رواية أسد الصعيد الفصل الثامن والأربعون 48 بقلم إيمي عبده
رواية أسد الصعيد البارت الثامن والأربعون
رواية أسد الصعيد الجزء الثامن والأربعون
رواية أسد الصعيد الحلقة الثامنة والأربعون
اخرج هاتفه وأجرى اتصالا وصمت منتظرا للحظات قبل أن يجيبه صقر
– ايوه يا نعمان بيه
– كلم ابوك ممصدجش انك بخير
أعطاه الهاتف فأمسكه بيد ترتجف فساند يده نعمان وجلس بجواره
– ايوه يا بوى
تمتم بإسمه بعدم تصديق : صجر!
– ايوه انى بخير وهديه كومان احنا ف المستشفى
اتسعت عيناه بفزع : ليه مش جولت انكم بخير
– مش احنا يا بوى اللى مرضانيين إحنا چايين زياره
بدأ يستعيد توازنه فإعتدل وقد دبت القوه فى جسده من جديد فأفسح نعمان له المجال
– لمين يا ولد؟
فأوضح له : أسد بيه وصخر بيه وحتى هناء كلياتهم اهنه
– ليه هيا الست فيروز مرضانه؟
– له هما اللى مرضانيين
رفع حاجبيه متفاجئاً : بالچمله اكده ليه كلوا وكل حمضان
– له چاهم خبر عنينا عفش وطلع غلط
– ما چانى يا ولدى وسيبتوا مفاصلنا
– والله ما ندرى إلا من جيمة ياچى ساعه اكده واتحدت ويا فارس بيه دا احنا اتمرمطنا جوى جوى يا بوى
– انت غلطان كنت اتصلت بأسد بيه بلغته جبل ما تروح من لول كانوا استنوكم
– مكانش عيلتجانا مكوناش ف الجطر ديه البت هديه حكمت راسها لازمن ناكل جبل ما نركب وعلى ما چيبتلها جورصتين كان الجطر فات
تنفس بقوه : الحمد لله إنه فات الحمد لله
– ايوه كنت حرنان اننا اتأخرنا وچت بالخير
– وعسى ان تكرهوا شيئا وهو خير لكم صدق الله العظيم
قبل أن يجيبه وضع نعمان كفه على كتفه فنظر إليه : جولهم فارس چايلكم
فأومأ له ثم عاد يحدث صقر : فارس چايلكم ف الطريج
– اكده طب عتصل بيه الا جولى امى ازيها جولها اننا بخير
– امك مدريتش بحاچه التعب چاها على غفله واتلهيت فيها
تسلل القلق إلى نفسه : تعب ايه كفا الله الشر؟
– الولاده يا ولد
تنهد بإرتياح ثم هتف بتفاجؤ : اباى ولدت؟
فأوضح له بفخر : أخوك الزغير عمال يصوى كيه الكتكوت المبلول وناطركم تاچوا تلاعبوه
– يا بووووى هيا كانت مستنيه لمن نسافر ولا ايه؟!
– النصيب بجى
– اكده عنرچع ويا فارس ونچيكم طوالى
– مستنينكم يا ولدى خد بالك من حالك ومن اختك
– حاضر يا بوى
أعطى الهاتف إلى نعمان الذى أكد له : انى هشيعلك واحده من الفلاحين تخدم صابحه لحد ما الولاد يرچعوا بالسلامه
– كتر خيرك انى عمشى حالى
أراد التملص من هذا الكرم رغم رغبته بالقبول فلم يسايره نعمان بل أصر بقوه : مينفعش صابحه محتاچه مراعيه وغذا ومتشيلش هم حاچه
إبتسم بإمتنان : ربنا يباركلك يا سعادة البيه
– كلام ايه ديه يا چعفر احنا بقينا اهل
– ربنا يديم المعروف
– مجولتليش بقى هتسمى المفعوص الزغير ايه؟
– والله ما ف بالى حاچه دلوك
– يعنى عتهمله اكده؟!
– اما نطمن عالعيال وأسد بيه وأهل بيته لول يبجى يحلها ربنا وهو يستنى هبابه مچراش حاچه اعزنه لسه ف بطن امه
❈-❈-❈
حين انتشر الخبر عما أصاب أسد أتى إبن عم ورد إلى والدتها متشفيا
– چوز بتك عيموت
لمعت عيناها بغضب : موته لما تشيلك انت وامك عتفول عليه من غلك اياك
صر أسنانه بغضب وحاول التماسك لكى لا يفجر رأسها فهذه فرصته لينال إنتقامه : چرى إيه يا عمه معتتفرچيش عالتلافزيون ولا إيه ديه هو وعمه ف الإسبتاليا وحالتهم خطره
ثم تنهد بضيق فهكذا لن يصل إلى مسعاه ثم إبتسم بمكر : افرحى بتك عتورث
لمعت عيناها بطمع للحظه لكنها إرتابت بأمره قد يكون فخا منصوبا للإيقاع بها فهتفت بقوه
– بعد الشر عنيه
أدرك قلقها ففتح التلفاز وأتى بقناه اخباريه تذيع الخبر فنظرت إلى الشاشه بتفاجؤ وحينها لم تخفى لمعان الفرحه بعينيها حتى همس بفحيح بجانب اذنها
– بس معتتهنيش لحالك عتچوزينى ورد ومفيناش من ألاعيب يا عحصر جلبك عليها ومعتطوليش حاچه
وتركها مجفله منزعجه لكنها بعد تفكير قررت أن تسايره وتجعل ورد تكتب لها جزئاً وفيراً من الثروه ثم تزوجها له فلا ضامن أن يأخذ كل شيء له وحده بعد أن يتزوجها
ارتدت الأسود وهرولت إلى المشفى تتصنع الحزن فمنعها الأمن بأمر من فهد فهتفت مستنكره فعلتهم
– انتو اتچنيتوا ولا ايه أنى حمات أسد الچبل عايزه اطمن على بتى
أُرسل أحد أفراد الأمن للداخل للإستعلام عن ذلك فأتت إليها فيروز بنفسها وأدخلتها فعاتبتها بإنزعاج
– بجى دى معامله دى هو أنى غريبه ولا إيه
تنهدت بتعب وتمتمت بصوت مرهق : لأ طبعا بس الصحافه والإعلام زهقونا ومكنش فيه حل نبعدهم عن هنا غير كده
– ايوه صوح عنديكم حج ناس مبجاش عنديها دم واصل
– شوفتى بقى
تجعد وجهها بتأفف : بس كنتوا تخبروهم إن اهلهم بره مش أجف إكده جودام الباب يا دى العيبه
لم تعد لديها طاقه لهذيها الاحمق لكنها حاولت التمسك بهدوئها من أجل ورد : محصلش حاجه يا ست أم ورد وبعدين مانا جيتلك اهوه
– بس أنى…
فاطعتها بنفاذ صبر فهى كانت آخر من قد تود رؤيته الآن : انتى مش عاوزه تشوفى ورد
– ايوه اومال
– طب اتفضلى
حين سمعت ورد صوت والدتها انتابتها رجفه غريبه واحست بالبروده تسرى فى جسدها فلسبب ما لا تريد رؤيتها الآن ولا ترك أسد لكنها خرجت لتتجمد بأرضها حين رأتها تسرع إليها لتحتضنها بلهفه وقد رأت تلك النظره التى تعلمها جيدا بعينيها لمعة الطمع التى انبهتها لنواياها لذا لم تبادلها الاحتضان حتى ولو من أجل المظاهر ووقفت تنظر لها بمقت لكنها لم تنتبه له
– حبيبتى يا بتى مش كنتى تجوليلى اخص عليكى اكده ادرى كيه الغريبه طب كنت وجفت چارك والتلافزيون عيصوركم ولا أنى مليش نفس
نظرت لها فيروز بغرابه أهذا ما أتت لأجله أهذا فقط ما تهتم له وابنتها الشاحبه الذابله تلك التى لم تنتبه حتى أنها فاقده للحياه من حولها انها لم تنبث بحرف منذ أتوا بأسد إلى هنا وهى بجواره بالكاد تأكل أو تشرب ولا تنام إلى على كرسيها المجاور لفراشه ممسكه بكفه يا للهول لا أحد لديه ذرة عقل قد يصدق أن تلك المرأه المزعجه والدة هذه الملاك
دفعت بورد بعيدا عن مسمع فيروز التى حركت رأسها رافضه تصديق أفعال تلك المرأه إنها مختله حقا بينما جلست تنظر إلى ورد بعينان متلهفه
– اچمدى اوماااال خليكى جويه بلاش الحزن يضيع عجلك وتخليهم يلهفوا ورثك
إتسعت عيناها بصدمه وهمست بعدم تصديق :ورثى؟!
– اومال ايه بس متخافيش عچوزك واد عمك هو صوح خسيس كيه أمه بس عيچيبلك حجك من بوج السبع اومااال مش عيبجى ليه فيه بس انى مش عبيطه عهمله اليغمه دى كلياتها انتى تكتبيلى اللى تجدرى عليه لچل ما نأمن ورحنا برضيك
همست برجاء : الكلام ده مش هيحصل أسد هيقوم بالسلامه
إحتدت نبرتها بحقد : خبر إيه يا بت يجوم إيه تفى من بوجك خلينا نتنغنغ بجى
– طب وأنا؟
– انتى مالك اهه عيبجى بفوايده كومان بين يدك
– انا مش عاوزه فلوس انا عاوزه أسد يبقى بخير
نهرتها بحده : بطلى رط فاضى وفوجى اكده مصلحتنا نركز احسن أمه تاكل حجك دى بندريه وواعيه لهو انتى بيخيل عليكى ضحكتها الناعمه دى له فوجى دى عجربه
لقد كانت تصف نفسها بالفعل فهى كما تصف فيروز وأسوأ فلم تجد ورد ما تقوله فليس لديها ما يقال على أى حال فإن والدتها غارقه بأحلامها الطامعه ولن تهتم بما قد تقوله أى إن كان وفجأه أحست بقبضة مؤلمه تقبض على قلبها ماذا لو تحققت كلمات والداتها المتشائمه ماذا لو رحل أسد لقد كانت بدونه لسنوات طوال لكن كونه بخير ولم يتزوج بأخرى جعلها دون أن تدرى تحمل الأمل بقلبها لكن أن يرحل لا هذا ما لن تتحمله
❈-❈-❈
اعتصر الألم صدر ورد حتى أصبح التنفس مؤلما لطالما كانت حائره خائفه لطالما كانت مچاكرتها لكل من حولها وسيلتها للدفاع وسيلتها لحماية نفسها من الإنهيار وإظهار الضعف لقد أحست فجأه باليتم فلا ملجأ لها بين الناس وأحست أنها أقل من كل هؤلاء فعلى الأقل لديهم من يتألم لأجلهم لكنها بالنسبه لوالدتها هى مجرد خزينه متحركه تريد دوما الربح من خلفها لا تأبه بأى إن كان الثمن ولا أهمية لرغباتها ولا لما تريده لقد رأت كيف وقف والدى حسناء بجانب ابنتهما حين علما بما حدث وكم أحست حينها بالبرد وكأنها عاريه وسط عاصفه ثلجيه وحيده بلا معين فحتى أسد لم تهنأ به إلا قليل بعد سوء التفاهم الذى كان بينهما لقد إشتاقت لأسد القديم لوالدها لأرضها لزروعاتها الفاشله التى لطالما تشفى بها أسد لفشلها أليس هناك أدنى أمل لتعود لتلك الأيام لترحل عن كل هذا لن تستطيع الصمود أمام والدتها تعلم بهذا جيدا ولن تتراجع والدتها حتى لو رأتها تموت أمامها ولن تستطيع أن تتزوج من إبن عمها المقيت ولا أن تحيا دون أسد ولن تستطيع حتى التخلص من آلامها لذا قررت الرحيل فجلست بالقرب من أسد تمسك بكفه ودموعها تغسل كفيهما معا وهمست بإنكسار
– من غيرك ميته وجلبى واجف أنى نفسى أرچع ورد الزغيره اللى تجعد وياك ف الغيط تناجرك تدرى إن أنى كنت أحبك ولا أدراشى اتوحشتنى جوى حتى كيد البنته فيا وإحنا زغار اتوحشته لچل ما بتاچى تهون عليا بعديه من يوميها وأنى مدوجتش طعم الهنا وعلى ما رچعلى أسد بتاع زمان وورد الجديمه عاودت وياه خطفك المرض منى لهو أنى فجريه للدرچه دى
مالت إليه هامسه :أجولك على سر أنى اتعلمت لغوة البندريه لچل خاطرك أصلهم جالولى إنك عتتچوز واحده بنداريه تدرى بعيشة الأكابر كيه أمك ديه حتى چدك اتچوز بندريه آه يا أسد
إبتسمت بتعب وهى تتأمل ملامحه المسترخيه: تدرى شكلك أصبى وأحلى واهدى وانت نعسان
مالت نحوه تضمه إليها وأمسكت بيده الأخرى ترفعها لتضعها على كتفها فتهاوت يده بلا حول ولاقوه مما جعلها تنظر له برعب
– خليص إكده عتضلك چته ميته لحد ما تموت صوح بس أنى مجدرش أعيش ف دنيا انت مش فيها ولا هجدر أحضر حاچه كيه دى الظاهر معادش فيها فايده وچه وجت الفراج يا حب عمرى
ضمته بأقصى ما أوتيت من قوتها الواهنه ثم ابتعدت تمسح الدموع من عينيها وخرجت من غرفته متسلله إلى خارج المشفى بعيدا عن الجميع علها تجد راحتها التى فقدتها بغيابه
كسر صوتها الحاجز الخفى بين الوعى واللا وعى لديه لكنها كانت قد غادرت قبل أن تبدأ أنامله بالتحرك وترتجف مقلتيه تحت غطاء جفنيه قبل أن يفتح عيناه ويهمس بخوف
– ورد
❈-❈-❈
وصل فارس إلى المشفى فبعد أن أنهى صقر مهاتفته مع جعفر اتصل به ليخبره بمكانيهما
حين وصل كان مجهدا بدنيا وعقليا ونفسيا فهو لم ينل أقل قسط من الراحه منذ وصله الخبر الكاذب عن موتهما كما أن عقله كاد ينفجر وقلبه المحطم زاد الطين بله وقد أعاد خبر نجاتهما إليه الطاقه لكن تلك الطاقة نفذت ما إن وصل إليهما وقد وجد أن الجميع نيام بعد يوم مرهق فبحث بالوجوه المتراصه على كراسى متجاوره عنها وحين رأها تنام مستنده برأسها على كتف صقر سار نحوها وكأنه مسحور وجثى امام قدميها يتأملها بعدم تصديق وقد تجرأ ووضع كفه على كفها المتراخى فتملمت قليلا لكنها لم تستيقظ فنظر حولها ليجد الكرسى المجاور لها على الجهة الأخرى فارغاً فنهض ممسكا بكفها وجلس إلى جوارها وكم تمنى أن يضمها إليه لكن هذا قد يفقده إياها لذا استكفى بالإمساك بيدها وأحس حينها فقط بالإرتياح فأغمض عيناه وغفى فورا
استيقظ الجميع فزعين إثر صوت والدة ورد التى حين استيقظت ذهبت لتطمئن هل مات أسد أم لا فهى حتى لم تسأل عن سبب مرضه ظنته غيابه عن وعى سبيله السريع إلى الموت لكن حين دخلت الغرفه ووجدته مستيقظا بل ويقف أمامها فزعت ولم تستطع إخفاء صدمتها
– كيف ديه إنت لساتك مموتش؟!
– موته تشيل اللى زيك فين ورد؟
– وه!
نظرت حولها تبحث عنها حين تذكرتها فلم تجدها: هيا عتنعس اهنه انخفت فين دى؟
سار نحوها كما ولو لم يكن به أى عله ونفض عنه غطاء المرض وقد إستعاد صحته كامله ووقف ينظر لها بغضب أجفلها
– فين ورد يا ألعن خلج الله؟
إبتلعت ريقها بقلق :هنلتجاها اهنه ولا اهنه
– تدرى لو مالتجتهاش والله لأحصرك ف بطنك صوح انتى اللى زييكى أبوه وأمه الجرشنات ولو ورد چرالها حاچه مش عيكفينى عمرك كله الظاهر إنك سوجتى فيها وملجتليكيش كاسر
– انت إيه اللى جومك مش كنت عتموت
إبتسم بسخريه: وديه مضايجك أظن
ثم أمسك بكتفها بحده: كنتى بتخططى لإيه وكلتى راسها بيه جولتلها إيه جلب عليها عيشيتها وطفشها
فزعت مما فهمته: يالهوى
شدد قبضته عليها: بتك مشت ويا عالم مشت من اهنه بس ولا من الدنيا كلياتها
– يا مورى
إزداد فزعها وصرخت برعب فهذا يعنى ضياع كل آمالها فى الثراء والحياة الرغده التى لطالما منيت نفسها بها وبرحيل ورد ليس فقط الميراث من أسد ما ستخسره بل ستخسر حتى الراتب الشهرى الذى كان يرسله لها والخادمه وما تلاهما كذلك الارض فقد كتبها لورد نعم لكنه لم يوثقها بعد فلن ترثها بعد رحيل ورد لقد قسى قلبها وأغرق الطمع ضميرها فى الظلام حتى فقدت شعورها كأنثى بالأمومه ولم تتألم لما قد يصيب إبنتها
هزها بقوه رغم أنه لم يستعد كافة عافيته بعد لكن الغضب هو ما يمده بالقوه: جسما عظما لو عملت ف روحها حاچه لأشربك المر اللى شافته من يوم ما وعيت عالدنيا من تحت راسك
نعم كان صوتها عال لكن أن يسمعوا صوت أسد يصرخ بغضب هذا ما إستحق ركضهم جميعا نحو غرفته وقد تلكأت عنهم هديه حين تفاجأت حين إستيقظت أنها تجلس بجوار فارس ممسكاً بيدها وحين همت لتبتعد قبض أكثر على كفها
– والله لولاش خايف من ردة فعلك لكنت عملت اللى ما يعمل وغلاوتك اللى ملهاش زى ما هو معدى الشهر ده إلا وإنتى على ذمتى
تورد وجهها بخجل لكنها إعترضت بتعجب :وه كيف ديه؟!
– زى الناس بلا تلاكيك فارغه بس نطمن على أسد والباقيين وبعدها يحلها الحلال
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية أسد الصعيد)