رواية أسرت قلبه الفصل الخامس 5 بقلم سولييه نصار
رواية أسرت قلبه الجزء الخامس
رواية أسرت قلبه البارت الخامس
رواية أسرت قلبه الحلقة الخامسة
الفصل الخامس(غصة في قلبي )
أنت لم تحطم قلبي فحسب بل قتلتني!!!
…….
وضع القطة أرضاً…وهو يحمل مياس بينما قلبه يخفق بتوتر وهو يراها في تلك الحالة …كانت تبدو فعلا كالمـ يتة …
-مياس أنتِ كويسة !!!
قالها بتوتر ….
ثم اقترب ووضعها على الفراش ….ابتلع ريقه وهو ينظر إلى نقابها …هو يعرف بشأن الحادث الذي شو.ه وجهها ….يخاف أن يكشف وجهها فتتضايق منه …..
ابتلع ريقه وهو يزيح النقاب عن وجهها …وينظر إلى هذا التشو ه الذي نال من معظم وجهها ….ذهب مسرعا لطاولة الزينة ليحضر قنينة العطر …ثم اقترب منها وبدأ يشممها إياها حتى بدأت أن تفيق …فتحت عينيها وهي غير مدركة ماذا يحدث ….نظرت إلى ملامح سيف المذهلة والذي كان قريباً منها بدرجة كبيرة …وكان القلق يسكن عينيه الزرقاء ….أخيراً تيقنت مما يحدث …لقد فقدت الوعي …وقام هو بنقلها للفراش….لقد كشف وجهها ….صرخت بوجهه فجأة وهي تخفي وجهها وهي تقول :
-ابعد …اطلع برا …برا ….
توتر وقال:
-انا اسف …اهدي والله أنا بس كان قصدي …
صرخت به بشده حتى تأ ذت أحبالها الصوتية :
-مسمعتش كلامي …قولت اطلع برا …برا مش عايزة اشوف وشك …يالا برا …برا !!!!
توتر سيف وهو يراها في تلك الحالة ولكنه لم يكثر من الكلام …بل ذهب من الغرفة مسرعة وقلبه يؤلمه لانه تركها في تلك الحالة ….كان يشعر حقاً بالذ نب ….
….
بينما اخذت مياس تبكي بعـ نف ….تبكي وتبكي حتى ظنت أن قلبها سوف يتمز ق من الألم …لماذا يحدث معها هذا …لماذا !!!
……
في الاسفل …
-انا بجد معرفش ايه اللي حصل ؟!أنا بس اتخضيت لما شوفت أنها اغمى عليها …مكانش قصدي حاجة والله يا بابا …أنا والله…
كان سيف يبرر …ولكن الكلمات كانت تخرج من فمه غير مترابطة …ما زال يتذكر انهيارها…..انهيارها هذا يؤذيه بشدة ….تمنى ان يساعدها وينتزع هذا الألم منها …تمنى ان يساعدها …بطريقة ما كان سيف يشعر بتأنيب الضمير لأنه لم يتواصل بمياس …لقد نسيها ….انجرف خلف الخلافات بين والده وعمه ونسى صديقة الطفولة …قد تكون مياس تنكر الأمر ولكنه ما زال يتذكر انهما كانا اصدقاء مقربين للغاية …كانت مياس عزيزة جدا على قلبه …
تنهد والده وهو يرى تشتت ابنه واقترب منه وهو يقول مربتاً على كتفه :
-متزعلش يا بني منها …متنساش ان مياس عانت كتير …هي لحد دلوقتي مش قادرة تتجاوز الحادث.بتاعها …واحنا دورنا نساعدها…صحيح قصرنا معاها…بس خلاص من النهاردة أنا وانا هنعمل المستحيل عشان نقدر نساعدها ونطلعها من الحزنه ونخليها تتقبل نفسها ….
…
نزلت من الدرج بخطوات عنيفة …كانت عينيها الزرقاء تشتعلان بغضب بالغ …وهي تكز على اسنانها …كلما تذكرت انه ولج غرفتها …وكشف وجهها …اقتحم خصوصيتها…وجهها الذي لم تسمح لأحد لرؤيته منذ زمن …حتى عمها …حتى خالتها بعد عدة جراحات فاشل …..لم تدعها ترى وجهها ….لقد حرصت دوما ألا يرى أحد وجهها …الا يكشف تشوهها …كانت تخاف أن ترى الاشمئزاز بوجه أحد …لأنها لن تلوم أحد. …هي شخصياً تشمئز من وجهها…فلن تلوم اي احد يشمئز منها ….لن تلومه ابداً …أخيراً وصلت للاسفل وهي تقترب منه وداخلها يشتغل …كان الغضب يتصاعد داخلها كبركان ثائر …لا تستطيع اخماده أو السيطرة عليه ….
كان ينظر إليها بتوتر …بحثت في عينيه عن أي أثر للإشمئزاز …لم تجد…..اختنقت وقد لمعت عينيها بدموع الغضب وقالت بصوت مرتعش من الانفعال :
-انت ازاي تدخل اوضتي بالشكل ده …ازاي تلمسني ازاي تكشف وشي …مين سمحلك تعمل كده ؟!
ازدرد ريقه وهو لا يعرف كيف يرد على هجومها …لقد قرر أن يتحمل كل شئ منها عن طيب خاطر …..
-انا بس …
-انت تخرس خالص …عايزين ايه مني تاني …ظهرتوا ليه في حياتي …عشان تقتحموا خصوصيتي …عشان بقيت عايشة في بيتكم هيكون ليكم حق تتحكموا في حياتي …وتقربوا مني …ايه دلوقتي احلويت في عيونكم وافتكرتوني ….كنتوا فين من زمان ….أنا لا بعتبرك ابن عمي …
ثم.نظرت الى عمها وقالت :
-ولا انت بعتبرك عمي …اصلكم كنتوا فين من زمان….كنتوا فين !!!… دلوقتي افتكرتوني !!!افتكرتوا اني منكم دلوقتي …بعد ايه ؟!…لو كنتوا معايا تحموني…مكانش ده حصل …انتوا. اتخليتوا عني بإرادتكم …فمتجوش دلوقتي تطلبوا تتدخلوا في حياتي …لاني مش همسحلكم …فاهمين !!!
ثم تركتهم وذهبت للأعلى لغرفتها وهي تبكي بعنف !!!
نظر سيف إلى والده الذي قال بألم :
-طريقنا طويل معاها
………….
امسك معدته وهو يشعر بالألم …لم يتناول افطاره وكان متأخر للغاية لذلك اضطر لشراء ساندويتشات من احدى مطاعم الفول والفلافل …ويبدو انه غير معتاد على مطاعم الشوارع بذلك المته معدته بشكل سئ ….تباً يبدو ان حقاً ماريانا قررت فعلا ان تقصيه من حياته للأبد ….قررت عدم الاهتمام به …لا يعرف لماذا ولكن هذا ضايقه للغاية …وهذا يدهشه للغاية …لماذا يشعر بهذا الضيق …لقد اراد هذا…اراد ان يبعدها عنه …الا تحبه …فلماذا الآن هو متضايق …هو حقاّ لا يفهم نفسه …..
………..
في المركز التجميلي الخاص بماريانا….
كانت تمارس هوايتها المفضلة في تجميل عروس زفافها اليوم ….بينما ابتسامة على ثغرها …تحاول طرد جورج من عقلها …فهو لا يستحق أن تفكر به …لا يستحق اي اهتمام تقدمه له …هو لا يستحق حبها …فكرت بتمرد …ثم ابتسمت بسعادة وهي تتذكر تعابير وجهه اليوم …كان حقاً مصدوم …الاحمق ظن أنها سوف تتنازل لأجله….هي لم تنتهي بعد …ستوريه كيف يمكنها أن تكون قاسية عليه …..
…..
بعد قليل ….
كانت أنهت هي عملها مع العروس وجعلت الفتيات الآتي يعملن عندها يكملان الباقية ….وجلست لترتاح قليلا عندما رن هاتفها …نظرت لتجد والدتها …أمسكت الهاتف وردت على هاتفها وهي تقول :
-ازيك يا ماما …
-ها يا ماريانا طمنيني …نفع اللي قولتلك عليه …
ابتسمت هي بسخرية وقالت:
-طيب يا ماما سلمي عليا الاول …قوليلي ايه اخبارك …اي حاجة …
-يا بنتي مش قصدي ما انا عايزة اطمن عليكي برضه يا ماريانا ….نفسي قلبي يبقى مطمن عليكي مع جوزك …أنا يا حبيبتي مليش غيرك اخاف عليه ….
ابتسمت بتأثر وقد ترطبت عليها بفعل الدموع وقالت بصوت جاهدت لإخراجه ثابت :
-انا كويسة يا ماما….
-لا يا بنتي أنتِ مش كويسة ولا حاجة ….أنا حاسة بيكي يا ماريانا….قوليلي لسه هو مزعلك …
مسحت الدمعة التي طفرت من عينيها وقالت بقوة :
-هو من النهاردة ميقدرش يزعلني يا ماما خلاص ….هو من النهاردة انتهى من حياتي خلاص….
-يعني ايه يا بنتي ؟!
-يعني اللي سمعتيه يا ماما …جورج مبقاش من أولوياتي من النهاردة …أولوياتي هي أنا …أنا وبس…..أنا حطيته في المكان اللي يستاهله…من النهاردة مش هفكر اللي في سعادتي وبس ….
-يا ماريانا بس جورج يبقى جوزك …لازم تحاولي تكسبيه …لازم ….
-حاولت كتير …مديت ايدي ليه كتير …رميت قلبي وكرامتي تحت رجله كتير …وايه حصل بعدين!!أنا اللي اتكسرت …أنا اللي قلبي اتكسر…هو انا مليش قيمة عندك للدرجة دي يا ماما ….أنا خلاص تعبت ..
انهمرت الدموع أكثر من عينيها واختنق صوتها وهي تضع كفها على قلبها وتقول :
-انا عملت ايه بتعاقب عليه …أنا حبيته …حبيته اكتر من نفسي …وهو عمل ايه ..كسرني …أنا مش قليلة يا ماما …زي ما دوقتوا حبي هحرمه مني ومش هسامحه ابدا!!!
تنهدت والدتها وقالت:
-طيب اهدي …اهدي يا حبيبتي …
-لا مش ههدى….أنا مغلطتش …أنا مش هتحمل اللوم لوحدي …أنا حاولت أصلح الجواز ده اتحملت إهماله مرة واتنين وتلاتة …ده كان معايا أنا وبيقول اسمها هي. ..شوفتي قلة قيمة اكتر من كده !!!أنا أعمل ايه اكتر من كده …ابوس ايديه عشان يحبني. ..
-يا بنتي خلاص ابوس ايديكي…نفسك مش كده …متحاوليش مع حد …اهتمي بنفسك وبصحتك …ولو عايزة تيجي تقعدي معايا كام يوم تهدي فيهم اعصابك ماشي….
هزت ماريانا رأسها وقالت :
-لا يا ماما أنا مش هسيب بيتي …عايز هو يمشي …يمشي براحته ….لكن مستحيل اسيب بيتي !!!
تنهدت والدتها بتعب وقالت :
-براحتك يا بنتي أنا هقفل معاكي دلوقتي ….
مسحت ماريانا دموعها وهي تهز رأسها وتقول :
-سلام يا ماما …خلي بالك من نفسك …
ثم أغلقت الهاتف….لتمسك هاتفها و
نظرت إلى شاشته لتجد صورة زفافهما خلفية للشاشة …اغتاظت ثم فتحت جهازها وغيرت الصورة لصورة لها بمفردها …هو لايستحق هذا الاهتمام منها !!
…………
-لا معلش شغل ايه اللي عايزة تروحيه من بعد اسبوع جواز أنا مش فاهم؟!
قالها أمير بضيق لترفع حاجبيها وتقول :
-انت ايه محسسني ان ده جواز حقيقي احنا الاتنين مش بنطيق بعض …واكيد مش متوقع مني اني امثل دور الزوجة المحبة لسيادتك يا فندم ….وبعدين مش جاية استأذنك أنا جاية اقولك …أنا هرجع لشغلي. …
رفع حاجبيه بصدمة منها ونهض وقال:
-هو أنا مليش كلمة عليكي ولا ايه ؟!
هزت كتفيها وهي تقول :
-لا ملكش ولا حاجة يا أمير ؟!لأن دي حياتي انا …معرفش بتتدخل فيها على أساس ايه ؟!جوازنا معروف عشان مين …فمعرفش ليه مصمم تظهره جواز حقيقي …ده لا جواز حقيقي ولا حاجة …..
اقترب منها وهو يجذبها نحوه …ارتبكت وهي تراه قريب منها لهذا الحد وقال:
-هو أنتِ متضايقة ليه؟!بتحاولي تستفزيني ليه؟!….بتحاولي تقنعي مين أنه مش جواز حقيقي …بتحاولي تقنعيني ولا تقنعي نفسك …أنا عن نفسي عارف …بس يظهر أنتِ اللي عندك امل عشان كده عايزة تقنعي نفسك صح…..عندك امل ام جوازنا يبقى حقيقي …
ابتسمت ببرود وقالت:
-طبعا فاكر وشي هيحمر وهرتبك ….عشان أبين أن كلامك حقيقي …معرفش انت جايب النرجسية دي من فين …انت ذات نفسك لو عايز الجواز بتاعنا يكون حقيقي أنا اللي هرفض ….لاني مش عايزاك …أنا عايزة بس عمر …عمر هو سبب وجودي المؤسف معاك
ابتسم بسخرية وقال:
-طيب ما تيجي نجرب ….
ثم جذبها نحوه وهو يلصق شفتيه بخاصتها ….وبعدها حاصر وجهها وهو يقبلها بقوة محاولا انتزاع استجابتها بقوة …أما هي كانت جامدة بين يديه باردة …عينيها مفتوحتان بكل برود …تنتظر أن ينتهي …نعم لقد تعلمت أن تسيطر على مشاعرها….لو كانت سما القديمة لكانت انهارت بين ذراعيه وهي تعترف له بعشقها …ولكن سنوات تدريبها للتحكم بنفسها أتت بنتيجة… فإنه على الرغم من أن قلبها يقصف داخل صدرها بقوة …ورغم أن الفراشات تتحرك بمعدتها …إلا أنه نظراتها كانت باردة للغاية …
ابتعد اخيراً عنها وهو يلهث …. بشرته البيضاء استحالت للون الاحمر بسبب الانفعال …كان يتنفس بعنف وهو لا يصدق ما فعله …لقد خان حب حياته بتقبيله لشقيقته…. والشعور بتلك المشاعر …لم تكن قبلة خالية من المشاعر لقد شعر بشئ قوى ضربه في صدره بقوة وهو يقبلها …..وكل ما يريده الان أن يقبلها مرارا وتكرارا …ما تلك المشاعر القوية نحو تلك المرأة … بماذا يشعر هو هل فقد عقله تماما!!!!
نظر إليها ليجدها تنظر إليه بقرف وتمسح شفتيها بباطن كفها وتقول:
-لو عملت كده تاني هتاخد بالقلم على وشك !!!
-بتقولي ايه ؟!
قالها بصدمة لترد :
-واللي سمعته …لو كررت العملة دي تاني هتاخد بالقلم على وشك …اياك تقرب مني بالطريقة دي تاني …لو عايز واحدة تهتم بحقوقك الزوجية ممكن بنفسي ادورلك على عروسة واجوزهالك كمان …أنا هنا ام لعمر وبس …ابن اختي …وابني كمان …بعدين مش على أساس بتحب مريم ….راح فين حبك ليها وانت بتبوس اختها بعد اسبوع بس لما قولت أن جوازنا مجرد صفقة …التزم بكلامك وخليك مخلص لمريم …وابعد عني أنا مش ناقصاك …والشغل أمره منتهى ومتخافش على عمر …ده ابني لو لقيتني مقصرة معاه هسيب الشغل…أن كان ده يريحك!!!
ثم تركته وذهبت ليجلس على الأريكة بصدمة وهو يضع كفه على قلبه …رباه ماذا فعل …كيف يفعل هذا ….ماذا ستقول عنه الآن …لقد التزمت بصفقتها…لم تحاول الاقتراب منه …هو من قبلها بذلك الجنون….لا بد أنه فقد عقله !!!
………
ولجت للجامعة وهي تخفي عينيها تحت نظارة شمسية….قررت أن تتجاهله اليوم ….قررت ألا تتكلم معه …الا تعطيه لي فرصة ليؤذ يها…تمنت من الله الا يقترب منها …الا ترى تلك الفتاة معه فيحترق قلبها…هي أبداً لن تنفذ ما يريده…لن تفعل هذا أبداً…ولكن للاسف وجدته أمام قاعة المحاضرات …يجلس مع تلك الفتاة ويضحكان سوياً …..
شعرت بقلبها يتمزق بعنف وهي تراه ….حبيبها ….من اغرقها يوميا بكلمات الغزل …يرتمي الان بين يدي أخرى …كيف يفعل بها هذا ….
ولكنها بقوة رفضت أن تظهر ضعفها وتجاوزته وهي تلج لقاعة المحاضرات…..
…
-ايه ده …دي حلقتلك يا عادل …
قالتها جميلة وهي تبتسم بشماتة ….نهض بعيدا عنها وقال:
-هترجع زي الكـ لبة تترجاني احبها وهتشوفي يا جميلة …أنا هكـ سر مناخيرها …هخليها تبوس رجلي عشان ارجعلها …مش عادل البكري اللي يتكرفله بالطريقة دي …
ثم ولج لقاعة المحاضرات …وجدها تجلس بعيدا عن مكانه المعتاد …وتزيح عينيها العسلية عنه ….
كز على أسنانه بغضب وهو يتوعدها من الداخل ثم ذهب وجلس هو في مكانه وبعد قليل جلست جميلة بجواره وهي تنظر لنوران بشماتة …كانت نوران تكتم دموعها بشق الأنفس …كان داخلها يحترق …لقد سمعت بالفعل صوت قلبها وهو ينكسر …لا تعرف لماذا أحبت رجل لا يشعر بها ….أغمضت عينيها عدة مرات وهي تطرد الدموع من عينيها ….لقد قررت من اليوم أن تحاول التخلص من حبه …هو لم يحبها يوماً…فالذي يحب لا يمكنه أن يؤذي حبيبه بتلك الطريقة …هي تموت الان وهو لا يشعر بها ….
هزت رأسها وقررت أن تركز بمحاضرتها …
…
ابتسم عادل وهو ينظر إليها …أنها تحبه …بل تعشقه …هو يحتاج لأسلوب جديد يأخذ به ما يريده…..
….
بعد انتهاء المحاضرة …
خرجت مسرعة لتذهب لمنزلها …شكرت ربها أن اليوم محاضرة واحدة فقط …بهذا تستطيع الهروب. ..ولكن لابد أنها كانت تحلم…فها هو قد وقف في طريقها ….نظرت إليه ببرود وقالت:
-ابعد لو سمحت …
نظر إليها بنظرة حب خالصة …نظرة استطاع تمثيلها بمهارة وقال :
-مش قادر …مش قادر انساكي يا نوران …حاولت اخليكي تغيري …لكن قلبك حجر…لو كنت أنا مكانك وشوفتك مع حد غيري كنت همو ت والله …
ارتعشت داخلها …ولن تنكر أنه لذة الانتصار هزتها بقوة ولكنها سيطرت على نفسها وقالت:
-ايوة وانا مالي …اعملك ايه مثلا…ابعد عني عايزة اروح البيت مش فاضيالك !!!
ثم كادت أن تذهب مرة أخرى إلا أنه وقف أمامها وقال:
-أنتِ قلبك قاسي أوووي ….أنا بموت عشان تديني نظرة من عيونك …وأنتِ مصممة برضه …حرام عليكي….
أنها تضعف …تذوب …لم تستطع منع ابتسامة انسلت من بين شفتيها …ولكنها حاولت السيطرة على نفسها بقدر الإمكان إلى أن اقترب منها وقال بنبرة حميمية:
-وحشتيني …اديني فرصة تانية …
كادت أن توافق بسعادة …ولكنها قررت تأديبه حتى لا يطلب منها أي طلب دنئ ….حتى يراها غالية أرادت أن يسعى هو خلفها وليس العكس …ولكنه هزمها مرة اخرى وهو يقول بنفس النبرة الحميمية :
-انا عايزة اخد رقم اخوكي عشان اطلب ايديك …أنا لازم اتجوزك …مش هسيبك لغيري….كل اللي طلبته منك كان مجرد اختيار وأنتِ نجحتي فيه …أنا بحبك يا نوران …مش قادر اعيش تاني من غيرك …استني اكلم بابا لما يجي من السفر الاسبوع اللي جاي ….وبعدها اتقدملك واتجوزك علطلول …
كانت تطير بالفعل …شعرت أنها اسعد فتاة في العالم ….
أبعدته وركضت من أمامه وهي تبتسم بخجل …
-طيب ردك ايه طب…..
-هبعتهولك واتس …
قالتها بدلال ثم ذهب وهي تطير من السعادة …حال خروجها يختلف تماما عن حال دخولها …
………………..
-ها يا بنتي فكرتي في اللي قولتلك عليه ؟!
قالتها وفاء بإبتسامة حنوهة عندما رأت رحيق في غرفة المعلمين …كانت قد اخذتها على جانب لتحدثها بخفوت …لترد رحيق وعينيها تزوغان بتوتر وقد شعرت بأن جسدها أصبح ساخن بفعل التوتر والخوف وقالت:
-ايوة يا ميس وفاء …فكرت وموافقة …خليه يكلم اخويا أمجد ….وهو هيحدد ميعاد عشان الرؤية الشرعية ولو فيه قبول من ناحيته اخويا هيسأل عليه وبإذن الله خير ….
ابتسمت وفاء وقالت:
-ربنا يتمملك على خير يا بنتي …استاذ حسن مفيش زيه …راجل طيب ومرتاح ماديا وهيسعدك …وكمان ميبانش عليه السن يعني متقلقيش …
هزت رأسها وهي تحاول رسم بسمة على شفتيها …تحاول أن تقنع نفسها أن هذا هو الافضل
وان هذا. الرجل سيسعدها …لا يهم السن …هي أيضا ليست صغيرة …أما شعور الأمومة فربما يكفلان طفل …. حاولت إقناع نفسها بهذا ولكنها كانت تختنق أكثر فأكثر …….
بعد قليل …
كانت تجلس مع صديقتها مادونا التي قالت :
-هي مس وفاء كانت واخداكي على جنب وبتقولك ايه ؟!عندي فضول …واياكي تخبي عليا …أنتِ مبتخبيش عليا حاجة يا رحيق …
توترت وقالت :
-مفيش حاجة يا مادونا. …هكون مخبية عليكي ايه يعني ؟!
نظرت إليها مادونا مطولاً…وهي ترفع حاجبيها بتلك الطريقة التي جعلت رحيق تبدو كالمذنبة …شعرت رحيق أنها محاصرة…شعرت أنها لا تستطيع ان تكذب أكثر من هذا …هي أكثر إنسانة فاشلة في الكذب …لا يمكنها الكذب أبداً….لذلك تنهدت وقررت أن تعترف لمادونا بكل شئ….ثم بدأت تقص على استحياء عرض وفاء وموافقتها عليه !!!
بعد قليل …
-نعم بتقولي ايه ؟!
قالتها مادونا بغضب ….
نظرت رحيق حولها وقالت بتوتر :
-اهدي لأحد يسمعنا ….
-اهدى ازاي بعد ما سمعت اللي بتقوليه ده يا رحيق …أنتِ بجد هتعملي كده في نفسك…هتتحوزي واحد عنده خمسين سنة …ليه يا حبيبتي …ليه تعملي في نفسك كده…هو أنتِ قليلة ….أنتِ ….
قاطعتها رحيق بصوت مختنق وقالت:
-لو سمحتي يا مادونا …ده قراري …وبعدين أنا مش صغيرة ….وايوة أنا قليلة بدليل ان محدش اتقدملي لحد دلوقتي ….حتى أنتِ مرضتيش تكلمي اخوكي …
-بطلي هبل أنا فهمتك أنه عشان …
-حتى لو مكانش مرتبط …مكنتيش هتكلميه عشان عارفة أنه هيرفض …دي الحقيقة يا مادونا اللي رافضة انتِ واهلي تصدقوها …رافضين تقتنعوا بيها انا خلاص القطر فاتني …وصعب الاقى فرص ..ودي فرصة جاتلي ومش هفرط فيها …يمكن ابقى مبسوطة …يمكن هو انسان كويس …حكمتوا عليه من سنه ليه؟! ..يمكن ابقى مبسوطة معاه …بدل ما اللي رايح واللي جاي بيعايرني …انا خلاص تعبت …قررت اعمل اللي اشوفه صح …
تنهدت مادونا وهي ترى غضبها …لم تكن تريد أن تضغط عليها أكثر …فلتفعل ما تريده …هي لن توقفها …ولكن لن تتخلى عنها أيضا …ستبقى بجانبها وتساعدها ..ربتت مادونا على كفها وهي تقول بلطف ؛
-انا بجد اسفة يا رحيق …أنا مقصدش اضغط عليكي …سامحيني أنا بس مش عايزة تعملي حاجة تندمي عليها بعدين …لكن أنا معاكي في اي قرار تاخديه. ..وايه رايك يا ستي نخرج ونشتريلك فستان جديد …
هزت رأسها بتصميم وهي تقول :
-لا أنا هلبس العباية اللي جابهالي امجد ..مش هشتري حاجة
-هتقابلي العريس بالعباية؟!
قالتها مادونا بضيق لتهز رأسها وترد بتصميم وتقول :
-ايوة بالعباية
نفخت بضيق وهي تنظر إلى اوراق الامتحان التي تصححها وقالت :
-انتِ عنيدة اووي بجد !!!
…….
في المساء …
يعني ايه الكلام ده معلش ؟!أنا مش هنام في اوضتي …يعني لا فطرتيني ولا غدتيني ولا عشتيني وكمان عايزة تطرديني من اوضتي ….
قالها بغضب لتربع ذراعيها وهي تقف أمام باب الغرفة وتقول :
-هو أنا خلفتك ونسيتك يا جورج….ما تروح تاكل لوحدك وبعدين هتنام في الاوضة ليه؟!أنا مش طايقة ابص في وشك …ولو سمحت كفاية كده وروح نام أنا مش ناقصة صداع ولا مشاكل ….احنا اتفقنا …
-انا متفقتش على حاجة …أنتِ اللي اتفقتي ….أنا مش موافق على أسلوب الحياة ده …احنا متجوزين !!!
ضحكت بقوة …بالفعل ضحكت حتى طفرت الدموع من عينيها …كانت تضحك كالمجنونة …تضحك لتخفي احتراق روحها وقالت:
-متجوزين….بجد …ايه الضحك ده ؟! افتكرت اخيرا اني مراتك …ده حلو …حلو اووي …كتر خيرك والله …متشكرين أوووي يا باشا …..بس خلاص انا من النهاردة مبقتش معتبراك جوزي ….يعني لو سمحت روح على اوضتك وطرقني بقا !!!
توسعت عينيه بغضب وقال :
-ايه الأسلوب اللي بتكلميني بيه ده !!!
-والله يا حبيبي ده الأسلوب الوحيد اللي تستاهله….خلاص الاهتمام والحب اللي كنت بدهولك زي الهبلة راح ومش هيرجع تاني …انت انتهيت من حياتي …اتقبل ده يا جورجي
ثم أعطته منامته وقالت:
-باقي هدومك هتكرم وانقلها اوضتك التانية حاضر ….تصبح على خير
ثم أغلقت الباب بوجهه ….
وبعدها ابتسمت وهي تقول :
-ولسه يا جورج مشوفتش حاجة …
نفخ بضيق واتجه إلى الغرفة الأخرى وقال:
-انا باين عليا هعيش ايام فل معاها
……
بعد قليل تسطحت على الفراش وهي تبتسم بسعادة …لقد استطاعت رفع ضغط دمه ….ووقد قررت فعلا أن تستمر في فعل هذا … يستحق كل ما ستفعله به….ترطبت عينيها بالدموع وهي تتذكر ما حدث معها في بداية زواجها . ….وكيف أنها تقبلت ليلة زواجها … ليلة أحلامها أنه لا يحبها ….
……
في ليلة الزفاف …
كانت تجلس كأي عروس مرتبكة على الفراش الأبيض الرائع…ترتدي غلالة بيضاء تظهر مفاتنها بطريقة جعلت وجنتيها تتزينان بحمرة الخجل القانية …لم تضع أي مساحيق تجميل كما وصتها والدتها…فعلت كل ما املته عليها والدتها مهما كان صعب …منها ارتداء تلك الغلالة الفاضحة ….ارتعشت وهي تشم رائحة عطره تنتشر في المكان رفعت عينيها السوداء لتجد عينيه الزرقاء مركزة عليها…ابتلعت ريقها بتوتر ليقترب هو منها …ثم يجلس بجوارها ويقول بنبرة جامدة :
-انا اسف …
نظرت إليه بحيرة ليكمل هو :
-مش هقدر النهاردة …مش قادر احبك …اسف ….
ثم تركها مذهولة …ليلة زفافها وخرج …وفي الحقيقة الذهول كان أقل ما يمكن وصفه…كانت مقتولة حرفياً بفعل كلماته!!!
خرجت من شرودها وهي تدفن رأسها في الوسادة وتبكي …لن تسامحه ابدا بسبب ما اشعرها به !!!
……
بعد يومين …
ارتدت عباءة سوداء أنيقة ….ونظرت إلى المرآة وهي تتنهد بتوتر ….لا تعرف ماذا سيحدث …من سيتقدم لها سوف يأتي بعد قليل….نظرت إلى شكلها في المرآة ….كانت عادية …عادية للغاية …بشرتها سمراء …وعينيها سوداء …لقد ورثت بشرتها السمراء من والدتها …ولكن والدتها كانت اجمل منها …فوالدتها كانت تمتلك عينين ساحرة …تمنت أن تمتلك مثل تلك العينين…ولكن للاسف …ربما الجمال ليس من نصيبها ….وهي ليست غاضبة …ليست غاضبة أبداً….
ولجت دلال إلى غرفتها وقالت:
-جهزتي يا حبيبتي ؟!
نظرت إلى دلال بتوتر واتجهت إلى الفراش وجلست عليه وقالت متنهدة :
-من بدري …..
تنهدت دلال وقالت:
-واثقة من قرارك ده ؟!
ابتسمت بحزن وقالت:
-مفيش الا الحل ده …
-يا بنتي اصبري بس ….
هزت رأسها وقالت:
-لا كفاية كده يا ماما …هصبر لحد امتي مبقاش ينفع …أنا عايزة كمان اتجوز واشوف حياتي …ويمكن الشخص ده يطلع كويس …أنا تقلت عليكم أوووي….
تنهدت دلال وهي تقترب منها وتجلس بجوارها وتقول:
-كل ده بسببي صح ….بسببي فكرتي كده …أنا عارفة اني مكنتش ام كويسة ليكي …بس انا برضه تعبانة يا رحيق …قلبي مكسور….أنا أفنيت حياتي عشان جوزي ….وفجأة لقيته بيقول هيتجوز عليا عشان الخلفة….أنا كنت بموت وانا بشم في هدوم الراجل اللي بحبه ريحة ست تانية …..مش هتحسي بالشعور ده انك تحبي حد اكتر من حياتك وفجأة ينسى كل حاجة ويكسرك…أنا كنت بموت يا رحيق …بموت والله … سامحيني على اللي عملته بس الغيرة عمت عيوني …سامحيني يا بنتي …
طفرت الدموع من عيني رحيق وعانقت دلال بقوة وهي تقول :
-تعرفي أنا عمري ما زعلت منك ابداً…أنا كنت زعلانة من نفسي لاني وجودي مزعلك …أنا بحبك اووي أنتِ متعرفيش …أنا عمري ما هنسى انك ربتيني ….أنا معرفتش ام غيرك …من صغري معرفش غيرك وبحبك امي اللي ولدتني بحبها بس معرفهاش …مشوفتهاش …بس شوفتك وعاشرتك ويعلم ربنا اني بحبك …بحبك اووي …
ابتعدت دلال عنها وهي تمسح دموعها وقالت بصوت مختنق:
-يبقى لو بتحبيني متكمليش في اللي بتعمليه ده يا بنتي ….عشان خاطري ….
قبلت كف دلال وقالت:
-خليني اجرب …يمكن يطلع كويس …
……
وصل العريس المنتظر…رجل في اوائل الخمسينات …ملابسه مهندمة….شعره رمادي …يبدو عليه رغد العيش ….
جلس على الأريكة الوثيرة وهو يبتسم بلطف لأمجد وأخبره :
-سمعت عنك كتير يا شيخ أمجد …مش من الست وفاء بس …سمعت انك عالجت ناس كتير ….
-انا معملتش حاجة يا استاذ حسن …كل بإرادة ربنا …
-ونعم بالله ..
ثم صمت قليلا وقال بلهفة :
-اومال العروسة فين؟!
ما كاد أن ينتهي إلى أن طلت رحيق وهي تمسك صينية العصائر والكعك ثم رفعت رأسها حتى ظهرت ملامحها السمراء …نهض فجأة حسن ….
هي دي العروسة الصغيرة واللي زي القمر اللي جايباها ليا يا ست وفاء …اومال لو و حشة هيكون شكلها ايه …اتجننـ تي ولا ايه …أنا عايز واحدة تعفني…شايفة دي هتعفني !!
صرخ حسن بصدمة لتتجمد رحيق مكانها وتسقط من كفيها صينية العصائر ….
نهض امجد بغضب واقترب من شقيقته التي أطرقت رأسها بخجل والدموع الساخنة تسقط من عينيها وزعق بالرجل:
-ما تحترم نفسك يا بني ادم انت !!!…ويالا اتفضل روح من هنا معندناش بنات للجواز …..
ابتسم حسن بسخرية وقال :
-ومين قالك اني هتجوز اختك دي …ومين عاقل يتجوزها اصلا …متقلقش هتخلل عندك محدش أبداً هيبصلها ….
احمر وجه امجد وكاد أن يقترب ليضر به الا ان رحيق أمسكت ذراعه وهي تنظر إليه بترجي ألا يفعل …وبالفعل ذهب الرجل غاضباً اتبعته وفاء بعد أن اعتذرت لرحيق …بينما رحيق تركت كل شئ لاذت بالفرار لغرفتها وبعد أن أغلقت غرفتها بكت كما لم تبكي من قبل ….
……….
-انا عايز عروسة ….مش مهم هي مين شكلها ايه …مستواها المادي ايه …أنا عايز واحدة اتجوزها …واحدة ملهاش اي طلبات …لا تطلب مني حب ولا حقوق زوجية …واحدة ريبورت تنفذ اوامري وبس …والأهم بده تهتم ببنتي تالا…
قالها ذلك الرجل الطويل…كان يسير بإنفعال بينما شعره الطويل يهتز خلفه بتوتر ….نظر إلى المساعد الخاص به وعينيه الزرقاء تبرقان بشدة وقال :
-مش عايز عبط زي المرة اللي فاتت يا رشاد والا هدفعك التمن !!!!
هز رشاد رأسه بتوتر وقال:
-حاضر يا باشا
جلس هو على الأريكة براحة وهو يغمض عينيه بقوة ويقول :
-عايزها في أسرع وقت ….اتحرك !!!
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية أسرت قلبه)