رواية وجوه في العتمة الفصل الثامن عشر 18 بقلم منة ممدوح
رواية وجوه في العتمة البارت الثامن عشر
رواية وجوه في العتمة الجزء الثامن عشر

رواية وجوه في العتمة الحلقة الثامنة عشر
وصل سعد ورجالة عامر عند بيت صالح الرشيدي، نزلوا من العربية قدام رجالة الرشيدي اللي اتحفزوا ليهم بالذات بعد ما عرفوا اللي حصل قبل كده وشبه وجهوا اسلحتهم عليهم، قرب سعد منهم وهو بيقفل الباب بعدم اهتمام ووقف قصاد واحد من الرجالة وقال_اندهلي صالح
اتقدم واحد من الرجالة وازاح التاني وبص في عيونه بقوة وهو بيقول_اسمه سيدي صالح
وارجع على الداهية اللي أنتَ قاعد فيها احسنلك يا سعد
ولا أقولك يا عبد عامر الزيات
اشتعلت عيون سعد وحس بالغضب الشديد، ولكنه تمالك نفسه وضم قبضة إيده وهو بيقول من بين أسنانه_سيدك أنتَ وأمثالك، إنما بالنسبالي أنا هو صالح
ويلا انجر اندهه عشان أرميله هدية عامر الزيات وأخلص
صدقني الهدية هتعجبه أوي!
فضل باصصله شوية، وبعدين رجع لورا وهو بيديه ضهره وبيتكلم في جهاز لاسلكي، وبعد مدة خرج صالح وعلى وشه علامات استفهام، قرب لسعد وسأل_وش تريد؟!
وهدية إيش اللي عامر بيتكلم عليها؟!
وجه سعد نظره لرجالته وشاورلهم، اللي نزلوا على طول وطلعوا عزيز من العربية اللي كانت حالته لا يُرثى لها لدرجة إنه مكانش قادر يفتح عينه، انتفض صالح لما شافهم شايلين ابنه بإهانة وحدفوه قدامه وكإنه شيء حقير فتأوه عزيز بألم من اللي حصل وهو بيسب ويلعن فيهم، نزل صالح على ركبته وهو بيهتف_عـزيز
ولـدي!
عدل وشه ناحيته وهو بيشوف الكدمات والدماء اللي ماحية ملامحه تمامًا، فربت عزيز على إيده عشان يطمنه ولكن مقدرش يتكلم.
اتعدل صالح ووقف وهو بيشاور لرجالته اللي جريوا سندوا عزيز ووقفوه وبعدين خدوه لجوا، وقرب من سعد اللي قال بسخرية_عامر بيه الزيات باعتلك سلامه
وبيقولك هذي آخرة اللي يتعدى على حرمة داره!
جز صالح على أسنانه واتبدلت ملامحه لأخرى شرسة واتكلم بحقد دفين_صدقني مش هعديله اللي صار هذا بالساهل
عرف عامر الزيات إني وراه وراه والزمن طويل!
بصله سعد من فوق لتحت بسخرية وهو بيبتسم بزاوية فمه باستهزاء، وبعد طول اتصال بصري شاور لرجالته اللي رجعوا صعدوا العربية ومعاهم سعد واتحركوا بسرعة مهولة نتج عنها شبورة من التراب في الجو
ودي حاجة أشعلت صالح أكتر وحسسته بالغضب لإنه كان عارف إنها حركة مقصودة للإهانة بس.
اتلفت ودخل لجوا بيته وهو سامع صوت صراخ زوجته المرعوبة بعد ما شافت حالة ابنها
وقف قدام اللي كان مرمي على الكنبة، في حين انتفضت نجاة وهي بتصرخ_أنتَ هتسيب عامر يعدي بعملته هذي؟!
هتسيب حق ابنك؟!
ولكن كإنه مسمعهاش، بل وجه نظره لابنه وهو بيراقب شكله، وقال_وش سويتله خليته يعمل فيك كذه؟!
تجنب عزيز النظر إليه، وقال_خطفت جواد
انتفض صالح وصرخ بغضب_وش سويت؟!
فحاول عزيز يمتص غضبه وهو بيبرر بسرعة_صدقني يابوي كان زماني خدته دلوقت
بس لولا مرته المصراوية الملعونة اللي ركبت على ضهري كيف القرد عشان أسيبه!
اتدخلت نجاة في الوقت ده وقالت_مش المفروض هذي المصراوية متفقة معاك يا عزيز؟!
دلك عزيز رقبته بألم وهو بيقول_كانت
قبل ما تعرف الحقيقة، الظاهر عامر خبرها بكل شي
ولكن هتف صالح بنفاذ صبر_عن إيش بتتحددوا أنتوا كمان؟!
ابنك اتجن على الآخر، داخل دار عامر عشان يخطف ابنه وعاوزه يطبطب عليه؟!
أنتَ اتجنيت يا عزيز؟
كيف تاخذ خطوة كيف هذي بدون ما تقولي؟!
فرد عزيز بعصبية_يابوي كان لازم أرد اعتباري، وبعدين أنا مش هعدي اللي صار هذا بالساهل، صدقني
مسح صالح على وشه بنفاذ صبر، في حين قعدت نجاة جنب ابنها وفضلت تملس على دراعه وهي بتبصله بدموع، في الآخر اتنهد صالح بقلة حيلة وقال_ما تقلق، حقك هجيبه يا عزيز…
****
فتحت عيونها بنعاس وهي بترمش كذه مرة، سرعان اتعدلت بسرعة وهي بتتلفت حواليها بعد ما اكتشفت إنها نامت على السرير، وقعت عيونها عليهم، كان عامر رايح في النوم وهو فارد دراعه وجواد يعتبر نايم فوق صدره
لقت نفسها بتبسم رغما عنها وهي بتتأملهم، كانت أول مرة تاخد بالها إن عامر أب مثالي، حنين على ابنه على عكس اللي كانت متوقعاه، جواع شخصية تلقائية بتظهر معاه بس
اتلفتت جهة الساعة فلقت يدوب الشمس لسة طالعة.
غيرت ملابسها وكانت واقفة قصاد المراية بتسرح شعرها، شافت انعكاس صورته في المراية وهو بيتعدل بعد ما صحي على حركتها، وفضل قاعد مكانه باصصلها بصمت لدرجة إنها ارتبكت
سابت الفرشة بعد مع عملت شعرها كحكة، فسمعت صوته من وراها وهو بيقول_يعني مش هتداري شعرك هذا برضك؟
زفرت بضيق وهي بتلتفت ليه ترميه بنظرات مغتاظة وردت_قولتلك خليك في نفسك
ولا هو نكش وخلاص على الصبح!
ابتسم رغما عنه وقام وقف وهو بيقرب منها وقال_الظاهر إني اتعودت على خناقاتي معاكي يا مصراوية
لو قعدنا شوية منمسكش في بعض كيف الديوك الرومي بحس إن فيه شي غلط
كتمت ضحكتها على قد ما تقدر لكن لاحظ ده من عيونها، فادته ضهرها وقالت_اتكلم عن نفسك
أنتَ اللي بتجر شكلي دايمًا!
ولكنه مركزش في كلامها بل سأل بتعجب_راحة لوين؟!
ردت وهي بتطلع جذمة_نازلة
فمشي وراها وهو بيقول_لوين؟!
وقفت وبصتله بنفاذ صبر_هتمشى شوية في المزرعة، زهقت حاسة إني مخنوقة وعايزة اشم هوا!
هز راسه بتفهم وقال_ماشي يلا
ولكنها رفعت حاجبها وسألت بتعجب_أنتَ رايح فين؟!
رد ببساطة وكإنه مبيقولش شيء غريب_هنتمشى شوية في المزرعة عشانك مخنوقة وعاوزة تشمي هوا
كان قاصد إنه يفضل ملاحقها لإنه خايف عليها، مش قادر يعرف حركة الغدر ممكن تيجي منين، فالأحسن بالنسباله إن يفضل معاها عشان يقدر يتطمن عليها، أما هي فقالت باستنكار_لا مش للدرجة دي يعني مش معقولة!
اتصنع الغباء وقال_مش أنتِ اللي قولتي هذولا الكلمتين؟!
حست إنها على وشك الجنون فقالت_عامر متهزرش
إذا كان عايزة اخرج عشان ابعد عنك شوية
حاسة إنك طابق على نفسي، مش عارفة آخد راحتي منك!
فضل باصصلها بصمت شوية ولكن نظرات عيونه كان فيها حزن وتأنيب
كلامها وجعه؟
مش هينكر، بل حس بغصة جواه لما أدرك إنها مش متقبلاه ولا هتتقبله
حست هي بتأنيب الضمير ولكنها كتمت احساسها ده بسرعة، أما هو فحاد بنظره عنها واتكلم بجمود_تمام
بس هخلي الرجالة ياخدوا بالهم منك
ردت بضيق_متقلقش أنا هعرف آخد بالي من نفسي كويس أنا مش صغيرة!
بصلها من فوق لتحت وقال بسخرية_بأمارة الخريطة اللي معمولة في وشك!
فضلت مثبتة نظراتها عليها بنبرة مليانة غيظ، بتتخيل إنها بتفتك بيه، أما هو فكان رافع حواجبه بتريقة، وفي النهاية خرجت بعصبية وهي بتقفل الباب وراها بعنف، فهز هو راسه بقلة حيلة وردد_عنـيدة!
نزلت لتحت وهي بتتسحب، مكانتش عايزة تقابل حد من أهل البيت علشان ميحصلش جدال بينهم هي مش قده دلوقتي.
شافتها عهود وهي خارجة، واللي كانت واقفة بتتكلم مع حسن جوزها قدام البيت،
وبعد ما ودعته جريت ناحية يقين وهي بتهتف_مرت أخوي!
اتلفتت ليها يقين، ووقفت استنتها لحد ما قربت منها وقالت_راحة لوين؟!
رفعت يقين إيديها في استسلام وقالت_لا مش ممكن
الظاهر إن الچينات هي اللي بتحكم ما مش معقولة الشبه ده!
مكانتش عهود فاهمة كلامها فعقدت حاجبها بتعجب وقالت_تقصدي إيش؟!
ضحكت يقين بسخرية وقالت_لسة مدية تقرير لأخوكي قبل ما أنزل دلوقتي
فالظاهر لازم أدي تقرير للعيلة كلها!
ضحكت عهود فاتمشوا مع بعض في اتجاه المزرعة، في حين ردت على كلامها_عامر جوزك برضك، وأكيد خايف عليكي بالذات بعد اللي صار امبارح!
ضحكت يقين بأستنكار وهي بتهز راسها، فبصتلها عهود بتعجب، فقالت_عامر ويخاف عليا؟!
أظن أنتِ عارفة ظروف جوازنا يا عهود
فلا عامر شايفني مراته، ولا أنا شايفاه جوزي!
رمتها بنظرة عدم رضا وقالت_كيف يعني!
مصدقة حالك بكلامك هذا؟!
مشوفتيش سوى إيش في عزيز امبارح لما مد إيده عليكي؟
ولا مشوفتيش لما دافع عنك قدام أمي؟!
أنتِ بس اللي عامية عينك قصد عن كل اللي بيصير عشان عاوزة تشوفيه وحش وخلاص!
وقفت يقين بعد ما حست بالضيق من كلامها اللي مسها من جوا، فقالت_أخوكي مش ملاك يا عهود
فردت بسرعة_ولا أنتِ ملاك يا يقين
ليش ما تدوا لبعض فرصة، خلاص اتجوزتم واللي كان كان
ليش ما تجربوا تبتدوا من جديد؟
اشتعل صدرها من الغضب، فقربت منها وهي بتقول بعصبية مقدرتش تداريها_فرصة إيه اللي نديها لبعض يا عهود!
أنا حياتي اتدمرت، مش حياتي بس، ده سمعتي اتدمرت بسببه!
مدت ليها إيدها وهي بتقول_هاتي موبايلك
بصتلها عهود بتعجب، فهتفت بإصرار_هاتي بس
وبالفعل عطتها عهود تليفونها، فتحته يقين ودخلت على جوجل تبحث زي ما كان عزيز بحث قدامها، ولكن للصدمة لما ضغطت على زر البحث ملقتش الأخبار اللي كانت شافتها قبل كده، بل العكس، عناوين الأخبار كانت متبدلة تمامًا، ده غير إنه كان خبر ولا اتنين بس، واحد منهم عن احتفال عامر بزفافه وصور من العزومة اللي كان عاملها، والتاني كان عن زواجهم بعد قصة حب جمعت بينهم بالصدفة
صيغة الأخبار اتغيرت
مكانش فيه أي خبر يمس سمعتها زي ما شافت قبل كده!
فضلت تدور بين الأخبار وهي حاسة بالدهشة الشديدة، في حين بتردد بعيون متسعة_مش ممكن!
ازاي؟!
مكانتش عهود فاهمة قصدها فسألت_وش صاير؟!
وجهت التليفون لوشها وملامحها باين عليها الحيرة والجنون في حين قالت بعدم استيعاب_أنا
أنا مش فاهمة
انا شوفت الأخبار بعيني، شوفت وهما بيهينوا فيا
شوفت وهما منزلين أخبار تمس سمعتي بعد ما اتجوزت عامر فجأة، أنا شوفت كل ده!
ابتسمت عهود ورفعت إيديها ربتت على كتفها وهي بتقول_شوفتي بقى!
أنا عارفة ومتأكدة إن عامر اللي اتصرف ومسح كل اللي شوفتيه
عامر راجل دمه حامي كيف النار، استحالة يقبل إن أي شي يمس شرف مرته
حتى لو على الورق، حتى لو ظروف زواجكم مش أحسن حاجة، هتفضلي مرت عامر الزيات، وسمعتك من سمعته
بصتلها يقين بتشتت وهي مازالت بتنقل عينها على تليفونها، لعلها تلاقي أي حاجة من اللي شافتها، معقولة عامر فعلًا اللي مسح الأخبار دي؟!
معقولة عمل كده حتى من غير ما يقولها!
لما شافت عهود الحيرة اللي في عيونها اتسعت ابتسامتها، فخدت منها تليفونها وسابتها ومشيت عشان تديها فرصة تفكر مع نفسها.
بعد وقت قضته بتتمشى وسط المزرعة، كانت محتاجة تشم هوا فعلًا، فيه شعور مختلف جواها مسيطر عليها، ولكنها رافضاه وناكراه
كلام عهود عن عامر، تصرفاته معاها، وخوفه عليها اللي واضح عليه ولكنها مش عايزة تصدقه
إنه بياخد صفها دايمًا قصاد أمه
بيرد كرامتها ومش بيسمح لحد يهينها
جنونه أول ما شاف عزيز بيضربها رغم إنه مكانش يعرف لسة إنه كان عايز يخطف جواد
وعلى التناقض كانت شايفة خطفه ليها وحبسها، رفعه السلاح عليها بدل المرة اتنين، تدميره لحياتها وخسارتها لأهلها بسببه
غير شغله المشبوه
وقفت قدام شجرة نخيل وهي باسطة كفها على وشها بتحاول تهدي الصداع اللي بيلفح راسها
واتلفتت ناحية حمد اللي كان متابعها كالعادة بأمر منه ولكن كان سايب مساحة بينهم
ولكن لوهلة انتفضت وهي بتصرخ بهلع لما سمعت صوت طلق نار متتابع، حطت إيديها على ودنها وهي بتقول لحمد_فيه إيه
إيه اللي بيحصل ده؟!
كان حمد اتحفز وحط إيده على خصره وهو بيجري اتجاه الطلق ووجه كلامه ليقين_خليكي هنا يا مرات اخوي لحد ما اشوف وش اللي بيصير!
انكمشت على نفسها أكتر وهي حاسة بالهلع من الصوت العنيف ده غير صوت الطيور اللي كانت بتطير بخوف وعشوائية من الصوت وفعلًا فضلت مكانها
ولكنها حست إن فيه حاجة مريبة بعد ما لقت حمد اختفى ومرجعش
فبتوتر وهي بتتلفت حواليها اتجهت بخطوات حذرة لمصدر الصوت، ومن وقت للتاني بتتنفض بهلع لما يصدع صوت الطلق
وصلت عند المكان، ولوهلة اتسعت عيونها بصدمة، كان صوت الطلق جاي من عامر، اللي كان واقف من على بُعد هو وجواد وكان بيعلمه التصويب على زجاجة مرصوصة قدامهم، شافها حمد فوجه كلامه ليها وهو بيقول_ما تقلقي يا مرات اخوي، عامر بيه بيعلم جواد التصويب
وجه عامر نظره عليها بعد ما حس بوجودها، ولكنه حاد عنها بعدم اهتمام، ومال على جواد اللي ماسك مسدسه وهو محتوي إيده وبيقوله_خليك مركز على الازازة
خد نفس طويل
اضرب
وبالفعل خرجت طلقة من المسدس أصاب الزجاجة فصرخ جواد بحماس_جيبتها
جيبتها يابوي!
كانت يقين واقفة بتتابع اللي بيحصل بعيون متسعة، مش مصدقة اللي بيعملوه قدامهم، فقربت منهم بعصبية، جري جواد عليها لما شافها وهتف_شوفتيني وأنا بصوب يا ماما يقين
أنا لما أكبر همسك سلاح كيف ابوي
بصت لعامر في الوقت ده واللي كان بيغير خزنة السلاح وقالت_مش ممكن والله
أنا مش قادرة أصدقك
بتعلم طفل يدوب مكملش ٥ سنين إيه؟!
ابتسم ليها باستهزاء، وبعدين وجه نظره للزجاجات وهو مصوب عليها سلاحه، ضرب طلقة فانتفضت يقين، في حين قال_جواد بيحمل دم الزيات
يعني لازم يبقى راجل من صغره، يتعود على مسك السلاح عشان ما يهاب شي
بعصبية قربت منه وزعقت_إيه اللي بتقوله ده
ده طفل!
أخره يلعب بالتابلت، يلعب كورة، يلعب بعربية لعبة
إنما تمسكه سلاح!
أنتَ بتسرق منه طفولته!
اتكلم جواد في الوقت ده وهو باصصلها من تحت_متزعليش يا ماما يقين، أنا اللي قولت لأبوي يعلمني عشان ابقى كيفه لما أكبر!
أشاحت بنظراتها النارية عن عامر واحتوت وش جواد وهي بتقول بحنان_مش زعلانة منك يا حبيبي، مين قال بس إني زعلانة؟! أنا بتكلم مع باباك بس شوية
رفع عامر حاجبه بتعجب من أسلوبها اللي اتبدل، فوجهت نظرها لحمد وهي بتقول_ممكن تاخد جواد للبيت؟
بصلها حمد بتردد مش عارف ينفذ كلامها ولا لا خاصة إن عامر موجود، بصت بنفاذ صبر لعامر اللي شاورله في النهاية يعمل اللي طلبته، فبالفعل اتجه حمد لجواد وخده وبعدوا عنهم، أما عامر فكمل ضرب وهو بيقول بسخرية_ساعات بحسد جواد
عشان بيشوف وش تاني غير اللي بشوفه!
استعجبت جملته بشدة، ولكنها مديتهوش اهتمام وكملت_أنتَ إيه بجد
حرام عليك اللي بتعمله في طفل زي ده
سلاح يا عامر!
بتمسك ابنك سلاح!
نزل سلاحه وقرب منها وهو بيقول_اسمعي يا مصراوية، إحنا هنا اتولدنا وسط الصحرا، الديابة عندنا كيف الكلاب عندكم
العيل مننا بيتولد راجل، مش خيخة كيف المصاروة!
جواد مسيره يكبر، ولازم يتعلم يمسك السلاح عشان يعرف يدافع عن نفسه، هذا ابن عامر الزيات يعني بيحمل دم الزياتية في عروقه، لازم يبقى راجل من صغره
هزت راسها وهي بترفع إيديها في الهوا بعدم استيعاب_أنا مش قادرة أصدق والله
حاسة إني دخلت فيلم أكشن
رفع السلاح ناحيتها فانتفضت لورا بخوف، في حين ابتسم بسخرية وقال_مش ذنبي إنك جبانة
كشرت عن أنيابها وقالت باعتراض_أنا مش جبانة
أنا بس خايفة على مشاعر الولد!
_يا حنينة!
قالها بتريقة فبصتله برفعة حاجب، فقرب منها ومسك كفها حط السلاح فيه وهو بيقول_طالما مش جبانة وريني!
قالها وهو بيوجه راسه ناحية الزجاجات المرصوصة، فمسكت السلاح من طرفه برعب وقالت_لا شكرًا مليش في الجنان بتاعكم ده!
خد عامر السلاح منها وهو بيقول بتريقة_مش بقولك جبانة وبوق على الفاضي كمان
مبتعرفيش غير إنك تلكي في الكلام وتحرقي دمي غير كذه أخرك فاضي.
بعد عنها وراح وقف عند النقطة اللي محددها، فحست هي بالغضب الشديد من كلامه اللي مس كرامتها، قربت منه وقبضت على السلاح اللي في إيده وخدته، فبصلها بسخرية ممزوجة بالاستغراب، أما هي فقلبت السلاح بين إيديها بقلق، سمعت صوته من وراها اللي كان مستهزئ_حقيقي
والطلق اللي فيه حي، يعني الغلطة منه بفورة
خايفة ولا إيش؟!
رفعت إيديها في الوقت ده بتحدي ووجهت نظرها للزجاجة، متنكرش كانت حاسة بالخوف الشديد، خاصة وإنها عمرها ما استخدمت سلاح قبل كده، بإيد مرتعشة رفعت السلاح وضربت طلقة ولكنها جت بعيد عن الزجاجة، ومن قوة ارتداد الطلقة وقع السلاح من إيديها وهي حاسة بألم في قبضتها.
هز عامر راسه وهو بيضحك عليها، فبصتله هي بضيق وقالت_بتضحك على إيه؟!
سكت ومردش عليها بل مال وخد السلاح من الأرض، وحطه في إيديها وقال_امسكي السلاح بإيدك الاتنين
خلي رجل ورا ورجل قدام عشان تثبتي جسمك
غمضي عين من الاتنين وبصي على الازازة حددي مكانها بالضبط واضربي
كانت بتنفذ كل الكلام اللي قاله فعلا، ولما خرجت الطلقة كانت جت قريبة أوي من الزجاجة، زفرت بضيق من إنها فشلت وانتصر عليها
ولكنها انتفضت لما حست بإيده على إيدها ونفسه بيلفح في رقبتها، اتحركت باعتراض وهي بتقول_بتعمل إيه
ابـعد!
لكنها اتجمدت لما حط إيده على خصرها يثبت حركتها، في حين خرج صوته الأجش جنب أذنها وهو بيقول_اثبـتي
لقت نفسها حركتها بتسكن بالفعل تحت تأثير نبرته، شال إيده من على خصرها، واحتوى إيديها الممسكة بالسلاح ورفعه تجاه الزجاجة، كانت هي مرتبكة بشدة، أنفاسه الساخنة اللي بتضرب رقبتها، ريحة عطره اللي غزت خلاياها، صوته الرجولي اللي كان خارج منه همس رقيق، كل دي حاجات خلت ضربات قلبها تدق بجنون هي نفسها استغربتها، استغربت مشاعرها اللي اشتلعت في قربه!
نقل نظره هو عليها، بيتأملها عن قرب، في حين خصلات شعرها الطايرة بتضرب وشه، وعطرها النفاذ الهب خلاياه.
_اضـربـي
وبالفعل خرجت رصاصة في الوقت ده أصابت الزجاجة تمامًا، انتفضت هي وقتها مبتعدة عنه بارتباك واضح
أما هو فكانت نظراته غريبة، كإنه في الوقت ده اكتشف مشاعره اللي بقت ناحيتها، رجعت هي خصلاتها بارتباك وهو بتنقل نظراتها على الزجاجة، فاتنحنح هو بيحاول يتمالك مشاعره وقال_ييجي منك يا مصراوية
بتتعلمي بسرعة
حطت السلاح في إيده وقالت وهي بتبص لعيونه_مش واخد بالك إن تعليمك ليا مش في صالحك؟
يمكن مثلا تبقى أول واحد أضربه بيه؟
كانت نظراتها عابثة وكإنها قاصدة تستفزه، هي بالفعل محبتش جو الهدوء اللي بينهم، فرفع حاجبه وقال_هتقتليني مثلا؟
ربعت إيديها قصاد صدرها وقالت بابتسامة_وليه لأ؟
شاورلها على السلاح بعينه اللي كان ماسكه في إيده وقالها_أنا قدامك أهو
اتبادلوا النظرات لوهلة، كانت عيونها بتلمع بحاجات جديدة عليهم حاجات محسساه بالدهشة، و مستنكراها هي، بعدت بنظرها عنه وهي بتعدل شعرها وبتقول بغرور_مبحبش الضحايا السهلة
ضحك على جملتها بعد ما استوعبها وقال_يا واد يا صعب!
ضحكت هي كمان فاتحرك وقعد على الأرض وهو ساند ضهره على شجره، في حين طلع علبة سجايره من جيبه واشعلها، لقت نفسها بتروح ناحيته وقعدت جنبه، فضلوا ساكتين شوية وهما باصين في الفراغ، في حين كان عامر بينفخ دخان سيجارته بصمت، اتلفتت ليه يقين وهي بتبصله وبتتمعن في ملامحه، لحد ما قطعت الصمت وقالت_أنتَ اللي خلتهم يمسحوا الأخبار اللي نزلوها عني؟
اتجمدد إيده اللي كانت ماسكة السيجار في الهواء، وكإن سؤالها صدمه، هو بالفعل مكانش متوقعه منها، خاصة إنها مش معاها حاجة تخليها تشوف ده وتقريبا مفصولة عن الدنيا، من رد فعله عرفت إن هو فعلًا، فاتعدلت وهي بتبص له، اتلفت هو يتأملها بنظرات غامضة مقدرتش تفسرها، فقالت هي_ليه؟
بص في عيونها مباشرة وقال_مستحملتش نظرة اللوم اللي في عينيكي
اتسعت عيونها بدهشة من نبرة صوته، وفضلت بصاله بصمت واضطربت دقات قلبها بقوة كإنها حست إن اللي قدامها مش عامر بل شخص تاني اتبدل، في حين كانت عيونه هو لامعة بصدق، سرعان ما أشاح بوشه للناحية التانية وسحب نفس من سيجارته وهو بيقول_مستنية أقولك الرد هذا ولا إيش؟!
أنا عملت كذه عشان مسمحش لحد يمس شرف مرت عامر الزيات بكلمة، حتى لو ما بنطيق بعض بس هتفضلي مرتي!
كانت حاسة إنها طارت لسابع سما، وفلحظات نزلت على وشها، هزت راسها بعد ما أشاحت بوشها بعيد عنه، وضحكت بسخرية وهي بتقول_لوهلة افتكرتك بني آدم!
زفر دخان سيجارته في وشها وهو بيقول_لا متفتكريش، أنا وحش وما عندي قلب ومفتري وظالم كيف ما بتقولي يا مصراوية خلي هذا في بالك
كانت ملامحها باين عليها عدم الاستيعاب، ازاي بيقدر يتبدل في لحظات بالشكل ده!، وقعت عيونه هو على إيديها والدبلة اللي متوسطة اصبعها، فاتكلم وهو بيشاور عليها بعيونه_مش ناوية تخلعي هذا الخاتم؟!
نقلت نظرها على مكان ما شاور، ملست بأصابعها على دبلة جوازها من يوسف
فضلت باصة للدبلة بصمت، هل هي كرهت يوسف فعلًا؟
هل اعتبرت جوازهم كان كدبة؟!
هي نفسها لسة متعرفش إجابة السؤال ده، لكنها اتعدلت وقامت وقفت وهي بتقوله بقوة_أنا بس اللي أقرر هقلعها ولا لأ
قبل ما تمشي كان قبض على كفها، بصتله برفعة حاجب فقال_مش عيب تبقي متجوزة واحد ولابسة دبلة التاني؟
جذبت إيديها منه وبعنف قالت_ده لو كنت معترفة بالجوازة دي أصلًا!
اتحركت وسابته ومشيت، فسمعت صوته وهو بيهتف_سواء رضيتي أو لأ أنتِ مرتي يا يقين
يعني خروجك من هنا هيبقى للقبر بس!
غمضت عيونها تضغط على جفونها بألم، لوهلة كانت حست إنها ممكن توصل معاه لاتفاق، لوهلة حست إن عيونه
فيها مشاعر!
مشاعر ممكن تستغلها، تضغط عليه بيها، ولكن مهما كان فاللي قدامها ده عامر الزيات
عامر اللي بلا قلب زي ما قال!
كل طرقاتهم مع بعض مسدودة، اللحظات اللي كانت بتدور بينهم ما هي إلا لحظات مؤقتة
كانت ماشية في طريقها لرجوعها للبيت، دموعها نازلة على وشها بألم، وشهقاتها بترتفع، مش عارفة هي بتبكي ليه، ولكن دي هي الوسيلة الوحيدة اللي بتقدر تخرج بيها مشاعرها حاليًا.
سمعت صوت من قلب شجر اليوسفي قدامها، فعقدت حاجبها بتعجب، قربت من مصدر الصوت وهي سامعة خطوات من على بعد، فمالت وهي بتبص من بين الشجر وبتقول_جواد؟
حمد؟!
ده أنتوا؟!
ولكن خفتت الحركة ومبقتش موجودة، فهزت كتفها بتعجب واتلفتت عشان تمشي وهي فاكرة إن ده ممكن يكون حيوان بس، ولكن بمجرد ما خطت خطوة اتوسعت عينيها بهلع لما حست بحد بيمسكها من ضهرها، وقبل ما تصرخ كمم فمها بعنف، عضت كفه بقوة فزمجر بغضب، وضربته بكوعها في بطنه، وقبل ما تهرب كان قبض على دراعها ولفها ليه
بهتت صرختها لما جذبها من دراعها أكثر وحست بحاجة بتخترق بطنها بعنف
اتجمد جسدها وضعفت حركتها وهي باصة في عيون الملثم اللي مكانش ظاهر حاجة من وشه بعيون متسعة بهلع، جذب السكينة من بطنها بعنف فشهقت بألم ودفعها على الأرض وسابها وهرب
فضلت هي مكانها على الأرض بتصارع الحياة لحد ما حست بضباب قصاد عينيها
واستسلمت للاغماء بضعف، وآخر حاجة سمعتها كان صراخ عامر المرعوب باسمها..
يتبع…..
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية وجوه في العتمة)