رواية أوهام الحب الوردية الفصل الحادي والثلاثون 31 بقلم بتول علي
رواية أوهام الحب الوردية الجزء الحادي والثلاثون
رواية أوهام الحب الوردية البارت الحادي والثلاثون
رواية أوهام الحب الوردية الحلقة الحادية والثلاثون
توقفت سيارة أجرة أمام المبنى الذي يقطن به محمد وخرجت منها شمس بعدما دفعت الأجرة للسائق.
توجهت نحو البناية وصعدت ثلاثة طوابق بسبب تعطل المصعد وتنهدت براحة بعدما وصلت إلى شقة محمد.
ضغطت شمس على الجرس وانتظرت أن يفتح لها محمد ولكن مضى أكثر من دقيقة ولم يفتح لها أحد فأعادت الضغط مرة أخرى واستمرت على هذا الوضع أكثر من عشر دقائق إلى أن تأكدت من عدم وجود زوجها بالداخل.
انسحبت شمس وهبطت الدرج وأثناء سيرها نحو البوابة رأت حارس العقار فتوجهت نحوه وهتفت بتساؤل بعدما ألقت السلام:
-“متعرفش يا عم حامد محمد خرج إمتى؟”
استغرب حامد من سؤالها وأجاب بتعجب:
-“هو أنتِ متعرفيش يا مدام شمس أن الأستاذ محمد سافر؟!”
ظهرت أثار الصدمة جلية على وجه شمس التي تحشرج صوتها وهي تقول:
-“سافر!! طيب هو راح فين؟”
استنتج حامد من عدم معرفتها بأمر سفر محمد أنه يوجد خلافات بينهما جعلت الأخير يسافر دون أن يكلف نفسه عناء إخبار زوجته بالأمر.
شعر حامد بالشفقة على شمس بعدما رأى بوضوح الدموع الحبيسة التي تحاول كبحها بصعوبة وهتف بهدوء أراد أن يطمئنها من خلاله:
-“الأستاذ محمد سافر القاهرة عند خالته وقال أنه هيرجع بعد فترة قصيرة وأداني مفتاح شقته عشان تيجي أم سماح تنضفها كل أسبوع”.
ابتلعت شمس غصة مريرة تشكلت في حلقها بعدما فهمت من سياق حديث حامد أن محمدًا سوف يمكث فترة طويلة في القاهرة.
مدت شمس يدها وهتفت بجدية:
-“طيب لو سمحت هاتلي مفتاح الشقة وأنا هطلع أنضفها ومفيش داعي أنك تتعب أم سماح، أنا هبقى أجي هنا كل كام يوم عشان أظبطها وأرتبها”.
شعر حامد بقليل من التردد ولكنه نفذ أمرها في النهاية وأعطاها المفتاح فهي تكون زوجة محمد وليست امرأة غريبة حتى يخاف من ردة فعل صاحب الشقة عندما يعلم أنه أعطاها المفاتيح.
صعدت شمس مرة أخرى إلى الشقة وفتحت الباب وأغلقته بعدما دخلت إليها وأخذت تسير وتتأمل كل شيء حولها تاركة العنان لدموعها الحبيسة.
نظرت شمس إلى صورة محمد وفي هذه اللحظة تذكرت ما حدث بينهما عندما سمع الحديث الذي دار بينها وبين آدم.
غادر آدم على الفور بعدما رأى ابن عمه وأدرك أنه ليس قادرا على مواجهته في هذه اللحظة تاركا خلفه شمس تنظر إلى وجه محمد منتظرة ردة فعله بعدما علم بالحقيقة وفهم الآن سبب الخلاف الذي حدث في الماضي بين مأمون وآدم.
تحدث محمد بتيه من وسط الصدمة التي تلقاها فوق رأسه:
-“إيه اللي أنا سمعته ده يا شمس؟! هو أنتِ وآدم كنتم فعلا بتحبوا بعض زمان ولا أنا جالي حول في السمع؟!”
أومأت شمس قائلة بجمود وهي تبكي لأنها تعلم جيدا أنها تجرحه بكلماتها:
-“أيوة يا محمد، أنا وآدم كنا بنحب بعض في فترة الجامعة واتفقنا نتجوز بعد ما نتخرج بس عمك اعترض على الموضوع لما عرف وهددني ولما أنا رفضت أسيب آدم انتقم مني ولبسني قضية الآداب”.
جلس محمد على أقرب كرسي وغطى وجهه بكفيه قائلا بمرارة:
-“وأنتِ بتكرهيني عشان مفكرة أني ساعدت عمي في أنه يلبسك القضية دي، مش كده برضه؟!”
هزت شمس رأسها بنفي وأرادت أن تصرخ وتخبره أنها لا تكرهه ولكن علقت تلك الكلمات في حلقها ولم تتمكن من نطقها:
-“أنا كنت مفكرة فعلا أن ليك دخل في اللي مأمون عمله معايا بس لما لقيتك بتتعامل معايا بشكل عادي ومصمم على الجواز مني ومستغرب من عدم تقبلي ليك حسيت وقتها أن ملكش دخل في الموضوع واتأكدت من كده لما لقيتك بتتعامل بشكل طبيعي مع آدم والمعاملة دي خليتني واثقة أنك مكنتش تعرف حاجة عن موضوعي مع آدم وبالتالي أنت مش ساعدت عمك في أذيتي بس اللي مش قادرة أفهمه إزاي كنت موجود وقتها وخرجتني من القضية من غير ما تكون عارف؟!”
رفع محمد وجهه ونظر لها قائلا بمرارة:
-“إحنا جالنا بلاغ عادي وقتها عن شقة مشبوهة ولما عملنا تحريات عنها وقررنا نداهمها قبضنا عليكِ مع البنات اللي كانوا موجودين فيها وأنا اتفاجأت وقتها بعمي جاي وقال أنه يعرفك لأنك كنتِ بتدربي في شركته بس سيبتي التدريب عشان دراستك وطلب مني أني أسمحله يشوفك وبعد ما قعد معاكِ في مكتبي لوحدكم قالي بعدها أنك واحدة محترمة ومستحيل يكون ليكِ في المشي البطال وطلب مني أتأكد من إدانتك قبل ما تتحولي على النيابة عشان مبقاش ظلمتك لأن دعوة المظلوم ليس بينها وبين الله حجاب”.
شعر محمد بالسوء من نفسه؛ لأنه تم استخدامه كوسيلة في لعبة وضيعة، وهتف وهو ينظر نحو سمر التي تنام بعمق ولا تشعر بما يدور حولها:
-“ولما أنا أخدت أقوال البنات التانيين كلهم أكدوا وأجمعوا على أنك مش منهم وأنهم ميعرفوش أنتِ إزاي دخلتِ الشقة معاهم”.
تابع محمد حديثه بنبرة متهكمة:
-“مكنتش أعرف وقتها أن عمي استغفلني واستغلني وقتها كوسيلة عشان يجبرك على رفض آدم”.
هتفت شمس وهي تنظر إلى حيث ينظر:
-“مكانش قدامي وقتها أي خيار تاني، كان لازم أسيب آدم وأتخلى عن حبي ليه وفهمته وقتها أني استغليته عشان هو غني لأني لو مكنتش عملت كده كنت هخسر اللي فاضل من سمعتي بعد ما عمي الحقير فضحني في كل حتة وقال أني اتمسكت في قضية أداب”.
انحدرت دموع شمس وأطلقت شهقة كانت بداية لسلسلة من الشهقات المتلاحقة التي انتابتها وسط بكائها قائلة بحرقة:
-“اللي عمله عمك معايا اتسبب في أني متقبلتش في وظايف كتير وده خلاني مش عارفة أجيب فلوس عشان أعالج بيها أختي ولما مأمون مات حاولت بعدها أتواصل مع آدم عشان أعرفه الحقيقة بس هو رفض يسمعني”.
استمرت شمس في البكاء تحت نظرات محمد الذي اعتقد أنها تنعي بهذه الدموع حبها لآدم فنهض وغادر دون أن يسمع منها كلمة إضافية.
انتشل شمس من ذكرياتها صوت الجرس فمسحت دموعها وفتحت الباب فوجدت أمامها “أم سماح” التي قالت:
-“حامد قالي يا ست شمس أنك هتبقي تنضفي الشقة بنفسك فلو حسيتِ أنك محتاجة مني أي مساعدة ابقي ناديلي وأنا هطلعلك على طول”.
ابتسمت شمس وقالت:
-“متشكرة جدا يا أم سماح، ربنا يبارك فيكِ”.
أغلقت شمس الباب بعدما غادرت أم سماح وأعادت النظر إلى صورة محمد مرة أخرى وهي تتمتم بحسرة:
-“أنا مش فاهمة ليه أنا مكتوب عليا أخسر كل حاجة بمجرد ما أبدأ أتعلق بيها، أنا حبيت آدم وخسرته ولما نسيته وبدأت أحب محمد خسرته هو كمان”.
جثت شمس أرضا تبكي بشدة على وضعها، فهي تعلم جيدا أن محمدًا سوف يقوم بتطليقها عندما يعود من سفره.
▪▪▪▪▪▪▪▪▪
تنهدت هانيا أثناء جلوسها داخل النادي وهي تنظر حولها بحسرة شديدة إلى النساء اللواتي يهمسن فيما بينهن ثم يتعالى صوت ضحكاتهن من حين إلى أخر، فهي تعلم جيدا أنهن يتحدثن عنها ويشمتن بها بسبب ما آلت إليه أوضاعها فبعدما كانت امرأة يحترمها الجميع ويتمنون الحديث معها وهي من تتمنع صارت الآن امرأة منبوذة ومدعاة للسخرية والشماتة ونظرات الازدراء التي كانت ترمي بها كل من تراهم أقل منها في المكانة الاجتماعية.
وقعت عينا هانيا على صديقتها القديمة التي كانت تقف في ركن بعيد فنهضت وتوجهت نحوها وهمست بغضب:
-“ازيك يا أحقر بني آدمة عرفتها في حياتي!! يا ترى أنتِ مبسوطة في حياتك يا شيري بعد ما خربتِ حياتي؟”
التفتت لها شيري وهتفت باستخفاف وهي تنظر إلى هانيا بشماتة فقد تبدل حالها فجأة وانقلبت الأدوار وصارت هي من تتعرض للتنمر بعدما كانت تتنمر على الآخرين:
-“مش قادرة أوصفلك أنا قد إيه مرتاحة وأنا شايفاكِ قدامي يا هانيا بالحالة والمنظر ده”.
نظرت لها هانيا باحتقار وتحدثت باشمئزاز وهي تتراجع خطوتين للخلف من فرطِ شعورها بالتقزز من المرأة التي تقف أمامها والتي كانت في يوم من الأيام صديقتها المقربة:
-“للدرجة دي قلبك مليان بالحقد والغِل من ناحيتي!! أنا عمري ما أذيتك يا شيري فليه وقعتِ بيني وبين محمد وليه عرفتِ كل الناس حقيقة أني مش بخلف وأني اطلقت من زياد عشان كده؟!”
عقدت شيري ساعديها وألقت على هانيا نظرة شامتة وهي تجيب:
-“لأن أنتِ مش تستاهلي أنك تبقي أحسن مني في حاجة، أنا أكتر واحدة حبيته وعملت المستحيل عشان أخليه يقرب مني بس هو اختارك أنتِ لأن عندك أصل وعيلة ونسب يشرف على عكسي واحدة كانت عايشة حياة الفقر والذل ولولا جوازها من شاب غني مات بعد فترة بسيطة وسابلها ورث كان زمانها لحد دلوقتي عايشة نفس العيشة المقرفة دي لحد ما تموت من غير ما حد يحس بمعاناتها”.
ضيقت هانيا عينيها وهتفت بصدمة:
-“أنتِ تقصدي محمد!! معقول أنت كنتِ بتحبي محمد يا شيري؟!”
أومأت شيري وهي تصيح بحرقة:
-“أيوة حبيته بس هو اختارك أنتِ ورفضني، اتجوزك رغم أنك واحدة مغرورة ومتكبرة وشايفة نفسك أحسن من كل الناس”.
هزت هانيا رأسها باستنكار رافضة تصديق حقيقة أنها كانت تصادق فتاة يقودها الحقد وليس هذا فحسب فقد كانت تؤمنها على أسرار بيتها وتقوم بتطبيق نصائحها التي تسببت في النهاية بدمار زواجها من محمد ومن بعده زياد:
-“طيب وأنتِ كسبتِ إيه من كل اللي عملتيه ده؟!”
هتفت شيري بنبرة تقطر بالحسد فهي قد ذاقت الويلات في حياتها حتى تصل إلى ما وصلت إليه على عكس هانيا التي وُلدت وفي فمها ملعقة من ذهب:
-“لأنك متستاهليش تعيشي مبسوطة في حياتك ولا تستحقي زوج زي محمد وعشان كده كان لازم أبعدك عنه حتى لو مش هيبقى ليا”.
أكملت شيري حديثها بنبرة أظهرت مدى الخلل الذي يسود تفكيرها:
-“أنا مش بس خليتك تدمري بإيدك حياتك مع محمد ده أنا خليتك كمان تخسري زياد اللي كان فعلا بيحبك بعد ما لعبت على نقطة الغرور اللي عندك وخليتك تهينيه لما طلب منك تعملوا فحوصات وفضلت أملى دماغك وأسمم أفكارك وأنتِ بصراحة مقصرتيش وفضلتِ تهيني فيه وتعايريه بالفروقات اللي بينكم لدرجة أن الحب اللي فضل يحبهولك على مدار سنين طويلة اتبخر في أسبوع بسبب أفعالك ولما نتيجة التحاليل ظهرت وهو عرف أن العيب منك قرر ينتقم منك ويرد ليكِ جزء من اللي شافه منك وأنا ساعدته على كده”.
صرخت هانيا بانهيار وهي تمسك شيري من كتفيها وأخذت تهزها بعنف:
-“أنتِ مستحيل تكوني بني آدمة، أنتِ شيطانة حقيرة عايشة في الدنيا عشان تدمري وتخربي حياة كل الناس اللي حواليكِ”.
تدخل بعض الناس وأبعدوا هانيا عن شيري التي هتفت بغيظ:
-“وأنتِ واحدة غبية، محدش قالك تمشي ورايا وتخرجي أسرارك وأسرار بيتك وجوزك وتحكيلي كل تفاصيل حياتك وبعدين أنتِ مش بريئة يا هانيا، اوعي تنسي أنك حاولتِ تلفي على طارق عشان يتجوزك لأنك كنتِ عايزة الكل يشوف أنك حتى وأنتِ مش بتخلفي بس لسة مرغوبة والرجالة بيتمنوا نظرة منك وكان عندك استعداد تخربي حياة واحدة تانية في سبيل تحقيق غرضك الأناني”.
غادرت هانيا النادي وهي تبكي وأكدت لنفسها صحة حديث شيري فهي بالفعل من قامت بتخريب حياتها عندما جعلت من أسرار منزلها مادة تشغل حيزا من حديثها مع الآخرين.
▪▪▪▪▪▪▪▪▪
هب مهران واقفا وهو يصيح بفزع ومقلتاه تتحركان بسرعة دليل على شدة الصدمة التي يشعر بها:
-“إيه الكلام اللي أنت بتقوله ده يا فايز؟! إزاي يعني الرجالة اتقبض عليهم أثناء عملية التسليم!!”
تحدث فايز بغيظ:
-“مش عارف يا فندم، كل حاجة كانت ماشية كويس وأنا كنت متابع معاهم بالتليفون لحد ما فجأة بلغني واحد منهم أن عربيات البوليس محاوطة المكان”.
لكم مهران الحائط بجواره صارخا:
-“دي مصيبة سودة لأن ده معناه أن البوليس هيكون عندي في أي لحظة”.
نفى فايز هذا الأمر وطمأن مهران بقوله:
-“اطمن يا باشا، أنا مش عايزك تقلق خالص من النقطة دي لأن مفيش واحد فيهم هيجرؤ على الاعتراف ضدنا بكلمة واحدة”.
أنهى مهران المكالمة وحك جبهته بحدة وكأنه يطالبها بمنحه سببا منطقيا لما جرى معه اليوم فحتى إذا لم يعترف عليه الرجال إلا أنه قد خسر أموالا طائلة لا يمكنه أن يعوضها بسهولة.
رن هاتف مهران مرة أخرى فأجاب على الفور دون أن يدقق النظر نحو اسم المتصل:
-“أيوة يا فايز، عايز تقولي إيه تاني؟”
سمع مهران ضحكات تبعها صوت مألوف يعرفه عن ظهر قلب:
-“اللي حصلك ده يا مهران تقدر تعتبره قرصة صغيرة عشان تتلم وتعرف حدودك ولو أنت اتجرأت وحاولت تكرر اللي عملته ده فساعتها تقدر تقول على نفسك يا رحمان يا رحيم”.
كز مهران على أسنانه وتساءل بغضب:
-“أفهم من كلامك ده يا مهاب أنك المسؤول عن اللي حصل النهاردة مع رجالتي؟!”
أومأ مهاب ضاحكا بشدة وقال:
-“أيوة طبعا أنا اللي عملتها لأنك تجاوزت حدودك لما فكرت تتجسس على عزام الصاوي وتسلط عليه واحد من كلابك هنا في الشركة عشان يعرفلك ميعاد الشحنة بتاعتنا وأحب أطمنك أن الراجل بتاعك خلاص بح وأنت مبقاش كده ليك أي عيون عندنا”.
أخذ مهران يتوعد لمهاب وبعد مرور بضع دقائق اتصل بمختار وأخبره بما حدث فرد الأخير بنبرة صارمة:
-“مهاب كده حفر قبره بإيديه وزي ما هو وجع قلبك على فلوسك ورجالتك فأنت كمان هتوجعه على أكتر حاجة بيحبها”.
استغرب مهران من كلام مختار فهو يعلم جيدا أن مهابًا ليس له نقاط ضعف ولا يوجد لديه عزيز ولا قريب يتفجع عليه إذا أصابه مكروه:
-“أنت تقصد مين بالظبط بالكلام ده؟!”
أجاب مختار بابتسامة ماكرة:
-“أقصد حبيبة خطيبته واللي أنا تأكدت الفترة اللي فاتت أنها مش مجرد نزوة في حياته وأنه فعلا بيحبها وعنده استعداد يعمل أي حاجة عشانها”.
▪▪▪▪▪▪▪▪▪
بكت لميس بشدة أثناء جلوسها داخل الحجز وشعرت بالذل والمهانة عندما سحبها العسكري وهو يرمقها بنظرات احتقار نحو مكتب الضابط.
دلف العسكري ومن خلفه لميس إلى المكتب، وشهقت الأخيرة بصدمة وتراجعت بضع خطوات للخلف بعدما رأت شقيقها الذي يرمقها بنظرات نارية تنذرها بما سيفعله بها بعدما تقع في قبضته.
أراد كريم أن يهجم على لميس ولكن منعه العسكري فزمجر بغضب وتوعد لها بقوله:
-“هقتلك يا حقيرة وهشرب من دمك، أنتِ خليتِ فضيحتنا بجلاجل وكل اللي ما يسواش هيجيب في سيرتنا يا واطية”.
التفت ناظرا إلى والدته التي تبكي بحرقة على الفضيحة التي لحقت بهم صارخا في وجهها:
-“أنتِ السبب في كل اللي حصل ده، لو كنتِ ربيتيها كويس وعلمتيها الأدب بدل الدلع الزيادة عن الحد مكانش زمانها عملت فينا كده”.
هتفت ميرڤت من بين بكائها:
-“ليه عملتِ فينا كده يا لميس، إحنا قصرنا معاكِ في إيه عشان تعملي فينا كده؟!”
تحدث الضابط وهو يرمق لميس بنظرات محتقرة:
-“أنتِ طالبة جامعية، أهلك بيصرفوا عليكِ وطالع عينهم عشان يكون ليكِ مستقبل مشرف يخليهم يفتخروا بيكِ بس أنتِ بدل ما تصوني النعمة وتعملي المستحيل عشان تخليهم فخورين بيكِ روحتِ اتعرفتِ على واحد صايع وبقيتِ بتهربي من جامعتك عشان تقابليه في شقته”.
حاول المحامي إخراج لميس ولكن قوبل طلبه بالرفض وقرر الضابط تحويلها إلى النيابة في اليوم التالي.
▪▪▪▪▪▪▪▪▪
صاحت داليا بصوتٍ عالٍ في الخدم فتوجهت نحوها إحدى الخادمات قائلة باحترام:
-“اتفضلي اؤمري يا مدام داليا وقولي إيه اللي مزعلك؟”
ردت داليا باستياء وهي تشير إلى الأزهار من حولها:
-“ممكن أفهم إيه المنظر ده؟! أنا قولتلكم إمبارح إزاي ترصوا الورد وتظبطوه فليه بقى أنتم اتصرفتم من دماغكم ومحدش فيكم سمع كلامي؟!”
تلججت الخادمة في الحديث وأخفضت رأسها بحرج:
-”أصل يا داليا هانم الموضوع هو أن …”
قاطعتها فرح بنبرة صارمة وهي ترفع رأسها بكبرياء:
-“روحي على شغلك ومحدش فيكم يغير حاجة من اللي أنا قولت عليها”.
رفعت داليا أحد حاجبيها والتفتت نحو فرح قائلة بحدة:
-“هو أنتِ بقى اللي خليتيهم يخالفوا أوامري ويتصرفوا عكس رغبتي؟!”
رمقتها فرح بازدراء وتحدثت بنبرة متغطرسة قاصدة بها استفزاز داليا وإخراجها عن شعورها:
-“ذوقك بيئة أصلا وكان هيبوظ الشكل العام وعشان كده أنا قررت أعمل اللي أنا شايفاه صح بما أني ست البيت اللي كلمتها لازم تمشي أما أنتِ فمجرد نكرة ووجودك أو عدمه مش فارق خالص عند أي حد”.
تملك الغضب من داليا وأعمى بصيرتها وجعلها لا تفكر أبدا قبل أن تهجم بعنف على شعر فرح ولم تكتفِ بذلك بل أخذت تضربها بشدة وهي تسبها بأشد الألفاظ السوقية التي تعرفها.
صرخت فرح وأخذت تستنجد بالخدم وبالفعل تدخل بعضهم وقاموا بالفصل بينهما ثم اتصلوا بعزام وأخبروه بما حدث بين زوجتيه.
ترك عزام كل شيء حوله وعاد إلى منزله على الفور وذهب أولا إلى غرفة فرح حتى يطمئن عليها وعلى الجنين وأخذت الأخيرة تبكي أمامه وتخبره أن داليا أرادت أن تقتل الجنين بسبب حقدها عليها وغيرتها الشديدة منها.
نجحت فرح في شحن عزام بطاقة كبيرة من الغضب التي قام بإخراجها في ضرب داليا ولم يجرؤ أحد من الخدم على التدخل وتخليصها من بين يديه.
رمى عزام بداليا وابنها خارج منزله بعدما ألقى عليها يمين الطلاق ولم يشغل باله بما ستواجهه وكيف ستصل إلى منزل عائلتها في هذا الوقت المتأخر خاصة وهي ترتدي ملابس منزلية لا يمكن السير بها في الشارع.
توجهت نادية على الفور إلى غرفة الخدم واتصلت برامز وأخبرته بما فعله عزام فانتفض الأخير فزعا، وأزاح الغطاء جانبا، وأخذ يرتدي ملابسة في عجالة؛ حتى ينقذ ابنه الذي لن تتمكن والدته من حمايته بمفردها في حال تعرض لهم أحد الذئاب البشرية.
شعرت إلهام بالقلق بعدما رأت ابنها وهو يخرج من غرفته حاملا في يده مفاتيح سيارته فأمسكته من يده وسألته بتعجب:
-“أنت رايح فين دلوقتي يا رامز؟!”
ربت رامز على ذراع والدته الأيسر ورد بهدوء محاولا من خلاله عدم تأجيج قلقها:
-“ادخلي نامي يا ماما وإوعي تخافي من حاجة، أنا رايح أخلص حاجة مستعجلة وهرجع على طول”.
غادر رامز على الفور دون أن يفسر أي شيء لإلهام التي جلست تنتظر عودته حتى تعرف سبب مغادرته بهذه الطريقة وفي هذا الوقت المتأخر.
وصل رامز بسيارته إلى مكان قريب من منزل عزام وكما توقع فقد وجد داليا في هذه المنطقة؛ لأنها ليس لديها وسيلة تساعدها على الذهاب إلى بيت والدتها أو حتى الاتصال بها وإخبارها بكل ما حدث معها.
شعرت داليا وكأنها غريق تم إنقاذه من الغرق بعدما رأت أمامها رامزًا الذي توجه نحو ابنه وحمله بين يديه وقبل رأسه قائلا بلهفة:
-“أنت كويس يا إسلام؟ طمني عليك يا حبيبي”.
أجاب إسلام بحشرجة من وسط بكائه وصدمته بما جرى معه خلال الساعة الماضية فقد كان نائما بعمق داخل غرفته ولكنه استيقظ على صوت صراخ والدته وعندما خرج من الغرفة حتى يراها أمسكه عزام وأعطاه لرجاله؛ حتى يلقوه بالخارج مع داليا:
-“أنا كويس يا بابا بس عمو عزام ضربني أنا وماما ورمانا في الشارع والجو بارد أوي وأنا سقعان”.
-“خلاص يا حبيبي أنا مش عايزك تخاف لأني موجود دلوقتي ومش هسمح لأي حد بأنه يأذيك”.
قالها رامز وهو يكور يديه بغضب ويتوعد بداخله لعزام الذي تجرأ على إخافة طفله الصغير الذي لم يتجاوز عمره خمس سنوات بهذا الشكل البشع.
خلع رامز سترته وألبسها لطفله الذي ضحك بخفوت بسبب كِبر حجم السترة عليه، ثم حمله وأجلسه داخل السيارة على المقعد المجاور لمقعد السائق وأشار لداليا بأن تأتي وتجلس في المقعد الخلفي.
سارت داليا نحو السيارة وهي تشعر بالصدمة من معرفة إسلام لوالده وتحدثه معه بمثل هذه الأريحية التي أكدت لها على وجود مقابلات كثيرة جرت بينهما من قبل.
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية أوهام الحب الوردية)