رواية أولاد الجبالي الجزء الثاني الفصل الثامن عشر 18 بقلم شيماء سعيد
رواية أولاد الجبالي الجزء الثاني الجزء الثامن عشر
رواية أولاد الجبالي الجزء الثاني البارت الثامن عشر
رواية أولاد الجبالي الجزء الثاني الحلقة الثامنة عشر
……………
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله 🌺
بسم الله الرحمن الرحيم ( ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون انما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الابصار ) صدق الله العظيم . اللهم قد بلغنا اللهم فاشهد .
*************************************************
ولابد من يوم محتوم تترد فيه المظالم ابيض على كل مظلوم اسود على كل ظالم
…………….
ابتعدت صباح عن إلهام بالفعل ولكنها أخذت تسبها بأبفظع الشتائم ، بل لم يسلم محفوظ أيضا من لسانها الحاد ولكنه أكتفى بالنظر إليها بعتاب ، ثم حاوط إلهام بحنو وحملها بحب إلى غرفتهم فدفنت رأسها فى عنقه بخجل .
ليضعها بعد ذلك على الفراش وأخذ يطالعها لبعض الوقت دون حديث وهى تطالعه بترقب وتنتظر أن يحدثها بحديث يطيب قلبها المكلوم .
لتجده تحدث اخيرا بقوله …بصى يا بت عمى ، انا صوح عحبك من جلبى ووعد منى أحميكى من أمى .
لكن صدجينى مش جادر ، أچى چمبك رغم انى اشتهيكى بس كل ما أحاول أقرب منيكى ، بلاجى صورة منصور جدامى وتوقف بين وبينك .
فبكت إلهام بمرارة وأخذت تضرب نفسها مرددة …ياريتنى موت قبل ما يعمل فيه أكده ، ويحرق جلبى وجلبك يا محفوظ .
فوقف محفوظ والشر يتطاير من عينيه مردفا …وانا مش هسكت يا بت عمى عن اللى حوصل ده ، وهاخد بتارك منيه .
وأوعدك هخليكى تشربى من دمه كمان .
بس لغاية ما يچى اليوم ده ، عنعيش كيف الأخوات .
فصرخت إلهام …لاااااااا عيكتلوك يا محفوظ حتى قبل ما توصل ليه .
محفوظ …معتخافيش هوصله وعكتله بس هستنى اللحظة المناسبة .
إلهام ببكاء ..حتى لو كتلته ، عيحبسوك يا محفوظ وكيف هعيش من غيرك .
محفوظ بثبات …عتعيشى مرفوعة الرأس يا إلهام وعتستنينى لما أخرج حتى لو خمسين سنة ولما أطلع هعمل ليكى فرح من أول وجديد .
لتمر الأيام بالفعل ويعلم محفوظ ما حدث لمنصور وما ينتظره من عقاب فى يوم المحكمة .
لذا أصر أن يحضر بنفسه بعد أن عزم الأمر على قتله أمام الناس مهما كانت عاقبة ذلك حتى لو قتلوه بعدها .
فالأهم عنده هو الإنتقام لشرفه .
…………
ليأتى بالفعل هذا اليوم الذى انتظره الجميع بشغف ليروا نهاية هذا الظالم الجبار ، لإن وعد الله حق ولكل ظالم نهاية ومن قتل يقتل ولو بعد حين .
إصطف جميع الحضور فى المحكمة منتظرين بدء المحاكمة ورؤية المتهمين .
رأت نهلة زهيرة فوجدت نفسها تقف وتخطو إليها حتى وقفت أمامها مبتسمة مردفة …كيفك يا ست زهيرة ؟.
طالعتها زهيرة بلهفة ووقفت عند رؤيتها وضمتها لصدرها بحنو هامسة …نهلة وحشتينى يا بتى ، أنتِ اللى كيفك ، ومچتيش ليه الجصر عاد تشوفى حالك ؟.
ابتعدت نهلة مردفة بحب ..أتوحشتك الجنة يا ست زهيرة ،وانا بخير طول ما انتِ بخير .
ثم ضحكت بوجع مرددة …جصر ايه وحال ايه يا ست زهيرة !
خلاص كل واحد رچع لأصله وانا كيف ما جولتلك انا مكنتش چاية عشان الفلوس وأعيش مرتاحة ، أنتِ خابرة انا أتچوزته ليه والحمد لله انها وصلت لكده وچه اليوم أخيرا اللى نتشفى فيه انا وأنتِ ومعيزاش حاچة اكتر من أكده .
طالعه براء بتعجب من حديثها وحدث نفسه….غريبة جوى البت دى ، بس على إكده ليه حق فعلا محمود يعجب بيها ، لإنها حالة نادرة بين البنات اليومين دول وجلبها طيب كيف زاد.
ثم أعلن حاجب المحكمة ببدء الجلسة فدق قلوب الحضور وأخذوا يسلطون أعينهم بترقب على قفص المتهمين لرؤية ذلك الرجل الذى أوهمهم لسنوات طويلة أنه منصور الچبالى .
ليزج بهم بالفعل فى القفص واحد تلو الأخر ، فعلت صيحات الحضور عند رؤيتهم .
فغضب القاضى وطلب الصمت حتى لا يضطر بالزج بهم خارج القاعة ، فلاذوا بالصمت جميعا .
حاولت قمر الإبتعاد عنهم فى القفص بقدر الإمكان خوفا من بطش حمدى الذى كان يرمقها بنظراته الحارقة ، فتنتفض خوفا .
وكادت أن يقف قلبها عندما رأته يشير إلى عنقه ويحرك يديه عليه ( اى سيذبحها ) .
فالتفت تهمس لنفسها …يارب نجينى منه ، ده هو السبب المجرم ده فى كل اللى انا فيك دلوك .
يارب عدى اليوم ده على خير .
ثم أشاحت بوجهها عنه ، لتصدم برؤية عينى براء التى تحمل العتاب واللوم والإزدراء والغضب حتى تلونت بالحمرة.
فبكت قمر وتوسلت بعينيها إليها كأنها تقول …سامحنى سامحنى يا براء .
ثم أغمضت عينيها حتى لا ترى أحدا وأطبقت على شفتيها بحزن وندم .
كما حاول براء عدم النظر إليها مجددا حتى لا تثير أعصابه وحدث نفسه …ياااه يا قمر ، ياما عيون زاد بكت بسبب وحدة زيك متسواش وانا كنت مغفل ومش خابر حاچة .
ياريت ربنا يدينى العمر عشان أعوضها عن كل لحظة حزن عشتها بسبب حبى الوهمى لقمر .
أما حمدى فكان يحترق بداخله وعيونه تلمع بالشر …كله بسببك يا قمر ، كنا عايشين وعنشتغل ومحدش يدرى بينا .
وكنت هكون دراع حمدان اليمين والدنيا كانت بدئت تضحكلى بعد الفقر والضنك اللى كنت فيه .
تيجى أنتِ يا قمر فى لحظة واحدة تضيعى ده كلاته وتهدى كل أحلامى اللى بقالى سنين بحلمها ، فى إنى يكون لى مال وجاه ، ماشى يا قمر ، مش سيبك وأهى كده موتة وكده موتة بس مش هرتاح غير لما أطلع روحك بيدى الأول. .
……
وقف منصور فى القفص وعلى وجه الوهن والضعف حتى أن قدميه لم تكن تحمله وأخذ يترنح بجسده والعسكرى يوبخه بقول …أجف عدل يا متهم .
ليحاول مجددا التماسك ثم أخذت تدور عينيه بين الحضور وكأنه يتلهف لرؤية نهلة ولكن تصادم برؤية زهيرة فى بادى الأمر ، ورأى فى عينيها الكره والشماتة به ، فأغمض عينيه متألما .
“خابر يا زهيرة انك چاية تشمتى فيه ، وعذرك ما أنتِ معشتيش اللى انا عشته ولا حسيتى بالوجع اللى حسيته من وانا جد إكده .
ااااااه محدش حس بيه ولا حبنى طول عمرى غير نهلة .
ثم أخرجه من شروده ، صوت جابر وهو متعلقا بالقفص يبكى وهو يلمس يد أبيه حمدان مردفا “ليه بس يا بوى عملت أكده ، ليه ؟
ياما جولتلك الحرام آخره وحش ، وهينهش فى الجسم كيف ما هينهش النار فى الحطب ، وادى أخرتها .
تنهد حمدان وكأن النار تخرج من جوفه مردفا بندم …يارتنى كنت سمعت كلامك يا ولدى ، بس خلاص سهم القدر نفذ وكنت رايد أنتقم لأمك الله يرحمها .
فبكى جابر …يارتنى ما جولتلك اللى حوصل ، كنت عيل ومش فاهم حاچة ، مكنتش خابر إنك هتعمل أكده .
حمدان …وانا من ساعتها منمتش ولا ليلة مرتاح وكنت فاكر أن أكده هقدر أجيب حقها بس كنت بضحك على نفسى وضيعتها اكتر واكتر .
سامحنى يا ولدى وادعيلى بالرحمة وادعيلى ربنا يسامحنى ، يمكن ربنا يستجيب منك انت عشان أنت جلبك أبيض وطول عمره طاهر .
فحدث نفسه منصور بآسى ….يا بختك يا حمدان ، عندك اللى يحبك ويترحم عليك ، لكن انا اتحرمت من كل حاچة حتى الرحمة ، ياما كان نفسى أكمل مع البت نهلة واجيب منها قطعة عيل بس منهم الله الرمم حتى دى مهنونيش عليها ، طول عمرى محروم من كل حاچة.
ثم أخذت عينيه تدور مرة أخرى لعله يراها فتطيب نفسه المشتاقة إليها متسائلا :
أنتِ فين بس يا بت نهلة ، نفسى حتى أطلعلك لآخر مرة قبل ما اموت .
ليتفاجىء منصور بمن تقف أمامه بكل جبروت وعينيها تنذر بغضب جحيمى مردفة بهمس …كيفك يا منصورى ؟
لتطلق عيون منصور قلوب حمراء إمتلئت بها قاعة المحكمة حتى كادت تخرج منها أيضا ، وعلت دقات قلب منصور حتى سمعها من بجواره وإضطربت جوراحه وهمس بإسمها …نهلة ، نهلة ..أنتِ جدامى صح يا بت ولا بحلم ؟
نهلة بسخرية …تحب أقرصك يا منصورى ، عشان تتأكد إنى وجفة جصادك يا راچل !
منصور بهيام عاشق …..إقرصينى يا بت ، ده انا أتوحشتك جوى جوى ..
ياااه اخيرا شوفتك ،كنت حاسس إنهم عيموتونى مرتين لو مشوفتكيش يا جلب منصور .
ياااه بتمنى أغمض عينى وأفتحها وألاقى أن كل اللى انا فيه ده حلم يا بت .
وأننا فى أوضتنا انا وأنتِ وعتسمعينى كلامك الحلو ده يا بت .
يلا سمعينى اى كلمة حلوة عشان خاطر حتى حلاوة الروح ، وأدعيلى يا بت لما يموتونى ، عشان خابر انى محدش حبنى خالص غيرك يا نهلة .
لتحتقن الدماء فى عروق نهلة مردفة بغل …أسمعك الرعد فى ودانك يا منصور .
وهو انا چاية يا حزين مش عشان أحبك بالعكس أنا اكتر وحدة هكرهك فى الخلق دول كلاتهم .
ثم تابعت بشماتة …وجال ايه بيقول أدعيله ، لا ده انا هدعى عليك يا منصور ربنا يحرقك فى نار جهنم ، بحق اللى عملته فى ناهد الطاهرة أختى فاكرها يا منصور ؟
ناهد اللى دنستها بعفنتك وكتلتها ورميتها للكلاب اللى شبهك .
ليتجمد منصور فى مكانه وجحظت عينيه وجاهد لإخراج كلماته بصعوبة …نااااااهد ، يعنى أنتِ كنتِ خابرة وضحكتى عليا عشان أچوزك .
فضحكت نهلة …ايوه وكنت عحطلك اللى يموت رجولتك فى اللبن عشان متلمس منى شعرة يا منصورى.
ليثور منصور ويعلو صوته …اااااه يا فاچرة ، حتى أنتِ طلعتى معتحبنيش يا نهلة .
ليحاول بعد ذلك مد يده من القفص ليخنقها وبالفعل استطاع ولف يده حول رقبتها ، لتجحظ عين نهلة بعد أن نفذ الهواء من رئتيها وكادت أن تموت .
ولا تدخل محمود فى اللحظة المناسبة قبل أن تزهق روحها لإنه كان يراقبها وعينيه لم تفارقها ولو للحظة واحدة .
ليلفت إليه نظر كل من فى القاعة وهو يهجم عليه ويوبخه ويزيل يديه عنها .
ليتدخل الحرس فى إنهاء هذا التداخل ويصيح القاضى مرة أخرى فى الحضور بالهدوء مع تعنيف منصور بقوله ”
مش مكفيك كل تاريخك الدموى يا ممدوح وبدل ما تنهيه بتوبة لعل الله يغفر لك ، عايز تنهيه بقتل روح تانى .
فردد منصور بقهر …اللى كنت عموتها دى هى روحى مش روحها يا باشا ، ثم أخذ يبكى بإنهيار .
وجلست نهلة بجانب والدها مرة أخرى وجلس بجانبها محمود وعينيه لا تفارقها وقلبه ينتفض كلما رآها تأخذ أنفاسها بصعوبة .
محمود …مش هينفع كده يا نهلة ، قومى نروح لدكتور أو على الأقل نخرج بره عشان تقدرى تاخدى نفسك .
فترفض نهلة …لا انا مش هرتاح غير لما أسمع الحكم عليه بنفسى .
ليبدء بالفعل القصاص .
فتحدث القاضى : بعد مناقشة الأدلة تم إثبات كل الإدعاءات على المتهم الأول ممدوح الجبالى الذى تحكم به الشيطان بالكلية وجعله أداة ينفذ به كل ما يريد فى صورة إنسان ألغى عقله وخسر دينه وبالتالى أخرته وزى ما هياخد العقاب دلوقتى اللى يستحقه فى الدنيا ، لسه برده هيوقف قدام الملك الجبار فى الأخرة عشان يحاسبه حساب عسير .
ثم أصدر الحكم ..بالإعدام شنقا .
ثم المتهم الثانى حمدان الجبالى ..بالأشغال الشاقة المؤبدة .
( لان قتل مراته بعد ما كانت هى عايزة تقتله ويعتبر دفاع عن النفس والسجن عشان جرايمه التانية ) .
المتهم الثالث …حمدى بالسجن ١٥ سنة .
وهكذا بقية الأفراد كل واحد على جزاء عمله .
ليصرخ منصور بهيسترية…عتعدمونى وماله ، ما انا كده كده كنت ميت من زمان جوى ، ومكنش حد حاسس بيه حتى ابوى وامى كنت باللنسبالهم عار وعايزين يخلصوا منى ، وعمره ما حد منهم طبطب عليا ولا جلى كلمة حلوة وكنت ديما أشوف الكره فى عيونهم وديما أمى كانت تجول ..يارتنى ما چبتك وچبت منصور بس .
والكل كان يبعد عنى ، حتى مكنش حد يحب يلعب معايا ، فكنت لوحدى ، يمكن الكلاب كانت أرحم منكم عليا .
انتم كلكم السبب فى اللى انا فيه دلوك ، انتم اللى وصلتونى لكده ، أنتم المجرمين ، أنتم مفروض اللى تموتوا كلاتكم.
لان محدش خد بيدى وعلمنى الصح من الغلط .
إعدومنى وربنا اللى عتجوله عليه ده عيحاسبنى ، لا انا هرحله وهشتكيله منيكوا ولى عملتوه فيا ، وعيكون رحيم بيا عشان خابر انا أتظلمت كيف منيكم .
ليجهش كل من فى القاعة فى البكاء لحاله وضعفه إلا زهيرة ونهلة وايضا هذا الذى ظهر فجأة امام منصور شاهرا سلاحه الذى كان يخفيه
محفوظ بعين تطلق شرار الشر …انا اللى هوصلك حالا لربنا يا منصور بيدى قبل حبل المشنقة عشان أغسل عارى وان شاء الله يكتلونى بعدها .
بس أريح نفسى وأريح إلهام اللى غدرت بيها وضحكت عليا وچوزتهالى بعد ما جنيت عليها وضيعت فرحة السنين عشان مزاجك العكر .
لتنطلق منه رصاصة إلى قلب منصور ، فيسقط ميتا .
ليصدق ( من قتل يقتل ولو بعد عين )
ليبدء الصخب يعم قاعة المحكمة ووجد براء وباسم أنفسهم بدون شعور يسرعوا إلى قفص الاتهام مرددين ..ابوى ابوى .
وكأنهم تناسوا للحظة أنه ليس بوالدهم ولكن هنا غلبت الرحمة على العقل .
وعندما علموا بوفاته ، انهمرت دموعهم بغصة مريرة وكأنهم فقدوا أبيهم للمرة الثانية..
فقامت زهيرة بحزن وتقدمت إليهم وربتت على ظهورهم بحنان مردفة …مفيش أصعب من أن نفس تموت أكده ومنكرش صعب عليه رغم كل اللى عمله لكن مفيش فى يدنا غير أننا ندعيله لعلى وعسى ربنا يخفف عنه العذاب ..
فردد براء وباسم …الله يرحمه ، ثم التفتوا إلى أمهم ليغادروا .
ولكن فوجيئوا بصراخ مرة أخرى .
ليلتفتوا مجددا ، ليجدوا قمر قد أفترشت الأرض والدماء تسيل من صدرها بعد أن طعنها حمدى الذى كان يخبىء سكينا صغير فى جوربه على حين غفلة فى هذا الصخب الذى حدث بعد مقتل منصور والقبض على محفوظ .
فشهق براء ..قمر .
وهم أن يتقدم منها ولكن فوجىء بمن جاء على نحو السرعة ووقف يصرخ أمامها …قمر ، لااااا ، فوقى يا قمر ..انا مستنتكيش السنين دى كلاتها عشان فى الاخر تموتى وتهملينى بعد ما قولت هانت خلاص وهيتحقق حلم السنين وعتكونى ليا فى الحلال ، بعد كل الحب اللى حبتهولك وأنتِ مش دريانة .
مسالم …جومى يا قمر ، جومى شوفى مين اللى حبك من جلبه .
حبك عشان أنتِ قمر لنفسك مش عشان أنتِ حلوة وبس وخابر انك من چوه مش وحشة بس مستنية حد ياخد بيدك ويطلع الحاچة الحلوة اللى فيكى يا قمرى .
فأغمض براء عينيه مرددا ….صوح هو ده الحب الحقيقى ، وده اللى اكتشفته مع زاد لكن قمر كان حب وهمى بشكلها الخارجى الحلو بس.
ثم تدخل باسم بقوله …انا دكتور ، خلونى أدخل لها بسرعة عشان أعرف لسه فيها نبض وعايشة ولا لا قدر الله ماتت .
فلو فيها بإذن الله نبض أحاول أخفف من النزيف ونطلب الإسعاف بسرعة .
ففتحتوا له القفص وانحنى إليها بجذعه ليرى أنها مازالت على قيد الحياة ، فصرخ ….إسعاف لسه فيها نفس ثم خلع عنه سترته فى محاولة منه للضغط على الجرح للمساعدة فى عدم تدفق الدم نوعا ما .
أما حمدى فقام العساكر بضربه حتى كسروا عظامه وأخذ يتأوه من الألم ثم قاموا بحبسه فى زنزانة بمفرده .
ثم جاءت الإسعاف سريعا لنقل قمر إلى مستشفى السجن ، وقام بمرافقتها مسالم بحكم عمله كأمين للشرطة.
ليحاول الأطباء نجدتها ثم نقلها إلى الرعاية الطبية ، حتى تستقر حالتها الصحية .
خرجت نهلة من قاعة المحكمة منكسرة حزينة على كل ما حدث أمامها فبرغم دافع الإنتقام الذى كان يروادها دوما نحو منصور ، ولكن ألمها نهايته ، فرددت فى نفسها …الله يرحمه ظلموه وظلم نفسه .
ثم وجدت من يهمس بجانبها ، نهلة .
فتوقفت لتجد محمود يظهر على وجه البشاشة ..نهلة ، ايه نقول ألف مبروك واخيرا تحقق اللى كان نفسك فيه وبقيتى أرملة .
فابتسمت بمرارة …نفسى فيه ؟
اااااه يا وجع جلبى ، على إنسان راح لربنا بكل المعاصى دى كلها .
فاندهش محمود وأصاب قلبه الغيرة فحدثها بغيظ …ايه صعبان عليكى ابن الجبالى يا نهلة !
تكونيش حبتيه وانا معرفش .
فصمتت نهلة ولم تجبه ، فثار محمود وانفعل بقوله …لاااا انتِ زودتيها أوى يا نهلة ، كل ده ليه عشان عارفة وحاسه كويس بلى فى قلبى ناحيتك ، فعايزة تجنينى صح ؟
لكن لكل شىء حد ولازم دلوقتى تردى عليه ، تجوزينى يا نهلة بعد ما تخلص عدتك من المرحوم اللى صعبان عليكى ده ؟
فصمتت نهلة واكتفت بدموع حارقة على وجنتيها .
وكانت زهيرة تشهد الموقف من بعيد وكذلك والدها الذى كان يعلم حقيقة الأمر وتركها لتحدد مصيرها بنفسها دون ضغط عليها ولكن قلبه يتمنى أن توافق فلن يجد ابدا زوج مثل محمود لها .
محمود بنفاذ صبر …قولت ردى عليه يا نهلة ، وصدقينى انا مش هنقشك فى قرارك لو رفضتى المرة دى ، لأن ملوش داعى خلاص وكل شىء واضح .
فحدثت نفسها نهلة بإنكسار ….انا كمان واضح حبى ليك يا أغلى من عينيه .
ده انا ياما بس تمنيت التراب اللى عتمشى عليه بس يا محمود .
بس واضح برده إنى عبكى على فراقك العمر كلاته.
واضح كمان إنه انكتب عليه الحزن والشقا والفرحة ما تلمس قلبى .
وواضح انى أدفن جلبى بعدك مع انك جدامى وعتعذب يمكن اكتر منيك .
وواضح أن الناس معتسبش حد فى حاله وعيستكتروا عليه النعمة لغاية ما تروح من يده .
كيف أجولك بس انى بحبك وريداك وأظلمك معايا ويوجعنى ندمك لو حسيت فى يوم انك أتسرعت والحب راح بعد الچواز .
لاااا يبجا من دلوك أحسن يا ابن الناس .
عشان كده بجولك ثم رفعت صوتها بنبرة قاتلة …ايوه يا محمود انا مش ريداك ، ومش عايزة أجوزك وروح لحالك بجا .
فأغمض محمود عينه متألما وحاول أبتلاع الغصة التى فى حلقة ثم فتح عينيه ببطىء ليلقى عليها نظرة أخيرة قبل أن يغادر .
نظرة كفيلة تميت فيها كل شىء .
ثم غادر دون أن ينبس بكلمة كما وعدها ، لتلفت هى إلى والدها وتسرع إليه وتلقى بنفسها فى أحضانه تبكى .
والد نهلة…ليه طيب يا بتى عملتى أكده وانا حاسس إنك ميالة ليه وريداه ، وصراحة هو ده عريس يترفض بردك !
هو انا نطول واحد زيه ، شباب ومركز عليه قيمة .
وفوق ده كله عيحبك وكان عيتذلل عشان توافقى مع انك يعنى .
فقاطعته نهلة بقولها الصادم الذى أدمى قلب ابيها وتعجب لسماعه زهيرة وولديها ….
‘ايوه يا بوى كيف ما أنت جولت بالظبط إحنا نطول واحد زيه !
عشان إكده رفضته وانا ريداه وجلبى أتعلق بيه .
عشان أنا معنفعهوش يا ابوى ، انا مين عشان أتجوز ظابط ابن ناس ومصراوى كمان .
انا حيالله فلاحة وبعد أكده كنت خدامة ويدوبك هفك الخط .
واه صوح اتچوزت منصور الجبالى رغم أنه كان كبير البلد وعنديه كتير ، لكن كان بردك راچل كبير وانا صغيرة فعمره ما كان عيستعر منى ، لكن عياله عملوها وقلوا منى كتير جوى ، وجالوا خدامة تچوز منصور الچبالى واتهنت واضربت على يد بتهم الله يسامحها وجالوا كمان إتچوزته عشان الفلوس .
وميعرفوش كانوا انى إتچوزته عشان أخد بتار أختى منيه ، واهو خلاص سبتلهم الچمل بما حمل وطلعت بالچلابية اللى عليا مش عايزة غير ستر ربنا .
فدلوك بعد ما ربنا سترنى ، كيف أفضح نفسى تانى مع ناسه اللى خابرة أنهم هيعملوا معايا كيف ما عمل أولاد الجبالى ويمكن اكتر كمان لأنهم بزيادة متعلمين ومصرواية وانا مش من طبعهم ولا مكانهم .
وهو صغير يعنى ممكن بعد الچواز يقل الشوق ، فيفوق لنفسه لما يتأثر بكلام اللى حواليه ويندم اللى أخد وحدة مش من توبه ولا تشرفه جدام الناس وساعتها ممكن يرمينا ويشوف واحدة من طينته تناسبه .
وساعتها انا جلبى عينكسر وهرچع ذليلة مقهورة اكتر من اللى انا فيه دلوك مليون مرة .
فعلى ايه العذاب ده كله ، حالى دلوك أهون شوى .
وإذ كان هو عيتعذب شوى أكده وعينسانى ويشوف حاله ويمكن يجول الحمد لله انها چت منها عاد ، ده انا كنت عوجع نفسى فى مصيبة .
عرفت يا ابوى ليه بجا رفضته رغم انى ريداه .
فتنهد والد نهلة بغصة مريرة…ااااااه يا بتى ، ويا عينى عليكى .
شايلة المرار من صغرك ، بس أدى ألله وأدى حكمته ، ملناش فيه يا بتى .
ومش خابر أجولك ايه ،فيى أن ربنا يهونها عليكى ويعوضك عن المرار ده كله. .
تساقطت دموع نهلة الحارة على وجنتيها ورفعت راسها للسماء مرددة ….يارب يارب .
ثم اخفضت رأسها بإنكسار مردفة. ..يلا بينا يا أبوى نعاود عشان خلاص مش جادرة أصلب طولى.
نطق براء بصدمة …مش معقول البت نهلة دى ، فظيعة ، مكنتش اتخيل أنها أكده وبالعقل ده .
تضحى بحبها وواحد زى محمود عشان مجرد إحساس ممكن يكون فى خيالها بس لانى خابر محمود كويس مش ممكن يعمل أكده وبدال عايزها فعلا يبقى بيحبها صوح ويستحيل يغير رأيه بعد أكده .
وإذ كان على أهله فهو راچل ويعمل اللى رايده ويقدر يقنعهم .
فعارضته زهيرة ….الزن على الودان أمر من السحر يا ولدى .
وانا ياما جولتلكم أنها بت زينة عشان أكده حبتها وانتم مكنتش مصدقين وياما كيف ما جالت كسرتوا جلبها وهنتوها .
فمش عايزة ده يتكرر تانى خصوصا مع انسان عتحبه .
باسم …مش خابر أجول ايه ، بس صراحة ربنا يكون فى عونها وصعب جوى اللى عملته لأنها أكده برده بتعذب نفسها .
ياريت ربنا يجمعهم لأن بعد اللى سمعته هى فعلا تستحق واحد زى محمود يعوضها .
ثم انضم لهم جابر مطأطأ الرأس حزين على والده .
باسم …ايه يا أبو نسب ، فكها بجا على الأقل أبوك لسه موچود لكن احنا كان عندنا تنين وماتوا .
فابتسم باسم رغم حزنه مردفا…رحمة الله عليهم وربنا يفك كربك يا بوى ويسامحك .
زهيرة….طيب يلا بينا يا ولاد .
فرجعوا جميعا إلى القصر .
ماعدا باسم الذى أتصل به طبيب ملك يبشره أن حالتها قد استقرت وكتب لها على خروج .
فانشرح صدر باسم مردفا بفرح …يااااه الف حمد وشكر ليك يارب .
انا چى حالا يا دكتور .
……
ولج جابر إلى بانة فى غرفتهم ، فأبتسمت لرؤيته واسرعت بخطاها إليه ولكنها فجأة قبل أن تصل إليه شعرت بدوار وسقطت مغشى عليها .
فصرج جابر ….باااااااااااانة.
فإيه اللى حصل لبانة ؟
ويا ترى هيحصل ايه تانى لأولاد الجبالى
قصتنا لسه فيها كتير فكونوا بالقرب
وياريت حلقة النهاردة اللى اخدت مجهود كبير جدا منى ودمعت عينى فيها بجد وانا بكتبها تكون عجبتكم
وتفضلوا فاكرينها وترشحوا الرواية فى المنشورات اللى بتطلب روايات صعيدى .
وللحكاية بقية
نختم بدعاء جميل ❤️
“رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ” .. [إبراهيم:
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية أولاد الجبالي الجزء الثاني)