روايات

رواية وجه بلا قناع الفصل العاشر 10 بقلم سامية السيد

رواية وجه بلا قناع الفصل العاشر 10 بقلم سامية السيد

رواية وجه بلا قناع الجزء العاشر

رواية وجه بلا قناع البارت العاشر

وجه بلا قناع
وجه بلا قناع

رواية وجه بلا قناع الحلقة العاشرة

«أحيانًا، تأتي الصدف بما لا تأتي به ألف ميعاد»
لم يكن الألم ناجمًا عن السقوط، بل عن شيء آخر، شعور مبهم لم تستطع تسميته… ربما كان الخوف، وربما الذكرى، أو لعلهما معًا، ممزوجَين بمشاعر لم تجد لها وصفًا.
امتدت يد نحوها، يد لم تكن غريبة، بل تحمل ماضيًا لم يُطوَ بعد. رفعت رأسها ببطء، وعيناها التقتا بعينيه… جاسر. للحظة، تلاشى كل شيء من حولها، لم تعد تسمع سوى دقات قلبها المتسارعة، وكأن الزمن عاد بها إلى لحظة أخرى، إلى زمن آخر.
كانت ملامحه تعكس دهشة لم تخفها ابتسامته الصغيرة، تلك الابتسامة التي تشبه الذكريات العالقة في الأذهان، لا تختفي تمامًا، لكنها تبقى هناك، في الخلفية، صامتة دون ضجيج.
نور، بجد حصلك حاجة؟ أنا حاولت أوقف العربية، بس انتِ كنتِ بتمشي بسرعة… كنتِ بتعملي إيه هنا؟
تسللت كلماته إليها ببطء، كأنها قطرات مطر تنزلق على زجاج نافذة مغلقة. أرادت أن ترد، أن تقول شيئًا، لكن عقلها كان لا يزال عالقًا في سؤال واحد: لماذا هو هنا الآن؟ لماذا في هذه اللحظة بالذات؟
حاولت أن تنهض، لكنه أمسك بيدها برفق. شعرت بحرارة أنامله، بحرارة الذكرى التي رفضت أن تبرد رغم مرور السنوات. رفعت عينيها إليه بحزن، ثم سحبت يدها برفق بعدما نهضت، كأنها ترفض أن تسمح لأي شيء قديم بالعودة، ولو للحظة واحدة.
ظل يتأملها بصمت، عيناه تجولان في ملامحها، تبحثان عن تلك الفتاة التي عرفها يومًا، وكأنهما تحاولان التقاط التفاصيل التي تغيرت. ثم، وكأن الصدفة لم تكن كافية، قال مبتسمًا:
خفضت نظرها للحظة، شعرت أن في عينيه ما لم يُقل، لكنها لم ترد أن تنجرف مع التيار. فقالت بصوت خافت لكنه ثابت:
مش مهم أنا اتأخرت، لازم أمشي.
استدارت لتنصرف، لكنها لم تبتعد سوى خطوة واحدة قبل أن يأتي صوته مجددًا، هادئًا لكنه محمل بثقل لا يمكن تجاهله:
طيب مش مهم أعرف، بس اسمحيلي أوصلك… أكيد عارفة إن مستحيل أسيبك لوحدك في مكان زي ده، في الوقت ده، يا نور.
لم تكن بحاجة للنظر إليه لتعرف أنه لن يتراجع. أخذت نفسًا عميقًا، ثم التفتت إليه، نظرت في عينيه للحظات قبل أن تبتسم بهدوء قائلة:
أكيد عارفة إنك شهم،
تعرف… أنا كنت بفكر فيك، لكن سبحان الله، تيجي قدامي.
قالتها بعفوية، لكنها رأت كيف تغيّرت تعابيره للحظة، كيف اشتعلت عيناه بشيء لم تستطع تحديده، قبل أن يبتسم قائلاً:
وأنا كمان كنت بفكر فيكِ
… بجد، سبحان الله. بس مش شايفة إنها حاجة غريبة؟
♡في مكان اخر ♡
في مكان آخر، كان أحمد جالسًا في الصالون، عيناه معلقتان بعقارب الساعة في هاتفه، التي بدت أبطأ من المعتاد، أو ربما كان القلق يجعله يشعر بذلك. أغمض عينيه للحظة، ثم زفر ببطء، كأن أنفاسه تحمل ثقل الانتظار.
نور اتأخرت… وتليفونها كمان مقفول.
على الأريكة، جلس هشام ممسكًا بهاتفه، تتنقل عيناه بين الشاشة ووجه والده، لكنه لم يكن قادرًا على إظهار قلقه. حاول أن يبدو طبيعيًا، فابتسم قائلاً:
يمكن عندها شغل في المستشفى..
لكن أحمد لم يكن مقتنعًا بهذه الإجابة، فنهض فجأة وقال بحزم:
أنا هروح أشوفها، مش مرتاح.
كان هشام يعلم أن والده لن يهدأ حتى يطمئن، فحاول تهدئته:
يابابا متقلقش كده، أنا هروح المستشفى اطمن وأطمنك عليها، متتعبش نفسك.
تأمل أحمد ابنه للحظة قبل أن يجلس مجددًا، لكنه لم يكن مطمئنًا تمامًا. ثم لاحظ شيئًا… رغم حديث هشام معه، كان شارد الذهن، عيناه مثبتتان على هاتفه.
أنت بتكلم مين على الفون؟ وكمان مش مركز معايا؟
رفع هشام رأسه بسرعة، وكأنه لم يدرك أن والده يراقبه. حاول أن يخفي ارتباكه، لكنه ابتسم بخفة وهو يضع الهاتف جانبًا:
والله يابابا مركز، بس البنت شكلها مش بتيجي بسهولة.
رفع أحمد حاجبه بدهشة، ثم قال بلهجة تجمع بين الفضول المعرفة.
بنت مين بقى اللي مش بتيجي بسهولة؟ أنت مركز صح؟
أدرك هشام متأخرًا أنه أفشى أكثر مما ينبغي، فابتسم قائلاً:
أوبا… شكلي عكيت الدنيا
.
ضحك قليلًا، ثم نهض سريعًا قبل أن يبدأ والده التحقيق معه:
أستأذن بقى، أروح أشوف نور وأطمنك عليها.
♡في مكان اخر ♡
كانت السيارة تسير ببطء في الشوارع المظلمة، والصمت يملأ المسافة بينهما. نور كانت تحدق عبر النافذة، بينما جاسر يلقي نظرات خاطفة نحوها، محاولًا قراءة تعابيرها، لكنه كان يعلم أنها بارعة في إخفاء ما تشعر به.
استلمتي الشغل؟
لم تلتفت إليه، فقط أجابت بابتسامة خفيفة، حاولت أن تبدو طبيعية، لكنها كانت تحمل شجنًا خفيًا:
أيوة، استلمت… الحمد لله، مبسوطة ومرتاحة كمان.
نظر إليها مستغربًا، ثم قال بنبرة ساخرة بلطف:
واضح جدًا عليكِ الانبساط والراحة.
لم ترد عليه مباشرة، فقط زفرت ببطء وقالت:
فعلاً، معاك حق… بس للأسف الدنيا شكلها مفيهاش راحة.
أوقف السيارة فجأة على جانب الطريق، التفت إليها بجدية، وقال بصوت هادئ لكنه يحمل ثقل الكلمات: “لقد خلقنا الإنسان في كبد”… أي تعب ومشقة، بس إن شاء الله ربنا يسعدك. بجد، فرصة سعيدة إني شوفتك.
نظرت إليه للحظة، وكأنها تحاول أن تحتفظ بهذه اللحظة في ذاكرتها، ثم نزلت من السيارة. فتح لها الباب بنفسه، للحظة شعرت كأنها أميرة، كأنها في مشهد سينمائي لم تكن تتوقعه. كانت الابتسامة على شفتيها هذه المرة حقيقية، لم تكن مرسومة أو مصطنعة.
راقبها حتى ابتعدت، ثم عاد إلى سيارته وغادر. أما هي، فقد أسرعت الخطى نحو منزلها، حتى لا يقلق والدها أكثر من ذلك.
فتح الباب بسرعة، وعيناه تبحثان عنها بلهفة وقلق، قبل أن يسأل بصوت يحمل توترًا خفيًا:
نور… ليه اتأخرتي؟ هو جاسر اللي كان موصلك، مش كده؟
كان قد لمحها من شرفة المنزل، لكن رؤيتها أمامه الآن جعلت الأسئلة تتزاحم في عقله، منتظرًا منها إجابة قد تغير كل شيء.
♡في مكان آخر♡
جلس فؤاد بغضب، أصابعه تنقر على الطاولة بعصبية، قبل أن ينطق بانزعاج:
بقى كده؟ نور تعمل فيَّ كده؟ هي اللي بدأت!
نظرت إليه بضيق، قبل أن تقول بغضب مكبوت:
يا فؤاد، خلاص! وبعدين، احمد ربنا إني أنقذتك… نور مش سهلة، وكمان أخوها، فالأفضل تبعد عنهم أحسن.
نظر إليها بعينين مشتعلتين، قبل أن يبتسم بسخرية وقال بصوت يحمل وعيدًا:
هههههه… طيب، هنشوف! بس أنا مش هسيبها… هدمر حياتها كلها.
كان في نبرته شيء بارد، كأن الأمر لم يعد مجرد انتقام، بل معركة لن تنتهي إلا بسقوط أحدهما.

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية وجه بلا قناع)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى