رواية أصفاد الصعيد الفصل الحادي والعشرون 21 بقلم ندى عادل
رواية أصفاد الصعيد الجزء الحادي والعشرون
رواية أصفاد الصعيد البارت الحادي والعشرون
رواية أصفاد الصعيد الحلقة الحادية والعشرون
في الجناح الخاص ب “رحيم ”
كان رحيم جالس علي الفراش بينما عقله يعيد احداث تلك الليلة الذي اُصيب بها ..
انتبه رحيم لصوتِ هاتفه الذي يعلو تدريجياً أمامه اقتراب منه وابتسامته تحتل ثغره..
هم بالرد قائلاً: اهلا بالغالي ..
آتاه الصوت الآخر قائلاً: عامل اي دلوقت يا رحيم ..
ابتسم رحيم قائلاً: بخير احسن بكتير وانت عارفني زين .. المهم سليم اللي ورا الموضوع دا ولا ؟..
احتلت الصدمه معالم رحيم وهو يستمع لحديث الآخر ليتحدث قائلاً: يعني اللي في دماغي صح في حد في النص بيوقعنا في بعض ..
استمتع للآخر ليجلس علي المقعد الخشبي المتواجد في الشرفة..
ليتحدث بنبرآت خافتة قائلاً: معتقدتش ان بعد اللي حصل في حفيدته هيكون ليه دماغ إنه يقتلني او علي الاقل هيأجل الموضوع شوية..
تحدث الطرف الآخر ليستمع له رحيم بحرصِ شديد ..
ليبتسم رحيم قائلاً: الغلط اللي وقع فيه إنه ميعرفش اللي حصل مع سليم وهو دا اللي هيجيبه تحت يدى يا…
اغلق رحيم الهاتف وهو يفكر بصاحب تلك العداوة ولكن همه الاكبر حاليا معرفة سليم النجعاوي بقرابة فيروز ومعرفة حقيقة الآمر ..
بينما علي الجانب الآخر..
يجلس سليم في المكتب الخاص به وأمامه الإطار الذي يضم صورة إبنه وزوجته وفرح التي تجلس في المنتصف وتلك الابتسامة تزين ثغرها.. تلك الابتسامة التي اختفت مُنذ رحيل والديها ومن ذلك الوقت وهي تتظاهر بالمشاكسة لتخفي احزانها ولكنه يعلم حُزنها لآن فؤاده يمتلئ بالاحزان مثلها..
أغمض عينيه وهو يستعيد ذكريات صداقته مع عاصم وكيف كانوا يد واحدة.. كانوا مثال للأصدقاء والسند لبعضهم البعض حتي مجئ ذلك اليوم المشؤوم ليصبحوا أعداء ليس أصدقاء..
آفاق سليم من شروده قائلاً بنبرآت خافتة: حسابك يا رحيم قرب ومش بس كدا هاخد منك قلبك هخليك تتحسر علي مراتك الاول وبعدين دورك ..
***************************
تجلس بإرهاق علي المقعد الخاص بها.. لتنتبه لدخول آخر حاله لليوم ..
سمحت فيروز لها بالدخول .. لتتدخل إمرأة غليظة الملامح مُكفر وجهها وبجانبها فتاة لم تبلغ العشرين بعد ملامحها تميل للطفولة والحزن في آن واحد..
خرجت فيروز عن صمتها قائلة: اتفضلوا اقعدوا..
لتوجه حديثها لتلك الفتاه الشاردة قائلة: بتشتكي من اي يا حبيبتي ..
كادت تلك الفتاة ان تتحدث ليقاطعها صوت المرأة قائلة بصوتِ غليظ: مش بتحبل يا دكتورة شوفلنا فين المشكلة..
نظرت لها فيروز بتهجم وقد ضاق ما بين جبينها .. لتعيد انظارها لتلك الجالسة بصمتِ قائلة بنبرآت خافتة: عندك كام سنه يا حبيبتي وبقالك كام سنه متجوزة؟!..
كانت تتمني بداخلها أن يخيب ظنها بشأن تلك الفتاة ولكنها صُدمت من نبرآتها الخافتة مُرددة: اسمي منة وعندى ١٦ سنة وبقالي شهر متجوزة..
نكزتها المرأة في كتفها وهي تُجبرها علي الصمت من جديد ..لتعيد بصرها للأسفل من جديد صامتة..
اغمضت فيروز مُقلتيها بغضبِ قد اوشك علي تدمير تلك المرأه الغليظة..
تحدثت المرأه مره اخرى قائلة: ها يا دكتورة هتكشفي عليها ولا اي..
حاولت فيروز إن تتماسك قدر المستطاع لتنظر لتلك الفتاة الشاردة قائلة: قوليلي يا منة انتِ دخلتي المدرسة ولا لا ؟!..
لاحظت فيروز دموعها الظاهرة فور إلقاء سؤالها..
نظرت منة إليها ودموعها علي وشك التساقط والتمرد علي وجنتيها تود أن تُبيح عما يُكمن ب فؤادها المُسجن تحت يد بشر لم يرحموا طُفولتها وحقها اتجاه الحياة ليحكموا عليها بالاعدام قبل نُضجوها حتي!!..
عادت لتلك الأيام الماضية وتذكرت تفوقها في دراستها وتحقيقها المركز الاول في كافة السنين التي قضاتها في الدراسة لقدوم ذلك اليوم المشؤوم الذي حُرمت فيه من حقوقها ودروسها .. ليُحكم عليها بالزواج من رجُلِ أربعيني يُريد وريث يحمل لقبه وعائلة تُعاملها وكأنها موضع لحمل الوريث ليس أكثر والاكثر من ذلك بأنه متزوج بالاصل ولكن زوجته تنحب بنات وهو يريد الوريث لتقع هي في إختياراته ..
تمردت دموعها لتتساقط علي وجنتيها، شعرت فيروز بها وهي تري تلك الآلام تسكن مُقلتيها الباكية..
رُبتت فيروز علي يديها وهي تُحثها علي التحدث قائلة: إتكلمي يا منة ..
شعرت منة بالأمان الذي افتقدته اتجاة عائلتها لتستمد قوتها لتردد بنبرآت خافتة تُجاهد للخروج: كنت في المدرسة وكنت شاطرة والأولى علي طول بس هما قعدونى وجوزوني بالعافية ل راجل كبير وعجوز وكما…
اوقتها تلك الصفعة التي تلاقتها من تلك المرأة الغليظة، وهي تُردد بغضبِ: بتقولي كدا يا فاجرة عن جوزك واللي هيكون اب عيالك..
صُدمت فيروز لتقف أمام تلك المرأة بينما منة تتشبث بها من الخلف بخوفِ ..
لتتحدث قائلة: أنتِ ازاى تمدى ايدك عليها كدا ؟!..
قابلتها تلك المرأة بتهكم قائلة: وأنتِ مالك يا حضرة الدكتورة .. أنتِ ليكي تكشفي وتقوليلنا السبب بس ..
اقتربت فيروز منها بغضبِ مُرددة: سبب اي اللي عاوزاه بعد شهر بس جواز غير أنها قاصر ، ازاى اصلا تجوزها في سن زى دا وتحرموها من تعليمها و طفولتها ..
اقتربت المرأة منها وهي تهم لأخذ منة من خلفها مُرددة: مالكيش صالح يا دكتورة وسيبي كل واحد حر في تصرفاته..
نظرت منة لفيروز بنظراتها المُنكسرة لتتلامس فؤاد فيروز بالألام الذي تمر بها تلك الفتاة ..
ذهبت منة في طاعة تامة خلف تلك المرأة وهي تستسلم لمصيرها المحتوم وقرارتهم الناهية لمحوها..
بينما فيروز مازالت تقف في منتصف الغرفة والصدمة تحتل ملامحها ودموعها أوشكت علي الإنهيار حُزنا علي تلك الفتاة الجميلة التي تتقاذفها الأحزان..
ولكنها أقسمت علي حمايتها من ذلك الوضع الفارض عليها..
************************
في فيلا “النجعاوي ”
تقف فرح أمام المرآة الخاصة بها وهي تنظر ل ملابسها الجديدة التي تُبدلها ب فرحِ راضية عن نفسها بتلك الهيئة والتي أغلبها فساتين طويلة بإلوانِ مختلفة ..
شردت لساعاتِ مضت في رحلتهم لإحدى المولات التجارية لشراء ما تريد ..
“”””””””””””””””””
كانت تتجول وهو علي بعد منها يتبع خطواتها الهادئه ويراقب حيرتها وهي تقف أمام الفساتين المختلفة..
اقترب منها وليد قائلاً بنبرآت خافتة: أساعدك يا فرح ؟!..
انتظر إجاباتها التي طالت لدقائق معدودة لتحسم أمرها ناظرة إليه قائلة: لا شكرا ..انا هدخل لوحدى وهختار لوحدي ومتدخلش ورايا يا وليد خليك هنا لو سمحت ..
نظر وليد إليها في محاولة لإقناعها قائلاً: بس ..
قاطعته فرح مُرددة: من غير بس يا وليد ، انا مش صغيرة فلو سمحت خليك هنا انا هخلص واجيلك ..
لم يستطيع مجادلتها أكثر من ذلك ،فهو يري إصرارها علي الرفض وعينيها التي تطلق عندِ ظاهر ..
التقطت منها الهاتف الخاص بيها ليدون عليه شيء ما ثم التفت اليها قائلاً: دا رقمي لو في اي حاجه رني عليا وهتلاقيني عندك علي طول ..
اؤمت رأسها بالايجاب وهي تتركه وتذهب للتجول في ذلك القسم الخاص بالفساتين والقسم الآخر الخاص بالمحجبات..
نظرت بإنبهار لذلك الحجاب المعروض أمامها وضعت يديها علي شعرها وهي تتمني إخفائه كما يفعلن الفتيات أمامها..
اقتربت منها فتاة تقترب من سنها لتُربت علي كتفها قائلة: علي فكرة شكلك هيبقي جميل اوى في الحجاب ..
لمعت عين فرح لتنظر إليها قائلة: بجد !..
ابتسمت الأخري مؤكده علي حديثها قائلة: هيبقي جميل جدا بجد ..
لتستكمل حديثها وهي تبتسم قائلة: وكمان يا ستي هساعدك يلا بينا نختار وأنتِ كمان هتساعديني عشان أنا في نفس الحيرة ..
ابتسمت فرح لتلك الفتاة التي شعرت وكأنها تعرفها مُنذ زمن ..
لتتحدث قائلة: ياريت تساعديني بجد ، انا محتارة اختار اي وكمان دى اول مره البس كدا ..
أغمضت عينيها بإبتسامتها مُرددة: اه صح انا فرح وأنتِ!..
ابتسمت الأخري قائلة: ريم..اسمي ريم
ابتسمت فرح وهي تمد يديها ليصافحوا بعضهم البعض قائلة: اهلا بيكي يا ريم ..
لتقابلها ريم بإبتسامتها المعهودة مُرددة: شكلنا هنبقي صُحاب بالتردد دا ..
انطلقت من كلا منهما ضحكة خفيفة ليستكملوا رحلتهم في شراء الفساتين التي تنال إعجابهم..
لم تنسي ريم فيروز لتشتري ليها فستان من اللون الازرق كما تحب ..
أما ريم فقد حزمت أمورها لتشترى مجموعة من الفساتين والحجاب المميز ليهم ..
“”””””””””””””””
” عودة للوقتِ الحالي”
قفزت فرح من مكانها لترتدى فستان من اللون الكشمري وفي يديها حجاب من اللون السكرى مُزين ب فراشات من اللون الكشمر ولكن لا تعرف كيف ترتديه كما يفعلوا ..
نظرت فرح للإطار أمامها المحتوى علي صورة والدتها لتقف أمام المرآة مره اخري ،وهي تحاول أن تَلف حجابها كما كانت تفعل والدتها ولكنها تفشل مره وراء الأخري ..
“بعد مده قصيره ”
انتهت فرح من لف حجابها لتُذهل من شكلها راضية تماماً عما ترتدية فتلك الملابس زادتها جمالاً وتميزاً..
هبطت للإسفل لتفاجئ جدها بقرارها..
بينما علي الجانب الآخر..
يجلس سليم وأمامه يجلس وليد وهو يتابع حديثه عن شئون عائلته وكافة الثغرات الخاصة ب رحيم للقضاء عليه بسهولة..
تفاجأ كلا منهما بدخول فرح في تلك الهيئة الجديدة.. بينما تفاجات فرح ب وجود وليد ولكن سرعان ما تلاشته واتجهت ل سليم الجالس علي مقعده خلف المكتب الخاص به ..
ارتسمت الابتسامة علي ملامح سليم المُهلل وجهه في اشراق رؤيتها في تلك الهيئة جعلته يري والدتها وولده المحبب له .. طالما أراد رؤيتها بالحجاب ولكنه كان يخاف أن يجعلها تبغضه..
اقترب سليم منها وهو يحتضنها وابتسامته تتسع ليُردد قائلاً: ربنا يحميكي من العين يا بتي ..
قابلته فرح قائلة: كان لازم اخد الخطوة دى من زمان بس اتاخرت شوية .. بس عارف يا جدو انا مبسوطة ومرتاحة اوى ..
ردد سليم قائلاً: يارب دايما مبسوطة..
بينما وليد كان في عالم آخر يتأملها ، ويرى ملامحها الهادئة الذى ازدات جمالاً وتميزاً وفستانها الأنيق لتصبح إحدى الأميرات الهاربة..
شعرت فرح بدقاتِ فؤادها الذى تعلو تدريجياً لتشيح بوجهها إتجاهه لتراه يقترب منها ببطئ بينما جدها مشغول في اتصالِ ما أتاه تواً ..
وقف وليد أمامها وابتسامته تزين ثغره قائلاً بنبرآت خافتة: مبروك علي خطوتك دى يا فرح بس أنتِ طالعة زى القمر بجد.. تحسي أميرة كدا
ابتسمت فرح مُرددة : شكرا يا وليد وبعدين مش هنكر ان كلامك جه علي الجرح اوى وخلاني افوق فشكراً ليك ..
استكمل حديثه ناظراً لغينيها مُردداّ: بقولك اي يا فرح تقبلي تتجوزيني ولا اي؟!..
احتلت الصدمة معالم وجهها وهي تنظر إليه بقلبِ كاد أن يتوقف..
وعيناكِ إنِّي أخافُ العُيونَ
شِباكٌ لقلبي بها تُنتَصَبْ سِهامٌ
تُطيحُ بقلبي وعَقلي إذا ما أصابَتْ
إذا لَم تُصِبْ فإنْ مِتُّ شَوقًا
أموتُ شَهيداً وإنْ مِتُّ عِشقاً
فأنتِ السَّببْ…
************************
في الجناح الخاص ” رحيم ”
كانت تجلس علي فراشها بينما عقلها يسبح في منة تلك الطفلة المُهلك براءتها..
لم تشعر بدخول رحيم للغرفة الذي جلس أمامه ليدرس ملامحها الشاردة ..
اقتربت رحيم منها وهو يلوح بيديه لعلها تفيق من شرودها وتنتبه له ولوجوده أمامها، ولكن لم يجدى ذلك معاها فظلت شاردة ..
رُبت رحيم علي يديها قائلاً: مين وخدك مني كدا..
انتبهت فيروز ل رحيم الجالس أمامها مُرددة: أنت جيت أمته يا رحيم ..
استكمل رحيم حديثه قائلاً: من ربع ساعه كدا وأنتِ ولا هنا.. في اي يا فيروز حصل حاجه ؟!..
جلست أمامها وهي تهم للحديث فهو الوحيد القادر علي مساعدة تلك الفتاة.
قصت له فيروز كل ما حدث معاها في الصباح لتتبدل ملامحه للغضب المكتوم أثناء حديثها..
انتهت فيروز من حديثها مُرددة: انا عاوزة اساعدها يا رحيم ..البنت باين عليها انها متجوزة غصب وكمان باين انها شاطرة ومتفوقة بس مفيش في أيدها حاجه..
لم تستكمل حديثها ليقاطعه صوت شخصاَ ما يُنادى بصوتِ قوى ..
هبط كلا منهما للأسفل بسرعة لرؤيه من ماذا يحدث لتلك الضجة ..
قابل رحيم زكريا في بهو القصر ليتحدث قائلاً: في اي يا زكريا اي الدوشة دى ؟!
نظر ذكريا لفيروز بخفوتِ قائلاً: في ناس برا بيقولوا إن الست الدكتورة رفضت تساعد بنتهم وعشان إكده نزفت وماتت ..
كانت الصدمة الأكبر من نصيب فيروز شعرت بتصلب قدميها وفقدانها الحديث .. لتُردد بخفوتِ : مين المريضة دى يا زكريا اسمها اي؟..
_ اسمها منة يا ست فيروز..
اختنق وجهه رحيم بالغضبِ قائلاً:,….
*******************
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية أصفاد الصعيد)