رواية أمنيات وإن تحققت الفصل التاسع 9 بقلم ليلة عادل
رواية أمنيات وإن تحققت الجزء التاسع
رواية أمنيات وإن تحققت البارت التاسع
رواية أمنيات وإن تحققت الحلقة التاسعة
الإسكندرية ٨ م
نشاهد منه وهي تسير في شوارع الإسكندرية وعلى كورنيش، وأثناء مرورها إلى الاتجاه الآخر من شارع السيارات؛ تفاجأت بكشاف سيارة إضاءتها عالية، مما أدى إلى انعدم الرؤية عند منه، اقتربت منها السيارة كادت أن تخبطتها، لكن فرملت بسرعة، انتفضت منه وصرخت بخوف، ووقعت على الأرض من الخضة، تجمع الناس حولها، بينما خرجت فتاة من السيارة في العقد الثاني من عمرها، وهي تشعر برعب،
الفتاة برعب وبكاء:
ـ أنا آسفة، والله العظيم معرفش إزاي ده حصل.
أحد الأشخاص:
ـ مش تاخدي بالك يا آنسة.
شخص آخر بتهكم:
ـ هو عشان راكبين عربيات تدوسوا على خلق الله.
الفتاة برعب وخوف:
ـ والله العظيم مكنش قصدي، هي اللي ظهرت فجأة، طيب تعالوا أوديها المستشفى.
منه وهي تقف وتاخد أنفاسها:
ـ حصل خير، أنا كويسة.
الفتاة:
ـ تعالي نروح المستشفى، يا آنسة.
الرجل بشدة:
ـ أنتِ لازم تدفعيلها تعويض.
الفتاة:
ــ حاضر.
فجأة قلبت منه وجهها، وتحدث بقوة:
ـ ما خلاص الآنسة اعتذرت، وأنا اللي مخدتش بالي، كل واحد يروح لحاله.
بدأت الناس أن تتحرك وتبعد، اقتربت منها الفتاة حتى توقفت أمام منه باعتذار.
الفتاة باعتذار وتوتر:
أنا حقيقي آسفة، تعالي نروح المستشفى نطمن.
منه بلطف:
ـ أنا كويسة،الحمدلله، حصل خير، مش محتاجة.
الفتاة:
ـ إزاي؟
منه:
ـ عادي، أنا كمان ممكن تحصل معايا، كلنا معرضين لده.
الفتاة:
ـ شكرًا جدًا؛ لزوقك، أنا آيتن.
منه:
ـ وأنا منه.
آيتن بتهذب:
ـ طيب أنتِي متأكدة مش محتاجة تروحي المستشفى.
منه وهي تهز رأسها بلا:
ـ لا والله، أنا تمام، أنا أصلا اللي وقعني الخضة، بس خدي بالك المرة الجاية تهدي نور العربية شويه.
آيتن:
حاضر، طيب ممكن تقبلي إننا نشرب مع بعض كوباية ليمون، في كافيه قريب من هنا على البحر.
منه:
ـ صدقيني مش مهم.
آيتن:
ـ لا، مهم بالنسبالي، أرجوكِ يلا.
هزت منه رأسها بموافقة، وصعدت معاها السيارة وتوجها إلى الكافيه.
ـ أحد الكافيهات على البحر٨م
ـ نشاهد منه وآيتن على إحدى الطاولات بجانب بعضهما وهما يتحدثان، وكان على الطاولة كوبان من الليمون.
آيتن بتساؤل:
ـ وأنتِ بقى إسكندرانية، ولا من القاهرة.
منه:
ـ لا، أنا من القاهرة، من السلام.
آيتن:
ـ وأنا كمان القاهرة من المعادي، عندي هنا مؤتمر طبي، أنا دكتورة مخ وأعصاب زي بابا.
منه:
ـ أممم، أنا كنت جاية أغير جو، وأهرب من الضغوط.
آيتن:
ـ شغالة إيه؟
منه:
ـ مهندسة مدنية.
آيتن:
ـ كويس، شكلك مش متجوزة.
منه تبسمت بتعجب:
ـ اشمعنا؟ هو باين عليَّت؟
آيتن:
ـ طبعًا، هو ينفع يسيبك تغيري جو لوحدك؟
منه:
ـ فعلًا مش متجوزة، أنتِي متجوزة شكلك، وبتعاني من الموضوع ده.
آيتن:
ـ بصراحة مش بعاني أوي؛ عشان مبقاش ظلمه، أحيانًا بيوافق إني أسافر مع أصحابي.
منه:
ـ على فكرة كل الرجالة كده، أنا عندي صاحبتي الأنتيم جوزها يستحيل يخليها تسافر، أنا بقالي خمس سنين بتمنى وبتحايل عليه يوافق.
آيتن:
ـ ممكن تستغل الأولاد إنهم يقولوا لباباهم إن هما عايزين يتفسحوا، عايزين يسافروا مصيف، وتستخدم أهم وسائل الستات النكد والزن، صدقيني أنا بتجيب نتيجة.
منه:
ـ خلاص، هقول لها تجرب.
آيتن بفضول:
ـ أنتِي بقى بتهربي من ضغوط الشغل، ولا من ضغوط الحياة.
منه بتعب:
ـ من كل حاجة.
آيتن:
ـ أنتِي لوحدك، ولا معاكِ حد؟
منه:
ـ أنا لوحدي.
آيتن بتمني:
ياريتني أنا أقدر أعمل زيك كده، إني أرمي ورا ظهري، وأسافر، وأقفل تليفوني، واقعد يومين أهدي أعصابي، بس معرفش عندي بيتي وجوزي وأولادي وشغلي، وبعيدًا عن ولادي وجوزي، عندي ماما وإخواتي، وأخويا ده مينفعش إني أقفل تليفوني كده عادي، مجنون، ممكن الساعة 2:00 بالليل يخبط على بابي ويقولي: ” أنتِ قافلة تليفونك ليه؟” ويعملها خناقه .
منه تبسمت:
ـ ما شاء الله ربنا يخليهولك، في حد يتضايق إنه يبقى عنده اللي يخاف عليه وياخد باله لوغاب.
آيتن بتأكيد:
ـ أكيد طبعًا، انا أصلًا ما قدرش استغنى عنهم، إخواتي دول بالنسبالي كل حاجة، خاصةً أخويا؛ لأنه أخ وحيد بقى على ثلاث بنات، فبصي وأخد الدلع والحب مننا، هو كمان جدع جدًا، وطيب أوي، وسند.
منه:
ـ ربنا يخليهولكم.
آيتن باطمئنان:
_ يارب، أنتِي بجد بقيتي أحسن، الخضة راحت.
منه:
ـ آه طبعًا أحسن كتير، أنتِي قاعدة كم يوم ولا ماشيه.
آيتن:
ـ لا، قاعدة يومين.
منه:
ـ خلاص نبقى نتقابل بقى، لو ماعندكيش مانع.
آيتن بحماس:
ـ آه طبعًا، أنا كنت لسه هقول لك لازم نتقابل نتغدى سوا، هاتي رقمك.
وبالفعل في اليوم التالي التقت منه بآتين وقضا وقتًا ممتعًا معًا.
ـ عند عربة القهوة 5م.
ـ نشاهد منه تجلس على مقعد بعد عودتها من الإسكندرية، كانت تجلس وهي ما زالت شاردة، يبدو أنها ما زالت حزينة، وحالتها النفسية ما زالت مضطربة ، وبعد وقت جاء خالد كعادته، وحين وقعت عينه عليها، وهي تجلس تبسم واتجه نحوها.
خالد بمرح، وهو يقف أمامها:
ـ عاش من شافك، إيه كل ده؟ قلقتيني عليكي، وحشتيني.
منه رفعت عينيها نظرت له بجمود:
كل ده إيه، وإيه وحشتيني دي.
نظر لها خالد وهو يضيق عينه، فهو يشعر أن هناك شيء ما بها، وهذا يبدو بشكل واضح على نبره صوتها ونظرت عينيها، جلس أمامها باهتمام تساءل.
خالد باهتمام :
ـ مالك يا منه، شكلك متضايق.
منه باقتضاب:
ـ لا، أنا كويسة.
خالد بإصرار:
ـ تؤتؤ، أنا متأكد إن فيكِي حاجه، مالك؟
منه بشدة :
ـ حتى لو في حاجة، يخصك إيه تعرف.
خالد باستغراب هو يتك على الكلمة:
ـ يخصني في إيه أعرف؟!
منه بتأكيد وضجر:
ـ آه، يخصك في إيه؟ وإيه وحشتيني دي؟ خالد، متعديش حدودك معايا، مش معنى أن إحنا شربنا كام مرة قهوه سوا، وشلنا تكاليف ما بنا، ده يخليك تدخل في خصوصياتي كده، وتاخد عليَّا بشكل ده.
نظر خالد بتعجب وهو يتك على كلمة:
ـ خصوصياتك، هو في إيه؟ مالك متعصبة كدة ليه؟ وإذا كانت على وحشتيني سحبتها متزعليش، آسف.
منه بنرفزة:
ـ يا سيدي مش متعصبة، هتعصبني بالعافية، أنتَ بتدخل نفسك في حياتي بشكل مبالغ فيه، محمد كمان قالي: “إنك سألت عني وكنت قلقان”، تقلق ليه؟ أنتَ بتعمل معايا كدة ليه؟ محمد ممكن يفهم غلط.
خالد بضيق:
هو مش إحنا تخطينا كل ده.
منه بحسم:
ـ لأ.
خالد:
ـ والله
منه:
ـ آه والله، أنا أصلًا فكرت ولقتني كنت غلطانه، إزاي أسمح باللي حصل، نقعد ونتكلم وأنتَ عميل اشتغلت في مشروعه.
خالد بنبرة مكتومه:
ـ عميل اشتغلت في مشروعه.
منه بتعجب:
ـ آه، مالك مصدوم ليه؟
خالد:
ـ أنا مش مصدوم، كل الحكاية إني كنت فاكر يعني أنكِ خلاص بتعتبريني حد قريب أو زي محمد.
منه بشدة:
محمد اللي يربطني به علاقة زمالة كانت في الجامعة ودلوقتي في الشغل ، فطبيعي يكون في بينا كلام، لكن أنا وأنتَ مفيش، بص يا أستاذ خالد أنا فكرت ولقيت إن إحنا مش هينفع نستمر في اللي إحنا كنا بنعمله ده، نشرب قهوة مع بعض ونتكلم، حتى لو المقابلات دي كانت صدفة، فلو سمحت متتكلميش معايا تاني، ولو شفتني صدفة متجيش تتكلم معايا؛ لأنك لو جيت اتكلمت معايا هحرجك.
تنهد خالد بضيق توقف:
ـ لا وعلى إيه؟ أنا برده عندي كرامة، وأنا آسف يا بشمهندسة منه لو كنت ضايقتك، وآسف على قلقي اللي مش عاجبك، واهتمامي اللي مضايقك، كل الحكاية إنك أكلتي معايا عيش وملح، وبقى بينا علاقة إنسانية محترمة تحطم عليَّا إن أسال عليكِي لما ألاقيك اختفيتي فجأة، وكمان مابترديش على تليفوناتي، أنا آسف مرة تانية وصدقيني أنا مش هضايقك تاني، بعد إذنك.
تركها خالد وهو يشعر بالغضب الشديد، توجه إلى سيارته وهو يجز على أسنانه، ويقبض على كفه، كاد أن يفتك به من شدة الغضب، فور صعوده جلس وهو مازال يجز على أسنانه بعين غامت بالسواد من الغضب، ضرب على دركسيون بنرفزة من طريقه منه معه التي لا يفهم ما أسبابها، ثم ادار محرك وقاد سيارته.
كانت تجلس منه وهي تشعر بضيق والغضب بعين اغرورقت بدموع، فهي لا تعرف لماذا قامت بفعل هذا الأمر معه؟ ولماذا كانت معه هكذا؟ فهو لم يفعل شيء لها.
بعد وقت جاءت إليها شروق بعد أن اتصلت بها منه، كان يبدو عليها الخضة توقفت أمامها.
شروق بخضه:
مالك يا منه؟
منه بحزن وعينين اغرورقت بالدموع:
ـ مضيقه أوي، أنا معرفش بعمل ليه كدة ؟ كنت فاكره إني اتغيرت بقيت قوية، بس لأ، أنا ضعيفة معنديش شخصية.
شروق جلست:
ـ براحه بس، فهميني إيه حصل؟
منه:
ـ أنتِي عارفه اللي حصل بيني وبين ماما.
شروق وهي تهز رأسها بنعم:
ـ فاكره طبعًا، مش راجعتي أحسن من إسكندرية.
هزت منه رأسها بنفي:
ـ لأ، لسه مخنوقة ومتعصبة، شوفت خالد النهاردة، وشوفت نظره في عنينه عمري ماشفتها قبل كده، خوفت!! كان بيتصل بيَّا كتير أوي لما كنت مسافره، بعتلي رسايل على الوتساب، هو أنتِي فين؟ طمنيني عليكِي؟ محمد قال لي: ” إنك مسافرة “، في حاجه حصلت؟ إن شاء الله كل حاجه تكون تمام، لما ترجعي كلميني، وكلام من النوعية دي ..
النهاردة كان باين عليه أوي إنه مهتم يعرف أنا ليه سافرت فجأة ومالي؟ لأنه حس من ملامحي إني زعلانه، فجأة لقيتني بقوله، وأنت بتكلمني ليه؟ مهتم ليه؟ ما متكلمنيش تاني، علاقتنا غلط ..
أنا مش عارفه أنا بعمل كده ليه؟ أنا أصلًا مش عارفه أنا ليه عملت كده معاه؟ بقالي ساعة قاعدة بفكر أنا ليه عملت كده؟ أنا عايزه سبب واحد لتصرفي، أنا مش زعلانه أن أنا عملت كده مع خالد، أنا زعلانه؛ عشان معنديش أسباب، مش هقولك خايفه أحبه؛ عشان كده عملت كده معاه، لا أنا مش خايفه أحبه؛ لأن علاقتنا محدودة جدًا، حتى هو طريقته معايا كمان عادية، خايفة اتعود عليه مثلًا؛ عشان كدة عملت كدة هروب، لأ ما اتعودتش عليه؛ لأني محستيش خالص إن أنا مفتقداه وأنا مسافرة، شروق أنا مش بس كده مع خالد، أنتِي لو كنتِي قولتيلي النهاردة أنا مش هجيلك، أو مش هعرف، أنا كنت هعملك بلوك وهقطع معاكي، أنا متعصبه أوي، أنا مش طايقه حد بمعنى الكلمة، مش طايقه حد، أنا اللي بيقولي دالوقتي صباح الخير بطريقة متعجبنيش بعمل له بلوك، أنا لسه عامله بلوك لسامية الشعراوي؛ عشان كان في فيديو على الاستوري عجبني قلت لها ابعتي، اتاخرت ، روحت قولتها مش عايزة منك حاجه وعملتلها بلوك، جميلة صاحبتنا سلمت عليها ما ردتش عليَّ، بعتلها تاني يا بنتي ما بترديش ليه، قالت لي: “أنا مشغولة، معلش”، قلت لها ربنا معاكِ، روحت عاملها بلوك، أنا مش عارفه إيه اللي حصل، مش عارفه مالي.
ربتت شروق على ايديها، وقالت بحكمه:
ـ أكيد كل ده؛ بسبب الكلام مامتك، بصراحه الكلام صعب، أنا نفسي اتضايقت وتوجعتلك، بس يا منه صدقيني مش أنتِي لوحدك اللي كده، والله العظيم في بنات كتير زي كده، خصوصًا الأم بتبقى مهتميه جداً بالولد، وبنتها اللي متجوزين، شايفه البنات اللي لسه متجوزتش دول عادي، التانيين هم اللي محتاجين، لكن أنتِي هتحتاجي إيه وليه؟
منه أنتِي محتاجه تهدي، أنا افتكرت لما ترجعي من السفرية دي هتهدي شويه، بس واضح إن السفرية دي مهدتكيش ومعملتش حاجه، سافري تاني.
منه:
ـ مش هينفع عندي شغل، أنا هحاول أسيطر على نفسي شويه وعلى غضبي، عايزه أعتذر للناس اللي أنا ضايقتهم بس كرامتي وكبرياء منعني.
شروق :
ـ بصي أنتِي فكي البلوكات، وقولي لهم إن تليفونك كان في مشكلة، أو أنا هسألهم عنك، أقول لهم: يا بنات منه اختفت فين؟ متقلقيش أنا هظبطلك الدنيا، بالنسبة لخالد أنتِي لازم تكلميه وتعتذري له.
منه بتعجب وهى ترفع حاجبيها :
ـ أعتذر ليه؟ هو مش فارق معايا أصلًا.
شروق بتعجب:
ـ ميفرقش معاكِ ليه يا منه؟! الراجل محترم وأنتِي بتقولي مشفتيش منه أي حاجه وحشة، كان مهتم يسأل عليكِي.
منه بضعف:
أيوة يسال ليه؟ ما هو برده اهتمامه ده مضايقني؛ خايفه أتعود عليه، أنا لحد اللحظة دي قادرة أتحكم في مشاعري، خايفه بعد كده أتعود وهو بصراحة حد محترم، وطريقته حلوة، ويجبرك إنك تفكري فيه، عنده مبادئ وخلوق جدًا، وطموح، عارف هو عايز إيه، وعنده شخصيتين عكس بعض، تحسي جنتل مان قوي، وراجل أوي في نفس الوقت، تحسي إنه تافه.
شروق بمزاح:
أنا مشتاقة أتعرف عليه، يا شيخه صالحيه وتخليني أتعرف عليه، وبعدين اقطعي معاه.
ضحكت منه:
ـ ضحكتني والله.
شروق :
ــ أيوه اضحكِ بصي يا منه الناس اللي زي خالد دول الواحد بصراحة بيفضل ماسك فيهم، يعني عارفه، لو هو عامل زي الواد رأفت ولا زي هشام بلوك بالثلاثة كمان، لكن اللي زي خالد ده ناس محترم، معرفتهم ايمدچ.
منه باعتراض:
ـ أنا مبفكرش كده، ميفرقش معايا هو مين، وابن مين، وساكن فين؟ أنا أهم حاجه الشخص نفسه محترم ولا لأ، وبصراحه هو محترم معايا، حاسه إن أنا زودتها أوي، حتى هو المره دي منطقتش، أخذ الكلمتين ومشى.
شروق:
ـ شكلك تقلتِ العيار.
منه:
ـ لأ، زي كل مرة، شكله زهق.
شروق:
ـ ليه حق، يعنى الرجل جايلك عشمان وعايز يطمن عليكِي تروحي مديهله في وشه ـ تقلدها ـ، ملكش دعوه بيا وبتكلمني ليه؟ لازم يزعل.
منه :
ـ طب أنتِي شايفه أعمل إيه؟
شروق:
ـ أنتِي تروحي له الشركة اعتذري له، وتفتحي معاه موضوع الشغل اللي كان عايزه منك، بس مش دلوقتي يومين ثلاثة كده تكونِ هديتي.
منه باعتراض:
ـ لأ، أنا مش هروح للشركة، أنا هستنى لما يجي هنا ثاني، وأتكلم معاه، لكن أروح مخصوص لأ.
شروق:
مش هيجي تاني، أنتِي عارفه إن هو كان بيجي عشانك، اسمعي الكلام يا منه وبطلي عند.
منه:
ـ يا ستي سبيني أسبوع كده، مجاش هروحله.
شروق:
ربنا يهديك يا منه.
خلال أسبوع كانت منه تذهب كل يوم على أمل أن تلقتي بخالد وتعتذر له، لكنه لم يذهب إلى عربة القهوة من بعد مشكلته مع منه، ولم يحاول الاتصال بيها ؛ فهو كان غاضبًا بشدة من منه، ويفكر لماذا فعلت هذا معه وتبدلت بهذا الشكل؟
ـ منزل خالد 8م
ـ الشرفة
ـ نشاهد خالد يقف في الشرفة وهو ينظر إلى الاطلال النيلية، بعد دقائق اقتربت منه والدته لمياء، وهي تحمل بين يدها كوب الشاي الساخن.
لمياء وهي تقترب، قالت:
خالد، أنا عملت لك الشاي .
التفت خالد لها بجسده وأخذهُ منها بتهذب، وهو يقول:
ـ تسلم إيد يا ست الكل، تعبت نفسك.
توقفت لمياء بجانبه وهي تربت على أعلى صدره بحنان:
_ مفيش أي تعب ياحبيبي، عامل إيه؟
خالد وهو يحتسي الشاي:
_الحمد لله، تمام.
لمياء:
_ مش ناوي تقول لي بقى إيه اللي شاغل دماغك ومضايقك من أسبوع؟
نظر لها خالد باستغراب، وهو يضيق عينه، ويحتسى الشاي:
_ أنا متضايق؟! أنا كويس.
نظرت له لمياء بعينها، فهي تفهمه جيدًا من نظره عينه، قالت:
_على ماما.
تبسم خالد :
_ صدقيني شويه حوارت في المصنع، كمان موضوع القروض ده زعجني، نفسي أخلصه، ونفسي أعطي جزء لأنكل مدحت، كفايه اللي عملوا معايا هو ومحمد.
مسحت لمياء على كتفه:
_ إن شاء الله هترجع، وتسدد ديونك وترتاح، بس أنا متأكدة إن في حاجه ثانية، يلا قول من امتى يا ولا وأنت بتخبي عليَّ؟
خالد تبسم:
_والله مفيش حاجه؛ عشان أحكيها.
لمياء تبسمت، وهي تغمز له:
_ على ماما، أنا بعرفك من نظرة عينك، من نفسك يلا قول قبل ما نادين تدخل ومتعرفش تتكلم.
تبسم خالد وهو يحتسي الشاي، قال بتوضيح:
_ كل الحكاية، إني متضايق شويه، منه فجأة كده سافرت واختفت، وبطلت ترد على تليفوناتي، أنا مش عارف إيه اللي حصل؟ كلمتها عشان أطمن عليها وأفهم إيه اللي حصل معها؟ مبتردش،
ولما شوفتها في المكان اللي كنا بنتقابل فيه، كان شكلها متضايق جدًا، مجرد ما سألتها أنتِي مالك؟ هجمتني بشكل مستفز، فضلت تقولي: “بتتكلم معايا ليه، ولو كلمتني تاني هخرجك”، طريقة كده حسستني إني متسول، إني فارض نفسي عليها، حسيت إني قليل، في نفس الوقت مستفز منها، مش عشان خاطر قابلت واحد زبالة في حياتها تفتكر كل الناس كده.
نظرت له لمياء باستغراب، وهي تتك على كلمة:
_ بشمهندسة منه اللي عرفتني عليها في الحفلة؟
هز خالد رأسه بإيجاب، أكملت لميا بتعجب:
_ وأنتَ أصلًا بتكلمها وبتتقابلوا؟
هز خالد رأسه بإيجاب، قال بتوضيح:
_أممم، بس مش بالظبط، اتقبلنا صدفة في مطعم، وتكلمنا شويه، وقالتلي على عربية قهوة كده في الزمالك، وبقينا نتقابل صدفة فيها كم مرة يعني، وبنتكلم عادي وكانت لذيذة لحد ما، فجأة اتحولت، قالتلي: ” لو كلمتني تاني هحرجك “، وحاجه كدة في منتهى الاستفزاز، هو ده اللي شغلني، بفكر إيه حصل؛ خلها تتبدل كدة؟
لمياء تساءلت بتعجب:
_ وأنتَ ليه مهتم أوي تعرف ليه اتغيرت معاك؟
خالد وهو يهز رأسه بنفي:
أنا مش مهتم بيها.
لمياء:
ـ امال؟!
خالد باستغراب:
_ عايزاني أكون عامل إزاي؟ يعني بعد ما واحدة كانت بتعاملني كويس؛ فجأة اتحولت عليَّا، وكلمتني بطريقة مهينة جدًا من غير أسباب.
لمياء بعقلانية:
_بص يا خالد، أنا قولتلك قبل كده، إن البنت دي عندها مشكلة، واضح إنها شافت حد في حياتها خلاها بالشكل ده، فأنتَ متشغلش دماغك، بعدين هو أنتَ ناقص بنات معقدة.
خالد:
_ماما صدقيني، مفيش حاجه مجرد أصدقاء.
تبسمت لمياء معلقة:
_كلها بتبتدي كده إن مفيش أي حاجه، ومجرد أصحاب، بس بردو ملاقيتش إلا دي.
خالد باستغراب وهو يضيق عينه:
_ هو بعيدًا عن كلمة كلها بتبدأ كده، بس اشمعنا ملاقيتش إلا دي؟
لمياء بتسأل:
_ هي عندها كام سنة؟
خالد :
_حضرتك مردتيش.
لمياء بجدية:
_ عندها كام سنة؟
خالد باستغراب:
_بتسألي ليه؟
لمياء بإصرار وكأنها لم تسمعوا:
_كام سنة؟
خالد بتعجب:
_ طيب أفهم.
لمياء بحسم:
_ خالد.
خالد تنهد بعدم فهم:
ـ برغم إني مش فهمك، ٣٥ سنة.
لمياء:
_ يعني من كل بنات اللي شوفتها وعرفتها ملاقيتش إلا منه، متنفعش ياخالد، أنتَ شفت بنات أحلى وأصغر منها بكتير.
خالد باستغراب ممزوج بتساؤل:
ـ بصي هو أصلًا مفيش حاجه؛ عشان تنفع ولا لأ، بس من حقي أفهم، بعدين امتى حضرتك بتفكري كده؟
لمياء بعقلانية:
_ بص يا خالد كل أم نفسها ابنها يتجوز أحسن بنت من كله، شكل، وجسم وشخصية، ودين، وعيلة، وسن، مش بعد كل ده تاخد منه.
خالد باستغراب:
_ ومالها منه.
لمياء بتوضيح :
_ هى كويسة، بس عادية، غير شخصيتها صعبة، وسنها كبير، بس هرجع وقولك لو هي اللي هتسعدك وتريحك، هتغضى عن سنها وجسمها.
خالد وهو يضحك:
_أنتِي خلاص جوزتهالي ووافقتي، إيه يا ماما في إيه؟ كل ده عشان بس قعدت أفكر شويه إيه اللي غيرها كده؟ صدقيني مفيش حاجه، وحتى لو كان محتمل يبقى فيه حاجة، خلاص، علاقتنا انتهت.
لمياء:
_عمومًا أنا بقولك؛ عشان لو في أمل أنا معنديش مانع، المهم بس تخلصها من المشاكل النفسية بتاعتها دي، واتصرف مع أختك نادين، أنا مش عارفه هتقنعها إزاي.
خالد تبسم:
نادين دي مشكلة، مبتخترش غير بنات ملونة.
لمياء وهي تضحك :
_كل يومين ثلاثة تجيلي وهي معاها صور بنات قمرات، تقول لي: “يا رب يا ماما خالد يتجوز واحدة شبههم كده، ويجيب لي عيال صغننين، حلوين، ألعب بيهم”.
خالد :
_أنتم لكم مواصفات في مراتي أكتر مني أنا شخصيًا.
لمياء :
_طبعًا، وأنت أي حد ولا إيه، بس خلاص، أنتَ اخترت، أنا هبقى معاك.
خالد وهو يضحك:
_ ده أنتِب مصرة.
لمياء بمزاح:
أنا اعتبرت منه مراتك خلاص.
ضحك خالد ضحكه عالية.
لمياء بعقلانية:
_ كلمها تاني؛ أكيد فى سبب خلها تتغير معاك.
خالد باعتراض وزعل:
_لا مش هكلمها؛ زعلتني أوي، أنا طلعت مش فارق معها.
لمياء:
_ خلاص يبقى روق، متفكرش كتير، هي شخصية مندفعة.
هز خالد راسه بإيجاب.
♥️ــــــــــ بقلمي ليلةعادل ــــــــــــــ ♥️
شركة رسلان للمقاولات 10ص
ــ عند مكنه القهوة
ــ نُشاهد منه تقف أمام المكنه في انتظار قهوتها، وجاء محمد ينظر لها، وقال بمرح:
محمد:
ــ هلو منوش.
نظرت له منه بابتسامة:
_ هاي.
محمد:
ظبطي كل حاجه؛ عشان الاجتماع؟
منه:
_كل حاجه تمام متقلقش، بقولك إيه، صح أنتَ مبتشوفش خالد؟
محمد :
_ لأ، خالص، بقالي حوالي ١٠أيام مشفتوش آخر مرة لما سألني عليكِي زي ما حكيتلك في التليفون، حتى مش بيجي النادي، في حاجه؟
هزت منه رأسها بلا:
_ تؤ، هو كان بيتصل بيَّ وقت ما كنت مسافرة، وأنا مكنتش عايزة أرد، قلت يمكن في حاجه.
محمد:
_ لأ، خالد محكاش معايا تفاصيل، كل اللي قاله إن هو بيكلمك وأنتِي مبترديش، وتقريبًا آه، كان عايزك في شغل في الفكرة اللي أنتِي قولتيلي عليها بتاعت المحلات.
منه:
_ خلاص تمام، بقول لك إيه يا محمد، أنا هخلص الاجتماع وعندي مشوار مهم، تمام.
محمد بمزاح:
أخدتي على الدلع، بس ماشي، هاتي قهوتك بقى ويلا على أوضة الاجتماع.
ــ مصنع حرير للغزل والنسيج 3م.
ــ مصنع خالد الجديد في العاشر من رمضان.
ـ مظهر عام للمصنع: هو مصنع كبير، به مبنى من ثلاث طوابق: هو المبنى الإداري وبعض المباني الأخرى من الدور الواحد التي بها المكن، فنشاهد العمال وهم منشغلون في أعمالهم والأقمشة المختلفة المتنوعة، ثم ندخل حتى المبنى الإداري حيث مكتب خالد في الطابق الثاني.
ـ مكتب الثالث
ــ نشاهد منه تقف أمام السكرتيرة وهي تتحدث معها.
منه:
_مساء الخير.
رفعت السكرتيرة عينيها نحو منه، وقالت باحترام:
_ أهلًا وسهلًا، تأمري بحاجه؟
منه:
_كنت عايزة أقابل مستر خالد، هو موجود؟
السكرتيرة:
_ في ميعاد سابق.
منه:
_ للآسف، لأ.
السكرتيرة:
_ مستر خالد موجود، لكن في اجتماع، ممكن حضرتك تستريحي هنا لحد ما يخلص.
منه:
_تمام.
جلست منه في انتظار خالد حين ينتهي، وبعد ربع ساعة خرج خالد من المكتب، وهو يوصل من كان معه في الاجتماع عند الباب، وهو يقول:
خالد :
تمام يا حج صبحي ـ إن شاء الله ـ طلبية القماش هتكون عندك أول الشهر.
صبحي:
_ ياريت يا بشمهندس، محتاج الشغل ده؛ عشان المصنع يشتغل.
خالد باحترام:
_ متقلقيش القماش هيكون عندك في الميعاد، نورتنا.
رحل الرجل.
وقعت عين خالد على منه التى تجلس في انتظاره وهو ينظر باستغراب ويضيق عينه.
خالد باستغراب:
_ بشمهندسة منه!
توقفت منه بخجل قليلًا:
_ مستر خالد، إزي حضرتك؟
خالد هو ما زال متعجبًا أشار بيده:
الحمد لله، اتفضلي معايا جوه.
هزت منه رأسها بإيجاب، وتقدمت أمامه وتحرك خلفها حتى وصلا إلى مكتبه.
خالد وهو يشير بيديه باحترام نحو مقعد المكتب الأمامي:
_تفضلي ارتاحي.
جلست منه وجلس خالد امامها.
دخلت السكرتيرة وهي تقول:
_ مستر خالد تأمر بحاجة.
نظره خالد لمنه بتساؤل:
_ بشمهندسة منه تشربي إيه؟
منه:
_ ممكن شاي.
نظر خالد إلى السكرتيرة، وهو يقول:
_ آيات واحد شاي وواحد لاتيه ومتخليش حد يدخل علينا.
هزت آيات رأسها باحترام:
_ أمرك يا فندم.
خرجت وأغلقت الباب خلفها.
نظر خالد أمامه وهو يحك في أنفه باستغراب دون أن يتحدث، فهو ما زال لم يفهم سبب مجيئها المفاجئ.
كانت تنظر منه له بخجل، ولا تعرف ماذا تقول؟
ومن أين تبدأ الحديث؟
بعد ثواني، تحممت منه، وقالت:
_ أكيد بتسأل نفسك، أنا إيه اللي جابني هنا؟
خالد برقي:
أنتِي تيجي في أي وقت، مكانك.
منه:
_ميرسي لذوقك، أول حاجة، أنا مش عايزه أكون معطلك.
خالد وهو يهز راسه بنفي:
_مفيش أي عطل يا بشمهندسة منه.
منه بخجل وتلعثم:
ـ خالد أنا جيت؛ عشان أعتذر لك عن طريقتي معاك آخر مرة، أنا عارفه إن أنا كنت سخيفة وأسلوبي جاف جدًا، بس حقيقي أنا كنت متعصبة ومضايقة الفترة دي، لدرجة إن لو حد قالي صباح الخير بطريقة متعجبنيش كان ممكن أمسك في خناقة مشكلتي مكنتش معك كشخص، أنا كنت متضايقة؛ فلما أنتَ جيت اتكلمت معايا مش عارفه ليه اتعصبت وكلمتك كده؟ المهم أنا مش عايزاك تكون زعلان، وياريت ماتزعلش وتقبل اعتذري عن طريقتي السخيفة معاك، سوري.
خالد وهو يضيق عينه باستغراب، فهو يحاول أن يستوعب ما قالته منه له الآن، هل هذه هي الفتاة التي كانت توبخه من أسبوع وتتعامل معاه بقسوة؟ أصبحت لطيفة ورقيقة جدًا، عاد بظهره على خلف المقعد وهو يدقق النظر بها، ثم قال:
خالد باستغراب:
_ يعني أنتِي جايه تصالحيني.
هزت منه رأسها بإيجاب بخجل قليلًا بعين زائغه.
تبسم خالد بمكر:
_ أنا طلعت غالي بقى.
رفعت منه عينيها نحوه وقالت بتوضيح :
أنا حسيت بس إني ذودتها معاك، وكنت سخيفة؛ فحبيت إني أعتذر.
خالد بخبث:
_ أيوه، يعني أنا غالي؛ لأني لو مش غالي مش هيفرق معاكِ زعلي.
منه بتفسير:
_ أنا بس مبحبش حد يزعل مني، ولا يفهمني غلط، ولا أظلم حد.
خالد بمزاح:
_ مفيش فايدة، منه كبرياء مستحيل تطلع من كلمة بوقها عدلة، متقولي أنتَ غالي ياخالود، ووحشتني كوباية القهوة معاكِ، وخلاص وفرحي قلبي يا شيخه بالى ريقى بكلمة.
تبسمت منه:
_في دي مش هقدر أجادلك، أنا فعلًا وحشني كوباية القهوة معاك، وغلستك، وهزارك السخيف.
خالد تبسم بغرور يليق بيه وهو يعدل ياقة قميصه:
أنا كنت متأكد إنك هتيجي تصلحيني لعلمك.
منه:
_ أيوة؛ علشان كده فضلت عشر دقائق كده واقفلي متنح مش مصدق إني جيت.
نظر خالد لها وعض بأسنانه على شفتيه السفلية بمزاح:
_ بس بقى متكسريش من كبريائي، هههههه.
ضحكت منه:
_ حاضر، مش هكسر من كبرياءك.
نظر خالد لها، وأكمل وهو يسألها بجدية:
_ إيه بقى، كان مالك؟ إيه اللي حصل غيرك عليَّا فجأة كده.
منه بتوضيح وهي تزم شفتيها بآسف، قالت:
_ والله شويه مشاكل وضغوط، صدقني الموضوع مكنش شخصي معاك، مش أنتَ بس اللي عملت مشكلة معاه، في ناس تانية كمان، صحابي زعلوا مني.
خالد باستفسار :
_ ده بعد السفر ولا قبل السفر؟
منه بتوضيح :
_ المشكلة بدأت من قبل السفر، كنت فاكره لما أسافر ههدى، بس لا، رجعت زي ما أنا.
خالد بتردد:
_هو أنا ممكن أسالك إيه حصل لكل كده؟
منه:
_مشاكل في البيت، بس اتحلت.
خالد:
_ أنا مفهمتش ايه اللي حصل، خلاكِ تقلبي عليَّا، بس اتضايقت وفضلت أفكر إيه السبب اللي ممكن يخليكي تتبدلي كده.
منه:
_ ما أنا قولتك مشاكل.
خالد بعدم اقتناع:
_ أنا بصراحه يا منه مش قادر أفهمك، ولا مقتنع باللي قولتيه، مش مقتنع بفكرة إنك كان عندك مشكلة في البيت خلتك كده معايا، أصلك لو كدة مكنتِيش هعملي معايا مشكلة كشخص، كنتي هتتعصبي في العموم، لكن أنتِي كنتِي بتهاجميني من اتجاه واحد، وهو اتجاه أنتَ ليه بتطمن؟ أنتَ ليه مهتم؟ أنتَ ليه بتفكر فيَّا؟ ليه كنت قلقان عليَّا؟ منه أنا مش عبيط، أنتِي عندك مشكلة معايا في النقطة دي، مش قادر أوصل لسببها، أو يمكن أكون وصلت لسبب، وهو ..
قطعته منه وهي تنظر له، قالت:
_ أكيد فكرت إن ممكن يكون اللي عمل فيَّا كده راجل، وأكون مثلًا حبيت وهو خذلني، خاني وكرهني فى الرجالة كلها، ومبقتش أتقبل فكرة إن حد يهتم أو يقول كلمة حلوة.
تبسم خالد وهو يهز رأسه بإيجاب، أكملت منه بتوضيح :
_لأ، الحكاية مش كده، الحكاية أكبر من واحد ارتبطت بيه وخاني، أو خذلني، أصلًا أنا عمري ما ارتبطت ودي أول حاجه لازم نبقى واضحين فيها، واسال محمد عن الموضوع ده، أنا عمري في حياتي ما ارتبطت ودخلت في سكه الارتباط والكلام ده.
خالد بتهذب قال بوقار:
_ أنا مش محتاج أسال محمد؛ عشان أتأكد، أنا بصدقك يا منه، ولو سمحتِ بلاش تدخلي محمد في كلامنا، أنا بثق فيكِي وبصدق أي حاجه بتقوليها، ومش محتاج لمحمد ولا غيره؛ عشان يأكدلي كلامك اتفقنا.
هزت منه رأسها بإيجاب، أكمل خالد قائلًا:
_اتفضلي كملي كلامك.
عاد بظهره على ظهر المقعد؛ لكي يستمع لها بتركيز وكانت عينه معلقه عليها، أكملت منه بتوضيح .
منه بشجن ممزوج بتفسير:
_بخاف أتعلق، بخاف أتعود أن حد يبقى معايا وفي حياتي، وأنا صغيره كنت متعلقة جدًا بأصحابي، لدرجة إني كنت بوقف حياتي عليهم، هما حياتهم اتغيرت بعد فترة، بقى ليهم حياة ثانيه مسؤولة منهم، ووقتهم مباقش متوفر زي الأول، لقيتني بواجهه العالم بعد سنين طويله لوحدي، والمطلوب مني إني لازم أتأقلم وبسرعة، عارف إحساس إنك تكون بتاخد دش مياه سخنة في الشتاء وفجأه يتفتح عليك مياه ساقعة مثلجة، إحساس صعب، أنا كنت كده، فضلت فترة كبيرة أكتر من سنة ونص مضطربة، لدرجة إني مكنتش بعرف أعمل حاجه، لحد ما أخذت القرار، في الأول واجهت صعوبة لحد ما لقيت الموضوع سهل، واتعودت على الحياة الجديدة اللي اتفرضت عليَّا، بس لازم أكون منصفه، لما بعوزهم بلاقيهم في وقت المحن، سيبك من حوار السفر والخروج واللبس، بس بصراحة لما بحتاجهم في أي مشكلة، أو محنه بلاقيهم جنبي.
أكملت بضيق وحزن :
ــ بس هم النهاردة جنبي، يمكن بكرة لأ، ظروفهم تجبرهم إنهم ميبقوش جنبي في المحن، زي ما أوقات كتير مبيكونوش جنبي في الحاجات الترفيهية، استنى بقى لما أدخل تاني في تروما، فعودت نفسي إن أنا اللي أطبطب على نفسي وأنا اللي أقول لنفسي كلام حلو وأنا اللي أهتم بيَّا، مستناش من حد يهتم، يمكن عشان كده لما كنت بتطمن عليَّا وبتحاول تقتحم حياتي؛ كنت بخاف أتعود على وجود خالد أو غيره في حياتي، أنا مش معاك أنتَ بس كده، أنا مع الكل كده، حتى محمد، حتى صاحباتي لما بلاقي الاهتمام بتاعهم زاد بتضايق..
بدأت عينيها أن تمتلئ بالدموع ووجع خنق صوتها، واصلت:
_ مش عايزه أتعود على حد، أصل مصيري هبقى لوحدي، وهكمل لوحدي، كل واحد فيكم هيعيش حياته مع ناس ثانية، في حياة ثانية، منه هتفضل رقم زي أرقام كتير موجوده على تليفوناتكم وفي حياتكم، مش رقم واحد، أنا أصلًا عمري ما كنت رقم واحد في حياة حد، دايمًا رقم من ضمن أرقام كثير وهفضل رقم ضمن أرقام كثير، زمان وأنا صغيرة لما كنت لسه عبيطة لما كان حد بيهتم شويه زيك كده كنت أنا كمان بديله نفسي الاهتمام، ودماغي بقى بترجم وبتتخيل إن أنا كده بقيت رقم واحد، بس أنا بطلع مجرد رقم وبس ..
يمكن أنتو لما بتقولوا لي مالك؟ إيه اللي حصل؟ بتبقى مجرد مشاعر إنسانيه لشخص أكلتوا معاه عيش وملح وعِشْره مش أكتر، مش حاجة كبيرة يعني، بس حتى المشاعر الإنسانية دي انا بخاف منها، بخاف أتلذذ بيها، ولما أتلذذ بيها أحبها، أنا مش عايزه كده، أنا أسالك أنتَ مالك؟ أنا هدعمك ووقت ما تحتاجني هتلاقيني واقفه جنبك، لكن بلاش توقف أنتَ جنبي، مش عايزاك توقف جنبي، مش عايزاك تقرب مني، مش عايزاك تقول لي مالك، مش عايزاك تفهم من ملامحي إني زعلانه، وتسألني أنتِي زعلانه ليه؟ لأن مسيرك هتمشي، ولما تمشي، لما أجي أزعل مش هلاقي حد يفهم، وساعتها هقول محدش بيسألني مالك ليه يا منه، ولا بيفهم من ملامحك إنك زعلانه؟ وقتها هقول كان خالد بيفهم ويسألني، وساعتها هزعل، وافتقدك، أنا مقصدش كشخص، أنا بفهمك، أنا مع الكل كده، حتى أصحابي البنات، فمش عايزاك تزعل من ردود أفعالي، أنا عارفه ومتأكدة إنها بتكون مبالغ فيها؛ بس مش عارفه أعمل إيه؟ والله أنا حاولت أتعالج، بس مش عارفه عقلي مش عايز ولا قادر يقتنع بأي حاجه غير إن أنا أحافظ على نفسي، وعلى مشاعري وقلبي؛ عشان لما أبقى لوحدي بجد ماحسش بالوحدة اللي بجد؛ لأني طول عمري عايشه فيها مش واخده على سؤال حد، واهتمام حد، وتقدير حد، والكلام الجميل ده.
كان يستمع لها خالد بإصغاء وهو مركز النظر في ملامحها التي تعكس مدى ضعفها وشعورها بالوحدة والغربة رغم وجودها في وسط عائلتها، كم الوجع والخوف الذي يمتلئ كيانها، وصوتها الذي يعكس مدى الأنين الذي تشعر به، فقد وصل لخالد كل شيء، فهو تأكد أن كل ذلك الغضب والهجوم والعصبية خلفه شخصية ضعيفة، هشة، تحاول أن تضع ذلك الغضب والهجوم كدرع حمايه لها.
عدل خالد من جلسته قليلًا، وقال بعقلانية بنبرة متأثرة قليلًا:
_ أنا مش هقوحك، وفعلًا إننا مراحل في حياة بعض، محطة بتسلم محطة، بس أنا مش عايزه الفكرة تبقى عامه، يعني بعيدًا عني أنا كخالد، بس أكيد في حياتك ناس مكمله من سنين لحد الوقتي، مكانوش مرحله ومشوا زي مثلا صاحبتك شروق، هي صحبتك من زمان، وهي مكمله، مطلعتش مرحلة، يمكن هي بحكم ظروفها وشخصية جوزها المتحكمة، ما بقتش أوقاتها متوفرة زي الاول، أنتِي لسه قايله دالوقتي وقت ما بتكوني في مشكلة بتكون أول واحدة جنبك بعيدًا عن الحاجات الترفيهية اللي أنتِي بتتكلمي فيها، وأنتِي هتعوزي إيه أكثر من كده، إن صاحبتك تبقى في ضهرك وقت أزماتك، وإن وقت فرحك أكيد هتبقي محتاجها، بس لو هي وقتها مش سامح بده متزعليش، امتى تزعلي؟ إنها تبقى معاكِي وقت فرحك، بس، ووقت محتاجيها متلقيهاش ،هي دي الصداقة، أنا من رأيي يا منه أنتِي ظالمه نفسك، ظالمه نفسك في الشرنقة اللي أنتِي خنقه نفسك فيها، عيشي الوقت، عيشي اللحظة من غير ماتتعلقي بالأشخاص، استمتعي باللحظة، يمكن حد يكون فعلًا مهتم يسال عنك، مش مجرد مشاعر إنسانيه ويكمل معاكِ لحد آخر لحظة.
منه بخوف وهي تهز رأسها بلا:
_مش عايزه أجرب.
خالد:
عشان خايفه طبعًا.
منه:
_الخوف ده بقى جزء من حياتي.
خالد مستغربًا:
_هو في حد في حياتك فضل فترة وأنتِي اتعودتي عليه وبعدين اختفى.
منه هزت رأسها بنفي:
_لأ، مش بالظبط، بس في ناس كنت حطهم في خانه وطلعوا حطني في خانه ثانية خالص، يعني كنت حطاهم في مرتبة عالية رقم واحد، وكنت عندهم رقم 10، وممكن يكون خارج اللسته.
خالد بعقلانية شديدة :
_ تبقى المشكلة فيكِي يا منه، مش فيهم، أنتِي بتحاسبيني على تقيمك أنتِي ليا ليه؟
أنتِي تحاسبيني بس على طريقه تعاملي معاكِي، لكن ما تحاسبنيش على تقديرك وإنك حطاني في مكانه، أنا مستاهلهاش ، أنا مالي، أنتِي اللي ترجمتي مشاعري غلط، أنتِي ترجمتي ووقفي معاكِي وطريقتي معاكِي غلط، ولا هما كانوا بيمثلوا أو كانوا بيعملوا حاجات خلتك تحطيهم في المكانة دي وخدعوكِي ؟
هزت منه رأسها بنفي:
_لا لا، أنا اللي بلغت في التقدير، أنا اللي حطيتهم في حياتي في مكانه ما يستحقهاش، وبصراحة هما عمرهم مدوني حاجه أكبر من اللي كانوا بيدوها لي، بس أنا كنت فاكره لما أديهم أكثر؛ هيحبوني أكثر هبقى رقم واحد.
خالد:
_شغلك موضوع رقم واحده ده؟
منه بشغف ممزوج بوجع، قالت بمزاح يغطي حسرتها:
_نفسي أحسه، أعرفه، كل اللي حواليا عندهم رقم واحد، وهما كمان رقم واحد عند حد، إلا منه عمرها ما كانت كده، برغم إن كتير عندي كانوا كده، بس الوقتي مفيش غير منه هي اللي عندي رقم واحد وبس.
خالد بهدوء وعقلانية:
_ بصي يا منه اللي أنتِي فيه ده كان وأنتِي صغيرة، أكيد الوقتي أنتِي بقيتي أكتر حكمة وأكثر قدرة على إنك تفصلي وتترجمي وتعرفي كل واحد إيه، وتحطي كل واحد في المكانة اللي يستحقها، أنتِي قلت إنك عندك أكتر من صديقة مفضلة حنين وشروق وتقريبًا واحدة تانية بسنت.
هزت منه رأسها بإيجاب، أكمل:
_ أكيد أنتِي حاطه كل واحدة في مكان غير الثانية في اللي هي تستحقها، أكيد زمان كان الموضوع عندك مختلف دالوقتي بقيت أكتر حكمة.
منه بتأيد:
_ أيوة، أنا نضجت أكتر وبقيت بفهم أكتر، بس أنا لسه عندي حته كده بخاف أقرب من حد جديد، مستكفيه بأصحابي، لما بتعرف على حد جديد بيبقى بحدود، ولما ببدأ حس بمبالغة في الاهتمام، زيك كده بتحول عليه.
خالد تبسم بمزاح محبب:
_لا، متتحوليش أرجوكي، أنا كمان بخاف، بخاف أتعلق بشخص ومالقاهوش موجود، بس الفرق عمري ما قفلت بابي في وش حد، بالأخص اللي بيحاولوا يقربوا مني، بصي يا منه أنا مش بتكلم عني، صدقيني بس أنا عايزك تكونِ أقوى من كده، حاولي تكوني اهدى، حتى لو أنتِي عايزه تستمري على اللي أنتِ فيه وحبه، استمري ما دام أنتِ مرتاحة، بس خديها مني نصيحة، من أخ، صديق، او من الشخصية السخيفة اللي أنتِي مش قبلاها، هجومك بالشكل الصعب ده مع الناس صدقيني بيعكس إنك حد مش قوي بالعكس، أنتِي ضعيفة عصبتيك دي تبين إن شخصيتك ضعيفة، أوعى تخلي حد يستغل النقطة دي، لازم تبقى أهدى وأعقل في تصرفك، حتى لو مش عجبك، العصبية الهجوم اللي مش في محله المبالغ فيه بيبن إن الشخص ده ضعيف.
منه:
_شكلك دارس علم نفس.
خالد وهو يهز رأسه بنفي:
_مش محتاجه أدرس علم نفس؛ عشان أفهمك يا منه، أنتِي مفهومه وواضحة أوي، ودي مشكلة؛ لأنك شخص واضح، برغم إنك بتحاولي تبيني إنك غامضة وغريبة وعميقة، بس في الحقيقة سهل الواحد يكتشفك، أنا كانت مشكلتي أعرف مين اللي وصلك لكده؟ لكن أنا كنت فاهم إنك بداري حاجة ورا هجومك ورفضك، كنت بقول: إزاي بنت شخصيتها قوية جدًا في شغلها، وعارفه هي عايزه إيه؟ نظرت عينيك، طريقة كلامك بتخوف، لكن تيجي في الحاجات الثانية الشخصية، تبقى بضعف دة ..
ضحك وعاد بظهر وهو يعدل ياقة القميص بمزاح وغرور
_ لا، لا، لا إنتي محتاجه تاخدي كورسات، أنا ممكن أديك الكورسات، أنا فاضي.
منه تبسمت
_ خلاص، أنا موافقة يا سيدي.
خالد:
_خلاص هيبتدي الكورسات من بكرة، ولا أقولك من النهاردة؛ عشان نشرب قهوة مع بعض؛ تعوضيني عن الأسبوع اللي أنتِب كنت مزعلاني فيه.
هزت منه رأسها بموافقة.
خالد بتعجب باتساع عينه:
_ إيه ده، بالسهولة دي؟
منه:
أنا من رأيي تستغل الفرصة؛ عشان أنا دلوقتي طيبة أوي، أنا مش عارفه أنا إزي بتكلم معاك كده أصلًا، وفضفضت معاك كده؟
خالد تبسم بجاذبية:
ــ صدقيني أنا اللي مبسوط إنك اتكلمتِ معايا براحتك، وإنك وثقت فيَّا، وخرجتي اللي في قلبك.
منه باستنكار:
_ هي بصراحه مش ثقة، أنا أصلًا مش عارفه أنا ليه كلمتك كده؟ يمكن كنت محتاجه أتكلم وجت فيك.
خالد بمزاح محبب:
_جيبيها فيَّا على طول وأنا هسمعك، أنا مستمع جيد على فكرة.
منه:
_حسيت إنك شخصية رغاية.
خالد بمزاح:
_ هو أنا ما قلتلكيش إن أنا برج الجوزاء.
منه:
ــ بتهزر.
خالد وهو يضحك هز رأسه بنعم:
_ أيوه بهزر، أنا برج القوس.
منه:
_ههههه فظيع، متقدرش تقعد عاقل نص ساعة على بعض، بقولك إيه هي فين كوباية الشاي يا عم اللي إحنا طلبنها من ساعة؟
خالد بتعجب:
_كوباية الشاي يا عم!! معلش مهندسه ميداني بقى وواخده على الاسطاوات والصنايعية طريقة كلامك لازم تبقى كده، هأعدلها لك في الكورسات، فكريني.
منه:
_ طب اطلب الشاي؛ عشان صدعت، وبطل هزار سخيف؛ عشان نتكلم في مشروع المحلات بتاعك.
خالد ضحك وهو ينهض:
_حاضر لحظة واحدة.
توجهه خالد خلف مكتبه ورفع سماعته، قال بعملية:
_أنتَ يا بني، فين الشاي؟ طيب دقيقة ويبقى عندي.
جلس على مقعد مكتبه، وهو يقول: دقائق وجاي.
منه:
_ها، هتعمل بجد المحل.
خالد:
امممم، عجبتني الفكرة، صليت استخارة، وناويت أعمله، وقعدت مع المدرين و…
وبالفعل أخذا يتبادلان الحديث في مشروعه الجديد.
وخلال فترة كانت علاقة منه وخالد أصبحت أقوى من ذي قبل فأصبحت منه وخالد دائمًا التلقي عند عربة القهوة؛ ليحتسونها معًا، وتبادلا الأحاديث، كانت منه تسمح لخالد أن يسأل عن أخبارها وأحولها، نعم هو ليس تغير بشكل كبير، لكن هناك تغير ملفت للنظر، كان خالد منجذب لمنه بشدة ويحاول الاقتراب منها، لكنه لم يكن يفهم أسباب ذلك الانجذاب.
من اتجاه آخر ..
كانت تتابع معه سير مشروعه الجديد في افتتاح محل خاص لبيع الأقمشة الخاصة لماركة
ــ منزل منه 10م
_نشاهد منه تجلس على الفراش تضع اللاب توب على قدميها وهي تشاهد بعض الفيديوهات والبوستات وقعت عينيها على أحد المطاعم، أخذت تقرأ البوست، وتشاهد الصور، وتسمع الفيديوهات عن المطعم، ثم تذكرت شيء.
(فلاش باك )
_عند عربية القهوة السادسة ونصف مساء.
ــ نشاهد منه وخالد يقفان أمام سيارة منه وهما يحتسيان القهوة ويتحدثان.
خالد:
_على فكرة أنتِي صديقة مش جدعه.
نظرت له منه بتعجب:
_ليه؟
خالد بتفسير:
_عشان أنتِي قبل كده قولتيلي هساعدك إنك تحاول تخسر الروتين بتاعك ومعملتيش أي حاجه.
منه:
_ طيب ما أنا أعمل إيه؟ قولتلك سافر، وجبتلك الرحلة، وبرنامج وظبطلك كل حاجه، معجبكش وقولت: لا.
خالد:
قولتلك أنا مبعرفش أعمل زيك، إني سافر لوحدي، واستمتع لوحدي، مبحبش، جربت وفشلت، ممكن أعملها يوم لما أبقى عايز أفصل كده وأفصل دماغي من الضغوط، أنا عايز دالوقتي أروح؛ عشان أنبسط، وأصحابي كلهم دلوقتي مش فاضيين وأنا قولتلك: أنا الوحيد لسه سنجل فيهم، مستني كل واحد فيهم يقنع مراته إن هو يسافر لوحده، فلازم يروق عليها هي وأولادها شويه.
منه :
_خلاص، هفكرلك في حاجه وأقول لك وعد.
بس أنتَ أخذت اوي على حوار الصدف عند عربية القهوة.
خالد:
_ منه، أنيتِ عارفه إني بجيلك مخصوص؛ عشان أقعد معاكِي، الحاجة الوحيدة اللي أنتِي سامحه بيها، بطلي بقى تعملي نفسك مش فاهمه؛ عشان أنتِي فاهمه، بس لو عايزة تعملي نفسك مش فاهمه وعايزة تمشيها صدفة؛ فهي صدفة؛ عشان ده ميعاد رجوعي من الشغل، وأنا راجع بعدي بعربيتي؛ أخذ فنجان القهوة؛ لأن هو نفس ميعاد رجوعك من الشغلك.
منه تبسمت:
_فظيع ماشي.
خالد:
_ أوعديني إنك هتفكري في حاجة تكسر الروتين.
منه:
_ أوعدك.
(باااك )
نعود إلى منه وهي تجلس على الفراش تبسمت وهي تفكر باضطراب، أمسكت هاتفها في تردد وهي وتحاول أن تتصل بأحدهما، لكنها في تردد شديد، أخذت تقول بصوت داخلي:
اتصل بيه ولا ممكن يفهمني غلط !! مش هكلمه، هبعت له بس للوكيشن في رسالة، لا، لا، هكلم مفيهاش حاجه، وبعدين بقاله أسبوع مختفي ، ويوم ما أبعتله وأكلمه، أبعتله لوكيشن، حتى مش يبقى عندي دم ولا ذوق، لازم برده أطمن وأسال عليه، هو كان بيكلمني كل يوم ولما اختفيت فضل يسأل عليَّا وأنا ما فكرتش أكلمه، والله عيب عليَّ، يا ترى هو اختفى ليه؟ يكون حصل له حاجه؟! لا، إن شاء الله محصلوش حاجه، بس ليه وحشني هزاره السخيف؟ منه متكدبيش على نفسك، هزاره مش سخيف؛ هو لذيذ.
صمت ثواني وهي تتذكر خالد، ابتسامته جميلة، فجاه عبثت بوجهها وغيرت نبره صوتها بشدة، وقالت:
أنا مش متضايقة ولا مشتاقه عادي، انسان في حياتك اختفى فجاه، فطبيعي هتفكري لأحسن يكون حصل له، مش هيحصل حاجة، هكلمك.
قامت منه بالاتصال بخالد.
رد خالد بعد قليل.
منه:
_ ألو.
أتها صوت خالد من الاتجاه الآخر.
خالد بمرح:
_ منوشا عاملة إيه؟ أخيرًا افتكرتني، لا أنا زعلان منك.
منه باستغراب:
_ ليه بس كده؟
خالد بعتاب:
بقالي أسبوع مختفي ولا رنيت، ولا اتصلت، ولا بغلس عليكِي على الماسنجر والواتس، و ما تعرفيش عني حاجه؟ مفكرتيش حتى تبعتلي رسالة تقولي أنتَ فين؟ مش يمكن جرى لي حاجه.
منه بخجل واعتذار :
_بصراحه دي عندك حق فيها، أنا آسفة، بس صدقني كنت مشغولة في المشروع الجديد، حتى ماروحتش غير مرة واحدة بس عربية القهوة، الأسبوع اللي أنتَ كنت مختفي فيه، وقلت يمكن أنتَ عندك حاجه، وخفت أعطلك وضايقك بسؤالي.
خالد بحب :
_ ضايقيني وعطليني وملكيش دعوة، لو العطلة والمضايقة هتكون منك؛ أنا قبلها يا ستي، بس كلميني وحسسيني إني مهم بالنسبالك.
تبسمت منه لثواني، ثم قالت:
حممم، ما تاخدنيش في دوكه، بس إيه في حاجه؛ عشان الاختفاء ده؟
خالد بتوضيح :
_لا والله، بس كان عندي شغل كنت برجع متأخر مش شايف قدامي، مش بعرف امسك التليفون خالص وبصراحة زعلت منك لما لقيتك مش معبراني.
أكمل بمزاح: لعلمك أنا قموص، مش بتقوليلي إني بدي عشرين سنة في شخصيتي، أنا بقى في قمصتي سبع سنين.
تبسمت منه:
_ يا ابني، اتكلم جد خمس دقائق على بعض بقى.
خالد بجدية وعتاب:
_أنا بكلمك جد والله، زعلت منك لما ملتقيش بتكلميني تطمني عليَّا، لما انشغلت فضلت فترة يعني مش موجود كان نفسي تكلميني تقولي لي: أنتَ فين؟ حسيت إن أنا مش مهم بالنسبالك، بس أهو اتصلتي، أي نعم بعد أسبوع، بس خلاص سمحتك؛ عشان تعرفي إن أنا قلبي كبير.
منه:
_ والله أنتَ دايمًا ظالمني يا ابني، افتكرت إن أنتَ مشغول وعندك حاجات مهمة، فيعني ممكن أعطلك ما متزعلش بقى .
خالد:
_ خلاص مش زعلان؛ عشان تعرفي إن أنا قلبي كبير، أنا عايز أقول لك على حاجه الثقل صنعه مش غشوميه، ماشي يا منه.
منه بتعجب:
أثقل عليك ليه أصلًا؟
خالد بمزاح:
_ كبرياء امرأة.
منه وهي تضحك:
كبرياء امرأة! ههههه لا يا سيدي مش بتقل عليك، بس زي ما قولتلك خفت إن أنا أعطلك أو أضايقك، ولما لقيتك طولت قلت لازم أكلمك وأطمن عليك، الحمد لله إنك بخير، خلاص بقى أنا بعتذر لك من اول المكالمة، ما تبقاش سخيف.
خالد بلطف:
_ حاضر، ميرسي يا منه على سؤالك، صدقيني بيعني لي كتير.
منه بتساؤل:
_طب إيه؟ كده خلصت شغل ولا لسه مشغول؟ أصل أنا عندي ليك مفاجأة، أتمنى تبقى فاضي.
خالد:
_ أفضالك.
منه:
_طيب هقول لك.
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية أمنيات وإن تحققت)