رواية وجوه في العتمة الفصل الثاني والعشرون 22 بقلم منة ممدوح
رواية وجوه في العتمة البارت الثاني والعشرون
رواية وجوه في العتمة الجزء الثاني والعشرون

رواية وجوه في العتمة الحلقة الثانية والعشرون
كان عامر بيرمق فاطمة بنظرات مليانة لوم متهزتش هي بيها بل كانت رافعة راسها بكبرياء وهي بتبصله بنظرات قوية كإنها بتأكد على كلامها وبتفهمه إنها مش ندمانة على اللي تفوهت بيه، أما يقين فكانت مركزة نظرها على سعد، لون عيونه المميز ده فكراه واللي كان عسلي ممزوج باللون اللي يشبه لون ورق الشجر فماكنش لون شافته كتير هنا، حتى هي حست بارتباكه بل ونسيت اللي تفوهت بيه فاطمة تمامًا.
ولكنها فاقت وحادت بنظرها عنه لما قال عامر بعتاب_وش اللي بتقوليه هذا ياما؟
معقولة؟
معقولة سهل عليكي للدرجة هذي إنك تقوليها في وشي؟!
لهذي الدرجة أنا مش فارق معاكي؟!
لوهلة اتألمت يقين من نبرة عامر اللي لأول مرة بتشهدها، هي شافت كتير إزاي كان بيتحمل تصرفات وكلام أمه وتدخلها في اللي مش بيعنيها بل وقسوتها وعدم اشفاقها وتحكمها في كل حاجة، ولكن النهاردة كانت شايفة كسرة غريبة في عيونه، صوته المبحوح اللي مليان عتاب ورغم ده مش قادر يرفع صوته عليها بل اكتفى بلومه الرقيق ليها.
فاتكلمت فاطمة بقوة_أنا قولت اللي عندي يا عامر وأنتَ بإيدك تختار
لو وافقت تتجوز ليلى العيلة اللي بتعشقك من وهي بتحبي وقتها هشيلك في نن عيوني، أما لو فضلت واخد صف المصراوية فقلبي هيفضل غضبان عليك ليوم الدين
حس سعد في الوقت ده بتأزم الوضع، فانسحب من المكان بهدوء مقررًا إنه يرجع في وقت تاني تكون الأمور هديت فيه تحت تركيز يقين اللي عينيها كانت مسلطة عليه
وقابل في طريقه ليلى اللي كانت داخلة كعادتها تتطمن على مرات عمها، اللي أول ما شافتها فاطمة مدت إيديها ليها وهي بتقول في حين مصوبة نظرها على عامر بتحدي_تعالي يا ليلى
تعالي يا زينة البنات يا غالية
جيتي في وقتك.
بصتلها ليلى بتعجب وهي بتمد إيديها وبتحطها في كفها وقربت وقفت جنبها وهي بتنقل نظرها بين يقين وعامر اللي ملامحهم مكانتش تبشر بالخير ففهمت إن الموضوع يخصها في الوقت ده
كان عامر وشه باين عليه الانفعال بعيونه الحمرا الجاحظة وفكه اللي باين إنه مشدود ده غير قبضته اللي ضاممها بقوة، هو عارف إن فاطمة متسلطة وعندها حب السيطرة من زمان ولكن معقولة بتحاول تخليه تعيس ومش فارق معاها للدرجة دي!
بصت ليه فاطمة وبنبرة ذات مغزى متحملش أي شفقة قالت_فكر وأنا مستنية ردك
وأنتَ حر بقرارك بس ما تلوم إلا حالك يابن بطني، أنا جيبت لك الخلاصة.
فضل باصصلها شوية بعجز وغضب رهيب ممزوج بالعتاب تحت أنظار يقين اللي كانت حاسة بالحزن على الوضع اللي هو فيه ومن قسوة فاطمة عليه وفنفس الوقت فيه نيران بتشتعل جواها وهي شايفة ليلى قدامها وبتتخيل فكرة إنه ممكن يوافق عشان يرضي أمه وفي الآخر هيبقى ليها ضرة!
ولكن إيه يضايقها أساسًا لو هي كانت مش معترفة بالجوازة دي؟
ليه فارق معاها رده وليه حاسة بحنق تجاه ليلى وليه بتتفحصها كإنها غريمتها وهتاخد حاجة ملكها!
وبعد ما طال الصمت سابهم عامر وخرج بدون ما يقول أي كلمة ولكن كان خروجه يشبه العاصفة، فرمقت يقين فاطمة بنظرات مليانة ضيق وتأنيب ردتها التانية باستحقار وعلى وشها ابتسامة ساخرة، وفي النهاية لقت يقين نفسها بتجري ورا عامر
محتاجة تتطمن عليه
حالته محسساها بالقلق وهي عارفة إنه عاجز وقليل الحيلة دلوقت!
حاولت تسرع من خطواتها وراه ولكن كانت عارجة وهي بتهتف_عامر
عامر استنى!
ولكنه مكانش بيرد عليها رغم إنه سامع صوتها وهي بتنادي على اسمها باستمرار، وكإن نبرة صوتها بتئذيه بزيادة وهو حاسس بقلبه بينبض وبيضعف ناحيتها
فسرعت من خطواتها أكتر وهي بتتحامل على ألمها وباسطة إيديها على مكان جرحها لحد ما حست إنه شد بعنف فصرخت بألم واتأوهت وهي واقفة مكانها وحانية راسها
وقف هو واتلفت بسرعة أول ما سمع صوتها وبمجرد ما شافها في الوضع ده نسي غضبه وجري عليها وهو بيقول بلهفة_يقـين!
أنتِ بخير؟!
وقف قدامها وهو بيشيل إيديها وبيتفحصها وفنفس الوقت بيبص على ملامحها المنكمشة بألم وشفايفها اللي بتضغط عليهم، في حين قال_بيوجعك؟
أجيبلك الدكتور راضي؟
قوليلي حاسة بإيه؟!
قصاد اهتمامه وإيده اللي باسطها على كفها والتانية اللي ساندها بيها فتحت عيونها وبصت لداخل عيونه مباشرة، لوهلة لقى نفسه انجرف جوا عيونها وكإن العالم وقف من حواليهم، فحاولت تطمنه وقالت_متقلقش أنا كويسة، الجرح شد بس عليا لما اتحركت بعنف
تمالك نفسه وقال بضيق ولوم_إيه بس اللي جراكي ورايا وأنتِ جرحك لسة حي
هتفضلي متهورة كذه؟!
_قلقت عليك
قالتها باندفاع وهي مش حاسبة كلامها نهائي بل خرج بتلقائية بدون ما تحس، اتجمد تمامًا قصاد كلمتها اللي لمسته من جوا واتسببت في اضطراب دقات قلبه وانتفاضة صدره، وكإنه حس بالحياة في الوقت ده بعد أعوام قضاها ميت
أدركت هي فداحة اللي قالته فاتنحنحت بارتباك وحاولت تصحح وهي بتقول_أقصد
عشان خرجت متضايق يعني
عشان
كان شكلك…
لقت نفسها مش لاقية مبرر للي قالتها وارتكبت أكتر تحت نظراته اللي كانت بتلمع بشغف، مكانش مصدق إنه شايف اهتمام منها وحاول ينكر نظرة عيونها من جواه، فهزت هي راسها بتوتر_عامة حصل خير
حبيت أعرف هتعمل إيه بس
فسأل بعقدة حاجب_هعمل إيش؟!
فقالت بمراوغة_ليلى بتحبك و..
ميل براسه وهو بيبصلها بعمق_و…؟
ارتبكت أكتر فضمت شفايفها وبصوت خافت قالت_أنتَ بتحبها؟
ربع إيده قصاد صدره واتكلم برفعة حاجب_أنتِ إيش شايفة؟
عبست بخصلات شعرها وهي بتحاول تلاقي كلام تقوله يبرر فضولها وقالت_أنا بسألك
بغموض أكتر قال_يهمك في أيش تعرفي أنا بحب ليلى ولا لأ؟
رفعت عيونها ليه اللي كانت مليانة حيرة وصلتله ولكنه كان بيكدب نفسه، فقالت_هتتجوزها؟
قرب منها خطوة وقطع الفاصل بينهم، ظهر فرق الطول بينهم في الوقت ده وحست إنه محتويها بجسمه، أما هي فكانت بتبصله بنظرات بريئة تشبح القطط سلبت أنفاسه، فاتكلم بصوت متهدل_هيفرق معاكي؟
متهيألي أنتِ نفسك مش معترفة بجوازنا، ونفسك تتحرري مني اليوم قبل بكرا
مش كذه ولا إيش؟
صمتت وانعقدت لسانها قدامه، مبقتش عارفة تقول إيه، هي نفسها مش عارفة عايزة إيه، ولكن في النهاية حاشت بنظرها عنه وقالت وهي بتبعد_عندك حق
أنتَ صح، أنا مش معترفة بجوازنا فعلًا
ومعتبراه سجن
وميخصنيش إنك تتجوز أو لأ ده قرارك وأنتَ حر فيه
قالتها وسابته ومشيت وهي بتعرج ووقف هو يتابعها بنظره، ولوهلة الجمود اللي كان ظاهر عليه اتبدل لحزن، كلامها بيوجعه
وهي دايمًا توجعه بالكلام بقصد رغم كل اللي بيعمله، بس برضه بيديها الحق
ودي حاجة مخلياه مستعجب من نفسه.
في أثناء رجوعها قابلت سعد، خففت من خطواتها وهو كذلك، كان بيرمقها بنظرات جامدة مش واضح عليها حاجة، أما هي فكانت بصاله بشك كبير
وبعد ما اتخطاها وقفت مكانها واتلفتت تبصله، لقت نفسها بترفع إيديها تلقائيًا وتحطها على مكان جرحها
وسؤال واحد في بالها
معقولة احساسها ده صح؟
دخلت للبيت لقت الهدوء بيعم المكان، فقالت تروح تشرب حاجة من المطبخ اللي كان فاضي، ملت كوبايتها من مبرد المياه، ووقفت تشرب وهي بتشرد في كل اللي حصل
خاصة اهتمام عامر بيها
واهتمامها بيه
اهتمام متبادل فعلًا!
لوهلة عقدت حاجبها لما سمعت صوت فاطمة من برا وكإنها بتتهامس وبتتكلم في التليفون، سابت الكوباية وقربت بفضول شديد، وقفت على جنب من الباب بحيث متسمعهاش، ورمت أذنها فسمعتها بتقول_قولتلك عاوزة الموضوع هذا يخلص اليوم
وبكرا بالكتير نسمع خبر عزيز
كفاية لحد كذه اللي صار من ورا راسه، وكمان كل بعقل عامر لحد ما صدقه،
كيف ما قولتلك، خلى الراجل حوالين داره، أول ما يخرج ما يتردد ويقتله
اتسعت عيون يقين بذهول من اللي سمعته، معقولة جبروتها وصل للشكل ده!
فسمعتها بتكمل وهي بتقول_بلغني أول بأول
وكيف ما قولتلك، لو عامر شم خبر بالاتفاق اللي بيننا ما تلوم غير حالك!
قالتها وهي بتقفل التليفون وبتعدي جنب المطبخ، فبسرعة استخبت يقين في أحد الزوايا عشان متشوفهاش وتعرف إنها سمعتها، حست فاطمة لوهلة إنها شافت خيال، فتراجعت بخطواتها تاني وبصت جوا المطبخ برفعة حاجب ولما ملقتش حد كملت سيرها.
خرجت يقين بتبص لأثرها بصدمة، رغم إنها سمعت الحوار اللي دار بينها وبين عامر ولكن لسة مصرة إنها تكون متسلطة وترمي بكلام ابنها عرض الحائط
وبدون تردد قررت تدور على عامر مكان ما اتحرك هي عارفة كويس إنه أول واحد هيضر لو حصل اللي فاطمة عايزاه، خصوصًا بعد ما سمعت كلامهم وفهمت كل حاجة، فخرجت وهي بتدور عليه لحد ما شافت عايد مقابلها، وقف واعترض طريقها وهو بيتساءل بتعجب_رايحة لوين يا مرت أخوي؟
سألت بتلهف_عامر فين؟
عقد حواحبه وقال بقلق_وش صاير؟
وشك مخطوف؟
_عامر فين لو سمحت؟!
شاورلها بإيده وهو ما زال بيرمقها باستغراب_أول المزرعة على إيدك اليمين هتلاقيه في مكتبه
هزت راسها ومستنتش يكمل كلامه واتحركت مسرعة لمكان ما وصف، مكانتش فاهمة هي متلهفة ليه عشان تقوله
ليه تدخل نفسها؟
يمكن عشان عارفة إن ممكن يحصله مشاكل بحركة زي دي
القيامة هتقوم هنا وهيقولوا إن عامر اللي قتله ووقتها ممكن يقتلوه هو!
معقولة تكون خايفة عليه؟!
هزت راسها رافضة التفكير في الوقت ده عن أي حاجة، وصلت للمزرعة واتلفتت بعنيها لحد ما شافت المبنى الخشبي الأنيق اللي يشبه الكوخ اللي عدت عليه كذه مرة قبل كده ولكن مخدتش بالها إنه مكتبه الخارجي اللي سمعت عنه قبل كده
وبدون تردد اتقدمت وفتحت الباب بسرعة من غير ما تخبط حتى وهي بتهتف_عامر…
سكتت ومكملتش كلامها لما لقت العيون كلها مسلطة عليها، كان اخوه فارس وولاد عمامه وكمان عمه مرزوق وغالب اللي الواضح كانوا بيتكلموا في شغل وهي قاطعتهم، رفع عامر عيونه ليها بتعجب وقال بتساؤل_يقيـن!
بصتله بارتباك وهي بتنقل نظرها عليهم، فقام فارس في الوقت ده بعد ما حس إن الموضوع خاص لما شاف نظرة يقين وقال_طيب ياخوي، هنظبط باقي الأمور ولو صار شي هنقولك
بالفعل قاموا ولاد عمه مع فارس مقررين يسيبوهم رغم التعجب اللي ظاهر عليهم خاصة وهما عارفين بتوتر العلاقات بينه وبين يقين
ومعاهم قام مرزوق وغالب اللي كانوا بيرموا يقين بنظرات مليانة ضيق، فهما لحد دلوقتي شاكين إنها بلغت عن الشحنة اللي اتمسكت وإنها اتفقت مع عزيز ولكن قرروا الصمت عشان عامر
وبعد ما اتأكدت إنهم خرجوا كلهم قفلت الباب وراهم باحكام، فوقف عامر ولف حوالين المكتب لحد ما بقى قدامها وسأل بتعجب_إيش فيه؟
جاية على ملى وشك ليش؟
بهمس قالت_أمك..
عقد حواجبه وقال بحذر_ضايقتك؟
هزت راسها بالرفض، فبصلها بتساؤل مليان فضول، وفي النهاية قالت هي_سمعتها بتتكلم مع حد في التليفون وبتتفق معاه يقتل عزيز
هتف بصدمة_إيش؟!
هزت راسها بتأكيد_صدقني، قالت هيحطوا واحد حوالين البيت ولما يخرج هيقتلوه، وأكدت عليه ميقولكش عشان عارفة إنك هتتضايق وهتمنع اللي هيحصل
فضل باصصلها بصدمة شوية، حس بغضب رهيب بيتمكن جواه، أمه مصممة تصغره وتطلعه عيل وبعمايلها دي هتشعل الحرب بينهم، جز على أسنانه وهو بيمسح على وشه بضيق وفي النهاية مسد على كتفها من غير ما يحس وقال_ارجعي على الدار وخليكي في غرفتك لحد ما ارجع
قالها وهو بيسيبها عشان يخرج، ولكنها مسكت دراعه فبصلها بتساؤل وقالت هي بقلق_هتعمل إيه؟
طمأنها بنظراته ورد_ارجعي على الدار ما تقلقي
هزت راسها بصمت وفعلًا نفذت كلامه وقررت ترجع البيت وتتجنب الاختلاط بيهم لحد ما يرجع.
****
أخد عامر حمد وسعد من غير ما حد ياخد باله أو ويحس وخرج بيهم من غير ما يفهمهم فيه إيه، فسأل حمد اللي كان سايق بتعجب_لوين رايحين يا عامر بيه؟!
رد عامر اللي كان بيهز رجله بضيق_دار الرشايدة
بص حمد وسعد لبعض بتعجب، فوضح عامر_هنمنع قتل عزيز
اتلفت سعد في الوقت ده وكان ظاهر على وشه علامات الاستنكار ورد_اعذرني يا عامر بيه
بس ليش؟
وش دخلنا ما يتقتل ولا يتحرق!
بصله عامر بحدة من لهجته اللي معجبتهوش يزجره بنظراته فنكس التاني راسه بسرعة بعد ما أدرك فداحة اللي قاله، أما عامر فاتكلم_هما عاوزين النار تشتعل بينا وبين الرشايدة
وأنا مش هنولهم اللي في بالهم، عشان كذا لازم نحمي عزيز لحد ما نكتشف مين ابن الملاعين اللي بيلاعبني
سكت سعد تمامًا ومرضيش يزود في الكلام أكتر من كده، كفاية اندفاعه اللي كان هيوديه في مأزق حقيقي.
وبعد وقت قليل كانوا وقفوا على بعد من بيت الرشيدي، نزل عامر هو وحمد وسعد، طلع سلاحه من خصره ورفع صمام الأمان، ووقف يركز بعيونه اللي تشبه الصقر حوالين البيت وهو بيدور على اللي أمه بعتته.
اتفتح الباب في الوقت ده، وخرج عزيز اللي يكاد يكون استعاد صحته قليلًا ولكن وشه كان مازال ملئ بالكدمات، وقف برا يتكلم مع واحد مع رجالته وعيون عامر مسلطة عليه وعلى المكان من حواليه، لحد ما هتف حمد بلهفة_عامر بيه..
بص عامر مكان ما شاور، فشاف شخص نايم على بطنه على تلة رمال من على بُعد وماسك قناصة في إيده عارفة وجهتها تمامًا.
في حين كان عزيز بيتكلم مع حارسه وبيديله أوامر، وفلحظات سمعوا صوت طلق ناري عنيف، نزل عزيز بجسده على الأرض بيختبيء وبيحمي نفسه في حين خرج الحراس بسرعة ورفع اللي كان معاه سلاحه في وضع استعداد
ولكن لوهلة شافوا عامر اللي كان مسلط سلاحه على مكان معين وهو واقف بشموخ ووشه باين عليه الجمود والقوة، وقف عزيز واتعدل وبص مكان ما ضرب عامر فشاف من على البعد الشخص اللي كان متربصله واللي كان لقى مصرعه
خرج صالح في الوقت ده وهو حاسس بالهلع، وبيتساءل عن اللي بيحصل، ولما شاف عامر اشتعلت ملامحه بالغيظ واتقدم خطوتين ناوي يتجه ناحيته وهو بيقول من بين أسنانه_عـامر!
ولكن قبل ما يتوجه ناحيته منعه عزيز لما بسط دراعه يحيد بينه وبين الخروج، بصله صالح بتعجب أما عزيز فكان نظره مسلط على عامر اللي كان بيتقدم ناحيته وهو بيحط سلاحه مكانه في خصره
وقف قدامه وهو بيرمقه من فوق لتحت، فاتكلم عزيز_ليش حمتني؟
بصله عامر شوية وبجمود قال_محتاجك عايش
على الأقل حاليًا
رفع عزيز حاجبه بعدم فهم فوضح عامر_كان عندك حق
فيه حد تالت بيوقع بيننا وهو سبب العداء اللي صار بينا من زمان
في البداية لما عرفوا إن النسب اللي بينا هيوقف الدم قتلوا سلمى
وبعدين ابتدوا يعملوا فصولات عشان كل واحد ياخد رد فعل ضد التاني على أساس إنه عملها.
كان عزيز باصصله بصمت وكإنه مش مندهش لكلامه، هو بالفعل لما فكر فيها خصوصًا بعد آخر جدال بينهم أدرك إن فيه طرف تالت قصده يوقعهم هما الاتنين
يمكن شخص بينه وبينهم عداء
أو عيلة عايزين يقضوا على نفوذهم لما حسوا إنهم محتكرين السوق في مجالهم.
المهم إن في كل الحالات مقصدهم إنهم يوقعوهم في بعض
مال عامر براسه وقال_شكلنا للأسف مضطرين نحط إيدينا في إيد بعض لحد ما نعرف إيش اللي بيدور حوالينا
ابتسم عزيز بسخرية ولكنه كان عارف إنه عنده حق عشان يعرفوا الخطر اللي محاوطهم وفنفس الوقت يرجع حق اخته، فقال_هدنة؟
هز عامر راسه وأكد_هدنة
مد عزيز إيده ليه ينوي مصافحته كوافقة على اللي بيقوله، فبصله عامر شوية وهو بينقل نظره بين كفه وبين وشه وفي النهاية قبض على إيده وهو بيصافحه بقوة..
****
رجع البيت ودخل لجوا بخطوات تشبه العاصفة، حاسس بحنق كبير تجاه أمه، شافها قاعدة على كرسي في بهو البيت وكإنها مستنية حاجة
وهو كان عارف هي مستنية إيه كويس.
رفع عيونه ليها واتقدم منها بخطوات بطيئة وهو بيحاول يتمالك نفسه قدر المستطاع..
أما يقين فكانت قاعدة في غرفتها وهي حاسة بقلق رهيب، من وقت للتاني بتقوم تبص من البلكونة عشان تتطمن رجع ولا لأ
قلقانة عليه مش هتنكر
خاصة بعد ما أدركت إن الموضوع هيدخل فيه دم
ولما سمعت صوت سيارته قامت بهلفة فشافته نازل من عربيته بغضب جحيمي ظاهر على وشه، وبدون تردد خرجت من غرفتها بخطوات سريعة ملهوفة ووقفت على بداية السلم تتابع اللي بيحصل بتوتر وهي مترددة تنزل ولا لأ.
وقف عامر قصاد أمه، اللي رفعت راسها ليه وقالت بقوة_فكرت في اللي قولته؟!
ابتسم بألم ورد_فكرت ياما
فكرت في حاجات كتير أوي
اتبدلت نظراتها للتعجب، فكمل هو_ومن كتر التفكير حسيت إن طاقتي خلصت
تعبت
ما بقيت قادر
بتزودي حمل فوق حملي وأنا طاقت نفدت، بفكر وأقول ليش مصرة تصغريني؟!
مصرة تقللي مني ومصرة تنفذي اللي في دماغك وما بتراعي إني كبير هذي العيلة ومسئوليتهم مني وأنا أدرى بمصلحة كل واحد فيهم، ولما يصير غلط عامر بس هو اللي بيشيل الطين على دماغه
ليش بتدمريني ياما ليش؟
كانت حاسة بإن كلامه بيحمل معنى تاني تمامًا، فقامت وقفت وهي بصاله بتوتر وقالت_وش صاير يا عامر؟
كل هذا عشان طلبت منك تتجوز ليلى؟
ليش ليلى معيوبة ولا شي؟!
ليلى زينة البنات، بنت عمك ومن دمك وبتحبك يعني ما رايدة إلا مصلحتك وراحتك، راحتك اللي عمرك ما هتلاقيها مع هذي الملعونة اللي واخدها تحت جناحك ومعتبرها مرتك!
غمضت يقين عيونها بألم لما سمعت كلامها، أما عامر فضحك وهو بيهز راسه للناحيتين بقلة حيلة، وفي النهاية نقل نظره بين الموبايل اللي محطوط على مسند الكرسي وبين عينيها، فسكتت وهي ملاحظة نظراته دي واتوترت لوهلة وارتجف جسمها، اتبدلت نظرات عامر الساخرة لتانية قوية وقال_كإنك مستنية خبر ياما؟!
ارتبكت وقالت_خبر إيش؟!
أنا مستنية عودتك، وبعدين بتغير الكلام ليش؟!
بصلها بعتاب ولوم، فرن تلفونها في الوقت ده، بصت فاطمة للتليفون بتردد وهي بتنقل عيونها بينه وبين عامر، وبأمر لا يقبل النقاش قال_ردي ياما
يمكن يجيلك الخبر اللي منتظراه
بلعت ريقها بتوتر وهي بتحاول تتهرب ولكنه كان مصر وهو بيشاور براسه للتليفون اللي مبطلش رنين، فمدت إيديها وفتحت التليفون بتردد وحطته على أذنها، فسمعت الصوت جايلها بيقولها_ست فاطمة
الواد اللي بعته عامر بيه قتله
كان عارف بكل اللي هيصير.
نزلت يقين في الوقت ده فرفع عامر عيونه ليها وممنعهاش، وقفت جنبه وهي حابة تسنده في وقت زي ده، اتجمدت إيد فاطمة اللي ماسكة التليفون لحد ما سقطت إيديها من على أذنها ووجهت نظرها لعامر اللي كان بيراقبها بنظرات سخرية ممزوجة بالعتاب، واتكلم باستهزاء_ها
عطاكي الخبر اللي مستنياه؟!
_عـامر…
قالتها بسرعة فقاطعها بقوة_أنا تعبت منك ياما
تعبت من قلة سمعان كلامك
لهذي الدرجة شايفاني عيل؟
ممشي عشيرة كاملة ومش قادر عليكي أنتِ؟!
قولتلك خليكي برا الموضوع، قولتلك اتركيني اتصرف، قولتلك ما تسوي شي من دماغك
وفي الآخر عملتي إيش؟!
عاوزاهم يقتلوا عزيز؟
مش خايفة من الدم اللي هيصير بينا وهما أول شي هيقولوه عامر الزيات اللي قتله؟!
لهذي الدرجة أنا مش فارق معاكي؟!
اتقدمت خطوة منه وقالت بعيون مليانة دموع_يا عامر يابني كله عشان مصلحتك و…
قاطعها بجحود_ لولا يقين سمعتك وأنتِ بتتكلمي وجت قالتلي عشان الحق اللي هيصير، كان زمان عامر ابنك هذا في عداد الميتين وبسببك!
كنتي هتدمريني بس عشان عنادك
كرهك للرشايدة لغى عقلك حتى لغى خوفك على ابنك
قوليلي لولا يقين كان إيه اللي هيحصل
بحور دم ياما وأنا في أولهم!
نسيت كل حاجة ووجهت نظرها ليقين أول ما نطق عامر بالكلام ده، اشتعلت عيونها بنيران الغضب وهتفت_أنتِ
أنتِ يا ملعونة!
قربت منها ورفعت إيديها بشراسة ناوية تصفعها بعد ما أدركت في دماغها إن يقين هي اللي وقعت بينها وبين عامر قصد، انكمشت يقين على نفسه مستعدة لتلقي الضربة، ولكن انصدمت لما قبض عامر بقوة على دراع أمه بعنف يمنعها، بصتله فاطمة بصدمة، أول مرة عامر يقف في وشها بالشكل ده وكله بسببها هي، فهتفت بصدمة_عـامر!
بصتله يقين بدهشة، مكانتش متوقعة إنه يحميها منها، أما عامر فنفض إيد أمه وهتف_إياكِ
إياكِ تفكري تمدي إيدك على مرتي ياما، فاهمة، إياكِ!
فقالت بذهول_هذي اللي وقعت بينا، عملتها قصد
ضربت عصفورين بحجر، عشان تخرجك عن طوعي
وعشان تحمي عزيز
عزيز اللي أكيد عشيقها
معملتش كذه عشان سواد عيونك
كانت بتحمي عشيقها يا عامر وأنتَ وقعت في فخها!
شهقت يقين بصدمة من كلامها اللي كان بمثابة صفعات، بتطعنها في شرفها!
وصل جبروتها للدرجادي!
فهتفت يقين بعدم استيعاب_إيه الجنان اللي بتقوليه ده؟!
أنتِ إزاي كده؟!
أما عامر فصرخ بغضب وكإن الشياطين كلها بتتراقص قدام عيونه_يـاما!
حـاذري علـى كلامـك!
يقين مرتي شريفة وأنا واثق فيها، أنتِ اللي محتاجة تراجعي تصرفاتك كويس وإلا هتخسريني ياما
لو عاوزة تخسريني خليكي كيف ما أنتِ
بس ما ترجعي تلوميني مرة تانية!
قالها وجذب يقين من كفها وطلع على فوق وساب فاطمة بتتابعهم بأعين متسعة بذهولة وصدمة في آن واحد، قعدت على الكرسي وراها بإنهيار وكإنها مش حاسة برجليها، مش متخيلة إن اللي قدامه ده ابنها، خسرته
هي خسرته فعلًا وكله بسبب يقين!
دخل بيها الغرفة وقفل الباب بعنف وهو بيلف حوالين نفسه وبيمسح على وشه بيحاول يتمالك أعصابه اللي انفلتت، فقربت منه يقين وهي خايفة ليكون صدق كلام أمه، فبعيون لامعة بدموع هتفت_عامر والله ما…
اتلفت ليها وحط إيده على شفايفها قبل ما تكمل_شششش
عـارف
بصتله بعيون متسعة بصدمة، حتى مستناهاش تبرر، هو واثق فيها، عيونه بتقول إنه مصدقها من غير ما تتكلم، مشافتش أي نظرة لوم في عيونه
ارتجفت شفايفها تحت إيده وعيونها بتلمع بسعادة
فضل باصصلها بصمت وهو بيتأمل ملامحها بنظرات غريبة عليها لوهلة سكنت ملامحه وخفتت أنفاسه وبقت بطيئة، بَعد إيده عن شفايفها وملس على وشها بأطراف أصابعه بحنان غريب مسها واتسبب في رجفة جسدها
اتبدلت نظراته لتانية مظلمة، مظلمة حسستها بقلق، واتسعت عيونها برهبة أكتر لما لقته بيميل عليها وأنفاسه الساخنة بتلفح في وشها….
يتبع…..
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية وجوه في العتمة)