رواية أوهام الحب الوردية الفصل التاسع والعشرون 29 بقلم بتول علي
رواية أوهام الحب الوردية الجزء التاسع والعشرون
رواية أوهام الحب الوردية البارت التاسع والعشرون
رواية أوهام الحب الوردية الحلقة التاسعة والعشرون
رفعت سمية حاجبيها متسائلة بشك بعدما انتهت من إرسال جميع الصور لزوجة مراد:
-“أنا إيه اللي يضمن ليا يا رامز أن حقي هيرجع بعد ما زوجة مراد تعرف أنه اتجوز عليها؟”
رد رامز بهدوء وهو يقوم بسحب هاتفه من بين يديها:
-“مراد كان عايز يسرق فلوس مراته وبعدها كان ناوي يهرب مع حبيبته على أوروبا والكلام اللي يثبت الموضوع ده موجود في الصور اللي أنا خليتك تبعتيها وهي لما تعرف بالموضوع ده هيكون عندها استعداد تعمل أي حاجة عشان تنتقم منه”.
أومأت سمية برضا وابتسمت قائلة بامتنان:
-“أنا متشكرة جدا يا رامز على كل اللي أنت عملته معايا، أنا لحد دلوقتي مش مصدقة أني قدرت أضر مراد ولو بمقدار بسيط زي ما هو أذاني ودمر حياتي”.
ابتسم لها رامز قائلا بلطف:
-“مفيش داعي تشكريني يا سمية وخليكِ عارفة كويس أن أنا عندي استعداد أعمل أي حاجة عشان تبقي مبسوطة”.
تملكت السعادة من سمية بعدما تأكدت من خلال هذا التصرف الذي قام به رامز أنه بالفعل يحبها بشدة ولا يمكن أن يتخلى عنها مثلما فعل مع نادين.
تنهدت سمية قائلة بحزن بعدما تذكرت رؤيتها للميس برفقة شاب عابث يبدو من تصرفاته أنه يستغلها ويتلاعب بمشاعرها:
-“في موضوع كنت عايزة أتكلم معاك فيه لأني بصراحة حاسة بخنقة شديدة منه”.
سألها رامز مستغربا من تبدل حالتها بشكل مفاجئ:
-“خير يا سمية، موضوع إيه ده اللي مضايقك أوي كده؟!”
أجابت سمية بنبرة حزينة:
-“أنا شوفت من كام يوم لميس أخت مراد وهي قاعدة مع ولد صايع وباين عليهم أن فيه حاجة مش كويسة بينهم”.
رفع رامز أحد حاجبيه وسألها مستنكرا اهتمامها بهذا الأمر:
-“طيب وأنتِ إيه علاقتك بالموضوع؟! أنتِ ملكيش أي دخل في حياة لميس ولا ليكِ حكم عليها عشان تمنعيها من المشي في الطريق الغلط وكل اللي تقدري عليه لو عايزة تدخلي هو أنك تنصحيها مش أكتر”.
مسحت سمية دمعة غادرة كادت تخرج من مقلتيها وقالت:
-“أنا عارفة كويس أني مقدرش أقدم ليها غير النصيحة بس أنا زعلانة أوي من نفسي لأني لما شوفتها قاعدة مع الولد ده حسيت بالشماتة في ميرڤت لأنها زمان اتهمتني زور بأني حاولت أغري ابنها وقالت عني كلام مسّ عرضي وشرفي ودلوقتي بنتها ماشية مع واحد والله وحده أعلم بحجم التجاوزات اللي حصلت بينهم”.
تنهد رامز ووضح لها مدى تفهمه لموقفها بقوله:
-“اللي أنتِ شوفتيه من ميرڤت وعيالها مش قليل وعشان كده طبيعي أنك تشمتي فيها لما يحصل معاها مشكلة وده لأنك في الأول وفي الأخر مش ملاك، أنتِ بني آدمة زيك زي باقي الناس وبالنسبة لموضوع لميس فأنتِ ممكن تريحي ضميرك بأنك تتكلمي معاها وتفهميها أن أخرة اللي هي فيه ده هتكون سودة لو فضلت مكملة على نفس الوضع”.
شكرت سمية رامزًا على تفهمه لها ثم حملت حقيبتها وانصرفت وهي تفكر بشكل جدي في إعادة النظر في مسألة ارتباطها به.
▪▪▪▪▪▪▪▪▪
ذهب آدم برفقة محمد إلى المستشفى التي تتلقى بها سمر علاجها حتى يطمئنا عليها.
اضطر آدم إلى الذهاب مكرها بعدما طلب منه محمد أن يقوم بتوصيله إلى المستشفى بسبب اعتذار السائق الخاص به عن الحضور؛ لأنه ذهب برفقة زوجته إلى عيادة الطبيب الذي سيقوم بتوليدها.
شعر محمد ببعض الحزن على نفسه؛ لأنه بعدما تعرض للحادث الذي مر به لم يعد بإمكانه أن يقود سيارته لمسافات طويلة؛ لأن هذا الأمر يصيب قدمه التي يضغط بها على الدواسة بالإرهاق الشديد.
دلف محمد إلى غرفة سمر وجلس يتبادل الحديث معها ومع خطيبته بينما بقي آدم في الخارج؛ فهو لا يريد أن يتحدث مع شمس بأي شكل من الأشكال.
خرج محمد من الغرفة فظن آدم أنه سيغادر ولكنه فاجأه عندما أخبره أنه سوف يذهب إلى مكتب الطبيب حتى يتحدث معه وطلب منه أن يظل بجوار شمس وشقيقتها إلى أن يعود.
زفر آدم بحنق وهو يدخل إلى الغرفة حيث تجلس شمس بجوار شقيقتها التي ذهبت في سبات عميق بسبب المسكنات التي تناولتها قبل عشر دقائق.
أشاحت شمس بنظراتها بعيدا عن عيني آدم الذي تطلع نحوها قائلا بتهكم:
-“إزيك يا خطيبة ابن عمي، عاملة إيه بعد ما عرفتِ تخدعيه زي ما خدعتيني زمان؟!”
نظرت له شمس باستنكار وهتفت ببرود قاصدة إغاظته ورفع مستوى ضغط دمه:
-“أنا مش خطيبة ابن عمك، أنا أبقى مراته ولو أنت ناسي فأحب أفكرك أنك كنت شاهد على كتب كتابي من محمد”.
تمالك آدم أعصابه بصعوبة بعدما وجد منها هذا الأسلوب المتبجح في الرد عليه قائلا بهدوء مصطنع:
-“طيب وأنتِ ليه قررتِ تتجوزي ابن عمي وفين أصلا الشخص اللي كنتِ بتحبيه وسيبتيني زمان عشان خاطر هو غني ومعاه فلوس؟”
ضحكت شمس قائلة بنبرة ساخرة يشوبها الكثير من الحقد على مأمون الذي أجبرها على الكذب:
-“أنت جاي دلوقتي يا آدم تسألني عن الشخص اللي قولتلك أني بحبه؟! مش شايف أن سؤالك ده جه متأخر أوي وخصوصا أني فضلت فترة طويلة أوي أحاول أوصلك فكرة أني كذبت عليك في الموضوع ده؟!”
اتسعت عينا آدم من فرطِ الدهشة ولكنه نجح في التحكم بانفعالاته وسألها ببرود:
-“طيب وأنتِ إيه اللي خلاكِ تكدبي عليا كدبة كبيرة زي دي؟!”
تنهدت شمس وأخذت تخبره بكل شيء حتى لو كان هذا الأمر لم يعد يشكل أهمية لأي منهما ولكنها شعرت بضرورة إخباره بهذه الحقيقة حتى تزيح ولو قليلا من الثقل الذي يجثم فوق قلبها.
هز آدم رأسه باستنكار وقال:
-“أنتِ واحدة كدابة، أبويا كان راجل محترم ومستحيل يعمل كل اللي أنتِ بتقولي عليه ده”.
رمقته شمس بتهكم من رأسه إلى قدميه وهي تردف باستهزاء:
-“لو مش عايز تصدق كلامي فبراحتك، أنا أصلا الموضوع ده مبقاش فارق معايا ولا بقى بيشغل تفكيري أصلا ولكن تأكيدا على صدق كلامي هو أني عرفت برفض أبوك ليا وأنك هددته بأنك هتهاجر برة وتاخدني معاك لو فضل مصمم على رأيه رغم أن أنت عمرك ما فتحتني في الموضوع ده ولا لمحتلي بيه”.
حك آدم مقدمة رأسه بعصبية بعدما تبين له أنها محقة، فهو بالفعل لم يخبرها عن تلك النوايا التي اعتزم فعلها في حال استمر والده على موقفه ومعرفتها لهذه الأمور تؤكد له أن مأمونًا قد أخبرها بهذا الكلام عندما قام بتهديدها.
نهض آدم حتى يغادر وهو يشعر بالصدمة في والده ولكن تخشبت قدماه في محلهما بعدما فتح الباب ووجد أمامه محمدًا الذي يبدو من تعبيرات وجهه أنه قد سمع كل الحديث الذي دار خلال الدقائق الماضية.
▪▪▪▪▪▪▪▪▪
أجابت داليا على رنين هاتفها صائحة بحنق:
-“أيوة يا رامز، عايز مني إيه دلوقتي؟ أكيد طبعا بتتصل بيا عشان تشمت في اللي حصل معايا”.
أومأ رامز وضحك قائلا:
-“بصراحة أيوة، أنا فرحان أوي في اللي حصلك”.
كزت داليا على أسنانها وتمنت أن ترى أمامها رامزًا حتى تمزق وجهه بأظافرها علّ هذا الأمر يخمد قليلا من نيران غضبها المستعرة.
تحدث رامز بتعقل محاولا نبذ ما يشعر به في هذه اللحظة حتى يتمكن من الوصول إلى هدفه:
-“أنا سمعت يا داليا أن ضرتك حامل وأن الأوراق اللي عزام مضاكِ عليها في أول جوازكم على أساس أنه كتبلك الڤيلا وبعض أملاكه طلعت مزورة أصلا والتوقيع طلع مش توقيعه وده معناه أن فرح بمجرد ما تولد ممكن عزام يرميكِ في الشارع لو هي طلبت منه يعمل كده وللسبب ده إحنا لازم ننسى كل الخلافات اللي بيننا ونتحد عشان نقضي عليه وأهو تلحقي تتغدي بيه قبل ما هو يتعشى بيكِ”.
فكرت داليا بشكل جدي في كلام رامز وقررت في النهاية أن تضع يدها في يده حتى تنتقم من عزام؛ لأنه إذا تمكنت من التخلص منه قبل موعد ولادة فرح فحينها سوف يكون لها نصيب من ثروته المهولة، وهذا النصيب حتى وإن كان قليلا ولكنه سيكون أفضل من عدم الحصول على أي شيء.
هتفت داليا بحزم وهي تهز رأسها:
-“تمام يا رامز، أنا هكون معاك في أي شيء أنت ناوي عليه، قولي بالظبط إيه اللي مطلوب مني أعمله؟”
ابتسم رامز ونظر إلى وسام الذي يجلس أمامه وأشار له بإصبع إبهامه الأيمن دليل على تمكنه من إقناعها قائلا:
-“برافو عليكِ يا داليا، لأول مرة في حياتك تعملي الشيء الصح، كل اللي أنا طالبه منك هو أنك تراقبي عزام كويس طول ما هو في البيت وعايزك تركزي كويس في أي كلمة تسمعيها منه أو أي حاجة تشوفيه بيعملها”.
ضحكت داليا بخفوت ونظرت نحو فرح التي تجلس في ركن بعيد من الحديقة هامسة بغل:
-“أنت عايزني أراقب عزام عشان أمسك عليه أي حاجة تقدر تستخدمها في تدميره بس أنا بقى شايفة أن مفيش داعي نعمل كده من الأساس”.
استغرب كل وسام ورامز من هذا الحديث وسألها الأخير بنبرة تشوبها الحيرة:
-“طيب وأنتِ ليه شايفة أن مفيش داعي أنك تراقبي كل تحركات عزام؟!”
أجابت داليا وهي تبتسم بتشفي بعدما فتحت هاتفها ونظرت إلى المقطع الصوتي الذي سجلته ذات ليلة لعزام وهو ثمل:
-“لأن أنا معايا شيء كفيل أنه يدمر عزام ويخلصنا منه من غير ما نوسخ أيادينا بدمه القذر”.
لمعت عينا رامز ببريق الحماس وتحدث بلهفة وهو يتشارك نظرات الفرح مع وسام:
-“بجد يا داليا؟! طيب إيه الشيء ده اللي هيخلينا نخلص خالص من عزام؟!”
-“أشرف هو السبب في حرق مخزنك ولما طمع وطلب فلوس زيادة من عزام وقتها عزام كلف مهاب عشان يقتله ويخلص منه”.
كان جواب داليا صادما للغاية لدرجة جعلت كل من رامز ووسام يحدقان بذهول إلى وجه بعضهما دون أن يتفوها بكلمة واحدة لفترة تجاوزت خمس دقائق.
▪▪▪▪▪▪▪▪▪
تحدث مهران بنبرة صارمة وهو ينظر إلى أحد رجاله الذين يعرفون جيدا مدى حزمه وشدته عندما يتعلق الأمر بأحد خصومه:
-“إيه أخر الأخبار في موضوع عزام يا فايز؟”
فتح سامر هاتفه وعرض على مهران مجموعة من الصور التي تجمع مهاب برفقة بعض الرجال الذين سيتممون معه صفقة الأسلحة.
هتف مهران بتساؤل وهو يناول سامر الهاتف:
-“عرفت حاجة عن ميعاد التسليم؟”
هز سامر رأسه بنفي قائلا:
-“لسة يا باشا الراجل بتاعنا موصلش لحاجة بخصوص الموضوع ده بس قريب أوي المعلومات كلها هتكون عند حضرتك”.
أشار له مهران بالمغادرة قبل أن يمسك هاتفه ويقوم بالاتصال بمختار حتى يبلغه بعدم تمكن رجاله من معرفة موعد الشحنة.
زفر مختار بضيق وقال:
-“تمام يا مهران، أنا مش عايزك تقلق خالص من الموضوع ده، أنا صحيح مش عارف الميعاد بس واثق أوي أن إحنا لسة عندنا وقت كافي عشان ندور لحد ما نعرف الميعاد ووقتها أنا هبلغ عنه وهخلي حبايبي في الشرطة يشيلوا إيديهم من عليه وبكده عزام هينتهي خالص وسوق السلاح هيكون فاضي قدامك ومش هيكون ليك أي منافس قوي”.
لمعت عينا مهران بعدما سمع هذا الكلام وتمنى أن تمر الأيام بسرعة ويأتي اليوم الذي سيتخلص فيه من عدوه اللدود.
▪▪▪▪▪▪▪▪▪
نظرت زوجة مراد التي تدعى “‘ثريا” إلى جميع الصور التي وصلت لها واستشاطت غضبا بعدما تأكدت من رجالها الذين كلفتهم بمراقبة مراد على مدار اليومين الماضيين أن زوجها يخونها بالفعل وليس هذا فحسب وإنما علمت أيضا أنه كان يريد أن يستولي على جميع ممتلكاتها عن طريق دس أقراص مخدرة في أطعمتها حتى تبدو أمام الناس امرأة مجنونة وليست في حالة متزنة.
هتفت ثريا بتوعد وهي تضرب ركبتيها بكفيها:
-“والله العظيم لهخليك تندم يا مراد وتدفع تمن كل اللي أنت عملته ده غالي أوي لأن مش بعد ما ضيعت عمري في أني أبني امبراطورية كبيرة زي اللي عملتها يجي حتة واحد هلفوت زيك أنا اللي انتشلته من حياة البؤس وخليته بني آدم يعمل معايا كده”.
نظرت ثريا إلى أحد رجالها قائلة بصرامة:
-“أنا عايزاك تفضل زي ما أنت مراقب كل تحركات مراد ولما أديك الإشارة تنفذ على طول كل اللي إحنا اتفقنا عليه”.
أومأ لها الرجل قائلا باحترام:
-“متل ما بدك ثريا خانم، بس أنتِ ما قلتيلي شو بدك أعمل بالبنت ياللي اتزوجت مراد؟”
زفرت ثريا قائلة بغيظ:
-“هقولك يا نديم هنعمل معاها إيه بس لما يجي الوقت المناسب، روح يلا دلوقتي شوف شغلك مع مراد”.
هز نديم رأسه ثم غادر بعدما استمع إلى توجيهاتها وفهم منها ما تريد منه أن يفعله.
▪▪▪▪▪▪▪▪▪
جلست جميلة أمام سمية ونظرت إلى حالة الشرود التي صارت ملازمة لها في الآونة الأخيرة مما أثار ريبتها وجعلها تقرر التحدث معها بعدما زاد الأمر عن حده.
لاحظت سمية نظرات والدتها المصوبة نحوها فهتفت باستغراب وهي تعدل من وضع جلستها:
-“خير يا ماما، فيه حاجة؟”
ردت جميلة بحدة نتجت عن شعور الضيق الذي تملك منها بسبب صفة الكتمان التي صارت مؤخرا من ضمن صفات ابنتها:
-“أيوة فيه يا سمية، فيه حاجة شاغلة تفكيرك وأنتِ مخبية عليا والموضوع ده مش عاجبني نهائي”.
شعرت سمية بتأنيب الضمير؛ لأن والدتها قد قامت بتربيتها على الصراحة ولكنها خالفت هذا الأمر بعدما أخفت عنها أمر تواصلها مع رامز.
-“الموضوع له علاقة برامز اللي اتقدم ليكِ وأنتِ رفضتيه، مش كده برضه؟”
سألتها جميلة فأومأت بإيجاب:
-“مظبوط يا ماما، أنا للأسف الشديد بحب رامز بس في نفس الوقت مش قادرة أقبل فكرة جوازي منه لأنه كان في يوم من الأيام خطيب أقرب صديقة ليا”.
شعرت جميلة بالحيرة، فهي من جهة تريد من سمية أن تنسى ما حدث معها وتكمل حياتها ومن جهة أخرى ترى أن وجهة نظرها صحيحة وذلك حتى لا تخسر صديقتها المقربة.
▪▪▪▪▪▪▪▪▪
ترددت كلمات شمس في عقل آدم بشكل لا يمكن احتماله، فهو لا يمكنه تصديق حقيقة أن والده الذي كان يراه قدوته ومثله الأعلى قد ساوم فتاة على شرفها بسبب عدم موافقته على ارتباطها بابنه.
لم يكن يتخيل أن يلجأ والده لمثل هذه الحيلة الوضيعة حتى يفرقه عن شمس التي لم يكن يعيبها أي شيء سوى فقرها وقلة حيلتها.
نظر آدم إلى هاتفه بحزن فهو يحاول التواصل مع محمد منذ ذلك اليوم الذي علم فيه بالحقيقة ولكن لم يجب الأخير على أي اتصال من اتصالاته.
أخذ آدم يتابع نادين التي يظهر على وجهها الإعياء الشديد الذي أصابها فجأة بعد عدة أيام من زيارتها لمنزل خالتها.
احتدت ملامح وجه آدم بعدما تذكر أنها قد ذهبت إلى منزل والدة غريمه الذي لا يزال يستحوذ على مشاعرها بشكل جعله يرغب في دق عنقه.
دلفت نادين للحمام للمرة السابعة على التوالي حتى تتقيأ وهذا الأمر أثار دهشة آدم الذي كان يتابع ما يحدث أمامه وهو يشعر بالريبة مما يحدث فتلك الأعراض التي تمر بها نادين لا تدل سوى على شيء واحد وهو أنها حامل.
اتسعت عينا آدم بعدما خطر في باله احتمالية أن تكون حاملًا ولكنه تساءل كيف يمكن أن يحدث هذا الأمر وهي كانت منتظمة في تناول أقراص منع الحمل؟!
تمددت نادين على الأريكة وأغمضت عينيها بتعب فاقترب منها آدم وأمسك يديها يتفحص نبضها ففتحت مقلتيها هامسة بوهن:
-“فيه حاجة يا آدم؟”
سحبها آدم برفق حتى تنهض وهتف بأمر غير قابل للنقاش:
-“قومي يلا يا نادين عشان إحنا هنروح المستشفى نكشف عليكِ لأن أنتِ وضعك مقلق ومش مطمن خالص”.
شعرت نادين بالسعادة بعدما رأت اهتمام آدم وقلقه الشديد عليها واستجابت لطلبه، وذهبت لغرفتها، وارتدت ملابسها حتى تذهب برفقته إلى المستشفى مثلما طلب منها.
وصل آدم ونادين إلى المستشفى وقد تعجبت الأخيرة بعدما سمعته وهو يطلب من إحدى الممرضات أن تدله على القسم الخاص بالنساء والولادة.
همست نادين بدهشة شديدة من تصرف زوجها:
-“أنت ليه بتسأل يا آدم على قسم النسا والتوليد؟”
رد آدم بجمود وهو يسحبها خلفه حيث أشارت له الممرضة:
-“هتعرفي دلوقتي حالا يا نادين أنا ليه واخدك على قسم النسا”.
فحصت الطبيبة نادين والتفتت تنظر إلى آدم قائلة بابتسامة:
-“ألف مبروك ليكم، المدام حامل ومطلوب منها أنها تخلي بالها من نفسها وتتغذى كويس عشان صحتها وصحة الجنين لأن واضح خالص أنها مش بتهتم بأكلها ولا براحتها”.
انفرج فم نادين من شدة الدهشة بينهما هتف آدم بهدوء بعدما أكدت له صحة ظنونه:
-“تمام يا دكتورة، إحنا هنلتزم بنصايحك وشكرا جدا لحضرتك”.
ابتسمت الطبيبة وتركتهما بمفردهما فعقد آدم ساعديه قائلا بوجوم:
-“أظن أنتِ عرفتِ دلوقتي أنا ليه لما جينا المستشفى سألت الممرضة على قسم النسا”.
سحب آدم كرسيًا قريب منه وجلس عليه ومط شفتيه قائلا بتهكم:
-“هو مش أنتِ كنتِ بتاخدي حبوب منع الحمل ومواظبة عليها، إزاي بقى حملتي بعد ده كله؟!”
أجابت نادين بخفوت وهي تعتدل حتى تنهض من فوق السرير:
-“أنا كنت باخد فعلا حبوب منع الحمل بس بطلتها قبل ما أنت تشوفها بفترة قصيرة وعشان كده أنت لما لقيت الشريط كان وقتها كامل ومش ناقص منه ولا حباية لأن أنا مكنتش باخد منه”.
تمتم آدم بضيق وهو ينظر إلى باب الغرفة ومن حسن حظ نادين أنها لم تسمع كلامه:
-“يعني أنا كده خلاص مبقاش قدامي حل غير أني أردك”.
تابع آدم كلامه وهو يتوجه نحو الباب:
-“أنا هستناكِ برة ولحد ما تقومي وتحصليني هكون اشتريت الأدوية اللي الدكتورة كتبتها عشانك”.
أخفضت نادين رأسها ولم ترد ولكنها شعرت بالفرحة لأن وجود هذا الجنين الذي أتى على حين غفلة سوف يجبر آدم على ردها لعصمته وسيجعل غضبه يقل بشكل تدريجي مع مرور الوقت.
▪▪▪▪▪▪▪▪▪
اتصلت حبيبة بوسام وطلبت منه أن يلتقي بها؛ لأنها تريد أن تتحدث معه في موضوع مهم للغاية.
وصل وسام إلى المطعم وجلس أمام حبيبة قائلا:
-“خير يا حبيبة، إيه الموضوع المهم اللي أنتِ طلبتِ تقابليني عشانه؟”
نظرت له حبيبة وقالت:
-“أنت قولتلي لما شوفتك في المول أنك شاكك في شخص معين بأنه يكون هو اللي قتل أخويا بس أنت خايف عليا من الحقيقة دي؟”
أشاح وسام بنظراته وتذكر عندما أخبرها بهذا الكلام في لحظة غضب ولم يكن متأكدا حينها من صحة ظنه.
حضر النادل ودَوَّنَ طلبهما ثم عاد بعد وقت قصير وهو يحمل صينية موضوع عليها كأس عصير لحبيبة وفنجان من القهوة لوسام.
زفرت حبيبة بحزن قائلة برجاء:
-“أرجوك يا وسام قولي كل الكلام اللي أنت كنت عايز تقوله ليا المرة اللي فاتت حتى لو الحقيقة دي هتجرحني وتوجعني زي ما أنت قولتلي”.
نظر لها وسام مليا قبل أن يردف بجدية:
-“أنا وقتها كنت شاكك في شخص ولكن دلوقتي أنا بقيت متأكد من شكي وعشان كده أنا هسألك إذا كنتِ مستعدة فعلا تسمعي الكلام اللي عندي حتى لو كان ده هيخليكِ تتوجعي؟”
أومأت له حبيبة قائلة بتأكيد:
-“أيوة أنا مستعدة أسمع الحقيقة مهما كانت موجعة بالنسبة ليا، اتكلم لو سمحت يا وسام وقول مين اللي قتل أخويا وحرمني منه؟”
اتسعت عينا حبيبة بعدما سمعته يقول:
-“مهاب يا حبيبة، الشخص اللي قتل أخوكِ يبقى مهاب جوزك”.
هزت حبيبة رأسها باستنكار رافضة تصديق هذا الأمر وتساقطت دموعها أمام وسام الذي شعر بقليل من الندم؛ لأنه أخبرها بهذه الحقيقة المُرة وتسبب في تحطيم قلبها.
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية أوهام الحب الوردية)