا ماما وعايزة توقع بيني وبين مراد عشان تقنعه أنه يشتري شقة ويعيش بعيد عنك”.
استكمل كريم حديثه محاولا إقناع والدته بطريقة منطقية تجبر عقلها على تصديقه:
-“وبعدين هو أنا مثلا واحد مجنون عشان أروح أدخل شقة سمية وأنتِ موجودة في الشقة اللي تحتها؟!”
صاحت سمية بغضب وهي تضم قبضة يدها مقاومة رغبة قوية تدفعها لضرب شقيق زوجها الذي يستحق أن ينال جائزة الأوسكار في الكذب:
-“أنت مكنتش تعرف أن ماما موجودة هنا في الشقة وكنت مفكر أنها عند أختها وعشان كده أنت قررت تستغل الفرصة وتتهجم عليا في شقتي”.
صفعتها ميرڤت قائلة بصرامة شديدة وهي تربت على كتف ابنها بينما ترمقها باحتقار:
-“اخرسي يا حقيرة، أنا ربيت ابني كويس وعارفة أنه مستحيل يعمل كده يا قذرة وأن أكيد أنتِ اللي حاولتِ تتقربي منه ولما رفضك عملتِ الفيلم البايخ ده عشان تنتقمي منه”.
أكد كريم حديث والدته بإيماءة من رأسه متحدثا بغلٍ وهو ينظر إلى سمية بشماتة:
-“كلامك مظبوط يا ماما، هي بقالها فترة بتعمل حركات غريبة وأنا كنت عامل نفسي مش واخد بالي عشان مخربش بيت أخويا بس مكنتش أتصور أنها ممكن تحاول تلبسني مصيبة خطيرة زي دي”.
اتسعت عينا سمية وحاولت أن تدافع عن نفسها ولكن لم تمنحها ميرڤت الفرصة فقد قامت بسحبها من شعرها وألقتها خارج المنزل وهي تصيح بصوت جهوري لفت أنظار عدد كبير من الجيران:
-“اشهدوا يا ناس، أنا مسكت سمية مرات مراد متلبسة وهي بتحاول تغري كريم ابني عشان يخون أخوه اللي من لحمه ودمه”.
ألقى الجميع على سمية نظرات ازدراء بينما سحبت ميرڤت ابنها ودخلا إلى المنزل ثم أغلقا الباب أمام عيني سمية التي أخذت تبكي بشدة فقد انقلبت الأدوار وصارت في نظر الجميع مذنبة وكريم هو الضحية.
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية أوهام الحب الوردية)