رواية أمنيات وإن تحققت الفصل الرابع 4 بقلم ليلة عادل
رواية أمنيات وإن تحققت الجزء الرابع
رواية أمنيات وإن تحققت البارت الرابع
رواية أمنيات وإن تحققت الحلقة الرابعة
صمتت مفيدة وهي تنظر إلى منة التي نظرت لها بضعف قالت وهي تهز رأسها بموافقة:
_ حاضر يا ماما قلت لك أنا وافقت خلاص، بس أنتِي قولتي إنه عايش في بيت عيلة وأنتِي مجربة بيت العيلة، عاجبك يعني اللي بيحصل لماهيتاب؟
مفيدة وهى تحاول أن تقنعها بأي شكل:
_ما أنا هشرط عليه إنك تعيشي لوحدك ماتقلقيش أنا مش هيتضحك علينا زي المرة اللي فاتت، أنا في ظهرك يا بت بس خليني كده حلوه واسمعي الكلام وفرحيني ووافقي عشان أحبك.
نظرت لها منة بضعف وحزن بعين ترقرقت بالدموع، قالت بأنين خنق نبرة صوتها:
_ هو أنا يعني مش عايزة اتجوز؟ وفرحانة يعني بقعدتي كده؟ أنا نفسي اتجوز راجل محترم يحبني واحبه واخلف، ويبقى ليا حياتي، بس أعمل ايه يا ماما، ما هو أنا على يدك بيجيلي عرسان كتير أقل مني في التعليم وفي المستوى المادي والاجتماعي وبرغم إني أحيانا كنت بتنازل وبوافق، بس هما ما بيوافقوش بيا، اعمل ايه؟ قولي لي اعمل ايه؟ اديني وافقت اهو على العريس وهقعد في بيت عيلة، بس بالله عليكي يا شيخة لو جه وأنا ماعجبتوش ما تفضليش توجعيني بكلامك.
مفيدة باعتراض:
_ تفي من بوقك، إن شاء الله هتعجبيه، بعدين أنتِي يا منة اللي بتزعليني بصراحة، لما واحد من دول بيعجب بيكي وأنتِي بترفضيه وأنا ما بصدق يا حبيبتي إن حد بيوافق بيكي.
منة بحسرة فى نبرة صوتها:
_وكل اللي بيوافقوا بيا يا ماما وقيع، وأنتِي عارفة إن هما وقيع ما يتقلعوش من رجلك، ترضيها بالله عليكي ترضيها لي، يعني حمدي ولا صالح ينفعوا، طب فاكرة أحمد الشمام؟ كان ينفع اتجوز واحد شمام؟ ويعيشني مع أمه وما بيشتغلش وأنا اللي هصرف عليه.
نظرت لها مفيدة بحزن وقالت:
_يا منة أنا عايزة افرح بيكي.
منة بضعف بنصف ابتسامة حزن:
_ هتفرحي، بس أنتِي ادعيلي ربنا يرزقني بابن الحلال اللي يسعدني ويكون عوض، أنا هروح بقى عشان الحق الناس قبل ما تيجي.
(بعد وقت)
نشاهد منة ووالدتها ووالدها والعريس وأمه يجلسون في الصالة، كان العريس ينظر لها من أعلى لأسفل من طرف عينه، فهي لم تعجبه ولم يقل كلمة واحدة طول القاعدة.
محمود بترحيب:
_والله أنتم منورين يا أم يحيى.
أم العريس:
_ منور بأهله يا أبو مهاب.
بعد وقت رحل العريس هو ووالدته دون أن يتفوه بكلمة واحدة.
كانت مفيدة تقوم بالتحدث مع أحد في الهاتف.
مفيدة بحزن:
_ يعني ايه يا أم عادل البنت ماعجبتوش؟ ده حتى ما تكلمش معاها ولا سمع صوت البنت غير وهي بتقول الحمد لله يا أم عادل.. بعدين البت قبلت بيه وهو أقل منها في التعليم وكمان بيت عيلة، ده أنا فضلت ازن على أبو مهاب والبت يوافقوا، ما أنتِي عارفة يا أختي إننا ملدوعين من بيت عيلة بسبب جوز ماهيتاب.. اه.. والله العظيم راحت عند الدكتور وحاولت تخس بس هنعمل ايه! هي طالعة زي خالتها هرمونات.. وبعدين موضوع النظارة ده راحت لكذا دكتور وقال لها اوعي تقربي من عينيك.. هنعمل ايه طيب ادي الله وادي حكمته.. خلقه ربنا هنقول ايه.. طب أنتِي شوفي لنا واحد ثاني كده برده بس بقولك ايه ما تخلهوش يجي، أنا هبعت لك كم صورة للبنت، وتوريها له قبل ما يجي، عجبته أهلًا وسهلًا ما عجبتوش خلاص، البنت برده بتحط في نفسيتها لما الولا من دول يجي وما يفتحش بقه معاها، كأنه جاي يعين بضاعة.. طيب يا أم عادل، بس ما تنسينيش والنبي عايزة افرح بالبت.. قولي لهم دي مهندسة ما شاء الله وبتقبض 5000 جنيه في الشهر، وبتتكلم لغات وحافظة قرآن جزئين، مش بتسيب فرض، وبتعرف تطبخ ست بيت يعني.. ماشي سلام.
نظر لها محمود وقال بحزن:
_برده ما عجبتهوش؟
مفيدة بحزن:
_لا ما عجبتوش، عشان تخينة والنظارة، هنعمل اية طيب يا أبو مهاب؟
محمود:
_ لسه نصيبها مجاش، البنت مش كبيرة اوي 27 سنة.
مفيدة:
_ أنا عارفة، بس اديك شايف، البنت سوقها واقف، فين وفين لما بيجي لها عرسان، وعمر ما جالها عريس غير عن طريق حد، عمرها ما راحت فرح ولا حتى في شركتها ولا في جامعتها شافها واحد وحبها وطلبها.
محمود:
_سيبيها على ربنا، خليها قاعدة كده أحسن ما تتجوز واحد زي جوز ماهيتاب، اللي كل شوية يغضبها عاجبك يعني عيشه بنتك؟
مفيدة باستهجان:
_ اه عجباني عيشة بنتي، اسمها في عصمة راجل مش عانس، اسكت أنت، وبعدين ما تشوف لنا حد عندك في الشغل كده من عيال صحابك أو العيال الصغيرة اللي بيشتغلوا معاك دول، حتى لو باليومية، ايه المشكلة وهي هتبقى تساعده في مصاريف البيت، ايه المشكلة لما تساعد راجلها ما بتقبض فلوس كثير.
محمود:
_طيب حاضر هشوف.
مفيدة:
_ بس برده ابقى وري له الصورة الأول أو شاور له عليها من بعيد، عشان البنت ما تحطش في نفسيتها لو رفضها.
نظر لها محمود وهو يعقد حاجبيها بتعجب:
_قولي لنفسك الكلام ده، ما دام بتخافي على مشاعرها بدل ما كل ما تشوفيها تقولي لها بصي لنفسك في المرايه، متتنكيش على حد امال، لو كنتِ حلوة شوية، ده أنتِي كسره دايما بخاطرها.
مفيده بدفاع:
_اعمل ايه ما هي بتستفزني، أنا ما بصدق اشوف لها عريس ويوافق بيها، وهي تفضل تقول لي ده تعليم قليل، ده شغلنته مش مناسبة، ما ارتحتش، واحنا بنلاقي بالساهل يا محمود عريس يوافق بيها لازم اقول لها الحقيقة، بنتك مش حلوة والرجالة يا حبيبي ما بتاخدش غير النسوان الحلوة هيعمل ايه بالتعليم، وهو في حضنها اخر الليل، هيقول لها قوليلى 5 فى 5 بكام، الرجاله من دول يا حبيبي عايز يشوف خلقة عدلة يتصبح ويتمسى بيها مش شبه واحد صاحبه وأنت راجل وفاهم.
محمود:
_ طب بالراحه على البنت شويه هي هتعمل ايه ربنا اللي خلقها كده.
مفيدة:
_ أنا نفسي اعرف طالعة وحشة لمين؟ ولا أنا ولا أنت وحشين ولا تخان.
محمود:
_ على فكرة بنتك مش وحشه كده، بنتك ملامحها حلوة، أنتِ اللي شايفاها وحشة.
مفيدة:
_ بقول لك ايه ؟ ده الكلام معاك بيوجع الدماغ، أنا هروح اعمل لي كوبايه شاي اعمل لك معايا؟
محمود بتنبيه أشار بإصبع يده:
_ اعملي وبراحه على البنت شويه مش هقول لك تاني.
كل هذا وكانت تقف منة في نافذة غرفتها تستمع إلى حديث والدها ووالدتها، الذي كان مسموعًا بشدة وعينيها ترقرقتا بالدموع، ذهبت وتوجهت إلى مرآة الخزانة، وقفت وهي تركز النظر في ملامح وجهها وجسمها ..
وقالت بصوت داخلي بوجع خنق صوتها باستغراب وحيرة واضطراب:
_ هو أنا فعلًا وحشة كده وتخينة اوي كده وأنا مش عارفة؟! وواخدة في نفسي مقلب؟ ولا هما اللي شايفني وحشة؟ ما في بنات أتخن مني بكتير اتجوزوا وأوحش منى كمان! وبعدين ده مفيش حد فيهم حاول يسمعني يعرف حتى صوتي تخين ولا رفيع !! هو أنا مش من حقي اختار وأرفض؟ لازم أي واحد يجيلي أقول أنا موافقة وأقبل بشروطه وتنازل، أنا تعبت حقيقى، تعبت صبرك يا رب.
رفعت عينيها لأعلى بضعف وبقهر قالت:
_عشان خاطري يا رب، عشان خاطري، صبرني وقويني، عشان أنا بدأت أضعف تاني، أنا مهما حاولت أعمل نفسي قوية، بس أنا ضعيفة، أنا نفسي أتجوز، نفسي أتحب وأحب، ويبقى ليا حياة زي أخواتي وأصحابي، بس اعمل ايه قوينى يا رب.
(بعد كم يوم)
في أحد محلات البقالة، ٧م
نشاهد منة تقف أمام المحل وهي تقوم بشراء بعض الأطعمة.
البقال:
_حاجة تاني؟
منة : اها وهاتلي تمن لانشون حلواني وربع براميلي و١٠ بيضات.
جاءت إحدى السيدات التي يبدو من مظهرها أنها في أوائل الخمسينات ترتدي عباءة سوداء.
السيدة: السلام عليكم، بقول لك ايه يا خيري عايزة ب 10 جنيه لانشون بيفي وبيضتين.
(نظرت بجانبها قالت بابتسامه) منة ازيك يا حبيبتي عاملة ايه؟
نظرت لها بابتسامة:
_ الحمد لله، ازي حضرتك يا طنط؟
السيدة:
_ والله الحمد لله يا حبيبتي، ما بقيناش نشوفك خالص.
منة: والله الشغل بقى يا طنط، عاملة ايه وسلمى أخبارها ايه؟
السيدة: والله الحمد لله، اهي لسه والده بقى لها كم يوم.
منة:
_ما شاء الله، الله أكبر، ربنا يخلي يا رب ويسعدها.
السيدة:
_ وأنتِي يا حبيبتي عاملة ايه جبتي حاجة ولا لسه؟
نظرت لها منه باستغراب:
_ أنا لسه ما اتجوزتش دي ماهيتاب.
نظرت لها السيدة:
_ والله، ازاي يا منة يا حبيبتي؟ ما ينفعش كده احنا عايزين نفرح بيكي ده دلوقتي اللي قدك عندهم اثنين وثلاثه طولك، أنيتِ مش جبت ال 29؟
منة:
_لا انا عندي حوالي 28 .
السيدة:
_ برده كلها سنتين وتخش ال 30 وبعد ال 30 سوق البنات بيبرك، اه يا بنتي انا كان لي واحده كده اعرفها فضلت تتنك على عرسان لحد ما وصلت ال 30 محدش خلاص كبرت وسوقها وقف، وصلت دلوقتي 45 ومحدش عايزها، هيعمل بها ايه؟ اللي في سنها عيالهم بيتجوزوا.
منة بعقلانية:
_الجواز قسمة ونصيب يا طنط، مش بالاختيار ولا قرار، هو نصيب ومكتوب عند ربنا سبحانه وتعالى، أكيد لما يجي لي حد محترم وكويس أخلاقه عالية مش هقول لا، لكن يا فرحتي يا طنط أن يجي لي عريس واتجوزه ويطلع عيني ويضربني زي سلمى بنت حضرتك، أنا كنت عارفة إن حصل مشكلة كبيرة جدًا بين جوزها وبين يوسف ابن حضرتك، لدرجة إن وصلت للأقسام، فاعتقد حاجة زي كده ونسب زي ده يخلي الواحد يحذر يعني، أنا ما عنديش مشكلة اتجوز وانا بنت 40 سنة، راجل محترم يتقي الله فيا أنا وأهلي ولا اتجوز وأنا بنت 14 واحد يفطرني بعلقة ويعشيني بعلقة، ويسب لي بالأب والأم، ويسمع بيا الشارع كله، ولا ايه؟
نظرت لها السيدة من أعلى لأسفل، وأخذت ما تريد ورحلت دون ان تتفوه بكلمة.
نظر لها البقال وقال لها:
_ أحسن يا منة إنك رديتي عليها كده، ست ما عندهاش دم، ده جوز بنتها فاضحهم في المنطقه كلها، هي نسيت ولا ايه.
منة:
_والله يا عمو أنا مكنش قصدي خالص، بس فعلًا مش إنجاز يعني إن أنا أتجوز بسرعة وأنا في سن صغير واحد يبهدلني، اختيار الراجل الصالح المناسب التقي هو اللي إنجاز حتى لو في سن كبير.
البقال:
_ ربنا يفرحنا بيكِ يا منة إن شاء الله.
_شركة رسلان للمقاولات ٢م
_مكتب منة.
_نشاهد منة تقوم بعمل مكالمة وهي تجلس على مقعد المكتب، وتقوم بالاتصال بحنين لكي تسألها عن موقفها من الرحلة.
منة:
_ايه يا بنتى؟ مردتيش عليَّا وفات كتير.. مش هينفع ليه؟ طب حاولى.. طب نخليها وقت تانى.. طيب.. لا مش هروح مش حابة ابقى لوحدي، ماشي سلام.
أغلقت الهاتف وهي تشعر بالضيق الشديد، تريد أن تسافر وأن تغير جو، لكن لم تجد أحد يذهب معها ولا تعرف أن تذهب بمفردها، ثم فتحت اللاب توب وقامت بالعمل لكي تشغل تفكيرها ووقتها فى العمل.
_منزل منة ٦م
_غرفة النوم .
_نشاهد منة تقف أمام خزانة الملابس وهي تبحث في ملابسها بحيرة وهي تقول في نفسها:
_أنا لازم اشتري كم طقم، هدومي كلها قدمت فعلًا، وأنا بشتغل في شركة كبيرة، ما ينفعش اللي أنا فيه ده، دول بيهتموا بالمظاهر جدًا، ده أنا أيام الجامعة كل أسبوع بجيب طقم.
أمسكت هاتفها وقامت بعمل مكالمة لشروق:
_ الو، ايه يا شروق بقول لك ايه أنتِي فاضية بكرة بعد الساعة ٧ كده؟ يعني عايزة انزل اشتري كم طقم.. هدومي كلها قدمت.. لا.. طب يوم الاثنين؟ اكيد ما تطنشيش زي المرة اللي فاتت، خلاص ماشي سلام.
_شركه رسلان للمقاولات ٤م
_الكافتيريا
_ نشاهد منة تجلس على البار وهي تحتسي الشاي وتتناول الكيك، وبعد قليل اقترب منها محمد بابتسامة ترتسم على وجهه.
محمد بمرح:
_هالو منوش.
جلسه بجانبها سألها باهتمام:
_ أخبارك ايه؟ مش قولتي النهارده هتمشي بدري عشان نازلة مع شروق تجيبوا لبس.
منة وهى تحتسى الشاى:
_اعتذرت اتخانقت مع عمرو امبارح وقال لها مفيش نزول.
محمد:
_ ما تنزلي مع نفسك.
منة وهى تزم شفتيها:
_ مابحبش ومابعرفش الصراحة.
محمد بمزاح:
_ ليه صغيرة؟
منة بتوضيح:
_ لا مش صغيرة، بس مبحبش اعمل حاجة لوحدي، عارف لما تمشي لوحدك كده في الشارع وتقعد تتفرج على الفتارين وأنت لوحدك إحساس رخم جدًا، على فكرة هما مش بيختاروا لي اللبس، أنا اللي بختار كل حاجة لنفسي ورخمة جدًا في الموضوع ده، ما بقتنعش يعني بذوق حد، بس يبقوا معايا ونس.
عدل محمد من جلسته ونظر لها بتركيز وقال بعقلانية:
_بصي يا منة، أنا ممكن أقولك اجي معاكي، بس اكيد مش هينفع، أنا عايزك تتعلمي تعتمدي على نفسك، طبيعي الناس مش هتكون فاضية زي الأول، مش هينفع تفضلي موقفة حياتك عشان خاطر صاحبتك، مش فاضية، يعني أنتِي دلوقتي بتقولي إنك محتاجه جدًا تجيبي لبس، ومش هينفع تأخري نفسك عشان هما مش فاضيين.
منة بتبرير:
_هي قالت لي خليها بكرة، وأكدت عليَّا إنها أكيد هتيجى معايا، بعدين هي بتنزل معايا عشان حرام مفتريش عليها.
محمد بعقلانية:
_ بس وقتها مبقاش متاح زي الأول؛ لأن بقى في حياتها زوج وطفل مسؤولين منها.
منة:
_بالظبط، فأنا عارفة إن هو غصب عنها، بس أنا لما بحتاج من شروق أي حاجة في أي وقت بصراحة بلاقيها.
محمد:
_ منة ركزي معايا، أنا بتكلم في نقطة واحدة، نقطة إنك موقفة حياتك على أصحابك، مابتخرجيش، حتى السفرية بتاعة دهب اللي كان نفسك تروحيها ما عرفتيش تروحيها عشان هما مش عارفين.
ما تروحي لوحدك، ايه المشكلة، انزلي جيبي لبس لوحدك ايه المشكلة، اعتمدي على نفسك لأن ما ينفعش تفضلي موقفة حياتك على الآخرين، أنا مش فاهم يا منة أنتِي ازاي شاطرة كده في شغلك وشخصيتك قويه، بس في حياتك الشخصية عندك عيوب كثير لازم تغيريها عشانك.
نظرت له منة دون رد وهي تفكر في حديثه، فهو محق في كل كلمة قالها.
(بعد وقت)
_نشاهد منة وهي تسير في الشوارع تنظر في الفتارين يبدو أن حديث محمد معها جاء بنتيجة، وبعد مرورها على أكثر من محل دخلت أحد المحلات، أخذت تتطلع على الملابس المختلفة وتمسك القطع وتقوم بقياسها على نفسها من الخارج، لكنها شعرت بالحزن أنها بمفردها ولا تستطيع أن تأخذ رأي أحد هل هذه ملابس مناسبة أم لا، وضعتها في مكانها وذهبت إلى بيتها.
وفي اليوم التالي قامت بالاتصال بشروق لكي تذهبا معًا شراء الملابس كما وعدتها شروق في اليوم السابق، لكن كالعادة لم تستطع شروق الذهاب معها شعرت بالحزن وخيبة الأمل.
كانت هذه هي العادة عدم استطاعة أحد الذهاب معها، ولكن عندما كانت شروق لديها الوقت لكي تذهب مع منة للتسوق كانت منة منشغله في الموقع لا تستطيع الذهاب ف اوقاتهم غير مناسبة لبعض.
( بعد مرور أيام)
_شركة رسلان للعقارات ١م
_مكتب منة
_نشاهدها تجلس على مقعد مكتبها وكانت تركز النظر في اللاب توب الذي أمامها، وبعد دقائق طرق الباب دخلت السكرتيرة وهي تقول لها.
أصالة وهى تتقدم نحوها باحترام:
_ مساء الخير باشمهندسه منة.
رفعت منة عينيها نحوها بابتسامة:
_مساء النور يا أصالة.
أصالة:
_ مدحت بيه بيفكرك بالايفنت بتاع شركة النصر، وبيقول لك إنه هيبعتلك العربية تاخد حضرتك من قصاد البيت الساعة ٧.
هزت منة رأسها بإيجاب وهي تقول بتساؤل:
_ هو باشمهندس محمد وصل ولا لسه من الموقع؟
أصالة وهي تهز رأسها بنفي:
_ لسه يا فندم.
منة:
_ تمام يا أصالة، شكرًا اتفضلي.
هزت أصالة رأسها بإيجاب واحترام وخرجت إلى الخارج.
عادت منة بظهرها على ظهر المقعد، وهي تحك جبينها يبدو أنها تناست موضوع الحفل قالت بصوت منخفض:
_ يا نهار أبيض ده أنا نسيت خالص موضوع الحفلة ده وما عنديش حاجة البسها حلوة، أنا هكلم شروق،
لا شروق أكيد هتقولي حماتي جاية أو أمي جاية أو عمرو مش موافق زي كل مرة، هكلم حنين؟! لا حنين صح النهار ده عندها درس قرآن، طب اكلم مين؟ ما عنديش حد أكلمه غيرهم، أكلم مروة اتحمل رزالتها؟! هكلمها.
وبالفعل قامت بالاتصال بشقيقتها مروة.
منة بمرح:
_ رورو عامله ايه؟
مروة باقتضاب:
كويسة .
منة:
_ بقول لك ايه يا حبي انتؤ فاضيه النهارده تيجي معايا عايزه انزل اشتري لبس عشان عندي حفله مهمه .
مروة:
_ معلش يا منة مش هينفع، هنضف الشقه النهار ده، وماقولتش لجوزي وأنتِي عارفاه تنح .
منة:
_ ماشي مش مشكله .
مروة :
_ طب ماتكلمي ماهيتاب، ولا اقولك صح ما هي كانت قايلالي امبارح إن هي عند حماتها اليومين دول.
منة :
_اه ما انا عارفة، كلمت ماما امبارح وكانت بتشتكيلها، خلاص انا هشوف كده شروق لو ينفع تيجي، لو منفعش هروح مع نفسي وخلاص.
مروة:
_ طيب ماشي سلام.
منة:
_ سلام.
منة بصوت داخلي قالت:
_ أنا هكلم شروق واجرب، واسمي جربت يمكن المرة دي تقول لي انزل.
رفعت هاتفها وقامت بعمل مكالمة إلى شروق وبعد قليل أتاها صوت شروق من الاتجاه الآخر.
منة:
_ حبي عاملة ايه؟
شروق:
_ تمام يا قلبي، أنتِ عاملة ايه؟
منة:
_ الحمد لله، بقول لك ايه يا شروق فاضية النهار ده تيجي معايا اجيب لبس؟ عندي النهار ده حفلة مهمة وعايزة اجيب لها حاجة كده تكون حلوة.
شروق:
_طب ما كلمتنيش يا بنتي ليه من بدري ولا حتى قولتيلي من امبارح؟
منة:
_والله يا شروق أنا كنت ناسية خالص، ده لسه أصالة السكرتيرة مفكراني.
شروق بخجل:
_ أنا آسفة يا منة، مش هقدر، حماتي النهار ده جاية ومش هعرف اجي معاكي خالص، وبعدين يا بنتي أنتِي ماشية بالعكس؟ يعني الأيام اللي أنا ابقى فاضية فيها بقول لك يلا ننزل تقولي لي أنا في الموقع وعندي اجتماع.
منة:
_طب اعمل ايه طيب؟ أنا نحس.
شروق:
_ لا متقوليش كدة يا قلبي، بصي عندي فكرة ممكن أكون معاكي على التليفون وأنتِي بتختاري، ونتكلم مكالمة فيديو نختار سوا.
منة :
_ خلاص تمام، ماشي يا حبيبتي.
شروق باعتذار:
_ أنا آسفة بجد يا منة، اوعي تزعلي.
منة:
_ يا ستي عادي ولا يهمك.
أغلقت الهاتف ووضعته على المكتب وهي تشعر بالحيرة والحزن؛ فهي لا تعرف ماذا تفعل، فهي لا تحب ولا تفضل أن تنزل بمفردها لاختيار الملابس، فـهذا الشي يشعرها بالضيق والوحدة كما نعلم.
فبسبب ذلك الموضوع لم تذهب إلى دهب كما كانت تريد وأكثر من مرة تأخرت على شراء ملابس جديدة، فهي كما نعلم لا تعرف أن تفعل شيئا بمفردها؛ فهى تعودت أن يكون معها أصدقائها ويشاركوها كل شيء، لكن هذه المرة لا تستطيع أن تؤجل شرائها لملابس جديدة كما كانت تفعل من قبل.. أخذت تفكر وتفكر، ثم قالت بصوت:
_ ايه المشكلة لما انزل اشتري لبس لوحدي واعتمد على نفسي وعلى ذوقي زي ما محمد قالي، أصلًا كده كده هم بيبقوا معايا عشان يسلوني، لكن أنا اللي بختار بنفسي ولو عظت مقاس أكبر هنادي البنت عادي، ايه المشكلة ولا اخرج باللي أنا لابساه وأقول لها اديني الأكبر، اعتمدي على نفسك يا منة، الناس ما بقتش فاضية لك زي الأول، كل واحد بقى له حياته، لازم تتعودي إنك تبقي لوحدك، مش هينفع تفضلي موقفة حياتك عشان خاطرهم، جربي مش هتخسري حاجة.
تنهدت وأغلقت اللاب توب الذي أمامها، ثم نهضت وأخذت حقيبة يديها وخرجت إلى الخارج
أثناء خروجها التقطت بالسكرتيرة أصالة وقالت لها.
منة وهى تنظر إلى أصالة:
_ أصالة أنا همشي عندي مشوار ومش هرجع تاني لو حصل حاجة كلميني تمام.
أصالة وهي تجلس هزت رأسها بإيجاب:
_ تمام يا فندم.
وبالفعل توجهت منة إلى أحد المولات لشراء ملابس خاصة بها بمفردها لأول مرة..
فنشاهدها وهي تسير في المول تدخل المحلات وتقوم بقياس الملابس كانت يبدو على ملامحها في البداية التوتر والحيرة، لكن مع الوقت بدأت أن تتكييف مع الوضع كانت تقوم بأخذ آراء المتواجدين في المحل وكانوا متعاونين معها بشكل كبير وبعد أن انتهت من شراء الملابس المناسبة لهذا الافينت توجهت لأحد المطاعم وجلست به وقامت بتناول الوجبة، كانت تشعر بسعادة كبيرة أنها استطاعت أن تفعل شيئًا بمفردها لأول مرة دون أن تحتاج لأحد فهو انتصار كبير وعظيم نجحت به منة هذه المرة.
امنيات وأن تحققت بقلمي_ليلة عادل(◕ᴗ◕✿) ♥️ 💞
في أحد القاعات المفتوحة، ٨م
نشاهد حركة دخول وخروج مع استماع لموسيقى هادئة، ثم نشاهد منة وهي تتوقف مع أصدقائها
ترتدي فستانًا أنيقًا جدًا في منتهى الجمال عليها تضع القليل من مستحضرات التجميل وتربط الحجاب بشكل تربون وترتدي النظارة.
اقترب منها محمد بمرح:
_ منوش أخبارك ايه؟
منة التفتت له:
_تمام، الحمد لله، وأنت؟
محمد:
_ تمام.
مرر عينه عليها من أعلى لأسفل:
_ أنا أول مرة أشوفك بالدريس ده، شكله جديد، ها أخيرًا اصحابك حنوا عليكي ونزلوا معاكي.
منة وهي فرحانة بنفسها:
_ أنا هفاجئك، أنا نزلت لوحدي، يعني فكرت في كلامك واتحمست كده بالأخص لما لقيتني قدام الأمر الواقع نزلت النهار ده لما مشيت بدري، واشتريت بقى حاجات كتير، كتير لدرجة إن ماما قالت لي هو أنتِي جبتي لبس ل 10 سنين قدام، اصلي اتحمست اوي فقعدت اشتري اشتري.
محمد:
برافو عليكي، وها حاسة بقى باختلاف؟
منة بتوضيح:
_ يمكن في الأول حسيت كده، أنا متضايقة مش مبسوطة وكنت هتراجع، بس مسكت نفسي مع أول فستان وأول بلوزة خلاص بقيت مضادة للفيروس.
محمد:
_برافو، بما إن احنا بقى واخدين إجازة يومين لازم تطلعي إسكندرية أو السخنة مع نفسك.
منة:
_ بالراحة شويه عليَّا يا عم، مش مرة واحدة كده.
محمد وهو يخرج هاتفه:
_ لا، مرة واحدة، بصي في فندق على طول بروحه أنا وإيمي حلو جدًا، ومش غالي هحجز لك واحجز لك القطر عشان أمان.
رفع محمد هاتفه وقام بعمل مكالمة وحجز في الفندق:
_ آلو، السلام عليكم، لو سمحت كنت عايز أحجز غرفة لشخص واحد من الخميس للسبت، تمام باسم منة محمود عبد الفضيل، ميرسي.
منة وهي تضحك:
_ أنت مجنون.
محمد:
_ لا مش مجنون، ده قرار، فاكرة لما روحتي الكورس بتاع التنمية البشرية والكوتش قال إن التغير قرار، فلازم تاخدي القرار وتنفذيه على طول، وأنا اهو ساعدتك وسهلت لك أول حبل إنك تروحي تلاقي الفندق موجود، ما تقعديش تدوري، بس المرة الجاية هسيبك مع نفسك.
تبسمت منة بتأييد:
_ أنت عندك حق، أنا فعلًا لازم اروح لوحدي وأبسط نفسي.
وبالفعل ذهبت منه إلى مدينة الإسكندرية.
نشاهد منة وهي تجلس في القطار المتجه إلى مدينة الإسكندرية، يبدو على ملامح وجهها الضيق والملل، فالطريق كان مملًا بالنسبة لها، كانت تحاول الاستماع إلى الأغاني والاستمتاع بالمناظر وهي تنظر من النافذة، لكنه لم يجد نفعًا، كانت من حين لآخر تنظر إلى المقعد الفارغ المجاور لها بحزن وهي تتمنى أن يكون أحدهم معها، ليكون الطريق مسليًا وجميلًا وأكثر متعة، وعندما وصلت إلى مدينة الإسكندرية، توجهت إلى الفندق وعند دخولها الغرفة ألقت بحقيبتها على الأرض، وجلست على الفراش بملل كان يبدو عليها الضيق بشدة، لأنها بمفردها.
قالت بصوت:
_ أنا شكلي كده هرجع مصر ايه الملل ده، على رأي المثل جنة من غير ناس ما تداس.
صمتت بثواني وقالت برفض:
_ايه المثل الوحش ده اللي مالوش معنى، ازاي جنة من غير ناس ما تنداس، هما الناس عملوا لي ايه أصلًا، دول صداع، بالعكس جنة من غير ناس تتداس ونص، بعدين لازم اعتمد على نفسي أنا بكبر دول من دلوقت وهما مشغولين مش فاضيين، امال لما يجيبوا عيل واثنين وأولادهم يكبروا ومسؤولياتهم تكبر هيعملوا ايه، ده لو افتكروا يقولوا لي ازيك يا منة احمد ربنا، وأنا شكلي كده مطولة لوحدي، لازم اعتمد على نفسي، وزي ما الكوتش قال لي هو قرار، بعدين ما أنا خدت كورس لوحدي قبل كده، وبردو في الأول كنت مضايقة بعدين تعايشت، وبنزل الشغل لوحدي، وباروح الموقع لوحدي، محدش بياكلني، ده بيخافوا مني، اجمدي يا منة اجمدي يا منة، وقومي في البلكونة واستمتعي بنسيم الهوا، أنتِي جيتي إسكندرية بعد ثلاث سنين شوق.
نهضت وتوجهت إلى الشرفة، كانت إطلالتها على البحر في منتهى الجمال، تبسمت وهي تقول:
_ الله شكل البحر جميل اوي، ولا ريحة البحر. استنشقت بسعادة.
_ يا ريت كان حد من صحابي معايا.
وقفت وهي تتأمل البحر وبعد قليل دخلت إلى الداخل وجلست وهي تزم شفتيها بضيق وملل،
فهي لم تعتاد حتى الآن على تواجدها بمفردها.
أخذت تدور الأفكار برأسها بصوت داخلي قالت:
_ انزل البحر ولا أفضل قاعدة في الأوضة!! ولا انزل اتمشى؟ بس الجو حر وإسكندرية خروجاتها بالليل تبقى أجمل، طب لو نزلت البحر احط الحاجة مع مين؟ أنا مخدش حاجات معايا، يدوب الفوطة والفلوس وازازه مياه، والشبشب لو اتسرق مش إشكال وبالفعل نهضت وارتدت المايوه الشرعي (البوركيني)، وتوجهت إلى شاطئ البحر.
توقفت مع رجل الشماسي طلبت شمسية ومقعد وطاولة.
منة:
_ بقول لك ايه خلي الباقي معاك وأنا مروحة هاخدهم منك، ماشي.
رجل الشماسي:
_ تمام يا مزمزيل.
جلست وهي ما زالت لم تعتد على الأجواء باضطرابات وهي تنظر إلى البحر وهي تفكر هل تنزل وتعوم أم تظل تجلس هكذا.. لكن بعد وقت قليل أخذت قرارها وخلعت الشبشب وطلبت من إحدى العائلات الجالسة بجانبها أن ينتبهوا إلى ممتلكاتها ونزلت إلى البحر وأخذت تعوم وتستمتع.
وبعد قليل اقتربت منها إحدى الفتيات
الفتاه بتودد:
_أنتِ_ لوحدك.
منة:
_ اه، لوحدي.
الفتاة:
_ فين أخواتك أو قرايبك؟
منة نظرت لها هل تجيبها أنها مفردها أم تكذب عليها، قررت أن تكذب عليها لأنها لم تعرفها جيدًا:
_ منزلوش، وأنا كنت زهقانة وحرانة، فقلت هنزل لوحدي.
الفتاة:
_ أنا ما عنديش غير بابا وماما، ما عنديش أخوات عشان كده بنزل لوحدي، على فكرة احنا الشمسية اللي جنبك، أنتِي طلبتي من ماما تاخد بالها من الحاجة بتاعتك.
منة:
_ بجد؟ طب خلاص نخلينا مع بعض بقى، أنا اسمي منة، وأنتِي؟
الفتاة:
_ اسمي رحمة، أنتِي عندك كم سنة؟
منة:
_ ٢٨ ومهندسة مدنية، وأنتِي؟
رحمة:
_ أنا خدمة اجتماعية، وعندي 25 سنة وسنجل.
منة:
_ وأنا كمان سنجل.
ضحكتا وأخذتا تعومان سويًا، وتلعبان وتمرحان وقضتا وقتًا جميلًا مع بعضهما، واتفقتا أن تذهبا في الليل مع بعضهما للتنزه.
بالفعل التقت منة برحمة في الليل، وقضتا وقتًا ممتعًا في مدينة الإسكندرية، تناولتا الآيس كريم لم تشعر منة بالوحدة أو الضيق مثل الصباح، فيبدو أنها بدأت أن تعتاد على الأمر.
حتى في اليوم التالي اتفقت مع رحمة أن تذهبا مع بعض إلى الشاطئ وفي الليل كانتا تخرجان مع بعضهما، حتى قامت منة بمد إجازتها يومين آخران، لكن آخر يوم كان بمفردها بقصد، فهي كانت تحاول أن تعيش هذه الأجواء بمفردها، بعد سفر رحمة.
فذهبت في الصباح إلى الشاطئ وطلبت من إحدى العائلات التي بجوارها أن تنتبه لممتلكاتها، ثم نزلت إلى البحر، أخذت تعوم، لكنها هذه المرة لم تتعرف على أحدهم، لكنها كانت مستمتعة جدًا وفي الليل أخذت تسير في الشوارع وعلى الكورنيش وتناولت الآيس كريم وغزل البنات.
فأخيرًا منة تحررت من شرنقة أصدقائها، التي دائمًا كانت تمنعها أن تفعل الكثير مما تريد، وعادت إلى القاهرة.. وهي في غاية السعادة أنها استطاعت أن تفعل كل هذا بمفردها.
_في إحدى حدائق القاهرة، ٥م
_نشاهد منة تجلس مع شروق وحنين على إحدى الطاولات وهن تتبادلن الحديث.
شروق بدعم:
_على فكرة أنا مبسوطة لك اوي إنك قدرتي تسافري لوحدك، أنا عارفة إن احنا خذلناكي كثير، بس أنتِي عارفة أنا كنت صايعة قبل الجواز وبنسافر سوا، بس عمرو صعب.
منة:
_ بصراحه محمد دعمني جدُا في الموضوع ده، يمكن في أول كم ساعة كده وطول الطريق كنت متضايقة، كنت عايزة ارجع، بس مسكت نفسي، ولما روحت الشاطئ أول مرة نفس الكلام كنت عايزة ارجع وألم هدومي وأرجع القاهرة، بس قلت لا أنا هكمل، لحد ما أتعرفت على رحمة، بنت ذوق هي وأهلها وقضينا مع بعض ثلاث أيام جمال، أصلًا كنت المفروض ارجع السبت روحت وخده إجازة تاني يومين، حتى بعد ما رحمة قالت لي خلاص إن هما هيمشوا يوم الحد، كنت خلاص هحجز وارجع، بس قلت لا، أنا أصلًا ما استفدتش حاجة كده، قلت أنا هقعد يوم زيادة عشان ابقى لوحدي، لأن هو ده المطلوب إني اتعود على الوحدة، وأستمتع بالحدث لوحدي، وفعلًا يوم الاثنين نزلت البحر، وطلبت من الناس عادي إن هم ياخدوا بالهم من الحاجه بتاعتي، وساعتها انبسطت جدًا وقضيت يوم تحفة، محستش إني متضايقة، وبالليل نزلت وخرجت وجبت لي آيس كريم وغزل بنات وأكلت في محل، تصدقوا بالله من غير زعل لما كنت لوحدي حسيت كده إن دماغي راقت وفوقت وما بفكرش في أي حاجة سلبية، عارفين لو أنتم كنتم معايا هنقعد نتكلم على الأحزان وعلى أمي وعلى الجواز والخسسان، لكن لوحدي والله العظيم روقان ولا الأفكار السلبية هاجمتني لأني وحيدة، ده بالعكس أنا جالي أفكار للشغل حلوة جدًا هبلغ بيها مدحت بيه لما يرجع بالسلامة، أنا قلتها لمحمد عجبته جدًا.
حنين بتشجيع:
_ برافو عليكي، ايوه كده أنا مكنش عاجبني أبدًا أن أنتِي موقفة حياتك عشاننا، برغم إن هو بيبقى غصب عننا، وأنتِي أكيد فاهمة ده، بس ما ينفعش في أوقات لازم تنزلي وما توقفيش حياتك على حد، يعني مثلًا لو عايزة تجيبي لبس، بس مش مهم اللي هو مجرد حاجة كده زيادة ممكن تستني لحد ما ظروفنا تسمح، لكن لو حاجة مهمة انزلي لوحدك، كورسات مهمة عشان شغلك انزلي، عايزة تغيري جو روحي كده.
منة بتأييد:
_ أنا فعلًا هعمل كده، وقلت أول إجازة هتيجي لي هروح الرحلة بتاعة دهب دي.
شروق:
_ بس أنتِي برده جربي قولي لي وأنا هجرب مع عمرو يمكن.
منة:
_ من غير ما تقولي أنا كنت هقول لكم، لو ينفع تعالوا، ما نفعش خلاص بقى هروح أنا، نفسي بجد أفضل كده ومزهقش من الوحدة وأني بعمل حاجات كتير لوحدي.
شروق بتوضيح:
_ منة احنا معاكي، بس الأوقات اللي مش هنعرف نبقى معاكي انزلى، احنا بس عايزينك متوقفيش حياتك علينا، لكن طبعًا هنخرج ونتقابل ونجيب لبس سوا وناخد كورسات الصحة النفسية سوا زي ما اتفقنا، أنا خلاص اتفقت مع عمرو وماما، أنا مستنياكي.
منة:
_ أخلص بس المشروع اللي واريا عشان نظبط مواعيد المحاضرات مع الشغل.
شروق:
_ اتفقنا.
منزل منة، ١٠م
نشاهد منة تجلس في الصالة على اللاب توب مع والدها ووالدتها ومروة وأثناء ذلك رن هاتف المنزل، رفعت مفيدة سماعة الهاتف:
_الو ازيك يا حبيبتي، عاملة ايه يا سهير؟ كويسين يا حبيبتي.. تمام والله.. ايه والله؟! ألف مبروك، ما قلتوش يعني! اممم، إن شاء الله هنيجي بإذن الله، ألف مبروك يا حبيبتي، سلام.
محمود تساؤل:
_ في ايه بتكلمي سهير مرات أخويا صابر؟
مفيدة بتهكم:
_ أخوك اللي أنت بتحبه خطب لبنته، والخطوبة بعد بكرة، شوف عزمك امتى، عشان خاطر لما إن شاء الله نجوز منة أقسم بالله لأقول لهم قبلها بليلة، وابقى اتكلم ساعتها يا محمود، مش كفاية مش هعرف أردهلهم إلا في منة وياعالم هعرف ولا لا.
مروة:
_ أكيد عملوا كده عشان خاطر خايفين من الحسد، عشان خاطر منة لحد دلوقتي ما اتجوزتش.
مفيدة:
_ ده أكيد.. نظرت لمنة.. بت يا منة مفيش حاجة اسمها مش هروح، هتيجي معايا وهتقعدي وتصقفي وتفرحي لبنت عمك.
منة بطيبة:
_على فكرة أنا فرحانة لها، نيرة تستاهل كل خير، ومعتقدش إنهم خبوا عشان غيرة، يمكن عادي وجت فجأة.
مفيدة:
_ اسكتي أنتِي، ازاي جت كده؟ يعني الراجل جه اتقدم واتفقوا وشافوا الشقة وقرأوا الفاتحة ونزلوا جابوا الشبكة وراحت البنت جابت الفستان واتفقت مع الكوافير كل ده صدفة، وبسرعة ليه مخطوبين على قفانا، أقسم بالله، هو عشان الحسد، عشان بنتي لحد دلوقتي ما اتجوزتش، وهي كبيرة وبنتهم الصغيرة اتجوزت فخايفين نحسدهم.
محمود:
_ أنا هعاتب صابر عشان مفروض يقول لي، أنا أخوه، أنا بفكر ما اروحش.
مفيدة:
_ لا هنروح طبعًا أحسن يفتكروا إن احنا زعلانين وغيرانين، هنروح ونص، منك لأخوك، أنا ما ليش دعوة.
الخطوبة
مظهر عام للقاعة من الداخل، هي قاعة بسيطة، البعض يقف، والبعض يرقص، والبعض يجلس على الطاولات وهم يرتدون ملابس مناسبة للحدث.. ثم نشاهد منة ومروة تجلسان بجانب بعضهما وبجانبهما مفيدة على المقاعد كانت منة تضع القليل من مستحضرات التجميل، اقتربت منهن سيدة تضع الكثير من مستحضرات التجميل وترتدي عباءة مزخرفة يبدو أنها أم العروسة.
سهير بترحيب حار:
_ أهلًا وسهلًا، جيتوا متاخرين كده ليه؟
مفيدة:
_ لا والله، جينا في الوقت المناسب، مبروك يا حبيبتي عقبال باقي البنات.
سهير:
_ الله يبارك فيكي، عقبال منة إن شاء الله
مفيدة:
_ إن شاء الله قريب.
سهير:
_امال فين محمود؟
مفيدة:
_ ده قاعد بره مع الرجالة، هيقعد وسط الستات ليه.
نظرت سهير لمنة:
_ ازيك يا منة، عقبالك يا حبيبتي.
دققت النظر في ملامحها وقالت باستغراب:
_ ايه يا منة اللي أنتِي حاطاه في وشك ده! ما زودتيش المكياج ليه، ايه يا مفيدة مش تقولي لها تحط شويه مكياج وتلبس فستان حلو كده؟ ده النهارده في رجالة وشباب كثير والعرسان على قفا من يشيل، قومي كده يا حبيبتي واتحركي يمكن تطلعي لك بعريس ولا حاجة ونفرح بيكي، أنتِي كبرتي، فاضل لك سنة وتخشي قاموس العوانس، ما تزعليش، أنا بحبك، بس البت بعد ٣٠ اسمها عانس.
منة:
_والله يا طنط هو اللي هيشوفني كده وهيحبني على كده، أصل النهارده لو ضحكت عليه بكرة مش هضحك عليه، لما اقعد في بيته ويشوف شكلي الحقيقي.
سهير:
_طيب يا حبيبتي، ما تاخذونيش بقى أروح أشوف المعازيم، البيت بيتكم.
مفيدة باستهجان:
_شفتي؟ قولتك حطي شوية أحمر وأخضر، بس هنقول ايه فرحانة قوي بالنظارة وقبل النظارة الفستان المنتن ده.
منة بتعجب:
_ أنتِي عارفة إن الفستان ده ماركة وبفلوس كثير اوي وكل اصحابي هيتجننوا على جماله.
مروة:
_ على فكرة يا ماما الفستان حلو اوي، دي بتقول كده غيظ.
نظرت لها مفيدة من أعلى لأسفل بعدم رضا، ثم نظرت أمامها.
ومرت السنوات، ٨ سنوات مضوا على منة وأصبحت في عمر الخامسة والثلاثين، كانت ٨ سنوات صعبة في حياة منة، فكلما مر عام كان يشكل ضغط عليها أكبر عن الذي قبله، بسبب عدم زواجها، بالأخص بعد إكمالها ٣٠ عامًا، لم يدق أحد على بابها، حتى العرسان الذين كانوا يأتون من المعارف باحثين عن عروس، لم يعودوا يأتون، وهذا الشيء كان يجعل والدتها يجن جنونها وتسمعها الكثير من الحديث الذي يذبح القلب ويقتل المشاعر، ويحبط أي إنسان، لكنها لم تعد مثل السابق تبكي وتحزن وتضعف بل أصبحت قوية تعرف ماذا تريد، كانت تتشبث أكثر بمتطالباتها في شريك الحياة، ولم تتنازل عنها، لم تجعل حديث الناس وتنمرهم عن شكلها وجسدها يحزنها، بل كانت تضحك دون اكتراث.
ومن الناحية العملية أصبحت منة متفوقة جدًا جدًا وماهرة، حتى أصبحت المديرة العامة للقسم الهندسي لمجموعة رسلان وكان مدحت يعتمد عليها بشكل أساسي في أكبر المشاريع فكلما دخلت مشروع كانت تنفذه بمهارة وكان الجميع يشيد براعتها ..
وعلى جانبها الشخصي، اصبحت أكثر صلابه كانت تسافر بمفردها عندما لا يستطيعوا أصدقائها السفر معها كانت تتعرف على اصدقاء جدد ولم تسجن نفسها دخل ذلك الصندوق الضيق بل خرجت منة وتعرفت على الكثير في تلك الرحلات، حتى في عملها، فأصبحت تعيش وتستمع بحياتها ولم توقفها على أحد.
لكن بعد كل تلك السنوات الطويلة حدث شيء جعل حياتها تتغير رأسًا على عقب.
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية أمنيات وإن تحققت)