روايات

رواية هل الضربة قاضية الفصل الحادي عشر 11 بقلم نهال عبدالواحد

رواية هل الضربة قاضية الفصل الحادي عشر 11 بقلم نهال عبدالواحد

رواية هل الضربة قاضية البارت الحادي عشر

رواية هل الضربة قاضية الجزء الحادي عشر

هل الضربة قاضية
هل الضربة قاضية

رواية هل الضربة قاضية الحلقة الحادية عشر

انطلق رياض بالسيارة، أدار المذياع على إحدى قنوات الأغاني، ثم ساد الصمت ولم يكن هناك سوى صوت عدد من الأغاني الطربية.
حتى جاءت كلمات أغنية بعينها:
« بتحبني ولّا الهوى عمره ما طالك… بتحبني ولّا انكتب عل قلب نار آه…»
أنصت رياض لتلك الكلمات ولا يدري لماذا ينصت ويدقق فيها؟! هل تحبها فعلًا يا رياض؟ وقد سقطت في ذلك الهوى !
ليجيب على أفكاره مسرعًا أن مستحيل… كل ما هنالك أنها فتاة مختلفة ولم أقابل نوعيتها من قبل، مؤكد لا أحبها! أنا لا زلت أقدّس حياة العزوبية وأجاهد لأحافظ على بقائي فيها، بالطبع لا يمكن!
ابتسم بسخرية ناظرًا أمامه مومئًا برأسه نافيًّا.
أما حبيبة فهذه الكلمات لم تتركها أيضًا… ترى لماذا يفعل كل هذا؟! طوال الوقت أشعر أنه يحاول التقرّب مني والتعرف عليّ بأي طريقة، ربما فسّرت ذلك بأنه يتسلى مثل غيره ومنذ وقتها وأنا أنتظر منه أي خطأ متصيّدة له أي موقف لألقّنه درسًا لا ينساه، لكن الغريب أنه لا يعطيني أي فرصة لأنال منه حتى الآن! أيها اللغز المتفاقم ماذا تريد؟ ولماذا تقترب؟ ولماذا أنت مختلف؟ وهل أنت فعلًا على هذا القدر من الشهامة و الأخلاق؟!
كلها أسئلة صعبة لا أعرف لها إجابة حتى الآن، لكنها بالطبع بعيدة كل البعد عن أي إحساس أو شعور بالحب.
وصل رياض أخيرًا بعد مسافة من الصمت التام، لتقطعه هي قائلة بامتنانٍ رسمي: أشكرك جدًا.
ليجيبها بوجهٍ باش ورسمية أيضًا: ما عملتش حاجة تستدعي الشكر.
– لأ إزاي؟! كفاية تعبك…
لتلتفت عبر زجاج نافذة السيارة فلمحت هاجر وقد وصلت حالًا، فأكملت ناظرة نحوها فاتحة باب السيارة: طب عل إذنك، هاجر أهي أروح ألحقها، سلام!
فأومأ برأسه ولم يعقّب، هبطت من السيارة مسرعة مهسهسة على هاجر، تناديها، فالتفتت هاجر لمصدر الصوت فوجدت حبيبة مسرعة نحوها بابتسامة عريضة، لكنها لمحت من خلفها رياض الجالس داخل سيارته ناظرًا ناحيتهما، يبدو أنهما قد جاءا معًا.
شبكت ساعديها أمام صدرها وهي تهتز بتوتر ناظرة لحبيبة بسخرية وقالت بتهكم: أهلًا.
أجابتها حبيبة بابتسامة: إستني ندخل سوا.
فأجابتها بنفس تهكمها: لا ما تتعبيش نفسك، واضح إنك استغنيتي وتخطتيني و ما بآتش ألزمك، والدليل أهو إنك مقضياها.
فاقتضبت ملامحها وتشنجت بصدمة: إنت بتقولي إيه!
– إيه! قولت حاجة غلط! ما إنت مقضياها ولا على بالك وجاية مع الأستاذ.
فقالت بصدمة أقرب إلى الانهيار: إنتِ بتقولي إيه! ما إنتِ عارفة إني جاية م التمرين وهو بيتمرن عندي.
– وأنا ما بكلش من الكلام ده، وافتكري إنك اختارتِ.
قالت الأخيرة وهي ترفع سبابتها في وجهها، لتخر حبيبة فجأة جاثيةً على ركبتيها قائلة بصدمة: لا يا هاجر! ما تقوليش كده! ما ينفعش تيجي منك! أرجوكِ بلاش تقسي عليّ كده!
وهنا تدخّل رياض مسرعًا، فاقترب من حبيبة يجذبها من ذراعيها لتنهض واقفة وقال محفّزًا لها: قومي، ما ينفعش تنهاري كده ف الشارع، ما ينفعش تنهاري كده أدام حد، ما ينفعش تنهاري أصلًا… قومي.
بينما نظرت هاجر إليها بتهكم قائلة: حلو أوي الجو ده.
فقال لها مستنكرًا: كفاية بأه! ما تجيش عليها أكتر من كده! مش شايفة إنتِ بتعملي فيها إيه ولا وصلتيها لإيه!
– كفاية إنت تبقى واخد بالك يا حنين.
فقال بامتعاض: من فضلك يا آنسة، حسّني أسلوبك!
وهنا جاء مصطفى وكان قد وصل توًا، فقال باستياء: إده إده؟! في إيه؟! إيه الواقفة دي! يلا على جوة إنتِ وهي.
فدخلت هاجر مسرعة ثم تبعتها حبيبة مترنحة وحالتها لا تبشر بخير وعينا رياض تتابعاها حتى اختفت داخل المحل، وكان شاردًا لدرجة لم يشعر بحديث صديقه إليه، بل لم يشعر بوجوده من الأساس!
فصاح فيه مصطفى: إيه يا بني ما ترد عليّ!
فانتفض رياض وبدا عليه التفاجؤ وصاح بفجأة: مصطفى!
أكمل محاولًا لملمة نفسه بسرعة: آسف يا درش ما اخدتش بالي.
فضيّق مصطفى عينيه قائلًا ببعض المكر: يا ترى إيه سر وقفتك هنا مع البنات؟!
أجابه محاولًا إخفاء أي شعور كعادته: ولا حاجة، كل الحكاية إنها كانت بتدربني زي ما إنت عارف فوصلتها.
قال الأخيرة وهو يخطف الكلمة يريد إخفاء ما بداخله، خاصةً مع تلميحات مصطفى له ببعض المكر، ثم استأذن مسرعًا قبل تطور الموقف: طب أستأذن أنا بأه ورايا مشاوير.
فأومأ مصطفى برأسه وتصافح الصديقان ثم انصرف رياض راكبًا سيارته منطلقًا بها.
بينما دلف مصطفى لداخل محل عمله يتابع حركة العمل وأيضًا متابعًا لحبيبة.
لم تكن حبيبة بخير إطلاقًا، كانت شاردة صامتة، لا يستطيع الرائي تحديد حالتها، حزينة، متعبة أم تعاني!
لكن المُلاحَظ بوضوح أن هناك مشكلة بين هاتين الفتاتين لأول مرة منذ أن وطأت قدماهما هذا المكان، وواضح أن المشكلة غير عادية.
ظلت حبيبة تروح وتغدو بالمكان مجاهدة نفسها و تقاومها لتكمل اليوم، وكلما مرت هاجر من أمامها أو جوارها نظرت نحوها تستجدي عطفها، لكن هاجر لم تلتفت إليها حتى الآن!
حتى أن حبيبة كانت تجمع أواني فارغة من طاولة عقب مغادرة زبونها وما أن تحركت بضع خطوات حتى سقطت أرضًا هي و ما تحمله من أطباق وقد تحولت إلى حطام، وكأنها كانت مغيّبة بدليل تفاجؤها الواضح على ملامحها عندما انتبهت لما أحدثته، تفاجأت مصطفى واقفًا أمامها مشيرًا لها أن تتبعه إلى مكتبه، كما أشار لهاجر التي انزعجت مما حدث لحبيبة، فلم يخطر ببالها أن يصل الحال بها إلى هذه الدرجة.
كان مصطفى جالسًا على مكتبه محرّكًا أصابعه على سطح المكتب محدثًا صوت طرقات خفيفة، بينما عيناه تحاصران الفتاتين الواقفتين أمامه.
بدأت حبيبة وقد احتل الإجهاد كل قسمات وجهها، فقالت بهدوء: آسفة جدًا يا مستر، مش قصدي، مش عارفة ده حصل إزاي!
فعاد بظهره على الكرسي المهتز ومال به يمينًا ويسارًا عابثًا بسبابته وإبهامه في ذقنه مضيّقًا عينيه، ثم قال بتنهيدة: بس أنا عارف ده حصل إزاي، إنتِ مش ف المود من بدري، وده كان متوقع، إنت مش مركزة، ياترى ده ليه؟!
فنظرت كلًا منهما للآخرى ثم نظرت أرضًا ولم تعقّبا، فسكت مصطفى قليلًا محاولًا أن يستشف حقيقة الأمر، لكنه قد فشل في النهاية.
فقال بجدية: بصي يا حبيبة، أنا مش هخصم تمن اللي كسرتيه من مرتبك لأني عارف إنها غير مقصودة ودي أول مرة، لكن ما عنديش استعداد إنها تتكرر، تعبانة يبقى تفضلي ف بيتكم لحد ما تخفي لأني مش هسمح بأي تهاون.
فقالت بصوتٍ خافت: آسفة والله يافندم، ومش هتتكرر تاني، بس أرجوك بلاش موضوع الأجازة دي، أنا مش تعبانة للدرجة دي.
فقال بهدوء: لا يا حبيبة صحتك تهمنا، وإطمني يا ستي مش هخصم منك الأيام اللي هتغبيها.
و رغم أنه قالها بطريقة عملية دون أن يقصد أو يلمّح بأي إهانة إلا أن تلك الكلمات مزقت حبيبة من داخلها، فقد سمعتها بحساسية شديدة، حاولت الرد لكن قد تيبس لسانها في حلقها فلم تعقّب ببنت كلمة.
فأكمل قائلًا: يلا يا هاجر خدي أختك وروحوا، وياريت تحلوا مشاكلكم قبل ما تيجوا، تقدروا تتفضلوا.
خرجت الفتاتان في حالتين مختلفتين؛ فهاجر قد بدأت تلين وتتراجع عن موقفها الحاد الذي اكتشفت فجأة أنه كان مبالَغًا فيه وعليها احتواء حبيبة واسترداد علاقتهما معًا.
أما حبيبة فحالتها لا زالت لا تبشر بأي خير.
وصلت الفتاتات إلى البيت وبمجرد دلوفهما لداخل الشقة وقفت حبيبة أمام الصور الفوتوغرافية المعلّقة على الحائط.
نظرت بينهم وبدأت دموعها تسيل وصاحت ناظرة لصورة أمها: ممكن تجاوبيني! ليه… ليه بيحصلي كده؟ قوليلي ليه إتجوزتيه ورضيتِ بحياتك دي؟! ليه أنا أفضل طول عمري تعبانة وموجوعة وأعيش أقل من أي حد؟! ليه ما أعرفش أحقق أي حاجة؟ ليه وافقتِ عليه وخلتيه يبقى… يبقى… مكتوب إسمه بعد إسمي؟! كل ده عشان اتجوزتِ كبيرة فرضيتِ بأي حد! طب ما فكرتيش فيّ ليه؟ بآيت بصعب على كل الناس! كل الناس بتشفق عليّ! شوفتي مستر مصطفى بيتصدّق عليّ! ما رضاش يخصم مني تمن اللي كسرته ولّا يخصم الأيام اللي المفروض إني هغيبها! عارف إني محتاجة مارضيش يكسر بخاطري! شوفتِ! أنا بتذل! أنا بآيت عالة وما حدش طايقني! أنا أنانية ومش بفكر إلا ف نفسي! وكمان بتبطّر على كل شيء! يلا قوليها ما كلهم بيقولوها! حتى… حتى… حتى هاجر قالتها، هاجر سابتني وقاطعتني و مش عايزة تعرفني تاني! ردي عليّ وقوليلي يا ماما أنا ليه بيحصلي كده؟!
اقتربت منها هاجر مشفقة عليها ولما آلت إليه تربت على كتفها محاولةً تهدئتها قائلة بصوتٍ حنون: إيه اللي بتعمليه ده يا حبيبة! ما ينفعش كده! إقريلها الفاتحة.
فحرّكت حبيبة كتفيها لتدفع يدا هاجر وقد بدأت تنهار: إوعي كده! خليها تقول وتدافع عن نفسها!
– يا حبيبتي عمرها ما هتقول.
فصاحت بطريقة هيستيرية: لا هتقول! هتخرج من الصورة و ترد عليّ! إطلعي م الصورة وكلميني! ردي عليّ! هو أنا لازم أفضل أتذل! حتى لما أخدت بطولات فضلت زي ما أنا! إخرجي م الصورة وقوليلي! كلميني!
ثم قالت بصوتٍ مختنق: طب إخرجي م الصورة وإحضنيني! طمنيني! خليكي جمبي ومعايا ما تسبينيش! مش عايزة أفضل لوحدي، مش عايزة أفضل لوحدي…
فخرت جاثية أرضًا تبكي بحرقة محتضنة نفسها بذراعيها وارتفعت شهقاتها قائلة بصوتٍ متقطع مخلوطًا بالبكاء: مش… عايزة… أفضل… لوحدي! مش… عايزة… أفضل… لوحدي…

يتبع…..

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية هل الضربة قاضية)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى