روايات

رواية وهم على هيئة قدر الفصل السابع 7 بقلم ميادة زكي

رواية وهم على هيئة قدر الفصل السابع 7 بقلم ميادة زكي

رواية وهم على هيئة قدر الجزء السابع

رواية وهم على هيئة قدر البارت السابع

وهم على هيئة قدر
وهم على هيئة قدر

رواية وهم على هيئة قدر الحلقة السابعة

بصلي بضيق ونبرته كانت كلها استفزاز وقال:
ـ لولا إني عارف إن أخويا مات قبل ما يربيكي، كان زمان ليا معاكِ تصرف تاني… بس أنا عارف إنك لا متربية ولا محترمة.
رفعت عيني له بعصبية وانفجرت فيه:
ـ لأ، أنا محترمة وأبويا رباني غصب عنك! انت اللي معندكش أصل، وكل اللي بتعمله إنك بترجع تستنزفنا كل شوية…و تتعب في أمي اللي حاربت وبُعدت عنكم، ورفضت تحطنا في دايرة مشاكل مالناش فيها!
دموعي بدأت تنزل، بس كنت بحاول أتمالك نفسي وأنا بكمل:
ـ كان نفسها تعيش بسلام… كانت بتحارب وبتشتغل عند الناس علشان تأكّلنا! مع إن أبويا سابلها فلوس كفيله تعيش ملكة، بس طمعكم وجشعكم خلاكم تاكلوا حقها… وسبتوها تتذل للي يسوى ومايسواش!
نبرتي اتحولت لحزن وقهر:
ـ تعرف يا عمي… أنا بكرههم، وبكره ستي، وبكره كل حاجة ليها علاقة بالعيلة دي، وعمري ما هسامحكم! وبتمنى من كل قلبي أشوفكم بتتذلوا قدامي! ولو شفتكم بتتحرقوا وأنا ف إيدي كوباية مَيّة… هشربها وأنا باستمتع وأنا شايفة النار بتاكلكم زي ما حرقتوا قلب أمي!
اتأثر وسكت لحظة وبصلي، وقال بنبرة مندهشة:
ـ ما كنتش أعرف إن جواكي كل الحقد والسواد ده… إيه ده؟ إيه السواد اللي في قلبك ده كله؟
قلتله بمرارة:
ـ السواد ده أنت اللي ربيته جوايا… بدل ما تبقى سند، كنت قلق وخوف… بجد، حسبي الله ونعم الوكيل فيك.
تنهد وقال بضيق:
ـ أنا مستعد أبعد عنكم نهائي… بس بشرط.
بصيتله وهززت راسي بمعنى “إيه هو؟”
قال:
ـ بعد ما أبوكي مات، فعلاً خدنا كل حقوق أمك… كنت شايف إن حقي أنا، لأني كنت شريكه، وبساعده، وشقيت معاه وهو كان بياخد كل حاجة… ولما مات، حسّيت إنها فرصتي آخد انا كل حاجة وحق تعبي معاه.
اتنهد وكمل:
ـ أمك ست طيبة ومبتحبش المشاكل، فـ اتنازلت، وأنا كنت شريكه في الشركة، واستوليت عليها بسهولة. بس اللي حصل ماكنتش متوقعه… زمان، جه راجل صاحب شركات كبيرة، عرض يشتري الشركة بسعر خرافي، أنا وافقت، بس ابوكِ رفض! وقال تعب فيها ومش عايز يبيع.
وقّف لحظة وكمل:
ـ نفس الراجل رجع تاني دلوقتي، وعايز يشتريها مني… وبضعف السعر كمان.
قلتله من غير اهتمام:
ـ طب وبعدين؟ قصدك إيه يعني؟
رد وهو بيضغط على الكلام:
ـ جيت أمضي العقد، المحامي وقفني… لأن الشريك التاني، اللي هو أبوكِ، كان كاتب نصيبه باسمك. لازم توقيعك علشان البيع يتم.
بصيتله بقرف من استغلاله وطمعه، وقلت:
ـ مش هوقّع… ومش هبيع… تعب أبويا مش هيروح لطمع أخوه!
اتنرفز، وقف، ورفع صوته:
ـ إنتِ إيه يا بنت إنتِ؟! محدش قادر عليكِ!
جزّ على سنانه وهو بيقول بغيظ:
ـ شِئتي أم أبيتي، هتوقعي وهتبيعي… ولو معملتيش كده، هخليكي تيجي بإيدك تتحايلي عليا!
وقبل ما أرد، قال:
ـ هسيبك يومين تفكري… يومين وبس، وبعدها يا نفرح كلنا… يا إما واحد فينا هيعيط.
بصيتله باستفزاز:
ـ بإذن الله… هيكون انت.
خرج من البيت ورزع الباب وراه.
بصيت على ماما، لقيت دموعها نازلة وقالت بصوت مرتجف:
ـ وافقي… بيعوا يا ميرنا، مش عايزين منه حاجة، الراجل ده شراني وهيبيع غصب عنك.
حضنتها وقلت بحزم:
ـ مش هيقدر، من غير توقيعي مش هيقدر يعمل حاجة.
قالتلي وهي بتبكي:
ـ هيأذينا، وهيضغط علينا لحد ما إحنا اللي نطلب منه! أنا مش قده… ولا هقدر أتحمل اشوفك بتتأذَي قدامي.
قلت بحنية وبحاول أطمنها:
ـ طب اهدي بالله عليكي… أنا هفكر، بس صدقيني، محدش هيقدر يأذينا طول ما ربنا معانا . قومي صلي وادعي لنا… ربنا أقوى منه وهيقف جنبنا.
قالت وهي بتبص للسقف:
ـ يارب… خليك معانا يارب.
دخلت أوضتي، اترميت على السرير، وانهارت دموعي.
نفسي حد ينقذني من دماغي… من أفكاري اللي بتقطعني.
كنت بكلم نفسي بصوت واطي وأنا بحاول أهدى:
ـ اهدي يا ميرنا، فوقي… لازم تقفي قصاده، انتِ قدها… والله العظيم قدها! اهدي يا حبيبتي، كل ده هيعدي.
مسحت دموعي، قمت اتوضيت وصليت العصر، وقعدت على السجادة بدعي:
ـ يارب، وقفلي في طريقي اللي يساعدني… أنا ضعيفة، وانت عارفني، خليك معايا وقويني.
وأنا بخلع الإسدال، لقيت رسالة على الموبايل…
من “عمرو”.
تنهدت وأنا بقراها:
ـ إزيك يا آنسة ميرنا، أتمنى تكوني بخير. أنا بعتذر تاني على اللي حصل النهاردة… زعلان فعلًا من كل اللي حصل.
قريت الرسالة، وقلت بغيظ:
ـ هو يوم مقرف فعلاً.
رديت عليه:
ـ محصلش حاجة يا مستر عمرو… يوم وعدى.
شاف الرسالة وبعت فورًا:
ـ ممكن أرنّ عليكِ؟
اتلخبطت شوية، ورديت:
ـ تمام يا فندم.
رن عليا فورًا، وكنت متوترة، وصوتي باين عليه العياط.
ـ ألو؟
ـ أهلاً يا مستر عمرو.
ـ حسيت من كلامك إنك مضايقة… وأنا بجد مش بعرف أشتغل مع حد زعلان مني. محرج أوي من اللي حصل.
قلتله بنبرة متضايقة شوية:
ـ قلتلك حصل خير… الموضوع مش مستاهل. خطيبتك، طبيعي تكون غيرانة.
قالها فجأة:
ـ مالِك؟
الكلمة ديه دايمًا بتخليني أعيط حتى لو مش في حاجة…
ـ بخير… بس مش حابة أدي للموضوع أهمية أكتر من حجمه.
قال بإصرار:
ـ صوتك باين عليه العياط… انتِ مش بخير، وأنا آسف لو بتدخل… بس أنا حاسس بيكي.
ومعرفتش أتمالك نفسي، وانهارت دموعي:
ـ أنا مخنوقة… وتعبت من كتر المشاكل! كل حاجة فوق دماغي، وكل حاجة بتبوظ… وبقنع نفسي إني قدها، بس أنا مش قدها. أنا عايزة أعيش مرتاحة… أنا تعبت، والله تعبت!
رد عليا بصوت هادي ودافي:
ـ تحبي تنزلي نتمشى شوية؟ اعتبريني صديق، واحكيلي. يمكن نلاقي حل سوا.
كنت هاعترض، لكن الحقيقة… كنت محتاجة حد يسمعني.
ـ ياريت.
قال:
ـ طيب يلا… جهّزي نفسك، أنا جاي فورًا.
قومت وأنا بمسح دموعي بسرعة عشان ألبس.
لبست دريس لونه بُني كمّ و لحد بعد الركبة، ولمّيت شعري بتوكة بُني، وحطيت كونسيلر خفيف يداري آثار العياط، ولبست شوز أبيض وشنطة بيضا.
خرجت من أوضتي ورُحت أطمن على ماما، لقيتها نايمة وهي مفرهده من كتر العياط، قلبي وجعني عليها وحسّيت بضيق بيشد على صدري.
نزلت من العمارة لقيته واقف تحت، مستنيني.
استغربت، قولت في نفسي: هو جه بدري كده ليه؟!
ركبت معاه، أول ما دخلت قالي بصوته الهادي:
ـ “حابّة ننزل نتمشى شوية؟ ولا نلف بالعربية؟”
رديت بتعب: “خلينا نتمشى بالعربية، مش قادرة أمشي.”
ابتسم وقال: “ماشي.. نتمشى بالعربية وأنا عارف مكان روعة هنقف فيه، واثق إنك هتحبيه.”
ابتسمت بخجل وقلت له: “شكرًا يا مستر عمرو.”
ضحك بخفة وقال: “إحنا نازلين كصحاب.. ممكن تقوليلي عمرو عادي.”
رديت بعفوية: “أوكيه يا معلم.”
ضحك وقال: “هو آه قولت صحاب، بس مش لدرجة معلم بقى!”
ضحكت، وسرحت فـ الطريق.
وبعد شوية، وقفنا عند البحر. المشهد كان هادي والموج بيحضن الشطّ، وفي شاب وبنت واقفين في لحظة رومانسية.
ابتسمت، وأنا ببصّ عليهم، قام قال وهو بيضحك:
ـ “أنا بحب أووي أقطع اللحظات الرومانسية.. ننزل نبوّظها عليهم؟”
ضحكت وقلت بسرعة: “لا سيبهم، شكلهم عسولين.. نفضل في العربية شوية.”
بصّلي وقال: “قوليلي بقى.. مالك؟”
تنهدت وقلت بحزن: “كل حاجة فوق دماغي، وكل حاجة بتتعقد. انا دايما عندي ثقة في ربنا، بس الحاجة دي بالذات حاسه إني مش قدها.”
بصلي بابتسامة خفيفة وقال:
ـ “لا يُكلّف الله نفسًا إلا وسعها. لو مش قدها، ماكانش حطك فيها.”
رديت: “صح، عندك حق.. بس ساعات الواحد بيتعب من كتر العِراك. نفسي أعيش حياة هادية، من غير صراعات. وده اللي ماما كانت بتحاول توصله، بس الظاهر الدنيا رافضاه.”
سألني باستغراب: “مين اللي معكنن عليكِ حياتك كده؟”
عيوني دمعت وأنا ببصّ بعيد:
ـ “من يوم ما بابا مات، وحياتي اتشقلبت. هو مكانش مجرد أب.. ده كان أماني وسندي وكل دنيتي. زمان، وأنا معاه، ماكنتش بشيل هم حاجة.. وعمري ما نمت زعلانة. ربنا يرحمه، أنا متأكدة إنه حاسس بيا، وان ربنا هيقف جنبي. مليش غيره.”
سألني: “ومامتك؟”
قلت: “ماما مش هتقدر تواجههم لوحدها. زمان هربت منهم عشان ما يأذوناش، ومستعدة تهرب تاني بس منتأذيش.”
سألني بقلق: “مين هما؟”
رديت وأنا ببصّ في الأرض:
ـ “عيلة بابا، وبالذات عمي.. سالم. كان شريك بابا في الشركة، دايمًا كان بيتعبه، وماما كانت دايمًا تحذّره منه، لكن بابا كان بيحبّه عشان أخوه.
ولما مات، كمل أذاه لينا.. بييجي يرمي لنا شوية ملاليم من شركة بابا على أساس إنه بينفذ الوصية.
ودلوقتي… بيهددني، وبيقولي يا إما أتنازل عن الشركة، يا إما يخليني أتنازل غصب عني.”
بصلي وقال بضيق: “الراجل ده اسمه إيه؟”
ـ “سالم السيد.”
بصلي بدهشة: “سالم السيد؟! طيب اسم الشركة إيه؟”
ـ (السيد للاستثمار الصناعي).
ـ “هو إنتِ…!”
استغربت: “أنا إيه؟”
قال بسرعة: “ابويا كان عايز يشتري الشركة دي زمان، وواحد من الشركا وافق، والتاني رفض.
بس اللي وافق كان عمّك، وكان ناوي يرفع قضية عشان يبيع غصب، بس أبوكِ كان معاه النصيب الأكبر، فمعرفش يعمل حاجة.
من كام شهر، كنت بفكر أفتح فرع هنا، وبعت حد يطلب الشرا مره تانية وفعلاً وافقوا. بس اكتشفنا إن الشركة متسجلة باسم بنت الشريك التاني المتوفي ، وهي اللي لازم تمضي.”
اتسعت عيوني وأنا بسمع، وهو كمل كلامه:
ـ “وقتها، عمّك فضّل يزعق ويقول للمحامي إنك مختلة ومتفهميش حاجة، وإنه المسؤول عنك، لكن المحامي رفض.
وقال لازم توقيعك.. وأدانا معاد الأسبوع الجاي نكمل البيع.”
بصتله بقرف: “يعني إنت اللي عايز تشتري تعب بابا؟!”
رد بسرعة: “أنا مكنتش أعرف إنك بنته، ولا إن في رفض من أي طرف!”
سألته بحدة: “دلوقتي عرفِت.. هتعمل إيه؟”
قال بحزم: “طبعًا هلغي البيع.
بس المشكلة إن عمّك ممكن يلاقي مشتري تاني!”
رديت بإحباط: “وده اللي هيحصل.”
فكر شوية وقال: “لازم نوقفه عند حده.”
سألته: “طب إزاي؟”
رد بهدوء: “تعالي نجيب حاجة نشربها، وهفهمك كل حاجة.”
نزلنا على كافيه قريب، طلبت آيس كوفي، وهو طلب قهوة.
قعدنا قدام البحر، والهوا بيرقص في شعري وأنا حاسه براحة خفيفة لأول مرة من زمان.
حسيت إني قرّبت أخلص من كابوس اسمه “عمي”.
البحر قدامنا هادي، بس جوايا كان في موج عالي، بيخبط في كل حتة تعبانه جوا قلبي.
وأنا قاعدة قدامه، ماسكة الكوباية بإيديا الاتنين، كنت بشرب بحذر وسألته بحزن مهما كان اللي هنعمله ـ ” إنت شايف إننا ممكن نكسب؟”
رد بثقة: “لو لعبناها صح، آه. بس لازم نكون يد واحدة.”
ابتسمت له بخفة: “أنا جاهزة..”
وقبل ما أكمل، لقيت صوت جاي من ورايا، بنبرة فيها تهكم واضح:
ـ “جاهزة لإيه بالظبط؟”

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية وهم على هيئة قدر)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى