رواية نهج الغرام الفصل الثالث عشر 13 بقلم داليا أحمد
رواية نهج الغرام الجزء الثالث عشر
رواية نهج الغرام البارت الثالث عشر
رواية نهج الغرام الحلقة الثالثة عشر
سقط على الأرض، وكانت ملامحه متعبة من شدة الألم، حاول النهوض لكن يده لم تستطع الحركة، تألم ودموع خفيفة انهمرت منه من شدة الوجع.
-سليــــم!
خرجت صرخة بيلار من قلبها، وهي بجانبه بينما هو يسقط على الأرض، وملامحه تعكس الألم، ويده تمسك بكتفه.
كانت جومانة أسرع منهم رغم رعبها على سليم، فأخذت هاتفها واتصلت بشقيقها بمروان وهي تصرخ :
-إلحقنا، سليم اتخانق مع ناس وضربوه جامد بكرسي على كفته..
سمع مروان صوتها وسط زحام عمله، فشعر بقلبه يتوقف من خوفه على شقيقه … وبدأ يسألها ويأمرها ماذا تفعل وكيف يتصرفون حتى يصلوا إلى المستشفى، حيث سيقابلهم هناك.
كانت بيلار جالسة بجانبه، تحاول تهدئة رعبها، ويدها ترتعش وهي تلمس وجهه :
-هتبقى كويس … سامعني؟ أنا معاااك…
أنتفضت جومانة وهي تمسك به وتسنده قائلة:
-سليم يا حبيبي حاسس بإيه، سليم بصلي
حاول سليم أن يفتح عينيه بصعوبة، وقال بصوت خافت من شدة الألم:
-أنا تمام… بس دراعي و كتفي بيوجعوني.. مش قااادر
قالت جومانة وهي بدأت تبكي من خوفها على شقيقها وكأنها تشعر بألمه:
– هتبقى كويس يا حبيبي… هتبقى كويس انا جنبك
_______
بعد مدة قصيرة كانوا قد وصلوا إلى المشفى بالتحديد إلى إحدى الغرف الخاصة بجانبه بيلار وجومانة، وهو مازال يتألم بل ويتصبب عرقا شاعراً بحرارة شديدة وألم في كتفه يتأوه من شدة الألم..داعياً الله أن يكون الأمر بسيطا حتى لا تضيع منه هذه البطولة ويستطيع استكمال تدريباته..
كانت جالسة بجانب سريره، تمسك يده السليمة، ووجهها مغطى بالدموع، بينما كانت أنفاسها ترتعش.. جومانة كانت واقفة بجانبه تشعر بالتوتر والخوف على شقيقها
بينما بيلار تأنب نفسها انه تأذى لهذا الحد بالتأكيد بسببها هي وجومانة..بسبب شجاره معهم دفاعاً عنهما، شهقت عندما ساعدوه الطاقم الطبي بخلع قميصه ليظهر أثرا كثير من الكدمات المتفرقة على جسده وهناك أيضا كدمة كبيرة قوية على كتفه..
وعندما لاحظوا رعبهم على حالته طلبوا منهم الانتظار في الخارج.. ولكن بيلار صممت الا تتركه ابدا..
كانت الأضواء الساطعة للمشفى تعكس حالة من القلق والترقب.. مروان كان في مقدمة الحضور بعدهم، شعر بيديه تتقلص مع كل خطوة يخطوها نحو الغرفة حيث سليم كان قد نقل إليها بعد هذا الحادث .. عينيه مليئة بالغضب والقلق، وكل تفكيره كان متجهاً نحو شخص واحد: سليم.. شقيقه الصغير
سأل جومانة بقلق:
-سليم عامل ايه؟ و ايه اللي حصل لده كله؟؟
اتت بعده سعاد أمه فكانت تمسك بيد ميرا التي أتت بها، ملامحها متجهمة والدموع تلمع في عينيها..كان واضحًا أنها خائفة على ابنها بشكل لا يوصف.. ميرا، التي كانت تمسك يدها، بدت في حالة من الانهيار أيضًا.. ولكن حاولت التماسك لأجل زوجها و أمه لأنهم يريدون الدعم الآن
سعاد بنبرة ضعيفة:
-إزاي حصل ده؟ إزاي؟ كنت شايفاه خارج بيضحك ومبسوط النهاردة، ومفيش حاجة ولا مشاكل مع حد، في ايه يا جومانة حصل ايه معاه ؟
سردت لهم جومانة ما حدث منذ وصولهم النادي وتعرض ذلك الشاب لها هي وبيلار ثم وصول شقيقها وتشابكه معهم وضربه بذلك المقعد من ذلك الأحمق إلى أن رحلا..
رد مروان بحدة:
– مجبتيش الأمن ليه عشان يساعده
ردت جومانة قائلة بإرتباك وهي تجيبه:
– سليم اصلا ضربه وصحابه مقدروش يقربوا منه واحنا خوفنا نسيب سليم لوحده معاهم بس هو الحيوان ده ضربه بالكرسي من غير ما ياخد باله
مروان بصوت خافت ولكنه مشدود:
-لازم نعرف مين اللي عمل كده.. مش هسيبهم في حالهم
بينما كانوا يتحدثون، خرج الطبيب ليوضح لهم حالة سليم، لكنه لم يكن قادرًا على إعطاء إجابة واضحة بعد.. فقط أكد أنهم في انتظار الفحوصات النهائية.
سعاد تحاول تهدئته:
-مروان، مش ده وقت العقاب لحد… سليم أهم من أي حاجة دلوقتي..
ولكن مروان لم يستطع كبح مشاعره،هتف قائلا بحزم:
-وأنا مش هخليهم يعدوا كده بسهولة من غير ما يواجهوا نتيجة اللي عملوه.. ده أخويا يا ماما
في تلك اللحظة، جلست ميرا إلى أحد المقاعد وهي تساعد عمتها أن تجلس معها, بعدما جلست بلحظة كانت تستجمع نفسها وتحاول التحمل فهي تشعر منذ الأمس بالتعب ، عندما رأت مروان وهو يتحدث بتلك الطريقة، شعرت بمزيد من القلق، ولكن أيضًا شعرت بالحاجة لأن تهدئ الوضع.
ميرا بصوت هادئ وقلق:
-مروان… لازم نبقى هاديين.. و نركز على سليم دلوقتي.
لكن مروان كان قد وصل إلى مرحلة الغضب التي لا يستطيع السيطرة عليها.
مروان بصوت عالٍ منفعل:
-اللي عملوا كده في اخويا هيدفعوا التمن، مش هسكتلهم على حاجة زي دي
ثم نظر إلى سعاد، التي كانت تحاول أن تكون هادئة ولكن كان واضحًا قلقها.
بينما كانوا يتناقشون، دخلت الممرضة وأخبرتهم أنه يمكنهم رؤية سليم الآن..فتحوا الباب ببطء ودخلوا الغرفة، حيث كان سليم مستلقيًا على السرير، بيلار كانت جالسة بجانبه فهي لم تتركه ابدا وصممت أن تكون متواجدة معهم بطلب منه أيضاً، تمسك بيده وتنتظر بفارغ الصبر أن يعود إلى طبيعته.
سعاد دخلت لتقف بجانب سليم، دموعها تتساقط على وجهها:
-ابني… يا حبيبي.. يا ابني..عملوا فيك ايه
رد سليم بابتسامة رغم ألمه قائلا بصوت ضعيف:
– متقلقوش عليا انا هبقى كويس
نظر الجميع إلى سليم بقلق، بينما كلهم كانوا يقفون بجانب سليم، أظهر كل منهم الدعم بطريقته الخاصة.. ولكن الغضب كان لا يزال يملأ قلب مروان، ولم يكن يعتقد أنه يستطيع السكوت حتى يدفع هؤلاء الذين ألحقوا الأذى بسليم الثمن.
بعد وقت … أتى الطبيب ليخبرهم قائلا :
-الضربة عملت خلع في الكتف وتمزق عضلي حوالين المفصل..هنركبله حزام تثبيت، وبعدها علاج طبيعي لفترة
بيلار بصوت مكسور:
– هو عنده تدريبات ملاكمة..
– لا لا يوقف اي حاجة دلوقتي…غلط مش هينفع خالص..
سألته جومانة بتمني :
-يعني هيرجع يلعب بعدين؟
رمقها الطبيب بهدوء وقال:
-ما أقدرش أكدلكم دلوقتي… بس ممكن، لو التزم بفترة العلاج هيرجع..
تم تثبيت كتفه بحزام مخصوص.. بينما الطبيب حذّره من الرجوع الى رياضته المفضلة (الملاكمة) فالإصابة كانت متوسطة، ولكن ليست خطيرة ولا بسيطة ، لكن هو يصرّ، أنه لا يمكنه التوقف لا يستمع إلى كلامه لا يمكنه الإيقاف فالبطولة قد اقتربت…
حاولت معه بيلار أن تقنعه قائلة:
– سليم أن شاء الله هترجع بس متفكرش في كده دلوقتي لأن الأهم دلوقتي مرحلة علاجك، وبعدين احنا كلنا جنبك.. وانا جنبك مش هسيبك الا لما تقوم وتكون احسن من الاول أن شاء الله
سليم نظر لها بإرهاق:
-لو إنتِ جنبي… هرجع أقوى من الاول
شعرت بيلار بالانهيار وهي تهمس بنبرة ضعيفة ودموعها تتساقط:
-متعملش كده فيا تاني … أنا حاسة اني مش قوية كفاية أشوفك بتتوجع كده.
– متخافيش انا هبقى كويس…
عاتبته بخوف قائلة:
– ليه عملت كده … كنت طنشتهم و سيبك منهم…دول زي ما يكونوا متفقين يا سليم… ممكن متعملش كده تاني…
Give me your word “أوعدني”
هتف بنبرة حازمة رغم ألمه:
– ما اقدرش يا بيلا، مينفعش حد يبصلك أنتِ وجومانة ولا يجيب سيرتكم و اسكت و اعديها…ولو اتكرر الموقف برضو هعمل نفس اللي حصل حتى لو كانت النتيجة اصعب من كده..هفضل احميكم طول ما انا موجود
– I don’t wish bad on you
“لا أتمنى أن يمسك السوء”
– سيبيها على الله…اللي مكتوبلي هشوفه
– ربنا يخليك لينا يا سليم
_______
كان مروان يحاول أن يصل إلى الأشخاص المتسببين في ما حدث لسليم، وأثناء ذلك وهو يجري اتصالاته يتذكر ميرا وكيف انها كانت مريضة بالأمس، رغم إنها حاولت تخبئة الألم عليه واخبرته انها بخير زاد إحساسه بالقلق..
كيف لم يعير اهتمامًا كافيًا لها ؟ حتى أثناء انشغاله بما حدث لشقيقه ولكن هي مهمة أيضا لديه.
مروان اتجه ليبحث عن طبيب يقابله، ويسأله عن حالتها و يراها واخذها معه رغم أنها أخبرته مرة أخرى انها بخير ولكنه كان يريد أن يطمئن عليها .. اخبره عن قلقه، و عن ما حدث لها، ومن ثم أخبره الطبيب إنه سيقوم بعمل فحص سريع ويطمنه على حالتها الصحية..
بعد مدة من انتهاء الفحص عليها واسئلة الطبيب لها.. و بعد مرور بعض الوقت.. وقد أتت جومانة وسعاد و بيلار إليها ليكونوا معها أيضا
– مدام ميرا
انتبهت وقالت بترقب:
-أيوة… هو في حاجة؟ أنا كويسة والله، بس كان عندي شوية تعب كده فجأة.
ابتسم الدكتور وقال:
-مبروك، حضرتك حامل
لحظة صمت، عيون الجميع اتسعت بذهول وسعادة
هتفت جومانة بحماس:
“إييييه؟ حامل؟ يا نهار أبيض !!!
ثم أكملت جومانة لهم قائلة بسعادة وتمني:
-ايه الخبر الجميل ده ماشاء الله
إتسعت ابتسامة كلا من بيلار و جومانة وسعاد..بينما عانقتهم سعاد بقوة وعينيها تدمع قائلة :
-مبروك يا حبيبتي..مبروك..واخيرا هشيل عيالك يا مروان
هز مروان رأسه باستغراب:
-ماما ده حقيقي !
اومأت والدته :
-أيوة حقيقي طبعا
ميرا كانت تقف مصدومة، عينيها دمعت، لا تصدق… نظرت لزوجها الذي وقف بجانبها غير مصدق أيضا.
اقترب مروان منها صوته خافت ومرتعش:
-بجد؟ إحنا… هنكون أسرة صغيرة قريب
ميرا هزت رأسها ببطء، ومازلت دموع الفرحة تتساقط، قالت بخجل:
-مش مصدقة… بس آه، شكلي طلعت حامل فعلا يا مروان.
جومانة قفزت من مكانها وعانقت ميرا وشقيقها:
-أخيييييرًا حاجة حلوة وسط كل ده ! مبروك يا ميرا…مبروك يا مروان يا حبيبي
حتى بيلار التي كانت مازالت متأثرة مما حدث لسليم، قربت منهم وقالت بلطف وسعادة :
– الف مبروك..ربنا بيطمنكم بحاجة حلوة… ده رزق، وفرحة في عز الخوف.. الحمدلله
امسك يد ميرا، ونظر لهم قائلا :
-أنا هبقى أب… وميرا أم… يا رب نكون قد المسؤولية.
لحظة حنان وفرحة بسيطة خففت من قلق المشفى، وكأن الله كان يريد ان يطمئن قلوبهم بشيء جميل.
___________
كانت غرفة المستشفى هادئة، بينما كان سليم نائماً على السرير، وجهه شاحب من الألم، كانت بيلار جالسة بجانب سريره في الزاوية، يديها بين يديه، وتراقب كل حركة منه وكأنها تخشى أن يختفي
وكأن ما حدث له هو اصعب شيء بالعالم !
زاره خاله و زوجة خاله و كانت أمه تودعهم بالخارج لكن بيلار صممت ألا تغادر معهم أبداً..
مروان أقنع خاله شكري أن بيلار ستظل متواجدة مع جومانة وهو معهم وفي نهاية اليوم سيوصلهم إلى المنزل..وطلب منه مساعده أن يذهب إلى شركته ليتابع بعض الأعمال سريعا لمدة ساعة و يعود لهم فاقنعه سليم بالذهاب وان شقيقته و بيلار معه بالفعل..
كانت تنظر له في صمت وقلق، وهي مازالت كما هي أمامه..حاولت تحريك يديها من يديه, فشعر بحركتها، فتح عينيه ببطء…فهو كان نائما من التعب، يشعر بألم شديد في ضهره وكتفه، لكن عندما شعر بحضورها بجانبه، فتح عينيه ليراها، ابتسم ابتسامة خفيفة:
-كنتي هنا طول الوقت؟ فكرتك مشيتي..
قالت بهمس لطيف كعادتها وهي تنظر إلى يديها ومن ثم تسحب يديها الصغيرتين:
-طول الوقت.. معرفتش امشي غير لما اطمن عليك لو محتاج حاجة
-اتخضيتي؟
نظرت له بينما صوتها منكسر بضعف:
-أنا افتكرت بعد الشر حصلك حاجة صعبة اوي وممكن تروح مني…
– خوفتي بقى يحصلي حاجة قبل ما تتكلمي صح ؟
سألته بعدم فهم :
– اتكلم اقول ايه؟؟
سليم رفع حاجبه وقال بنبرة خفيفة فيها لمحة مزاح:
– إنك بتحبيني مثلاً؟
ضحكت قائلة بدهشة:
-واثق أوي في نفسك !
رد بابتسامة:
– ماكنتيش قعدتي جنبي بالشكل ده.
– You crack me up “أنت تضحكني كثيرا”
– ليه لأ؟
ردت عليه بعمق :
– بطل هزارك ده بقى..أنا لو مكانك كنت هتعمل زيي.. احنا صحاب وأخوات…
لتردف بعدها بصوت ضعيف وهي تتذكر ما حدث له:
– I didn’t see that coming “لم أتوقع حدوث هذا”
ثم أكملت قائلة بحزن :
– سليم، مستحيل كنت أتخيل أني هشوفك كده… مش عارفة إزاي أتعامل مع ده.
سليم بصوت ضعيف صادق:
– الحمدلله على كل شيء…
لكن بيلار كانت قد أمسكت يده بإحكام، وعيونها مليئة بالقلق.. شعرت وكأنها يجب أن تبقى قوية من أجل سليم.
بيلار بتوتر:
-لا، سليم… لازم تكون قوي عشان ترجع زي الأول.. أنت أهم حاجة عندي.
هزت جومانة رأسها عند الباب، لتدخل غرفة المستشفى.. كان وجهها يعكس القلق، لكنها حاولت أن تبقى هادئة أمام سليم.
قالت جومانة وهي مبتهجة في محاولة لتخفيف الأجواء:
– ايه الجو ماله كئيب كده ليه، بيلار تعالي اجيبلك حاجة تشربيها ونهدى كده شوية..
اومأت بيلار لها بالايجاب لكن ما زالت متوترة، عيونها لا تفارق سليم.. نظرت إلى جومانة، ثم إلى سليم، وبينما كانت تمسك يده، نظرت إليه بشدة.
همست بتنهيدة ثقيلة:
-أنا مش عايزة أخسر حد زيك يا سليم … لو فقدتك، هفقد جزء مهم أوي في حياتي… ممكن تخلي بالك من نفسك عشان خاطري وبلاش تسرع او تهور او جنون تاني.. حتى لو عشاني انا وجومانة
شعر بالدفء في قلبه بسبب كلماتها، وكأن كل الجروح التي أصابته في جسده بدأت تشفى ببطء..التفت برأسه تجاه بيلار، وعينيه مليئة بالتقدير.
سليم بابتسامة خفيفة:
-بيلار، أنتِ مش هتكوني لوحدك… أنا هكون هنا معاكم وهفضل دايما في ضهرك أنتِ وجومانة.. وأنا أكيد هتحسن على طول ان شاء الله
كلمات سليم جعلت ابتسامة بيلار تعود بسرعة إلى طبيعتها، كانت تعلم من كلماته و مواقفه معها أنه مهما حدث، هي لن تكون لوحدها وسيظل معها…
_____
بحث مروان على زوجته لكي يتحدث معها لأول مرة وحدهم بعد ما عرف خبر حملها… يشعر بها.. يشعر بكل تخوفاتها وقلقها وسعادتها.. يريد أن يطمئنها ولكن الوقت لا يسمح أبداً
يا إلهي كان يريد أن تصبح هذه اللحظة رومانسية بينهم ويعبر لها بطريقته عن سعادتهم بها ولكن الوقت والميعاد لا يسمح له إلا أن يتحدث معها الآن، ولا يتركها لافكارها
وجدها تقف بعيدا إلى ممر جانبي هادئ، فهي كانت تودع والديها بعد أن قاموا بزيارة سليم و باركوا لها هي ومروان..
وقفت ميرا لتنظر من الشباك الشفاف الذي أمامها وهي شاردة..ملامحها بها خوف وتوتر رغم الخبر الرائع، اقترب منها مروان بهدوء، وقف جانبها، ومن ثم قال بصوت هادئ:
– أنتِ كويسة؟
تفاجئت به صوته كان دافئ، فهزّت رأسها:
-أنا خايفة… وفرحانة… ومش مصدقة.
ابتسم ابتسامة خفيفة، وهو يجذب يديها بالقرب منه:
-ما تخافيش… أنتِ مش لوحدك.. إحنا هنكون سوا
دموعها تساقطت على وجنتيها، قربها منه أكثر، وقال:
– ميرا حبيبتي.. أنا هبقى معاكي، وفي ضهرك.. أنتِ مش هتكوني لوحدك ابدا، فاهمة
هزت رأسها:
– ربنا يخليك ليا يا مروان…كلامك طمني جداً
– مش كلام يا حبيبتي..أحنا هنعدي كل حاجة مع بعض … ومتقلقيش هتخلصي دراستك على خير…وهساعدك في أي حاجة تحتاجيها وأقدر اقدمهالك.. هنتعلم مع بعض ونشيل بعض.. لحد ما نبقى تلاتة رسمياً
ضحكت من بين دموعها وقالت:
-أنت عايز بنت ولا ولد؟
قال وهو يشير إلى ملامحها التي يحبها:
-أنا عايز شبهك، عشان أفتكرك كل ما أبص له.
_____
في الصباح…
بيلار كانت تسير وسط الزحام ومعها جومانة، تحاول أن تركز في جدولها على الهاتف..فقد أخبرتها زميلتها أن اليوم الحضور هام جدا .. وذهبت معها جومانة رغم أنها ليس لديها محاضرات هامة ولكن سليم طلب منها أن تذهب معها حتى لا تكن وحدها اليوم
فجأة اصطدمت في شخص وهي تسير بالانعاكس، وسقطت حقيبتها على الارض
شعرت بالتوتر وهي تعتذر سريعا :
-أنا آسفة جداً… ماخدتش بالي.
الشاب الذي أمامها هبط بسرعة إلى الارض يحضر لها حقيبتها :
-لا ولا يهمك، الغلط عليا أنا… كنت سرحان
رفعت عينيها ، و تفاجئت به ..
شاب طويل، ملابسه انيقة ،وعيناه بها ثقة … كان مبتسم بنعومة وهو يعطيها حقيبتها الأنيقة الصغيرة…هي تتذكره…نعم انها رأته من قبل.. إنه “عمار”
صاحت في تعجب :
-عمار ! انت بتعمل ايه هنا؟
ابتسم عمار قائلا :
-كنت بحضر ندوة هنا في الجامعة..
بيلار بتذكر:
-آه.. I think الندوة دي كانت امبارح !
اومأ قائلا بايجاب :
-بالظبط.. أنتِ محضريتش ليه؟
هزت كتفيها ببساطة..ثم سألته باستغراب:
-مفيش كان لازم اروح بدري..بس انت عرفت منين اني ماحضرتش؟
-لأني شوفتك خارجة من باب الكلية..وكنت عايز اسلم عليكي وتحضري بس ملحقتكيش
-معلش تتعوض..
سألتها جومانة :
-بيلا مين ده؟
بيلار بابتسامة لطيفة:
-آه ده عمار لاشين.. مترجم افلام إيطالي وهو اللي ساعدني يوم حوار اللي حصل في المطار لما حكينالك انا وسليم.. و دي جومانة بنت عمتي
جومانة بابتسامة :
– أهلا بيك
-أهلا تشرفت بحضرتك
ثم قال لبيلار:
-لو حبيتي تحضري الندوة الجاية لأن هعمل هتكلم عن حاجات مهمة فيه و هبقى متواجد هنا فترة قصيرة، ممكن تستفادي منه في دراستك…
ابتسمت وقالت:
-هفكر.. أن شاء الله وأحضر
ضحك وقال قبل أن يتركها ويذهب فكان معه مواعيد :
-فكّري بسرعة، لأن وجودي هنا مش فترة كبيرة.. فرصة مش هتتعوض خلي بالك
بعد أن رحل تركهم، كانت بيلار واقفة لبضع ثوانٍ تنظر خلفها، وتشعر بشعور ليس غريبًا… شعور يحمل بعض الفضول..
_______
كانت “ميرا” جالسة مع حماتها “سعاد” في الصالة، يشربان الشاي ويتحدثان عن بعض الأمور الخاصة بعلاج سليم، وهي تستعد في مراجعة لمحاضراتها على جهازها الحاسوب الشخصي، عندما رن جرس الباب.
نهضت لتفتح الباب، لكن تفاجأت بـ “علا” واقفة امامها، تبدو أنيقة ، لكن ابتسامتها تحمل شيئًا غير مريح .
قالت سعاد بابتسامة مجاملة:
-أهلاً يا علا، اتفضلي.
علا بصوت ناعم وهي تدخل:
-إزيك يا طنط؟ إزيك يا ميرا؟ كان معايا ملف لازم اسلمه لمروان و قولت أعدّي أسلّم..وبالمرة اسألكم على سليم
ميرا بابتسامة غير مطمئنة :
-أهلاً، إزيك
علا وهي تجلس بجانبهم على الأريكة:
– مروان مشغول اليومين دول جدًا… قلت أطمن، خصوصًا إننا كنا شغالين سوا في الشغل الجديد، بس اختفى فجأة.. وكمان موضوع سليم عطله.. ربنا يشفيه و يحفظه يارب
-آه فعلاً، ادعيله يا حبيبتي .. وهو كمان عنده شغل كتير اليومين دول، وربنا يعينه.
علا بنبرة بها تلميح وهي تنظر لميرا:
-أكيد أكيد… بس أوقات الشغل بياخد الرجالة وبيغيبهم… خصوصًا لما يكونوا حوالين بنات كتير في الشغل والمجال بتاعهم، بيفقدوا التركيز شوية.
ميرا بنظرة متغيرة تماماً :
-مروان مش من النوع اللي بيفقد تركيزه
علا بضحكة:
-أيوة أكيد…بس برضو الواحدة مننا لازم تاخد بالها وتركز اكتر…
سعاد مقاطعة حديثها :
– ربنا يعينيه يا حبيبي يا ابني … مش ملاحق على الشغل ولا على اهتمامه بأخوه هو مسحول دلوقتي مع سليم و اللي حصل معاه..ادعيلهم
علا بابتسامة باردة وهي تنهض:
-طبعًا طبعًا… أنا أصلاً مقلتش حاجة، بس حبيت أطمن على سليم وأسلم عليكم بالمرة وانا بجيب الملف….صحيح هو مروان لسه مرجعش؟
ميرا بضيق:
-لا لسه..اشمعنا بتسألي؟
هزت علا رأسها :
-ابدا بطمن عليه..ابقي خدي بالك منه..اشوفكوا على خير
ومن ثم خرجت علا وعلى شفتيها ابتسامة إنتصار..بينما الأخرى ظلت تنظر نحوها بارتباك وتوتر من كلامها الغريب..
______________
سليم جالس على السرير في المستشفى، ينتظر شقيقه مروان كان الطبيب قد سمح له بالخروج ولكنه يريد أن يطمئن أكثر كي يستعد للخروج واستكمال علاجه بالمنزل يبدو عليه التعب والإرهاق من الإصابة، ولكن هناك شعور بالاسترخاء النسبي الآن بعد أن سمح له الطبيب بالعودة إلى المنزل مع المتابعة العلاج.. الباب فتح فجأة، دخل منه رجل في نهاية الأربعينات من عمره، يرتدي ملابس بسيطة ولكن وجهه يحمل علامات القلق والحزن.
سأله سلم باستغراب:
-حضرتك ازاي تدخل هنا فجأة..؟! أنت مين؟
قال الرجل بصوت متردد، سار ببطء نحو سليم:
-أنا… أنا أبو الشخص اللي اتسبب في ضربك… كنت عايز أجي وأتكلم معاك… أطلب منك مسامحتك..ابني مستقبله هيضيع..
رفع سليم حاجبيه بدهشة، ويبدو عليه أنه لم يتوقع هذا اللقاء..والد الشاب يقترب منه أكثر وهو يبدو متأثرًا..
هذا والد الشاب المتسبب في ما حدث له وبسببه سيتم استبعاده من تدريبات رياضة الملاكمة لفترة حتى يتم علاجه !
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية نهج الغرام)