رواية هل الضربة قاضية الفصل الثامن 8 بقلم نهال عبدالواحد
رواية هل الضربة قاضية البارت الثامن
رواية هل الضربة قاضية الجزء الثامن
رواية هل الضربة قاضية الحلقة الثامنة
قال رياض ضاحكًا: إيهاب، أعرفك، كابتن حبيبة القاضي بطلة مصر وأفريقيا في الملاكمة.
فوجم إيهاب، فرغ فاه وتمتم وهمهم متلمسًا وجنتيه برفق ليتأكد من سلامة وجهه وأن كل ملامحه في مكانها وتتمتع بكامل صحتها.
بدأ يتلعثم ويزوغ بعينيه يمينًا ويسارًا، ثم قال بتهتهة مقطّعًا كلماته كأنّه حديث عهد بالكلام: أهلًا يا كابتن، حقيقي مفاجأة.
فابتسمت حبيبة ابتسامة مصطنعة للغاية، بل هي لا يمكن أن يقال عنها ابتسامة على الإطلاق!
استدارت عنه والتفتت لرياض قائلة: طب يا كابتن تقدر تروح تسترد فلوسك.
فنهض رياض واقفًا متسائلًا بدهشة: ليه بس؟!
أجابت بجدية: مادمت مش هتكمل يبقى تاخد فلوسك، إنت كنت حاجز برايفت يعني أولى بفلوسك.
– لا لا، هاجي إن شاء الله، آسف جدًا عن غيابي بدون سبب.
كان يتحدث إليها ناظرًا داخل عينيها، ثم فجأة نظر خلفها في نظرة أبعد ثم لوّح بيده مبتسمًا لشخصٍ ما، فالتفتت حبيبة تلقائيًا تنظر خلفها لحيث ينظر.
كان مصطفى، زوجته دينا ومحمد طفلهما الذي لم يكمل عامه الأول جالسًا في عربته الخاصة.
رفع رياض صوته مازحًا: درش! دي مواعيد دي!
فتقدم مصطفى نحوه ليصافحه بابتسامة عريضة: ما انت ما جربتش يبقى معاك ست بتلبس ف ساعتين وطفل كل ما يلبس يا إما يكب حاجة على نفسه يا يعملها على نفسه يا يلعب في أي حاجة ويبهدل نفسه وفي جميع الأحوال يغير من أول وجديد!
وقهقه وهو يسلّم على رياض وإيهاب اللذين يضحكان بدورهما، فأجابه رياض: ولا عايز أجرب يا أخي الله الغني! فليحيا العزوبية!
وقهقه ثلاثتهم في حين نظرت له حبيبة باستنكار وتأففت واستدارت بوجهها عنه، وقد لاحظ رياض نظرتها تلك.
بينما تقدمت دينا زوجة مصطفي وكانت امرأة بضة قصيرة القامة خمرية البشرة، لها شعر داكن تجمعه للخلف وعينين داكنتين، فقالت بمزاحٍ: بأه بعد السنين دي يا رياض جاي تهدي النفوس!
ثم مدت يدها تصافحهما: إزيك يا إيهاب؟! عاش من شافك يا رياض.
وقفوا يتبادلون التحية والسلامات بينما رياض متابعًا لحبيبة التي انحنت نحو عربة محمد الطفل تداعبه، والذي بدوره ما أن لمحها تقترب ناحيته اهتز بتحفّز مصدرًا أصوات مناغاةٍ وقهقهاتٍ بسعادة.
جلست نصف جلسة أرضًا وهي تداعبه وتعبث بوجنتيه وشعره برفق، ولا زال يتراقص لها ذلك الطفل بسعادة، وهي تقترب مقبلة يده الصغيرة التي تمسك أحد أصابعها، فتح فمه يمده نحوها فاقتربت منه فوضع فمه على إحدى خديها وكأنه يقبلها.
ابتسم رياض إبتسامة عريضة من ذلك المشهد واقترب من ذلك الطفل وجلس جوارها محاولًا مداعبته مثلها، وما أن اقترب بخده هو الآخر ليفعل مثلما تفعل حبيبة.
لكن المفاجأة! لقد لطمه الطفل بقوة على خده ثم أخذ يجذبه من شعيرات لحيته رغم كونها خفيفة ومهذبة؛ لكن تلك الأصابع الصغيرة لها قدرات خارقة في التقاط وإمساك الأشياء الدقيقة، وأيضًا إحداث خدوش مؤلمة.
نهضت حبيبة مسرعة تضع يدها على فمها محاولة كتم ضحكاتها من هذا الموقف، بينما ظهر على رياض الانزعاج ونهض واقفًا معدّلًا من هيئته مدلّكًا خده، بينما الآخرين تتعالى أصوات ضحكاتهم.
اقترب إيهاب قائلة بأسلوبٍ ساخر: لا لا يا رياض، شكلك مش مسيطر أبدًا.
فأجابه باقتضاب: مسيطر إيه و بتاع إيه! جرى إيه يا مصطفى ينفع كده!
فقهقه مصطفى وزوجته التي تتأبطه وقال: بكرة نشوف خلفك هيعمل فينا إيه!
فقال مومئًا برأسه مستنكرًا: لا لا لا، إنسى!
تابع مصطفى مازحًا: ده فاهم إنه هيخلف عيال متربية! هيطلعوا لمين يعني؟
فقهقه هو وإيهاب بينما رياض نظر بينهما واضعًا يديه في جيبيه وقال: خلصتوا خلاص!
فأكمل مصطفى ضحكه واتجه لحبيبة قائلًا: بيبو بصي عايزك…
و بدأ يملي عليها طلباته، بينما كان رياض متابعًا له، بمعنى أوضح متابعًا لحبيبة وكل تفصيلة تقوم بها، لكن الأمر لم يخفى إطلاقًا عن دينا، فقد رأته وترجمت تلك النظرات بسرعة.
انصرفت حبيبة بينما التفت مصطفى لهم مشيرًا بيده: يلا اتفضلوا، تعالوا نتكلم ف المكتب جوة.
واتجهوا بالفعل ناحية المكتب بينما اقتربت دينا من رياض لتصبح متوسطة بينه وبين زوجها، ثم قالت بصوتٍ خافت لرياض: هو إيه الحكاية بالظبط؟
فضم حاجبيه بدهشة: حكاية إيه!
وقد سمعهما مصطفى والتفت نحوهما وهو ماشيًا، فتابعت دينا بمكر: إنت وحبيبة… إيه النظام؟
– ولا حاجة! كل الحكاية إنها الكابتن بتاعتي بتمرني.
فزمت شفتيها قائلة بعدم تصديق وهي تمط الكلام: بتمرنك!
فتابعها متسائلًا: بتسألي ليه؟!
فتأبطت ذراع زوجها وقالت بلامبالاة: عادي، سؤال عابر.
دخلوا جميعًا لحجرة مكتب المدير، وجلسوا يناقشون موضوع الزي الجديد كما اقترح رياض من قبل، وبعد فترة طرق الباب فسمح مصطفى بالدخول، فدخلت حبيبة تحمل صينية بها أكواب طويلة من المشروبات المثلجة، كانت تبحث بعينيها عن فراغ لتضع فيه تلك الصينية؛ فقد امتلأ سطح المكتب بعدد من صور لنماذج ملابس مع دفاتر قماشية تحتوي على عيناتٍ للأقمشة.
فأشارت دينا لها لتضع الصينية على منضدة جانبية، وقد لاحظت توقف رياض عن حديثه ومتابعته لها بل نظراته الواضحة المتفحصة.
وضعت حبيبة الصينية ثم إستأذنت لتخرج لكن استوقفها فجأة نداء رياض لها: كابتن حبيبة، من فضلك.
فالتفتت إليه في دهشة تنظر بينه وبينهم في حيرة، فأمسك رياض بأحد الدفاتر القماشية لعينة القماش ونهض متجهًا نحو حبيبة.
وقال: إسمحي بعد إذنك، مش هعطلك كتير.
فوقفت مكانها ونظرت له بتساؤل، لكن سرعان ما كانت الإجابة…
وقف رياض أمامها مقرّبًا الصفحات القماشية لذلك الدفتر من كتف حبيبة بمحاذاة وجهها مقلّبًا تلك الصفحات ليرى المناسب والأكثر تناسقًا.
لكن مجددًا شرد رياض متفحصًا ملامحها من جديد، تلك الملامح التي حفظها تمامًا لكن لا زال يراجعها مؤكدًا على حفظها في كل مرة يراها.
ولا زال يحملق فيها مدققًا في كل إنش فيها، وتبدو حركة تفاحة آدم في عنقه من أثر ابتلاعه لريقه بتوتر، ثم انتبه لرائحة عطرها، كم كانت هادئة ورائعة! فأغمض عينيه تلقائيًا ليستنشق ذلك العبير.
كانت حبيبة تقف تشبك يديها معًا أمامها ناظرة أرضًا عندما اقترب منها هكذا ولم ترى كل هذه النظرات!
لكن دينا ترى وتتابع بمنتهى الدقة، فحالة رياض الهائمة تلك تدل على حالة حب مستعصية لدرجة كبيرة، وأكثر ما يزيدها صعوبة عدم اعترافه حتى الآن فلازال ناكرًا كل هذا!
ابتسمت دينا بهدوء وغمزت لزوجها هامسة: شايف، وبيكابر قال.
فهمس إليها هو الآخر محاولًا تمالك نفسه من الضحك: سيبيه براحته، خليها ترفع عينها وتشوفه وهنتفرج عليه كلنا.
قال آخر جملة بطريقة ساخرة، فأشارت دينا لزوجها بيدها أن انتظر بينما نهضت واقفة متجهة نحوهما.
تنحنحت قائلة لهما: بس في غلطة كده يا رياض.
فانتبه لكلامها فجأة فانتفض حتى أن دفتر العينات القماشية قد سقط أرضًا جوار ساقي حبيبة المصبوبتان فاستحيى أن ينحني لأسفل.
– قولتِ حاجة!
– في حاجة فايتاك، دلوقتي إنت بتشوف الألوان على وش حبيبة!
فأومأ برأسه أن نعم، فتابعت: بس مش هينفع كده، حبيبة بشرتها بيضا أوي ومفيش حد بشرته اللون ده هنا؛ يعني الألوان اللي هتختارها مش هتناسب باقي البنات.
فأومأ برأسه متفهمًا، فعادت لتجلس مكانها قائلة: عرفت خلاص هختار إيه!
انحنت حبيبة أخذت ذلك الدفتر من الأرض وتقدمت بضع خطوات وضعته أمامهم على سطح المكتب ثم قالت بصوتٍ خافت على استحياء: هو ده يونيفورم جديد ولا إيه!
فأومأ مصطفى: إن شاء الله، بس لسه أدامنا وقت.
فتهللت أساريرها وقالت بسعادة : طب الحمد لله، أصل اللبس ده تقيل أوي على قلبي.
فابتسم وقال: دي فكرة رياض، مش عاجبه اليونيفورم بتاعكم وعايز يغيره بيعمل شغل على أفانا!
فقهقه ضاحكًا وضرب كف إيهاب بكفه، بينما حملقت دينا بين رياض وحبيبة؛ تود الغوص داخل أعماقهما لمعرفة حقيقة شعور كل منهما للآخر…
يتبع…..
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية هل الضربة قاضية)