رواية أكل الذئب زينب الفصل الحادي عشر 11 بقلم أمل نصر
رواية أكل الذئب زينب البارت الحادي عشر
رواية أكل الذئب زينب الجزء الحادي عشر
رواية أكل الذئب زينب الحلقة الحادية عشر
لكل حادث حديث، هذه هي الجملة التي كانت ترن في اذنيها، و تراها تنطبق عليه بالفعل، فمن يراه الاَن مندمجًا مع جمع الشباب العاملين على حملته ، والمؤيدين لترشحه من شباب العائلة والبلدة، وقد اقام لهم جلسة اجتماع في حديقة المنزل الشاسعة، بحضور اشقاءه وازواجهم وبالطبع كل هذا تحت رعاية الرأس الكبرى، شقيقه الداهية حامد، لا تستغرب وصف والدها له الاَن بعد معاشرتها لهؤلاء القوم في هذه الشهور القليلة.
رغم انشغاله معظم الوقت ، لكن لمسته موجودة في كل شيء، تذكرت في مرة حينما سألت والدها، لماذا حامد يقف خلف اخيه وهو الاحق ، بل الاسهل والأجدر ان تكون له، نظرا لمكانته الشهيرة وهيبته امام البلدة بل والمحافظة بأسرها، فجاء رد والدها:
– اديكي جولتيها بنفسك ، عنده الهيبة والمكانة والسلطة دا غير انه المتحكم الرئيسي في كل املاك ابوه ، وخواته كلهم تحت طوعه، اما ضاحي فدي فرصته عشان يثبت نفسه جدام الناس، ياخد مكانته بعد البعاد سنين عن البلاد والناس اللي كانت على وشك تنساه.
– وتنسي عملته.
غمغمت بها زينب داخلها وقد لاحت كل الذكريات القديمة امامها ، مع من اصبح زوجها رغما عنها وهو في طريقه الحين، في ان يكافأ بمنصب هام، عكس التي تساوت بالتراب الاَن، تلك التي تشاركت معه في الخطيئة، ونالت العقاب وحدها، رغم معرفة الجميع بالحقيقة.
استفاقت من شرودها تنتبه على قدوم حامد امامها، بوجه تجهم، وابصاره منصبة عليها، وهي تقف خلف احد الاعمدة اسفل المظلة الخشبية التي تغطي مخرج المنزل،
توجست حينما اقترب وطاقة من الغضب تنتشر في الأجواء مع كل خطوة يخطوها نحوها، حتى اذا وصل إليها تمتم ضاغطًا على أسنانه:
– اتحركي من مكانك ده، وتعالى ورايا.
انتفضت داخلها لهذه النبرة المريبة منه، فتضطر لاتباعه، حتى اذا دلف امامها واقترب من نصف الردهة التف اليها فجأة بأعين حمراء مخاطبًا لها:
– واجفة في مدخل البيت يا زينب والرجالة في وشك تبص عليكي.
اجفلها بحدته لتضطرب على الفور، فصدر ردها بارتباك:
– وانا مالي بالرجالة؟ انا وجفت اتفرج شوية، زي باجي حريم البيت، يعني عادي.
– لا مش عادي يا زينب.
هتف بها يعض على نواجزه ليردف بغضب مكتوم:
– حريم البيت متجمعين كلهم في البلكونات، ومحدش واخد باله منهم ولا باصصلهم اساسا، انما انتي واجفة لوحدك ، لافتة النظر من غير ما تدري، انا نفسي انتبهت من نظرة الشباب ناحيتك.
قال الاخيرة بانفاس خشنة، وعروق بارزة حتى شعرت بالرعب يزحف داخلها، فهذه اول مرة يقابلها بهذا الوجه، حتى جعلها تتلعثم في الرد بشفاه مرتعشة تبدي اعتراضها:
– انااا…. انكسفت ما اروح للجهة التانية عند الستات، وكنت زهجانة من الجعدة لوحدي بعد جدتي فضيلة ما نامت، انا مغلطتش، اللي يبص ناحيتي هو اللي غلطان.
اشفق حامد وقد علم انه اثار فزعها بهيئته، ليزفر انفاسه بضيق، يحاول السيطرة على هذه النيران التي تأكله من الداخل، من وقت أن انتبه لرؤيتها شاردة بجوار العمود الخرساني، غير منتبهة لنظرات الهمج من ابناء عمومته ناحيتها، والغبي شقيقه مندمجًا في دور النائب وتوزيع الادوار علي اعضاء الحملة، غافلًا عمن اصبحت للفتنة عنونًا، تلك التي جعلت حامد الدهشوري يكتنفه الندم الاَن، وشيء ما يحثه على التخفيف من حدته وقد رأى بأم عينيه تأثير كلماته بها.
– انت دخلت امتى يا حامد؟ انا كنت بسأل عليك برا؟
جاء صوت شقيقه من مدخل المنزل يقطع عنه فرصته، وهو يلج بخطواته المسرعة نحوهم، حتى اذا وصل اليهم التفت ذراعه حول كتفها قائلًا بعجالة:
– اطلعي فوق حضريلي غيار عايز اتشطف بسرعة عشان طالع .
سمعت منه توميء برأسها وتتحرك على الفور وكأنها كانت في انتظار الفرصة لتهرب من امام الاخر ، ترمقه بنظرة سريعة قبل ان تختفي وتغادر ليتبع اثرها بطرف عيناه، ثم تحمحم مجليًا حلقه ليجيب شقيقه:
– لا ما انا نفسي طمت من الجعاد برا، جولت اخش اريح من خلجتهم……….، وانا داخل زينب وجفتني تسألني.
اومأ ضاحي على عجالة دون ان يعطي اهتمامًا ليركز في مضمون ما يدور برأسه:
– هي عيال تجرف صح، بس هما اللي نافعني وانا دلوك محتاجهم جوي عشان اللي جاي، نتحمل شوية على ما نوصل، اسيبك بجى عشان اشوف مشواري مع رئيس الحزب، اصله طالبنا انا وباجي المرشحين.
اوقفه حامد قبل ان يصل للدرج يأمره:
– ضاحي،…. ياريت المرات اللي جاية تعمل اجتماعاتك في المندرة من جوا، او الاحسن تخليها برا البيت في مقرك الانتخابي.
– ليه؟
– من غير ليه، انا بجول دا افضل .
❈-❈-❈
بعد قليل
كان يرتدي ملابسه ليتجهز بعدما اخذ حمامه على السريع استعدادا للمقابلة الهامة، ولسانه لا يتوقف عن اللغو كالعادة:
– عايزك تخلي بالك الايام الجاية لطلبات الناس والحريم اللي جاصدين خدمات، طمنيهم وجيدي في الورجة على اساس انه هنفذ واحقق رغباتهم، فهماني يا زينب؟
صاح بالاخيرة ليخرجها من صمتها ووجومها، خرج ردها بضجر:
– فاهماك يا ضاحي، بس على الله تنفذ وتوفي بوعودك، ميبجاش كلام في الهوا، وضحك ع الدجون.
اطلق ضحكة مجلجلة وهو يرتدي الحذاء في قدميه قبل ان ينهض ليقربها فجأة ، يتمتم بمرح اختلط بغيظه من ردها، ضاغطا على اسنانه:
– ولو ضحك ع الدجون برضو يا زينب تجولي امين وتنفذي، دا واجبك كزوجة تجفي في ضهر جوزك دلوك، محدش علمهالك دي؟
قال الاخيرة بقرصة على طرف ذقنها ، لتدفع يده عنها مرددة باعتراض:
– اجف في ضهرك لما تكون على حق، مش تعشم الناس وتخلى بيهم.
استطاعت بالاخير ان تخرجه عن طوره العابث، ليزفر دفعة من الهواء المحمل بغضبه، ثم يباغتها بالقبض على ساعديها يردف بوعيد:
– بلاش تعصبيني يا زينب دلوك واسمعي الكلام من سكات، بدل ما اتهور عليكي، والغيها من المشوار خالص….
توقف يقترب بوجهه منها ، تلفح انفاسه الساخنة بشرتها، ليسترسل بتهديده:
– ولا شكلك اشتجتي لايام الجواز الاولى، لما كنتي زي الفرسة الحرنانة، وانا الفارس اللي بيروضك…..
قال الاخيرة بمغزى فهمته، فوقع قلبها بين قدميها، لتبتلع ريقها بنظرة رعب لم تخفى عليه، ليبتسم بانتشاء، فيقتطف ثغرها بقبلة قوية، ثم يتركها ويعدل العباءة فوق حلته، ليردف بغمزة بعدما رأى بأم عينيه تأثير تهديده السريع:
– حاولي ما تناميش غير لما ارجع من مشواري، يا اما اصحيكي انا بمعرفتي.
قال الاخيرة وصدحت ضحكاته المجلجلة وهو يغادر، تاركًا لها الغرفة والمنزل ، فتمتمت هي في اثره بقهر:
– روح يا ضاحي، الهي يارب ياخدني من وشك عشان استريح منك
❈-❈-❈
في اليوم التالي
مر والدها ليطمئن عليها ويأخذ جلسته مع الحاجة فضيلة، والتي لا تمل من ذكر حكايات الراحلين والتسامر والمزاح مع الرجل الذي يغمره الزهو امام الجميع الاَن ، بعدما نال الحظ الأوفر بمصاهرة اقوى العائلات واغناهم، من كان يصدق ان يحدث هذا مع القفاص المتواضع.
ينغص عليه فقط الشكوى المستمرة من ابنته، والتي تصله عن طريق زوجته، ليأتي اليوم اليها ويراها بنفسه، وفور ان اختلى بها بعيدا عن الجميع، بادرها بسؤاله:
– مالك يا زينب؟ لساكي برضك رافضة الوضع؟ ليه يا بتي عايزة تزعلينا عليكي، ما الحال عال وتمام التمام اها، ليه البطر بس وانتي في نعمة كل الناس حاسداكي عليها:
– بطر !
غمغمت بالكلمة، تبتلع الغصة المسننة بحلقها، فما فائدة الشرح والبداية خير دليل على عدم جدوى الشكوى من الأساس، لتزفر انفاس محملة بقنوطها:
– لا يا بوي ولا يهمك، ربنا ما يجيب بطر ولا كفر بنعمته، انت جولت بنفسك، انا في نعمة.
تأكيدا لمنطقه، واصل مطاوع الضغط بنعومة:
– اه امال ايه؟ في نعمة ونعمة وكبيرة جوي كمان، لكنك يا بتي صغيرة ولسة عجلك ما استوعبش، انتي بكرة هتبجي مرة النائب، فاهمة معناها دي؟ زينب بت مطاوع الجفاص هتبقى مرة النائب، دي معناها كبير جوي، وبكرة الزمن هيعرفك اكتر بكلامي ده.
اومأت بابتسامة اغتصبتها بصعوبة، ليضمها من كتفيها اليه ويقبل أعلى رأسها منه متمتمًا:
– الله يرضى عنك يا بتي، اعجلي وافهمي معنى كلامي، اللي يجي بالغصب خده بالرضا.
يبدو صحة منطقه هذه المرة، بعد تورطها وزواجها من ضاحي لا يوجد اي مهرب عنه، انه نصيبها وقدرها.
رفعت رأسها حينما انتبهت على صوت حمحمة خشنة من خلفهم، وقبل ان تلتف برأسها كان ابيها مهللا:
– حامد بيه، يا مرحب يا مرحب.
سمع منه الاخير وتقدم نحوهما ليرحب به ويصافحه بحفاوة:
– يا اهلا بيك انت يا مطاوع، عامل ايه؟ وكيف أحوالك.
بمبالغة اعتادت عليها، صاح يجيبه:
– احنا في نعمة والله بحسكم، ربنا ما يحرمني منكم، اجعد يا بيه احنا هنفضل واجفين.
القى حامد بنظره نحوها وجدها مطرقة رأسها وكأنها تتعمد او تتجنب مقابلة عيناه، ليزفر بتنهيدة مطولة مخاطبًا ابيها:
– يا سيدي مش عايز ابجى متطفل، ليكون في كلام سر بين الأب وبته:
– هيبجى سر عليك، ابدا ما يحصل، اجعد يا باشا وأنسنا دا البيت بيتك.
قالها مطاوع وهو يشير له على احد المقاعد المقابلة، فجلس عليه الاخر دون انتظار لينضم معهم ، على غير رغبتها، وقد بدا ذلك من امتقاع ملامحها، ولكنه تجاهل، يتصرف بطبيعية، فيتحدث مع الرجل بمودة زائدة وتباسط اذهل الاخر، بأن يجد روح الدعابة في رجل مثل حامد والذي لم يغفل تململها طوال الجلسة، بدعوة مكشوفة بضيقها منه،
حتى اذا نهض والدها فجأة ليغادر:
– طب امشي انا بجى اشوف مصالحي، الجعدة معاك ميتشبعش منها يا حامد بيه.
تبسم له برزانة يدعوه:
– طب وجايم ليه؟ ما تجعد اتغدى معانا، ولا خلاص الشغل مجطع بعضه.
– لا والله ما مجطع بعضه، انا بس رايح مشوار عند اختي اصلها كانت طلباني اروحلها من الصبح.
عند ذكر شقيقته، التف حامد نحوها يشاهد انتباهها الشديد، عند ذكر عمتها فجاء عقله سريعًا بصورة الشاب المتيم وثورته يوم خطبتها، ليعض باطن خده ويخرج زفرته بهدوء مناقض لما بداخله، فيتابع مع مطاوع ف الإلحاح عليه لتقضية المزيد من الوقت معهم، وإصرار الاخر للخروج الاَن، ثم العودة في وقت لاحق، حتى اذا انصرف وصاحبته ابنته الى باب الخروج، ثم عادت لتتخذ طريقها نحو الصعود لجناحها مباشرة ، اوقفها بصيحته:
– زينب.
انتظرت برهة بوقفتها حتى اذا التفت اليه بتساؤل، خاطبها على الفور بمكر:
– معلش يعني جبل ما تطلعي ممكن خدمة صغيرة لو مفيهاش تعب.
❈-❈-❈
هذه اول مرة تطأ قدميها ارض هذه الغرفة، والتي لطالما انتابها الفضول لمعرفتها،
تطلعت جيدا في الأجواء حولها، لتتاكد من فخامة المكان ورقي الديكور ثم هذه المكتبة الضخمة للالاف من الكتب، فتتاكد بالنظر، انها ليست غرفة عادية، لا ابدا، هذا شيء يفوق كل توقعاتها، ولكن كيف لها أن تستغرب الأمر؟، فهذا حامد ، رجل الغموض والاختلاف عن الجميع.
استفاقت من شرودها السريع على صوته من الخلف يدعوها:
– اجعدي يا زينب، هتفضلي واجفة كدة كتير.
التفت نحو المقعد الذي اشار عليه، لتجلس وتصبح مقابله، وقد اتخذ وضعه خلف مكتبه، ليهتز بمقعده قليلًا قبل ان يسألها:
– عجبك المكتب يا زينب؟
اومأت رأسها كإجابة، ثم غيرت على الفور:
– انا كنت عايزة اعرف عن الأمر اللي عايزني فيه.
تبسم بتسلية، وقد راقه غضبها المتخفي، يذكره بعبوس الأطفال، ليتنهد قليلًا، يخرج من درج مكتبه ملف بلاستيكي، به بعض الاوراق ، قرب أحدهما نحوها قائلًا:
– اهي دي يا ستي الرسالة اللي وصلت من الشركة الفرنسية، عايزين الرد بسرعة، وانا بصراحة مش ضليع باللغة دي
– بس انا خريجة اداب انجليزي.
– ما انا عارف، جولت اسألك لو عندك خلفية بسيطة تترجميه، انا اللغة دي محبتهاش نهائي عشان افهم فيها.
سمعت منه زينب ورفعت الورقة نحوها تترجم بداية النص:
– كاتبين من فوق اسم الشركة وشعارها، وبعدها التحية الروتينة،
– اهلا مسيو حامد ، وبعدها بيجولك نحن اطلعنا على الملف الذي أرسلته للشركة بخصوص عقد…….
واصلت بتركيز شديد، وهو ايضا ليس اقل تركيزًا، ولكن بملامحها وجديتها، وجاذبيتها الغريبة،
حينما انتهت اخيرا بعبارتها.
– بيجولك نرجو الرد في اقرب وقت
نفض عنه الشرود سريعًا ليحدثها بطرافة:
– يعني ترجمتي اها ما شاء الله، واضح ان اللغة كانت ساهلة معاكي عكسي أنا.
استجابت بابتسامة ضعيفة لتنهض عن مقعدها فجأة:
– دا بس بفضل دروس الثانوي مع الاستاذ عبد المتجلي، الحمد لله الحفظ معاه بيجيب فايدة .
قالتها تهم بالاستئذان ولكنه لحق عليها بقوله:
– استني جبل ما تمشي يا زينب.
تطلعت إليه باستفسار، ليفاجأها بسؤاله:
– هو انتي لساكي زعلانة من موقف امبارح ؟
انزلت ابصارها عنه في رد غير مباشر فهم عليه، قبل ان تجيبه بانفعال:
– ايوة عشان أنتوا تعرفوا اخلاجي كويس ، يستحيل اكون جاصدة الوجفة عشان الفت نظر الرجالة ناحيتي.
عقب بهدوء:
– ومين جال اني واخد عنك الفكرة دي، انتي لو مكنتيش دهب صافي، مكنتيش دخلتلي البيت ده اساسا يا زينب.
ما هذه الاجابة الغريبة؟
هذا ما طرأ بعقلها، لتسهم بنظرها نحوه، لا تعرف ان كان اطراء منه او سخرية مبطنة، ولكنه كالعادة كان اذكي من ان يوضح ما يقصده، لينهض من أمامها ثم يلوح لها بيده امام المكتبة قائلًا:
– اجيبلك انا الفايدة يا زينب، المكتبة دي كلها بالكتب اللي فيها تحت امرك، في اي وجت انتي كنتي زهجانة ولا عندك شغف للقراءة،
ردت بأعين توسعت باللهفة وعدم تصديق:
– ازاي؟ يعني انت ممكن تسيب حد اساسا يدخل هنا ولا يلمس حاجتك.
تبسم بثقة لينزع من علاقة مفاتيحه مفتاح صغير، ثم يلقيه امامها على سطح المكتب قائلا:
– الكلام ده مش مع كل الناس.
قالها وتحرك يذهب من أمامها مغادرا الغرفة، لتقف هي متسمرة لعدد من اللحظات بدهشة جمدتها، حتى اذا استوعبت بعدها، خطت نحو المكتبة بلهفة تتحسس الكتب وتستكشفها ، من روايات اجنبية وعربية قديمة وجديدة وكتب عالمية لطالما سمعت عنها ، والعديد والعديد، تتساءل داخلها ان كان يضعها هنا للديكور ام بالفعل يجد الوقت ليقرأ بها، ولكن في كل الحالات يزداد يقينها بأنها ابدا لم ولن تقابل ابدا رجل في مثل غموضه وشخصيته الفريدة عن الجميع.
❈-❈-❈
في المساء
عاد ضاحي من الخارج ، ليجدها منكفئة على إحدى الروايات التي خرجت بها من المكتبة، وقد اخذها الشغف لتكملة القراءة بها اليوم حتى انها لم تنتبه على دلوفه، ليقطب موجها حديثه بتهكم نحوها:
– مساء الخير يا برنسيسة، لتكوني رجعتي الدراسة من تاني؟
استفزها بكلماته لترفع رأسها اليه بحنق:
– مساء الخير يا ضاحي، ايه لزوم التريقة على المسا.
تبسم بسخرية ليخلع عنه ملابسه قائلًا:
– معلش لو ازعجناكي، بس ده الرد الطبيعى لحضرتك، جوزك راجع من برا، اجل حاجة تستجبليه زين، ولا دي كمان عايزة علام ؟
تركت الرواية من يدها، تكتم زفرتها داخلها، لتنهض، تسأله بسجيتها:
– ماشي يا ضاحي حقك عليا، تحب احضرلك الحمام ولا اسخن حاجة تاكلها .
تبسم بانتشاء، وقد راقه طاعتها ، ليشملها بنظراته من شعر رأسها، ذاك المنطلق خلف ظهرها وحول وجهها، وهذه البيجاما القطنية ذات الربع كوم، ملتصقة بجسدها الغض، نزل بأبصاره الى البنطال القصير الذي يعلو ركبتها الناعمة، سال لعابه بنظرة فهمت عليها، ليباغتها برد فعله، حينما جذبها فجأة اليه يضمها بقوة من خصرها، يردد بأنفاس ساخنة:
– ما انتي حلوة وعسل اها، مينفعش ادخل كدة في مرة، الاقيكي لابسالي حاجة حلوة من اللي معبية الدولاب، ولا عايزة البسك انا بنفسي؟
ابتلعت داخلها، تحاول دفعه عنها بضعف متمتمة ردا له:
– لا كدة ولا كدة، انت عارفني من الاول محبش البس الحاجات دي.
زادت ابتسامته اتساعا ليعلق بمشاكسة:
– لازم تحبيها يا زينب، امال هنخلف عيال ازاي؟ ولا انتي مش واخدة بالك ان بجالنا شهور ولسة لا في حس ولا خبر.
وجمت بصدمة ، فهذا اخر ما كانت تتوقعه، هو ان تنجب منه ، ويصبح زوجها ووالد ابناءها الى الأبد، وقد وضعت برأسها منذ البداية ان يمل منها كما فعل مع من سبقها،
لتستدرك فجأة لحلمها والوعد الذي قطعه قبل زواجه بها، فتذكره به الاَن:
– خلفة ايه دلوك يا ضاحي؟ هو انت مش جولت انك هتوظفني الاول في المدرسة اللي اشاور عليها؟
رفع رأسه عن تجويف عنقها وقد كان مندمجًا في تقبيله، ليطالعها رافعا حاجبيه باستهجان مرددًا:
– دلوك عايزة مني الوظيفة يا زينب؟ الكلام ده كان جبل الجواز ، انما حاليا وظيفتك هي بيتك يا حبيبتي، تهني جوزك بيكي وتخلفي له العيال يا غالية، بس…. هي دي وظيفتك.
وكأنها كانت القشة التي قسمت ظهر البعير، دفعته عنها بقوة لم تعرف من أين قد أتت ، لتهدر به غاضبة:
– يبجى بلاها منه خالص يا ضاحي، لو هتحرمني من الوظيفة اللي بحلم بيها، يبجى ننهيها احسن، انا لا عايزاك، ولا عايزة الخلفة منك، طلقني يا ضاحي.
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية أكل الذئب زينب)