روايات

رواية أباطرة الغرام الفصل الثاني 2 بقلم آية محمد رفعت

رواية أباطرة الغرام الفصل الثاني 2 بقلم آية محمد رفعت

رواية أباطرة الغرام الجزء الثاني

رواية أباطرة الغرام البارت الثاني

رواية أباطرة الغرام الحلقة الثانية

تعجبت ياسمين من عدم وجود أحدٌ بمكتب السكرتيرة، فتقدمت من مكتب شقيقها، وما ان فتحت الباب حتى وجدت السكرتيرة ملقاه على الأرض، رمشت باهدابها عدة مرات بذهولٍ، في حين لاحظ عصام وجود شقيقته ليتخطى تلك الملقاه أرضًا كي يستقبل شقيقته مرددًا بحب:
_ياسمين… تعالي يا حبيبتي.
تقدمت منه ولا تزال الدهشة تعلو وجهها،فاتجهت إليه وعينيها مسلطة إلى السكرتيرة المُلقاة على الأرض، ورددت بتوترٍ :
– ها!؟…أنا هاجي لك في وقت تاني يا عصام تكون فضيت، عن أذنك.
تعجب عصام من طريقتها، واردف سريعًا قبل أن تغادر بدهشة:
_ استني في إيه يا بنتي أدخلي؟!
عادت ياسمين مرة أخرى ولكنها كانت ترتجف بشدة، تتطلع لشقيقها بخوفٍ، في حين تعالى صوت رنين هاتف عصام، فامسك هاتفه يردد بحنو:
_ثانية واحدة بس يا حبيبتي هرد على المكالمة دي وأفضى ليكِ.
حركت رأسها ببطء، حينما شعرت بطريقته الحنونة معاها، مردفة ببسمة صغيرة علت ثغرها:
– براحتك يا حبيبي.
ذهب عصام بالقرب من النافذة كي ينهي مكالمته، في حين دلف أسر إلى المكتب يردد بمرحٍ:
_أنا جيت… ياسمين أنتِ هنا؟، أنا بدور عليكِ في القصر من الصبح.
ضحكت على طريقة شقيقها المرح، ثم أجابته بهدوءٍ متبسمة:
_ أنا صحيت من بدري يا آسر ، أنا لسه هنام لحد دلوقتي زيك.
لكزها أسر في كتفاها بغيظٍ، يردد ببعض الخوف:
_بس يا بت عصام هيسمعك.
ضحكت ياسمين على طريقته، تردف ببعض السخرية:
_خايفة يا بيضة؟
وضع أسر يده على فمها يغمغم بغيظٍ:
_اسكتي هيسمعك!
انهى عصام مكالمته واستدار فوجد أسر يكمم فم ياسمين، ليردف مُستهزئًا :
_أهلًا وسهلًا، ما لسه بدري يا بيه؟!
_آه يا خالد لحقت تبلغ عني!
قالها آسر بين نفسه في غيظٍ من ابن عمه، ثم عاد يرد على عصام بصوتٍ متوتر:
_احم…والله يا عصام يا ابني العربية بتاعتي بعيد عنك فرقعت على الطريق وعلى أما لقيت تاكسي وشاورت وركبت و….
رمقه عصام بنظرة شرسة يحدثه بحدة:
_ بس.. مش عايز أعرف حاجة هتحكي لي قصة حياتك!
تعالى صوت ياسمين بالضحك، وهي تستمع تلك القصص الخرافية التي يرويها الآن، فتوقفت عن الضحك ما أن ردد عصام بحنان:
_إيه يا حبيبتي كنتِ عايزة إيه؟
اجابته ياسمين بخجلٍ:
_بصراحة يا عصام كنت عايزة مبلغ عشان أجيب هدية لندى هي راجعة من السفر بعد يومين وعايزة أجيب لها طقم ألماظ يكون حلو كده ويعجبها.
تحرك نحو خزانة مكتبه ليمنحها المبلغ المراد:
_قولي يا روحي عايزة كام؟!
اتسعت ابتسامتها واجابته بفرحةٍ:
_نص مليون جنيه بس.
جحظت عين أسر بصدمةٍ من هذا الرقم، يردد بصوتٍ ساخر:
_ كله دا وبس!
رمقه عصام بنظرة حادة، يردف بحزمٍ:
_ بس يا آسر.
تراجت آسر بخوف يردد بتوترٍ:
_حاضر.
نظر عصام لساعته، ثم قال بهدوءٍ:
_حاضر يا حبيبتي بليل هيكون معكِ المبلغ.
نهضت ياسمين من مكانها ذهبت إليه وقبلته من جبينه، تحتضنه قائلة بحبٍ أخوي :
– شكراً يا عصوص يا حبيب قلبي، ربنا يحفظك ليا يا رب يا أحلى أخ في الدنيا.
حدثها عصام بغضبٍ مصطنع:
_عصوص مين والله أغير رأي.
تراجعت عن حديثها قائلة :
_على إيه الطيب أحسن سلام بقى، باي يا أسورة.
رمقها بنظر مغتاظة، يردد آسر مشمئزًا :
_مع السلامة يا أختي.
غادرت ياسمين المكتب، فأرتفع صوت عصام يردد بجدية ممزوجة بحزم:
– ها كنا بنقول إيه يا آسر ؟ آه اتأخرت ليه بقي؟
شعر آسر بأنه أصبح مثل الفأر بالمصيدة يهمس بخوفٍ :
_ هو الواحد ميعرفش يكدب خالص عليك يا ستيّر يا رب.
ابتسم آسر ببلاهة يجيبه بصوتٍ عالي :
_كنت نايم يا عم في إيه بقي، الله!
ضرب على المكتب بعنفٍ يهدر بعصبيةٍ :
_عم شايفني واقف أبيع لب وسوداني، ما أنا عارف أنك كنت متزفت نايم… وبعدين أنت مالك فخور أوي كدا ولا كأنك أخدت جائزة نوبل!
أشاح آسر بيده، يجيبه بضيقٍ :
_ولا فخور ولا حاجة ، يا عم أنا جيت هنا غلط والله خلي عند أهلك أنت وابن عمك شويه رحمة.
رفع عصام حاجبه بغضبٍ، يغمغم بحدة :
_آسر أنا مش بهزر فوق أحسن أفوقك.
حاول آسر ان يتصنع القوة، فأردف سريعًا:
_تفوق مين يا حبيبى،؟ أنا فايق أهو ، هو أنا نايم مثلاً على السرير قدامك.
تحولت عيني عصام لأحمر قاتم، يزمجر بصوتٍ شرس:
– أســــــــر!
نظر له أسر برعبٍ يهمس بصوت لا يكاد يُسمع :
– أظن كده العين احمرت، أحسن حاجة نعملها نجري، أجري يا آسر لو عايز تنفد بحياتك.
وبالفعل في أقل من ثواني كان آسر قد خرج من المكتب، اصطدم في نفس اللحظة الذي كان يخرج فيها من المكتب بعمه محمد الذي قال بتعجبٍ:
_ إيه يا ابني براحة، هتموتني فى إيه شوفت شبح ولا أيه ؟
تمتم آسر بمرحٍ ممزوج ببعض الخوف:
_حبيبي يا عمي والله دايمًا بتطلع في الأوقات الصح من غيرك مش عارف هعمل إيه مع أبو لهب وابنه عن أذنك قبل ما يلحقني سلام يا عمو يا عسل أنت.
ضحك محمد على حديثه يردد من بين ضحكه :
_ماشي يا آسر سلام.
ثم عاد يسترسل بهمسٍ :
– أمال لو عرف إن الصفقة اللي خسرت كانت بسببك هيعمل فيك إيه ربنا يستر.
مر وقت كان كفيل بأن تنقلب الشركة رأسًا على عقب، يهدر عصام بصوتٍ مخيف :
_إزاي الصفقة خسرت بالبساطة دي؟
اجابه عادل برعبٍ:
_والله يا فندم الصفقة دي الاستاذ آسر هو اللي كان مسؤول عنها.
بدأ موج عيني عصام الأزرق يشتعل غضبًا:
_نهاره مش معدي النهاردة، ابعت لي الغبي دا حالاً على مكتبي.
حرك عادل رأسه في ايجابية، يردد سريعًا كي يفر من أمامه :
_حاضر يا فندم.
**************
بمكتب أسر..
كان يجلس وهو يضع قدمًا فوق الأخرى على سطح المكتب ويتحدث مع سها بالهاتف فأردف آسر بمحاولةٍ لاسترضائها:
_يا حبيبتي خلاص بقي متزعليش أنا آسف أنا اللي فيل مبسوطة؟!
عبست ملامح سها تردد باستياء:
_آسر احترم نفسك وبلاش لفظ حبيبتي وكلام ده قبل الجواز وأتفضل أقفل أحسن ما أقفل أنا في وشك ، وعلى فكرة يا آسر أنا زعلانة منك ماشي.
تعجب أسر من طريقتها، ليتسأل بحيرةٍ:
_طيب ممكن أفهم في إيه ما أحنا دايما من يوم خطوبتنا وحتى قبل خطوبتنا كنا بنتكلم مع بعض في إيه بقي حصل جديد ؟!
اجابته سها وهي تتذكر كلام عمها:
_عمو محمد قال لي نقلل كلام مع بعض عشان كده حرام والتجاوزات بينا قبل الجواز وفي فترة الخطوبة حرام ومش ينفع كده.
حرك أسر رأسه متفهمًا، ثم أردف بحيرةٍ لا تزال عالقة به:
_تمام فهمت، خلاص بلاش نتكلم مع بعض عشان مش ناخد ذنوب وربنا يغضب علينا، المهم أصالحك إزاي بقي، أجيب لكِ ورد؟!
لم يستمع لردها في الطرف الآخر، رفع الهاتف عن أذنه ليجدها قد انتهت الاتصال ، ودَّ معاودة الاتصال بها مرةً أخرى ولكنه تذكر كلامها وقرر بالفعل عدم التجاوز معها قبل عقد القرآن ، ولكنه يريد أن يصالحها فهي بالتأكيد حزينة منه فقال بصوتٍ عالٍ ولم يلاحظ الذي دخل في نفس الوقت يستمع ما يحادث به نفسه:
_آسر…
_طيب أجيب لها ورد؟!
علق عادل باستهزاء:
_الورد ده تجيبه على روحك إن شاء الله.
انكمشت ملامح أسر في غضب يردد بغيظٍ :
_أنت مجنون ولا إيه، فصلتني من اللحظة الرومانسية دي.
ناطحه عادل بالحديث يردد بغضبٍ:
_احترم نفسك إيه مجنون دي كمان، وحضرتك اللي هتنفصل من الدنيا كلها.
قطب جبينه بتعجب متمتمًا بعدم فهم :
_أتكلم عدل يا عادل.
ابتسم ساخرًا عليه، يجيبه بسخطٍ:
_وفر طول لسانك ده لبعدين لما تتكلم قدام عصام، يا محترم عصام عرف باللي عملته في الصفقة الأخيرة.
لطم آسر على صدره يهتف بحسرةٍ:
_يا ربي عليك يا أسر، يا صغير على الموت يا آسر كنت لسه صغير يا أسر..
**************
بـ مكتب خالد..
فقد كان يعمل على حاسوبه المحمول أمامه، قاطع اهتمامه بالعمل عندما وجد الباب يُفتح بقوة جعلته ينظر بخوفٍ لمن يفتح الباب بهذه الطريقة وفي أقل من ثواني وجد آسر يجري إليه ويحاول الهروب في أي مكان لا يره فيه أحد.
تحدث آسر كأرنبٍ مذعور:
_خبيني يا خالد بسرعة الله يكرمك.
مسح خالد وجهه بحتقٍ ثم قال بنفاذ صبر:
_عملت إيه المرادي يا محترم؟ عملت إيه يا آخرة صبري؟ بابا ولا عمي ولا…؟؟
حرك آسر رأسه بايجابية يردد :
_بالضبط كدا ولا ده.
حدق به خالد في غيظٍ، يتمتم بحنقٍ:
-حسبي الله ونعم الوكيل بجد فيك يا أسر، ملقتش إلا عصام، أنطق عملت أيه يا ابني ؟!
نظر أسر يمينًا ويسارًا يحاول ايجاد مكان كي يختبئ به، يردف برعبٍ:
-مش وقته الله يكرمك خبيني بسرعة وبعد كده ابقي أعمل اللي أنت عايزه براحتك.
كاد خالد أن يخبره بمكانٍ، ولكن سبقه أسر يفتح خزانة يلقي جميع الكُتب الموجودة بها ثم دلف بداخل الخزانة في لحظة، لم يستطع ان يخبره بأن هذه الخزانة شفافة ويمكن ان يراه عصام، عجز خالد عن الحديث ما أن رأى عصام أمام وجهه يردد بنبرة حادة:
– أي يا خالد مشفتش أسر ؟!
لم يستطع خالد الحديث بأي شيء، بعدما علم خدعة صديقه، أكمل عصام بخبثٍ وهو ينظر بطرف عينيه إلى الخزانة التي بها أسر :
-طيب أنا ماشي دلوقتي يا خالد عشان الاجتماع ولو شفت أسر ابعته لي فورًا على مكتبي.
ذهب عصام إلى الباب وفتحه ثم أغلقه فظن أسر أن عصام قد خرج من المكتب؛ لذلك خرج من الخزانة وهو يحمد الله على نجاته من يد البوص كما يطلقون عليه، ثم قال أسر بمرح كعادته :
-كويس أن أبو لهب مشي تعال يا خالد طلعني لحسن اتحشرت الخزانة ده عسل ربنا يكتر من أمثالك يا شيخة.
بقى خالد لا يتحرك من مكانه، يستمع لحديث أسر الأبله، في حين اكمل أسر بتعجب :
– أنت واقف كده ليه يا جدع؟ ألحقني بقول لك اتحشرت!
تقدم عصام منه يقف امامه بعينان تطلقان شرار، يردف بكلماتٍ متوعدة :
– سيبك منه أنا هساعدك يا حبيبي، تعالى.
ما أن سمع أسر صوت عصام حتى على وجهه صدمة، فعصام ما زال بداخل الغرفة هو فقط كان يخدعه ويجعله يظن أنه رحل، أما عن خالد فحاول الكلام ولكنه صمت بسبب نظرات عصام النارية وكأنه يخبره إن فتح فمه فله عقاب مثل عقاب أسر ولكنه عندما وجد عصام يقبض على التي-شيرت الخاص بـ أسر لم يستطع كتم ضحكته وأنفجر من الضحك على أسر وما يفعله.
حاول أسر الحديث بصوتٍ متوتر :
-أهدي يا عصوص يا حبيبي مش كده، يحصل لك حاجة وبعد الشر يعني يجي لك شوجر ولا حاجة وأنت صغير وعسل.
ثم أكمل بصراخ لخالد الذي يضحك:
– ألحقني يا خالد حسبي الله ونعم الوكيل بجد فيك، بتضحك علي إيه، ده وقته؟!
رمقه عصام بنظرة غاضبة، يردد بنفذ صبر :
– كل مرة تعمل كارثة تيجي تستخبي عند خالد واجيبك من نفس الخازنة.
بقى أسر لبضع من الوقت يفكر بحديثه، ثم قال وهو يحرك رأسه بايجابية:
– تصدق عندك حق لازم المرة الجاية أشوف مكان جديد، استخب فين مثلًا ممكن عند عمي أو أبو حميد ، صحيح مش أخدت بالي منها خالص ، يالا المرة الجاية بقي.
حاول خالد التحكم فى ضحكته ولكن بعدما سمع كلمة أسر الأخيرة فانفجر فى الضحك بشدة، أما منحه عصام نظرة غاضبة يهدر بصوت عالي :
-هو لسه في حاجة تانية، والله نهايتك علي أيدي يا أسر.
ارتعب أسر بشدة يردف بصوتٍ ملتاع :
– يا عصام الرجل صعب عليا ما إحنا كل مرة بنكسب الصفقة ده الراجل وهو بيحكي لي كان هيعيط فقولت أديله فرصة يفوز مرة من نفسه يا جدع.
حدق به عصام في محاولة لاستيعاب ما يقوله، ثم دفعه بقوى يغمغم بغضبٍ جامح :
– لا كده كتير خد الود ده يا خالد أصل والله أقتله!
نظر له أسر بضيقٍ، ثم اردف بصوتٍ حانق:
– يا جدعان مش ينفع اللي بتعملوه فيا ده والله، أنا فنان تشكيلي، ماليش في شغالكم ده هاتلي لوحة وألوان هطلع لك أحلى شغل، أرسم خلقة أهلك دي على علب السجاير الناس هتخاف تمسك العلبة ومش هتشرب سجائر تاني.
ثم استرسل حديثه بضحكٍ:
– شوفت أنا هساعد الناس إزاي؟!
نظر عصام له بشرارٍ يتطاير منه، يردف بنبرة تحذيرية:
– أسر!!
رفع أسر يديه الأثنتان، يردد باستعطاف:
-خلاص سماح يا معلم وبعدين أنا أخوك حبيبك ينفع حد من الموظفين يشوفني بالوضع ده أنت لو قافش حرامي غسيل مش هتمسكه كده، برستيجي هيضيع يا عصام، الله.
كان عصام على وشك ارتكب جريمة شنيعة به، ولكن تدخل خالد على الفور قبل أن تنفلت أعصاب عصام ليفر أسر سريعًا هاربًا من أمامه، تعالى صوت عصام يهدر بنبرة محتقنة:
– والله هقتلك يا أسر، تعالى هنا يا جبان.
جلس عصام على إحدى المقاعد بتعبٍ، ثم تطلع نحو خالد يردد بنبرة مجهدة :
– أنا تعبت من الواد ده أما بشوفه ضغطي بيعلي لوحده.
حاول خالد تهدئته ببضع كلمات لعله يخفض من هذا الغضب قليلًا يردد بهدوءٍ:
-أهدى يا عصام متعملش في نفسك كده.
منحه نظرة غاضبة من أسر، يرد بانفعالٍ:
-نفسي يتحمل المسؤولية، ده كل حياته استهتار، انا زهقت كل حاجة يقلبها هزار وضحك.
تنهد خالد قليلًا، فهو على يقين بما يفعله أسر ولكنه قال بهدوء يعتريها رزانة :
– أديله فرصة يا عصام لسه متخرج من الجامعة وبعدين هو بيحب الرسم ونفسه بيقي فنان
رمقه بنظرة ساخرة، يشير نحو خروج أسر مرددًا بسخطٍ :
-بالله عليك يا شيخ دا منظر رسام؟!
ضحك خالد على طريقته ثم أجاب محاولًا كتم ضحكته:
– بصراحة لاء.
أسترسل عصام حديثه بسخطٍ يزداد:
-شوفت بقي ، يبقي أقتله وأخلص واستريح وأريح البشرية منه.
ضحك خالد عليه، ثم حمل بعض الأوراق، يحدثه بجدية واضحة:
– سيبك منه يالا عشان الاجتماع بدل ما أبوك ينفخونا.
نهض معه، يرد بسخرية:
-في دهرك!
****************
بغرفة الاجتماعات..
كان “أحمد الدالي” جالسًا مع وفد من إيطاليا ومعهما شقيقه “محمد الدالي” ومجموعة من الموظفين والمهندسين المسؤولون عن المشروع، جميعهم يضع تركيزه فيما يقوله حتى دلف أسر يصدر ضجيج عالي يفسد به الاجتماع، يركض للداخل يصرخ بصوتٍ عالي:
– ألحقني يا عمي ، هيقتلني ألحقني.
انتفض محمد من مقعده ما أن رأى طريقة أسر الملتاعة بالركض، يتسأل بتعجبٍ :
-في إيه يا أسر ومين ده اللي هيقتلك؟!
أسرع كي يختبئ خلفه يجيبه بخوفٍ:
– ابن أبو لهب اللي واقف جانبك ده.
رمقه أحمد بنظرة حادة، يردف بحزم:
– ولد احترم نفسك.
منحه أسر بسمة باردة، يردد :
– هو كل ما تشوفني تقول ولد احترم نفسك، أنا ابنك يا حج، الله.
ثم أقترب أسر من أحمد وهمس في أذنه بصوتٍ لا يسمعه أحد :
– أبو حميد أوعي تكون خونت ماما العسل مع هنية الشغالة وجبتوني وأنت بتربني أنت وابنك أبو زيد الهلالي ده عشان الورث أنا ممكن أتنزل من غير ضرب ولا قتل.
امسك أحمد رأسه من كلمات أسر التي كادت أن تفجر عقله يصرخ به :
– دماغــــــــــي برة يا أسر أحسن أنا اللي أقوم أقتلك!
دلف عصام ولكنه سمع صوت والده وهو يصرخ، فاردف بتعجب:
– في أي يا بابا مالك ؟!
نظر له أحمد وكأنه وجد طوق نجاة وأردف بصوتٍ متعب يحمل بطياته الغيظ:
– أخوك جاب لي الضغط والسكر وكل حاجة ممكن تجي الحمد لله حسبي الله ونعم الوكيل فيك يا أسر يا ابني.
رمقه عصام بنظرة شرسة ثم قال بصوتٍ مغتاظ :
– ما أنا قلت أقتله محدش سمع مني.
اتسعت عين أسر في صدمةٍ، ثم قال وهو يفتح الباب:
-أنا لسه ممشتش، أستني طيب لما أمشي وأتكلم عليا.
شعر محمد بتأزم الموقف فأردف بصوتٍ هادئ لابنه خالد:
– خالد خد ابن عمك يا ابني واقتله، قصدي خليه يروح وأتأكد بنفسك أنه دخل القصر.
رفع خالد حاجبه باستنكار يتمتم بغيظٍ:
– إيه يابابا ، ناقص تقولي أكله وأغسل له أسنانه بالمرة! أنا عندي اجتماع مهم ومش فاضي للعب العيال ده.
عاد محمد يتمتم بتحذير:
– أسمع الكلام يا بني دا عصام لو فقد أعصابه هيقتله بجد.
تنهد خالد بيأسٍ، ثم أردف بطاعةٍ:
– حاضر يا بابا أتفضل يا أخرة صبري.
قطب أسر جبينه، يردد بضيقٍ :
– أنت بتتكلم كده ليه يا بني آدم أنت، ده بدل ما تشكرني أن بسببي أخد أجازة!
عبست ملامح خالد، ثم قال بنفذ صبر:
– شكر!ا لخدمات سيادتك.
***************
توقفت السيارة الخاصة بخالد أمام قصر الدالي، يترجل منها الأثنان بهدوءٍ، ثم دلفا سويًا لتستقبلهم آمال باحترامًا شديد، ولكنها تعجبت من عودة خالد لتتساءل بحيرة:
-إيه يا خالد يا حبيبي جيتوا بدري ليه؟!
نظر خالد إلى أسر بغيظٍ ثم قال وهو يصعد الدرج:
– الأستاذ هيفهم حضرتك، سلام.
سار خالد باتجاه غرفته ولكنه قابل ابنة عمه ” ياسمين” حب طفولته الخفي، تمنى أن تكبر سريعًا كي يتقدم لها وها هي الآن باجمل طلتها، فاق من شرود تفكيره بها فقد تركته ودلفت لغرفة “ندى” شقيقته، استمع لصوت أشياء تصطدم ببعضها نظر بها فوجدها تحاول ترتيبها وهي تنظف غرفة ندى لتكون جاهزه لإستقبالها
ابتسم خالد بحنو، يردد بنبرة هادئة:
– أزيك يا ياسمين، أخبارك إيه ؟!
اجابته ياسمين بخجلٍ شديد :
– الحمد لله تمام، وأنت؟
اجابها ببسمة صغيرة:
– تمام،
ثم أضاف متسائلًا بتعجبٍ:
_ بتعملي إيه في أوضة ندى؟!
نظرت ياسمين للغرفة ببعض السعادة ترد بفرحةٍ ملأت صوتها:
– كنت بنضفها عشان ندى لما تيجي تكون الأوضة جاهزة وتعرف تقعد فيها.
قطب خالد جبينه بدهشة، يردف بحيرةٍ:
– طيب ليه مش قلتِ لحد من الخدم ينضفها؟!
اجابته ياسمين بحبٍ :
– دي أوضة ندى أختِ وأنا بحب أعمل لها كل حاجة بنفسي.
حرك رأسه متفهمًا حديثها ثم أضاف سؤالًا آخر:
– أنتوا لسه على اتصال ببعض!.
حركت ياسمين رأسها في ايجابية تجيبه بسعادة:
-طبعًا ندى ده أختِ، أنا أصلًا منتظرة معاد وصلها بفارغ الصبر، عن أذنك بقي أروح أكمل اللي ورايا.
***************
عادت ياسمين تكمل باقي عملها ولكنها شعرت بأنها تجاوزت حدها مع خالد وبقت لوقتٍ طويل معه، بدأت تستغفر ربها لعلها تزيل هذا الذنب ونهرت نفسها على ما تفعله فيجب وضع حد لمن هم ليسوا من محارمها، خفق قلبها بتوترٍ، عندما عاد خالد يناديها، فاخذت نفسًا عميقًا ثم اتجهت نحوه مرددة بجدية:
– أفندم يا أستاذ خالد.
شعر خالد ببعضٍ من الغضب ما أن وجدها تقف قبالته دون حجابها، خصلات شعرها الناعمة متمردة على عينيها وكأنها تدعوه لتأملها بإغراءٍ، فاردف محاولًا التحكم بذاته :
– بعد كده أبقي خلى بالك، انتي مش عايشة مع أخواتك بس بالبيت!
تجمعت الدموع بحدقتيها، طريقته الفظة بالحديث جعلتها ستبكي على الفور، اردفت سريعًا كي تفر هاربة من أمامه باكية:
– آسفة مأخدتش بالي.
انطلقت نحو غرفتها تبكي بشدة، في حين وقف خالد ينظر بغضب شديد في فرغ يردد بكلماتٍ يعنف بها ذاته:
– إيه اللي أنا عملته ده، المفروض اتكلم معاها براحة، أكيد هي مش أخدت بالها، استغفر الله العظيم، أنا لازم أكتب كتب الكتاب قريب عشان كده مش هقدر استحمل…
ابتسم لهذه الفكرة التي روادته فجأة وقرر أن يجعلها حلاله.

يتبع…..

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية أباطرة الغرام)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى