روايات

رواية هل الضربة قاضية الفصل السادس عشر 16 بقلم نهال عبدالواحد

رواية هل الضربة قاضية الفصل السادس عشر 16 بقلم نهال عبدالواحد

رواية هل الضربة قاضية البارت السادس عشر

رواية هل الضربة قاضية الجزء السادس عشر

هل الضربة قاضية
هل الضربة قاضية

رواية هل الضربة قاضية الحلقة السادسة عشر

خرجت حبيبة متأبطة هاجر تتجهان إلى المطعم بعد غياب حبيبة؛ فموعد فترة عملهما قد اقترب.
كانت هناك ابتسامة غريبة عفوية مرسومة على وجه حبيبة، ربما لم تنتبه هي نفسها إليها، فمثلما اللسان مغرفة القلب فإن ملامح الوجه وتعبيراته أيضًا مغرفة القلب حتى ولو رغمًا عنك!
فكثيرًا ما يبدو قلقك وحزنك على تعابير وجهك حتى ولو لم تُفصح ومهما بلغت بك قدراتك على إخفاءها، فأيضًا تبدو السعادة على الوجه حتى وإن لم يقصد صاحبها إظهارها.
كانت هاجر متابعة كل تلك التغييرات الطارئة على حبيبة وتجيد تفسيرها تمامًا، لكنها في نفس الوقت لا تقوى على مواجهة حبيبة بها، فهي متأكدة أنها على أقل تقدير ستنفي وتكابر بل ربما لتحدث مشاداة بينهما وخلاف جديد لا طاقة لها به، إذن فأسلم حل هو الانتظار، تنتظرها حتى تحين اللحظة التي تروقها لتحكي لها مكنونات قلبها، وإن كان ذلك الحدث قد أسعد هاجر، أن أحدهم قد نجح وحرّك شعورها وإحتل قلبها.
لكن حبيبة نفسها لم يصل إدراكها لتلك النقطة، فهي حتى الآن تجهل تفسير حالتها، تشعر فقط بتغير ينتابها ومؤثرات تؤثر فيها لكن دون أن تدرك معناها ولا ماهيتها، ربما لم يصل عقلها لذلك أو بمعنى أدق لا زال العقل يرفض مثل تلك الأمور، بالتالي لم يتمكن بعد من ترجمة ما يحدث، بل أكاد أُجزم أنها حتى ولو وصلت لتلك الترجمة فسترفضها وتجاهد نفسها لتتخلص منها مهما بلغت العواقب!
والوضع لم يختلف مع رياض فلا زال هو الآخر ينفي مثل تلك التفسيرات رغم أن كل الشواهد تقول العكس تمامًا، لكن ماذا نقول عن العناد خاصةً بغير وجه حق؟!
وكان يشعر دائمًا أنه محاصر وإن كانت المحاصرة بمجرد نظرات تجمع بين المكر والتسلية وأحيانًا ذات شفقة!
فيهرب من نظرات أمه ليجد أخته فيهرب منهما ليجد إيهاب وطارق وإن هرب من كل هؤلاء وتصادف وقابل مصطفى يرى منه ومن زوجته أيضًا، فلم يتحدث إليه أحدهم بعد أو حتى يلمحوا له بأي شيء، الكل منتظر اللحظة الحاسمة.
لكنه لا زال عند موقفه ولا يزال معتقدًا أنه مجرد موقف شهامة ورجولة يقف به جوار فتاة وحيدة بل وجديرة أن تجد من يدعمها ويساعدها.
وها هو يثبت لنفسه وللجميع موقفه؛ فلم يتصل بها إطلاقًا إلا عندما انتهى من إعداد الشقة كما وعدها!
بدأت بالفعل هاجر وحبيبة تنقلان أشياءهما إلى السكن الجديد، وافقتا على استخدام الأجهزة الموجودة بالشقة وبعض قطع الأثاث التي كانت أفضل حالًا من خاصتهما .
وبدأت الفتاتات مرحلة ترتيب السكن الجديد وكانت تصاحبهما نادية معظم الوقت وإن تصادف وجود رباب عند أمها كانت تشاركهن أيضًا.
كانت نادية متعجبة من حال إبنها؛ فقد خالف كل توقعاتها فلا زال يخرج منذ الصباح ولا يعود إلا مساءً، لم تجده مثلًا يتصل بها ولا يقف في إحدى النوافذ أو الشرفة ليتطلع إلى بنت الجيران!
أما عن حبيبة فصارت منشغلة بتدريباتها أكثر الوقت حتى إنها قدّمت على إجازة ولم تعد تذهب لعملها؛ فوقتها ما بين التدريب الشاق وإعداد بعض الأوراق ولوازم السفر، لكن لم يمنع أنها كانت كثيرًا ما تلمحه يتسلل مسرعًا في الصباح ليخرج كأنه يهرب ويخشى أن يراه أحد، أو في الليل كانت حينًا وهي واقفة في النافذة قبيل نومها تراه قادمًا وأيضًا يدخل البيت مسرعًا، وبالرغم أن كل ذلك لم يستوقفها كثيرًا إلا أنها صارت تعاني من وجود فراغ في حياتها، أيعقل أن يكون هو المتسبب في هذا الشعور؟! أيعقل مثلًا أنها تفتقده؟!
في حين هاجر كانت هي التي تذهب إلى العمل وفي حال تواجدها بالبيت تجالسها نادية فقد ألفت الفتاتين وصارت لهما بمثابة أُمًّا؛ لذلك صار موقف ابنها يغضبها من داخلها فلم تجد لعناده أي مبرر.
وذات يوم ذهبت حبيبة إلى السيد مصطفى في المحل لتودّعه قبل سفرها، فطرقت باب مكتبه وكانت مرتدية ملابس شبابية عادية غير زي العمل، فأذن لها ودلفت إليه.
وقد تصادف وقتها جلوس رياض معه، وما أن دخلت الحجرة ولمحت رياض حتى وجمت وتصنّمت مكانها بعض الوقت، وبعد قليل استعادت رشدها وألقت التحية فجاءها رده على تحيتها ببرودٍ شديد لم تعهده منه وحتى دون أن يلتفت إليها، تُرى أين ذلك الوجه الباش الذي مهما فعلت كانت تجده ؟!
أين نظرة الاهتمام المميزة التي كانت لا تراها إلا منه؟!
نظرة مختلفة بحق، إختلفت في تفسيرها وإعطاءها مسمى، لكن ما الفارق إن كانت افتقدتها؟
ماذا؟ أتقول افتقدتها؟!
لا، مؤكد أي شيء وأي مسمى آخر لكنه ليس افتقاد، تراه لماذا يؤرقني جفاءه وطريقته وهو أصلًا لا يعنيني ولا يهمني! فهو في النهاية رجل وجميع الرجال متشابهين ولهم نفس الطبيعة، هو مؤكد كان يريد التسلية لكنه قد فشل بل وفشل فشلاً ذريعًا.
لكنه لم يظهر ذلك يومًا، ولم أري منه إلا الشهامة والمعاملة اللطيفة مهما بلغت فظاظتي المتعمدة، حتى لم أرى في عينيه تلك النظرة الحيوانية أو نظرات التهكم والسخرية التي كنت أراها في عيون غيره من الرجال ، بل لا تنكري أنك كنتِ تنتظرين له خطأً ، أي خطأ لتنالي منه… لكنه لم يفعل!
هكذا كانت تحدث نفسها داخل عقلها، فتجاهلته هي الأخرى؛ فهي لم تقصده في الأساس، واتجهت نحو مصطفى.
الذي قال: خلاص يا بيبو آن الأوان!
فأومأت برأسها وقالت بهدوء: أشوف وشك بخير.
– هتوحشينا والله يا بيبو! بقولك إيه عايزك ترجعي بكام ميدالية كده.
– ياريت والله! ربنا يوفقني يارب وأقدر أحصّل ولو ميدالية واحدة! نفسي أوي ف واحدة ذهبية، مش هوصي حضرتك على هاجر.
قالت الأخيرة على استحياء وهي تنظر أرضًا، فنهض واقفًا واضعًا يديه في جيبيه ثم قال بابتسامة: عيب عليكِ ده إنتو إخواتي.
– وده العشم ربنا يعلم والله! إن حضرتك عندنا زي أخونا مع حفظ المقامات يعني.
فرفع أحد حاجبيه باستنكار قائلًا: مقامات إيه إن شاء الله! خلي بالك من نفسك كويس، كنت عايز أوصلك المطار.
– ألف شكر لحضرتك، أنا هركب مع باقي الفريق لحد المطار إن شاء الله.
كان مصطفى يتجه نحوها ببعض الخطوات فمدت يدها لتصافحه قبل أن تخرج، فصافحها لكنها شعرت بملمس الأوراق النقدية في يده، فاتسعت حدقتاها وهي تومئ إيماءة خفية أن لا، ليومئ لها بعينه بل نعم وليس أمامها إلا أن تقبل المال، فابتسمت له وهي تسحب يدها بما فيها من مبلغ مالي و تومئ إليه بسعادة وامتنان.
كان عليها أن تذهب الآن وكانت منذ أن دلفت للحجرة و هي تنظر ناحية رياض بطرف عينها تنتظر منه أي ردة فعل أو حتى كلمة وداع، لكنه لم يتحرك ببنت حركة كأن على رأسه الطير بل ربما لم يطرف جفنه ولم ينطق بأي حرف.
بعد أن صافحت مصطفى واستأذنت لتخرج التفت في إتجاه باب الحجرة لكن ظلت واقفة في مكانها بعض الوقت؛ ربما ينهض رياض يسلّم عليها ويودعها.
لكن مع كل أسف لم يحدث أي شيء وظل جالسًا مكانه دون حراك ، فشعرت بتجمع الدموع في عينيها ولا تدري لماذا!
كل ما تعيه جيدًا أنها قد طُعنت في كرامتها من لامبالاته هذه وعدم اكتراثه بها وأن عليها الإنصراف فورًا فيكفي ما أُهدر من كرامتها أمامه وكأنما تتسول منه السلام والوداع.
وفي لحظات كانت قد اتجهت ناحية الباب وخرجت مسرعة تطوي أرض المحل طيًّا بأقصى ما أوتيت من سرعة لتبتعد عن هذه المكان المتواجد فيه.
ومع غلقة الباب خلفها أغلق رياض عينيه بقوة مبتلعًا ريقه بمرارةٍ وحزنٍ ظاهرين، فتح أزرار قميصه العلوية ملتقطًا أنفاسه وهيئته متعبة حقًا، وكان مصطفى مسلطًا أنظاره عليه بحيرة وعدم فهم.
وبعد مرور بعض الوقت على تلك الحالة بادر مصطفى قائلًا:…

يتبع…..

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية هل الضربة قاضية)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى