رواية أوهام الحب الوردية الفصل الحادي والعشرون 21 بقلم بتول علي
رواية أوهام الحب الوردية الجزء الحادي والعشرون
رواية أوهام الحب الوردية البارت الحادي والعشرون
رواية أوهام الحب الوردية الحلقة الحادية والعشرون
توجه رامز نحو أحد محلات الألعاب وانتقى لعبة جميلة كانت عبارة عن سيارة سوداء مزودة بجهاز تحكم.
طلب رامز من البائع أن يقوم بتغليف الهدية ثم أخذها وتوجه بها إلى الحضانة وهو يتمنى أن تسير مقابلته مع إسلام بشكل جيد دون أن يحدث أي مشكلة.
انتظر رامز في مكتب سمير لبضع دقائق قبل أن يراه وهو يدخل برفقة إسلام الذي دقق النظر نحو رامز قائلا:
-“أنت رامز اللي نادية خليتني أكلمه، مش كده برضه؟”
أومأ رامز وسحبه نحوه يحتضنه بقوة وهو يقول:
-“أيوة يا حبيبي، أنا رامز اللي كلمتك قبل كده”.
لمح إسلام دموع عالقة في عيني رامز فزم شفتيه بطفولة بعبوس وقال:
-“هو أنت على طول بتعيط كده، المرة اللي فاتت أنت عيطت والمرة دي برضه أنت عمال تعيط”.
استكمل الصغير حديثه وهو يعقد ساعديه أمام صدره:
-“بابا عزام قالي أن الرجالة مينفعش يعيطوا لأن الراجل اللي بيعيط يبقى ضعيف”.
شعر رامز وكأن أحدهم قد غرس خنجرا حادا في صدره بعدما سمع ابنه يطلق لقب “بابا” على عزام.
كز رامز على أسنانه وأقسم أنه لن يتراجع عن فكرة الانتقام مهما حدث، فهو لن ينسى أبدا ما فعلته به تلك المرأة الحقيرة التي حرمته من ابنه الوحيد فتبا لها وسحقا ولقلبه الذي عشقها في يوم من الأيام.
نظر سمير نحو صديقه بشفقة وتساءل كيف يمكن لامرأة أن تمتلك قلبا قاسيا إلى هذه الدرجة التي تجعلها تحرم ابنها من والده الحقيقي وتحضر رجلا أخر حتى يمارس مع طفلها دور الأبوة؟
ربت رامز على كتف ابنه وتحدث بعدما تمكن من السيطرة على دموعه:
-“هو عزام بيعاملك كويس وبيحبك وبيشتري ليك كل الألعاب اللي أنت عايزها؟”
هز إسلام رأسه بنفي وظهرت ملامح الحزن على وجهه وهو يقول:
-”لا، هو مش بيحبني وبيفضل يشتمني ويضربني لما ماما بتكون برة البيت ومش بيجيب ليا هدايا خالص”.
داعب رامز شعر ابنه وهو يبتلع غصة مريرة في حلقه فقد حرمت داليا ابنها من والده الذي يحبه وجعلته يعاني مع زوجها الذي لا يعرف قلبه سوى القسوة والجحود.
أخرج رامز الهدية التي أحضرها لإسلام ووضعها أمامه قائلا بابتسامة حاول من خلالها أن يبدد الحزن الذي ظهر على وجه الصغير بعدما جلب سيرة عزام:
-“طيب بص يا سيدي، أنا هعمل معاك اتفاق حلو أوي، إيه رأيك نبقى أصحاب ونتقابل على طول من غير ما أي حد يعرف وهجيبلك كل الهدايا اللي أنت نفسك فيها”.
استغرب الصغير وسأله:
-“طيب وأنت ليه عايزني أناديلك بابا؟! مش المفروض أقولك عمو؟!”
أجاب رامز بنبرة ظهر بها الكثير من القلق الذي يشعر به فهو لا يعلم كيف ستكون ردة فعل طفله بعدما يعرف الحقيقة:
-“لأن أنا أبقى أبوك الحقيقي يا حبيبي، أنا ومامتك كنا متجوزين من كذا سنة بس انفصلنا وهي أخدتك مني بالعافية واتجوزت عزام اللي مش بيحبك، بس أنا بحبك أوي ونفسي تحبني زي ما أنا بحبك”.
ابتسم إسلام واحتضن رامز وهو يصيح بسعادة:
-“أنا بحبك أوي يا رامز”.
ملس رامز على وجه الصغير قائلا برجاء:
-“طيب بما أنك بتحبني ينفع تناديني وتقولي بابا بدل رامز”.
وضع إسلام سبابته اليمنى أسفل شفتيه يفكر قليلا ثم أومأ بالموافقة قائلا:
-“ماشي يا بابا، بس اوعدني أنك هتفضل تحبني وتجيبلي هدايا على طول”.
احتضنه رامز وهتف بتأكيد جعل ابتسامة الصغير تتسع أكثر لأنه قد وجد أخيرا الشخص الذي سيحنو عليه ويعوضه عن القسوة التي يتلقاها من عزام:
-“أوعدك يا حبيبي أني هفضل أحبك على طول بس أنا بأكد عليك أنك مش لازم تقول حاجة عني لأمك أو لعزام عشان لو هما عرفوا أني بقابلك مش هيخلوني أشوفك تاني ولو سألوك عن الهدية دي قولهم أن عمو سمير هو اللي جابهالك”.
أعطى إسلام لوالده وعدًا بعدم إخبار أحد عن لقائهما وجلس بجواره لبعض الوقت ثم أخذ الهدية وغادر عندما حان موعد انصرافه.
▪▪▪▪▪▪▪▪▪
اجتمع المارة حول سيارة هانيا وطلبوا لها الإسعاف التي حضرت في غضون دقائق وتم نقلها بسرعة إلى المستشفى.
وصلت هانيا إلى المستشفى وتم إدخالها مباشرة إلى غرفة العمليات بعدما تعرف عليها أحد الأطباء والذي اتصل بعائلتها حتى يخبرهم بما جرى لابنتهم.
صرخت فريال بجزع بعدما سمعت كلمات الطبيب واتصلت على الفور بابنها وأعطته عنوان المستشفى وطلبت منه أن يأتي إليها في أسرع وقت ممكن.
سار وسام في رواق المستشفى وتوقف حيث تجلس والدته أمام غرفة العمليات ثم سألها بقلق وهو يشاهد دموعها ودعائها للمولى عز وجل بألا يحرمها من ابنتها:
-“طمنيني يا ماما، هانيا عاملة إيه دلوقتي؟”
رفعت فريال رأسها تجيبه بحشرجة دون أن تتوقف عن البكاء:
-“أنا مش عارفة أي حاجة يا وسام لأنها لسة في العمليات ولحد دلوقتي مفيش أي حد طلع عشان يطمني”.
جلس وسام بجانبها وأخذ يطمئنها على الرغم من شعوره بالخوف ولكنه فعل ذلك حتى لا تسوء حالتها الصحية فهي مريضة قلب ولا يمكنها أن تحتمل كل هذا الضغط على أعصابها.
مر ربع ساعة قبل أن يخرج الطبيب من غرفة العمليات وينزع الكمامة ثم توجه نحو وسام وهتف بجدية:
-“الحمد لله إحنا قدرنا نوقف النزيف اللي كان على المخ وهي هتتحط اليومين الجايين في العناية المركزة وبإذن الله هتمر المرحلة دي على خير”.
هتف وسام بامتنان وهو يربت على كتف الطبيب الذي بذل كل ما في وسعه حتى ينقذ حياة شقيقته:
-“أنا بجد مش عارف أشكرك إزاي يا طارق على الموقف اللي أنت عملته ده على الرغم من الخلافات القديمة اللي بينك وبين هانيا”.
ظهر الحزن في نظرات طارق بعدما سمع كلمات وسام التي ذكرته بجرحه القديم الذي لم يندمل حتى هذه اللحظة.
تنهد طارق قائلا بنبرة عملية جعلته يبدو وكأنه ليس متأثرا على الإطلاق بماضيه مع هانيا:
-“إحنا موجودين هنا دلوقتي في مستشفى والموضوع متعلق بإنقاذ حياة مريضة جاية في حادثة وده شيء ملهوش أي علاقة بالخلافات القديمة اللي كانت بيني وبين هانيا”.
ابتعد الطبيب عنهما وسار نحو غرفة تبديل الملابس وهو يتمتم بمرارة:
-“مر وقت طويل أوي يا هانيا وبعد ما كنت فكرت نفسي نسيتك اكتشفت أن تفكيري غلط لما قلقت عليكِ وخوفت أنك تروحي مني في العمليات وده على الرغم من كل اللي أنتِ عملتيه فيا زمان”.
▪▪▪▪▪▪▪▪▪
أخذت سمية تبحث على الفيس بوك عن حساب لمراد ولكنها لم تجد فزفرت بحنق وأغلقت الحاسوب وهي تزفر بضيق:
-“أعمل إيه بس يا ربي، أنا مش عارفة أجيب حتى إيميله اللي ممكن يوصلني لمكانه وعنوانه واللي من خلالهم هقدر أعرف هو قاعد دلوقتي في أنهي دولة”.
نيران الانتقام تلتهم قلبها الذي لم يقع في العشق سوى مرة واحدة ولكنها تعرضت للخداع بأبشع الصور التي لا يمكن لعقل أن يتخيلها.
لن يهدأ لها بال قبل أن ترى ذلك الحقير وهو يعاني في حياته جزاء لما اقترفه في حقها فقد تلاعب بها ودنس شرفها بعدما أوهمها أنها زوجته وهي لن تتركه حتى لو اضطرت للسفر إلى جميع دول العالم في سبيل العثور عليه.
في هذه اللحظة دلفت جميلة إلى الغرفة ونظرت إلى سمية وهمست بقلق بعدما وجدتها واجمة الوجه وكأنها قد تلقت خبرا سيئا من أحد أصدقائها:
-“مالك يا سمية، فيكِ إيه يا حبيبتي؟”
هتفت سمية بهدوء وهي تعتدل في جلستها:
-“مفيش أي حاجة يا ماما، أنا الحمد كويسة جدا، تعالي اتفضلي اقعدي”.
جلست جميلة أمام ابنتها على حافة السرير وأمسكتها من كفيها وربتت عليهما قائلة بحنو:
-“أظن أن جه الأوان أنك تنسي كل اللي فات وتكملي حياتك مع شخص يعوضك عن كل اللي حصل زمان”.
رفعت سمية حاجبيها متسائلة بريبة:
-“أنا مش فاهمة حاجة، أنتِ تقصدي إيه بالظبط يا ماما من الكلام ده؟”
أجابتها جميلة وهي ترميها بابتسامة حنون:
-“فيه شخص راح طلب إيدك من أخوكِ ومحمد لما سأل عليه لقى أن سمعته كويسة ومستواه معقول وكمان …”
قاطعتها سمية وهي تنظر لها نظرة جانبية متسائلة بنبرة باردة:
-“ويطلع مين بقى العريس ده اللي اتقدملي وطلب إيدي من محمد؟”
ردت عليها جميلة بهدوء غلب عليه السعادة:
-“العريس يبقى اسمه رامز، ومحمد عرف أنه يبقى ابن خالة نادين زوجة آدم، يعني شخص أصله كويس وكمان بتجمعه صلة قرابة بصديقتك المقربة”.
وقعت كلمات جميلة على أذني سمية وقع الصاعقة فهي لم تتوقع أن تجاهلها لرامز سوف يجعله يصر عليها ويسعى للارتباط بها بشكل رسمي!!
هتفت جميلة من وسط سعادتها:
-“ده عريس مش هينفع نرفضه يا سمية زي اللي أنتِ رفضتيهم الفترة اللي فاتت وأنا شايفة أننا لازم نوافق عليه ونخليكم تعملوا خطوبة ولو لقيتِ نفسك مش مرتاحة أو مش متفقة معاه ابقي سيبيه”.
هزت سمية رأسها رافضة لهذه الفكرة وصورة نادين تظهر أمام عينيها وهي تنظر لها وتنعتها بالخائنة التي لم تراعِ عشرتهما وصداقتهما.
اندهشت جميلة من ذلك الرفض الذي رأته صراحة في عيني ابنتها التي لم تكلف نفسها عناء التفكير في الأمر وهذا الأمر جعلها تسألها باستغراب:
-“أنتِ ليه مش موافقة يا سمية؟! أنا يا حبيبتي بقولك اديله فرصة وشوفيه هيكون مناسب ليكِ ولا لا”.
بقيت سمية مصرة على موقفها وقررت أن تدعس على مشاعرها في سبيل الحفاظ على علاقتها بنادين التي لطالما كانت تُعد بالنسبة لها أكثر من مجرد صديقة.
ضربت جميلة كفيها ببعضهما قائلة بحزن:
-”لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، ماشي يا سمية اعملي اللي يريحك، أنا هتصل بكرة بأخوكِ وهبلغه بالرد بتاعك”.
خرجت جميلة من الغرفة وتركت خلفها سمية التي انتظرت مغادرتها ثم أخذت تبكي بشدة على قلة حظها فهي قد وقعت في الحب للمرة الثانية وأحبت الرجل الذي كسر قلب صديقتها.
▪▪▪▪▪▪▪▪▪
وقفت داليا برشاقة أمام مصممة الأزياء التي حضرت خصيصا من أجل أخذ مقاسها لكي تصمم لها فستانًا جديدًا يليق بالمناسبة التي ستحضرها قريبا في قصر مختار وزوجته.
انتهت المصممة من أخذ المقاسات ثم غادرت فتوجهت داليا نحو غرفة ابنها حتى تتفقده فهي لم تره منذ عاد من الحضانة.
فتحت داليا باب الغرفة وشاهدت ابنها وهو يلعب بالسيارة الجديدة أمام عيني نادية التي تجلس أمامه وتقوم برعايته.
نظرت داليا إلى السيارة الصغيرة باستغراب فهي تبدو جديدة ومن معرفتها لزوجها تدرك جيدا أنه لن يشتري لعبة من أجل إسعاد طفلها.
أشارت داليا نحو السيارة وهي تهتف بصرامة:
-“ممكن أفهم اللعبة دي أنت جايبها منين يا إسلام؟”
شعر الصغير بالخوف من نظرات والدته وكاد يتحدث ويخبرها بكل شيء ولكنه تذكر تحذير رامز له والعواقب التي ستحدث إذا علم أحد بلقائهما سويا.
تدخلت نادية بسرعة حتى تنقذ الموقف قبل أن يتأزم:
-“إدارة الحضانة وزعت النهاردة هدايا على الأطفال عشان تفرحهم والعربية دي كانت من نصيب إسلام”.
أومأت داليا بتفهم وصدقت تلك الكذبة بسهولة شديدة لدرجة أثارت استغراب نادية التي لم تكن تتصور أن تكون داليا ذات الوجه الجميل والإطلالة الساحرة صغيرة العقل وقليلة الذكاء إلى هذا الحد!!
▪▪▪▪▪▪▪▪▪
جلس كل من محمد وآدم أمام الضابط داخل مديرية الأمن بعدما تم استدعائهما لأخذ أقوالهما بشأن الحادث الذي تعرض له كريم.
نظر لهما الضابط قائلا بجدية:
-“مدام ميرڤت الشوباشي بتتهمكم أنتم الاتنين وبتحملكم مسؤولية اللي حصل لابنها”.
مط محمد شفتيه قائلا باستخفاف ملحوظ جعل الضابط يشعر بالحنق:
-“والله لو عندها دليل يثبت الكلام ده تتفضل تجيبه ولكن تتهمنا كده بدون إثبات فده شيء ملهوش أي ستين لازمة”.
زفر الضابط وتحدث بضيق أظهر محاولاته المستميتة لضبط أعصابه أمام محمد الذي يتعمد استفزازه بسبب خلاف قديم بينهما استمر حتى بعدما ترك الأخير مجال الشرطة:
-“الدليل يا محمد هو أن في بينك وبين أولاد ميرڤت خلاف قديم بسبب موضوع أختك ومفيش حد هيكون ليه مصلحة في اللي حصل لكريم غيركم أنتم الاتنين”.
تدخل آدم مدافعا عن نفسه وعن ابن عمه بنفي التهمة الموجهة لهما:
-“موضوع سمية بقاله فترة طويلة وأكيد إحنا لو عايزين نضربه بالنار كنا هنعملها من زمان وبعدين كريم أصلا واحد صايع وعمل مشاكل كتيرة جدا مع كذا شخص ووارد جدا يكون حد منهم هو اللي ضرب عليه الرصاص عشان يصفي حسابه معاه”.
ابتسم محمد بسماجة قائلا:
-“وواجبك أنت بقى يا حضرة الظابط أنك تعرف مين اللي عمل كده وتمسك عليه دليل يثبت التهمة عليه مش تروح تستدعي ناس ملهاش علاقة بالموضوع وتحاول تلبسهم مصيبة عشان تقفل القضية بسرعة وتريح دماغك”.
كز الضابط على أسنانه من شدة الغيظ فهو يدرك جيدا بما لا يدع مجالا للشك أن محمدًا هو من أطلق الرصاص على كريم ولكنه لا يمتلك أي دليل يدينه لأنه لم يتمكن عندما قام بتفتيش شقة كل من محمد وآدم من إيجاد المسدسين اللذين تم استخدامهما في هذه العملية.
خرج محمد من مكتب الضابط وتبعه آدم الذي تحدث بعدما صعدا سويا إلى السيارة:
-“أنت اللي عملتها يا محمد، مش كده برضه؟”
رمقه محمد بابتسامة عريضة قائلا:
-“أنت شايف إيه؟”
ضحك آدم بشدة وهو ينظر إلى الطريق أمامه هاتفا بإعجاب:
-“شايف أنك كنت هتجيب للظابط نقطة لأنه واثق أن أنت اللي عملتها بس مش عارف يمسك عليك دليل يحبسك بيه”.
شارك محمد ابن عمه في الضحك وقال:
-“تلاقي المغفل كان في دماغه أني محتفظ مثلا بالسلاح الميري وأن ضربت بيه كريم ولا يكون مفكر أني أصلا هستخدم سلاح مترخص باسمي”.
-“طيب أنت جبت السلاح اللي أنت استخدمته ده منين؟!”
سأله آدم مستفسرا عن حقيقة السلاح المستخدم فرد عليه محمد بهدوء:
-“فاكر زمان لما أبوك وأبويا الله يرحمهم وقت ما كنا صغيرين قبل ما نسيب الصعيد لما حصلت جريمة قتل في عيلة الزيني ووقتها اتهموا عيلتنا بأننا اللي ورا الموضوع وفضلوا يقولوا هنقتل منكم نفر قصاد اللي مات عندنا؟”
أومأ آدم بإيجاب فتابع محمد الحديث بقوله:
-“وقتها أبوك قرر أنه يشتري كذا حتة سلاح من السوق السودة عشان أفراد العيلة يأمنوا بيه نفسهم ولما الموضوع اتحل وقتها بابا أخذ المسدسات دي واحتفظ بيها في مكان سري محدش كان يعرف عنه حاجة غيري أنا وعمي الله يرحمه وأنا بقى اعتمدت على حتتين من دول عشان أصفي حسابي مع كريم ولما تممت الموضوع رجعتهم مكانهم تاني وأنا واثق كويس أن الجن الأزرق مش هيعرف يوصلهم مهما حصل”.
أوقف آدم السيارة أمام البناية التي يقطن بها محمد وقال:
-“أهم حاجة دلوقتي نشوف صرفة عشان نوصل لمراد لأن مش معقول على أخر الزمن نكون من الناس اللي بتسيب الحمار وتتشطر على البردعة”.
طمأنه محمد قبل خروجه من السيارة وأكد له أن مراد سينال عقابه من المولى عز وجل وسوف تتدمر حياته تماما مثلما فعل مع سمية.
صعد محمد إلى شقته واتصل بزوجة والده حتى يطمئن عليها وعلى شقيقته وقد أخبرته جميلة أن سمية قد رفضت عرض زواج رامز.
زفر محمد بعدم رضا ولكنه في جميع الأحوال لن يضغط على شقيقته في هذا الأمر فهو يدرك جيدا أنها لا تزال تعاني من أثر صفعة الغدر التي تلقتها من زوجها السابق.
▪▪▪▪▪▪▪▪▪
جلست شمس داخل غرفتها تبكي بشدة لأنها لم تكن تريد أن يقوم محمد بفعل معروف يجعلها مدينة له فقد أرادت أن تحافظ على مشاعر الكره التي خصته بها منذ اللحظة التي صفعها بها داخل قسم الشرطة ونعتها بالعاهرة الوضيعة.
فكرت شمس في مصدر يساعدها على جلب المال بسرعة حتى تلقيه في وجه محمد وتتخلص من هذا الدين ولكنها فشلت فعملها لا يوفر لها سوى مبلغ بسيط يجعلها تسد حاجاتها بصعوبة ولا يوجد لها أي مصدر دخل أخر يوفر لها المال.
تساءلت شمس عن ردة فعل عمها عندما يعلم أنه قد تكفل رجل غريب بدفع مصروفات علاج ابنة شقيقه في الوقت الذي تخلى به عنها ولم يعبأ بوضعها؟
ظهرت ابتسامة متهكمة على ثغر شمس عندما تذكرت زوجة عمها التي توددت لها قبل بضع سنوات وزعمت أنها تراها في منزلة بناتها ولكنها اكتشفت في النهاية أنها كانت تفعل ذلك حتى تزوجها لابنها العاطل الذي يأخذ مصروفه من والده.
لقد أرادت تلك السيدة اللئيمة أن يتزوج ابنها دون أن يتكلف عناء تجهيز شقة وشراء شبكة ودفع مهر ولم يكن أمامها أنسب من شمس التي تعاني من وضع مادي سيء للغاية ولن تتمكن من تجهيز نفسها بسبب سعيها لعلاج شقيقتها.
ذات يوم عرضت تلك المرأة الأمر على شمس وأخبرتها أن ابنها سوف يتزوجها ولن يطلب منها أي جهاز وفي المقابل سوف يعيش معها في الشقة وبهذه الطريقة سوف تتزوج ويكون لها أسرة قبل أن يفوتها قطار الزواج وتحصل على لقب عانس.
رفضت شمس هذا الأمر رفضا قاطعا وطردت زوجة عمها ثم حمدت الله أن والدها الراحل قد كتب الشقة باسمها واسم شقيقتها قبل وفاته وكأنه كان يعلم أن شقيقه لن يكون سندا لابنتيه بل سيسعى لنهب كل ما لديهما.
تذكرت شمس ذلك اليوم عندما مات والدها وتشوهت شقيقتها فقد أتى عمها إلى منزلهما وطلب أن يتم بيع الشقة وأن يتم تقسيم ثمنها عليهم.
تحدثت شمس بذهول مستنكرة هذا الكلام:
-“إيه الكلام اللي أنت بتقوله ده يا عمي؟ أنا وماما وسمر مش عندنا مكان نعيش فيه غير الشقة دي والفلوس اللي هتطلع لينا مش هتكفي أننا نشتري شقة تانية”.
تدخلت والدة شمس في الحديث قائلة:
-“شمس عندها حق يا عزت، مفيش مكان تاني نعيش فيه وأنت أكيد مش هترمي بنات أخوك في الشارع عشان شوية فلوس”.
صرخ بهما عزت كاشفا عن عدم اكتراثه بأمرهم:
-“أنا مليش دعوة بالكلام ده، أنا عايز فلوسي وإلا هلجأ للقضاء”.
أصرت شمس على موقفها فلجأ عزت للقضاء وكانت الصدمة من نصيبه عندما اكتشف أن شقيقه قد كتب الشقة باسم ابنتيه وزوجته وترك له مبلغا صغيرا للغاية.
انزعج عزت وقرر أن يبتعد عن ابنتي شقيقه ولم يفكر في أن يتنازل عن هذا المبلغ من أجل علاج سمر بل أخذ يخطط ويبحث عن طريقة تجعله يستحوذ على الشقة وكانت أخر تلك الخطط هو سعي زوجته لتزويج ابنها العاطل من شمس.
▪▪▪▪▪▪▪▪▪
غادرت لميس منزلها بعدما ودعت ميرڤت وأخبرتها أنها ستذهب إلى الجامعة وبالفعل استقلت الحافلة ولكنها طلبت من السائق أن يتوقف في منتصف الطريق.
خرجت لميس من الحافلة وتوجهت نحو بناية قريبة منها، وصعدت إلى إحدى الشقق وطرقت الباب.
فُتح لها الباب وسحبها للداخل شاب في العقد الثالث قائلا بابتسامة:
-“أنا كنت متأكد أنك مش هتزعليني وهتيجي النهاردة”.
احتضنته لميس وقالت:
-“أنت عارف كويس أوي يا رامي أني بحبك ومش بقدر على زعلك وعشان كده أنا كدبت على ماما النهاردة وقولتلها أني عندي جامعة عشان أعرف أجيلك”.
بادلها رامي العناق وهو يشعر بالسعادة؛ لأنه تمكن من أسر قلب تلك المراهقة الساذجة التي خانت ثقة عائلتها وسلمته شرفها وعفتها دون أدنى اعتراض بعدما منحها وعدًا كاذبا بالزواج.
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية أوهام الحب الوردية)