رواية أحرقني الحب الفصل الخامس عشر 15 بقلم ديانا ماريا
رواية أحرقني الحب الجزء الخامس عشر
رواية أحرقني الحب البارت الخامس عشر
رواية أحرقني الحب الحلقة الخامسة عشر
بهتت هديل من هجوم سارة غير المتوقع وشحبت من كلماتها السامة التي اخترقتها ولم تكتف سارة بذلك بل تابعت بغيظ وهي ترمقها باشمئزاز من أسفل لأعلى: بس على العموم ده اخرك وتمامك ليلة وخلاص وبعدها هيرميك علشان يدور على واحدة تانية ولما يجي يتجوز هياخد إنسانة من مقامه نضيفة مش….
ابتلعت سارة باقي كلماتها حين سمعت صوت حسام المدوي يهتف بها: سارة أقفي عندك ومتكمليش!
وقفت سارة مكانها بينما حسام يصعد السُلم ممسكًا ببعض الأكياس في يده، شعرت سارة بقلبها ينتفض من نظرات حسام الحارقة والغضب الواضح على وجهه حتى أن هديل انكمشت خوفًا من نظراته الحادة مع أنها لم تكن موجهة إليها.
وقف حسام أمام سارة التي تراجعت للوراء بخوف بسبب العصبية الشديدة الظاهرة عليه خصوصا حين تكلم بصوت ينتفض غضبا رغم نبرته الهادئ: أنتِ وبأي حق تسمحي لنفسك تتكلمي مع مراتي بالشكل ده؟ إزاي توجهي بيها إهانات زي دي! أنتِ نسيتي نفسك ولا إيه!
اتسعت عيون سارة صدمة مما قاله وحدقت لهديل وهي تردد: مراتك!
تحدث بنبرة خشنة حادة: أيوا مراتي وحتى لو مكنتيش تعرفي ملكيش حق تتكلمي معاها كدة أبدا إيه هاخد رأيك في حياتي الشخصية ولا استأذنك قبل ما أعمل الحاجة الأول؟
حاولت سارة التبرير بارتباك: ا… أستاذ حسام أنا.. أنا.
قاطعها حسام لينهي النقاش ببرود: مش عايز أسمع حاجة تقدري تلمي حاجتك وتدوري على شغل تاني من بكرة.
ارتسم الرعب على ملامح سارة التي أسرعت تتوسله: أستاذ حسام أنا آسفة والله بس متمشنيش حضرتك عارف أد إيه أنا محتاجة الشغل.
كانت قسمات حسام جامدة حين رد عليها بوجوم: كان لازم تفكري في الكلام ده كله قبل ما تغلطي.
نظرت حينها سارة لهديل التي كانت تتبنى موقف الصمت تراقب الموقف ووجهت لها كلامها برجاء: مدام هديل أنا بعتذر على اللي قولته بس حاولي تقنعي أستاذ حسام أنا بجد آسفة مش عايزة أمشي من الشغل.
شعرت هديل بالشفقة عليها وعلى هيئتها الباكية المتوسلة رغم حديثها الجارح منذ قليل فاقتربت من حسام ووضعت يدها على ذراعه تشد عليه قائلة بنبرة هادئة: خلاص يا حسام سامحها علشان خاطري المرة دي.
ثم نظرت لسارة متابعة بتردد: أنا متأكدة أنها مكنتش تقصد.
برغم انها شعرت حقا في أعماقها أنها كانت تقصد جرحها وإذلالها! ولكن ولأنها مرت بموقف شبيه فهي تتفهم الحاجة الشديدة التي تدفع سارة للتوسل من أجل وظيفتها ولم ترد أن تكون سبب لقطع مصدر دخلها فقررت مسامحتها.
التفتت لها حسام يقول بصرامة ونظرة عدم التصديق في عينيه: أسامح إزاي دي هانتك!
ابتسمت له ابتسامة باهتة: هي اعتذرت خلاص اديها فرصة تانية أنا متأكدة أنها مش هتغلط.
زفر حسام بحنق وصمت للحظات قبل أن يقول في النهاية موجهًا حديثه لسارة بتحذير بارد: ماشي هعديها المرة دي بس أي غلطة تانية يا سارة مش هتساهل معاكِ أبدا.
انتفضت سارة بفرح غير مصدقة أنه سامحها خصوصا أن حسام معروف بصرامته الشديدة في العمل وأكدت بلهفة: أيوا مش هغلط تاني أكيد يا أستاذ حسام.
نظر لها حسام بعدم رضى قبل أن يقول بحزم: فين الورق اللي جيتي علشانه؟
على الفور أخرجت له سارة الورق بطريقة بدت خرقاء بالنسبة لتوترها، أخذها منها حسام ثم صرفها فورا، حينها انتبه لهديل التي تقف بروب حمام فقط فدخلوا على الفور قائلا لها بتوبيخ: أنا مخدتش بالي أنتِ لابسة إيه ليه وقفتي كل ده برة؟
كانت شاردة في كلام سارة فتنهد حسام قبل أن ياخذها من يدها ليجلس معها على الأريكة ويضع ما بيده أمامه.
أخذ يديها بين يديه يحثها على الاستماع له: أنا مش عايزك تفكري في أي حاجة اتقالت يا هديل صحيح أنا مسمعتش الكلام من أوله بس أنا مش عايز حاجة تأثر فيكِ بسهولة كدة ارمي كلامها ورا ضهرك أنتِ لولا أنك منعتيني كنت مشيتها وريحتك خالص منها.
كانت متعبة نفسيا وجسديا فنظرت له بصمت قبل أن تقترب منه وتريح رأسها على صدره فضمها له بحنان.
قالت بصوت منخفض يظهر به البكاء: الموضوع مش كلامها وبس يا حسام، أنا مش عارفة أقولك إيه بس أنا هشة جدا من جوا وبرة السنين اللي فاتت كانت صعبة أوي لدرجة أني لحد دلوقتي مش مصدقة أنه كل حاجة انتهت وأنا دلوقتي معاك، أنا مش قوية يا حسام أنا ضعيفة أوي.
اشتدت ذراعي حسام حولها قائلا بنبرة قوية: لا طبعا إيه الكلام ده؟ هديل أنا دلوقتي بس عرفت أنتِ إزاي قوية وقوية أوي كمان، كفاية تضحيتك السنين دي كلها وإنك استحملتي العيشة مع إنسان مريض كله علشان خاطر أخوكِ، أنتِ استحملتي وضع غيرك ميستحملوش أبدا ومريتي بحاجات كتير ولسة واقفة على رجليك كل ده وازاي تفكري أنك ضعيفة بس!
ضمت نفسها له أكتر قائلة بصوت مخنوق: بس هي معاها حق أنا بقيت إنسانة مشوهة من جوا ومن برة فيه حاجات كتيرة أنت متعرفهاش.
ابتعدت عنه بتوتر قبل أن تردف بتوتر: فيه حاجات كتير أنت مشوفتهاش أنا…. أنا جسمي مش طبيعي زي بقية البنات.
أدارها له ممسكًا إياها من كتفيها ناظرًا إليها بعيونه العسلية المليئة بالعاطفة القوية: أنتِ بتقولي إيه! أنا مش سطحي للدرجة دي أنا ميهمنيش جسمك ولا كل الكلام اللي في دماغك ده أنا بحبك أنتِ بحب هديل بكل حاجة فيها بحبك دلوقتي زي ما كنت بحبك من عشر سنين وبالعكس حبي ليكِ زاد أكتر ونضج على مر السنين مبقاش بس مجرد حب مراهقة ولا شباب بالعكس بقى حب ناضج مقدرتش أي حاجة تمحيه من قلبي طول سنين حاولت اكدب على نفسي كتير وأنساكِ وأعيش بس عمري ما عرفت.
أمسك يدها ليضعها على قلبه حتى تشعر بنبضات قلبه السريعة متابعًا بصوت أجش من العاطفة: أنا قلبي مش بينبض إلا ليكِ وبس، أسعد يوم في حياتي يوم ما اتكتبتي على اسمي، أنتِ حلوة وهتفضلي في عيني حلوة من غير أي مجهود أوعي في يوم تحسي بالنقص أبدا أنا عايزك تثقي فيا وفي نفسك وفي حبنا.
تأثرت هديل بشدة بكلماته وشعرت بقلبها يخفق بقوة ومشاعرها تتبعثر من كلماته ونظراته التي لا لبث فيها، ممزقة بين الرغبة في تصديقه ونسيان الماضي وبين خوفها من ألا تكون كافية له ويأتي اليوم الذي يكتشف فيه ذلك ويندم على اختيارها.
حين رأى حيرتها والتيه الواضح على وجهها رفق بها واحتضنها ليدفن رأسه في عنقها فربما ذلك أبلغ من الكلمات وقادر على أن يُوصل إحساسه لها، لتريح هديل رأسها على كتفه.
بعد قليل ابتسم حسام وقال حتى يغير الموضوع: يلا نأكل بقى أنا نزلت جيبت لك الأكل اللي بتحبيه.
ابتعدت عنه وابتسمت له لأنه مازال يتذكر الطعام المفضل لها ، رتب حسام الطعام على الطاولة قبل أن يمسك قطعة من الطعام ليقربها من فم هديل قائلا بمرح: كلي دي من إيدي.
ضحكت هديل بخفة قبل أن تأكلها منه كان ذلك غير مألوف بالنسبة لها مما اربكها قليلا فهي ليست معتادة على الدلال.
مر أسبوع قبل ميعاد الحفلة الرسمية لإعلان زواجهما، كان حسام يتركها على راحتها وينام في مكان آخر ولكن ذلك لم يمنع قلق هديل من الظهور فهي مرتبكة ومتوترة من يوم الحفلة كأنها تتزوج لأول مرة، طلبت منه في مرة أنها تريد الذهاب لطبيبة جلدية فوافق على الفور إرضاء لرغبتها وربما ذلك يقلل من شعور النقص الذي يؤرق مضجعها وأكثر ما كان يسعدها هو زيارة والدتها وأخواتها كل يوم على عكس حين كانت تُحرم من رؤيتهم لفترات طويلة ولم تكن ترى والدها ولكنها لم تهتم.
في يوم الحفلة ذهبت هديل للشقة الثانية التي سوف تعيش بها مع حسام ولم تنكر جمالها أبدا، كانت بالطبع في منطقة راقية وذات ديكور عصري ولكنه في ذات الوقت بسيط ولا تغلب عليه البهرجة ذات طابع مريح وألوان هادئة أعجبت بها هديل على الفور فهي شبيهة بالبيت الذي كانت تحلم في يوم أن يكون بيتها.
وجدت مجموعة من الفتيات في انتظارها منهم من سيصفف شعرها ومن سيضع لها مستحضرات التجميل، اختارت هديل أن تطل بمظهر بسيط ولكن جميل يعبر عن ذاتها وارتدت فستان حرير جميل من اللون الأبيض انساب على جسدها بسلاسة وجعلها تبدو كالأميرة، كمان وضعت حجابًا بسيط تعلوه قبعة فرنسية صغيرة من الدانتيل بشكل جانبي أعطاها مظهر أنيق ليعطيها ذلك في النهاية مظهر العروس، حزنت من عدم تواجد والدتها بسبب اعتنائها بإياد الذي مازال في طور الشفاء ولكنها قدرت الظروف وقد وعدها حسام باحتفال خاص بهم كعائلة.
كانت هديل قلقة من مظهرها رغم رضاها عن النتيجة النهائية ولكن اختفى ذلك القلق حين لمحت نظرات الإعجاب والانبهار تقديرًا لمظهرها في عيون حسام الذي كان يرتدي بدلة رسمية أنيقة سوداء أبرزت وسامته.
تقدم لها وأمسك يديها بين يديه قبل أن يقبل جبينها بحب وتقدير ثم أخذها لتقابل الضيوف الذي بدأوا في الوفود، ورغم توتر هديل وخوفها من ألا تكون على قدر التوقعات إلا أن السهرة مرت بنجاح فقد كان أصدقاء وزملاء حسام لطفاء ذات لباقة اجتماعية وحين الذين لم ترتح لهم عاملوها باحترام، فقد ما كدرها قليلا هو ظهور سارة التي كان واضحًا في عينيها لهديل الغيرة منها ولكن سرعان ما تناستها.
حين انتهت تلك السهرة وذهب جميع الضيوف بقى حسام وهديل وحدهما مما فاقم من تصاعد توتر هديل وخجلها ففركت يديها بتوتر.
وضع حسام يده خلف كتفها مما جعلها تجفل وتحدق إليه فابتسم لها مستغربًا: مالك يا حبيبتي؟
ابتسمت له بارتباك: مفيش كنت سرحانة بس.
ضحك بخفة قبل أن يذهب بها لغرفة النوم فارتفعت نبضات قلب هديل حتى خشيت أن يسمعها.
وقف أمامها يتأملها بحب ثم عانقها بقوة، أغمضت عيونها بشعور من الارتياح والسلام يجتاحها.
بعد لحظات فتحت عيونها بتعجب حين أحست بشيء يبلل جانب حجابها فابتعدت قليلا عنه لتصدم برؤية الدموع في مقلتيه والمنحدرة على خديه.
وضعت يديها على خديه قائلة بذهول ممزوج بالقلق: حسام أنت بتعيط؟ هو فيه حاجة؟
هو رأسه بالنفي وابتسم بألم: برغم كل السعادة اللي حاسس بيها دلوقتي إلا أنه كمان مش مصدق أنه حلم عشر سنين أخيرا اتحقق الحلم اللي فكرت في يوم أنه خلاص ضاع واندفن ولازم أدفن قلبي وراه، بعد موت أمي الله يرحمها قفلت على قلبي كل حاجة ورميت نفسي في الشغل بس ده عمره ما منع إحساس الوحدة الصعب اللي كنت فيه ولا كل مرة بشوفك حتى لو صدفة وافتكر أنك ملك راجل تاني كنت بتوجع أوي مع أني ببقى مفكر أنه مبقاش فيه حاجة تأثر فيا خلاص، الحلم اللي حلمناه مع بعض اتحقق والبيت اللي اتمنينا يجمعنا أخيرا جمعنا وبرغم كل ده مش قادر أصدق أنه خلاص بقيتي معايا وبين إيديا خايف أكون بحلم واصحى في لحظة على نفس الكابوس واكتشف أنك لسة بعيدة وأنا لسة وحيد وقلبي خالي من غيرك.
ارتعش قلبها من حديثه والتمعت مقلتيها بالدموع لقد عبر عن مشاعره التي في نفس الوقت مشاعرها ونفس المخاوف التي تنتابها، لم يكف حسام عن غمرها بمشاعره وحب وحنانه منذ تزوجته وقبلها أحاطها براعيته في أزمتها وأقل شيء تفعله الآن هو مبادلته وإعطائه شيء من الحب الذي أحاطها به لذلك تحدت مخاوفها ومررت يدها على خده وحرصت على أن تنظر له تُظهر له قلبها في عينيها قائلة بصوت متحشرج من التأثر: حسام أنا مهما قولت مش هقدر أعبر عن اللي جوايا نفسي أقولك كل الكلام اللي في قلبي بس أنا لسة مش شجاعة كفاية بس عايزة أقولك أنا زيك بالضبط مش مصدقة أننا أخيرا مع بعض، كنت مفكرة الحلم ده انتهى ساعتها مكنش هامنني أي حاجة في الدنيا لأني خسرت الإنسان الوحيد اللي حبيته، دلوقتي مش عارفة أقولك إيه غير أني مبسوطة أني معاك وإني بحبك…بحبك أوي.
التمعت عيون حسام بالمشاعر العنيفة لدى سماعها لكلامها فهذه أول مرة يسمعها تعبر عن شيء من مشاعرها بشكل صريح، انتشرت السعادة على وجهه واقترب منها ببطئ فأغمضت عيونها بخجل وترقب إلا أنهما انتفضا بدهشة حين ارتفع رنين الهاتف مفاجئ مما اضطر حسام أن يبتعد عن هديل ليذهب ويرى من يتصل في هذا الوقت المتأخر!
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية أحرقني الحب)