رواية أولاد الجبالي الفصل الثاني 2 بقلم شيماء سعيد
رواية أولاد الجبالي الجزء الثاني
رواية أولاد الجبالي البارت الثاني
رواية أولاد الجبالي الحلقة الثانية
سأعلّمكم أنّ الوجع ليس شرطاً أن يكون بكاءًا، ربما يدعو عليك شخص مظلوم فتكون حياتك كلها أوجاع
….
لم تعلم ناهد أنها لا تصعد على الدرج بل تسقط بالفعل كلما اقتربت من غرفة ذلك الجبار منصور .
وارتعدت أوصالها حين سمعته بصوت الأجش عندما طرقت الباب ، قائلا …..مين ؟
ناهد بإرتجاف ….أنى ناهد يا بيه .
فارتسمت ابتسامة مكر على ثغريه ،ورفع شاربه بفخر وقال متلذذا …أدخلى يا بت .
لينزع عنه قميصه محدثا نفسه .يادى الليلة اللى فى بالى .
أراخت ناهد يدها على مقبض الباب تدفعه بقلب خائف ، وعين زائغة ثم دلفت للداخل تصك قدميها ببعضهما البعض ، ويدها ترتعشان وهى ممسكة بفنجان القهوة .
لتشهق عندما رأته أمامها عارى الصدر ينظر لها برغبة قائلا ….اهلا يا عروستى الحلوة .
صراحة يا بت هبلتينى بحلاوتك دى .
ثم تابع متفحصا إياها من أعلاها لأسفلها “”
جربى جربى منى .
فتخشبت ناهد فى مكانها وتصلبت يدها فسقطت منها القهوة من الخوف .
لتجده قد أنفجر ضاحكا بقوله …بيجولوا صوح دلج الجهوة خير .
سبيها عاد يا بت ومتخافيش .
ثم أخذ يدقق إليها النظر مردفا ….
أنتِ يا بت كيف عاملة إكده زى لهطة الجشطة ،تعالى بجا جولت عشان خلاص مش جادر .
ولكن ناهد لم تتحرك ووقفت مكانها متجمدة ، تطالعه بخوف .
فـ تسائل منصور بغضب …..مالك إكده واجفة زى خيال المآتة ؟
ليجيب على نفسه ..اه تلاجيكى مكسوفة منى .
ليطمئنها بقوله “”
لا متكسفيش ، انا حنين جوى مع البنات الصغار الحلوين اللى زيك .
وهى مرة أكده فى الأول بس وبعد كده هتخدى عليه .
انتفضت ناهد من كلماته إليها ،وتراجعت للوراء بخطوات
متعثرة ، ثم حاولت الصراخ لكن صوتها تحشرج فى عنقها من شدة الخوف ، فأطلقت صوت خافت برجاء والدموع فى عينيها …لا يا بيه ، انا مش بتاعة إكده .
انا شريفة وباكل بعرق يدى مش بچسمى .
ثم حاولت الفرار سريعا والخروج من الغرفة ،لتنقذ نفسها منه .
ولكنه كان أسرع إلى الباب منها ، فأغلقه بالمفتاح ثم ألقى بالمفتاح فوق خزينة الملابس .
ثم حاصرها بيده ، لتستغيث ناهد بقولها …..الله يخليك يا بيه أعتجنى لوجه الله .
وأوعدك لو هملتنى لحالى هطلع من إهنه ساكتة وأحط لسانى فى خشمى ومهتشوفش وشى تانى .
لكن لو هوبت نحيتى هصرخ وألم الناس عليك وهچول كل حاچة .
فكشر منصور عن أنيابه وطالعها بقسوة لا مباليا إلى توسلاتها أو تهديدها مردفا …مش عتلحجى تعمل حاچة يا بت .
ومش منصور اللى يتهدد واصل .
ثم حملها عنوة ، فحاولت ناهد التملص من يديه وأخذت تركل برچليها وتضربه بيديها على ظهره .
فغضب منصور وسبها بقوله ….اه يا بنت ***.
انا هوريكى كيف تعملى إكده فى أسيادك .
ليلقى بها على الفراش ، ثم إنقض عليها كما ينقض الذئب على فريسته ، كاتما صوت استغاثتها بيده ، حتى فارقت الوعى واصابها إغماء مؤقت .
فقال متلذذا …حلو إكده عشان مسمعش صوتك اللى هيخرم فى نفوخى إكده .
ليبدء بعد ذلك فى خلع رداء الحياء عنها ليلوثها بدنيئته ، مختالا لبرائتها ، حتى نال منها ما يريد بكل قسوة ، ليرضى الحيوان الذى بداخله .
ثم ألقى نفسه بجانبها وغاص فى نوم عميق دون ذرة ندم على ما فعله أو احساس بالذنب .
بل يعتبره حق من حقوقه كأنه ما زال فى زمن الجوارى .
……….
عاد محفوظ إلى بيته ،يملؤه الإنكسار والحزن يكسر عينيه بعد أن أنهى عمله فى القصر .
فوجد إلهام فى أحد الأركان تضم ركبتيها إلى صدرها وتتعالى شهقاتها ، كما تركها منذ الصباح .
فغلى صدره بغضب محموم كالقدر على الموقد وارتفع غليله من بين ضلوعه حتى بلغ رأسه وتوحشت نظراته نحوها وسئلها بلهجة تحولت للقتامة …يعنى لساكِ جاعدة كيف ما سبتك الصبح يا إلهام .
جومى يلا فزى حضريلى لُجمة أكلها عشان اتخمد أنام جبر يلمك .
فأجابته إلهام وهى تزيل بيديها اثر الدموع …كل أى حاچة عنديك ونام وهملنى لحالى ،انا معملتش حاچة ومش هعمل حاچة وعفضل إكده لغاية ما اموت وارتاح .
فانفجر محفوظ غضبا واقترب منها وأمسك بشعرها وأخذ يسحلها نحو المطبخ هادرا بإنفعال …وأنتِ ايه لزمتك عاد ، لما وكل انا نفسى .
وليه معملتيش وكل ، ولا فاكرة نفسك برنسيسة ، وهاچى انى أوكلك .
ثم ركلها بقدمه بقوة …يلا اعملى اى حاچة أتسممها وانام ، عشان انسى الهم والجرف اللى انا فيه ده .
كتمت إلهام صرخاتها وأنينها بيدها حتى لا تزيد غضبه وأخذت تردد فقط ودموعها تنسال على وجنتيها ….حسبنا الله ونعم الوكيل.
…………..
مر بعضا من الوقت وناهد فى حالة إغماء و إعياء مما فعله به منصور .
لِتتململ فى الفراش بعد ذلك وقد أوشكت على الاستيقاظ على فاجعة ، حيث داهمها ألم شديد فى أسفلها فتأوهت …اااااه .
ففتحت عينيها ببطىء ، لتستوعب للحظة أين هى وما حدث لها ولما هذا الألم ؟
لتتفاجىء به يرقد بجانبها يغوص فى نوم عميق غير آبه بما فعل بها ولا يشعر بألامها .
لتصرخ ناهد وتقوم بضرب وجهها بكلتا يديها ، بعد أن استوعبت ما حدث لها وأنها فقدت عذريتها على يد ذلك الجبار منصور .
فأخذت تضرب على صدره بكل قوتها قائلة …عملت فيا ايه حرام عليك ، حرام عليك .
فاستيقظ منصور متجهما مردفا بنبرة حادة بعد أن أمسك بيديها الصغيرتين …اتجننتى عاد يا بت ولا ايه !
اسكتى خالص ، مش عايز أسمع نفسك ، انتِ فاهمة ؟
وإلا هكتم نفسك وتخرچى على نجالة.
فحدثته بغصة مريرة …ياريتك كنت موتنى ، جبل ما تعمل فيا إكده ، حرام عليك .
هعمل ايه انا دلوك ، ده لو ابوى عرف هيجتلنى ؟
فضحك منصور مردفا بفحيح الأفعى …وايش يعرفوا يا بت ؟
وأنتِ إهنه فى حمى ،منصور الچبالى ، ويستحيل حد يجربلك .
وهتفضلى چمبى لغاية ما أزهج منيكى ، وبعد إكده متجلجيش خالص .
هچوزك لواحد من رجالى ، هيكون ستر وغطا عليكى .
عشان تعرفى بس كيف انا راچل حنين وحقانى ومرداش ليكى بالفضيحة .
فنكست ناهد رأسها للأسفل مردفة بقهر …حسبى الله ونعم الوكيل.
ليحاوطها منصور من جديد قائلا بصلابة …تعالى بجا عشان تعرفى كيف تتحسبنى على أسيادك يا بت .
ليعيد معها الكرة مرة أخرى ، متلذذا غير عابئا بصرخاتها التى كادت تهتز لها السموات .
ولكن لم يسمعها أحدا فى ذلك القصر لأنه خصص غرفته بنوافذ غير عابرة للأصوات .
…………..
وفى مكان آخر ”
ولجت فتاة جميلة للكشف فى عيادة دكتور باسم ابن منصور الجبالى.
وقد أتت إليه متعمدة بعد أن وقع فى قلبها عندما استمعت لأحاديث بنات النجع عنه ،فأرادت أن تفوز به ، وغرها جمالها وتحررها الزائد
طالعها باسم بإعجاب قائلا ..اتفضلى ارتاحى.
قوليلى بقى الجميل بيشتكى من إيه ؟
بس استنى أظن القلب ، عشان انا كمان قلبى بيدق جامد .
فنظرت عبير فى عينيه بشوق قائلة ….كيف ما سمعت عنيك يا دكتور .
شهم ولسانك هينجط عسل ، وعشان أكده حبيتك جبل ما أشوفك .
سرى سريان السعادة فى دم باسم ، فقد أصبح دنچوان عصره وأوانه والفتيات يتهافتون عليه ، طمعا فى الزواج منه .
إلا تلك العنيدة التى وحدها من امتلكت قلبه دونا عن هؤلاء الفتيات جميعا .
فتنهد بألم محدثا نفسه ….ميتى بس يا ملك أسمع منك كلمة حلوة إكده ، تنسينى كل البنتة دول ، انا أحبك أنتِ وبس .
غمزها باسم بإحدى عينيه مردفا بتسائل …للدرچة دى ؟
عبير ..وأكتر كمان ، ثم قامت من مقعدها ، واقتربت منه لتخلخل خصلات شعره بيديها .
ثم انحنت برأسها إليها وطالعته برغبة وهمت أن تقبله .
ولكنه أرتبك وشعر بالخجل من نفسه ، فهو لا ينكر انه يعشق جمال الفتيات ويحب التعرف عليهن ولكن ليس لحد عمل علاقة محرمة .
فهو يكره ذلك جدا ، فانتفض وتراجع بظهره قائلا بقسوة شديدة ….اتفضلى اجعدى مكانك يا آنسة .
واياكِ تعملى إكده تانى ،ده مكان شغل ،مش كباريه .
طالعته عبير بحرج مردفة …اسفة يا دكتور .
ثم سئلها باسم …دلوك تجولى سبب الزيارة ولو مفيش غير اللى فى دماغك يبقى أتفضلى عشان متضيعيش وجتى.
وفى حالات بره كتير .
فقامت عبير وقد تلون وجهها بالحرج من غلظته معها مردفة …كنت يعنى فاكرة إنك حاچة تانية وبتحب …؟
تجهم وجه باسم فقاطعها بقوله ……فاكرة ايه ، انا اه أعشج الوجه الجميل ، لكن مهغضبش ربنا واصل .
وانا حالف اليمين ويستحيل أخالفه .
وحتى الحديت فى الكلام ده هيضايجنى بس مش عارف كيف أسيطر على نفسى .
روحى يا بنت الناس ، وجولى يارب استرها علينا .
فأسرعت عبير هاربة من أمامه بمشاعر مختلطة لا تدرى أهو بالفعل ما سمعت عنه من الفتيات التى وقعن فى حبه ، ام إنسان اخر يخشى الله .
ولكنها حدثت نفسها متوعدة له…لا مش عبير الفيومى اللى تعاملها إكده يا ابن الچبالى ، ومش هيئس منيك وعحاول تانى وتالت لغاية ما تچيلى راكع .
إلتقط باسم هاتفه واتصل بـ ملك ، لعله صوتها يهدىء من روعه .
فصوتها وحده كفيل أن يطفىء لهيب روحه المشتعلة ..
وبالفعل اتصل بها ، فطالعت ملك شاشة هاتفها فابتسمت رغما عنها ، فهى قد حفظت رقمه عن ظهر قلب.
ولكنه لم تسجله عندها .
لتشرد للحظة تتذكر أول يوم لقائها به فى الطريق ، عندما كانت فى طريقها لتستقل سيارة من أجل الذهاب الى محطة القطار ومنها إلى جامعتها حيث تدرس فى كلية الآداب .
وكان يوم شديد المطر ، فوقفت تشير إلى اى سيارة للأجرة لتنقلها بعد أن ابتلت ملابسها وارتجفت من برودة الجو .
وحينها وجدت سيارة تقف أمامها ليطل هو من زجاج سيارته بابتسامة عذبة قائلا …الجميل واجف لحاله إكده فى عز المطرة ، ميصحش طول ما ابن الجبالى موجود وفى الخدمة يا ست البنات .
اتفضلى اركبى اوصلك مطرح ما تريدى ، بدل البهدلة إكده .
لترمقه ملك بنظرة غاضبة مردفة بإنفعال …ابن الجبالى مش ابن الجبالى ، مليش فيه يا استاذ .
وانا مهركبش مع راچل معرفوش ، اى كان مين فيكى يا بلد .
أتفضل يلا وسع السكة عشان اشوف ميكروباص يوصلنى .
ثم تابعت بسخرية
طريق السلامة يا ابن الجبالى .
ثم أشاحت بوجهها عنه ، لينتابه حالة من الغيظ ، فاحمر وجهه وحدث نفسه …تبجا بت مين دى عشان تكلم معايا انا إكده ،ولا همهمها انا ابن مين ؟
انا اللى كل البنتة فى شرق وغرب يتمنوا نظرة واحدة منى.
فردد باسم بغيظ شديد …إكده يا بنات الناس ، دى جزاة اللى عايز يساعد ورايد الخير .
طيب ، خليكى واجفة إكده ،مبلولة كيف الفار وان شاء الله تجيلك الكُحة .
فحاولت ملك كتم ضحكاتها حتى لا تثير غضبه أكثر من ذلك .
ثم شاهدت سيارة أجرة تأتى ، فشاورت لها واسرعت للركوب بها وهو يلاحقها بنظراته حتى غابت عن عينيه .
باسم محدثا نفسه ….يخربيت حلاوتك ، بس عاملة زى البسة بعينيها الخضرة دى وعتخربش .
خرجت ملك من شرودها على صوت رنين الهاتف ، الذى وجدته يرن للمرة الثالثة دون أن يمل .
ففتحت الخط دون أن تنطق ، فالحنين إلى صوته لا تستطيع مقاومته .
تنهد باسم عندما فتحت الخط واستمع على صوت أنفاسها المتعالية فاردف بحنو …ملك وحشتينى جوى جوى .
ردى عليه يا ملك ارجوكِ ، نفسى اسمع صوتك اللى هيطمنى ده .
متصوريش انا محتجلك جد إيه ؟
ردى عليا ارجوكِ .
ولكنه لم يجد أيضا استجابة منها فردد ….طيب اشتمينى كيف ما بتعملى .
المهم اسمع صوتك وخلاص .
فضحكت ملك رغما عنها ، فدق قلب باسم بشدة وأغمض عينيه ، غير مصدق أنه قد استمع أخيرا لضحكاتها التى كانت بمثابة شعاع أمل أن تبادله نفس مشاعره .
باسم …الله على الضحكة اللى نورت ليه الدنيا من جديد .
انا بحبك اوى يا ملك .
فارتجفت ملك وشعرت بالندم أنها استمعت لكلماته وضعفت فوجدت نفسها تنهره بقولها ….وجولت كام مرة الكلمة دى للى قبلى وللى بعدى يا ابن الجبالى ؟
حمحم باسم بحرج مردفا..صدقينى لو جولتلك أن مفيش فى جلبى غيرك يا ملك ، وغير إكده كلام فاضى .
قطمت ملك شفتيها بألم مردفة بغيرة ….اللى هيحب صوح ، عمره ما هيطلع لغير اللى عيحبه يا دكتور .
فيكفى حديت ماسخ ملوش طعم ، واياك تتصل بيه تانى .
باسم بلهفة ….استنى يا ملك أحلفلك بإيه انى عحبك أنتِ وبس ؟
ملك بعدم تصديق …..عمرى ما هصدقك غير لما تخبط على بابى ، طالب يدى فى الحلال .
غير أكده لا والف لا .
وانا خابرة ان ده عمره ما هيوصل ، ففضها سيرة يا ابن الناس وشوف وحدة من مجامك تنفعك وحاول تنسانى .
ثم تحشرجت كلماتها بفعل نار دموعها التى تجمعت فى مقلتيها ، فوجدت نفسها تغلق الخط فى وجهه .
فكان صوت اغلاق الخط كصوت رصاصة أطلقت على قلبه فأردته قتيلا .
لانه يعلم انها تقول الصواب ، ويعلم صعوبة الأمر وأن والداه الذى يقطن فى جناح منفردا عنهم وبعيد البعد عنهم طيلة حياته ولا يعرف عنهم غير أسمائهم ، فلن يرضى أن يزوجه هو و أخيه بإبنتا سائق قطار ، وهو من هو .
ولكن ما السبيل ؟؟
فتنهد بألم وقرر الأتصال بأخيه ، لعله يلتجىء إليه ويكون معه يدا واحدة فى وجه أبيهم .
براء مبتسما …اهلا يا دكترة ، كيفك يا خوى ؟
باسم …سيادة المقدم ، بخير طول ما انت بخير يا خوى.
ثم تنهد باسم بغصة مريرة شعر بها براء فأردف …مالك يا ولد ابوى ، هتتنهد كيف اللى عنده ميت إكده ؟
جول فيك ايه ؟
تعبان اجبلك طبيب ، بس انت طبيب نفسك على ما اظن ..
باسم بإنكسار …بس وجعى مالو طبيب يا براء .
واظن هو نفس وجعك بردك .
فأغمض براء عينيه متألما ثم أردف بحزن …ايه يا خوى ، العشق وما أدراك بالعشق ، أبتلينا بيه .
انا وانت وسبحان الله فى أختين ، السبيل ليهم صعب جوى .
باسم بحيرة …طيب وهنسكت إكده ؟
هنسبهم يروحوا من يدنا وياخدهم غيرنا .
هتستحمل يا ولد ابوى ، تشوف راچل تانى مع قمر .
فألهبته تلك الكلمة فأصدر أنين مكتوم مردفا …لا مجدرش .
باسم ..يبجا نحاول مع ابوى ،ويمكن ربنا يهدى جلبه ويحس بينا ويوافق .
امتعض براء مردفا …ولو إنى خابر اللى فيها ، وعارف أنها هتجلب حريجة ، وخايف جوى على امى فى الحكاية دى .
لإنه هيفش غله فيها اكتر واحدة .
بس ماشى نحاول يا ولد ابوى ، وربنا يسلم.
دق قلب باسم فرحا فأردف مستفهما…طيب ميتى يعنى هتحدته فى الموضوع ، لما نعاودوا الجصر ؟
براء بنفى…لا هيكون نعس خلاص .
خليها الصبح بدرى بعد الفطار إن شاء الله.
باسم …تمام يا خوى يا مسهل .
……
وفى منتصف الليل عاد براء إلى القصر .
وقبل أن يتجه إلى حجرته ليرتاح بعد عناء العمل طوال اليوم .
أراد أن يطمئن على والدته ، فخطى خطوات خفيفة إلى حجرتها حتى لا يوقظها إن كانت نائمة ..
ثم فتح الباب برفق ، ودلف للداخل فوجدها على فراشها مازالت مستيقظة ، فابتسم وأسرع إليها يقبل يدها .
براء مبتسما …لساكِ صاحية يا آماى ..
مسحت والدته على شعره بحنو مرددة …وانا كيف يجيلى نوم يا ولدى جبل ما اطمن عليكوا انكوا چيتوا بالسلامة ورجدتوا فى فرشتكم كمان .
ابتسم براء لوالدته فهى نسمة الهواء التى يتنفسها ويعشق تراب قدميها ويتمنى لو يعوضها عن كل ثانية عاشتها فى ظلم والده .
ثم حمحم براء بحرج وأدار وجهه ، فطالعته والدته بتعجب مردفة ….عايز تقول ايه يا حبيبى ؟
التفت براء إليها مردفا بحرج .. …فهمانى أنتِ يا ست الكل .
والدته …طبعا يا ضنايا ، قول ايه شاغل دماغك ، فضفض لأمك وارتاح .
براء …صراحة يا امى انا وباسم بنحب وعايزين نتجوز .
تهلل وجع والدته فرحا مردفة …بچد يا حبايبى ،ده يوم المنى ، إنى افرح بيكم .
ويا ترى مين اللى خطفت قلب سيادة المقدم وسيادة الدكتور باسم ؟
صمت براء للحظة ثم حاول أن يخرج كلماته بصعوبة مردفا بتلعثم ….هما أختين وماشاءالله عليهم ، آية فى الجمال بس فيه مشكلة .
والدته بقلق …ايه مالهم يا ابنى ، اتكلم وغوشتنى ؟
براء بحرج …انهم ناس على قد حالهم وابوهم سواق قطر .
فزفرت والدته بحسرة وندم على عمرها الضائع مع متكبر ظالم وايضا على خيبة أولادها ، لأنها تعلم جيدا إن منصور لن يوافق على تلك الزيجة .
أطلقت ظهيرة زفيرا حارا مرددة …إذ كان عليا يا ولدى انا موافجة ، لأن الفقر عمره ما كان عيب ، المهم الأخلاج الزينة والعشرة الطيبة .
لكن كيف ما تعرف ابوك الله يهديه .
نكس براء رأسه مردفا …يعنى مفيش فايدة ، انا ممكن يحوصلى حاچة لو مخدتهاش.
والدته بآسى …بعد الشر عليك يا ولدى .
أجولك فاتحه فى الموضوع يمكن الله يصلح حاله ويوافق .
وانا كيف ما انت خابر ، مش بيدى يا ضنايا حاچة .
فقبلها براء من جبينها قائلا …خابر يا أمى ، ربنا يحفظك لينا ،وانا مش خابر لو مكنتيش أنتِ موچودة ،كان حوصلنا ايه اكتر من إكده.
ربنا يجدرنى وأعوضك يا ست الكل .
ودلوك أسيبك ترتاحى .
بس جوليلى الاول هى البت بانة نامت ولا لساها صاحية عشان وحشتنى البت دى ، بجالى كتير ما اتكلمتش معاها .
بسبب الشغل وهى مشغولة فى الچامعة .
زهيرة….بدال لسه مجتش تتطمن عليا يبجا لساها صاحية وتلاجيها مع زاد هتعلمها كيف تقرء القرآن صوح يا ولدى .
طالعها براء متعجبا ثم أردف كيف ده يا امآى ؟
مهى بتك فى الجامعة يعنى خلاص هتعرف تقرأ وتكتب من زمان جوى .
كيف يعنى مهتعرفش تقرء القرآن !
زهيرة…..مش الجصد إكده يا ولدى .
جصدى هتعلمها كيف تقرء كيف الشيخ اللى هيرتل فى إذاعة القرآن الكريم ، مش كيف ما احنا نقرء عادى إكده .
ضيق براء عينيه مردفا بتعجب …وه _ غريبة دى !!
بس برده كلها قراءة وثواب عاد يعنى .
ثم تابع بقوله ”
على العموم انا هسيبك وأدخل لهم ، أشوف كيفهم وأسلم عليهم .
زهيرة…ماشى يا ولدى ، بس إتنحنح إكده على الباب عشان لو جالعة حجابها زاد ولا حاچة ، هتكسف منيك .
براء متعجبا …كيف ده ؟
هى كبرت علينا ولا ايه ؟
ده احنا متربين سوا من واحنا صغار وهى زى بانة واكتر كمان .
كيف تكسف منى ؟
زهيرة …يا ولدى زاد ، بجت عروسة وهى عتعرف ربنا وانك اه كيف اخوها لكن مش اخوها ولزمن تلبس الحچاب جصادك وجصاد باسم .
براء متفهما….ايوه يا آماى ، بس انى كيف ما أنتِ دارية ، عمرى ما نضرتلها أصلا زين ، من وجت ما كبرت ، انا بردك أعرف الأصول حتى لو كنت مش متدين جوى .
زهيرة….خابرة يا ولدى وربنا يكملك بعجلك ، وزاد بنت حلال مصفى وحتة من الجمر ويا بخت اللى هيخدها .
طالعها براء متعجبا وقائلا بسخرية ، بس يعنى هى ياماى عادية مش جمر أوى إكده !
امال لو شوفتى القمر الحقيقى اللى عحبها عتجولى ايه بس ؟
زهيرة….هى جمر فى كل حاچة والجمال يا ولد مش وش بس ، ده فى كل حاچة ولى يحب هيشوف حبيبه أحلى واحد فى الدنيا مهما كان شكله .
وانا كنت اتمنى انك تشوفها غير أنها زى أختك ، بس الجلب وما يريد .
ضيق براء حاجبيه مردفا ….ايه اللى عتجوليه ده !
هى كيف بانة وعمرى ما فكرت فيها غير إكده .
وأنتِ عتكلمى عينيها كيف ما صلاح زميلى عيجول إكده برده .
ما أنتِ خابرة إنه عيحبها وتجدم ليها وهى هترفضه ،معرفش ليه ؟
مع أنى خابره زين ، كويس جوى .
وانا وعدته أتكلم معاها تانى يمكن توافج .
زهيرة ….ماشى يا ولد جولها بس متغصبش عليها ، عشان الچواز اللى غصب معيعمرش .
وهى غالية عندينا كلاتنا وميهمناش غير سعادتها .
براء …ايه يا آماى ، عنديكى حق.
وبعد اذنك هروح اشوفهم.
وبالفعل خطى خطواته نحو غرفتها ، وكلما خطى خطوة تتطرق لأذنه تلاوتها لكتاب الله بطريقة احترافية ، جعلته كأنه يسمعه لأول مرة ، جعلته يقف إجلالا ، حيث خشع قلبه وجوارحه مع كل آية تتلوها بصوتها العذب الملائكى .
وسمع أخته بانة تقرء ورائها ولكنها تتلعثم .
وتصبرها زاد بحنو قائلة ..
معلش يا بنون يا حب الحب أنتِ أصبرى وتذكرى حديث رسول الله الذى روته السيدة
عائشة رضي الله عنها قالتْ: قالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : «الذي يقرَأُ القرآنَ وهو مَاهِرٌ به مع السَّفَرَةِ الكِرَامِ البَرَرَةِ، والذي يقرَأُ القرآنَ ويَتَتَعْتَعُ فيه وهو عليه شَاقٌ لَهُ أجْرَانِ».
بانة……صلى الله عليه وسلم .
ثم ضحكت بقولها …بس يا اختى أنتِ حسستينى انى لسه فى محو الأمية ، ما انا كنت بقرء زى الفل ، لازم يعنى الحركات دى ولى اسمها ايه اللى عمله زى إنّ وبنخرجها من منخيرنا كأننا بنخنف كده .
فضحكت زاد مردفة …يا بنتى هعلمك لغاية امتى ؟
اسمها غنة وهى بتكون على حرفى الميم والنون المشدتين وبنخرجها من الخيشوف ( الأنف ) بمقدار حركتين .
وطبعا متنسيش علامة المد اللى فوق الألف والياء والواو بنمدهم أربع حركات زى كلمة ( السمآء) هنمد الالف أكده السمااااااء
تسائلت بانة…….يعنى لزمن الحچات دى ،منقرء على طول عادى ؟
زاد …لع ، الحچات دى مهمة طول ما أنتِ جادرة تتعلميها وبتخلى للقرآن حلاوة اكتر وصوت يدخل الجلب كيف الشيوخ .
والرسول جال ( خيركم من تغنى القرآن ) وكان بيحب جوى يسمعه من الصاحبى ابى ابن كعب عشان كان صوته حلو جوى .
بانة …وأنتِ كمان صوتك حلو جوى جوى يا زاد .
وانا فعلا عايزة اتعلم التجويد ده .
زاد …خلاص ركزى بس شوية معايا ، يا ام مخ طخين .
فنكزتها بانة فضحكت زاد ثم أكملت قرائتها ، بين تعجب براء مما يسمعه.
براء متعجبا.. ..إظاهر إن زاد تغيرت كتير جوى ، وزى ما يكون لسه هعرفها من جديد .
فتقدم من غرفتها ووقف أمام الباب وحمحم بقوله …انا إهنه يا بنات ، ممكن ادخل أتكلم معاكم شوى.
فقفزت بانة من مقعدها مرددة بسعادة …ده براء اخوى ،كويس انى سهرت الليلة عشان أشوفه ده وحشنى جوى .
اما زاد فارتجفت عند سماع صوته وأصاب قلبها سهم أوكيبيد الحب وترانمت ألحان الشوق لرؤياه فى قلبها .
ودقت طبول الحرب بين أن تحارب قلبها الذى يدق بعنف وعينيها التى تلمع حتى لا يشعر بها أحدا سوى الله عز وجل الذى يعلم بمكنون قلبها .
طالعتها بانة بتعجب مردفة …مالك أسهمتى إكده ، يلا ألبسى الشال عاد على نفوخك عشان يخش .
خرجت زاد من شرودها على صوت بانة مردفة …ايوه ايوه عحطه اهو ، خلاص ، خليه يدخل .
بانة …تعال يا خوى ، محدش جالع رأسه ، ادخل .
فولج براء بطالته الرجولية التى تعشقها زاد ، حتى أنها ترنحت ولكنها حاولت التماسك .
وأجبرت تلك العينين المحبة على افتراش الأرض محدثة نفسها …ها جولنا ايه عاد ،نثبت شوية ،ومنطلعهوش كتير عشان إكده حرام ، النظرة الأولى لك والثانية عليك .
ولج براء ، فأسرعت إليه بانة تحتضنه بحب مردفة .
أتوحشتك جوى جوى يا خوى.
براء بحنو …وأنتِ كمان يا خيتى ، كيفك وكيف الدراسة ؟
بانة ..الحمد لله ، عال العال .
ثم نظر براء لزاد ، ولا يعلم لما يكاد يراها غريبة وكأنها أول. مرة .
ولكن نفض ذلك عن تفكيره ، وأراد أن يقتصر الوقت ليخلد للراحة فحدثها بقوله …كيفك يا بنت العمة .
زينة ؟
زاد بحرج …زينة الحمد لله.
حمحم براء بحرج مردفا ….كنت رايدك يا زاد اتكلم معاكى فى موضوع إكده حساس شوية ، ممكن ؟
فانتفضت وكاد قلبها أن يتوقف من الفرحة وتسائلت …معجول خلاص ربنا سبحانه وتعالى استجاب لدعوتى وهيطلبنى.
لا مش جادرة ، ومش هعرف كيف ارد عليه ؟
اسكت يا جلبى ، واهدى شوية .
فما كان منها إلا أنها اكتفت بإيماءة رأسها ، ثم أشار لهم براء بالجلوس فجلسوا
ليبدء حديثه …..؟؟
فكيف سيكون تأثير هذا الحديث عليها ؟
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية أولاد الجبالي)