رواية أقدار بلا رحمة الفصل الخامس 5 بقلم ميار خالد
رواية أقدار بلا رحمة البارت الخامس
رواية أقدار بلا رحمة الجزء الخامس
رواية أقدار بلا رحمة الحلقة الخامسة
وفجأة وبين كل هذا الهدوء صدع صوت صرخات عالية من البنايه المجاورة لها، نهضت من مكانها بفزع واستعدت حتى تهرب من المكان ولكن أوقفتها تلك الصرخات الباكيه و لم تمر ثواني حتي وجدت رجل كبير السن يهرول بتعب خارج البيت و يصرخ بأعلى صوته لطلب المساعده حتى سقط على الارض بقوه فركضت نحوه سريعا، أردفت:
– خير يا حاج في إيه؟!
نظر لها الرجل باستغاثة وقد اسكتته دموعه فلم يقدر علي الكلام، نظرت براء إلى البيت لتجده مشتعل نارا فشهقت بفزع و بدأ الرجل في السعال بشده و قال بصعوبة:
– مراتي محبوسة جوه .. أرجوكي الحقيها خلي أي حد يلحقها أنا مش بقدر اتنفس
نظرت له براء بعيون متسعه و بدون أي تفكير ركضت إلى البيت سريعا و دلفت إليه لتجد النيران مشتعله به و لكنها لم تكن منتشره في البيت بأكمله فحمدت ربها و تحركت بسرعه و تتبعت صوت صرخات زوجته حتي وصلت إلى غرفتها لتجدها مكومه في احدي الأركان بخوف و صرخاتها لا تتوقف، ذهبت إليها سريعا و حاولت أن تطمئنها و شجعتها حتي تنهض معها، قالت:
– أنا معاكي متخافيش قومي معايا لازم نخرج من هنا
ظلت صرخاتها متواصله حتى بدأت تنتبه إلى كلمات براء فهدأت قليلا و نجحت براء في انتشالها من تلك النيران و خرجت من البيت و في تلك الأثناء كان جميع من في البنايه قد أنتبه إلى صرخاتها و قد أتت المطافئ و أنقذت ما يمكن إنقاذه من المنزل و جلست براء مع السيدة و زوجها في إحدى الأركان أمام البيت، كانت السيده مستقره في أحضان زوجها القلق عليها حتى أبتعدت عنه قليلا و نظرت للجالسة بجانبها، اردفت:
– أنا مش عارفه اقولك إيه .. ربنا بعتك لينا منين في الوقت ده لولاكي مش عارفه كان جرالي إيه
نظر لها جمال وقال:
– أنا آسف إني خليتك تعرضي حياتك للخطر كده .. لو كنت فضلت جوه لا كنت هقدر الحق فاطمة ولا الحق نفسي
نظرت له براء بحزن وقالت:
– مش فارقة كتير
طالعتها فاطمه بتساؤل وقالت:
– انتِ معانا هنا في العمارة؟
– لا .. أنا كنت جنب العمارة و لما سمعت صوت الصريخ جيت أشوف في إيه .. و الحمدلله إني جيت في الوقت المناسب
– بس إيه اللي ممشيكي في الشوارع بليل لوحدك كده يا بنتي غلط عليكي .. هما فين اهلك؟
نظرت لها براء بعيون دامعه ثم قالت:
– أنا لازم أمشي دلوقتي .. حمدالله على سلامتك
ونهضت من مكانها و جاءت لتمشي و لكن فاطمه أمسكت يدها لتوقفها، نظرت براء إليها بتساؤل لتقول فاطمه:
– أنتِ ايه حكايتك؟
و كانت براء تنتظر تلك الجملة لتنفجر في البكاء و قد ارتمت في أحضان فاطمه لتنصدم هي من رد فعلها و لكنها قد نست كل شيء و مسحت علي شعرها و تركتها حتي تنهي بكائها و بعد لحظات هدأت قليلا وابتعدت عنها فقالت فاطمه:
– أحسن دلوقتي
نظرت لها براء بعيون دامعه وقالت:
– أيوه
– مش هتجاوبي عليا برضو .. إيه إللي ممشيكي في الوقت ده لوحدك و إيه الشنطة اللي معاكي دي أنا بسألك من قلقي عليكي يا بنتي
نظرت لها براء للحظات ثم تنهدت بتعب و قالت:
– أنا هحكيلك كل حاجه
ثم قصت عليها كل ما مرت به منذ أن جاءت لتلك الدنيا و كانت فاطمه و زوجها جمال متأثرين جدا بقصتها و عندما انتهت كانت الدموع قد عرفت طريقها إلى عيون فاطمه فقالت:
– معقول كل ده مر عليكي .. عيونك مليانه بحكايات لو اتقالت هتبكي الدنيا كلها
– الحمدالله .. أنا راضيه بأي حاجه بتحصلي وعارفه أن ربنا بيحبني عشان كده بيبتليني .. و عارفه أنه هيعوضني خير بعد كل ده
نظرت لها فاطمه وأبتسمت بحنان ثم نظرت إلى جمال ليفهم هو نظراتها ثم أبتسم و قال لبراء:
– يرضيكي نفضل قاعدين في الشارع كده .. كان نفسنا نستقبلك في ظروف أحسن من كده بس نعمل إيه بقى .. يلا يا بنتي معانا أكيد مش هنسيبك تفضلي في الشارع كده
نظرت لهم براء بتعجب و قالت:
– معقول هتخلوا بنت متعرفوهاش عندكم! حتى لو ساعدتكم مينفعش احسبوا طلعت مش كويسة!
ابتسمت فاطمه بهدوء و قالت :
– مش عارفه يا بنتي .. بس أنا قلبي مرتاحلك و حاسه إنك مش هتأذينا .. مش كل الناس وحشه و قاسيه كده ما يمكن ربنا وقعنا في طريقك عشان نساعدك
نظرت لها براء و دققت في ملامحها ليرتاح قلبها وشعرت بالأمان ولأول مره منذ عدة أيام و طالعت جمال ايضا ليبتسم هو لها بطيبة، صمتت براء للحظات حتي قالت فاطمة:
– أنا عارفه أنك خايفه .. أقولك حاجه و أنا كمان خايفه رأيي فيكي يبقي غلط .. بس قلبي عمره ما كان غلط و قلبي بيقولي انك كويسة .. غير كده أنا مش هسمح أنك تفضلي في الشارع كده لوحدك بعد اللي قولتيه ده .. من النهاردة مفيش قساوة من الدنيا تاني
نظرت لها براء وقد ترقرقت الدموع في عيونها و قالت:
– و أنا من كتر القساوة قلبي أتكسر مليون حته
أبتسمت فاطمه بحزن ثم أخذتها بين أحضانها و ربّتت علي كتفها، نظر لهم جمال و قال:
– الوقت أتأخر يا فاطمه .. يلا نروح شقة أهلك نفضل فيها لحد ما نجدد اللي اتحرق في الشقة اللي فوق و المفتاح جبته اهو الحمدالله إني عرفت أوصله
– يلا هي كده كده مش بعيده
ثم نهض الثلاثة و اتجهوا الي شقة أهل فاطمه و الذي تبعد عن شقتهم بشارعين فقط و هي ما تبقي لفاطمه من ميراث أهلها و أخذها الحديث مع براء و قالت لها أنهم يمتلكون محل صغير للخياطه و قد فرحت براء بشدة و قالت لها أنها تجيد الخياطه و التطريز و أنها كانت تصمم الملابس لأخواتها بالدار، و ظل الإثنان هكذا حتي وصلوا الي البيت فقال جمال بمزاح:
– هي لحقت تاخدك مني ولا إيه لا كده هضايق
ضحكت براء بخفة و كذلك فاطمه ثم قالت محدثة براء:
– إيه رأيك في الكلام ده
أبتسمت براء و قالت:
– عمري ما أعمل كده ده حضرتك الخير و البركه
ضحك جمال ثم قال:
– إيه حضرتك دي .. من النهاردة تقوليلي بابا جمال
و أكملت فاطمه كلامه وقالت:
– و انا ماما فاطمه
نظرت لهم براء بابتسامه واسعه و قالت:
– حاضر ..
نعود إلى الحاضر ..
ترقرقت الدموع في عيون براء عند تذكرت تلك الأيام و أبتسمت ابتسامه هادئة صاحبتها تنهيده و في تلك اللحظة صدع جرس المنزل فقالت براء:
– أكيد ده بابا جمال
ذهبت بحماس إلى الباب و فتحته لتجده جمال بالفعل الذي قد أتي و معه الفطور
– صباح الخير يا ست البنات صاحيه بدري ليه كده
ضحكت براء و قالت:
– هقولك أنت كمان .. أنت نسيت اني عندي طلبيه كبيره لازم تخلص كمان اسبوع يادوب أروح الاتيليه عشان الحق أخلص اللي ورايا
– والله يا بنتي من غيرك كان زمان المحل ده اتقفل من زمان .. شطارتك كبرته لحد ما بقي اتيليه كبير و بقى ليكي إسم معروف في السوق كمان .. جيتي أنتِ و حليتي كل مشاكلنا و نورتي حياتنا
ابتسمت براء بحب وقالت:
– أنا معملتش حاجه ده واجب عليا .. مش أنتوا عيلتي برضو
أبتسم جمال و قال:
– الله ينور عليكي يا بنتي .. يلا بقى عشان ناكل أنتوا مش جعانين
– أنت جبت فطار .. دي ماما فاطمه بتجهز الفطار
– لا خليها تيجي بلاش تتعب نفسها .. يلا
ضحكت براء و جاءت فاطمه ثم جلسوا جميعا حتى يتناولوا فطورهم ..
***
– يعني ايه؟!
– هعرفك كل حاجه في وقتها .. بس ممكن بكره تعدي عليا في البيت .. ملك عايزه تشوفك يا سيدي
تنهد يامن بضيق وقال:
– مش عارف عندي شغل في الشركة مش هقدر اسيبه و أنت عارف أن أمي بتسأل كتير و أنا مش عايز أي اسئله منها
– لسه علاقتك متوتره معاها برضو
– ايوه .. للأسف هي امي عشان كده لازم أعاملها بطريقة كويسة و ده اللي بيحصل .. بس متطلبش مني اكتر من كده بسببها أنا بعاني بقالي سبع سنين .. بسبب معتقدات المجتمع الغلط أنا خسرت اكتر حاجه حقيقة في حياتي
نظر له كريم بحزن و ظل يستمع إلي صديقه حتي قال يامن بانفعال:
– كان ذنبها إيه هي عشان تتعاقب على حاجه ملهاش دخل بيها .. كان ذنبها إيه أنها تترفض و تتعامل بالقسوة دي هي متستاهلش كده .. حتي أنا كسرتها و خذلتها حتي لو كان غصب عني .. إحساس إني حتى مش عارفه هي كويسة ولا لا دلوقتي .. عايشة ولا ..
توقف عند تلك الكلمه ليزفر بضيق مرة أخرى و قد أحس كريم بمدي الألم الذي يشعر به صديقه ففضل الصمت و بعد لحظات قال يامن:
– هحاول أجي بكره حاضر .. انا مقدرش ارفض طلب لملك
أبتسم كريم و قال :
– ربنا يريح بالك يا صاحبي
و بعد لحظات صدع هاتف كريم رنينا برقم زوجته نسمه فنهض من مكانه و رد عليها لتقول بسرعه:
– ها قولتله .. قالك ايه وافق يجي؟!
– أهدي إيه كل ده
– رد عليا بس
أبتسم كريم و قال:
– أيوة يا ستي جاي بكره بأذن الله
ابتسمت نسمة وقالت:
– كويس أوي و أنا هكلمها عشان تيجي بكره برضو و بكده يتقابلوا .. يارب بس تلفت نظره عايزه افرح بيهم
– هتلفت نظره متقلقيش
– و أنت متأكد كده ليه؟
– أنتِ قولتيلي اسمها ايه صاحبتك دي؟
– اسمها براء
ابتسم كريم و قال :
– بس يبقي هتلفت نظره
– يارب
أنهي كريم معها المكالمه و عاد إلي يامن لينهض الآخر من مكانه، ودع صديقه ورجع الى بيته ليجد والدته كعادتها تقرأ إحدى المجلات الخاصة بالأزياء و الموضه و قبل أن يتجه إلى غرفته انتبهت له و قالت:
– اتأخرت ليه مش قولتلك أرجع بدري
– كان عندي مشوار مهم
– مشوار ايه؟
– مشوار يخصني يا ماما .. أنا مش صغير عشان تعرفي كل تحركاتي كده أنا عندي ٢٧ سنه!
– طب كويس أنك عارف أنك مش صغير .. مش ناوي تتجوز بقى
– أعتقد أنتِ عارفه رأيي في الموضوع ده من زمان
– ما تكبر بقى مكنش حب مراهقة و راح لحاله
– لا مكنش حب مراهقه! و بعد أذنك مش عايز أتكلم عن الموضوع ده تاني وياريت تشيلي فكره الجواز من دماغك
ثم تركها تستشيط غضبا و ذهب إلى غرفته ليغرق في دوامة الندم مرة أخرى ..
في اليوم التالي ..
استيقظت براء من نومها و أرتدت ملابسها و حجابها و خرجت من الغرفة ثم ودعت فاطمة و جمال و ذهبت الي الاتيليه الخاص بها و بدأت براء عملها سريعا حتي تنهي الطلبيه قبل الموعد المحدد و في تلك الأثناء دلف إليها صاحب المحل المجاور لها وهو رجل في العقد الثالث من عمره ملامحه هادئة و وسيم نوعا ما يمتلك ابتسامة جميلة تخطف كل القلوب .. إلا قلب براء الذي قد سُلب منها قبل سنين، نظر لها خالد و قال:
– صباح الخير
التفتت له براء و أبتسمت بهدوء و قالت:
– صباح النور يا خالد .. أخبارك إيه النهاردة
– بقيت بخير لما شوفتك
نظرت له براء بتوتر نوعا ما بسبب كلماته تلك و قالت:
– خير كنت عايز حاجه؟
فرك خالد شعره بتوتر و قال:
– لا أنا جيت عشان أطمن عليكي بس .. هو لازم أكون عايز حاجه يعني
– فيك الخير
– شكلك مشغوله مش كده؟
– أيوه بصراحه
– طيب هستأذن أنا .. لو احتاجتي حاجه أنا موجود جمبك تمام
أبتسمت براء بتحفز و قالت:
– ربنا يخليك شكرا
نظر لها خالد بابتسامه وألتفت ليخرج من المكان وفي تلك اللحظة دلف أحد الرجال الي الاتيلية ليقف خالد مكانه و نظر له بتساؤل، تخطاه هذا الرجل و ذهب ليقف أمام براء و قال:
– خلصتي الطلبية ولا لسه؟
– نعم؟! لسه فاضل أسبوع أكيد لسه
– الطلبية دي الشركه طلبتها من فتره .. مكنتش أعرف أنك مش قد كلمتك كده يا أستاذة
اتجهت إليه براء ونظرت له بثبات وقالت:
– ياريت تتكلم معايا بنبره أحسن من كده .. وعموما أنا كلامي مش معاك أنا كلامي مع رئيسك
– رئيسي هو اللي باعتني عشان أقولك الكلام ده .. و بيقولك أنه مش عايز يكمل الصفقة دي و مكتفي بتصاميمك اللي اتعملت خلاص و دي تم الحساب عليها في أول الصفقه
نظرت له براء بدهشة و قالت:
– ده إزاي يعني هو لعب عيال! أنتوا التزمتوا معايا بكلام مينفعش تغيروه
– ده شيء يرجع لرئيس الفرع أنا جيت أوصل الكلام مش أكتر
– وأنا لو كنت من الأول أعرف أني بتعامل مع شركه مش قد كلامها كده مش كملت معاكم .. و بالنسبة للتصاميم أنا مش هقدمها و نص المبلغ اللي كان مدفوع هيكون عندكم خلال أيام .. اتفضل من هنا
– أنا عندي أوامر أني أرجع بالتصاميم
و أقترب منها قليلاً ليقف خالد أمامه وقال بنبره حادة:
– أعتقد أنت سمعت كلامها .. اتفضل أمشي من غير شوشره
نظر له هذا الرجل للحظات ثم خرج من المكان و هبطت براء على كرسي مكتبها بتعب، صمت خالد للحظات حتي قال :
– هتعملي ايه دلوقتي؟
– مش عارفه .. بس أنا لازم اروح الشركه و أشوف رئيس الفرع
– طيب وقت ما هتكوني رايحه قوليلي أروح معاكي
نظرت له براء بتساؤل وقالت:
– شكراً يا خالد .. بس أنا شايفه أنه ملهوش لزوم
– لا إزاي يعني .. لازم يعرفوا أنك مش لوحدك و أن وراكي رجالة
– ربنا يخليك .. بس بجد ملهوش لزوم
– براء أنا مش باخد رأيك .. بعد أذنك أبقي قوليلي و انتِ رايحه
تنهدت براء بضيق و قالت:
– حاضر يا خالد .. و شكراً
نظر لها خالد بعيون تشع بالحب و قال:
– العفو علي إيه بس .. دي أقل حاجه أقدر اقدمهالك
أبتسمت براء بتحفز وخرج هو من المكان وتنهدت هي بضيق، مرت ساعات طويلة حتي أنهت عملها و خرجت من المكان و اغلقته جيدا ثم تحركت حتي تذهب الي بيتها، كانت شارده نوعا ما و لكنها انتبهت حين شعرت أن شخصا ما يتبعها!
*********************
وصل يامن أسفل عمارة كريم و ترجل من سيارته و أتجه الي البيت، رن جرس المنزل و ما أن فتح له صديقة الباب حتى ركضت ملك لترتمي بين احضان يامن و كانت بعمر الثلاث سنوات، حملها يامن بين يديه بابتسامه عريضة و قال:
– حبيبة عمو يامن .. وحشتيني اوي
ابتسمت ملك بفرحه و ظل الاثنان معاً يلعبون سويا بوجود كريم حتي اتجهت إليهم نسمه بابتسامة جميلة و قالت ليامن:
– ده البيت نور والله
– ده بنورك طبعا .. أخبارك إيه
– أنا الحمدلله أنت عاش من شافك
– الدنيا بتلهي بقى
– ماشي يا سيدي
و في تلك اللحظة صدع جرس المنزل لينظر يامن الي كريم بدهشة و أردف:
– أنت مستني حد ولا ايه؟
قالت نسمة:
– متشغليش بالك دي واحدة صاحبتي جايه تزورني .. معلش بقى أصلها مسافره بكره و مكنش ينفع تسافر غير لما تشوفني
– براحتك أكيد ده بيتك
– ربنا يخليك
أبتسمت نسمة بحماس ثم ذهبت لتفتح الباب لصديقتها، و بعد ثواني فتحت لها الباب لتطل منه فتاة عشرينية لا تمتلك شيء من أسمها علي الاطلاق، فكان منظرها جرئ نوعا ما مع هذا المكياج الذي يعطيها سن اكبر قليلا من سنها، احتضنت نسمة صديقتها وقالت:
– نورتي يا براء
– لا براء إيه .. انتِ عارفه إني مش بحب الإسم ده قوليلي بيري زي ما متعوده
حدثتها نسمة بصوت خفيض و قالت:
– من النهاردة لازم تحبيه .. يامن بيحب إسم براء .. و إيه لبسك ده أنا مش قولتلك النهاردة بالذات البسي كويس
– ما هو كويس أهو
– أعمل إيه فيكي مفيش فايده
– خلاص بقى مش وقت الكلام ده
تنهدت نسمه بضيق ثم دخل الإثنان و اتجهوا الي يامن و كريم الجالسين، نظر يامن للفتاه الواقفة أمامه بتساؤل و هي تطالعه بابتسامه ساحره، أعاد يامن نظره الي ملك فابتسمت نسمه و قالت:
– دي صاحبتي .. أسمها براء
نظر يامن أمامه فجأة وكان وقوع الاسم على أذنه كافي حتى يستعيد كل ذكرياتهم التي حاول أن يدفنها في رأسه، اتجهت إليه براء أو بيري كما تحب أن ينادوها الناس ومدت يدها إليه نظر يامن لكريم بحده ليبعد كريم نظره عنه و بدون أي مقدمات نهض يامن من مكانه و قال:
– أنا لازم أمشي حالا
نظرت له نسمة و قالت:
– تمشي أزاي بس ده أنت لسه واصل
– معلش مره تانيه .. عن اذنكم
و نهض من مكانه و خرج من البيت سريعاً و قد لحق به كريم، و استطاع الوصول إليه قبل أن ينطلق بسيارته، ترجل يامن السيارة بعصبية كبيرة ليقول كريم:
– مشيت ليه؟
– بتسألني مشيت ليه؟ أنت ليه بتتعامل معايا على أني عيل صغير .. أنت فاكر أني مش فاهم كل اللي أنت بتعمله ده! أنا كنت عارف أن النهاردة مش انا لوحدي اللي معزوم .. بس مكنتش متخيل أنها هتوصل بيك لكده .. للدرجادي استهزئت بمشاعري و اللي بحس بيه .. فاكر أني ممكن انجذب للبنت دي بس لمجرد أن اسمها براء .. أنت ازاي كده بجد!!
نظر له كريم بحزن و قال:
– والله ما كان قصدي كل ده .. أنا بس كنت عايز اساعدك أنا مش هاين عليا اللي بتعمله في نفسك ده!
– انا حر!! كله بيفكر بطريقة انانيه و محدش بيفكر أنا عايز إيه .. أرجع لمراتك يا كريم و ياريت تحترم رأيي بقى
قال تلك الجملة ثم استقل سيارته و أنطلق بها الي شقته الذي اشتراها بعيدا عن بيت والدته، و كان يلجأ لها حين تخنقه ذكرياته، تنهد كريم بضيق ثم عاد إلي بيته
******************************
كانت شارده نوعا ما و لكنها انتبهت حين شعرت أن شخصا ما يتبعها!
نظرت خلفها سريعا فلم تجد أحد استدارت مره اخري و سرعت من خطواتها قليلا حتي شعرت بمن يضع يده علي كتفها لتلتفت بخوف:
– اهدي ده أنا متخافيش
نظرت براء للواقف امامها بفزع:
– بابا جمال .. وقفت قلبي ليه كده
ضحك جمال بخفه و قال:
– حقك عليا معلش .. أنا بس لقيت الوقت أتأخر شوية محبتش أنك تروحي لوحدك دلوقتي .. وبصراحه في موضوع كده عايز أكلمك فيه و مش عايز يكون قدام ماما
نظرت له براء بابتسامة و سار الاثنان معاً و بعد لحظات من الصمت قال جمال:
– أنا كنت عايز أكلمك بخصوص خالد
نظرت له براء بتساؤل و قالت:
– ماله خالد؟
صمت جمال للحظات ثم تنهد و قال:
– خالد طلب أيدك مني من فتره يا بنتي .. بس أنا مرضيتش أقولك عشان حسيت إنك مش مستعده دلوقتي .. بس هو عاد طلبه تاني الفتره دي ومصمم عليكي عشان كده لازم أقولك و أعرف رأيك
نظرت له براء بعيون متسعه و توقفت مكانها ليحركها هو و أردف:
– متقنعنيش أنك مكنتيش حاسه بأعجابه
– لا حاسة بس كنت بحاول اتجاهل الموضوع
– طيب إيه رأيك في كلامي؟
تنهدت براء بضيق و صمتت للحظات ثم قالت:
– أنا مش هقدر .. مش هقدر أبني عيله جديده غير لما اعالج الخدوش اللي موجوده في روحي .. أنا لو وافقت على خالد هكون بظلمه معايا و هو انسان كويس و محترم جدا مش عايزة يتأذي نفسيا بسببي .. أنا مش مستعده للخطوة دي خالص
– أنتِ مش مستعده .. ولا خايفه؟
توترت براء من كلماته تلك لتقول بانفعال :
– مش عارفه .. و حتي لو خايفه ده حقي .. على الاقل كان من حقي أخاف في الدنيا دي .. أنا كبرت لقيتني مجرده من كل الحقوق .. مكنش ليا الحق أني ازعل ولا اعيط لا أفرح ولا أي حاجه .. لحد ما ربنا وقعني في طريقكم و كل حاجه في حياتي اتغيرت .. بس أنا مش قادرة أنسى اللي حصلي مش قادره أنسى كل القسوة اللي قابلتها .. أنت فاهمني يا بابا جمال
– فاهمك يا بنتي .. بس حاولي تدي نفسك فرصه تحبيه .. خالد كويس و شاريكي
أبتسمت براء بقهره و قالت:
– شاريني عشان أنا بنتك .. لكن لو عرف حقيقتي هيغير رأيه .. لو عرف إني تربية ملاجئ على رأي الناس مش هيفكر يبصلي حتي .. و أنا مش حِمل كسره تاني .. أنا مش هستحمل إني اتعاير تاني بسبب الموضوع ده
– فهمت قصدك يا بنتي .. وأنا عمري ما هجبرك علي حاجه أنا هكلم خالد بكره و أعرفه قرارك .. اتفقنا
أبتسمت براء و تنهدت براحه و قبل أن تتكلم سمعت صوت خلفها :
– براء مش بنتك!!
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية أقدار بلا رحمة)