رواية وقعت في دائرة الشر الفصل الثامن 8 بقلم هبة نبيل
رواية وقعت في دائرة الشر الجزء الثامن
رواية وقعت في دائرة الشر البارت الثامن

رواية وقعت في دائرة الشر الحلقة الثامنة
أطياف الماضي
الساعة تقترب من الثالثة فجرًا…
فرح لم تُغلق عينيها. كانت مُمددة على الفراش في الظلام، مستسلمة لصوت الهمسات المتكررة، ذلك الاسم الذي ظل يطفو على سطح ذاكرتها المحطّمة: “نادر.”
همست لنفسها: “الاسم مش غريب… أنا عارفة الصوت ده، عارفة الإحساس ده… بس مين نادر؟”
نهضت من الفراش كأن النوم لفظها، وتسللت من الغرفة في صمت. تجولت نحو المطبخ، تبحث عن بعض الماء، لكن وهي تفتح الثلاجة، لمحت على الطاولة ورقة حسام قد نسيها… لم تكن نفس الورقة الأولى، بل قصاصة مختلفة، عليها شعار الشركة المشؤومة: “العامري جروب.”
في لحظة، انقبض قلبها فجاة عند ذكر اسم الشركة
في غرفة حسام…
جلس حسام في سريره، محدقًا في السقف بعينين ساهيتين. يدور في رأسه سؤال واحد فقط:
لو افتكرت كل حاجة… هتبعد واحتمال مشوفهاش تاني معقول؟
طرق خافت على بابه أيقظه من دوامة أفكاره. فتح الباب فوجد والده، ممسكًا بكوبين من النعناع الدفئ
عبد الرحمن: “جيت أسهر معاك… شكلك مش ناوي تنام برضو.”
ابتسم حسام، وأخذ منه الكوب: “أهلا وسهلا بالسهرانين في نادي العكننة الليلي.”
ضحك عبد الرحمن وقال وهو يجلس:
“حسام انت حبيت البنت دي؟”
سؤال باغت، وصريح.
سكت حسام لحظة ثم قال بصوت خافت:
“مش عارف يمكن… بس حاسس إنها اتكسرت أوي الموضوع حاسه كبير عليها
عبد الرحمن: “لو قلبك وجعك… يبقى انت وقعت
حسام: تفتكر
عبد الرحمن: باين اوي
حسام ببتسامه مجهده: للدرجادي مفضوح
عبد الرحمن بمزاح ليخفف عن ابنه حمله: بصراحه اوي اضحك بقي الدنيا مش مستهله
حسام: مسابقه كل سنه قربت ويارا مصممه تدخل فرح المسابقه
عبد الرحمن: طيب ما دي حاجه كويسه وايجابيه حتي تخرجها وتخرجنا كلنا من التوتر وضغط الاعصاب ده
في نفس اللحظة…
في الخارج، وقف جاسر على الرصيف المقابل للمنزل، تحت إنارة ضعيفة. يخرج من جيبه سماعة صغيرة، يضعها في أذنه، ثم يشغّل تسجيلًا بصوت عبد الرحمن:
“هي في خطر؟”
“أنا مجبر أحميها…”
جاسر ضغط على زر الإيقاف، وابتسم تلك الابتسامة المائلة وهو يقول لنفسه…
“كويس… كده نقدر نتحرّك.”
في مكان آخر…
في مكتب صغير، وسط أكوام أوراق قديمة، كان نادر نفسه… نعم، نادر، جالسًا في الظل، يتأمل صورة على مكتبه.
صورة قديمة، تجمعه بفرح.
كان ينظر إليها كمن ينظر إلى ماضٍ مات ثم بعث الأمل بداخله من جديد، وقال بصوت خافت:
“لو عرفتي إني عايش… هتفتكري كل حاجة؟”
في صباح اليوم التالي، كان حسام يتحدث في الهاتف بانفعال:
“أيوه يا فريدة، محتاج أي بيانات تخص الموظف نادر مراد… مش عاوز أضيع وقت اي حاجه تلاقيها ابعتيهالي بسرعه
ثم التفت لفرح اللي دخلت عليه بهدوء، في عينيها مزيج من قلق وفضول:
“أنا… حلمت بيه.”
حسام رفع حاجبه: “مين؟”
فرح بصوت متردد: “نادر. كان بيبصلي بنظرة حزينة… وبيقول (سامحيني).”
سكتت لحظة، وأضافت: “إحساس الحُزن اللي في الحلم… لسه لازق في قلبي ومرسوم في عقلي
حسام بهدوء عميق ممزوج ببعض الغضب : “ده معناه ان في بينكم تاريخ.
وماضي… بيحاول يلاقي طريقه لعقلك، حتى لو ذاكرتك بتقاوم.”
فرح تفاجئه بسؤال: انت ليه مضايق؟
حسام بنفي: انا مش مضايق هضايق من ايه؟ عن اذنك
فرح ببتسامه رغم زحام عقلها بالافكار والصور والذكريات المبهمه والغير واضحه لها حتي الأن: والله مضايق
جهة اخري…
في شقة نادر، كان بيشرب شاي بارد وبايت ليس له طعم، ويكتب بخط مرتب في دفتر صغير:
“فرح ما زالت بخير… بس الوقت بيجري.
الملف قرب يقع في إيدهم، ولو عرفوا إنه معاها هتكون الهدف الأول.
أنا السبب في كل ده… وانا اللي بدأته ولازم أنا اللي أخلصه.”
دخل عليه رجل ضخم الجثة، غامض الملامح:
“بيسألوا عنك في كل مكان يا نادر…
لو كنت فاكر إنك تقدر تخبيها أو تحميها لوحدك، تبقى بتحلم.”
نادر رفع عينه بثبات:
“أنا مش بحميها لوحدي… أنا بحمي الحقيقة.”
جهة اخري….
في قسم الشرطة، الضابط كان يستعرض صور من ملف قديم، في واحدة منهم ظهر نادر واقف ورا فرح، في صورة جماعية للشركة.
لكن الغريب إن في نفس الصورة… ظهر شخص آخر معروف حاليًا بصلاته في قضية فساد كبرى، لكنه وقتها كان صغير سنا
الضابط لمح عمار مساعده وقال له:
“اجمعلي كل الملفات اللي ليها علاقة بالشركة دي من ٣ سنين فاتوا.
واضح إن الموضوع بقى خطير ودموي.”
جهه اخري….
فرح كانت تجلس مع يارا في كافيه قريب من المنزل وكانت تقلب في دفتر رسم صغير قديم وجدته داخل نفس الحقيبه
كانت به رسمة مرسومة بإيد نادر، بتصور ملامحها وهي نايمة، وتحتها عبارة مكتوبه بخط اليد:
“لما تنامي…الدنيا تهدأ.لكن بتوحشيني حتي وانتي نايمه ”
فرح مسحت دمعة وقعت على الرسمة رغما عنها وهي تغمض عيناها لكي تتماسك لتقول:
“يارا… أنا كنت بحبه، مش كده؟”
يارا شدت إيدها وربطت عليها بحنان: “مش بس كده…
ده كان تقريبا حب عمرك يا فرح
جهه اخري…
في مكان مهجور اشبه بمخزن قديم ملك العامري…
فتح حسام باب قبو حديدي…
الضوء خافت كشف أوراق متراكمة، خرائط، صور ملونة، وأسطوانات مدمجة وكان معه شخص اخر يدعي فكري موظف ايضا في احدي فروع شركات العامري جروب….
فكري بصوت مندهش:
“نادر كان بيجمع أدلة… من سنين.”
حسام أمسك بإحدى الأوراق، وعلى رأسها كان شعار الشركة، وتحتها:
“صفقة الأرض – مشروع وهمي – توقيعات مزورة.”
همس حسام لفكري: “ده مش مجرد موظف اختفى…
ده شاهد مفتاحي… وهدف مطلوب إسكاتُه
فكري:طب وبعدين؟
حسام: لازم نلاقيه طبعا وبعدين في حاجات هنا ممكن تدلنا
ولكن تفاجئه بصوت من خلفهم يقول….
مش عيب يا باشمهندس تتهجم على موقع مايخصكش وكمان تدور فيه دي برضو اصول المهنه….
اتسعت اعين حسام وفكري من المفاجئة…
جهة اخري…
في الليل… نادر وقف على بُعد خطوات من منزل حسام
راقب الأضواء، وسمع صوت ضحكتها من النافذه المفتوحه.
ابتسم رغم الدموع، وقال لنفسه:
“لو عرفتي إني لسه عايش، هتكرهيني اني مسألتش عليكي كل ده بس والله غصب عني انا حايش نفسي عنك عشان متتأذيش
لانك لو عرفتي مش هيسبوكي، هيفضلوا يطاردوكي ووقتها مش هسامح نفسي ابدا لو حصلك اي حاجه عارف انك دلوقتي في أمان بحبك يا فرحتي.. قالها بحزن ثم
رجع للخلف، واختفى في الظلام…
لكن من ورا شجرة قريبة، عدسة كاميرا صغيرة كانت تتبعه وتبعت صورته لشخص مجهول…
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية وقعت في دائرة الشر)