روايات

رواية أنا لها شمس الفصل الثالث والأربعون 43 بقلم روز أمين

رواية أنا لها شمس الفصل الثالث والأربعون 43 بقلم روز أمين

رواية أنا لها شمس الجزء الثالث والأربعون

رواية أنا لها شمس البارت الثالث والأربعون

أنا لها شمس
أنا لها شمس

رواية أنا لها شمس الحلقة الثالثة والأربعون

دقت الساعة الخامسة والنصف صباحًا، بالكاد شق ضوء الصباح ليزيل عتمة الليل الغامق وينثر نور الصباح على الأرض،خرجت من منزلها ترفع قامتها لأعلى بكبرياءٍ بعدما أوفت بعهدها وزُفت إليها البشرة التي انتظرتها منذ أن تلقت صدمة خبر مقـ.ـتل زوجها،يجاورها نجليها حاملين سلاحيهما ليتوجها صوب منزل الحاج محمد ناصف،وقفت أمام المنزل لتدق الباب بقوة وثبات والسعادة تعلو ثغرها، فتحت العاملة الباب لتنطق السيدة أزهار بصوتٍ مرتفع:
-إندهي لي الحاج محمد وإجلال
-البيت كله لسة نايم يا ست أزهار…قالتها العاملة وهي تطالعها باستغراب لتهتف الأخرى بصوتٍ يملؤه الحماس:
-النايم يصحي
لتستدير لنجليها وهي تشير إليهما وتعطي لهما إشارة البدأ:
-زفوا البشارة وعرفوا البلد كلها إن ولاد الحاج هارون خدوا بتاره
إنطلق صوت إطلاق الأعيرة النارية لتفزع تلك التي تجلس فوق تختها في الحجرة التي خصصها لها شقيقها محمد تبكي وتنتحب غير مستوعبة ما حدث لزوجها وأنجالها،قفزت من فوق الفراش وهرولت للخارج كـ جميع سكان المنزل الذين فزعوا من نومهم على إثر صوت الطلقات المتتالية بكثرة،خرج محمد ليجد أزهار تلف عباءة زوجها المغدور حول كتفيها بفخرٍ لتتحدث بنبراتٍ تقفزُ من بينهم السعادة:
-إبعت هات ولاد إعمامك وإنصبوا صوان العزا يا حاج محمد،النهاردة بس ولاد الحاج هارون هيرفعوا راسهم في وسط البلد وياخدوا عزا أبوهم
ضيق بين عينيه لينطق بعدم استيعاب:
-إيه اللي حصل يا أزهار؟!
وجدت إجلال تهرول عليهما لتجاور شقيقها فابتسمت بشدة بينت صفي أسنانها لرؤيتها لانكسار تلك الجبروت حيث ظهر الحزن جليًا على ملامحها وجفنيها المنتفخين ووجهها الذابل لتنطق من بين أسنانها بتشفي وهي ترمق من كانت السبب الرئيسي في موت زوجها:
-وعدتك ووفيت يا إجلال،أينعم الدفنة مكانتش واحدة، بس مش مهم،الفرق كله ليلة
تزلزل كيانها وتملك الرعب من قلبها وعلى الفور شعرت بنغزة قوية تقتحم منتصف صدرها لتهتف مستفسرة بصوتٍ مرتجف خشيةٍ تصديق الأخرى على حِثها:
– قصدك إيه يا عقربة؟!
إقتربت الأخرى عليها لتقترب حتى لفحت أنفاسها الحارة المليئة بالحقد وجنة الأخرى:
-البقية في حياتك في الكلب نصر، روحة النجسة راحت للي خالقها
إتسعت أعين الحاج محمد ليردد بذهول منبهرًا بقوة تلك المرأة الشجاعة التي إقتصت لزوجها بكل قوة وشجاعة:
-خدتي بـ تارك يا أزهار؟!
إبتعدت قليلاً لتجيبه بفخر:
-وريحت جوزي في تربته يا حاج محمد،جهزوا صوان العزا
لتكمل بسخرية وهي تطالع تلك المكسورة التي تجبرت على الجميع من ذي قبل:
-الحاج هارون هيتعمل له أحسن صوان عزا متعملش لمأمور المركز السابق بذات نفسه
لتتابع بشماتة وقهرة قلب زوجة فقدت سندها وزوجها الحبيب:
-والكلب اللي غدر بيه هيندفن من سكات،مفيش مخلوق سواء من البلد ولا براها هيمشي في جنازته
استفاقت وعادت لوعيها لتهجم عليها كما الأسد الجائع وهي تقبض بكفيها حول عنقها بقوة وتجذبها لداخل المنزل لتصرخ بصوتٍ مرعب كزئيرُ الأسد من يستمع له يعتقد أنها ستحرق الأخضر واليابس وكل ما يطالها:
-قتلتي نصر يا بنت الـ…،أنا بقى اللي بوعدك إن دفنتك هتكون قبل دفنة جوزي
هرولت زوجة شقيقها “شريفة” لتجذبها بقوة من بين يديها وهي تقول بحدة:
-سبيها يا مجنونة، الست هتموت في إيدك
إزدادت ضغطت قبضتيها بقوة أكبر لتشهق المرأة التي تحولت عينيها بلون الدم وكادت أن تزهق روحها وهي تهتف بغلٍ لتُبعد زوجة شقيقها:
-إبعدي أحسن لك يا شريفة وبلاش تكسبي عداوتي
هرول محمد ليفك قبضة تلك المتجبرة وينقذ أزهار التي سعلت بشدة لتهتف شريفة زوجة محمد وهي تشير لزوجة نجلها:
-هاتي كباية ماية لعمتك أزهار بسرعة يا آية
هرولت تلك الـ آية لتجلب كوبًا من الماء فاختطفته شريفة لتتحدث بلهفة واهتمام وهي تقربه من فم أزهار لترتشف منه القليل:
-إشربي لك بق ماية وخدي نفسك يا أزهار
كانت تتطلع على زوجة شقيقها وهي تُكرم قاتلة زوجها وتهتم بها دون أدنى إحترام لمشاعرها أو خوفًا منها كالسابق،اشتعل جسدها نارًا وباتت عروقها تنفر ولولا شقيقها الذي يقيدها بذراعيه ويشل حركتها لكانت انقضت عليها لتنهي حياتها،رفعت أزهار عينيها المشتعلة لتتقابل مع خاصتاي إجلال المستعيرة لتنطق الأخيرة بحدة من بين أسنانها مما يدل على مدى ما يسكن قلبها من غضبٍ عارم:
-مش هسيبك يا أزهار،هدفعك التمن غالي،وروحك مش هتكفيني علشان انتقم لنصر
وإلى هُنا لم يعد يتحمل شقيقها تجبرها أكثر فقد طفح الكيلُ وأمتلئ لذروته،دفعها بقوة ترنحت على إثرها حتى أنها كادت أن تسقط أرضًا لولا قوة بنيانها،رفعت عينيها تتطلع عليه ليهتف هو بعينين تقطرُ غضبًا وكُرهًا:
-كفاية بقى يا شيخة،إيه الفُجر والبجاحة اللي إنتِ فيهم دي،مكفاكيش اللي حصل،بتتهجمي على واحدة خدت حق جوزها اللي اتغدر بيه من ناكر الجميل الواطي اللي مطمرش فيه خيرنا وعيشنا وملحنا
اتسعت عينيها وهي ترمقه بحدة متسائلة بذهولٍ وعدم استيعاب:
-إنتَ بتقول لي أنا الكلام ده يا حاج محمد؟!
رمقها باشمئزاز لينطق بصرامة وهو يشير بسبابته محذرًا:
-إسمعي يا بنت أبويا الكلام اللي هقوله ده وأحفظيه لأني مبحبش أعيد كلامي وإنتِ عارفة كده كويس،إسلوبك القديم اللي كنتي بتتعاملي بيه مع الكل تنسيه خالص
رفع قامته لأعلى لينطق بحدة وحسم:
-زمنك عدى وفات يا إجلال،إحنا كنا مكبرينك ومكبرين جوزك إكرامًا لأبوكِ الله يرحمه وكمان علشان ثقتنا في حكمتك وعقلك اللي ورثتيهم عن الحاج ناصف
ليكمل وهو يهز رأسه بيأسٍ:
-بس بعد اللي عملتيه وتخطيتك اللي ضيع الحاج هارون وكسر هيبتنا في البلد،ملكيش عندنا غير النومة واللقمة وأكتر من كده ماتتعشميش،وده إكرامًا لأبوكِ الله يرحمه،لولاه كنت اتصرفت معاكِ تصرف تاني بعد المصيبة اللي حطيتي العيلة كلها فيها
شاح بوجههِ للجهة الأخرى مناظرًا لزوجته تحت اتساع بؤبؤ عيني إجلال التي تستمع لكلمات شقيقها المُهينة وتشعر كأنها داخل كابوسًا يطبق على أنفاسها يكاد يخرج بروحها معهُ،هتف بقوة زلزلت المكان:
-خديها على أوضتها وإقفلي عليها بالمفتاح لحد اليومين دول ما يعدوا وهي ترجع لعقلها
واشار بإصبعيه السبابة والوسطى:
-الباب ميتفتحش إلا لسببين،أولهم صينية الأكل اللي هتدخليها لها في ميعاد كل طقة،أو دخول الحمام، ودول السببين اللي هسمح بيهم، غير كده إنتِ اللي هتتحاسبي لو كلامي ما اتنفذش بالحرف
ترك النساء وتحرك للخارج ليهنئ نجلاي هارون وتحدث بعلو صوته أمام الجمع الذي تجمع على إثر أصوات طلقات النار:
-صوان عزا الحاج هارون هيتنصب الليلة دي يا أهل البلد، وزي ما قالت الحاجة أزهار من شوية، الصوان هيتنصب لمدة تلات ليالي
واسترسل بسبابته مهددًا:
-وكلمة واحدة من اللي حصلت هنا تخرج برة البلد ولا توصل لضابط المركز إنتوا عارفين،عيلة ناصف مبتقبلش بالخاين وسطيهم
هز الجميع رؤسهم بطاعة خشيةً بطش تلك العائلة المتجبرة ليشير لهم بالإنصراف فتحرك الجميع كلٍ لوجهته، بالداخل وقفت أزهار بقوة بعدما استعادت انتظام تنفسها لتتطلع عليها بقوة منتصر وهي تقول بتشفي:
-شرك وحقدك قضوا على جوزك وشردوا لك عيالك،بإيدك خربتي بيتك بعد ما شيطانك وزك ودي كانت نهايتك اللي الناس هتتحاكى بيها لسنين قدام ويغنوها على الربابة
واسترسلت بقلبٍ يتمزق:
-ربنا عادل وميرضاش بقهرة المظلوم،وإنتي وجوزك ياما اتجبرتوا وافتريتوا وظلمتوا
كادت أن تهجم عليها فقيدتاها شريفة وآية وسحباها إلى حجرتها عنوةً عنها تحت صرخاتها المعترضة على تلك المعاملة،اوشكت على الإصابة بالجنون بعد أن وصل بها الحال إلى إهانتها مِن مَن كانوا بالماضي يخشون نظراتها ويقدمون لها فروض الولاء والطاعة كي ترضى عنهم، فمابالك بأوامرها، فسبحان الله المعز المذل.
نصب سرادق العزاء لهارون وحضرهُ جميع عائلات المركز والمأمور والضابط بذاتهما أما نصر فقدم جسده للتشريح لتبين سبب الوفاة وبعد يومين أُفرج عن جثته ليُدفن جسدهُ من قبل رجال الشرطة ولم يحضر دفنته سوى أقرب الأقربون إليه،وقيدت القضية ضد مجهول لعدم ثبوت أو وجود أدلة للبحث عن الجاني.
*************
بعد مرور سبعة أيامٍ
داخل منزل علام زين الدين،كانت داخل غرفتها تعيد ترتيب خزانة ملابسها،فمنذ ذاك اليوم وهي لم تخرج منها سوى لمساعدة العاملات بالمطبخ وتعود لها مرةً أخرى كي لا تتواجه مع ذاك القاسي،استمعت لطرقاتٍ فوق الباب فسمحت للطارق لتلچ إيثار بابتسامتها المعهودة وهي تقول:
-قاعدة لوحدك ليه؟
رفعت كتفيها لأعلى لتقول بلامبالاة:
-كده أحسن للكل،أوضتي أولى بي،واهو على الأقل مش هتسبب لك في مشاكل مع جوزك
إقتربت عليها لتمسك كتفها بلمساتٍ حنونة وهي تقول:
-وأهون عليكِ تسبيني وأنا في عز شهور وحمي وتعبانة،دي حتى القهوة الدكتورة منعاني منها
واسترسلت بابتسامة مداعبة:
-شفتي المأساة اللي أنا فيها،يعني حياتي أصبحت بلا قهوة وبلا عزة،والله حرام اللي بيحصل فيا ده
رمقتها من قمة رأسها لأخمص قدميها لتقول وهي تلوي فاهها بطريقة تهكمية:
-كفاية عليكِ يا اختي سيادة المستشار يمزج لك دماغك
ابتسمت بشدة على كلمات تلك العفوية لتنطق في محاولة لمراضاتها:
-ما أنتِ بردوا غلطتي يا عزة،معقولة تعملي حركة زي دي وإنتِ أكتر واحدة عارفة شر المؤذي اللي إسمه عمرو
رمقتها لتنطق بعينين لائمتين:
-هو أنتِ كمان هتقعدي تقطمي فيا زي جوزك؟
نطقت مبررة:
-أنا أكيد مقصدش وإنتِ عارفة غلاوتك عندي قد إيه
-أيوا مهي غلاوتي بانت…قالتها وهي تنظر للأسفل لتتهرب وتعود إلى ترتيب الخزانة وهي تتابع:
-على العموم أنا مبلومش عليكِ،ده جوزك ومينفعش تقفي في وشه علشاني
أجابتها بجدية:
-عزة بلاش تكبري الموضوع،أنا كام مرة شرحت لك ليه موقف فؤاد كان حاد معاكِ بالطريقة دي،وقولت لك ظروف عمرو وأهله
تنفست عزة بهدوء،هي تعلم أنها ارتكبت خطًأ فادحًا لا يغتفر ولو شخصًا غير فؤاد ما ترك القصة تمر مرور الكرام ولكان عاقبها بشدة،لكنها حزينة وعاتبة عليه من قساوة حديثه الحاد ومعاملته القاسية،فقد عاشت مع إيثار مرفوعة الرأس وكرامتها مصانة،لكنها بذاك اليوم بالتحديد شعرت بهدر كرامتها بالاخص بعدما منعها من دخول غرفة الصغير ومكوثها بغرفتها بالطابق الأرضي،نطقت بهدوء ونبرة مكسورة:
-حصل خير يا إيثار،سيبك مني وإطلعي شوفي جوزك وابنك
علمت أنها لم ولن تعود كالسابق إلى أن يقدم لها ذاك الصارم إعتذارًا واضحًا عما بدر منه من إهانة بحقها،هي باتت تحفظها عن ظهر قلب،تنهدت باستسلام لتتركها وتعود للخارج لتسأل والدة زوجها الواقفة بوسط البهو تتحدث مع مديرة المنزل السيدة”سعاد”:
-هو فؤاد فين يا ماما؟
أشارت لها صوب حجرة المكتب لتنطق بصوتٍ هادئ:
-جوه في المكتب يا حبيبتي
كادت أن تتحرك لولا صوت سعاد الذي جعلها تتوقف لتستمع إليها وهي تقول:
-أنا جهزت لحضرتك التونة اللي الدكتورة عصمت بلغتني بيها يا هانم
تعمقت بالنظر لها تحاول فهم مقصدها لتتابع الأخرى كما الألة الإلكترونية المبرمجة على الحديث:
-وهي جاهزة لو تحبي تاكلي منها النهاردة على العشا
توجهت بالنظر إلى عصمت التي فسرت حديث سعاد:
-أنا قولت لسعاد تعمل لك تونة هنا في البيت،مضمونة بسمك طازة ونضيف،وخليتها تحط لها توابل وفلفل حراق علشان تطعمها لك
-بس أنا مقولتش لحضرتك إني عاوزة تونة…قالتها بجدية لتنطق بحدة خرجت عنوةً عنها لممانعة الجميع لتنفيذ رغبتها بما تشتهيه نفسها:
-أنا نفسي في ملوحة وفسيخ،اظن طلبي مش صعب للدرجة دي
تنهدت عصمت لتشير برأسها إلى تلك اللبيبة التى ذهبت في الحال،تنهدت لتنطق وهي تحتوي كفاي زوجة نجلها بعدما امتصت حزنها من لهجة تلك الغاضبة الحادة ورجحت حدتها لتغيير هرمونات الحمل مع الظغط النفسي والهلع الذي أصابها منذ أن علمت بوجود التوأم وهذا يحدث أحيانًا لبعض السيدات اللواتي يفزعن عند علمهن بحملهن بزوجين من الأطفال،هكذا أخبرتهم الطبيبة لاستيعاب تغييراتها الطارئة:
-أنا عارفة اللي نِفسك طلباه كويس يا إيثار،وحقيقي كان نفسي أجيب لك الفسيخ وتاكليه، بس لما كلمت الدكتورة وبلغتها حذرتني جداً من خطورة الموضوع على الأجنة
ابتسمت لتمد كف يدها تمسد به على وجنتها بحنوٍ في محاولة لامتصاص حالة الغضب تلك إمتثالاً لأوامر الطبيبة:
-وأظن إنتِ أكتر واحدة فينا خايفة على الأولاد
لا تعلم لما تشعر بكل تلك السكينة أثناء حديثها مع تلك السيدة الراقية بكل مرة تتناقشتان فيها،ابتسمت وتنهدت بهدوء لتقول بأسى:
-أنا أسفة يا ماما إني إحتديت شوية في الكلام،بس صدقيني غصب عني،معرفش ليه مودي متغير ومبقتش بتحمل اللي كنت بتحمله زمان
أجابتها تلك الرزينة:
-كل ده من تغيير الهرمونات يا حبيبتي،إن شاءالله بعد الولادة كل ده هيتغير وهترجعي لطبيعتك وأحسن كمان
-إن شاءالله يا ماما،بعد إذن حضرتك…نطقت كلماتها وانطلقت نحو باب المطبخ لتطلب من العاملات أن يصنعن كوبًا من القهوة لزوجها كي تتوجه به نحو حجرة المكتب لتدق الباب ثم يأتيها صوتهُ الجهوري لتفتح الباب وتطل عليه كـ قمرٍ منيرًا أضاء حياته،تحدثت بابتسامة سعيدة كي تجذب انتباه ذاك المنكب على أوراقه بتركيزٍ شديد:
-ممكن أخد شوية من وقت سيادة المستشار
رفع رأسه لينظر إليها من خلف نظارته نظارته الطبية الحافظة للنظر،شقت إبتسامة واسعة ثغره لينطق بتهليلٍ وترحاب وهو يخلع عنه نظارته ويضعها بعلبتها:
-إيثار هانم زين الدين جايبة لي القهوة بنفسها
هم بالوقوف لتشير له بألا يفعل لتقول:
-خليك مكانك أنا جاية لك
جلس من جديد لتقترب منه وقالت وهي تقوم بوضع ما بيديها جانبًا فوق المكتب الخشبي:
-أنا قولت أجيب لحبيبي فنجان قهوة يظبط له المزاج علشان يعرف يركز في شغله كويس
-تسلم لي حبيبة حبيبها اللي حاسة بجوزها ومزاجه…قالها وهو يستدير بمقعده المتحرك بنصف زاوية ويشير على فخده كي تتحرك وتحتله تلك العاشقة،إرخت جسدها لتجلس براحة فوق ساقيه لتميل بوجهها وتقوم بوضع قبلة حنون فوق شفتيه قبل أن تنطق بصوتٍ هائم:
-بحبك
نطق بنبرة رجل عاشق بعدما بادلها قُبلتها السريعة:
-وأنا بعشقك يا عمري
تناولت قدح القهوة لتقربه منه وهي تقول باهتمامٍ واضح:
-إشرب قهوتك قبل ما تبرد يا حبيبي
هز رأسه برفض فهو يريد دلال أنثاه لينطق:
-عاوزة أشربها من إيد حبيبي
ضحكت بدلال لتقول وهي تقربها من فمه:
-بس كده،فؤادي يؤمر
ارتشف البعض منها ليغمض عينيه مستمتعًا بمذاقها اللذيذ وبات يحرك رأسهُ مما يدل على تلذذه،فتح عينيه ليقول بعينين بالغرامِ ناطقة:
-أحلا قهوة دوقتها في عمري كله
ابتسمت لتجيبه:
-بألف هنا يا حبيبي
قربت الفنجان من فمه ليرتشف بعضها بتلذُذٍ وتأثر بدى على وجهه ليسألها بجبينٍ مقطب:
-إنتِ اللي عاملة القهوة؟
تؤ…أجابته نافية ليرفع حاجبه باستغراب وهو يقول:
-أمال إيه السبب إن طعمها أحلى؟!
مطت شفتيها متعجبة لتنطق بملاطفة:
-ميمشيش معاك إني طلبتها لك وجبتها لحد هنا وكمان بشربها لك بإيدي، كل دي مش أسباب كافية تخلي طعم أي حاجة أحلا؟!
لف ذراعيه حول خصرها لينطق بدلالٍ واستمتاع:
-كل حاجة في وجودك وبلمستك غير وأحلا يا قلبي
ثم كرر عليها السؤال بطريقة جدية:
-بس بجد مش إنتِ اللي عملاها؟
أجابته وعينيها تطالع خاصتيه بحنانٍ:
-كنت أتمنى،بس للأسف، القهوة من إيدي حرفيًا ماتتشربش
قالت الأخيرة لتطلق ضحكاتها وهي تتابع:
-في مرة عزة كانت مسافرة البلد عند أخوها،واضطريت أعمل فنجان قهوة لنفسي لأني كنت مصدعة وكان عندي شغل كتير لازم يخلص
كان يستمع إليها باهتمام عاشقًا بكل تفاصيل من ملكت القلب وتحكمت ليسألها بشغفٍ لمعرفة تفاصيلها:
-وبعدين؟
رفعت كتفيها لأعلى وتحدثت:
-مفيش،حسيت إن الحوض مصدع أكتر مني فتنازلت له عنها
ضحك حد القهقهة،تعمقت بعينيه قبل أن تقول بترقبٍ:
-عاوزة أتكلم معاك في موضوع مهم
-مستنيه من بدري…قالها بدهاء لتتسع عينيها وهي تسألهُ بجدية:
-للدرجة دي باين عليا؟!
أشار بكفه نحو كوب القهوة الموضوع جانبًا:
-باين للأعمى من الإهتمام المبالغ فيه واللي على غير العادة
نطقت بحدة وهي ترمقه بضيقٍ:
-بطل سخافة يا فؤاد وبلاش تحسسني إني مهملة فيك
تحركت فوق ساقيه استعدادًا للنهوض ليجبرها على عدم الحركة وهو يقول:
-بطلي إنتِ الجنان والحساسية اللي بقيتي فيها دي
واسترسل محفزًا بابتسامة وهو يداعب أرنبة أنفها بخاصته:
-يلا قولي وكلي أذانٌ صاغية
أخذت نفسًا عميقًا وكأنها تعلم أنها مقبلة على مناقشة حادة لتنطق بنظراتٍ مترجية:
-عوزاك تصالح عزة
ضيق بين عينيه ليسألها مستنكرًا:
-عوزاني أنا اللي اصالحها،ليه هو اللي كل مرة بعمل مصيبة أكبر من اللي قبلها وأبوظ الدنيا بغبائي واستهتاري؟!
نطقت بدلال كي تستجدي موافقته:
-يا حبيبي عزة متأثرة قوي باللي حصل ومن يومها وهي يعتبر حابسة نفسها في أوضتها ومبقتش بتخرج منها
قطب جبينه ليسألها باقتضاب:
-وإيه المطلوب؟!
-تروح تصالحها…قالتها بعفوية لينطق بصوتٍ صارم:
-بس إنتِ كده بتدمري قوانين الدكتورة عصمت اللي وضعتها لنظام البيت من سنين يا إيثار
ليسترسل بجبينٍ مقطب:
-عوزاني أروح أعتذر لواحدة شغالة عندي وياريتني غلطت فيها،لا دي هي اللي عاملة كارثة وبدل ما تتعاقب تتقدر وصاحب البيت يروح لحد عندها ويعتذر
واستطرد ساخرًا من طلبها:
-مش عوزاني بالمرة أتصل بسعاد وأبلغها تجمع لي العمال كلهم علشان الإعتذار يكون مُرضي لعزة هانم؟!
شعرت بالإهانة والتقليل من طلبها وعلى الفور هبت واقفة لتدور للجهة الأخرى حتى وقفت بمقابل مقعده ليفصل بينهما المكتب،تطلعت عليه لتنطق بكبرياء:
-بس عزة مش شغالة عندكم يا فؤاد،أنا لحد وقت قريب كنت بدفع لها مرتبها من مالي الخاص لولا تدخل بابا اللي قال لي عيب ده يحصل في وجودي،وإكرامًا لبابا وغلاوته عندي كان لا يمكن أوافق أبدًا علشان ما احرجهاش
واسترسلت بحزمٍ تحت نظرات زوجها المبهمة والمسلطة عليها وهو يحرك مقعده بطريقة استفزتها:
-عزة بالنسبة لي عمرها ما كانت مجرد ست بتساعدني وبتاخد بالها من إبني يا فؤاد،دي اللي ربنا عوضني بيها عن قسوة أيامي
تنفس ليقف وتحرك إلى أن وصل إلى مكانها وقابلها الوقوف ليقول:
-خلاص متزعليش،أنا كل اللي بعمله ده من باب الضغط عليها علشان متكررش غلطها تاني وتاخد بالها من تضرفاتها بعد كده
تنهد لينطق:
-وعلى فكرة،أنا كمان بعزها ومستجدعها جدًا من اليوم اللي جت لي فيه النيابة علشان أروح لك البلد وأجيبك من بيت باباكِ، بس ده ميمنعش إننا نعترف إنها غلطت وإن لازم يكون فيه عقاب رادع يخلي الشخص يتعلم من أخطائه وياخد باله بعد كده
تطلعت عليه ليتابع بأسف وهو يداعب وجنتها بأصابعه:
-خلاص بقى متزعليش
نطقت بنبرة متأثرة:
-أقول لك على سر، فاكر اليوم اللي عزمتني فيه على العشا علشان تطلب إيدي
تنهدت بألم عندما تذكرت مرارة ذاك اليوم وبشاعته لتتابع شارحة:
-إنهارت وقتها وأنا راجعة بالعربية،لما وصلت البيت مكنتش شايفة قدامي من كتر الدموع،ساعة ما دخلت ولقيتها قدامي جريت عليا واترميت في حضنها وقولت لها ضميني يا عزة،حضنها هو اللي لملم شتاتي وقتها
نزلت كلماتها كخنجرٍ مسمومٍ على قلبه العاشق ليهب واقفًا وفي غضون ثواني كان يقف أمامها لينطق بطريقة دعابية كي يرفع عنها ما تشعر به من ألمٍ وغصة مريرة إثر ما تجرعته من خزلانٍ على يده بالماضي ومن كلماته الأن:
-مهو ده من خيبتك،ما أنتِ لو ست شاطرة بجد كنتي رديتي على تليفوني بدل ما تعملي لي بلوك وأنا كنت جيت أخدتك في حضني ونسيتك كل اللي شوفتيه طول حياتك، مش بس اللي شوفتيه الليلة دي
غمز بعينيه وهو ينطق بجملته الأخيرة لتلكزه بصدره قائلة:
-تحضن مين يا قليل الادب إنتَ،هو أنتَ فاكرني إيه
-دماغك دايمًا حادفة شمال…قالها بمشاكسة ليتابع حديثه الذي أراد به سحبها من تلك الغيمة من المشاعر السلبية بعدما تقرب منها واقترب من شفتيها:
-كنت هاخدك وأطير على أي مأذون وأجيبك بعدها على جناحنا وأمسح لك دموعك والروچ كمان
ابتسمت بابتسامة حنون لتنطق بعينين مترجيتين:
-طب علشان خاطري تيجي معايا تصالحها
أخذ يقلب عينيه بضجرٍ بعدما سأم ذاك الحديث لتتابع بدلال أنثوي:
-علشان خاطري بقى
زفر بقوة ليخرج ما بداخله من مشاعر سلبية ويتحدث بمشاكسة:
-بقى هي الحكاية كده،بتستغلي حبي ليكِ ومكانتك في قلبي وتبتزيني يا إيثار؟
وضعت يدها خلف رأسه لتداعب خصلات شعره بأناملها الرقيقة وهي تتدلل بطريقة أفقدته صوابه لتنطق برجاء:
-وحياتي
تنهد براحة وعينين كساهما الغرامِ وتملكَ لينطق بلسان قلبه:
-حياتك بقت أغلى عندي من حياتي نفسها
سألته بدلالٍ ومازالت أناملها الرقيقة تداعب خصلاته كي لا تفقد تأثيرها السحري عليه:
-يعني هتراضي عزة؟
نطق والعشق يقطر من حُلو كلماته:
-علشان عيونك أنا أعمل أي حاجة
ضمته لأحضانها لتربت على ظهره بحنانٍ وهي تقول بنبرة تقطرُ غرامًا:
-ربنا يخليك ليا ولا يحرمني من حنانك عليا أبدًا
شعر بسكونٍ داخل أحضانها الحنون لم يسبق وتذوقهُ سوى بضمتها،سحبها من كفها لتتحرك بجواره إلى ان وصلا إلى غرفة عزة الخاصة ودقتها هي،لتفتح عزة الباب وتتفاجأ بذاك الصارم يقف أمامها لتنطق بعفويتها المعهودة:
-فؤاد باشا بجلالة قدره جاي لحد المسكينة عزة، هي الدنيا جرى فيها إيه يا ولاد
-تصدقي بالله يا عزة،برغم كلامك ولسانك اللي فيه حتة زيادة ده…قالها بجدية لتبتلع إيثار لعابها خوفًا وعزة هلعًا بعدما أنبت حالها ليتابع ذاك الوسيم بابتسامة جذابة:
-إلا إن كلامك ومناوشاتنا أنا وإنتِ وحشتني
انفرجت اساريرها لتنطق على عجالة بسعادة بالغة:
-إن شالله يخليك يا ابن الأصول
تحدث بما جبر خاطرها:
-متزعليش مني على حدتي معاكِ
اتسعت ابتسامتها تحت حبور إيثار الشديد ليسترسل قائلاً:
-بس إنتِ أكيد عارفة إن نرفزتي يومها كانت خوف على يوسف وإيثار
نطقت بصوتٍ حماسي أظهر كم سعادتها:
-عارفة وعذراك يا باشا، وخلاص مش زعلانة منك،يلا المسامح كريم
ضحك على عفوية تلك المرأة العجيبة لينطق بابتسامة:
-وإنتِ كريمة يا ست عزة
مدت إيثار يدها تحتضن كفها لتسألها:
-خلاص مش زعلانة؟
هتفت بنبرة تقطرُ حماسًا:
-عمري ما أزعل منك،وعلشان أثبت لك من بكرة الصبح هنزل المعادي وأجيب لك أحسن فسيخ موجود عند محلات الباشا
جحظت عينيه بذهولٍ من تلك التي لا تتعلمُ من أخطائها أبداً لتنتفض إيثار وهي تترجاه بعينيها وكفيها ليهتف هو بعينين تطلق شزرًا وكأنهُ تحول إلى غول:
-الست دي مش طبيعية،إنتِ أكيد مجنونة يا ماما
انتفض جسدها لتتراجع للخلف سريعًا وهي ترى قدوم ثورته لتقف إيثار حائلاً بجسدها وهي تقول بتوسل:
-وحياتي عندك ما انتَ متنرفز
كانت عصمت قد تحدثت أمامها في المطبخ أن إيثار تشتهي الأسماك المُملحة لكن الطبيبة حذرتهم لبعض المشاكل لذا فقد طلبت من سعاد تحضير سمك التونة المطبوخ مع بعض التوابل والفلفل الحار ليعطي نتيجة مقاربة وبرغم هذا أنظر ماذا فعلت تلك المهرجة،رفع سبابته وتحدث بصرامة وحزم:
-أقسم بالله يا عزة،ما فسيخة واحدة تدخل البيت، لاكون رابطك ومعلقك في المخزن وأحنطك لحد ما تتخللي وتبقي شبه الفسيخة اللي لسة خارجة من الصفيحة،وبعدها هفصصك وأبعتك لمحلات الباشا تبيع منك بالكيلو
كانت تستمع إليه بفاه فاره غير مستوعبة كم الغضب الهائل الذي اقتحم ذاك الحاد لتنطق بمداعبة لتلطيف الأجواء:
-طب أمانة يا باشا وإنتَ بتفصص متنساش الليمون والطحينة
ستصيبه حتمًا بسكتة دماغية بيومٍ من الأيام،تطلع على زوجته التي تطبطب بكفها عليه ونظراتٌ توسولية كي تُهدأ من روعه لينطق بذهولٍ:
-دي بتهزر،بتقلش يا إيثار
نطقت وهي تسحبه بحدة ليتحركا للأمام:
-علشان خاطري إهدى ويلا نطلع نتمشى في الجنينة شوية
تطلع عليها لتنطق وهي تشير على فمها:
-أنا بعد كده مش هتكلم في حضور جنابك خالص،حكم إنتَ قلبتك تقطع الخلف يا باشا
تدخلت إيثار بينهما لتهدئ الوضع وتفض الاشتباك وبعد قليل تحدثت إليه بابتسامة واسعة أظهرت كم سعادتها:
-على ما تروحوا على الجنينة وتقعدوا هكون عملت لكم كبايتين جوافة باللبن عمركم ما دوقتوا زيهم
إبتسمت إيثار وتحدثت بنبرة حنون:
-تسلم إيدك مقدمًا يا عزة
أمسك كف زوجته وتحرك إلى الحديقة لتتجه عزة نحو المطبخ.
هل شعُرْتَ يومًا بصمتٍ مريبٍ يحتلُ كلَ ما حولِكَ وكأنكَ تسكُنُ الكونَ وحدَكَ،حياتُكَ ساكنةٌ لا صوتٌ يكسِرُ صمتَها المخيفِ ولا ونيسُ يُحَلي مذاقَ مرارتِها،يمرُ يومُكَ دونَ جديدِ فاليومُ أشبهُ بالبارحةِ والبارحةُ أشبهُ بما قبلِها وهكذا،أصبحَ كلُ شئٍ مملًا ولا مذاقُ لهُ،نهاري يمرُ بلا شئٍ ملموسٍ،أما ليلي فحدثْ ولا حرجَ،كم كنتَ أبغضُ قدومَهُ حينَ يَسدِلُ ستائرَهُ السوداءَ لأغرقَ في ظلامِهِ الدامسَ وسطَ ذكرياتيَ المؤلمةِ، أجلسُ وحيدُ غُرفتي أتطلعُ على جدرانَها المرتفعةِ لتدورَ عيناي متمعنًا بكلِ محتوياتِها حتى أصلَ ببصري إلى فِراشي وأتلمَسَهُ بكفِ يدي،كم كان باردًا لا نفسٌ فيه ولا حياةُ،إلى أن التقيتَ “بسندريلا”،نعم فهي سِندريلا حياتي التي ظهرتْ من العدمِ لتقلبَها رأسًا على عقبِ وبعد أن كنتَ كارهًا لكلِ صِنفِ حواءِ أصبحتُ عاشقًا لأنفاسِ إحداهُن بل وصلتَ بعشقِها لأعلى درجاتِ الغرامِ،أصبحتَ أيضًا من مُحبي الليلِ ومغرمًا بسكونهِ حيثُ يجمعُني برفقةِ حبيبتي،دفأَت فرشَتي وتَلَوَنتْ جُدراني كحديقةٍ بفصل الربيع بعدما عثرتُ على نصفيَ الأخرِ،والأن فقط أقرُ وأُعلِنُها بأنَّ فؤادَ علامَ قد إكتَمَل.
فؤاد علام زين الدين
بقلمي «روز أمين»
داخل ڤيلا عمرو المتواجدة بأحد الأماكن الجديدة،يجلس بصحبة شقيقاه بعدما تم طردهم على يد عائلة والدتهم،حالهم يقطع نياط القلوب ومظهرهم يدل على ما تعانيه أنفسهم،شعر رؤسهم مشعثًا وذقونٍ متروكة حتى انتشر الشعر بها بكثرة وعشوائية،يجلسون ببهو المنزل يشعلون سجائرهم الذي انتشر دخانها بشكلٍ كثيف كاد أن يخنقهم،تحدث طلعت بانكسارٍ وقد بدا الحزن والذلُ على ملامحهِ:
-أخرتها إترمينا في بيت في أخر الدنيا يا ولاد سيادة النائب،حتى دفنة أبونا مجرأناش نحضرها
ليكمل حسين على حديثه المؤلم:
-أنا مش قاطع فيا ومدمرني قد الموضوع ده،تلات رجالة يسدوا عين الشمس وفي الأخر اللي يحل على أبويا واحد غريب
هتف طلعت بحدة ظهرت فوق ملامحه الغاضبة:
-في أي شريعة وأي دين يمنعوا ولاد الميت إنهم يمشوا في جنازته؟!
بنبرة تملؤها الحسرة تحدث حُسين:
-في شريعة نصر البنهاوي كل شئ كان متاح يا طلعت، ولا نسيت إن أبوك الله يسامحه ياما ظلم ناس وأجبرهم على ترك البلد
واسترسل مستشهدًا:
-وأخرهم أهل سمية اللي خلاهم يمشوا ويسيبوا بيتهم من غير حتى ما يبيعوه ويستفادوا بتمنه
نكس طلعت رأسه لتيقنه من صحة حديث شقيقه ليعم الصمت المكان،نظر حسين لذاك الذي ينفث دخان سيجارته بشراهة وقبل أن تنتهي يشعل غيرها لينطق متسائلاً:
-إنتَ ساكت ليه يا عمرو؟!
أجابه بخفوتٍ وانكسار:
-وعاوزني أقول إيه يا حسين،أنا حاسس إني في كابوس وكل يوم أقوم من النوم أقول أكيد الكابوس إنتهى وهصحى ألاقي نفسي في بيتي
وتابع وهو ينظر أمامهُ بحنينٍ وحالمية:
-وأبص على فرشتي ألاقي إيثار ويوسف نايم ما بينا زي زمان
تطلع عليه طلعت وابتسم ساخرًا لينطق وهو يحدث حُسين:
-عمرو أخوك بيفكرني بالمثل اللي بيقول خراب يا دنيا عمار يا دماغي
واسترسل بحدة وهو يرمقهُ بسخطٍ:
-بيتنا خرب وأمك وعيالنا وحريمنا اتشردوا في البيوت وده كل اللي في دماغه بنت غانم اللي ادته على قفاه وراحت اتجوزت
-طلعت…قالها عمرو بحدة ليسترسل وهو يرمقهُ بنظراتٍ لائمة ممزوجة بالإزدراء:
-بلاش تستغل الكلام وزي عادتك تقوم الكل عليا وتطلعني أنا الأهبل والمغيب وإنتَ العاقل الحكيم اللي مفيش منك إتنين
لينطق بكبرياءٍ وهو يشملهُ باشمئزاز:
-والحقيقة هي إن مفيش حد في بيت نصر كله طلع عاقل وحكيم وحاسب حساباته للزمن غيري
واشار بكفيه يستعرض ما حوله:
-والدليل البيت اللي لاممنا ده والفلوس اللي بناكل ونشرب وعايشين منها
واستطرد ساخرًا:
-لولا عقلي كان زمانا مرميين على أرصفة الشوارع زي كلاب السكك
كان داخلهُ يغلي كالبركان،فلم يتوقع ويمر بمخيلته أن هذا المدلل يمتلك كل تلك الأموال الطائلة،أما هو فكان منشغلاً بالحقد الذي يملؤ قلبه باتجاه الجميع وكرس كل إهتمامه على تنمية ثروة أبيه ممنيًا حاله بالفوز بها بأية طريقة بعد رحيل والده وإزاحة شقيقيه من طريقه أو على الأقل الإستحواذ على معظمها وترك القليل لهما،لكن إرادة الله أتت عكس ما خطط له ذاك الشرير،هتف بشراسة وغلٍ أظهرا كم الحقد الذي يكنهُ داخل قلبه المريض لشقيقه الأصغر:
-إنتَ هتزلنا باللقمة اللي بتأكلهانا يا عمرو بيه
لينتفض واقفًا وهو يقول بصرامة:
-طب أنا ماشي وسايبها لك مخضرة
هب حسين وتحرك ليتمسك بذراع شقيقه قائلاً وهو يحثه على الوقوف:
-أقعد يا طلعت واستهدي بالله أخوك ميقصدش
اكفهرت ملامحهُ ليصيح بحدة:
-يعني إنتَ مش سامع كلامه اللي يحرق الدم يا حسين، ده بيذلنا بفلوسنا
-فلوسكم؟!…قالها عمرو وهو يرمقهُ مستنكرًا ليرد الأخر بقوة وتشكيك:
-أه فلوسنا يا عمرو،فلوسنا اللي جزء منها كنت بتسرقها من ورا أبوك والباقي كنت بتقلب أمك فيه يا ننوس عين ستهم
-بقى هي دي أخرتها،بدل ما تشكرني على اللي عملته معاك تطلعني حرامي؟!…نطقها عمرو بجنون ليسترسل مستشهدًا بشقيقه:
-سامع كلام أخوك يا حسين؟
نطقها وكأنها كانت الكلمة الفاصلة لينفجر ذاك الهادئ ويخرج براكينه الكامنة بداخل روحه المعذبة:
-كفاية بقى إنتَ وهو، إنتوا إيه مبتحسوش، معندكوش دم،مش حاسين بالحال اللي وصلنا له،سايبين كل المصايب اللي حطت على دماغنا وواقفين لبعض زي الديوك
واسترسل وهو يرمقهما باشمئزاز:
-قاعدين تقطعوا في بعض بدل ما نحط إدينا في إدين بعض ونفكر هنعمل إيه علشان نرجع حياتنا تاني، مش لازم ترجع زي الأول بس على الأقل يكون عندنا مكان كويس ونشتغل علشان نعرف نجيب أمكم وستاتنا وعيالنا ونعيش مع بعض زي الأول
زفر عمرو بقوة ليتخلص من شحنة الغضب التي إجتاحت جسده لينطق بهدوء:
-البيت أهو موجود ويساع الكل،وإن كان على الشغل أنا معايا فلوس هفتح لكم مشروع صغير تشغلوه وتبعتوا تجيبوا ولادكم
واسترسل بإبانة:
-بس أنا متعملوش حسابي معاكم، لأني مسافر وسايب البلد كلها
قطب حسين جبينه ليسأله بتشكيك:
-جبت الفلوس دي كلها منين يا عمرو؟!
أما طلعت فتبسم ساخرًا ليجيب الأخر بقوة:
-من شغلي الخاص يا حسين
سأله بقوة:
-اللي هو إيه شغلك الخاص ده يا عمرو؟!
ليسترسل مشككًا:
-وإيه الشغل اللي يجيب فلوس كتير بالشكل ده
نظر لشقيقه لينطق بقوة:
-جمعت رجالة وبنفحر على الأثار يا حسين،إرتحت؟!
نطق الأخر من باب الخوف على شقيقه:
-بس ده حرام يا عمرو
ضحك بقوة حتى ادمعت عينيه لينضم إليه طلعت وباتا يضحكان بشدة تحت خجل الأخر من حاله لينطق عمرو بعدما تحكم بتوقف ضحكاته:
-ده على أساس إنك كنت بتروح الجبل كل ليلة تبيع سِبح للنهيبة يا شيخ حسين؟!
نكس رأسه بخزيٍ لتعريته من قِبل شقيقه الأصغر ليتابع الأخر ساخرًا:
-بلاش تتكلم على الفضيلة والحلال والحرام وإحنا عيشنا عمرنا كله مغروسين في الطين يا حسين
نطق حسين بكلماتٍ خافتة لشدة خزيه من حاله:
-زمان كنا مجبورين نكمل في الطريق غصب عننا وإنتَ عارف كده كويس، بلاش تكمل فيه بعد ما بقيت حُر نفسك وسيد قرارك
إقترب طلعت من عمرو ليحاوط كتفه برعاية لينطق بجشع ملئ قلبه بعدما قرر أن يستغل الفرصة لصالحه كعادته:
-سيبك منه ده عقله تعبان وشكله هيقلب درويش،خلينا في المصلحة وخدني معاك في سكتك
قطب جبينه يتعجب تلونهُ السريع لكنه عاد وتذكر طبيعة شقيقه ليتابع الأخر بنهمٍ:
-قولت إيه؟
سألهُ مستفسرًا باستغراب:
-قولت إيه فيه إيه يا طلعت؟!
نطق الأخر بجشعٍ ظهر بعينيه:
-تدخلني معاك في شغلك ونمسكه مع بعض زي أيام أبوك
نطق حسين باعتراض:
-بلاش يا طلعت،إنتَ شفت بعنيك اللي حصل لفلوس أبوك وأخرتها،خلينا نشتغل ونأكل عيالنا لقمة حلال يمكن ربنا يقبل توبتنا ويبارك لنا فيهم
جذب طلعت عمرو من يده وتحدث بنبرة حماسية كي لا يدع فرصة لحسين للتأثير عليه بكلماته عن التوبة وكأن الشيطان تمثل بهيأته:
-سيبك من الكلام اللي مش هيأكل عيش ده،إحنا واخدين على المصاريف الكتير والعيشة الحلوة إحنا وولادنا،الفقر مايمشيش مع اللي زينا صدقني
لم يكن ينتظر حديث شقيقه كي يقنعه فهو يعلم ماذا يريد وقد خطط لخطواته القادمة وانتهى الأمر،نظر إلى طلعت وتحدث بنبرة جادة:
-حاضر يا طلعت، جهز نفسك بكرة على العصر هاخدك أعرفك على الرجالة ونبدأ شغل، أصلي موقف من ساعة اللي حصل
هز رأسهُ متلهفًا وتحدث بتملق:
-حاضر يا اخويا،وتقدر تسيب لي الرجالة وأنا هضبطهم لك واخليهم يمشوا زي الساعة،حاكم أنا عارفك قلبك حنين وهما عاوزين الشِدة
هز رأسهُ عدة مرات وهو ينظر لتغير شقيقه الجذري معه تحت حزن قلب حسين الذي لا حيلة له ويشعر بضعفه أمام شقيقيه
*************
بعد مرور إسبوعين
داخل ڤيلا أيمن الأباصيري،في تمام الساعة التاسعة صباحًا،حيث تجهيزات حفل زفاف إبنته لارا والكل يعمل على قدمٍ وساق لإتمام جميع الترتيبات للحفل الذي سيُقام عند الثالثة عصرًا حيث قرر أيمن إقامته بمنزله لبُعد منزل والد العريس بمحافظة منيا الصعيد وكان والد العريس قد قرر إقامته داخل أحد الفنادق الكبرى لكن أيمن طلب منه أن يقيمه بحديقة المنزل حيث مساحتها الشاسعة تستطيع جمع جميع المدعوين من طرف العائلتين،ولجت تتأبط ذراع زوجها حيث طلبت منه أن تأتي مبكرًا كي تحضر تجهيزات العروس وتشارك تلك العائلة الجميلة التي احتضنتها برعاية فرحتهم،وقد واجهت صعوباتٍ في إقناع ذاك الذي أصبح يخاف عليها من كل شئ وأي شئ،تتبعهما إحدى العاملات التي تعمل بمنزل علام زين الدين حيث تحمل صندوقًا به الثوب التي سترتديه “إيثار”والذي صُمم خصيصًا لها من قِبل إحدى أشهر بيوت الأزياء العالمية المتواجدة بباريس عاصمة الموضة والجمال،تجاورها إحدى العاملات في أحد مراكز التجميل تحمل ما ستحتاجه لتزيين تلك الجميلة، كل هذا قد أشرف عليه مالك فؤادها بنفسه كي يبث السعادة في نفس معشوقته
تحدث وهو يتحرك باتجاه أيمن وزوجته حيث خرجا سريعًا لاستقبالهما بعدما أبلغهما حارس البوابة:
-مش عاوز أعيد كلامي يا إيثار،ما تجهديش نفسك وتخلي بالك كويس قوي من نفسك ومن ولادي،متخلنيش أندم إني وافقت إنك تيجي قبلي
سأمت حديثه المكرر للمرة التي لا تعلم عددها منذ أن سمح لها بالأمس بحضور الزفاف مبكرًا بعد مداولات استمرت لعدة ساعات وكأنها داخل إجتماع عمل تحاول جاهدة إقناع طرفًا صعب التفاهم لإبرام صفقة العمر معه،نطقت بهدوء وهي تكظم غيظها:
-يا حبيبي متقلقش وبلاش تتعامل معايا على إني بلورة قزاز وأي لمسة هنكسر،ولا كل شوية حافظي على ولادي حافظي على ولادي
واسترسلت بضجر:
-ثم أنتَ ليه محسسني إني لو مشيت كام خطوة الولاد هيقعوا مني؟!
تطلع عليها بجبينٍ مُقطب لكنه ابتلع كلماته عند إقتراب أيمن وزوجته التي رحبت قائلة بابتسامة عذبة:
-البيت نور يا سيادة المستشار
شكرها وأقبلت لتحتضن إيثار وهي تقول بنبرة صادقة:
-وحشتيني
-وحضرتك كمان وحشتيني جداً…قالتها بحفاوة لتوجه بصرها لذاك الذي يتطلع عليها باشتياقٍ كاشتياق الأب لابنته التي تربت على يده،تحدثت باشتياقٍ جارف ظهر بعينيها:
-إزي صحة حضرتك،طمني عليك
-متأثرة يا أستاذة من ساعة ما سبتيني ومشيتي…قالها بنوعٍ من الملاطفة ليكمل بنبرة جادة:
-مديرة مكتبي الجديدة عاملة زي العسكري اللي بينفذ التعليمات
أطلق الجميع ضحكاتهم ليتابع بإبانة:
-تعرفي لو دخلت ولقتني بموت قدامها ولا تهتم،تديني الأول الملفات أمضيها وبكل برود تسألني، تؤمرني بحاجة تانية حضرتك
أطلق فؤاد ضحكة رجولية ليسألهُ بمزاح:
-دي كده تبقى ألة مبرمجة حضرتك
نطق بحماسٍ مؤيدًا لحديثهُ:
-برافوا عليك يا فؤاد باشا،هي فعلاً ألة مبرمجة، ده أفضل وصف ليها
ثم استرسل متابعًا بعيني تشتاق بحنينٍ للماضي ولتلك التي طالما إعتبرها كإبنة له:
-أكتر حد فهمني وفهم شُغلي من بين كل اللي اشتغلوا معايا هي إيثار،كانت بتعرف أنا محتاج إيه من غير كلام،كانت واخده بالها من علاجي وأكلي حتى المشروبات كانت بتختارها لي بناءًا على حالتي الصحية والمزاجية
كانت تتطلعُ عليه بحنينٍ لا يقل عن الساكن بداخله وقلبٍ يتمزق لترك ذاك الكريم لكن ما بيدها لتفعله، هكذا هو حال الدنيا،تطلع على فؤاد الممسك بكف حبيبته بفخرٍ ليتابع أيمن بعينين لامعة بالفخر:
-إنتَ معاك جوهرة يا سيادة المستشار،حافظ عليها كويس
تطلع بعينيها وتعمق لينطق بنبرة بغرامها سابحة:
-دي في عيوني وساكنة القلب من جوه
شعرت وكأنها تطيرُ في الهواء بخفة والزهو والحبور يحيطاها لتتابع “نيللي”بقلبٍ سعيدُ من أجل تلك الخلوقة:
-ربنا يخليكم لبعض يا سيادة المستشار،إيثار بنت حلال وتستاهل إنها تتجوز راجل محترم زي جنابك
مال برأسهِ يحييها باحترام وهو يشكرها:
-ميرسي لذوق حضرتك يا هانم
قطعت حديثهم تلك التي أقبلت عليهم لتنطق وهي تمد يدها لمصافحة فؤاد بحفاوة:
-نورت يا فؤاد باشا
لم يشعر بالإرتياح لتلك المرأة اللئيمة حيث شعر بحقدها على زوجته لذا قرر تجاهلها ليجيبها بكلماتٍ مقتضبة وهو يسحب كفه سريعًا:
-متشكر يا هانم
شعرت بالضجر وأصابتها كلماته بالإحباط لتقترب من إيثار تحتضنها برياءٍ وهي تقول بنبرة يشوبها بعض الكبرياء:
-إزيك يا إيثار
تعلم من داخلها أن تلك الـ سالي تعاملها بترفعٍ منذ أن إختارها ذاك السامي وتزوجها دون غيرها من النساء لكنها مرغمة على احترامها إكرامًا لزوجها وعائلته التي عاشت في كنفهم طيلة سنواتها الضائعة،لتتحدث بنبرة باردة كنبرة تلك المغرورة:
-أنا تمام،إنتِ أخبارك إيه
رفعت حاجبها باستنكار لتهز رأسها بابتسامة مصطنعة ليقطع حديثهما الخالي من الدفئ ذاك الراقي حيث تطلع سريعًا على زوجته لينطق بنبرة أوضحت للجميع مدى عشق ذاك الوسيم لتلك الرائعة:
-أنا همشي يا حبيبي وإنتِ خلي بالك من نفسك
تطلعت عليه بعينين تنطق بالغرام ليقطع حديثها أيمن الذي تحدث بنبرة جادة:
-مش قبل ما تشرب حاجة
نطق معتذرًا باحترام:
-معلش يا افندم،لما أجي الفرح هشرب معاك إن شاءالله
نطق أيمن بإصرارٍ:
-لا يمكن، هنشرب قهوة مع بعض هنا في الجنينة
اومأ له بموافقة لينطق أيمن قاصدً زوجته:
-خليهم يجهزوا لنا فنجانين قهوة مظبوط ويبعتوهم على الإستراحة يا نيللي
-حاضر يا حبيبي…نطقتها تلك الراقية”نيللي”لتوجه حديثها لزوجة نجلها بطريقة مهذبة:
-من فضلك يا سالي
ثم تابعت وهي تُشير لمساعدتاي إيثار:
-خدي البنات وعرفيهم الأوضة اللي أنا خصصتها لـ إيثار علشان تجهز فيها،وخليهم يرتاحوا لحد ما إيثار هانم تطلع لهم
اشتعل داخلها بشرارات الغضب من إسناد والدة زوجها تلك المهمة السخيفة لكنها لا تقوى على الرفض فما كان منها سوى الإنصياع حتى لا يظهر حقدها الدفين على تلك التي كانت تعمل عند والد زوجها مجرد عاملة حقيرة أما الأن فقد تبسم لها الحظ لتُصبح بين ليلة وضحاها زوجة رجل مهم ذو منصبٍ رفيع المستوى ناهيك عن إسم عائلته وأموالهم الطائلة والتي ظهرت على تلك الريفية كما تطلق عليها بين حالها،فطالما رأتها الفتاة الريفية التي اقتحمت المدينة متمرده على وضعها لتخلق بيداها حياة جديدة جعلت منها شخصية أخرى لا تشبة السابقة والأن أصبحت من أهم سيدات المجتمع بعدما اقترن إسمها باسم عائلة الزين ومازاد من قوتها هو حملها بجنينٍ لتثبيت قدميها والوقوف على أرضٍ ثابتة
إرتسمت إبتسامه ساخرة علي شفتيها مستنكرة الوضع قبل أن تهز رأسها وهي تنطق مرغمة ولكن برأسٍ مرتفعة بكبرياء لعدم التقليل من شأنها:
-أوكِ يا طنط
نطقت إيثار بطريقة راقية وهي تنسحب:
-بعد إذنكم،هطلع أشوف لارا
أومأ لها الجميع وانسحب فؤاد مع أيمن وإيثار بصحبة سالي التي تحدثت فور ابتعادهما واتجاههما نحو الباب الداخلي للمنزل:
-برافوا عليكِ يا إيثار،طلعتي أشطر مما توقعت
تطلعت عليها لتسألها بعدم استيعاب لمغزى كلماتها:
-وإيه بقى اللي كنتي متوقعاه وأنا تخطيته يا أستاذة سالي؟!
ابتسمت ساخرة لتصلا لأول الدرج لتتوقف على الفور ممسكة بالدرابزين وباتت تتطلع لعينيها وهي تقول بوقاحة:
-بصراحة انا كنت مستغربة قوي إنك ماحاولتيش تتقربي من دكتور أحمد ولا حتى عمو أيمن زي ما معظم السكرتيرات بيعملوا
اشتعل داخل الأخرى ورمقتها بنظراتٍ جحيمية لتتابع الأخرى متجاهلة مشاعر الغضب التي بدت على معالم وجه الأخرى:
-لحد ما قدرتي وبكل براعة توقعي سيادة المستشار في مصيدتك، ساعتها عرفت إنك كنتي مستنية الفرصة الأكبر، وبصراحة
توقفت عن استكمال حديثها السام لبرهة صغيرة لحتى تصفق بكفيها بطريقة مسرحية لتكمل بغمزة من عينيها:
-برافوا،برافوا مدام إيثار،الصيدة تقيلة وتستحق الصبر
ابتلعت غصة مرة من حديث تلك الوقحة التي وصمتها بالمرأة التي تتصيد فرص الزواج من الأثرياء،تماسكت كي تستطيع الرد المناسب لتلك الحقيرة:
-فيه مقولة حلوة قوي تنطبق جداً عليكِ
ضيقت بين عينيها تنتظر تكملة حديثها بتمعن لتكمل إيثار كلماتها المعبرة وبكل براعة:
-المقولة بتقول،كلٌ يرى الناس بعين طبعه،فلا تنتظر من الخبيث أن يراك نقياً،ولا من المنافق أن يراك صادقاً، ثِقْ بنفسِك و أسلوبِك و أخلاقِك وامضي
انتهت من جملتها لترمقها بنظراتٍ إحتقارية أشعلت تلك الـ سالي التي لم تتوقعُ حتى بأحلامها أن تُهان على يد تلك التي طالما نظرت لها بعين التقليل،وقبل أن تستجمع شتات حالها المبعثر نطقت إيثار بقوة وهي تُشير لإحدى العاملات التي تعرفها جيدًا بعدما خرجت من باب المطبخ:
-ماجدة
أتت العاملة مهرولة لتنطق بترحاب بتلك الجميلة:
-أستاذة إيثار، إزيك
-الحمدلله يا حبيبتي بخير…نطقتها بابتسامة رائعة لتتابع باحترام يعود لتربيتها السليمة على يد والدها الذي زرع بها الأصول واحترام من هو أقل منها:
-ممكن توريني الأوضة اللي مدام نيللي جهزتها لي
تحت أمرك يا ست الكل… قالتها الفتاة بحبورٍ لتصعد الدرج سريعًا وهي تقول:
-إتفضلي معايا
تطلعت على تلك المذبهلة حيث مازالت تحت تأثير الصدمة فقد أفحمتها بالرد المناسب دون المساس بها مباشرةً إحترامًا لمالك المنزل،تحدثت بابتسامة مصطنعة ونظرات تقليلية:
-بعد إذنك يا، يا سالي هانم
رفعت رأسها بترفعٍ وصعدت الدرج بطريقة راقية وخطواتٍ واثقة لتلحق بها العاملتان تحت نظرات سالي المشتعلة وعقلها الصارخ وقلبها المستعيرُ بنار الحقد.
وصلت إيثار إلى غرفة لارا ودقت بابها ثم ولجت لتجد تلك الجميلة تجلس على المقعد المتواجد أمام مرآة الزينة تتطلع على حالها وهي ترتدي ثوب الحمام الأبيض مستسلمة لخبيرة التجميل التي تصفف لها شعرها،تفاجأت بولوج تلك التي هتفت بنبرة حماسية:
-العروسة تسمح لي أدخل؟!
-إيثوووووووو…قالتها بحبورٍ شديد لتنهض منتفضة تاركة مقعدها وهي تهرول باتجاهها لتحتضنها وباتت تلف بها بطريقة جعلت إيثار تصرخ لتقول وهي تحتضن بطنها لتحميهما من جنون تلك المنطلقة:
-حاسبي البيبي يا مجنونة
اتسع بؤبؤ عينيها لتتوقف على الفور وتضع كفيها أمام وجهها لتقوم بتقديم الإعتذار بطريقة تمثيلية:
-I’m sorry
لترد إيثار وهي تتطلع عليها باستنكارٍ:
-ويفيدني بإيه أسفك لما فؤاد علام يعلقني في أوضة المخزن
ضحكت على مزحة صديقتها لتنطق إيثار وهي تتطلع عليها بنظراتٍ متأثرة فاتحة ذراعيها لتستقبلها بأحضانها:
-مبروك يا قلبي
إقتربت لكن بحذرٍ تلك المرة واحتضنتها بحفاوة لتنطق بعدما ابتعدت قليلاً:
-فين چو؟!
أجابتها وهي تقترب من الفراش لتجلس عليه كي تستريح:
-عنده تمرين سباحة هيخلص وييجي مع فؤاد في ميعاد الفرح
إبتسمت الفتاة لتهرول على ثوب زفافها المُعلق وهي تقول بنبرة حماسية ترجع أسبابها لسعادتها لزواجها بالرجل التي عشقته:
-تعالي أوريكِ الفستان، مورتهوش لحد خالص حتى مامي،مخلياه مفاجأة للكل
لتتطلع إيثار عليها بحنان لتنطق الأخرى مسترسلة:
-بس إنتِ غير يا إيثار، مش بعرف أخبي عنك حاجة
بعد قليل إستدعاها أيمن عن طريق العاملة كي تنضم لطاولة الطعام،نزلت الدرج وأخذتها العاملة لحجرة الطعام لتجد أيمن يتقدم الطاولة تجاوره علي اليمين زوجته وعلى شماله أحمد تليه سالي، وما أن رأها أحمد حتى انتفض من جلوسه ليرحب بها بطريقة سامية:
-أهلاً،إزيك يا مدام إيثار
هزت رأسها بحبورٍ لتجيبه بابتسامة بشوش:
-الله يسلمك يا دكتور، أخبار حضرتك إيه
أشار لها أيمن لتجلس فاستدارت وجلست مقابل سالي التي رمقتها بنظرة حادة لتردها بابتسامة صفراء،بدأ الجميع بتناول الطعام لتنطق إيثار بإعجاب وهي تتطلع على أصناف الطعام المتواجدة على السفرة:
-حلو قوي أكل الشيف،والأصناف متنوعة وهترضي جميع الاذواق
تحدثت نيللي وهي تتطلع بفخرٍ على زوجها:
-الشيف إختيار أيمن، هو اللي اختار الشركة المنظمة للحفلة وأصر عليهم يختار الشيف بنفسه
أكملت على حديثه لتمدح في مديرها السابق بنبرة صادقة:
-الباشمهندس طول عمر إختياراته كلها perfect
واسترسلت وهي تنظر لها:
-وأكبر دليل على كده إنه اختار حضرتك
وضعت كفها على خاصتها الموضوع فوق حافة الطاولة وربتت عليها وهي تقول:
-حبيبتي يا إيثار، عيونك الحلوين يا روحي
بادر أيمن بسؤالها الحنون:
-قولي لي يا إيثار، يا ترى هتجيبي لنا أخ ولا أخت للأستاذ يوسف
ابتسمت خجلاً لتجيبه وهي تنظر إليه بسعادة:
-فؤاد كان نفسه في بنوتة قوي، وبابا علام وماما عصمت كان نفسهم في ولد علشان يكون إمتداد للعيلة،فربنا راضى الكل والحمدلله
نطقت نيللي بسعادة ظهرت بعينيها:
-توأم، هتجيبي بنت وولد يا إيثار؟
أومأت عدة مرات للتأكيد بسعادة لتتلقى التهنئة من الجميع ماعدا تلك التي زاد حقدها وهي تتطلع عليها لتسأل حالها، ماالذي يميز تلك الحقيرة لكي تنال كل شيئٍ دفعةً واحدة.
*************
بدأ حفل الزفاف وحضر الجميع والان هم في انتظار خروج العروس مع والدها من الداخل،تحدث أيمن وهو ينزل الدرج وابنته تتأبط ذراعه بفخرٍ:
-مبروك يا حبيبة قلبي، زي القمر يا ماما
اجابته بسعادة هائلة:
-ميرسي يا بابي
تطلع على تلك الجميلة التي تنزل خلفهما:
-كان نفسي أسلمك بإيدي لسيادة المستشار، بس جنابك عملتيها من ورايا
ضحكت بصوتٍ مرتفع لتجيبه:
-أنا كنت في إيه ولا في إيه بس يا باشمهندس،ده أنا كنت خارجة من مصارعة تيران وقتها
ضحك جميعهم وتحركوا للخارج تحت تصفيقٍ حار من الجميع،اما ذاك العاشق فكان في عالمٍ أخر،تطلع على ملكة زمانها التي أبهرت الجميع بمظهرها الهائل وذاك الثوب نبيذي اللون والذي لام حالهُ كثيرًا لاختياره اللون المفضل لديه حيث أضفى جمالاً على جمالها،وقف ليستأذن من عائلته التي حضرت بالكامل بناءًا على دعوة أيمن وإصراره على الحضور،وذهب إليها في حين هرول يوسف ليستقبل لارا فأوقفه فؤاد ليحمله وهو يقول بهدوء:
-إستني يا حبيبي لما بباها يسلمها للعريس وبعدها نروح نسلم عليها
-بس لارا صاحبتي يا أنكل…قالها بتلقائية ليجيبه فؤاد:
-حتى لو صاحبتك، مينفعش يا چو، ده بروتوكول الأفراح مش هنيجي إحنا ونكسره
نطق الصغير بخيبة أمل:
-طب نزلني علشان أرجع لبيسان
هبط ليهرول عائدًا إلى طاولة العائلة لينطلق الأخر إلى حبيبته يتحرك بين الحضور بخفة وجاذبية وعينيه مصلطة على تلك السندريلا التي ظهرت بحياتهُ لتنيرها وتجعلها أكثر إشراقًا،وصل لوجهتها ليرفع كفها يقبلهُ وهو يتطلع عليها باشتياقٍ جارف وعينين تكاد تلتهمها لشدة جمالها،تحدث امام عينيها:
-زي القمر يا قلبي،مع إني طلبت من خبيرة التجميل تحط لك ميك اب خفيف جداً إلا إنه أضاف لك جمال على جمالك
نطقت بسعادة وهي تتعمقُ بمقلتيه:
-وحشتني،حاسة إني بعيدة عنك ليا أيام مش مجرد كام ساعة
أجابها وهو يبادلها نفس النظرات الولهة:
-نفس اللي حصل لي يا حبيبي،البيت وحش قوي من غيرك يا إيثار،الكام ساعة اللي قعدتهم فيه من غيرك حسسوني قد إيه وجودك بقى أهم من الهوا اللي بتنفسه
ابتسمت وظهر الحبورُ بعينيها لينطق بحدة وكأنه تحول لأخر:
-بس إعملي حسابك يا هانم،دي أخر مرة هتلبسي فيها نبيتي برة أوضة النوم،فاهمة ولا لا؟
هزت رأسها بطريقة ساخرة لتجيبهُ:
-ده على أساس إن أنا اللي اختارت موديل الفستان ولونه؟!
-غبي…نطقها بحدة ليسترسل والغيرة تنهش بقلبه بظهورها بكل هذا السحر والجمال:
-أنا بعترف إني أغبى واحد في الكون
وتابع بغيظٍ من بين أسنانه:
-بس بسيطة، محدش بيتعلم ببلاش
نطقت بعينين تهيمُ غرامًا:
-هو للدرجة دي أنا حلوة في عيون حبيبي؟
بنفس درجة الهيامِ أجابها:
-إنت حلوة في عيون حبيبك في كل حالاتك يا قلب حبيبك
-تحبوا أجيب لكم إتنين ليمون وشجرة…جملة قالتها فريال التي تسحبت لتتسمع عليهما من الخلف لينتفض على إثرها العاشقان مما جعل إيثار تنطق برجفة:
-حرام عليكِ يا فريال فزعتيني ورعبتي ولاد أخوكِ
-كله إلا ولاد أخويا…قالتها وهي تتحسس بطنها ليجذب يدها بحدة ترجع لغيرته قبل أن ينطق بغيرة:
-إنتِ اتجننتي يا فريال،إزاي تحطي إيدك على بطنها بالشكل ده قدام الناس
نطقت وهي ترفع كفيها للأعلى باستسلام بطريقة كوميدية:
-خلاص خلاص متزعلش،نسيت إن الباشا بيغير
لتتابع متعجبة:
-أنا مش عارفة الغيرة الفظيعة اللي طرأت على شخصيتك دي،من إمتى والباشا بيغير كده؟!
نطقت إيثار بثقة تصل للغرور وهي تتطلع على زوجها وتتمسك بذراعه لكي تثبت للجميع انها المرأة الوحيدة التي استطاعت إمتلاك قلب فؤاد علام وأن التي سبقتها لم يعد لها أثرًا:
-من يوم ما حب وعشق بجد يا أستاذة
وتابعت وهي تنظر بمقلتيه تسألهُ بدلالٍ لإمرأة تعشق زوجها:
-مش كده يا حبيبي؟
بادلها نظراتها الولهة ليؤكد على حديثها:
-كده يا قلب حبيبك
نطقت فريال وهي تتطلع على نظراتهم المغرمة:
-وربنا لتفضحونا النهاردة،أنا رايحة أقعد جنب جوزي قبل ما تتهوروا وتتمسكوا فعل فاضح في الطريق العام وأروح أنا في الرجلين
استلم العريس عروسه وتم عقد القران لتنطلق الزغاريد والمباركات وتبدأ الرقصة الاولى، تحركت إيثار بجانب زوجها لتقوم بالترحاب بهما بجانب أيمن ونيللي،جلست بجوار فؤاد ليسألها علام بعد انسحاب أيمن وزوجته:
-أحفادي الابطال أخبارهم إيه
أجابتهُ بممازحة لذاك الخلوق:
-أحفادك مش مبطلين ترفيس في جنبي سعادتك،ماشاء الله عليهم شكل الولد هيطلع مو صلاح التاني وأخته هتطلع بطلة جمباز
نطقت عصمت على عجالة:
-قولي الله أكبر يا إيثار،ما يحسد المال إلا أصحابه
سأل ماجد فؤاد:
-هو إنتوا لسة ما اختارتوش أسماء البيبهات ولا إيه يا سيادة المستشار؟!
تطلع على عيناي حبيبته لينطق بسعادة:
-إخترناهم خلاص يا دكتور
نطقت فريال باستهجان:
-من ورايا؟!
واسترسلت بمشاكسة:
-أنا ملاحظة إن من يوم ما إنتقلنا على بيتنا أنا وماجد وفيه شغل كتير بيحصل من ورا ظهرنا، ولا إيه يا ست ماما؟
ضحك الجميع لتجيبها عصمت بصدقٍ تجنبًا لحزن نجلتها:
-صدقيني أنا إتفاجأت بالكلام زيي زيك بالظبط، ولا أعرف الاسماء لحد الوقت
نطق فؤاد لارضاء شقيقته:
-محدش لسه عرف يا فيري، أنا وإيثار إخترناهم بالليل ولسه مبلغناش حتى الباشا
نطق علام بعدما فقد القدرة على الصبر:
-طب إتفضل نور المحكمة، ولا هنفضل في حالة الساسبنس كده كتير
ضحك. فؤاد قبل أن يقول:
-إن شاءالله “زين الدين” فؤاد علام زين الدين، و”تاج “فؤاد علام زين الدين.
نزل الخبر على قلب علام كغيثٍ هطل على قطعة أرضٍ متشققة من شدة العطش ليرويها ويُنعشها وتدب بها الروح من جديد، ربتت عصمت على كف زوجها الذي نظر عليها بسعادة،تلقى الزوجين التهنئة من الجميع الذي أجمعوا على حُسن إختيار الأسمين.
بعد قليل صعد الجميع ليرقصا معًا رقصة الثنائيات وصعد أيضًا يوسف الذي ارتدى بدلة كاملة وبيسان حيث ترتدي ثوبًا منفوش كثوب العروس ليرقصا ويمرحا معاً بعد أن قدما التهنأة للعروسان، كان زفافًا حقًا رائعًا سعد به الجميع عدا تلك الـ سالي التي ملئ الحقد قلبها من ناحية إيثار.
*************
عادت مع زوجها لتلج إلى الحمام وتغطس بجسدها في الماء كي تريح جسدها المنهك وبعد مده خرجت لتجد حبيبها بانتظارها وقد أشعل بعض الشموع ذات الروائح العطرة ليخلق أجواءًا رومانسية،وأيضًا شغل موسيقى هادئة كي تساعد حبيبته على الاسترخاء،إقترب عليها لينحني بطوله الفارع حتى وضع كف يده على بطنها ليتحدث إلى جنينيه بقلبٍ يرتجف فرحًا:
-حبايب بابي اللي وحشوه طول اليوم
وكأن الصغيرين استمعا لصوته الرنان ليتحركا تحت كفيه مما جعل قلب ذاك الحنون ينتفضُ فرحُا وسعادة لينطق بصوتٍ يكسوه الحبور الشديد:
-دول سمعوني وبيردوا عليا يا إيثار، ولادي عارفين صوتي وبيحسوا بيا
تلمست شعر رأسه بحنان لتنطق بنبرة سعيدة لأجله:
-طبعاً عارفينك يا حبيبي،دول ولاد سيادة المستشار فؤاد علام وأكيد وارثين عنك النباهة والذكاء
ابتسم ليعتدل بجسده من جديد،ثم جذبها لأحضانه وتحدث وهو يستنشق شعر رأسها:
-وحشتيني قوي،كل حاجة فيكِ وحشتني،نظرة عيونك صوتك، حتى ريحتك اللي تشبه ريحة الجنة
كانت تستمع إلى كلماته وكأنها تستمعُ إلى عزفٍ رائع على البيانوا،تعمقا بالنظر كُلٍ منهما إلى الأخر ليندمجا معًا داخل حالة الهيام التي اجتاحت روحيهما ليغوصا داخل بحر هواهما العظيم،غفت بين أحضانه بعد أن قضى كلاهما ليلةً رومانسية لتضاف إلى لياليهم الرائعة،فاق في الصباح ليراها جالسة ووجهها عابس ليسحب جسده سريعًا ويسألها بإهتمامٍ:
-مالك يا بابا،قاعدة كده ليه؟!
أخذت نفسًا عميقًا قبل أن تنطق بصوتٍ جاد:
-فؤاد،أنا عاوزة أروح كفر الشيخ
زفر وهو يقلب عينيه بضجر لينطق بصوتٍ حاد:
-صباح الهرمونات والجنان الرسمي
تطلعت بعينيه وابتلعت ريقها قبل أن تقول بتأثر:
-أنا مبهزرش يا فؤاد،أنا عاوزة أزور قبر بابا وأسد الدين اللي عليا
ضيق بين عينيه ليسألها مستفسرًا:
-دين إيه ده اللي عليكِ يا إيثار؟!
طالعته بتأثرٍ قبل أن تنطق…..

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية أنا لها شمس)

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى