رواية أولاد الجبالي الجزء الثالث الفصل الثالث والعشرون 23 بقلم شيماء سعيد
رواية أولاد الجبالي الجزء الثالث الجزء الثالث والعشرون
رواية أولاد الجبالي الجزء الثالث البارت الثالث والعشرون
رواية أولاد الجبالي الجزء الثالث الحلقة الثالثة والعشرون
خرجت سيارة الشرطة فى الحال من بلاغ عن شقة بها أعمال منافية للأداب ويتردد عليها كثير من الرجال والنساء ويعلو منها كثير من الأصوات المزعجة من أغانى صاخبة وأصوات ضحكات فاضحة لا تليق بأداب المجتمع المصرى ..
ليتفاجىء كل من بالشقة بصوت رنين الباب المتواصل ، بجانب طرق شديد على الباب .
فدب الذعر فى قلوب الجميع ، وانتفضت قلوبهم وارتجفت جوارحهم .
وقال أحدهم : أوبا ، كبسة وروحنا فى داهية .
وسمعتى هتكون على كل لسان .
بس أنا اللى جيبته لنفسى ، حد برده يسيب الحلال الطيب فى البيت ويجى هنا .
ياريتنى ما ممشيت ورا نفسى الأمارة بالسوء .
وأدينى أهو هتفضح قدام مراتى وولادى وأهلى .
ثم حاول كل منهم ستر أجسادهم ولكن قوة الشرطة لم تمهملهم بل قاموا بكسر الباب والدخول عنوة للقبض عليهم متلبسين .
فصرخت بديعة وصاحت : يادى المصيبة ،روحنا فى داهية .
أما نيلى فبالبرغم من أنها تعلم ما سيحدث ولكن قلبها انقبض ولمعت عينيها بالدموع من الخوف .
وتمنت لو يخسف بها الله الأرض كى لا تفضـ.ح بتلك الطريقة ، رغم أنها قبض عليها من قبل فى ذلك الموقف ولكنها لم تعتاد على التكرار ودخل فى قلبها الفزع كأنها أول مرة .
اما براء فكان فى غير وعيه ولم يشغله ذلك الصخب الذى فى الخارج بل عندما وجدها إبتعدت عنه قليلا من الخوف قال : بعدتى ليه يا جمر ، هاتى سـ.كر يا سكرة .
فنظرت إليه نيلى شرزا مرددة : هيطفحولك السكر دلوقتى يا جدع .
لتبدء قوات الشرطة فى الإندفاع إلى الداخل والدخول إلى الغرف والقبض على المتهمين متلبسين بممـ ارسة الحب المحرم .
لتعلو صـ.رخات النساء التى تشق الصدور .
ليصيح الضابط فى أحدهم: هتصـ.وتى دلوقتى يختى ، عندك دم يعنى ، وكان فين الدم ده من الأول لما بعتوا نفسكم .
ثم ولجت قوة إلى غرفة براء ونيلى ، فصرخت نيلى .
بينما نظر براء إلى أفراد الشرطة بإستغراب وضحك مردفا : ايه يا جماعة عنجطع على بعض ، مينفعش أكده .
_ أجولكم أوقفوا طابور وبالدور كل واحد ياخد سـ.كر .
فزفر الضابط بغضب واسترسل بإنفعال بعد أن تقدم منه وحاوط عنقــه بيديه وكاد أن يخنـ.قه : انت بتهزر يا روح أمك .
_ مش مكسوف من نفسك وأنت بالشكل ده .
أخذ يلهث براء من شدة قبـ.ضة الضابط على عنقه ، ولم يستطع إخراجه صوته ، فتراجع الضابط وأبعد يديه سريعا ليلتقط براء أنفاسه بصعوبة ثم إستطرد بداعبة :
_ طيب أنا على الأقل هزارى خفيف ، لكن أنت هزراك تقيل جوى .
فعنفه الضابط : أنت عتستعبط يلا.
_ أنت شكلك أصلا مچنون مش طبيعى .
ثم أشار إلى العسكرى ليفحص بنطاله ويخرج منه بطاقته ليتعرف على هويته .
فأخرجها ثم ناولها له ، ليصعق عندما رأى إسمه ، فهو لم يكن يعرفه شخصيا لكنه كان يسمع عنه فقط .
فاستطرد بإندهاش :
_ معقول ده !!
_ سيادة المقدم براء الجبالى ، فى موقف زى ده !!
لا حول ولا قوة الا بالله ، العلى العظيم.
_ ليه تعمل كده وتضيع نفسك وسمعتك بالشكل ده ؟
طالعه براء بذهول مرددا : أنت عرفت أسمى كيف ؟
_ بس تصور أنت شطور .
ليشير إلى نيلى : وعشان أكده يا نيلى أديله هو سـ.كر الأول .
فكور الضابط يديه بغضب وانفعل بقوله : لا أنت شكلك مش طبيعى أبدا واكيد بتتعاطى حاجة .
_ لا حول ولا قوة الا بالله ، لما رجل شرطة يعمل كده ، أمال الناس تعمل ايه .
_ الأمر لله من قبل ومن بعد ، مفيش فى إيدى للأسف غير إنى أسلمك .
ثم أشار للقوة بالإمساك بهم وزجهم فى عربة الشرطة .
ليأتى سامح ذلك الصحفى المغمور فى تلك اللحظة ، ويقوم بتصويره فى هذا الوضع المخزى .
فاستوقفه الضابط بوضع يده على كتفه قائلا بحدة : أنت بتعمل ايه هنا ؟
_ ومين أنت ولا تكونش واحد منهم ؟
فحرك سامح بنفى : لا يا باشا أنا صحفى وبالصدفة كنت معدى لقيت ناس متجمعة وبيشاروا على الشقة ، فقولت أكيد حدث مهم ، فطلعت أسترزق , قصدى اصور .
فتركه الضابط مردفا بحنق : إسترزق يا خويا على حساب سمعة الناس ، بس صراحة يستاهلوا هما اللى عملوا فى نفسهم كده .
_ ويلا لموهم على البوكس كلهم بالملايات دى ، وجمعوا هدومهم فى كيسة وبطايقهم فى كيسة .
_ وخلى اللى ما يشترى يتفرج عليهم ، عشان يكونوا عبرة بس للأسف محدش بيعتبر .
لينتهى الاقتحام والقبض على كل من تواجد فى تلك الشقة والزج بهم إلى سيارة الشرطة .
ثم لم تمر دقائق معدودة وربما لم ينتظر سامح نزول السلم للأسفل ، بل أمسك بهاتفه وكتب عنوانه المثير للقارئ
_ ( القبض على رجل شرطة فى شقة منافـ.ية للأداب ) .
وكتب تحت العنوان.
تم القبض على رجل شرطة مع فتاة ليل .
وحنث بالقسم وباع نفسه من أجل رغـبة عابرة و يدعى (ب،م ) واكتفى بكتابة الحرف الاول والثانى من اسمه.
ثم استخرج من المعرض ، صورة براء مع نيلى ،ليضغط بعد ذلك على كلمة نشر لينزل الخبر فى الحال على صفحة الجريدة ، بجانب عمل مشاركة على صفحته الشخصية .
لينتشر الخبر سريعا عبر منصات التواصل الاجتماعى كسرعة إنتشار النار فى الهشيم ، بجانب عدة مشاركات من قبل الناس من أجل زيادة التفاعل عندهم لا أكثر .
حتى ظهر الخبر أمام فريد ، فضحك بسعادة وناول هاتفه لـ مرام ، فأغمضت عينيها وأشاحت بيدها الهاتف مرددة بحزن : كفاية خلاص معدتش قادرة أشوفه كده .
ليلتفت إليها فريد بكل جسده وطالعها بعمق للحظات ثم إستطرد : إيه الجميل شكله حن ولا ايه ؟
معقول تكونى زعلانة عليه ، مش ده كان إتفقنا !!
_ وكنتى مستنية التنفيذ بفارغ الصبر .
– ولا يكونش أنا مش مالى نظرك .
لتخرج مرام زفيرا حارا وتجيبه : لا إزاى!!
أنا فعلا كنت مستنية اليوم اللى أتشفى فيه واخد بتـ.ارى منه .
وأهو جه.
_ بس أنا خلاص معدتش عايزة أشوف خلقته .
وخلاص بعد ما أخدت بـتـ.ارى منه مبقاش يهمنى فى حاجة .
وعايزة أنساه خالص وأفوق لنفسى وأعيش حياتى .
فصاح فريد وحرك ذراعيه فى الهواء بمرح : هو ده الكلام يا موزتى ، نفوق بقا ونشوف شغلنا على مية بيضة .
_ ودلوقتى فكرينى إحنا كنا بنعمل ايه قبل ما نكلم فى سيرة اللى ما يتسمى ده .
لتضحك مرام ضحكة ألم ممزوجة بقهر وتستسـ..لم له من جديد .
وعندما إنتهى الأمر حدثته مرام بدلال : بتحبنى قد كده يا فيرى ؟
ليداعب فريد خصلات شعرها بحنو مجيبا : أنتِ محتاجة تسئلى ، مش حاسه بيه ولا إيه ؟
مرام : بس كنت محتاجة أسمع منك .
ثم أعتدلت ونظرت فى عينيه ورمشت بأهدابها كثيرا حتى سألته : تجوزنى يا فريد !
للحظة فريد صمت من المفاجأة ، وفتح فاه مجيبا : بتقولى ايه ؟
*******
غريبة هي الأيام، عندما نملك السعادة ولا نشعر بها ونعتقد أنّنا من التعساء، ولكن ما إن تغادرنا تلك السعادة التي لم نقدرها حق قدرها احتجاجاً، حتّى تعلن التعاسة عن وجودها الفعلي فنعلم أنّ الألم هو القاعدة وما عداها هو الشذوذ عن القاعدة، ونندم ساعة لا يفيد الندم على ما أضعنا وما فقدنا.
إنعزلت بانة فى غرفتها بعد أن أجبرتها والدتها على على ذلك ولكى تتجنب نظرات الشفقة ممن حولها بعد أن طُلقت .
لتجلس أمام المرآة تصفف شعرها الذى إنسدل كالحرير إلى أسفل ظهرها .
ثم أخذت تطالع ملامحها بكبر مرددة : مش خسارة الحلاوة دى كلاتها تتحبس أكده .
لا انا لزمن أخرج للدنيا واشتغل بشهادتى ، ده أنا خريجة فنون جميلة .
_ ومش هسكت على حالى ده ، يمكن أقابل حد صوح يفهمنى ويحبنى وأحبه .
_ يعنى الدنيا كانت هتقف على جابر ، مفيش غيره اياك !
لتنتفض فجأة بذعر من مكانها عندما فتحت زهيرة الباب بقوة وولجت إليها وطالعتها بنظرات حادة وقد تلون وجهها بالحمرة من شدة الغضب وكانت كالقـ.نبلة التى تستعد للإنفجار لتطلق بعد ذلك صريخ هادر فى وجهها قائلة بمرارة :
_ الراچل اللى إفتريتى عليه وجولتى عليه مچرم يا ست هانم واطلجتى منيه غصب ، وطلعتى جليلة الأصل عشان موجفتيش چمبه فى محنته .
أهو طلع برىء منيها وهيطلع بكرة بزفة من القسم .
فابتلعت بانة غصة أجتاحت حلقها واتسعت عينيها من الصدمة مردفة : برىء !!
زهيرة بتأكيد : ايوه برىء يا عين أمك ، واشربى بجا وابجى شوفى مين يعبرك ولا يحبك ويحترمك زييه .
_ وهو بكرة ياخد ست ستك وتتنعم فى حبه وأخلاجه .
فخرجت بانة عن صدمتها لتكابر بإنفعال : لا جابر بيحبنى وهتشوفى هيطلع من السجن عليه ، عشان أكيد أتوحشته جوى أنا وابنه .
_وساعتها هفكر أنا أرجع ليه ولا مرجعش .
فضحكت زهيرة ساخرة : عشم إبليس فى الجنة يا بتى .
_ وخلاص أكده العصفور طار من عشه وما صدج شاف الحرية ، ويستحيل يرچع تانى .
وأنتِ اللى طيرتيه بنفسك ولا تلومى إلا نفسك .
ثم طلعتها بسخط مستطردة : ربى ولدك يا بانة .
_ بس يا خوفى ألا يطلع زييكى ، كان نفسى أبوه اللى يربيه ويطلع كيفه بسم الله ماشاءالله.
بس النصيب غلاب .
ثم إستدارت وهى تتنفس بمرارة شديدة لما فعلته إبنتها فى حق نفسها ، وغادرت وتركتها متجمدة مكانها ، خوفا من أن يكون حديثها صحيح ولا يأتى جابر .
وحدثت نفسها : معقول أكده خلاص ، جابر راح منى .
ثم حركت رأسها بنفى : لا اكيد هيرچع ،هو عيحبنى وعيسامح ، أنا خابرة .
_ تعال يا چابر وخيل ظنونهم ومش تشمتهم فيه .
فهل سيعود ؟
*****
إمتثل جاسر أمام محمود فى قسم الشرطة .
حاول فى البداية التماسك قائلا بجمود : انا مش خابر چيبنى ليه ، أنا عملت ايه ؟
_ انا واحد طول عمرى ماشى چمب الحيط ولا ليه فى حاچة واصل ؟
فتسبب حديثه فى قهقهة محمود الذى قال ساخرا : أيوه ، أنت هتقولى .
_ من الحـ.شيش للبيت ومن البيت للحـ.شيش دوغرى .
ومش الحشـ.يش بس ، ده أخواته كمان معاه .
فأشار جاسر على نفسه بيده : أنا يا باشاااا ، ده أنا غلبان !
فضرب محمود على المكتب بيده ثم وقف غاضبا وصاح : ايوه يا روح أمك ، أنت ولا هتستهبل .
_ أنا مش عارف جنسك إيه بالظبط ، أكيد شيطان صغير زى أبوك ، وحتى أخوك مسلمش منك .
_ ومش عارف ليه بتعمل كده معاه ، مع أنه عمره ما أذاك فى حاجة بالعكس كان أحن الناس عليك .
فاخفض جاسر رأسه خجلا ثم رفعها وتكبر : وأنا مالى بيه أنا اللى جولتله تاجر فى الصنف هو حر .
محمود بضحك : أنت بتعمل زى المثل اللى بيقول ، يـ.قتلوا القتـ.يل ويمشوا فى جنازته .
_ ياااه قد إيه أنت طلعت خسيس ومش عندك ريحة الدم .
أنت فعلا مش إنسان ، أنت شيطان .
فحاول جاسر الدفاع عن نفسه واصطنع الحزن : لا أكده كتير يا باشا ، وده زولم .
فضحك محمود ساخرا مرددا : زولم اه ، يا حنين .
_ ليفتح محمود هاتفه على ذلك الفيديو الذى يثبت إدانته وبراءة جابر .
ليستطرد : بص كده الفيديو ده هيعجبك أوى .
ليتجمد جاسر عن رؤيته لنفسه فى الفيديو وجحظت عينيه خوفا بعد أن أكتشف أمره .
محمود بعد أن ضيق عينيه : ها ايه رأيك لسه هتنكر برده ؟
فحدث جاسر نفسه : أنا خلاص كده ضعت ، منك لله يا بت يا حسنية ، أنتِ السبب .
_ انا كنت ماشى فى جمب الحيط ، أنتِ اللى رجعتينى السكة الهباب دى .
_ واهو النتيجة روحت فى داهية بدرى بدرى ، حتى ملحجتش أعيش حياتى شوية زى أبوى .
فبكى جاسر وخارت قواه وتراجع للوراء حتى كاد يسقط ، فأمر محمود العسكرى أن يلحق به قبل أن يسقط .
وعندما أمسك به قال بوهن : أيوه أنا اللى عملت أكده باشا وغلطت فى حق نفسى ، قبل ما أغلط فى حق أخوى .
_ ومتعلمتش الدرس من ابوى ، إن الحرام مهيدومش وأخرته أكده .
ثم صاح بقهر : إعدمونى يا باشا ، أنا أستحق الإعدام ، عشان نفسى ردية ، وأخاف لما أخرج من إهنه تانى أرجع ، فاعدمونى عشان أريحكم منى .
شعر محمود بالشفقة عليه لوهلة ولكن عاتب نفسه سريعا بقوله : أنت برده هيغرك دموع التماسيح دى ، دى تمثيلية أكيد .
ليستطرد قائلا : غالى والطلب رخيص .
لتجحظ عين جاسر خوفا وينقبض قلبه وفتح فاه قائلا : عتعدمونى يا باشا ، ده انا لسه حتى مدوجتش من حلة المحشى اللى عملتها البت حسنية اللى منها لله .
فضحك محمود ، ثم وجد العسكرى يدخل بصحبة جابر .
ليزرق وجه جاسر كأنه مشرف على الموت من شدة خجله مما فعله مع أخوه الذى لم يجد منه سوى كل إحسان ولم يبادله هو سوى بالخذلان .
فتقابلت عين جابر مع عينيه فى نظرة مليئة بالعتاب ، فأخفض جاسر عينيه ليهرب من نظراته تلك .
ليجد جابر ينهره بقوله : ليه يا ولد ابوى تعمل أكده فيه وفى نفسك ، ليه ؟
_ انا محوشتش عنك حاچة ابدا ، وكانت مهيتك كأنك أكبر موظف فى البلد ، كنت عملك شريك ليه مش موظف عندى .
_ ولو كنت چيت وجولتلى عايز محتاج فلوس تانى كنت عديك .
_ ومش بس أكده ، ده أنا كنت مستعد أفديك بدمى ، بس تعيش أنت مرتاح .
_ فليه تعمل أكده ، ليه ؟
_ هان عليك نفسك وهان عليك أخوك .
فبكى جاسر حتى احمر وجهه وسمعوا لصدره زئيرا من شدة البكاء حتى صاح بقهر : أنا غلطان يا اخوى ، سامحنى .
_ غلبتنى نفسى والشيطان مسبنيش لحالى ، واهو خدت چزائى .
_ فسامحنى وأوعدك المرة دى توبة ومعدتش أبدا أمد يدى لحاچة حرام بس سامحنى أنت الأول ، أهم عندى من كل حاچة .
فبكى جابر على بكاؤه ، واقترب منه وأفرد له ذراعيه ، ليعانقه جابر بنفس صافيه كقلبه وهمس له : مسمحك يا اخوى ، مسمحك حتى لو حطيت السكين على رجبتى .
_خابر ليه ؟
فابتعد عنه جاسر وتطلع له بإندهاش .
ليستطرد جابر : عشان أنت اخوى ومن لحمى ودمى ، حتة منى ومن روحى ومهما حصل جلبى عمره ما يجسى عليك ابدا .
فزفر جاسر بقهر مجيبا : ياريتك كنت شتمتنى ولا ضربتنى يا جابر كان أهون عليه من كلامك اللى كتلنى ده .
_ لانى مستحجش حبك ده يا ولد أبوى .
جابر : لا يا جاسر ، انت مش وحش للدرجاتى ، لساك فيك حتة حلوة ، ويمكن السجن المرة دى يكون علام ليك وعشان تجعد تفكر فى حالك وتعرف أن الدنيا ولا حاچة .
فاومىء جاسر برأسه مؤكدا : صوح يا اخوى .
عنديك حق ، أنا فعلا محتاچ أتربى ، عشان أعرف إن الله حق .
وأقدر النعمة اللى كنت فيها وراحت منى بغبائى .
ثم أجهش بالبكاء وقال بنحيب : سامحنى يا اخوى ، سامحنى .
فتألم جابر لبكاؤه ، ووضع يده على كتفه قائلا : مسامحك يا ولد أبوى .
**********
توجه زرارة ليفعل كل ما املاه عليه الماكر حمدى ، وظل طوال الطريق يردد فى ذهنه المطلوب كطفل صغير ، يخشى أن ينسى ما طلبت منه أمه .
زرارة محدثا نفسه : هو جال اشترى اللعبة من المحل وأحطها فى كيس أسود كيف عمله الردى ، واتنيل زى الأهبل وتقع منى فى الشارع وأهملها واستخبى كيف العيال .
_ عشان يچى الزفت الجطران شلاطة الملطش يشوفها ويصرخ كيف العيال ، عشان يتجمع عليه الناس .
وبعدين رضوان يطلع يخدر مسالم وانا أخش للمهلبية اللى چوه واخدرها واخد بوسه أكده تصبيرة عقبال ما نرچع ومكمل وكل .
_ ايوه تمام أكده ، مش ناسى حاچة يا زرارة !
_ لا مش ناسى ، بس هو جال أشترى ايه ؟
ليتذكر بعدها حين وصل إلى محل الألعاب واشترى قن*بلة بحجم كبير حتى يظن الرائى أنها حقيقية .
ثم توجه بها إلى الشارع التى تقطن به قمر وتركها فى مقدمته ، ليشير بعد ذلك للذى يقف عند محل البقالة بعينيه كى ينفذ ما حدثه به حمدى .
ليحاسب صاحب المحل على علبة السجائر ثم التفت ليغادر وعندما وجد ذلك الكيس صاح بصوت عالٍ :
_ قنب*لة , قنب*لة .
ليسرع الناس إليه ، ليستكشفوا ما فى الأمر ، ومنهم أمناء الشرطة الذين تخفوا فى زى مدنى لمراقبة اى دخيل يصل إلى قمر .
ليخرج أحدهم هاتفه ويخبر رؤساه بما حدث ، ليرسلوا على وجه السرعة خبير مفرقـ.عات .
ليستغل رضوان انشغال الناس والبلبلة التى حدثت بسبب تلك التمثيلية ، ويصعد إلى سكن قمر واتبعه زرارة .
وكانت تلك اللحظة قمر كانت تسئل مسالم عن ما يحدث فى الخارج وسر ذلك الصخب المفاجىء .
ولكن مسالم لم يهتم وقال غير مباليا : سيبك أنتِ من الناس ، وخلينا فى نفسنا عاد .
_ ودلوك أروح أحضر ليكِ لقمة تكليها.
فابتسمت قمر بعذوبة ، خفق لها قلب مسالم ،فهو كل مرة ينظر إليها كأنها اول مرة ، يخفق قلب وتلمع عينيه وتدفق الدماء فى عروقه وينتشر هرمون السعادة فى جسده .
قمر : لا خليك أنت مرتاح عاد وانا هقوم ، انا زينة الحمد لله .
وعندما جاءت لتستعد للقيام ، أسرع إليها مسالم ووضع يده على مكنبيها قائلا بحنو : والله ما انتِ جايمة ، انا هعمل كل حاچة وأنتِ عليكِ ترتاحى وبس طول ما انا جاعد معاكِ لغاية ما الغمة دى تنزاح .
لتغمض قمر عينيها بحزن مأمنة على دعائه : ياارب ، ياارب .
ليطبع قبلة حانية على جبينها ثم التفت ليذهب إلى المطبخ .
ولكنه توقف عند سماع صوت طرق على الباب .
لينظر لتلك التى اصفر وجهها فزعا ، فهى فى كل مرة أحد يطرق الباب تخاف حتى لو هو معها .
فحدث نفسه : لميتى بس عترجع عيونك كيف الأول متخفش أكده .
يارب فرجك قريب .
ليطالعها بحب ، ليبث لها الطمأنينة فى قلبها الذى هو يفتقدها ويخشى عليها أكثر مما هى تخشى على نفسها .
قائلا : معتخافيش أكده ،دى تلاجيها الدكتورة اللى جصادنا جاية تتطمن عليكِ.
ولكن قمر شعرت بغصة فى قلبها ، وتعالت نبضات قلبها وأحاطت بذراعيها صدرها ، لعلها تهدىء قليلا .
بينما توجه مسالم لفتح الباب ، ليجد رجلا أمامه لا يعرف هويته ، فانقبض قلبه هو الآخر قائلا بتمعض : انت مين وعايز ايه ؟
فابتسم رضوان بخبث قائلا : انا صبى المكوجى الچديد .
_ فيه مكوة عند حضرتك .
فحدثت مسالم بتجهم : لا مفيش ، ثم هم أن يقفل الباب .
ليجد رضوان وضع يده ليحول بينه وبين قفل الباب .
فطالعه مسالم بحدة بعد أن إمتلىء قلبه بالذعر ، وعندما جاء لينهره وصاح : أنت ….
لم يجعله رضوان يستكمل جملته وانما نثر على وجهه ذلك المخدر ، فترنح مسالم بجسده وتراجع مسالم للوراء قليلا وصاحب بخفوت : أنت عملت إيه فيه .
فضحك رضوان قائلا بسخرية : شممتك حاجة أصفرة .
ويلا نام أكده وكل رز مع الملايكة عاد .
عشان ندخل للملاك اللى چوه ونشوف حالنا .
أغمض مسالم عينيه بتثاقل وجاهد قليلا لكى يحاول الثبات وتمتم بحزن: قمممممر .
ولكنه لم يستطع الثبات أكثر من ذلك بفعل المخدر
ليسقط بعد ذلك مغشيا عليه .
ليشير رضوان إلى زرارة ، ليتبعه .
ودلفا معه للداخل يبحثان عن قمر اللى من الخوف كانت منزوية فى أحد أركان الغرفة تتمتم بخفوت :مسالم غبت عليه ليه ؟
_ تعال عشان هموت من الخوف وطمن جلبى .
_ أستر يارب ، انا مش سامعة حسه ليه .
_ انا جلبى مش مطمن ، لتحاوط بيديها بطنها خوفا .
وتحدث ابنتها : أبوكِ خرج يشوف الباب ومرجعش ، يا خوفى عليه وعليكِ يا بتى .
لتجد فجأة من يقتحم عليها الغرفة، فسقط قلبها خوفا ، وازرق وجهها وارتجفت أوصالها وصرخت :مسااااااااالم .
أنت فين يا مسالم ؟؟
وضاعت قمر 😭😭
فما سيحدث لتلك المسكينة ؟؟
وهل تلك نهايتها ؟
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية أولاد الجبالي الجزء الثالث)