رواية أسرت قلبه الفصل الثاني عشر 12 بقلم سولييه نصار
رواية أسرت قلبه البارت الثاني عشر
رواية أسرت قلبه الجزء الثاني عشر
رواية أسرت قلبه الحلقة الثانية عشر
(انفجار)
-ده اخرة اني اسيب ابني معاكي يا هانم ….الواد كان هيموت وحضرتك كنتي بتتسرمحي !!!
صرخ لطيف بها بينما هي تجلس بجوار ابنها الصغير الراقد بالمشفى ….منظره هذا يجعل قلبها يخفق بألم ….انسابت الدموع من عينيها وشهقت يخفوت وكلامها ينخر قلبها فيؤلمها أكثر …
قالت بصوت منخفض :
-خلاص يا لطيف ابوس ايديك خلاص ….أنا كمان بموت من القهر على ابني بعدين أنا مكنتش بتسرمح أنا بشتغل وادرس عشان اقدر اعيش ابني كويس. …عشان يطلع ميبصش للي زيه …مش عايزة احرمه من اللي أنا اتحرمت منه …
نظر إليها بقسوة وهدر …:
-انا كنت معيش ابني في مستوى كويس ومعيشك انتِ كمان بس أنتِ اتبترتي على النعمة …
-انت عايز اعيش ابني على فلوس حرام …فلوس انت بتاخدها على حساب قهر كل ام على ابنها …على حساب تدمير كل عيلة….فلوس تجارة المخدرات دي أنا لو هموت من الجوع أنا وابني مش هاخدها ابدا ….
ابتسم بشر وقال:
-تمام خلى ابنك يموت من الجوع أو من اهمالك…واسمعيني كويس أنا هعمل كل اللي اقدر عليه عشان اخد ابني ووقتها مش هخليكي تشوفيه ابدا ….
رفعت رأسها ونظرت إليه وقالت:
-انا عايزاك تعمل كده عشان بالأدلة اللي معايا ارميك في السجن طول حياتك …وان كنت ناسي افكرك!!!
كانت تنظر إليه بقوة …قوتها تلك جعلته يعقد حاجبيه بقوة …لم يتخيل ابدا ان تكون هي بتلك القوة ….ان تجرؤ على تهديده هو !!!
كان حقاً مصدوم …..ولكنها تلك الادلة التي معها عليه هي من تجعلها تهدده الآن بثقة …وللاسف الشديد لا يعرف أين وضعتها ولكنه متأكد انها اعطتها لشخص ما وان حدث واذاها سوف ينكشف كل شئ وهو لا يريد هذا…هو من الاساس لا يريد ان يؤذيها…هي لا تصدقه ولكنه حقا يحبها …هو مغرم بها …لا يمكنه محو ذكرياتهما من عقله …صحيح ان زواجهما كان مدبر ولكنه احبها منذ أول لحظة راها …احب خجلها المميز …ابتسامتها الرائعة ….وقع في غرامها وتزوجها …ثم عاش معها اجمل ايام حياته حتى انجبت له ….ولكن ما حدث بعد ذلك دمر حياتهما….
فكر بهذا ثم اغمض عينيه بتعب ….
ثم فتح عينيه مرة أخرى وقال بقوة:
-اقسم بالله لو اهملتي ابني مرة تانية لاخده منك وتحبسيني متحبسنيش دي متهمنيش فاهمة ولا لا !!
ثم تركها وغادر لتفرك وجهها بتوتر
..كان وجهها متقلص من الألم ….الخوف ان ينفذ هو تهديده لا يمكنها ان تخسر ابنها…هو كل ما تمتلكه …الا يكفي انها خسرت من قبله …
فكرت ببؤس والدموع تنفجر من عينيها ….
طرقة بسيطة على الباب جعلتها تنتفض بخفوت …نظرت لتجد جارتها تتقدم نحوها وهي ناكسة رأسها في الارض …كانت لا تعرف ماذا ستقول …هي من اهملت في الصغير حتى حدث ما حدث ولن تسامح نفسها ابدا ….
-اهلا بيكي يا ام مصطفي …
انسابت دموعها وهي تقترب من ماجدة وهي تقول :
-سامحيني يا ماجدة …أنا اسفة أنا اهملت ابنك…لولا اني سهيت شوية مكانش هيقع من على السلالم…ابوس ايديكي سامحيني ؛!!
ابتسمت ماجدة بسماح وقالت:.
-محصلش حاجة يا ام مصطفي خلاص الحمدلله الدكتور طمننا عليه …الحمدلله على كل حال…كتر خيرك ..
مسحت والدة مصطفى ميسر دموعها وقالت:
-انا برضه السبب يا ماجدة…ده كان امانتي وانا اللي اهملت انا عمري ما هسامح نفسي ابدا …ابدا ….
ربتت ماجدة على كتفها وصمتت …لم تكن قادرة على مواستها …هي ايضا كانت حزينة …بسبب كل كل يحدث لها !!
……….
-تتجوز مين ؟!انت أهبل ولا ايه اللي الخرافات اللي بتقولها دي …هو انا لعبة بينك وبين والدك ….لا انسى الكلام الفاضي ده …أنا مستحيل اوافق على الهبل اللي بتقولوه ده ….والبيت ده مش هقعد فيه ثانية واحدة !!!
صرخت بها مياس …والدموع تلسع عينيها … ماذا يظنان هما ؟!ها هي لعبة بين أيديهما ….كيف يجرؤان على معاملتها بتلك الطريقة ؟!هل أصبحت دمية بيد عائلة الحسيني ….
نظر سيف إلى غضبها وهو يشعر بالقهر …لا يعرف كيف خرجت من فمه تلك الكلمة….هو أراد أن يكسر نوال …أراد أن ينتقم بها ….أن يحرق قلبها كما هي أحرقت قلبه ….واسكت ضميره الذي أخبره أنه يستغل مياس …..
رأي مياس تذهب بغضب الى غرفتها لينظر الى والدها فيقول :
-ايه حصل اللي قولته ولا ايه….ظهرت حقيقة التانية صح ؟!
نظر سيف إلى والده بجمود وقد اطفأ بريق الدموع غضبه الشديد…نظر جلال إلى ابنه وقد أشفق عليه واقترب منه وهو يقول :
-مالك يا سيف ؟!
-أنت كان عندك حق يا بابا ….أنا انسان فاشل في اختياراتي…من هنا ورايح انت اللي هتمشي حياتي. ..من ناحيتي أنا موافق على مياس ومستعد اتجوزها من بكرة لو عايز !!!
……
-والدتك كلمتني انك بترفضي اي حد من غير ما تشوفيه اصلا يا جيلان ممكن اعرف ايه المشكلة ؟!
قالها أمجد وهو ينظر للأرض …لا يعرف لماذا تصر زوجة عمه على اقحامه في هذا الأمر…ماذا تريد من كل هذا …..الموضوع محرج أن يتكلم معها في تلك النقطة خاصة وأنه يشعر بإنجذابها له …نعم هو يعلم ولم ينكر الأمر …يعلم منذ البداية ….شجارها معه لم يكن سوى غطاء لتخفي مشاعرها الواضحة أمامه….عينيها التي تلمع له تجعله يختنق …لانه لا يستطيع أن يبادلها تلك المشاعر …رباه أنها صغيرة للغاية …ما زالت في سنتها الاولى في الجامعة وهو كاد أن يبلغ الثلاثين !!!!بماذا تفكر تلك الفتاة ….
رفعت جيلان عينيها وهي تنظر إلى والدتها بلوم وانكسار….لقد فهمت ما تريد والدتها فعله …أنها تريد أن تجعلها ترى بنفسها أن امجد لا يهتم بها …أنه بسهولة سيدفعها نحو الزواج بسهولة….هي تعلم أنه لا يهتم بها قيد أنملة ولكن ما سيفعله سوف يحطم قلبها …أن يدفعها الشخص الذي تحبه أكثر من أي شئ نحو الزواج بنفسه هذا الأمر يقتلها من الداخل ….لسعت الدموع عينيها وهي ترفع راسها وتنظر لوالدتها ثم قالت بصوت مرتجف:
-دي حياتي انا يا شيخ أمجد واظن انك ملكش اي دخل بيها ….
-جيلان عيب !!!
نهرتها والدتها ثم أكملت ؛
-فعلا مشوفتيش تربية
نظرت إلى والدتها بقهر وقالت:
-ليه بتدخليه في حياتنا ليه ؟!أنا حرة اتجوز متجوزش هو عشان بابا مات يبقى هو ولي امري !!
شعر أمجد بالغضب ….أنه لا يشعر بهذا الغضب الشديد ابدا ولكنها حقاً تخرجه عن طوره …لا يرغب ابدا بتحطيم قلبها ولكنها مصرة على التمسك بوهم ……كان غضبه يتفاقم ولكنه سيطر على نفسه وهو ينظر إليها بدون رضا ….كانت هي ترفع رأسه تناظره بتحدي ….بينما طبقة رقيقة من الدموع تتكون بعينيها كان يشعر بحزنها …بغضبها …يعلم ما تعانيه ولكن يجب أن تعرف حقيقه أنه حتى لو لم يكن خاطب لم يكن لينظر إليها …الموضوع بالنسبة إليه غريب …هو يعتبرها كنوران مستحيل أن ينظر إليها بطريقة أخرى…هذا سيكون شاذ للغاية …أنه يراها كشقيقته الصغيرة …تنهد ليسيطر على غضبه وقال:
-لا طبعا مش ولي امرك يا جيلان بس انتِ أختي الصغيرة وأمرك يهمني …
رأي الجرح في عينيها….هو قصد أن يخبرها أنها كشقيقته الصغرى كي لا تبني اي احلام بشأنه ……نعم هذا يجرحها ولكن أن ينتهي الأمر الآن هذا افضل …لا يمكنها أن تبني احلام بشأنه …ليس تلك الزوجة التي يطمح إليها …هو يريد امرأة مسئولة وليس طفلة مدللة كجيلان!!
وأدت جيلان الجرح بعينيها ورفعت ذقنها وهي تجيبه بتحدي ؛
-لا متخافش عليا …أنا اكيد هتجوز بس بعد ما اخلص دراستي ..مش حابة انشغل بأي حاجة دلوقتي …دراستي هي أولويتي …اخلص بس كلية وبعدين اول عريس مناسب هوافق عليه يا ابن عمي …اكيد متقلقش …
تنهد براحة وهو يهز رأسه ربما انتهى الأمر بخير …ربما مشاعرها تلك نحوه مشاعر اعجاب سوف يتلاشى وحينها سوف تجد الرجل الذي يستحقها الرجل الذي يحبها لذاتها …وحينها سوف تبقى سعيدة …لن يجد ذلك الحزن في عينيها …
هو طالما عهدها مدللة ….مرحة لا تعرف الحزن وهذا ما يريده أن تكون دوما …يريد منها أن تكون مليئة بالسعادة والامل ….هذا ما يليق بجيلان…
نهض مبتسماً وقال؛
-انا شايف أن جيلان عندها وجهه نظر وهي عندها طموح يا مرات عمي …سيبيها تحقق كيانها وبعدين العريس جاي جاي …مش كده …
هزت رأسها تأكيدا على. كلامه وهي تناظره بتحدى
………… .
في اليوم التالي
-يا ماما أنا بحبه !!!
قالتها أريام والدموع بعينيها…كانت تنظر إلى والدتها التي تجلس على الأريكة تناظرها بقوة بينما والدها يجلس بجوارها دون أن يستطيع أن يدافع عن ابنته أو عن حقها ….لقد تنازل عن هذا الحق منذ زمن …تنازل عن حق أن يكون رجل المنزل وترك زوجته تقوده والنتيجة هو لا يستطيع حتى أن يعارض قرارات زوجته المجحفة بحق ابنتهما…كانت والدتها تنظر إليها ببرود …تراها منهارة من أجل رجل …كم هي حمقاء ….ابنتها الغبية ورثت جانب والدها العاطفي …وهي أكثر من تعرف أن العاطفة تدمر المرء……
-ممكن تسكتي!!!
قالتها بصوت قوي ثم أكملت :
-بطلي عياط ونواح خلاص عصبتيني …على ايه العياط ده كله ؟!وعلى مين اصلا ؟!انتِ ازاي تعيطي على راجل اصلا وواحد مش شاريكي …لو بينتي انك منهارة بالشكل ده هيجي عليكي …لازم تفهميه أنه اخر همك …وأنه لو منفذش اللي طلبناه يبقى خلاص كل واحد يروح لحاله !!!
شهقت اريام بقوة وهي تشعر أن قلبها يكاد ينخلع من مكانها …أن تتخيل أن تنهي كل ما بينهما بعد ما طلبته يوميا من ربها …لقد دعت كثيرا أن يكون من نصيبها والان تتخلى عنه بكل بساطة …كيف يمكن أن تفعل هذا …مجرد التفكير في الأمر يجعلها تشعر بالرعب ….هزت رأسها وقالت :
-امي بتقولي ايه بس ….أنا مش عايزة اسيب أمجد ….
ابتسمت هي بثقة وقالت :
-وأمجد متمسك بيكي …أنا بشوف ده في عينيه …وعشان هو متمسك بيكي هينفذ اللي هنطلبه منه …أنا بنتي متعيشش في المكان البيئة ده …ولا تعيش مع أمه وأخواته …لازم تعملي لنفسك شخصية من الاول …مش.لازم تخلي جوزك هو اللي يقودك. .لازم يبقى العكس …لازم الكلمة تكون هي كلمتك أنتِ …
ابتلعت اريام ريقها وهي تنظر إلى والدها الذي وضع عينيه بالأرض وهو لا يستطيع أن يعارضها أو يتكلم ….انسابت الدموع من عيني أريام وهي ترى والدتها تزرع بها الأفكار المسمومة …لقد أحبت والدها وشفقت عليه وكرهته بنفس الوقت …كرهت ضعفه هذا ….لم تشعر ابدا أنه سند لها …كانت تراه دوما شخصية ضعيفة…تستطيع والدتها أن تجعله طوع أمرها …شخص مثل هذا ما كان سيحميها وربما هذا الذي جعلها تنجذب وتحب أمجد لان ترى بها القوة التي افتقدتها لدى والدها…ترى أنه رجل يعتمد عليه …رجل تشعر بالأمان في ظل وجوده معها …هي لا تريد أن تجعل امجد نسخة من والدها …لا تريد أن تفرض رأيها عليه …هي تريد أمجد كما هو …تريده أن يكون هو الرجل وليس العكس. ..تريد أن تشعر بالأمان في ظله …لا تريد تحويله ابدا لنسخة ثانية لوالدها..لا تريد لابنتهما في المستقبل أن تشعر مثلها الان ….لا تريدها أن تكره والدها وتشفق عليه في ذات الوقت !!
-بس أنا مش عايزة امجد يكون كده يا ماما …أنا مش عايزة كلمتي هي اللي تمشي عليه …مش عايزة اسيطر عليه …أنا عايزة علاقتنا تمشي بشكل طبيعي…مش عايزاه تكون علاقة مشوهة …مش عايزة حد فينا يكون هو الطرف الضعيف …الطرف اللي بينفذ وبس …أنا عايزة حياتنا تبقى فيها مشاركة ….محبة ومودة …مش سيطرة واستغلال …أنا مش كده يا ماما وأنتِ عارفة….
قلبت والدتها شفتيها بسخرية وقالت:
-غبية زي ابوكي يا قلب امك…هتشوفي بكرة امجد وأمه وأخواته هيخلوكي خدامة….مش هتمسعي كلامي هتغرقي وأنتِ حرة يا أريام أنا حذرتك …اللي زي امجد عايز اللي تسيطر عليه مش العكس لانه هيتعبك وهتشوفي كلامي هو اللي هيكون صح يا بنت بطني
……….
-افندم !!!
قالها بغضب وهو ينظر إليها. ..كانت تقف امام الباب وهي ترتعش بقوة …ازدردت ريقها وهي تقول بصوت باهت :
-ممكن ادخل ؟!
-تدخلي فين…أنا وضحتلك أنك مش هتدخلي أي محاضرة ليا تاني…اتفضلي امشي وتعالي قابليني لو نجحتي في مادتي…
توسعت عينيها برعب وهي تنظر إليه …لا تصدق ما يقوله…حاولت ان تتكلم ان تبرر او تدافع ولكنه اقترب بهدوء وقال:
-لو سمحتي روحي دلوقتي عايزة اكمل محاضرتي مع الناس اللي بتلتزم …يالا برا ….
انسابت الدموع عينيها وكسا الانكسار ملامحها …بسرعة استدارت ثم ذهبت مسرعة وهي تبكي وتشهق ….
زفر وهو يشعر بضيق غريب …هو لا يتعامل بتلك الطريقة مع النساء فماذا به …لما تلك هي المرأة الوحيدة التي تثير اعصابه…..
هز رأسه لينفض الافكار عن عقله ثم اكمل شرحه …
……
في مكتبه كان يجلس وهو يشرب كوب الشاي الخاص به بينما بيده بضعة اوراق يطلع عليها….
رفع رأسه عندما شعر بأحدهما يدق الباب …ابتسم بلطف وهو يرى ميادة إحدى أفضل طلابه …كانت طالبة حقا مجتهدة رغم صغر سنها …هي اصغر طالبة تقريبا ولكنها تفوق الجميع ….
-ازاي حضرتك يا دكتور ؟!
-الحمدلله يا ميادة اتفضلي فيه حاجة مفهمتهاش من المحاضرة …
ولجت للمكتب وهي تهز رأسها باسمة وتقول :
-لا طبعا بس انا جيت اتكلم معاك في موضوع معين تسمحلي؟
عبس بحيرة ونظر إليها…تُرى ما هو الموضوع التي تريد التحدث عنه …نفض حيرته جانباً ؛
-طيب اقعدي واتكلمي…
جلست على المقعد وهي تفرك كفيها بتوتر …تخاف أن تتكلم فيغضب …هي لا تعرف لماذا يعامل ماجدة بتلك الطريقة…لماذا يغضب منها على ابسط الأسباب …يبدو وكأن بينهما ثأر …لولا أنها مقربة قليلا من ماجدة لشكت أن ماجدة ويوسف يعرفان بعضهما من قبل ….
-ايه يا بنتي أنتِ جاية تسرحي هنا ولا ايه ؟!مش قولتي هتتكلمي ؟!
قالها يوسف بمزاح ولكن الفضول كان يلمع بعينيه …فركت ميادة كفيها وهي تحاول تجميع الكلمات لكي تتكلم معه …وكما أنها كانت تجمع شجاعتها ….بدأت في الكلام بنبرة مرتبكة خافتة :
-هو حضرتك ليه بتتعامل مع ماجدة بشكل سئ؟!
نظر إليها بحيرة فعرفت أنه حتى لا يعرف اسمها فابتسمت ببساطة وقالت:
-ماجدة اللي هي الست اللي حضرتك طردتها النهاردة من المحاضرة ….
كسا وجهه البرود وقال:
-وانتِ بقا المحامية بتاعتها وهي بعتاكي عشان تدافعي عنها ؟!ليه معندهاش لسان؟!
هزت رأسها بسرعة ونفي وقالت:
-ابدا والله يا دكتور الموضوع مش كده ابدا أنا بس عارفة ظروف ماجدة …والله دي إنسانة مكافحة …
-الانسان المكافح يحضر محاضراته يا ميادة …ميسرحش أثناء المحاضرات ولا يسيب المحاضرات في النص ويمشي من غير سبب ….
هزت رأسها بالنفي للمرة الثانية وقالت:
-يا دكتور والله هي مسابتش المحاضرة من غير سبب…ابنها وقع واتكسرت أيده وفضلت معاه …ماجدة والله الحياة جاية عليها اووي ….اتطلقت وطليقها رما الحمل عليها بقت تشتغل وتدرس عشان تحسن من دخلها عشان خاطر متحرمش ابنها من حاجة …عاملة زي اللي بيدور في ساقية ومش بترتاح…والله يا دكتور هي مش مهملة هي بس تعيسة …حياتها مش ليها لابنها …بتعمل المستحيل عشان يكون مبسوط …ياريت حضرتك كمان متجيش عليها أو تسقطها …هي بالعافية جمعت فلوس الدبلومة …هي حبت بس تطور من نفسها…. لو سمحت يا دكتور أنا مكنتش هقولك كل ده غير وانا متأكدة أن حضرتك طيب ومش هتيجي عليها اكتر من كده …اسفة طولت عليك …
أنهت كلامها ثم نهضت وذهبت من أمامه لتتركه غارق بأفكاره …
……..
-اسمها رحيق الراوي من طرف خالتي يا باشا …بت غلبانة كسرت التلاتين السنة ….عايشة مع اخوها ومرات ابوها وبتشتغل مدرسة وإنسانة طيبة مش هيكون ليها طلبات كتير …خالتي وضحت ليها اسباب الجواز ايه وهي موافقة …بس هي منقبة يا باشا عشان كده معرفتش اجيب ليها صورة …ممكن تروح تتقدم وتشوفها هناك …ولو معجبتكش نشوف تاني ….
تنهد عاصي وقال:
-الشكل مش مشكلة ..انت عارف….
تردد هو قليلا وقال:
-بس هي عندها شرط …
رفع عاصي حاجبيه وقال:
-خير ايه شرطها …عايزة فلوس يعني ؟!!
-لا يا باشا هي مش عايزة أهلها يعرفوا عن السبب الحقيقي للجواز ….
……..
فتحت الباب ورفعت حاجبيها وهي تراه أمامها …شعرها الاحمر ينسدل على ظهرها وعينيها الزرقاء تبرق بشدة …..كانت ماريانا تنظر إلى غريمتها بجمود وقالت؛
-خير ؟!
ولجت سيلا لمنزلها دون أي دعوى وقالت بسخرية:
-اوعي تكوني فاكرة انك كسبتي….جورج هيبقى ليا طول العمر !!!.
ابتسمت ماريانا بسخرية وقالت:
-انا مش فاكرة كده …هو بنفسه قالك كده …ودي الحقيقة أنا مراته !!
-أنتِ مراته صحيح …بس قلبه ملكي أنا ..
قالتها سيلا بفخر وهي ترجع خصلات شعرها الحمراء النارية للخلف وأكملت وهي ترى إهتزاز جسد ماريانا من شدة الإنفعال :
-جورج لحد دلوقتي مقدرش ينساني رغم اللي أهله عملوه…بس أنا لسه في قلبه…هو فشل ينساني زي ما أنتِ فشلتي تخليه يحبك ..بجد بشفق عليكِ يا ماريانا أنتِ متستاهليش المعاملة دي
سيطرت ماريانا على انفعالاتها …رفضت تماماً أن تترك امرأة مثلها تنتصر عليها …لذلك ابتسمت في وجهها بلطف وهي ترفع كفها لها وتقول مشيرة لطوق الزفاف الذهبي :
-أنا مراته وده المهم اللي بيجمعنا أقوى بكتير من أي حاجة وأنتِ ملكيش مكان في حياة جورج …ولو كان هيكون ليكي مكان هتكوني بس عشيقته وهو ده هيكون تمامك …بس كمان للأسف مش هتكوني حتى عشيقة لان جورج حبيبي ملوش في العك!يالا يا حلوة أطلعي برا بيتي!
…….
في الليل….
-انا عايزة اعرف ايه مشكلتك بالضبط …بتتجاهلني ليه هو مش انت بنفسك قولت عايزين نبقى أصحاب ومنخليش بيننا أي توتر عشان خاطر عمر ….
قالتها سما بإنفعال بعد أن انفجرت اخيرا بعد عدة أيام من التجاهل التي لا تعرف سببه حقا….هي حقا محتارة …ماذا فعلت لتنال منه هذا التجاهل ….كان قلبها يعتصر ألما بينما الدموع تلسع عينيها …اللعنة عليه يجعلها ضعيفة مثيرة للشفقة ….
فكرت بأسى….بينما هي كانت على حافة الانفجار كان ينظر إليها هو ببرود شديد ….يحاول أن يسيطر على مشاعره …تلك المرأة خطيرة أنها تتسلل داخله ببطء مخيف …تمنحه الآمان ولكن بغتة منه تريد أن توقعه …أن تسلب قلبه وقلبه ابدا لن يكون ملكها …قلبه ملك لمريم…لا يجب أن ينساها …لا يجب أن تطأ امرأة أخرى قلبه ولكن هل هو في مأمن ..هل سما فشلت في الدخول لقلبه ؟!كل تلك الأسئلة كانت تدور بعقله وهو يبحث عنها عن إجابة والجواب الواضح مخيف للغاية ….
-أمير رد عليا أنا بكلمك ….
-انا جيبتك هنا عشان تكوني ام لابني مش عشان اكون صاحبك !!
قالها ببرود شديد لتشحب قليلا ثم أكمل.:
-كونك تحاولي تسرقي مكان اختك في حياتي ده رخص منك …..
احمر وجهها بقوة وصرخت به ؛
-أنت بتقول ايه يا حيوان !!!
ثم رفعت كفها لتضربه ولكنها أمسك كفها وقال:
-اياكِ تحاولي تعمليها حتى ..
ثم دفعها لتنفجر الدموع من عينيها وتقول بإختناق :
-أنا بكرهك …سامعني وعمري ما هسامحك عشان اهانتك دي …انت ازاي تفكر اني كده…عمري ما فكرت في ده اصلا أنا عمري ما اخد مكان اختي …
-ولا هتاخديه اصلا …مستحيل تبقي مكانها…حتى لو عملتي ايه مش هتقربي من قلبي …
اخذت تنهت بعنف …دموعها هزمتها…كانت تشعر انها ضعيفة …هي التي اقسمت انها لن تظهر ضعفها له …حبها له …الآن كسرت كل وعودها…ودت لو قتلته لانه عراها امام نفسها ولكن يجب أن تتمالك نفسها …لن تدعه يربح…لن تدعه يدرك انه جرحها…مسحت دموعها بقوة ألمت بشرتها الحساسة وقالت:
-متقلقش خالص مش عايزة قلبك ولا مهتمة بيه …أنا جوازي منك كان علشان خاطر عمر…عمر وبس وفي اليوم اللي هيقدر فيه عمر يعتمد على نفسه أنا هتحرر منك واشوف حياتي مع انسان غيرك …..
ضغط على اسنانه بقوة….ذكر رجل اخرى اشعل بقلبه النيران ….حاول بقوة ان يمحي آثار الغيرة عن وجهه وقال :
-أكيد طبعا حقك ….
-بالضبط ده هيكون حقي….
اغتاظ من نبرة الثقة في صوتها وقال:
-وكمان حقي اني اشوف حياتي ….
ابتسمت ساخرة وقالت:
-قولتها وهقولها تاني …البنت اللي حاطط عينيك عليها شاور عليها وانا هجوزهالك من غير تفكير ….
تنهدت وأكملت :
-تعاملنا المرة دي هيكون عشان خاطر عمر وبس …..متتوقعش مني أي حاجة خالص
ثم انسحبت من امامه ليجلس هو على الاريكة ويغمض عينيه…ماذا فعل ؟!هو ابعدها عنه …خاف من التأثير الكبير التي تحدثه بحياته…خاف من خفقات قلبه التي باتت تدق لها ..عينيه التي بدأت تخونه وتنظر إليها …عينيها …شعرها…كل ما بها يأثره..انها تمثل خطورة على قلبه !!….
……
اغلقت الباب على نفسها وهي تلوذ لفراشها ثم تنفجر بالبكاء …تدفن رأسها في الوسادة ….لماذا احبت شخص مثله …ماذا ظنت هل سيحبها …كم هي بشعة….فكرت في اخذ مكان شقيقتها …لقد حلمت بهذا ولن تنكر …حلمت بحياة معه …حلمت ان يحبها ….تلك الحقيقة جعلت ضميرها يؤلمها …لقد طمعت فيما ليس لها !!
……
في اليوم التالي…
-هو ليه القميص الأسود متغسلش ؟!
قالها أمير بغضب وهو يمسك قميصه الأسود ويخرج به للصالة حيث تمسح سما فم ابنه الصغير وتبتسم له بإتساع وهي تقول :
-بالهنا والشفا يا بطل ..يالا عشان نمشي…
خانته عيناه وهو ينظر إليها كانت ترتدي بنطال اسود وسترة ناعمة باللون الكريمي اسفلها قميص اسود يناسبها كثير…حجابها ملفوف بطريقة مميزة …لا تضع مساحيق تجميل سوى ماسكارا ومرطب شفاه ….كانت بسيطة ولكن جميلة …لم تنظر إليه رغم تحدثه معها…شعر بالغليان وخرج من الغيمة الوردية التي كانت تلفه وقال:
-انا بتكلم ليه القميص الأسود متغسلش؟!ردي يا سما….
نظرت إليه وهي ترفع حاجبيها بدهشة وتقول ؛
-افندم وانا هغسله ليه ؟!هو أنا خدامتك يعني ولا ايه ؟!.
عبس وهو ينظر إليها وقال :
-ايه ؟!ازاي يعني ؟!
-يعني أنا مش خدامتك …عندك ايد واغسل بنفسك …. أنا قولتلك متتوقعش مني أي حاجة …أنا مش مراتك !!!!
القى القميص ارضا من الغضب وقال :
-انا جوزك يا هانم!!
ابتسمت ساخرة وتمتمت:
-مكانش كلامك ده آخر مرة …
ثم لمعت عينيها بألم وهي تتذكر اهانته تلك …لقد قضت اليوم بطولة تبكي …حتى انها لم تأكل وهو لم يهتم بالسؤال عنها بل اخذ عمر بالخارج وقام بالترفيه عنه جاعلاً اياها تداوي جروحها بنفسها…لن تنسى هذا ابدا ….
-هو ده تلكيك يعني ؟!عايزة توصلي لأيه ؟!
هدر بها لتبتسم بلطف وهي تنظر لعمر وتقول له :
-ممكن تروح اوضتك يا حبيبي وتجيب شنطتك..
هز الصغير رأسه بطاعة واتجه الى غرفته بسلاسة…ربعت ذراعها واقتربت منه …عينيها تلمع بقوة وهي تنظر إليه وتقول :
-اولا أي خناق بيننا يكون بعيد عن الولد …عشان ميطلعش معقد زي ابوه…
اتسعت عينيه بصدمة وقال:
-انتِ
ولكنها قاطعته وهي تقول :
-لو سمحت لسه مخلصتش كلامي….ثانيا ده اتفاقنا انت مش معتبرني مراتك ولا أنا معتبراك جوزي …أنا هنا قبلت بوضعي مربية لعمر وبس متتوقعش مني اني اخدم جنابك كمان ممكن تخدم نفسك او تجيب خدامة ميهمنيش ….
أمال رأسه وهو يقول بإبتسامة متوحشة :
-او ممكن اتجوز تاني !!!
ابتسمت ببساطة وقالت :
-وماله ده هيكون افضل …اهو على الأقل تغيب عندها يومين ولا تلاتة تهوينا شوية …
-لا أنا هجبها تعيش معاكي هنا…
اقتربت منه وابتسامتها تتسع وعينيها تلمع بقوة وتقول :
-وانا هوضب اوضتكم بنفسي يا عمري …
ثم ابتعدت عنه وابتسمت بحنان وهي ترى عمر يقبل نحوها …مدت كفها وقالت:
-يالا يا روحي ..قول باي لبابا …
-انا ممكن امنعك مش شغلك تعرفي كده ؟!
قالها فجأة بإندفاع …كلماتها اشعلته لقد ظن انه هو الرابح في تلك اللحظة ولكنها قلبت اللعبة عليه…افلتت منها ضحكة فجأة وقالت:
-لا متقدرش في اليوم اللي هتمنعني فيه هتلاقيني جايبة المأذون واهلي عشان نتطلق وابقى ربي ابنك بمعرفته أنا مفيش حاجة عندي اهم من شغلي …
ثم سحبت عمر وخرجت من المنزل …ليلكم هو الحائط بقوة وهو يتنفس بعنف :
انها تغضبه…تخرجه عن طوره …هو لا يستطيع أن يتحملها اكثر من هذا….لا يعجبه القرب منها ولا البعد عنها هو ذات نفسه لا يعرف ماذا يريد ….أغمض عينيه وهيئته منذ قليل ترفض نفارقة خياله…رباه انها تتسلل داخله وان لم يتصرف سوف يلقي كل ذكرياته مع مريم وسوف تحتله سما ….ربما ما تفعله هو الافضل …يجب أن يتجنبها هو أيضا
-………..
في المساء ….
-اللي بعمله ده غلط …ابوس ايديك يا عادل متخلينيش اعمل كده تاني ؟!!
قالتها نوران على الهاتف وهي تبكي وتشهق ليزفر بضيق ويقول :
-وايه اللي خلاه غلط بس …ما قولت خلاص هتجوزك …بس انا مبحبش البنت اللي هتجوزها تمنع مني حاجة…مصدعة راسي بشوية صور بعتيهم …لا راضية تيجي معايا الشقة ومش واثقة فيا …بقولك عايز اعرفك كويس ومش هعرفك الا بالطريقة دي فهمتي !!!!
عضت شفتيها وهي تبكي بعنف وقالت:
-اللي بنعمله.ده غلط…
-يوووه غلط …غلط …أنتِ مفيش على بوقك غير الكلمة دي …انا زهقت منك وقرفت …اسمعيني يا بنت انتِ أما تيجي الشقة عندي بكرة أو صورك الحلوة دي هتروح لاخوكي…..
بهتت وهي تسمع كلمته تلك وقالت بإختناق :
-أ….أنت بتقول ايه ؟!
-اللي سمعتيه يا حيلتها …بكرة الاقيكي قدامي في الشقة هنقعد سوا مش هعملك حاجة وعد مني بس لو مجتيش صورك كلها اللي بعتيها ليا هتوصل لأخوكي ….
ها قد سقط قناعه…..كلام العشق والهيام التي كان يغرقها بها كلها كانت كذبه …العشق في عينيه كان خدعة ….حبهما كذبة هي عاشتها وهو حاكها بمهارة …..أعتصرت عينيها بقوة والدموع تنفجر من عينيها وقالت بصوت خرج مذهولاً:
-بتقول ايه يا عادل …انت بتقول ايه ؟!انت فاهم اللي بتقوله ده …أنا نوران ..حبيبتك …مراتك زي ما بتقول …أنت هتعمل فيا كده ….
ابتسم ساخرا وهو يضع الهاتف على أذنه الأخرى …يحارب ضحكاته الساخرة التي تكاد تهرب من بين شفتيه ويقول :
-ايه مراتي؟!انتِ مجنونة….هو انا مجنون عشان اتجوز واحدة زيك !!
-واحدة زيي؟!
قالتها بصدمة ليرد :
-ايوة واحدة زيك …راحت تبعت صورها وهي شبه قالعة ليا ….يا حبيبتي أنا لولا أني قررت انهي اللعبة السخيفة دي دلوقتي كنتِ أنتِ اللي هتترجيني عشان تجيلي الشقة …المهم يا قلبي قدامك حلين أما تجيلي الشقة أو صورك هتكون عند اخوكي الشيخ امجد …مسكين أمجود شيخ واخته بتتصرف زي بنات الليل …دي هتكون صدمة العمر ليه يا حرام …بس أخته عشان ذكية هتيجي بكرة في الميعاد اللي اتفقنا عليه ها يا عمري هتيجي ؟!
لم ينتظر ردها واغلق الهاتف لتنهار على فراشها وهي تبكي بعنف …لا تصدق ما ورطت نفسها بها
……….
في اليوم التالي ….
فتح عادل الباب لينظر إليها بخبث ويقول :
-اهلا بيكي يا عمري ….ادخلي ….
ابتلعت نوران ريقها …تعرف انها عندما تلج لن تخرج كما هي ابدا….ولكن ربما …ربما عادل يتحلى ببعض الرحمة …هي مستعدة لتقبيل قدمه حتى يتركها وشأنها ….فقط ليتركها مستعدة لفعل اي شئ ….
-ما تدخلي يا عمري …هنفضل واقفين على الباب كتير كده ولا ايه ؟!
اهتزت بعنف وهو يكلمها بتلك الطريقة …وكأن طريقته اللطيفة اختفت تماماً ما أن قرر أن يكشف عن نواياه نحوها ….
لسعت الدموع عينيها وهي تلج لمنزله ….اغلق الباب خلفها لترتعش بقوة وهي تنظر إليها ….الدموع تنفجر من عينيها وهي تقول :
-انا جاية ابوس ايديك …ورجليك …ارحمني …امسح الصور والله ما هتشوف وشي تاني … عادل عشان خاطري أنا …
-ومين قال ان ليكي عندي خاطر …انتِ ولا حاجة بالنسبالي ….
أغمضت عينيها وهي تبكي بعنف وتقول :
-عارفة اني ولا حاجة وعندك حق….وحياة اغلى حاجة عندك اعتقني لوجه الله …
-حاضر طبعا يا عمري …هسيبك طبعا بس بعد ما تعملي اللي أنا عايزه ….
ثم أخرج شيئا من جيبه وقال؛
-خدي من دي يالا ….
أمسكت العبوة بذهول لتجد أنه حبوب مانع الحمل!!!!
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية أسرت قلبه)