رواية أمومة زائفة الفصل الخامس 5 بقلم سارة علي
رواية أمومة زائفة الجزء الخامس
رواية أمومة زائفة البارت الخامس
رواية أمومة زائفة الحلقة الخامسة
” لكنك لن تتزوج من ريم … ستتزوج من آخرى .. آخرى أنا سأختارها … هذا شرطي الوحيد … ولن أتنازل عنه ..”
أنهت حديثها وبقيت تتأمل وجوم ملامحه حتى نطق أخيرا :-
” ما الفرق ..؟! ريم أو غيرها ..؟!”
احتدت ملامحها تماما وهي تهمس من بين أسنانها:-
” وما الفرق بالنسبة لك أيضا ..؟أم إن الأمر بالفعل يشكل فارقا عندك …”
هتف منتفضا من مكانه :-
” أنت من أردتِ مني الزواج … أنا لم أفكر بالأمر أساسا ..”
تسائلت بعدم تصديق :-
” هل تحاول إقناعي إنك لم تفكر بالأمر إطلاقا …؟! ولا لمرة واحدة ..؟!”
أضافت وهي تتأمل ارتباكه :-
” دعك من الزواج مجددا .. ألم تفكر ولو لمرة في وضعك الحالي وأنت لا تستطيع الحصول على طفل ..؟! ألم تسأل نفسك عن المدة التي ستنتظرها حتى تحصل على طفل من صلبك …؟!”
” ربما فعلت ولكن هذا لا يعني أن أتزوج …”
قالها بهدوء لتهتف بيأس :-
” وأنا لن أنتظر حتى تقرر الزواج وأنا أقف مكتوفة الأيدي أراقبك بتعاسة ..”
هز رأسه غير مصدقا لتضيف هي بثبات :-
” تزوج يا خالد … ”
ثم تبعتها بنبرة متعبة :-
” من فضلك تزوج فأنا لا يمكنني تحمل المزيد من اللوم ممن حولك …”
مسح على وجهه بتعب قبل أن يهتف :-
” هل تعتقدين إن الأمر سيحدث بسببك أو بسبب أبي ..؟!”
سألته بقلق :-
” ماذا تقصد ..؟!”
أجاب بصلابة :-
” أنا حاليا لا أريد الزواج .. لست مجبرا على الزواج فقط لإنك تريدين ذلك أو لأن والدي يحاول إجباري على ذلك … أنا لن أتزوج بناء على أوامركما … لن أتزوج حتى أنا أريد ذلك …”
كان يتحدث بحزم ووضوح جعلها ترتبك عندما أنهى حديثه بحسم :-
” أغلقي هذا الأمر يا سلمى … والآن هل تعودين معي أم ….”
توقف لوهلة يراقب توتر ملامحها عندما أضاف بحزم :-
” ستعودين معي كما كنتِ وتنسين هذا الموضوع برمته أو تبقين هنا … ”
” كيف ..؟!”
همست بها بحيرة ليهتف بهدوء :-
” كما سمعتِ .. تعلمي أنت ووالدي أن ليس كل شيء يسير على هواكما … والآن هل ستعودين معي …؟!”
نظرت له بحيرة وعقلها مشتت تماما وداخلها يتسائل عما ينتويه خالد …
***
عادت معه …
زوجة والدها هنأتها على قرارها وهي تمليها النصائح وتطلب منها أن تكون اكثر حكمة وهدوءا …
حماتها رحبت بها بسعادة شديدة بينما علمت إن ريم غادرت المنزل ..
شعرت براحة شديدة وسعادة …
وجودها هنا كان يجثم فوق صدرها دون رحمة …
صعدت إلى جناحها وقررت أن تأخذ حماما سريعا بعدما رتبت ملابسها في الخزانة …
خرجت من الحمام بعد مدة وقررت أن تدلل زوجها قليلا …
ارتدت قميص نوم رقيق يليق بها وتعلم إنه يعجبه عليها للغاية …
اعتنت ببشرتها كعادتها وسرحت شعرها بعناية قبل أن تضع زينة الوجه التي تبرز جمالها ونعومة ملامحها …
تعطرت واستعدت لاستقبال زوجها الذي دخل إلى جناحهما أخيرا لترى الانبهار واضحا في عينيه قبل أن يتقدم نحوها معانقا إياها فتبادله عناقا يمنحها دفئا مختلفا …
دفئا لا تجده سوى معه ..
سمعت همسه في أذنها وهو يخبرها :-
” اشتقت لك …”
ابتعدت من بين أحضانه قليلا تبتسم له وهي تخبره بصدق :-
” وأنا كثيرا …”
مال يطبع قبلة دافئة فوق جبينها يتبعها بقبلة أخرى فوق شفتيها قبل أن يأخذها في عناق حميمي استجابت هي له بخجل ما زال يسيطر عليها رغم مرور سنوات على زواجهما …!
***
في الصباح …
استيقظت بسعادة شديدة بعد ليلة البارحة …
كانت ليلة مثالية …
شعرت بشوقه لها …
شوق وشغف أطاحا بها ..
رغم كل شيء هي تمتلك تأثيرا عليه …
تأثيرا كبيرا …
ابتسمت وهي تسحب هاتفها وتفتحه لتقرأ رسالته وهو يخبرها إنه غادر إلى عمله ولم يشأ أن يوقظها …
تنهدت براحة وهي تغلق الهاتف وتضعه جانبا مقررة أن تنسى ما حدث في الفترة الماضية …
هو لن يتزوج …
هكذا قال وهي عليها أن تنسى ما حدث في الايام الماضية …
حديث والده …
قرارها الغبي بتزويجه …
وأشياء أخرى أكثر حماقة ..
يجب أن يعود كل شيء إلى نصابه ..
كما كان سابقا …
قبل قدوم ريم …
وقبل قرار والده …
وقبل أن يدمر الخوف راحتها ..
***
غادرت جناحها متجهة إلى الحديقة حيث يجلس والد زوجها هناك في هذا الوقت من الصباح …
يجب أن تتحدث معه …
عليه أن يفهم قرار ولده ويحترمه …
يجب أن تضع حدا لكل هذا …
هذه المرة لن تسمح له بتدمير حياتها …
أبدا…
لن تجعله يتحكم فيها …
ولن ينجح في استفزازها واللعب على وتر ضميرها …!
تأملته وهو يجلس في الحديقة يقرأ الجريدة بتركيز وأمامه فنجان قهوته كالعادة في هذا الوقت …
سارت نحوه عندما رفع وجهه نحوها ليهتف بهدوء :-
” اهلا سلمى ..”
” اهلا عمي .•
قالتها وهي تجلس قباله قبل أن تضيف بجدية :-
” تحدثت البارحة مع خالد …”
نظر لها باهتمام لتضيف بهدوء :-
” أخبرته أن يتزوج …”
أغلق جريدته ووضعها فوق الطاولة قبل أن يقول :-
” بالطبع رفض …”
اومأت برأسها وهي تضيف :-
” لم يرفض فقط وإنما طلب مني ألا نتحدث بهذا الموضوع مجددا … كما إنه هددني …”
رفع حاجبه متسائلا :-
” كيف هددك ..؟؟”
قالت بتردد :-
” إما أن نغلق هذا الموضوع ونعود كما كنا أو لا عودة لي معه …”
تأملت هدوء ملامحه بريئة عندما أضافت بخفوت :-
” خالد يرى إن في قراري تحكما به وبحياته وكذلك بالنسبة لك .. هو يقول إنه سيتزوج عندما يريد ذلك …”
بقيت ملامحه محافظة على نفس الهدوء عندما نطقت بتردد :-
” عن نفسي لن أتحدث معه بشأن هذا مجددا .. ”
التوى ثغره بإبتسامة باهتة قبل أن يهتف ببرود :-
” كما تريدين …”
همت بالنهوض لكنها تراجعت وهي تسأل :-
” هل أنت غاضب مني …؟!”
تأملها بعينيه بتروي أربكها قبل أن يهتف ببساطة وهو يرفع فنجان قهوته نحو فمه :-
” أبدا..”
أضاف بثبات بعدما ارتشف القليل من قهوته :-
” في النهاية خالد حر … أنا قلت ما عندي … لن أتدخل فيه مجددا …”
***
في مكتبه …
يعمل على احد الملفات بحرص شديد عندما صدح صوت هاتفه ينبأ عن وصول رسالة …
فتح الرسالة بإهتمام عندما تجمد مكانه وهو يقرأ ما بها :-
” زوجتك كانت تعلم بعدم قدرتها على الانجاب منذ أكثر من سبعة أعوام أي قبل رؤيتك لها حتى … إسألها عن الحادث الذي حدث لها في السابعة عشر من عمرها وتسبب لها بمشكلتها هذه …”
تبع تلك الرسالة صورة تقرير بتاريخ يعود لما قبل سبعة أعوام …!
اتسعت عيناه بعدم تصديق …
حاول أن يكذب ما هو مكتوب في الرسالة لكن كل شيء واضح …
ورغم هذا عقله يرفض أن يستوعب ما هو مكتوب …
***
كان يقود سيارته بجسد يرتجف غضبا وملامح شديدة العصبية …
لا يصدق ما عرفه ..
كيف خدعته ..؟!
طوال تلك السنوات ..
مر شريط حياته معها أمام عينيه ..
خمس سنوات من الخداع …
زواجه منها …
ذهابها إلى الطبيبة وعودتها باكية وهي تخبره عن مشكلة لديها في رحمها ..
مواساته لها ..
خمسة أعوام تحمل انهياراتها بصبر ..
لم يتوقف عن دعمها ..
كان حريصا ألا يجرحها بأي كلمة او تصرف حتى لو دون قصد …
كان يعاملها كماسة رقيقة يخشى عليها من أي شيء كان …
راعاها كما لم يفعل مع غيرها …
منحها كل شيء تحتاجه …
لم يبخل عليها بحنوه ولا دعمه …
لم يبخل عليها بأي شيء بينما هي كانت تخدعه منذ البداية …
مثلت الصدمة بما تعانيه …
لعبت على مشاعره …
خدعته …
وهو الذي كان حريصها ألا يؤذيها بأي طريقة كانت ..
لحظات وكان سيصدم امرأة تعبر الشارع لولا إنه انتبه في اللحظة الأخيرة واستطاع تفادي الاصطدام بها بمعجزة …
أغمض عينيه بعدم تصديق …
أنفاسه تسارعت بشكل مخيف …
سنوات عاشها معها كلها كذب وخداع ..
سنوات حرم نفسه من الأبوة لأجلها بل تعمد أن يقتل رغبته هذه فقط مراعاة لها …
فتح عينيه بصعوبة قبل أن يدير مقود سيارته متجها اليها ..
***
اندفع خالد إلى داخل جناحه لتنهض هي تستقبله بسعادة سرعان ما انمحت وهي ترى الصدمة الممزوجة بالغضب مرتسمة على ملامحه .
كانت المرة الأولى التي ترى بها ملامحه بكل هذا الغضب …!
ارتعبت بينما يندفع نحوها ويده ترتفع بنية صفعها ..
صرخت بجزع بينما يده توقفت بالمنتصف قبل أن تصل عند وجنتها ..
لحظات واندفع يقبض على كتفيها ..
يعتصرهما بقسوة شديدة بينما يصيح بها :-
” لماذا ..؟! لماذا كذبت عليّ ..؟! لماذا خدعتني ..؟؟”
تساقطت دموعها بسرعة وقد أدركت ما حدث …
علم بكل شيء …
لن تستطيع النطق بينما صاح بصوت مخيف وهو يهزها بعنف مؤلم :-
” تحدثي … قولي أي شيء … ”
لم تجب…
فقط دموعها تتساقط بغزارة عندما دفعها بعنف نحو السرير لتنهار باكية بعنف بينما أخذ هو يلتقط أنفاسه بعسر …
بعد دقائق هدأ بكائها قليلا بينما كان هو يجلس على الكنبة المقابلة للسرير بأنفاس لاهثة ووجه بائس …
اعتدلت تجلس فوق السرير ووجهها مبلل تماما أحمر للغاية بسبب شدة البكاء …
كانت تخشى هذه اللحظة أكثر من أي شيء …
وهاهي قد أتت وكما توقعت كان غضبه مدمر …
هي تعرفه …
ولا يمكنها لومه …
في النهاية هو رجل مخدوع …
وهي تلاعبت به …
نهضت من مكانها بسرعة تجري نحوه تنحني بجسدها أمامه تهمس بصوت مبحوح :-
” أنا اسفة … آسفة كثيرا …”
عادت دموعها تشق طريقها فوق وجنتيها وهي تضيف باكية :-
” خفت أن أخبرك … كنت ستتركني … ما كنت سترضى بي … والله خفت … لم أرد خداعك لكنني كنت مجبورة …”
ملامحه كانت جامدة تماما ..
فقط عيناه من كانتا تحملان قهر العالم كله فيهما …
قبضت على كفه وهي ما زالت منحنية بجسدها أمامه تهمس برجاء :-
” سامحني يا خالد … أعلم إن ذنبي كبير … لكن أرجوك سامحني .. ”
مال فمه بإبتسامة ساخرة وهو يهمس بمرارة :-
” كيف ..؟؟ كيف أسامح …؟!”
” أرجوك …”
همست بها بصوت مرتعش عندما وقعت عيناه فوق ملامحه الباكية بمرارة توازي مرارته عندما أضاف بتوسل :-
” لا تتركني … أنا لا أستطيع العيش بدونك … أرجوك …”
تأملت المرارة في عينيه عندما همست بخفوت :-
” سأفعل أي شيء لتسامحني … أي شيء يا خالد … فقط لا تتركني …”
” صعب …”
نطقها بألم خفي وهو يضيف بحسرة :-
” صعب جدا يا سلمى …”
” سأفعل أي شيء … فقط سامحني …”
مال يتأملها بتروي قبل أن يهتف بعد لحظات :-
” لن تفعلي .. أنا من سيفعل …”
ثم نهض من مكانه تاركا إياها قابعة فوق أرضية المكان بضياع عندما نطقت وهي تشاهده يهم بالمغادرة :-
” ستطلقني ..”
توقف لوهلة مكانه قبل أن يستدير هاتفا بجدية :-
” كلا ، ولكنني سأستعيد حقي … سأنال ما حرمت منه نفسي لسنوات من أجلك …”
استندت على أرضية المكان بكفيها قبل أن تنهض بصعوبة من مكانها ليضيف بقرار لا رجعة فيه :-
” سأتزوج … من ريم … ”
وكان قرارا حاسما لا رجعة فيه ..
قرارا كانت تخشاه لأعوام وهاهو يتحقق بسببها …
قرارا منطقيا لرجل عاش لأعوام مخدوعا …
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية أمومة زائفة)