روايات

رواية أغصان الزيتون الفصل الثاني والخمسون 52 بقلم ياسمين عادل

رواية أغصان الزيتون الفصل الثاني والخمسون 52 بقلم ياسمين عادل

رواية أغصان الزيتون الجزء الثاني والخمسون

رواية أغصان الزيتون البارت الثاني والخمسون

رواية أغصان الزيتون
رواية أغصان الزيتون

رواية أغصان الزيتون الحلقة الثانية والخمسون

||^ أغـصان الـزيتـون ^||
الفصل الثاني والخمسون :-
الجُـزء الثـاني.
“لن تبلغ أبدًا مُرادك، طالما المُراد لا يريدك.”
____________________________________
طال الصمت للحدّ الذي ظنّ فيه كلاهما أن لا أحد سيبدأ بالحديث، ولا يدري أيًا منهم ما الذي ألجمّ ألسنتهم وأخرسّ صوتهم لدقائق طويلة لم تخلو من النظر لبعضهم البعض، حتى كسرت “سُلاف” حاجز الصمت هذا، وخرجت عن هذا السكون الطويل بصوتها الضعيف المُتعب وهي تسأل مستنكرة :
– بتعمل إيه هنا؟.
خمسة ثواني تحديدًا من الصمت، وعيناه تتطلع لثنايا بشرتها وتعرجات ناصية رأسها، قبل أن يُجيب ساخرًا من وضعهم :
– جيت أشوف رصاصتي قتلتك ولا لسه فيكي الروح عشان تناطحي فيا من تاني.
ابتسامة هازئة على طرف شفتيها، قبل أن تُصرف عيناها عن النظر إليه وهي تردف بـ :
– أطمن لسه عايشة، متهيألي بعد اللي حصل عمر ما حد فينا هينسى التاني، وحتى لو نسيت، هتلاقي علامة كل يوم بتفكرك بيا.
ترك “حمزة” كل ذلك الهراء الغير مُجدي، وكل الأحاديث الساخرة والمتهكمة، وسأل بجدية لازمت نبرتهِ :
– مين ده اللي ضحيتي بنفسك عشانه!! مين اللي رميتي نفسك قدامي عشان بس تخليني مقدرش أكشفه!.
أجابتهُ بدون أن تجبر نفسها على النظر صوبه من جديد :
– حاجه متخصكش.
تنبأ “حمزة” متيقنًا من صدق تخمينه :
– طالما خوفتي أوي كده إني أشوفه يبقى حد أعرفه!.
لم يؤثر حديثه كثيرًا على ردود أفعالها واستجاباتها النفسية، بل حافظت بإحترافية شديدة على ثباتها المُحير وهي تقول :
– تعرفه أو متعرفوش مش هتفرق، هييجي الوقت اللي كل واحد فينا هيعرف كل حاجه.. ولحد ما الوقت ده ييجي مش هتعرف غير اللي أنا عايزاك تعرفه.
نهض عن جلسته ببطء حسيس، بعدما استشعر وصول الوجع لأقصى مراحله، وهو يغتصب ذلك الشعور لئلا يطفح على صفحة وجهه، وانحنى قليلًا عليها وهو يسأل :
– إيه اللي عايزانى أعرفه يا سُلاف؟!.
رفعت بصرها نحوهِ، فـ رأى ذلك الغضب المرسوم في لمعة عيناها الحاقدة وهي تجيب بإصرارٍ غير مسبوق :
– إني مش بسيب حـقي أبدًا.
اعتدل في وقفتهِ وهو يضع يدهِ موضع جرحهِ الذي تسببت فيه :
– ماانا أتأكدت بنفسي من ده، بس شكلك انتي اللي متعرفنيش كويس.
– أنا عايزة ارتاح.
قالتها وهي تضغط على الجرس الجانبي لإستدعاء أحد طاقم التمريض، فـ تأهب هو لمغادرة الغرفة بعدما تأكد بنفسهِ من وضعها الصحي المستقر – إلى حدٍ ما -، حينها تواجه مع أحد الممرضين الذي كان يلبى ندائها، فـ تجاوزه كأنه لم يراه وخرج. دلف الممرض وهو يسألها :
– صباح الخير يا فندم.
– صباح النور، أنا عايزة أي مسكن قوي عشان حاسه بألم في كتفي ودراعي.
أومأ رأسه وهو ينظر لشاشة عرض ضغط الدم، ثم أردف بـ :
– حالًا هشوف الدكتور وارجعلك بالمسكن المناسب.
كان المحلول الملحي الموصول بوريدها قد قارب على الإنتهاء، فـ فصل الأنبوب وقام بتركيبهِ في عبوة جديدة، ثم ضبط سرعة الضخ قبل أن يخرج ويتركها. مدت “سُلاف” يدها اليمنى نحو كتفها الأيسر، موضع جرحها تحديدًا، والذي بدأ ينبح من فرط الألم. تآوهت “سُلاف” بأنينٍ مكتوم، وابتلعت آهه مكلومة وهي تحاول تجاوز تلك الدقائق حتى يعود إليها بمُسكّن آلام ذا مفعول قوي؛ لكن ثمة شعور بالراحة اختلج نفسها، بعدما تأكدت بإنه لم يلمح “راغب” أو يتعرف عليه، وإلا لذهب نصف جهدهم طوال هذه السنوات هباءًا منثورًا في لحظة واحدة. ذفرت “سُلاف” وهي تقاوم شدة الألم، وقبضت بأصابعها المتكورة على مسند الفراش المعدني وهي تهمس بـ :
– آه.
***************************************
اتكأ “حمزة” عليه حتى بلغ فراشهِ، وبرفقٍ شديد كان “راغب” يساعده للتمدد على الفراش وهو يعاتبهُ :
– يعني لو مكنش نضال عرفني مكنتش هبقى جمبك دلوقتي!.. ليه كده يا حمزة؟!.
وضع “حمزة” رأسهِ على الوسادة والتصقت عيناه بالسقفية، تبادل صدره شهيقًا وزفيرًا بدون أن يرد بكلمة واحدة، وظل هكذا للحظات قبل أن يردف بـ :
– مكنتش عارف أنا بعمل إيه يا راغب، مكنتش حاسس بأي حاجه خالص.
كان “نضال” عاقدًا لذراعيهِ أمام صدرهِ مستندًا على الحائط، فـ حلّ ذراعيهِ وتقدم منه بخطاه، ثم أردف متسائلًا :
– إيه اللي حصل يا حمزة؟.. مين اللي عمل فيكم كده؟.
نظر “حمزة” حيال “راغب”، الوحيد الذي أطلعهُ على حقيقة نوايا وخطته المُبيتة التي سيُسقط بها “سُلاف”، ثم هتف بتهكمٍ :
– كان بيني وبين خطتي خطوة يا راغب، كنت هعرف حاجات كتير أوي وهسهل على نفسي، لولا إنه فدته وهرب من إيدي.
قطب “راغب” جبينه بغير فهم، وامتلأت تعابيرهِ بالغباء المستفحل وهو يردف بـ :
– أنا مش فاهم حاجه، مين اللي هرب منك وحاجات إيه اللي كنت هتعرفها؟.
تأفف “حمزة” منزعجًا، كلما تذكر كيف هرب ذلك اللعين من بين يديهِ، تحتقن الدماء في عروقهِ ويتخضب وجهه بحُمرةٍ فاقعة. ذمّ على شفتيه مضجرًا، ثم أجابه بقنوطٍ :
– واحد كانت الهانم بتقابله في السر.. ولما كنت هضرب عليه عشان أمنعه يهرب وقفت قدامي، خدت الرصاصة بداله!.
عقّب “راغب” على تصرفّ “سُلاف” بدفاعها المستميت عن ذلك المجهول – الذي يتمثل فيه هو – بـ :
– ده شكله حد مهم أوي!.. وإلا مكانتش هتخاطر بحياتها عشانه بالشكل ده!.. ويمكن ده الخيط اللي هيوصلنا لأصل الحكاية اللي بندور عليه.
أومأ “حمزة” رأسه موافقًا على رأيه و :
– صح.
أشار” نضال” نحو بطنهِ و سأل مستفهمًا :
– أمال مين اللي ضربك في بطنك بالشكل ده؟!.
تحسس “حمزة” موضع جرحهِ، وعلى الفور تشكل ذلك المشهد أمام ناظريه من جديد وقد انحفر في ذهنهِ حفرًا قويًا…
—عودة للوقت السابق—
انحنى عليها وهي منبطحة أرضًا على بطنها، ترك سلاحه جانبًا ورفعها قليلًا عن الأرض، فـ غرقت يداه بالدماء الدافئة التي استشعر سيلانها منها :
– سُــلاف ؟؟؟
أدار جسدها لتكون في مواجهتهِ، فـ طالهُ سهم الغدر الأخير منها، وتفاجأ بطعنة السكين تُصيب بطنهِ إصابة قاتلة بدون تردد. فتحت عيناها بغتة، والتقطت أنفاسها بصعوبة شديدة في محاولة بائسة للنطق بكلمة واحدة، وهي ترى عيناه الجاحظتين تنظران إليها في ذهول :
– قـ… قولتلك، أنا مش.. بـ سيب حـقي يا.. ابن القـ.. آ آ ـرشي.
وسحبت السكين من بطنه بعدما تخدرت كل حواسه، خفق قلبهِ وارتجفت جفونهِ، سدد كل منهم نظرة أخيرة للآخر، قبل أن تسقط السكين من يد “سُلاف” وتستسلم استسلامًا أخيرًا. وقعت من بين ذراعيهِ المرتجفين على الأرض، ومازالت صدمتهِ غالبة على شعور الوجع المميت الذي يحسه والدماء تنهمر من بطنهِ، تشوشت أنظارهِ، وتسربت من جسدهِ برودةٍ متعرقة وهو يفقد توازنه بالكامل، ليسقط بالكامل جوارها وعيناه مازالت تلتقط مشاهد أخيرة لرميتها المجاورة له، قبل أن تُطبق جفونه تمامًا هو الآخر، لكي يغيبوا معًا عن الواقع.
—عودة للوقت الحالي—
– حــمزة!!.
انتبه “حمزة” أثر صوت “راغب” الذي انتشله من شرودهِ، وعادت عيناه تتجول بينهما وهو يجيب بتلك الإجابة الصادمة :
– هي اللي ضربتي بسكينة كانت مخبياها، في الوقت اللي انا كنت رايح الحقها فيه بعد ما الرصاصة جت فيها هي.
اتسعت عينا “راغب” عن آخرها، غير مصدقًا ردّ الفعل السريع ذلك منها، ومبينًا ذهولهِ واستنكاره منها :
– آه يا بنت المؤذية!.
انفتح الباب بعد طرقة واحدة، ودلف “زيدان” إليه وهو يهتف بـ :
– جبتلك تليفونك من العربية ياأبو البشوات زي ما أمرت.
رمقهُ “راغب” بنظراتٍ متفحصة، قبل أن يسأل بإهتمام حاول أن يواريه قليلًا :
– مين ده ياحمزة!.
نصف ضحكة ساخرة صعدت على ثغر “نضال”، وهو يجيب نيابة عن “حمزة” :
– ده بقى دراع حمزة اليمين.
انتقلت إليه نظرات “حمزة” المدهوشة من ذلك النعت الذي بدا غريبًا على آذانهِ، في حين كان النصيب الأكبر من الدهشة لـ “راغب” الذي لم يرى ذلك الرجل في حياته ولا مرة واحدة، وعبّر “راغب” عن دهشتهِ تلك بإستنكار واضح وصريح :
– دراع إيه يا عم!.. عمرك شوفت بني آدم له ٣ دراعات!!.
لم يكترث “حمزة” بما يدور من حوله من همزٍ ولمز، وانشغل بفتح هاتفهِ المغلق ليتفاجأ ببطاريتهِ النافذة، فـ نفخ بتذمرٍ و :
– تليفوني فصل شحن!.. في شاحن في تابلوه العربية ياأبو زيد هاته وارجعلي.
استوقفه “راغب” مدبرًا حل آخر بدلًا من خروج “زيدان” مرة أخرى :
– أنا معايا شاحن يا حمزة.
تناول هاتفه وقام بتوصيل الشاحن به ثم بالكهرباء، حينئذٍ كان عقل “حمزة” قد علِق بشئ ما، تفهم “زيدان” ذلك من لمعة عينيهِ، فسأله مباشرة وبدون مراوغة :
– قول عايز إيه ياباشا وهو يتعمل وقتي.
فـ صرّح له “حمزة” بحقيقة الأمر الذي يشغل عقلهِ ويحتّل اهتمامه الآن :
– مش عايزها تخرج من المستشفى.
– اعتبره حصل.
لحظة واحدة فرقت بين ردهِ وبين خروجهِ من الغرفة ساعيًا لتنفيذ مطلبهِ، في الحين الذي سأل فيه “راغب” بشئ من الشك :
– انت واثق في الراجل ده!.
أرخى “حمزة” رأسهِ من جديد، وأجاب متشككًا في حقيقة شعورهِ حيال “زيدان” :
– مش عارف، بس شكلي كده هثق فيه بعد ليلة امبارح واللي عمله معايا.
نفخ “نضال” منزعجًا وهو يتلقى المكالمة التاسعة حتى الآن من “صلاح”، ثم أردف بـ :
– أبوك قالب عليك الدنيا من امبارح وانا مش قادر أقوله حاجه، أهو بيتصل تاني!.
– مش قادر على المناهدة يا نضال، سيبه دلوقتي.
لم يكن عقله حاضرًا لكي يواجه أبيه الآن، فـ أرجأ تلك المواجهة المحتومة لوقتٍ آخر، على الأقل يكون قد استرد قليلًا من عافيتهِ التي فقد أغلبها خلال السويعات الماضية، كي يجد على الأقل إجابات مُقنعة بعيدة عن الحقائق التي وقعت بالأمس، لئلا يفتح فوهة النيران من جديد، وهو في أمسّ الحاجه للهدوء والتركيز الدقيق بالفترة الراهنة.
***************************************
دفع الممرض بالمقعد المتحرك بين أروقة المشفى، ولم يكن مشهدهِ مسترعيًا أية شُبهات، كونه فرد عامل بالمشفى مرتديًا الطاقم الرسمي لفريق التمريض. مضى بها بشئ من العجالة، حتى خرج من إحدى البوابات الخلفية المؤدية إلى الجراچ، والتي قليلًا ما يستخدمها المرضى، وبمجرد خروجه وجد تلك السيارة تنتظر بالخارج. ترجل “عِبيد” مهرولًا نحوها، وانحنى عليها يسألها أولًا :
– انتي كويسة؟؟.
أشارت برأسها عاجزة عن الرد أو عن بذل أي مجهود، فاقدة لأغلب قواها البدنية والذهنية، فـ تطوع “عِبيد” برفقة الممرض لمساعدتها على الوقوف عن المقعد لركوب السيارة، فـ تآوهت متألمة بعدما باغتها “عِبيد” بحركة مفاجئة لم تكون مقصودة، فـ اعتذر على الفور وأبعد يداه عنها :
– آسـف.
فـ تبنى الممرض مهمة تفسير وضعها بشكل موجز :
– في إصابة في كتفها الشمال والجرح لسه حيّ.
فتح “عِبيد” باب السيارة الأمامي قبل أن يتولّى مهمة إسنادها، ثم وضعها برفقٍ بالغ دون أن يمس جانبها الأيسر بتاتًا، وما أن اطمئن على وضعيتها حتى أغلق الباب وأخرج عدة ورقات نقدية فئة المئتي جنيه مصري، ثم وضعها في جيب الممرض وهو يردف بصوتٍ خافت :
– تسلم.
سحب الممرض المقعد المتحرك للداخل، بينما استقل “عِبيد” مكانه خلف المقوّد، والتفتت عيناه ينظر إليها بقلقٍ وهو يردف :
– انتي مش كويسة يا سُلاف!.
أراحت “سُلاف” رأسها بعدما مددت المقعد للخلف قليلًا، ثم همست بصوتها الضعيف :
– وديني عند ابني يا عِبيد وانا هبقى كويسة، عايزة أشوف زين.
– حالًا، حالًا هنروح على البيت والدكتور هيحصلنا على هناك.
وبدأ قيادتهِ ليصل بها إلى بُقعتها الآمنه، بعيدًا عن مسرح الأحداث وعن كل ما واجهتهِ خلال الليلة الغابرة، لتجد قليلًا من السكينة قبيل تنهدم الدنيا من جديد، ولتُشفى جراحها الطازجة التي دفعتها ثمنًا لئلا ينكشف أمرهم – على الأقل الآن -.
***************************************
لم يكن وقع الخبر عليه هينًا، خاصة وإنه كان حريصًا أشد الحرص على أن لا يفقد أثرها؛ ولكنها بدأت تراوغه من جديد، واختفت في لمح البصر قبيل أن يمسك بها “زيدان”. تحجرت ملامح “حمزة” بعدما علم بأمر هروبها من المشفى، واستغرق الأمر منه بضع ثوانِ من الصمت التام، حتى خرج عن سكوتهِ بعبارة ساخرة من ذلك الوضع المزري :
– يعني هتختفي تاني وتظهر وقت ما تحب!.. يعني هنلف حوالين نفسنا تاني!.
ضرب “زيدان” كفًا بكفّ وهو يعبّر عن رأيهِ فيها :
– دي ولية عاملة زي الأخطبوط!.. ده انا ملحقتش أسهي عنها غير دقيقتين، لقيتها فصّ ملح وداب!.
استند “حمزة” على الفراش لكي يعتدل في نومته، ثم أشار نحو جهاز التحكم الخاص بالسرير من أجل رفع وضعيته قليلًا للأعلى :
– أديني الريموت اللي هناك ده.
ناوله “زيدان” جهاز التحكم، فـ ضبط “حمزة” وضعيته قبل أن يلقيه جانبًا و :
– دلوقتي لو قلبنا عليها الدنيا برضو مش هتلاقيها!.
وفجأة انفجر صوتهِ بصياحٍ منفعل :
– يعني مُـجبر استنـاها زي كـل مـرة!.
– أهدى ياأبو البشوات صحتك مش كده!.. أنا هدنّ وراها (هفضل وراها) لحد ما اوصلها.
صرّ “حمزة” على أسنانهِ وكظم غيظهِ قدر الإمكان؛ ولكن سيطرة فكرة هربها عليه كان من شأنها أن تزيد من غضبه :
– مين ساعدها ومين حركها من مكانها!!.. من خرجها أساسًا من هنا!.. أنا هتجنن.
—جانب آخر—
تناول “نضال” كوب من القهوة من المقهى الملحق بالمشفى، ثم خرج لـ “راغب” وهو يسأل بإهتمام :
– ها؟.. عِبيد ردّ عليك؟؟.
كان “راغب” يضع هاتفهِ في جيب سترته وهو يجيبه :
– خلاص كل حاجه تمام، ربع ساعة وتبقى سُلاف في سريرها في البيت.
تنهد “نضال” تنهيدة مرتاحة، قبل أن يرفع كوب القهوة نحو شفتيهِ ويرتشف منه رشفة صغيرة، حينما كان “راغب” يُدلي بإعترافٍ حول ما يختلج نفسهِ :
– زيدان ده شغل تفكيري يا نضال!.. حمزة بدأ يتحرك من غيرنا وكنا هنروح في داهيه امبارح.
رنّ هاتف “راغب” فـ أخرجه من جيبه وهو يتابع :
– إيه اللي يخليه يعمل حاجه زي دي من ورايا!.
نظر “راغب” لشاشة الهاتف ليرى أسم “أسما” منبثقًا عليها، فـ تغضن جبينهِ بإستغراب وهو يقول :
– أسما بتكلمي!.. أكيد مش عارفه تكلم حمزة.
– رد شوف في إيه؟؟.
أجاب “راغب” بصوتٍ هادئ رتيب :
– ألو، صباح الخير يا طنط.
كان صوتها مُقلقًا لحد كبير، مما جعل ملامح التوتر تنتفش على وجهه وهو يسألها :
– أهدي بس وفهميني عايزاه في إيه وأنا هحاول أوصله.
كأنها ألقت بـ قُنبلة في حُضنهِ، فـ اشتعلت النيران في صدرهِ وتصبّغت بشرتهِ بحُمرةٍ مرعبة وهو يهتف بإنفعال :
– يعني إيه خطفها!!.. أمتى وفين يا طنط!؟.

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

الرواية كاملة اضغط على : (رواية أغصان الزيتون)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى