روايات

رواية أبو الرجالة الفصل الرابع عشر 14 بقلم شيماء سعيد

رواية أبو الرجالة الفصل الرابع عشر 14 بقلم شيماء سعيد

رواية أبو الرجالة البارت الرابع عشر

رواية أبو الرجالة الجزء الرابع عشر

أبو الرجالة
أبو الرجالة

رواية أبو الرجالة الحلقة الرابعة عشر

بمنزل بمكان شبه خالي بمدنية القاهرة، ظل نوح ثابتا أمامها يتابعها وهي نائمة بصمت، ربما أنفذ حياتها من بين يديه بآخر لحظة إلا أنه مازال يريد أخذ روحها، جلس على أقرب مقعد وهو بحالة معقدة، ملامح وجه شاحبة وعيون يخرج منها شرارات حمراء، أنفاسه ثقيلة ورأسه بداخلها ضجة وصراخات مكتوبة، أغلق عينيها وتاه بعيدا يتذكر زيجاته السابقة وطلاقه المتكرر عندما تأتي لأي منهن فكرة الإنجاب..
كان يهرب دائماً بحجة الملل خائفا من كشف الحقيقة، حاول العلاج سنوات والفشل حليفه بكل مرة، مؤلم الشعور بالعجز والألم الأكبر من شعور الحرمان، ربما يكون مثل الطير لا يحبذ الجلوس بمكان واحد ولا يعترف بالمسؤولية والأطفال مسؤولية كبيرة هو غير قادر عليها، عندما اكتشف الكارثة أصبح شغله الشاغل مشاهدة أي طفل وضمه لصدره..
سقطت دمعة ساخنة من عينه وهو يؤكد لنفسه أن هذا الحلم مستحيل، حاول أن تعتاد يا نوح إنك لن تسمع كلمة أبي أو تحمل بين يديك قطعة منك أبداً، تعالت شهقاته مثل الطفل الرضيع الخائف بمفرده، رجفة ضعيفة أصابت جسده بالكامل مع نبرة صوتها المختنقة وهي تهمس بأسمه :
_ نوح..
يا ليته قادر على تلك المواجهة يا ليته شجاع حتى ينظر إليها، ضغط على عينيه أكثر يمنعها من خوض تجربة أكثر ألما وهي النظر لعطر، ابتلعت لعابها بصعوبة من وجودها بمكان غير منزلها معه، جسدها بالكامل يؤلمها رغم أنه لم يمد يده عليها، آخر ما تذكرته نعته لها بالخيانة، ضغطه على عنقها حتى فقدت وعيها وفقدت معه الأمل بالحياة، تحاملت على جسدها وقامت من على الفراش مقتربة منه مردفة :
_ نوح..
أخذ الأمر منه عدة ثواني قبل أن يرفع وجهه إليها بإبتسامة حنونة قائلا :
_ يا قلب نوح..
ذهلت من هذا التغيير العجيب وعادت للفراش مرة أخرى بخوف مرددة :
_ إنت طلقتني والا أنا كنت بحلم؟!..
جلس بجوارها على الفراش وقال :
_ أنتِ بجد حامل يا عطر؟!..
إذا فهو طلقها بالفعل، كيف تقول أنها قالت هذا فقط حتى تظل زوجته؟!.. عضت على شفتيها وأكملت كذبتها قائلة :
_ أيوة حامل..
حامل… كلمة بسيطة من أربعة أحرف تمنى سماعها لسنوات طويلة وعندما أتت إليه طعنته، هل تلك الصغيرة بالفعل تخونه؟!.. هل كان أمامها مغفل لتلك الدرجة؟!.. قدر شيطانه على اللعب برأسه ليقول ببرود :
_ مبروك..
_ أنتِ طلقتني يا نوح صح؟!..
للمرة الثانية تعيد الجملة وتتمنى لو كذب عليها وقال ما تود سماعه إلا أنه قال بقوة :
_ طلقتك يا عطر خلينا هنا كام يوم لحد ما فرح فريد وهادية يعدي مش عايزين نبوظ فرحتهم..
جذبته من خلف ملابسه صارخة بعصبية :
_ فرحة إيه فيروز كان عندها حق إنتم عيلة قذرة، أنا لازم أروح أقول لهادية الحقيقة قبل ما تقع فيكم هي كمان..
ضحك ساخرا وأردف :
_ إحنا عيلة قذرة يا زبالة أحمدي ربك إني سايبك لحد دلوقتي عايشة، عارفة أنا ليا مزاج إبنك ييجي للدنيا عشان أخد روحه قصاد عينك..
قالت بتقطع :
_ إنت بتقول إيه عايز تموت إبنك عشان مني؟!..
لا لم يتحمل أكثر من ذلك، سقط بكل قوته على وجهها لتسقط بعدها على الأرض، حاولت أخذ أنفاسها بألم وهي تراه يضغط بساقه محل بطنها مردفا :
_ لو مات دلوقتي هبقي برحمك وبرحمه وأنا مفيش حاجة هتشفي ناري إلا لما أحرق قلبك عليه..
ما تمر به الآن على يده مرعب، ابتعد عنها وهو يشعر بالاشمئزاز لتتكور حول نفسها بنظرات نادمة على هذا الحب، يا ليتها قادرة على العودة بالزمن للخلف أو حتى على الهروب من بين براثنه الآن..
______ شيماء سعيد _____
عند هادية..
خرجت من المطبخ وهي تحمل فنجانا من القهوة ثم دلفت به لغرفة المعيشة لتجد فريد يجلس أمام التلفاز بانتظارها، تنهدت بعمق قبل أن تضع الفنجان أمامه على الطاولة بصمت، أرتشف منه عدة مرات قبل أن يقول بهدوء :
_ طلبتي أننا نتقابل ضروري ومن أول ما دخلت وأنتِ قاعدة ساكتة إسمه إيه ده؟!..
كان التردد على ملامحها واضحا جداً لذلك ابتسم إليها بهدوء يحثها على التحدث لتقول :
_فريد أنا عمري ما طقتك في حياتي كلها وقبل ما فيروز تتجوزك قولتلها إنك هتبقى غلطة عمرها..
صدم من جرائتها أو ليكون أصدق وقاحتها، ومثل العادة لو للوقاحة عنوان سيكون أبو الدهب ورجاله، أومأ إليها ببساطة قائلا :
_ إحلويت في عينك بعد تجربة فيروز والا إيه؟!..
رسمت على وجهها إبتسامة باردة فهي تعلم أخلاقهم جميعا ثم قالت :
_ لأ كنت بعاند في خاطر بصراحة وبحاول أحرق دمه بس مادام الموضوع دخل في الجد فأحب أقولك أنا مش لعبة خلينا نفضها سيرة أحسن..
رفع حاجبه بسخرية واضحة وأخذ كوب القهوة ليكمله بهدوء، كانت تتابعه بتعجب من هذا الرد، تعتبر هي مجنونة ووقعت بداخل عائلة تربوا جميعا بإحدى المستشفيات النفسية، زفرت بملل قائلة :
_ ها يا فريد رأيك إيه عايزين نخلص بقى..
أخيراً انتهى فنجان القهوة، قام من محله بخطوات بطيئة أغلق التلفاز وبعدها عاد إليها بنفس البطء، مريب هذا الرجل وقدر على إرعاب قلبها، خرجت منها شهقة خفيفة وعادت للخلف وهي تشعر بشفتيه تضع قبلة أعلى رأسها هامسا وهو يأخذ أكبر قدر من رائحة عطرها :
_ من أول مرة شوفتك حبيت عنادك قوي وكنت أتمنى أروضك إلا إني وقتها كنت جوز أختك، دلوقتي الفرصة دي جات ليا على طبق من ذهب يا هادية ومش ناوي أحلك إلا لما أحس إني عايز كدة، عايزك باقي الأسبوع ده تهتمي بصحتك كويس جداً وتفكري إزاي تكوني زوجة مطيعة للدكتور فريد أبو الدهب..
هذا الرجل مريض نفسي.. تعترف أنه قدر بكل بساطة بث الخوف بأعماق قلبها، أبتعد عنها وبداخله شعور بالانتشاء رهيب، يعترف أنها أول فتاة تقف أمامه وهذا ما جذبه ليخوض تلك التجربة معها، غمز لها بطرف عينه مردفا :
_ هي القطة أكلت لسانك والا إيه؟!.. عايز أسمع صوتك..
_ أنت طبيعي؟!..
خرجت نبرة صوتها مهزوزة، أومأ إليها وهو ينظر إلى ساعته قائلا :
_ تعرفي يا هادية لو كنتي بتخافي كان هيبقى أفضل لك بكتير، أنا عايزك تفضلي على نفس القوة اللي أنتِ فيها دي لحد ما تعيشي في حضني وقتها بس هتعرفي فايدة الخوف في حياة أي بني أدم..
أستطاع إحياء روح الاستفزاز بداخلها لتقف أمامه بقوة مردفة :
_ روح أتعالج يا فريد هيبقى أفضل لك كتير من الحالة اللي أنت فيها دي، وعايزك تأخد بالك كويس أوي أنا مش فيروز اللي رسمت عليها الحب لحد ما دابت فيك،، أنا هادية..
_ ما أنا عارف إنك هادية ويمكن متحمس جداً للموضوع عشان أنتِ هادية..
عادت للصمت من جديد وهي تجد نفسها بالفعل تائهة بعالم بعيدا عنها كل البعد، ربما الأفضل لها الآن هو إعلان الاستسلام والفرار، همست بتردد :
_ فكرة إن خاطر عايزني مش فارقة معاك للدرجة دي؟!..
ألقى عليها نظرة سريعة ثم أرسل لها قبلة بالهواء وهو يأخذ أشياءه الموضوعة على الطاولة بعجل مردفا :
_ أنتِ اللي مش فارقة مع خاطر يا هادية..
______ شيماء سعيد _____
بمشفى فريد انتهت فيروز من يومها أخذت نفسا أخرجته بإرهاق من أعماق قلبها قبل أن تخلع زيها الطبي وترتدي حذائها الرياضي، أنتفض جسدها وهي ترى باب الغرفة يُفتح وتدلف منه المساعدة الخاصة بها ويبدو عليها الهلع، رفعت حاجبها بتعجب قائلة :
_ في إيه يا مريم وشك بيقول إنك عاملة مصيبة أو حد بيجري وراكي..
ابتلعت مريم لعابها بصعوبة ونظرت للخارج قبل أن تقول وهي تضع كفها على صدرها بمحاولة يائسة منها لأخذ أنفاسها بطريقة صحيحة :
_ موسى الراوي هنا والمستشفى مقلوبة..
سمعت هذا الإسم من قبل ولما لا فهو أكبر رجل أعمال على مستوى عالمي ولكن سبب شهرته الحقيقة زواجه من الفنانات الأكثر أنوثة وجمالا وهذا يجعله دائماً محطا للأحاديث، وما يزيد الأمر جماله الخاطف للقلوب، لديه أكثر من ثلاثين مليون متابع عبر حسابه الخاص على تطبيق الانستقرام، تحمست كثيرا وقامت من محلها بطفولية شديدة تود أن تراه على الحقيقة فقالت :
_ طيب ومالك مرعوبة كدة ليه وسعي عايزة أشوفه على الحقيقة..
أجابتها مريم :
_ مفيش داعي تطلعي من مكانك هو هييجي لحد مكتبك ده جاي عشانك مخصوص..
تجمدت ساقيها بالأرض وقالت بتردد :
_ جاي عشاني أنا مخصوص إزاي هو يعرفي منين أصلاً؟!..
_ إمبارح إبنه كان هنا مع أخته وأنتِ كشفتي عليه مش عارفة حصل إيه عشان ييجي هو بنفسه النهاردة ومعاه جيش حراسة وبيسأل عنك..
ارتعبت من الفكرة، هل حدث للصغير شيء وأتى هنا حتى ينتقم منها؟!.. اللعنة عليكِ فيروز ما هذا الهراء يبدو أن الروايات خربت عقلها، تعلقت بذراع مريم مردفة بتوتر :
_ هو دكتور فريد هنا وإلا لأ؟!..
_ لأ يا دكتور مشي من نص ساعة كدة..
من سينقذها إذن؟!.. للمرة الثانية يتم فتح باب المكتب بلا إذن ولكن تلك المرة دلف خمسة من الرجال يبدو أن لعبتهم المفضلة الملاكمة، عدت خطوة للخلف بخوف لتجد ساقيها تجبرها على الجلوس على أقرب مقعد،يا الله ما هذا؟!..
نعم هو يا سادة ” موسى الراوي ” دلف لغرفتها بطلة مهيبة، وقور، ضخم، وسيم، قوي، مرعب، جذاب، رجل ساحر بالمعنى الحرفي للكلمة، لديه قوة خارقة تجبر من أمامه على الخضوع إليه، أشار للرجاله بالخروج مردفا ببحة رجولية مميزة :
_ خدوا الآنسة معاكم واستنوا على الباب برة..
نظرت لمريم حتى تظل معها ولكن الأخرى خذلتها وخرجت مع الرجال كما أمر، تعلقت عيناها بالباب متوترة ليمد يده إليها قائلا بوقار :
_ موسى الراوي..
مدت كفها المرتجف بين يده ثم قالت ببعض السكينة :
_ اتشرفت بحضرتك أنا دكتورة فيروز، لو في حاجة أقدر أساعدك فيها مش هتأخر أبداً..
أومأ بحركة بسيطة من رأسه ثم جلس على المقعد المقابل لها مردفا :
_ سادة.
_ نعم؟!..
_ قهوتي سادة..
_ اه تمام طبعاً يا فندم ثواني..
جذبت سماعة الهاتف من المكتب وقالت :
_ واحد قهوة سادة ..
ليجذب منها الهاتف قبل أن تكمل حديثها قائلا بنفسه :
_ واحد قهوة سادة وواحد عصير ليمون..
أغلق الخط وعاد بنظره لها لتردف بتعجب :
_ لمين عصير الليمون ده؟!
أجابها بإبتسامة جذابة جعلتها تتأمل ملامحه رغما عنها :
_ليكي شكلك متوترة جداً الليمون هيهدي أعصابك وهتقدري تتحكمي في جسمك اللي بيترعش ده..
زاد توترها مع حديثه يا ليته لم يبرر، وضعت كفها على وجهها وفركته لعدة ثواني قبل أن ترفع نظرها إليه مردفة :
_ بيقولوا إن حضرتك طلبت تشوفني مخصوص خير؟!..
_هيبقى خير لو فكرتي كويس يا دكتورة..
_يعني إيه ؟!..
_ إياد إبني حضرتك شوفتي حالته بنفسك وأنه للأسف البرد تاعبه جامد، كل اللي محتاجة منك تبقي معاه طول الشهر الجاي تاخدي بالك منه طول فترة سفري..
نظرت إليه مردفة بذهول :
_ هي دي مشاكل الأغنياء اللي بيقولوا عليها، إبنك عنده شوية برد هتحجز له دكتورة شهر؟!..
أجابها بنبرة غريبة لم تفهمها :
_ والله أنتِ اللي عملتي كدة الواد عجبته الحقنة من أيدك هنعمل إيه قدرك تقعي في سكتنا..

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية أبو الرجالة)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى