رواية أسياد العشق (أحفاد الجارحي 4) الفصل الثالث 3 بقلم أية محمد
رواية أسياد العشق (أحفاد الجارحي 4) الجزء الثالث
رواية أسياد العشق (أحفاد الجارحي 4) البارت الثالث
رواية أسياد العشق (أحفاد الجارحي 4) الحلقة الثالثة
أستمعي لي! …
بأحد الملاهي الخاصة بمدينه بأيطاليا …
ألقي بكأس الخمر بغضب طاح بالزجاج أرضاً قائلاٍ بصوت مكلل بحقد دفن لأعوام :_”ياسين الجارحي” لقد سئمت من سماع ذلك الأسم اللعين ..ألم يحين الوقت لأن يصبح مجرد ذكرى لعينه ؟ ..
ثم أستدار “جون” ليكمل حديثه بعين مشتعلة نقلت له حجم غضبه تلك المرة :_أتعلم كم مرة أخبرتني أن مخطط قتله أنتهى بالفشل ؟
أرتعب من يقف خلفه منكوس الرأس من الخزي فجاهد للحديث :_كانت الأمور على ما يرام ولكن لا أعلم ما الذي حدث بالوهلة الاخيرة ؟ ..ولكني أعدك سيدي بأن تلك المرة سأنجح بالتأكيد ..
جابت على وجهه بسمة ماكرة فأقترب من المقعد المقرب للبار ؛فحمل كأس فارغ ثم رفع يديه بأشارة بسيطة ليسرع إليه أحد الرجال المطوفون للمكان بالأسلحة فملأ كأسه بالنبذ ، أرتشف المحرمات بتلذذ ونظرة تجوب ذاك الرجل المتأمل له برعبٍ كأنه ينتظر حكم القاضي ، ارتخت معالم وجهه قليلا حينما إبتسم “جون” ؛ فخرج صوته الماكر :_حسناً ….ولكن …
قطع باقي كلماته بثواني من الصمت ثم بحركة سريعة جذب سلاحه الموضع على طاولة البار العملاقة ليسود صوت الطلق الناري المكان بأكمله …
صرخ الرجل حينما أستقرت الرصاصة بالقرب من موضع القلب فسقط أرضاً وأخر ما تسلل لمسمعه باقي كلمات “جون” الأخيرة :_ كم ستمنحنا الحياة الفرص أيها الأحمق ! …
وضع السلاح على الطاولة بأهمال ثم أستند على المقعد بأسترخاء ليترك باقي المهام لرجاله الذين حملوا الجثمان لمسواه الأخير الذي يليق بمن سالك طريق الفحشاء والمنكر فيصبح له أسيراً منهزم ! …
***************
بمنزل “مازن” ..
ولجت لغرفة مكتبه لتبحث عن حاسوبه بعد محاولتها البائسة بأشغال حاسوبها الشخصي ، وضعت الاسطوانه بالحاسوب ثم أعتدلت لترى ما به بأهتمام ولكن كانت الصدمة كافيلة بجعلها كمن دوا جسدها سهام موقدة من النيران جعلتها كمن قذف بها عنوة بنيرانه الغاضبة …
تبلد جسدها رجفة جعلتها ترتجف حد الموت ،صراخ ….آنين …..توسلات رأتها بعيناها لرجل خيل لها برئ ، رأته يستغيث …يصرخ …يناجي حتى يحصل على الخلاص من الموت المتسبب لها زوجها !!! …
معشوقٍ لا طالما نقل لها بلمساته حنان يكفى عالم بأكمله ها هو أمام عيناها بأبشع ما يكون …
رفعت يدها تكبت صراخاتها المبتورة لرؤيته بتلك القسوة الذابحة ، تراجعت للخلف بخطوات بطيئة عكست ما ودت فعله …فكانت تود الركض بعيداً عن تلك الصراخات …بعيداً عن تلك الحقيقة الشنيعة ….
:_”مروج” ! ..
صوتٍ صدح ليقذفها بقوة خارج ذلك المعتقل الناري …
وضع “مازن” جاكيته على الأريكة بأستغراب لرؤيتها بغرفة مكتبه فأقترب منها بذهول :_بتعملي أيه هنا ؟ …
تشنجت ملامح وجهها وهى تتأمله بنظرات رُسمت لها ما حدث منذ قليل ليزداد خوفها أضعاف ..
تطلع لها بخوف لرؤيتها هكذا فأسرع بالأقتراب منها ولكن أزداد الأمر سوءاً حينما تراجعت للخلف بزعر :_خليك بعيد متقربش ..
تخشبت قدماه وهو يرى حالة الزعر المتمكنه منها وخاصة حينما جلست أرضاً بدموع حملت الخوف الشديد منه قائلة برجفة بدت بصوتها :_أبعد من هنا ..
صُدم وهو يستمع لما تقوله ! ؛ فخطف نظرة سريعه على الغرفة فهو يعلم بأنها رقيقة للغاية فربما رأت شيئاً قذف بها لتلك الدرجة …
وقعت عيناه على الحاسوب الخاص به فظن أنها ربما رأت فيلمٍ مرعب كعادتها ولكن لم يصل بها الأمر لهذا الحد ! ..ولكن لا بأس عليه تفادي الأمر …
أقترب منها بهدوء :_تاني يا “مروج” مش قولتلك متتفرجيش على أفلام من دي ؟
أزداد بكائها فأستندت بلائحة يدها لتتراجع للخلف بخوف :_مش هستعمل اللاب بتاعك تاني ..
ضيق عيناه بصدمة من الأمر فعلم أن هناك شيئاً ما يفوق توقعته ليسرع إليها ،أنحني ليكون على مستواها فرفع يديه يطوف بوجهها بحنان :_مالك يا حبيبتي ؟
صرخت بقوة غير متكافئة مع حالتها :_أبعد عني ..
ودفشت يديه بعيداً عنها لتستند على أحد المقاعد وتدلف مسرعه بالباب الملتصق بحائط المكتب لتغلقه سريعاً تحت نظرات صدمة منه …
أما بدخل غرفتها …
غزت الدموع وجهها فجذبت الرباط لتلملم خصلات شعرها بقوة ومن ثم جذبت ملابسها ترتديها بأرتجاف لتضع حجابها على رأسها سريعاً وتسرع بالركض كمن رأت شبحاً ما حتى أنها تعثرت بالطاولة بالقاعه فسقطت المزهرية لتتحطم بقوة كحال قلبها الضعيف ..
خرج “مازن” على صوت تحطيم الزجاج فكاد بالتوجه للغرفة ولكنه رأها بأسفل الدرج تتوجه للخروج ..
هبط الدرج سريعاً قائلاٍ بأستغراب :_”مروج” ! ، رايحه فين؟
إبتلعت ريقها بخوف شديد فأستدارت لتكمل طريقها ولكنها شهقت رعباً حينما رأته أمام عيناها وقد بدء الغضب بالتمكن منه فخرج صوته بحدة :_أنا مش بكلمك وبعدين أيه اللي مخليكي مفزوعه بالشكل دا ؟! …
صوته المرتفع حصد لها نتائج السوء فأزدادت رجفتها ،أزداد خوفه بما يحدث معها أضعافٍ مضاعفة فرفع يديه ليقربها من صدره ولكنها أحتضنت وجهها سريعاً ظناً من أنه سيوسعها ضرباً ، مرت تلك اللحظة عليه كالمياه المثلجة التى أكتسحت جسداً فشلت حركته من شدة برودتها …
تطلع لها وهى تزداد بالنحيب وجسدها يتشنج بقوة …ماذا ؟! ….أتخشاه محبوبته ؟ ..ولكن ماذا فعل ليستحق ذلك ؟! ..
جاهد كثيراً ليخرج صوته المكبوت بعد أن خطى للأمام ليكون علي مقربة منها :_ أنتِ خايفة مني ؟! ..
كفت عن الخطى حينما لامس خصرها الحائط فعلمت أنه لا مفر من موجهة عيناه ولكن هيهات صرخات ذلك الرجل جذبتها لمعتقل حبيس لصرخاته هو ؛ فأغلقت كلتا الأذنين بيدها وصرخها يطوف المكان :_كفايااا …
تعالت شهقات بكائها لتستقر أرضاً مغشي عليها بعد عناء المواجهة بين ما رأته وبين حقيقة عشقها المتيم ولكن أنتصر الخوف ليهزم القلب ويعلن ضحاياه !…
أسرع إليها “مازن” بلهفة ليسند رأسها على صدره فربما أن كانت قد أستعادت الوعى لأستمعت لخفق القلب المجنون بعشقها المبجل ! ….
حملها للأعلى برعب وهو يصيح عالياً بالخادمه التى خرجت على صوت الأرتطام :_أطلبي الدكتورة بسرعه ..
انصاعت له فركضت للهاتف بينما أكمل هو طريقه للأعلي حاملا بين يديه ماسته الثمينه …
************
بقصر “الجارحي” ..
حملت الفتيات الأطباق للمطبخ بضحكات ينتابها الحديث النسائي المتكرر بينهم ؛ فحملت “رحمة” أحد الأطباق لتعاونهم ولكن سريعاً ما تعرضت للتوبيخ من “نور”كالعادة :_قولتلك ألف مرة متعمليش حاجة أنتِ تقعدي أنتِ و”مليكة” و”شروق” فى جانب وأنا وباقي الفريق هنقوم بالمهمة دي …
وتطلعت لهم بمرح :_مش كدا ولا أيه ؟ ..
تعالت ضحكات “أسيل” :_اللي تقوله يا ريس …
“مليكة” بغرور :_حيث كدا بقا عايزة شوكلا بالحليب …
رمقتها “رانيا” بنظرة ماكرة :_أممم دخلنا فى الغرور …
“نور” بمرح :_بين كدا …طب أيدكم معانا يا شباب نشوف موضوع الشوكلا دا ؟ ..
وكادوا بالأقتراب منها فنهضت سريعاً :_هأخد “رحمة” والبت “داليا” ونقعد هناك …
“رانيا” بسخرية :_كدا تعجبيني ..
علت ضحكات “رحمة” بعدم تصديق لما يحدث فأتبعتها للأريكة بينما توالت الفتيات مهام حمل الطعام …
“داليا” بأبتسامة هادئة :_والله أنا خايفة عليكي يا “مليكة” الشوكلا دي هتخليكي زي الفيل أمسكي نفسك حبتين …
رمقتها بنظرة نارية :_وأنتِ مالك ياختي كان حد أشتكالك وقالك واكلة أكله مثلا
زفرت “رانيا” بغضب وهى تحمل أخر الأطباق :_أنا بقيت أخاف أبصلكم على الصبح مودي بيتقلب 180 درجة ..
إبتسمت “نور ” بخفة :_سبيها يا “داليا” هي أكيد بعد ما تولد هتلحق نفسها قبل ما تبقى زي الديناصور ..
تعالت ضحكات” رحمة ” فألقت “مليكة” وسادة الاريكه بغضب :_الظاهر أن أنا اللي عليا الدور بالتحفيل فختصر الموضوع وأخلع ..
وغادرت بعد أن رمقتهم بنظرة كادت بقتلهم ….
أقتربت “أسيل ” من “رحمة” فجلست جوارها قائلة بأرتباك :_قولتي “لعدي” يا “رحمة” ؟
بترت ملامح المرح من وجوههم وبدت الجدية والترقب السائدة فأسرعت “نور” بالحديث :_ما بلاش نتكلم بالموضوع دا يا” أسيل ”
كبتت دمعاتها قائلة بقوة مصطنعه :_سبيها يا “نور” ، وأستدرات بوجهها لتكون مقابلها :_لا يا “أسيل” ومش هقوله ..
وصمتت قليلا لترفع صوتها بعض الشيء بآنين خافت :_مش شايفه أن الموضوع هيفرق معاه إذا كان هيجيله تؤام أو لا فعادي مش هتفرق أن عرف ولا لا
تسرب ألمها إليهم لتسرع “رانيا” بكبت دمعاتها قائلة بأبتسامه ذائفة :_تموتوا فى النكد مش بقولكم فقر ..
شاركتها “نور” بمخططها لأخراج رفيقتهم مما هي به :_أنا بفكر النهاردة نخرج كدا كلنا نغير جو …
“داليا” بتأييد :_فكرة والله بس فين “شروق” ؟ ..
أشارت بوجهها تجاه القاعة البعيدة بعض الشيء عنهم :_أهي يا ستي
على بعد مسافة ليست ببعيدة عنهما ..
شعرت بدوار يهاجمها ؛ فأستندت بذراعيها على أحد المقاعد ويدها تحتضن جنينها بخوفاً من أن تهوي أرضاً فيتأذى ! ….
على مقربة منها ..كان يجلس “جاسم”‘و”معتز” و”عمر” يتبادلان الحديث المرح حول المخطط الذي أنشأه “معتز” بناء على رغبة أبيه ..
“جاسم” بسخرية :_ياريت تتعلم من باباك شوية يا “معتز” لأنه بذل مجهود كبير عشان تتعلم منه وأخرهم أنك تحضر عيد الميلاد بنفسك ..
تلون وجهه بالغضب فشاركهم “عمر” المرح قائلاٍ بسخرية :_يا ابني “معتز” عنده أهتمامات أكبر من الرومانسية والكلام الفارغ دا …
تطلع لهم بنظرات كاللهيب قائلاٍ بحدة :_أه دا الليلة عليا بقا ؟
أجابه “جاسم” بثقة :_أيوا ..
تطلع “لعمر” فأشار له بالتأكيد وهو يرتشف قهوته بتلذذ ، ضيق عيناه بوعيد فكاد أن يتحدث ولكن بترت الكلمات حينما وجد زوجته هكذا …
هرول إليها سريعاً ؛ فقربها لصدره قائلا بقلق يحتل ملامحه :_في أيه يا حبيبتي ؟ ..
أنتبه الجميع لصوته المفزوع فأسرع الجميع إليه ، شعر بضعفها بين يديه فحملها سريعاً قائلاٍ بلهفة بعد أن وضعها على الأريكة بحرص ،أسرعت إليه “نور” بكوباً من العصير :_شربها دا يا “معتز” ..
تناوله منها ثم أسند معشوقته إليه ليعاونها على أتشاف العصير فأستجابت له بعد أن شعرت بحاجتها له …
تراقب الجميع ما يحدث بلهفة الي أن تحسن الأمر قليلا فبدأت بألتقاط أنفاسها بأنتظام ، قربها “معتز” إليه قائلاٍ بعشق دب بالأواصر :_ حاسة بأيه يا روحي ؟ ..
فتحت عيناها بخجل من وجود “جاسم” و”عمر” والجميع فقالت بأرتباك:_الحمد لله دوخت شوية بس مش أكتر …
أسرع بالحديث والخوف يحاوطه :_أطلعي غيري هدومك وأنا هروح الشركة أسلم أوراق مهمه لعمي وهرجع أخدك عند الدكتورة ..
رفعت عيناها بنظرة سريعة “لرحمة” ثم قالت بتوتر :_مفيش داعي أنا بقيت كويسة ..
عاونها على الوقوف قائلاٍ بحذم :_أنا قولت أيه ؟ .
وأشار “لأسيل” قائلاٍ برجاء :_خاليكِ معها لحد ما أرجع ..
أسندتها قائلة بتفهم :_حاضر ..
وصعدت معها للأعلي ، حمل “معتز” الحقيبة قائلاٍ على عجلة من أمره :_أنا لازم أروح الشركة حالا عشان أسلم أوراق المشروع لعمي…
وتوجه للخروج مشيراً بيديه “لعمر” :_نكمل كلامنا بعدين يا دوك ..
وغادر لسيارته سريعاً بينما بقي الصمت الحائل على الجميع فقط أعينهم تراقبها بحزن وشفقة ….نعم يرون الدموع مكبوتة بعيناها …فكيف ترى أهتمام رجلا بزوجته وطفله ولا تشعر بذلك الألم اللعين ؟..
سرت دمعة خائنة من عين “نور” وكذلك الحزن بأعين الجميع جعلها تنسحب حتى لا ترى المزيد من الشفقة …
صعدت للأعلى بدموع كادت بحرق وجهها كلياً فكادت أن تتعثر بالدرج ولكن منحها الله القوة لتكمل دربها بسلام ….
بالأسفل …
قالت والدموع حليفتها :_ وبعدين يا “عمر” هنفضل ساكتين كدا كتير ..
رفع عيناه بحزن لها :_حاولت كتير يا “نور” بس للأسف “عدي” مش سامعاني ولا عمره هيسمعني ..
صاحت بغضب :_قولتلك سبني أتكلم معاه أنا لس أنت رفضت ..
زفر بغضب فتدخل “جاسم” قائلاٍ ببعض الضيق :_كلامك معاه مش هيفيد بحاجه يا “نور” ” عدي” عنيد جداً مش بيسمع غير لنفسه وبس ..
أجشعت بالبكاء :_طب وهي ذنبها أيه يظلمها كدا بقاله 8شهور بيعذبها 8شهور مفكرش فيهم مرة يسألها عملت أيه عن الدكتور ؟ …ولا أهتم يعرف فى بطنها أيه ! ..حرام بجد اللي بيعمله فيها دا بجد حرام …
وتركت القاعة وصعدت للأعلى بدموع تسقط شفقة على رفيقتها ،جذب “عمر” حقيبته بغضب يحاول أن يكبته فأستدار بوجهه قائلا :_مش يلا ولا أقعد ..
نهض هو الأخر بسخرية :_قاعد فين عشان أبوك كان ولع فيا..
أشار له بحذم :_أنا بره أنجز ..
وتركه وتوجه للخارج يعد سيارته للرحيل ، رتب حقيبته الصغيرة ثم أقترب منها ببسمة مصغرة :_مش عايزة حاجه يا حبيبتي ؟
رفعت عيناها القرمزية له بخجل وهى تحاول أن تلملم كلماتها فلم تجد سوى الأشارة له ،وضع حقيبته على الطاولة ثم طاف المكان بعيناه ليقربها إليه بمكر :_هو أنتِ ليه بخيلة كدا يعني حتى صوتك حرماني منه طب أعمل أيه تاني عشان دا يحس بدا …
وكان يتحدث ويديه تشير على موضع قلبها فربما تعلم كم يكن القلب عشقٍ ساد عالم بأكمله لأجلها هي …نعم هي فتاة مختلفة عن الجميع بطبعها الهادئ وسكونها الدائم …حديثها القليل وخجلها الملازم لها ….ولكنها من تمكنت من الفوز بمفاتيح ذاك القلب ! ..
كادت عيناها أن تلتهم الأرض كمحاولة مستميتة للهرب من عيناه فرفع وجهها بيديه عنوة اللقاء به لتزداد حمرة وجهها حينما تلاقت النظرات لوقتٍ طال بالصمت وببسمته الوسيمة ليقطعها “عمر” بسخرية :_عندي جراحه كمان نص ساعه والمفروض أكون بالمستشفي حالياً فلو مش هفصل اللحظة الرومانسية دي ممكن تتحرك ..
دفشت يديه بعيداً عنها ثم هرولت للأعلي سريعاً ؛فزفر “جاسم” بضيق :_أبو دي توصيلة يا جدع …1
جذبه بغضب :_أنت لسه هتحكي ..
صعد للسيارة ليتحرك “عمر” للمشفي ..
*************
بمركز الشرطة …
تنقلت عيناه ببطئ على ملامح وجهها كأنه يشبع أشتياق القلب بها ….كأنه يخبرها كم يتألم ببعد المسافات عنها …كأنه يناشدها برجاء أن تسترجع ماضيها ليعد مرحلة الأختيار فيكون هو أولى أهتماماتها ..
طرقات فصلته عن عالم تزج به الذكريات عنوة فوضع صورتها بداخل درج مكتبه سريعاً ليرفع عيناه ليرى من هناك ؟ ..
ولج للداخل قائلاٍ بأبتسامة بسيطة :_ممكن أدخل يا سيادة الرائد ..
نهض عن مقعده بتحية ألقاها على مديره قائلاٍ بهدوء :_أكيد يا فندم ..
أقترب منه ؛ فجلس على المقعد المقابل له ثم أشار له بالجلوس ففعل ،تحل بالصمت قليلا ثم قال بجدية :_طبعاً أنت عارف أنا جاي ليه ؟ ..
رفع عيناه يتطلع له بثبات قطعه بحديثه الغامض:_أفضل أسمع من حضرتك
إبتسم لدهائه فأسترسل حديثه :_أنا عارف أن “مازن” مش نسيبك وبس صديقك المقرب بس اللي مش مصدقه لحد دلوقتي أزاي بتشجعه على الجريمه اللي عملها دي ؟ ..
ظل يتأمله بملامح ثابتة حتى أنهي حديثه فقال بثبات :_وقتل الأبرياء مش جريمة تدمير أسرة كاملة مش جريمة …كل اللي بيحصل حولينا دا مش جريمة .. يا فندم أنا واثق أن حضرتك عارف ومتأكد أن الحيوان دا أرتكب أبشع الجرايم بس الحاجز الوحيد اللي أن مفيش دليل عشان كدا أنا بستأذن حضرتك أمسك القضية دي وأوعدك أن فى خلال شهور الخلية دي من أصغر واحد لأكبرهم ..
أستمع إليه بوجهاً خالي من التعبيرات كأنه يلوذ بالفكر المرهق ليحصد نتيجة حاسمه فقال بعد وهلة من التفكير :_القضية هتكون على مكتبك
إبتسم “عدي” بسمة تستعيد بها لقبه الماكر ليقف سداً منيعاً ضد هولاء اللعناء ربما هناك مقولة أن من يحصد الخير يجني الخيرات فكيف ستتحقق تلك المعادلة مع “عدي الجارحي” ؟؟ …
ربما ما سيفعله سيكون له طائفة من النور ليعيد لحياته البائسة الضوء من جديد ولكن كيف سيحدث ذلك ؟! …
**************
بشركات “الجارحي” بالقاهرة ..
عادت للشركات روحها من جديد بعودة “ياسين الجارحي” للمقر ….
تراقب الملفات بنظرة سريعة ثم أكمل عمله على الحاسوب قائلاٍ بهدوء:_ فين باقي التقارير ؟
تطلع “رائد” لمن يقف جواره بأتباك فأشار له بالصمت وهو من سينوب بالحديث وبالفعل تحدث بهدوء :_أنا لسه شغال عليهم .
تطلع له “ياسين” بنظرة غامضة فقطعها بلهجته الثابتة :_والتأخير دا سببه أيه ؟
إبتلع “ياسين” ريقه بتوتر فجاهد لأستعادة ثباته:_ أنا الفترة الأخيرة كنت مع “مليكة” بأستمرار فمكنش عندي وقت لكن أوعد حضرتك ساعات بسيطة والملفات هتكون جاهزة مع حضرتك ..
وأقترب من الطاولة ليحمل الملفات المتعددة فتوجهوا للخروج ولكنهم توقفوا على صوته الصادح بتحذير واضح …
:_لأخر مرة بقولك يا “ياسين” لو في ضغط بالشغل قول صدقني لو طلع عكس مأنا سامع منك محدش هيندم غيركم …
كانت كلمات “ياسين الجارحي” أشبه بناقوس النيران فتطلع “رائد” له برعب بدى واضحاً للغاية …بينما ظل “ياسين” متماسك أمامه ليشير بهدوء :_عن أذن حضرتك …
وتوجهوا للخارج فأبتسم “ياسين” بأستغراب على طباع إبن رفيقه الشبيهة إليه كلياً فلم يحمل صفة واحدة من “يحيي الجارحي” حتى أنه أوسم له ذات الأسم لقرب الشبه الكبير بينهم ،كأن الرفيق شعر بأنه يكمن بعقله فأتي على الفور ! …
أعلنت دقات باب المكتب عن ولوج “يحيي” للداخل ، أقترب ليجلس أمام عيناه قائلاٍ بهدوء :_كله تمام “رعد” و”أدهم” مظبطين كل حاجه ..
زفر بضيق ساخر :_أكيد بوجودنا الشغل هيكون تمام لكن من غيرنا تأدية واجب ..
ضيق “يحيي” عيناه بذهول :_عايز تقول أيه ؟ ..
أغلق عيناه المذهبة يحاول التحكم بذاته فلم يعد يحتمل مزيد من الضغط ،نهض عن مقعده ليضع يديه بجيب سرواله بثقته المعتادة ،أقترب من الشرفة الزجاجية يتأمل المعمار والأبراج المشيدة بأحكام لتعلن عن حدود مملكة “الجارحي” ، أخذ نفساً طويلاٍ معبئ بالهواء لعله يغسل ما بجعبته ثم أخرجه سريعاً لتخرج كلماته بعناية :_لسه مشفتش فى عيون الأولاد حبهم وأصرارهم أنهم يكملوا المسيرة دي يا “يحيي” ..
نهض الأخر عن مقعده قائلاٍ بستغراب :_أيه الكلام دا يا “ياسين” أنت شايفهم بيشتغلوا ليل نهار عايزهم يعملوا أيه تاني ؟ ..
ظهرت على وجهه شبح بسمة ساخرة قائلاٍ بثباته الفتاك :_ودا اللي مش قادر أفهمولك …
وعاد ليترأس مقعده بثقة من جديد فأقترب من “يحيي” بأبتسامة مرحة :_عارف أكيد أني مش مفتح زيك بس نحاول نفهم
ساقت ملامحه الجدية :_متفرقش عندي عدد الساعات اللي بيقضها كل واحد فيهم هنا أد ما يفرق معايا أشوف حبهم للأملاك دي وحبهم أنهم يكبروها وللأسف دا محصلش …
بدأت ملامح “يحيي” بالأسترخاء كأنه وجد حديثه بالصواب ؛ فجلس على المقعد المقابل له بأستسلام :_طب والحل ؟ …
خرجت الكلمات بغضب :_هو دا اللي دايما باخده منكم ونفس الجملة تقريباً والمفترض عليا أني القي لكل مشكلة حل ! ..
تعالت ضحكات “يحيي” قائلاٍ بمرح :_أكيد مش “ياسين الجارحي ” لازم يكون عنده الحلول دايماً وأ…
قطعت باقي كلماته بتأويه بسيط فرفع يديه على جانبه الأيسر بألم جعل “ياسين” يسرع إليه بقلق :_فى أيه ؟ ..
أجابه بعد وهلة أستمد فيها قوته :_مفيش
أجابه بحدة :_مفيش أزاي ؟ ..
أجابه ببسمة بسيطة :_ متقلقش دا مجرد ألم بسيط بيجيلي كل فترة متشغلش بالك ..
أستقام بوقفته قائلاٍ بحذم :_سيب كل اللي فى أيدك وتنزل حالا لدكتور العيلة أعمل فحوصات وأطمن على نفسك ..
توجه للخروج قائلاٍ بلا مبالة :_ربنا يسهل .
:_حالا يا “يحيي” فاهمني
كان صوت “ياسين” حازم للغاية فأشار له ببسمة بسيطة وغادر على الفور …
بمكتب “رائد”
صاح بقلق :_لا بقولك أيه أنا بره اللعبة دي أنا مش قد عمك عندي عيال وعايز أربيهم
إبتسم “ياسين” بسخرية :_قلبت سوسن الوقتي يعني
رمقه بنظرة نارية :_أقلب سوسن أحسن ما أتقلب لجثة متحركة بين أيدين “ياسين الجارحي ”
إبتسم بتفكير :_نظرية برضو ..
جلس جواره كمحاولة لأستعطافه:_أسمع مني أحنا نروح نعترفله بكل حاجه واللي يحصل يحصل وبعدين أنا مش عارف أمارس حياتي يعني شغل جوا وبره الشركة كدا ميرضيش ربنا ..
بادله بأبتسامة خبيثة قائلاٍ بسخرية :_ومستنى أيه ؟ ..روح أقف قدام “ياسين الجارحي” وقوله أننا خدعناه لشهور ومش بس كدا وكدبنا كمان وشوف بقا ساعتها مين اللي هيسمع لمين ؟ ..
إبتلع ريقه برعباً وهو يتفقد رقبته ليبتلع باقي كلماته سريعاً بينما تعلو بسمة المكر وجه “ياسين” …
************
أوقف سيارته بالخارج ثم هرول للداخل سريعاً بعد أن أبد مساره من الطريق للشركه بعد مكالمة “مازن” له …
هرول للأعلي سريعاً بعد أن فتح له أحدى الخامات فصعد الدرج الذي أنتهي برؤية “مازن” يجلس أمام الغرفة على أحد المقاعد والحزن يتمكن من ملامحه …
أقترب منه “معتز” قائلاٍ بلهفة :_فى أيه ؟ …
رفع عيناه إليه بألم :_معرفش
تطلع له بسخرية غاضبة :_نعم ؟
أجابه بصوتٍ نقل ما يشعر به :_زي ما بقولك كدا رجعت من الشغل لقيتها خايفة مني جداً لدرجه أنها مش طايقة تشوف وشي …
شعر بمعاناته بالحديث فرفع يديه على كتفيه بهدوء :_طب أهدا بس جايز زعلانه منك فى حاجه وبتتدلع عليك ..
أشار له بحزن :_للأسف كنت بقول زيك كدا بس الدكتورة أكدت أنها عندها أضطراب نفسي …
صعق “معتز” مما أستمع إليه فقال بذهول :_للدرجادي ! …
تطلع له بهدوء :_أنا عايز أعرف أيه اللي وصلها للحالة دي يا “معتز” أدخل لها محتاج أعرف أجابة لسؤالي
زفر بعدم أستيعاب فكيف لها بذلك فهو يعلم عشقها المتيم بزوجها ! ..
خرج عن صمته قائلاٍ بهدوء :_تعال ندخل ونشوف فيه أيه ؟
أجابه بحزن وحطام مسد بالقلب :_مش عايز أشوف حالتها كدا ..
جذبه قائلاٍ ببعض المرح ليخرجه مما هو به :_يا عم أنت هتاكل بالكلام دا هتلاقيك هببت حاجه مأنا عارفك تموت فى المصايب ..
ضيق عيناه بغضب :_تصدق أني غلطان أني طلبتك من البداية ..
كبت ضحكاته قائلاٍ بتسلية وهو يجذبه للغرفة :_تعال يابو نسب بيتك ومطرحك ..
ولجوا للداخل فتلاشت بسمة “معتز ” حينما رأها تجلس أرضاً بخوفاً شديد وتحتضن جسدها بيدها الهزيلة ،البكاء يكتسح معالم وجهها فجعل عيناها متورمة للغاية ، تعالت صدماته فلأول مرة يرأها هكذا …
نعم فهو ظن ببدأ الأمر أنها تلتمس الدلال على زوجها ولكن ما يراه جعله يسحب يديه من على كتفي “مازن” ليكمن صراع بداخله ما الذي فعله بشقيقته ؟ …
رفعت عيناها بدموع وخوف حينما أستمعت لباب الغرفة ولكن بدأ الأمل يزدهر على ملامحها حينما رأت أخيها أمام عيناها ، أستندت بجذعها لتنهض عن الأرض مرددة بصوتٍ شاحب ودمعة تلاحقه :_”معتز” ..
أنهت كلماتها بأن ركضت لأحضان شقيقها لتنقل رجفتها إليه فيشعر بما تشعر به من خوف يسكن بجسدها ، تعلقت به بقوة كمن غرق ببحور ووجد أمل بالنجاة ! ..
همست بضعف ورعب من وسط بكائها الحارق :_خدني معاك متسبنيش هنا أرجوك ..
تحطم ما تبقى بقلبه وهو يستمع لحديثها مع شقيقها ولكن بداخله جنون لمعرفة ما الذي أوصلها لهذا الحد ،أغلق على لائحة يديه بقوة ليتحكم بذاته فأبعدها عن أحضانه قائلاٍ بهدوء :_ألبسي وأنا بره ..
شددت من ضغط يدها على صدره كأنها تترجاه أن يصدق فرفع يديه يحتضن وجهها :_قولتلك أنا بره مش همشي من هنا غير وأنتِ معايا ..
وجذبه للخارج بغضبٍ شديد ،أغلق باب الغرفة ليلكمه بقوة سطحت به أرضاً قائلاٍ بصوتٍ كاللهيب :_عملت فيها أيه ؟
تأوه من الألم فكانت لكمة مفاجئة له فلم يتوقع ذلك ليحمي ذاته ، أقترب منه “معتز” بغضب فرفع يديه ليكيل له لكنة أخرى ولكن سرعان ما تفادها “مازن” ليشيل حركته بغضب :_أنت غبي يالا أنا اللي جايبك هنا عشان تعرف هي مالها ؟ ..هكون عارف وأجيبك ليه ؟! ..
:_أيه اللي بيحصل هنا دا ؟ ..
صوته قطع ما يحدث فأبتعدوا عن بعضهم يتطلعون له بهدوء ، أقترب منهم”عدي” قائلاٍ بغضب :_حلو الشو دا كملوا ..
صاح “معتز ” بغضب :_أنا لازم أفهم هو عمل أيه عشان يوصلها للمرحلة دي ؟
شدد “مازن” على شعره بغضب وشيك على أقتلاع عنقه أما “معتز” فصمت بعدما تأمل نظرات “عدي” الحاملة لغضب سيوشك به …
خرج عن صمته أخيراً قائلاٍ بثبات :_خد “مروج” على القصر واللي حصل هنا دا محدش يعرفه …
ثم شدد على أخر كلماته بتحذير :_فاهمني ..
أشار له بهدوء ثم طرق باب الغرفة لتخرج إليه سريعاً ، تمسكت به لتخطو اولى درجات الدرج فلحق بها قائلاٍ بألم :_”مروج”..
توقف “معتز” عن الحركة فأرغمها هى الأخري علي التوقف ، تطلع له “معتز” بغضب زال حينما راى دموع تكتسح عيناه .
خرجت الكلمات بصعوبة وهو يراها تقف بعيداً عنه مولية ظهرها حتي لا تراه :_أنا هسيبك تروحي مع “معتز” بس متفكريش أن الفترة طويلة هترجعي تاني بيتك ..
أنهى كلماته فجذبها “معتز” برفق للأسفل لتخرج أمام عيناه من القاعه بل من المنزل بأكمله ليتحطم قلبه تدريجياً …
مرر يديه على وجهه بضيق يود أن يلتهم الهواء خفايا الوجع العميق ولكن لا جدوى من الأمر ،تراقبه “عدي” بنظرة لينهي الصمت بصوته القاطع :_ممكن تفهمني أيه اللي حصل ؟
عاد لواقعه على صوته فأقترب ليجلس على المقعد المقابل له بأهمال :_معرفش يا “عدي” أنا رجعت من الشغل لقيتها بمكتبي وأ….
بترت كلماته حينما أعاد التفكير فهمس بتذكر :_اللاب …
وركض مسرعاً للداخل فلحق به “عدي” بثبات وبداخله يعلم ما حدث ؟…
جذب الحاسوب ومن ثم بدأ بتفحصه لتزداد صدماته حينما تأكد بأنها نفس الأسطوانة المفقودة فتراجع للخلف ليجلس على الأريكة بغضب :_يا ولاد ال…. ..
لم يحتمل أن تراه معشوقته بتلك الطريقة البشعة التي تحلى بها لأول مرة بحياته ولكن ماذا كان سيفعل وهو يرى الدماء تسفك بلا رحمة على أيدي هؤلاء الشياطين ؟ …لا ليس عاجز ليرى ما يحدث ويقف مكتوف الأيدي ! …
أستند بجسده الرياضي على الباب قائلاٍ بسخرية :_كنت متوقع شيء غير كدا ؟ ..
رفع عيناه بحزن :_أنت مشفتش الحالة اللي كانت فيها يا “عدي” ..
ولج للداخل بخطاه المتزنة فرفع يديه يتفقد الحاسوب بنظرة ساخرة :_وجود الCD هنا أكبر دليل لحضرتك أنهم زي ما قدروا يوصلوا لخزنة مكتبك يقدروا يعملوا كتير …
نهض وتقدم إليه مسرعاً :_الا “مروج” يا “عدي” ..
رمقه بسخرية :_ أنت شاكك أن ممكن حد يأذيها وهى جوا بيت “الجارحي” ؟!
لانت ملامحه بأطمئنان فجلس مجدداً بينما أخرج “عدي” الأسطوانة وحطمها بيديه بقوة قائلاٍ بعينين تشعان المكر والغموض :_متفكرش فى حاجه دلوقتي غير فى مراتك أما دول فعايزين حد تقيل يقدر يلعب معاهم صح وأظن دي مهمتي أنا …
رسمت بسمة ثقة على فكيه فمن سوى الوحش الثائر سيتمكن منهم ! …
*****************
بمطبخ القصر …
أعدت أنواع متعددة من الحلوى ثم تركت الخدم يرتبون المطبخ فأستدارت لتغادر المكان ولكن تفاجئت “بعز ” أمامها بأبتسامة هادئة :_كل حاجه تمام ؟ ..
إبتسمت “آية” قائلة بتأكيد :_كله تمام جهزت كل شيء لما الوقت يقرب عرفني بس وأنا أرتب الدنيا ..
تطلع لها بغضب :_ليه تعبتي نفسك يا “آية” أنا طلبت من البنت اللي هنا تعمل
أجابته بهدوء :_مفيش تعب ولا حاجه وبعدين “يارا” ليها طلبات معينه وأنا فاهمه دماغها
إبتسم قائلاٍ بأمتنان :_مش عارف أشكرك ازاي ؟ ..بس هتتعوض قريب أن شاء الله ..
تلون وجهها بحمرة الخجل حينما تسلل لها رائحة معشوقها فعلمت بأنه يقترب منها ….
وبالفعل ما هي الا ثواني معدوده حتى ظهر أمام عيناها بهيبته الفتاكة التى مازالت رفيقته على مدار الأعوام …
:_بتعمل أيه هنا ؟ ..
كان صوته الحازم الذي جعله يستدير مسرعاً بصدمة :_”ياسين” ..
ضيق عيناه بغضب فهمس “عز” بصوتٍ سمعه جيداً :_أكيد بحلم مش معقول بعد كل السنين دي يدخل “ياسين الجارحي ” المطبخ !! ..
بدا الغضب يمتزج على ملامحه فأبتسم “عز” قائلاٍ بخوف مصطنع :_طب أروح أنا بقا أشوف الواد “معتز ” عمل أيه ؟ ..
إبتسمت مشيرة له بهدوء فغادر على الفور بينما أقترب منها “ياسين ” بنظرة متفحصة بعد أن أشار للخدم بالخروج فأنصاعوا له على الفور ليقترب هو منها ، وضع يديه بجيب سرواله وهو يراها تتأمل الأرض بخجل ووجههاً يكاد يمزج بين الحمرة والبنفسج وبسمة الذكريات تطوف بها لأكثر من عشرون عاماً حينما كسر “ياسين الجارحي” أحدى قواعده فها هو يعيد تلك الذكرة المبجلة ..
ضيق عيناه بمكر فربما لا تعلم مدى براعته بقراءة عيناها ليخرج صوته الثابت :_ليكِ حق تفرحي كسر القواعد بالنسبالك أنتصار ..
حاولت جاهدة أن تخفي بسمتها ولكنها فاشلت فأقترب منها ليتزايد خجلها أضعاف بينما أكمل هو حديثه :_أنتِ قصدتي تدخليني هنا لأنك عارفة كويس معاد رجوعي ومتأكدة أنك أول حد لازم أشوفه بعد رجوعي القصر ..
تملك منها الخجل فأبتعدت عنه قائلة بأرتباك وهى تجذب محتويات الكعك لتعده من جديد كمحاولة من التهرب منه :_لا على فكرة كل الحكاية أني عايزة أعمل “لعدي” الكب كيك اللي بيحبه مش أكتر ..
أستند بجسده على الطاولة التى تعد عليها الكعك قائلاٍ بثبات :_أممم أوك ..
سرت رجفة لجسدها وهو يقف بالقرب منها حتى أنها نست محتويات الكعك فرفعت يدها على الخزانة تحاول فتحها ولكن لا تستجيب لها فزفرت بغضب :_الله ..
تجمدت يدها محلها حينما أقترب ليقف أمام عيناها ،بترت الكلمات ، أنشل الجسد عن الحركة ،سكن القلب وتعالت النبض ، بسمة المكر تحولت لوفود فهمس بجوار أذنيها :_أعتقد بعد كل السنين دي تكوني فهمتي أن مفيش مخرج معايا ..
فتحت عيناها ببطئ لتقابل عيناه المذهبة فأذا به يفتح الخزانة المجاورة ليديها بغمزة من عيناه الساحرة قائلاٍ بمكر :_لأزم أخرج قبل ما تحصل كارثة جديدة ودا ميمنعش أني بحاول أنقذ حاجه من قواعدي …
وخرج ببسمة زادت وسامته المعهودة رغم تلك الخصلات البيضاء التي تكمن بين شعره البني ولكن كانت له كالوقار والزينة الخاصة “بياسين الجارحي ” …
رطمت الخزانة المغلقة ببسمة خفيفة فربما يحق لها بوجوده أن لا تنسى الخزانة الصحيحه فحسب بل العالم بأكمله …قصة عشقهما خلدت على مر الكثير من الأعوام …
**************
بالشركة …
أستند بظهره على المقعد بتعب شديد فأرتشف القهوة ليحصل على بعض النشاط ليكمل ما بداه ..
ولج للداخل فأقترب منه بغضب وهو يتأمل عدد الأكواب :_مش قولتلك بطل تشرب الكمية دي مفيش فايدة فيك ..
أنتبه “ياسين” لأبيه فنهض قائلاٍ بأستغراب :_بابا ؟ ..حضرتك لسه هنا ! ..
أجابه بهدوء :_أيوا كنت بخلص شوية أجراءات وراجع القصر ..
إبتسم “ياسين” :_أجراءات أيه كنت سبلي خبر وأنا أخلص كل شيء ..
جلس على المقعد ببعض التعب :_وأنت ناقص يا إبني كفايا اللي أنت فيه ! …
أرتعب “ياسين ” مما يلاقي على مسمعه فأبتسم “يحيي” قائلاٍ بثبات :_فاكر أبوك عبيط يالا ..
تحاشي النظر إليه فأسترسل حديثه :_أنا مش زعلان أنك بتكدب على عمك يا “ياسين” بالعكس انا فخور بيك جداً وعارف أنك بتعمل كل دا عشان مصلحة ولاد عمك ..
إبتسم “ياسين” فنهض ليقبل يديه بأمتنان ، مرر “يحيي” يديه على شعره قائلاٍ بمرح بعدما توجه للخروج:_بلاش تناديلي قدام حد يا بابا بلاش شغل الحقد دا خايف ألطش الجو منك ..
تعالت ضحكاته قائلا بصعوبة :_ناوي على أيه يا حاج ..
شاركه البسمة بمكر :_انا صغير يا يالا ويحق لي أتلاعب شوية وأ ..
كف عن الضحك ليضع يديه على جانبه الأيسر ببعض الألم فأسرع إليه بلهفة :_مالك يا بابا ؟
أجابه ببسمة مصطنعه :_الظاهر اجهاد من الشغل هروح القصر ارتاح شوية ..
:_هروح مع حضرتك ..
أكتفى ببسمة بسيطة له فلحق به “ياسين” بقلق للقصر ..
**************
زفر بغضب :_يوووه حتى دي نسيتها ..
إبتسم “جاسم” بسخرية :_نسيت أيه دا أبوك هيشخلعك
رمقه “معتز” بنظرة نارية :_” جاسم” أنا مش فايق لهزارك ..
ألتمس الجدية قائلاٍ بغرور :_خلاص هتنازل وأساعدك .
ضيق عيناه بأستغراب :_أزاي ؟ ..
إبتسم بغرور :_أديني مفتاح اليخت وأنا اظبط الليلة دي من أولها لأخرها…
إبتسم بأمتنان :_طول عمري أقول عليك جدع …
قطع حديثهم صوت “أحمد” قائلاٍ بأستغراب :_ “جاسم ” وجدع !! لا مش مطمن لليلة دي ..
“معتز” بجدية :_أنت فين من الصبح تلفونك مقفول ومش عارف أوصلك ..
أقترب منه بقلق :_ليه فى حاجه ؟
أنسحب “جاسم” قائلا :_طب أخلع أنا أرتب اليخت لعمي ونتقابل بليل فى أوضة “عدي”..
اشاروا له سوياً فغادر بينما قص “معتز” على مسمعه ما حدث …
*************
عاد “عدي” للقصر فخلع جاكيته ثم توجه لغرفته ، شعر بخطي تلحق به فأستدار ليجد “نور” أمامه تتأمله بأرتباك فخرج صوته قائلاٍ بهدوء لا يتناسب سواه :_في حاجه يا “نور” ؟ ..
فركت أصابعها بتوتر …لا تعلم أتتحلى بالصمت كما أخبرها “عمر” أم تتحدث لأجل رفيقتها التعيسة ….
حسمت أمرها قائلة بعد مجاهدة بالحديث :_بص يا “عدي” أنا عارفة أني ماليش أتدخل بس اللي بيحصل دا حرام …أنا ست وأقدر أحس باللي فيه “رحمة” …
تأملها بصمت فأكملت هي :_القصر فيه أكتر من واحده حامل وكلنا شايفين بعيونا أهتمام “ياسين” “ومعتز ” بيهم حرام تدخلها بمقارنة قاسية أوى عليها أنت أ….
:_مالوش داعي الكلام معاه يا “نور” لأنه للأسف بدون نتيجه …
أستدرات بستغراب حتى “عدي” ليجد “ياسين الجارحي” أمامه …
أقترب منهم ببسمة مبسطة لها فرفع يديه على حجابها بحنان :_وفري طاقتك أنا عارفه كويس وعارف أزاي أتعامل معاه …روحي أنتِ أرتاحي وسيبلي أنا المهمة دي ..
إبتسمت بوقار له ثم غادرت ليتبقي هو أمام تلك العينان المشابهة له ، زفر “عدي” بضيق :_عارف اللي حضرتك حابب تقوله بس صدقني أنا أ…
قطعه بأشارة من يديه فصمت ليستمع إليه :_كلامي اللي مش عاجب حضرتك دا هيكون تذكارة ألم ليك فى يوم من الأيام وبكرا هفكرك ..
وتركه وغادر ليقتص منه الآلآم فأتبع قلبه بخطاه لغرفتها …رأها تجلس أمام الشرفة كالمعتاد …لا يعلم كم ظل ساكناً هكذا …أقترب قليلا ليراها تحتضن شيئاً ما …أقترب أكثر ليرى ما بيدها بوضوح ..
تألم قلبه حينما رأها تحمل أحد الصور الخاصة به فحطم حاجز الصمت بأن جذبها لتقف أمامه ليلقي ما بيديها ويحتضنها بقوة فلم تدع الذهول لوجوده يتمكن منها بل فاضت بالدمع بأحضانه لتشكو له قسوة قلبه ..
**********
بالأسفل .
ولج “حازم” للداخل حاملا لأكياس متعددة فأقتربت منه ” أسيل ” بأستغراب :_أيه دا يا حازم ؟
أجابها بفخر :_معرفش كنت بشترى حاجه من الماركت وشوفت العصير دا فعجبني قولت أروش نفسي بدل ما أتخنق من الوحدة ..
تعالت ضحكاتها قائلة بأعجاب :_شكله عصير جامد أوي هات واحده ..
إبتسم قائلاٍ بغرور:_بس كدا خدي يا ستي .
ووضع أمامها ثلاث من الزجاجات لترتشفها بتلذذ بينما صعد هو للأعلى تاركها تكمل المشروب …
مر عدد من الدقائق ليصبح الأمر كالتالي …
بغرفة “ياسين” ..
أجتمع الشباب بغرفته لتتعالي الضحكات الرجولية فيما بينهم ليحل النقاش الأطراف ولكن تبلد الصمت المكان حينما أستمعوا جميعاً صوت يأتي من الحديقة ..
معتز بستغراب :_أيه دا ؟
رائد :_ حد بينادي على أحمد ! ..
جاسم :_دا صوت أسيل ! ..
أسرعوا جميعاً للخارج ليصعق أحمد والشباب جميعاً حينما رأوا “أسيل” تجلس أرضاً بالحديقة وبيدها زجاجة غريبة …تصرخ عاليا بأسم أحمد ثم تتوالى بالضحك الجنوني قائلة بصعوبة بالحديث :_أحمد …..أخبرني كيف الوصال بالعشق والحنين ولا أقولك أخبرني لماذا يشتاق لك القلب وتتوق لك العينان ولا أقولك أخبرني أنت أتجوزتني ليييه …
تم توالت بالضحك قائلة وهي تحاول جاهدة بالوقوف :_طيب بص طلقني ونرجع نتجوز من تاني ولا أقولك تعال نتكلم على الفيس تاني ولا تعال نغني أفضل …
وتعالت ضحكاتها فُفتحت أنوار القصر بأكمله ليزداد رعب الشباب فتطلع لبعضهم البعض برعب حقيقي …أسرع جاسم بالحديث وهو يتطلع لاحمد بصدمة :_بتعرف تجري ؟
وبالفعل ركض كلا منهم للاسفل سريعاً قبل أن يراها أحداً من أعمامه ولكن ماذا سيكون المصير لحازم بعد أن يكتشف أحمد ما بالمشروب ؟؟؟، ..
وهل سيتمكن الشباب بأخفاء هذا الامر ….
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية أسياد العشق (أحفاد الجارحي 4) )