روايات

رواية السيميائي الفصل الثالث 3 بقلم بيتر نيدفيد

رواية السيميائي الفصل الثالث 3 بقلم بيتر نيدفيد

رواية السيميائي الجزء الثالث

رواية السيميائي البارت الثالث

السيميائي
السيميائي

رواية السيميائي الحلقة الثالثة

مراتي كانت مدمنة أفلام رعب
وبسبب ادمانها الغير مبرر على النوعية دي من الأفلام دخلنا في دوامه طويلة من حلقات الرعب واتحولت معانا لواقع ملموس ، بعد ماتقدملنا دعوة غامضة لحضور سينما من نوع غريب ” سينما 59 ” ودي قصة سبق وحكيتها بأحداثها المختلفة الطويلة واكتشفنا ان ورا كل اللي بيحصلناأمير من أمراء الشياطين أسمه ” بعلزبول ” واللي انقذنا منه الشخص اللي أنقلبت ضده في وقت من الاوقات ، ” رياض الدمشقي ” بمساعدته اتخلصت من بعلزبول وحياتي رجعت طبيعية مع سمر مراتي ، وربنا رزقنا بطفل جدد سعادتنا وعيشنا بسببه حياة جميلة عوضتنا الأيام صعبة ..
اما رياض الدمشقي فبعد عن الناس وقرر يعيش فى كهف منعزل ووحيد ، بس انا كنت عارف مكانه وقادر ازوره من وقت للتاني ، ولقيت أنه أتأقلم على حياة العزلة والوحدة وبقى بيشغل فراغه مابين الاعمال اليدوية والقراءة والزراعة والكتابة والرسم وحاجات كتير وكأن العزلة طورت من مهاراته الشخصية وزادت من مواهبه ، وكنت بسمع منه عن معاكسات شيطانية بتحصل معاه ، وخصوصا بعد انتصاره على بعلزبول ، كانت الشياطين مصممه تتنتقم منه ولكنه نجا من افعالهم وافخاخهم بقوة الله وتمسكه بيه بشكل مثالي ..
اخر زيارة كانت ليه من حوالي سنتين ، وغرست من بعدها في مشاغل الحياة وأبني اللي نور دنيتنا انا وسمر لحد ماجيت فى يوم راجع من شغلي وفتحت الباب وانا ملهوف أخد أبني في حضني اللي أتعلقت بيه بشكل كبير جداً ، بس لاقيته نايم ولاقيت سمر فى انتظاري وزي ماتكون قلقانه ومترددة تتكلم ، وقتها حسيت ان اكيد في مشكلة حصلت في غيابي والحيت عليها تتكلم وتحكي ،
وبعد محاولات مني لاقتها بتقول :
– حليم ، انا في أختيار صعب
= خير ياحبيبتي في ايه قوليلي ايه الاختيار ده وانا هساعدك فيه اكيد ، احكيلي.
– انا بختار مابين الراحه والاستقرار ومابين المشاكل والخوف والرعب ، مابين اني اقفل بابنا عن الخير او اقفله عن الشر
= مابلاش الغاز طيب وقوليلي قصدك ايه
– النهاردة جتلي مكالمة من جيهان
= جيهان مين ؟!
– جيهان نعيم اللي شغاله معانا في البنك
= اه عرفتها ، يبقى اكيد الاختيار اللي قصدك عليه ليه علاقة بالبنك والشغل
– لاء بعيد عن البنك ، جيهان كانت بتبكي ومنهارة وبتقول انها محتاجه مساعدتي عشان حصل معاها أحداث مرعبة
= ياساتر يارب خير حصل ايه ؟
– راحت تزور اهلها وتقعد معاهم يومين في قرية الندمان وهناك بقت تسمع اصوات مرعبة وتشوف حاجات صعبه واهلها اختفوا وظهروا تاني ومش بس اهلها ده اهالي القرية كلها، بيختفوا ويرجعوا يظهروا وبيوتهم اتعلمت برموز دموية مش مفهومه وكمان في مجموعة كلاب حاولت تقتلها عن قصد غير ان في شخص اسمه فرج قالت عنه أنه غريب وغامض ، الخلاصة انهم واقعين تحت تأثير الشياطين حاجه كده شبه اللي حصلت معانا قبل كده
= غريب اوي اللي بتحكيه ده ، بس برضو انتي ايه علاقتك بيه وايه هو الاختيار اللي تقصديه
– عايزاني اوصل لرياض الدمشقي واطلب منه أنه يساعدهم ، واظن لو عملت ده هفتح على نفسي حروب الشياطين من تاني والمرة دي هتكون اصعب عشان بقى عندي طفل لازم اخاف عليه اكتر من نفسي ..
= فهمتك ، وعندك حق طبعاً ، بس حتى لو ، ايه اللي ممكن يصيبنا لمجرد اننا وصلنا الرسالة لرياض واتحرك عشان يساعدهم ؟! احنا بعيد عن القصة وهنفضل بعيد احنا مجرد وسيط خير
– تضمنلي ده ؟ تضمن ان وساطتنا دي ماتتقلبش ضدنا ؟ حليم انا كل مابفتكر اللي حصلنا بموت الف مرة من الخوف انا مش عايزه اعيش ده تاني ، وفي نفس الوقت صعبان عليا اللي بيحصل لجيهان وأهل قريتها وحاسه بيها لأني جربت..
= مش عارف اقولك ايه ، أقولك ارفعي أيدك من الموضوع خالص ولا أقولك اعملي الواجب وقدمي المساعدة ، انا زيك مش عايز ادخل في دوامة الملاعين دول
– تفتكر اقولها اني ماقدرتش اوصله وننهي القصة ونقفل الباب ده احسن من الاول ..
= تفتكري انتي ان ربنا سبحانه وتعالى مش هيحاسبنا على اننا رفضنا نساعد غيرنا ، مش يمكن ربنا رايد اننا نتوسط بالخير وننقذ ناس غلابة في قرية بسيطة عشان يجازينا بالاحسن فى ابننا ..
– مش عارفه افكر ..
= رياض كان رافض يخرج من مكانه ويرجع للحياة والناس ، انا بقول اعرض عليه الموضوع ولو هو وافق يبقى دي ارادة ربنا من الاول ولو رفض يتحرك من مكانه يبقى عملنا اللي علينا واترحمنا من عذاب الضمير
– عندك حق ، ممكن رياض نفسه يرفض ونبقى وصلنا الرسالة وارتحنا من حمل امانتها انا ماظنش انه هيوافق يرجع للصراعات دي تاني
= الله اعلم ، هو مش عايش هناك عشان عايز يبقى راهب مثلا ولا زاهد ، اظن انه اختار الحياة دي عشان يكفر عن ذنوب سابقه مش قادر يتخلص منها وعشان واثق انه مالوش حد ، لا أهل ولا زوجه ولا أصحاب
– قصدك ايه ، هيوافق يعني ؟
= ماقولنا ياسمر ، لو وافق يبقى دي ارادة ربنا وسواء وافق او موافقش احنا مش هنخسر حاجة باذن الله وهنبقى عملنا اللي علينا
– ………………
= ماتخافيش ياحبيتي هنبقى بخير ، ربنا الحافظ ومش معقول هيقبل اذانا لاننا كنا وسطاء خير وعايزين ننقذ غيرنا
أنتهت المناقشة بيني وبين سمر بصمت تام بنا ، وقامت من قدامي ودخلت المطبخ وفضلنا اليوم ده لحد وقت نومنا مابنتكلمش او ماعندناش كلام يتقال ، كل واحد فينا كانت جواه مخاوف مش عايز يتكلم عنها ومحتفظ بيها لنفسه ، وسمر حطت الكورة في ملعبي وبقى عليا انا مهمة الاختيار اروح لرياض ولا لاء ..
وفى صباح اليوم التاني كنت قررت اني هزور رياض واتصلت بالبنك بلغتهم بطلب اجازة لظروف شخصية طارئة ، وسافرت لرياض وبعد مشي كتير فى منطقة خالية من معالم الحياة والعمران وصلتله ووقفت عند الكهف وناديت عليه أكتر من ٦ مرات لكن ماكنش بيرد وقلقت ليكون مات فدخلت الكهف بسرعة وبقيت ادور عليه ، واتفجأت أن المكان منظم ومجهز كغرفة سكنية عاديه سرير ومكتب ومكان للطبخ وارفف مليانه بالكتب ، قدر يحول الكهف لمكان يصلح للحياة والسكن بشكل طبيعي ، بس هو نفسه ماكنش موجود فيه ..
“ياترى راح فين ، معقول يكون ساب المكان هنا ؟”
بعد انتظار لاكتر من نص ساعة ، خرجت من الكهف ووقتها شوفته ! لاقيته بيقرب من ناحيتي بهيئة تشبه الدراويش الجلباب والشال والشعر الطويل والدقن الكثيفة واول ماشفني ابتسم وسرع من خطواته واخدني بالحضن ورحب بيا ودخلني الكهف وقدملي الاكل والماية ، وبقيت اسأله عن الحياة في المكان ده وازاي قدر يزرع في منطقة صحراوية زي دي وازاي عارف يتأقلم ، ولكن اجاباته كانت مختصره ومش كافية للفهم وبعد فترة من الصمت دخلت في الموضوع اللي جيت عشانه وقولتله :
– انت ممكن ترجع للناس تاني وتعيش بنهم فترة
= عادي ليه لاء ، انا مش مسجون هنا ولا بنفذ عقوبة انا حابب اعيش هنا لكن مش مرتبط بالمكان مدى الحياة ووارد الحال يتغير في طرفة عين
– يعني ممكن تخرج من الكهف وتعيش وسط الناس طبيعي
= قولي ياحليم الموضوع اللي عايزني فيه من غير مقدمات ، أنت كده هتشتت افكارك
– وهو انت عارف ان جايلك ليه ؟
= لا ماعرفش العلم عند الله ، بس اكيد في موضوع مهم جابك لعندي بعد سنتين انقطاع عن زيارتي
– غصب عني الشغل والحياة والمولود اللي ربنا رزقني بيه و …
= انا مش بلومك ، انا عارف مشاغل الحياة وعاذرك من غير ماتتكلم ، قولي بقى ايه الموضوع اللي شاغل عقلك وجتلي عشانه ..
حكيت لرياض كل حاجه ووصلتله الرسالة بتاعت جيهان اللي بتطلب فيها مساعدته ، وكان هو بيسمعني بتركيز لكن اوقات كان بيسرح برغم ان عينه مركزه معايا وبعد ماخلصت كلامي وحكيتله مخاوفي ومخاوف سمر مراتي رد بابتسامة وهدوء وقالي :
– للاسف انا مش هقدر اعمل حاجة فى الموضوع اللي حكيته ، وان شاء الله اهل القرية هيلاقوا اللي يساعدهم وطبعاً اللي فوق الكل أنهم يتمسكوا بالله وهو هينجيهم ويرفع عنهم
= يعني انت بترفض تروح لقرية الندمان وتساعدهم
– انت فاكرني ايه ياحليم ، انا راجل مليان بالمعاصي والذنوب وان كان قدرت مرة اقف قدام شيطان فده مش معناه اني هقدر فى كل مره ، ربنا هو اللي قادر على كل شئ واحنا مجرد اسباب لتحقيق ارادته
= انا مش مصدق انك بترفض ، رياض هو انت خايف ؟
– هو في انسان مش بيخاف ، ايه اللي يخليني اروح للشر اللي بعيد عني
= ايه اللي حصلك ؟! انا كنت متوقع انك هتوافق وكنت انا اللي قلقان من موافقتك بسبب مخاوف جوايا انا وسمر لكن دلوقت انت صدمتني بردك وبرفضك
– ارجع بيتك ياحليم وحاوط على اسرتك وعيش حياتك واقفلوا الباب عليكم
= يارياض اهل القرية دي ناس غلابة مش لاقيين اللي يساعدهم وياعالم ايه هيحصلهم ، انت لازم تتحرك وتقف معاهم
– انت تمشي دلوقت احسنلك ، لان خلال ساعتين هيحل الغروب ومش هتقدر تمشي لوحدك فى المكان ده
= امشي ؟!! طيب اللي انت شايفه ، أنت حر يارياض اللهم بلغت ، وكويس اني اطمنت عليك وهحاول ازورك تاني في اقرب فرصة
– اشوفك على خير ياحليم ، وبلغ سلامي لسمر ..
مشيت من عند رياض وانا محتار فيه ، معقول ده نفس الشخص اللي كان متحمس قبل كده لمواجهة الشياطين والاعيبهم ، ازاي بقى جبان وسلبي كده ، انا كنت معتقد ان حياته دي هتزيد من قدراته وعلمه وانه مش هيتردد ابداً فى مساعدة الناس ..
رجعت البيت وانا فى حالة حزن وكأبة وحكيت لسمر عن اللي حصل وان ازاي رياض رفض المساعدة ، وطبعاً هي فرحت وارتاحت وحاولت تتصل بجيهان عشان تبلغها بالرد وانها عملت اللي عليها ، ولكن كان موبايلها غير متاح وماعرفتش تكلمها ..
*****
قرية الندمان
اجتمع باهر بمجموعة كبيرة من رجالة القرية ، واتكلم معاهم في الاحداث اللي بتحصل وعن حالات الاختفاء المتكرره ، لكن انقسمت الناس مابين ان مافيش حالات اختفاء بتحصل وان الموضوع كله شوية اصوات غريبة فى القرية مش معروف مصدرها ومابين مجموعة تانيه اكدت ان في حالات اختفاء فعلاً وان اهاليهم بتختفي وبترجع تظهر وبيبقوا مش فاكرين اي حاجه ، ومابين اشخاص تاني حكت عن حوادث غامضة اكبر من الاختفاء والظهور والاصوات المريبة ..
ولكن باهر طلب منهم الهدوء وقالهم ان في شخص هيجي يساعدهم اسمه رياض الدمشقي ، وهيكون قادر يبطل اي اعمال شيطانية صابتهم ، واتحمست رجالة القرية من قدوم الشخص اللي قال عنه باهر ، وكلهم رحبوا بوجوده ..
واثناء تبادلهم الاحاديث والحكايات سمعوا صريخ قوي وقاموا كلهم يجروا عشان يعرفوا اللي بيحصل واتفاجئوا بحريق فى بيت من البيوت والكل بقى يجري وبيحاول يساعد في اطفائه ..
وبعد محاولات كتير منهم قدروا يخمدوا النيران ،
لكن ماقدروش ينقذوا سكان البيت ، كل ساكني البيت اتحرقوا وماتوا ، فاصابهم جميعاً الحزن من اثر الحادث الاليم ده واثناء تجمعهم عند البيت المحروق ، اتفاجئوا بحجارة بتتحدف عليهم واصابت البعض منهم ، واتشتتوا وبعدوا عن البيت وكانوا بيحاولوا يعرفوا مين اللي بيحدف عليهم الحجارة دي ، وبعد وقت قليل ظهرت قدامهم طفلة لا تزيد عن ١٥ سنة وكانت لبسة جلباب مقطع من أثر الحريق ، وماسكة في ايدها حجارة ووقفت قدامهم بعيون غاضبة وقالت بنبرة حادة :
” انا اللي حرقتهم ، والدور عليكم ”
جري باهر باتجاه الطفلة عشان يمسكها ، ولكن اول ماوصل عندها اختفت عن العيون وكأنها اتبخرت وحل مكانها دخان كثيف واتحول على هيئة افعى عملاقة من الدخان ، وبقت تلف حوالين باهر بشكل سريع وبعدين اتجهت ورا الاهالي اللي كانوا بيصرخوا وبيجروا منها ، ودخلوا بيوتهم واستخبوا …
بكاء وصراخ وعويل اتسمع في كل بيت ، الدخان حاوط البيوت كالضباب الكثيف ووقف باهر مصدوم من اللي بيحصل قدام عيون الكل ، القرية فى لحظة أتحولت لوكر شيطاني ، كان واقف بيتفرج على اللي بيحصل بدون حركة وكأن اصابه الشلل ، مبقاش عارف الناس بتصرخ ليه ؟ وايه سبب البكاء والعويل اللي سمعه ؟ وايه هو الدخان الغامض ده ، وفى خلال وقت قليل الاصوات تلاشت والدخان اختفى وعاد السكون للقرية وكأن شيئاً لم يكن ..
وقتها فاق باهر من صدمته وانتبه انه لازم يتحرك يطمن على اهله وكمان يطمن على جيهان ، جري باهر باتجاه بيتهم كان بيجري بدون توقف ، بيجري بخوف وهلع ..
وبمجرد وصوله لبيتهم فتح الباب وهو بينادي على ابوه وأمه ، وارتاح قلبه لما لاقاهم قاعدين جمب بعض وبيتفرجوا على فيلم فى التلفزيون ، قرب منهم وسألهم بأستغراب :
– انتوا ماحستوش بحاجة ؟
كان رد فعل أبو باهر انه قام من مكانه بدون رد ودخل اوضته وقفل الباب ، أندهش باهر من موقفه وكمل كلامه وقال :
– هو في ايه ياامي ماله ابويا ؟
= زعلان منك
– ليه انا عملت ايه ؟ ايه مزعله ؟
= بيقول ان حالك مش عاجبه وخروجك الكتير وسهرك للصبح بره البيت وقلقان لتكون اتلميت على شوية شمامين وبتتعاطى مخدرات او حاجه
– انتوا ماسمعتوش صراخ من شوية ؟
= مين اللي كان بيصوت وليه ؟ خير يابني ؟
– بيت عم ناجي اتحرق وكل اللي في البيت الله يرحمهم
= ياساتر يارب ، لا اله الا الله ازاي ده وامتى ؟
– من شوية نار مسكت في بيتهم فجأه وملحقناش ننقذ حد منهم ؟
= ياعيني عليهم الله يرحمهم يارب ، قطعت قلبي عليهم
– انتوا بخير ؟!
= احنا بخير يابني ، بس ابقى أدخل راضي ابوك بكلمتين حلوين وقوله انك مش هتعمل تصرفات تضايقه تاني
– بعدين هدخله ، بعدين
= انت رايح فين ؟ انت هتخرج
– مشوار مهم وراجع على طول مش هطول ..
خرج باهر من البيت عشان يروح لبيت جيهان ، ولكن بعد خطوات شافها ماشية من بعيد ، جري ناحيتها ووقفها وقالها ..
– أنتي رايحه فين ياجيهان ؟
= رايحه اجيب عربية تاخدني انا وأهلي لمحطة القطر
– ليه انتوا رايحين فين ؟
= هنسافر القاهرة طبعاً ، كفاية اللي شوفناه لحد كده
– عندك حق كده احسن ، ابعدي انتي واهلك عن القرية وعيشوا في امان
= بتتريق ..
– لا بالعكس القرية بقت مرعبة ومش هقدر اقولك خليكي ، بس انتي كنت قولتيلي عن شخص هيجي يساعدنا مافيش أخبار جديدة ؟
= مش هيجي ياباهر ، وياريت انت كمان تاخد اهلك وتخرج من البلد اهرب بيهم وأحميهم بعيد عن هنا
– مش هيجي ؟! ليه ؟
= ماعرفش ليه اللي اعرفه انه رفض يجي
– طب ممكن اطلب منك طلب
= أطلب
– تاخدي أهلي معاكي وتستحملوهم كام يوم بس لحد ماكون لاقيت مكان تاني ليهم
= ايوه بس ..
– جوزك صح ؟
= هقوله مين دول وخصوصا انه عارف اني كنت مرتبطة بيك
– خلاص ، انا هتصرف ماتشغليش بالك ، يالا انتي عشان تلحقي تجيبي عربية ، ولو عيزاني اوصلك معنديش مانع ..
= لا ياباهر أرجع انت الدنيا امان ماتقلقش ، وخلي بالك من نفسك .
استدار باهر ومشي ولمعت عينه بدموع حزن الفراق والبعد ، جيهان هي اول واخر حب فى قلبه اللي الظروف منعته من انه يفضل جنبها وتفضل جانبه ، وبقت بالنسباله طير مهاجر بيتشاف فى اوقات قليله من السنة ، وفى كل مرة مطلوب انه يستحمل فراقها لحين لقاء اخر من العام التالي ، ولكن ربما يكون ده أخر وداع بعد قرارها بأنها تاخد اهلها من القرية اللي كانوا هما السبب في انه يشوفها ولو لوقت قليل كل سنة مره ..
الضياع والخوف والألم النفسي مشاعر كتير اتلخبطت فى نفس باهر ، الأحساس بالعجز انه ماقدرش يحافظ على حبيبته ولا قادر يحمي أهله ولا حتى قادر يحمي أهل بلده
وبدأ يسأل نفسه :
” انا عايش ليه ؟ انا مش مفيد لحد ولا حتى لنفسي ، ايه لزمتي في الدنيا ؟
وأقترب باهر من ترعة فى القرية ، ووقف قدام المايه ودارت جواه أفكار أنتحارية وفي نفس الوقت كان بيفكر في أبوه وامه ، شئ قوي بيجذبه للقفز في وسط المياة والخلاص من كل شئ فى لحظة ، واسباب تانيه بتشده من أجل البقاء
كانت بتتساقط دموعه بدون توقف وهو بيبص على الماية وتحول لكائن هزيل فاقد للسيطره على نفسه ومش مدرك لاي حاجه من حواليه وتركيزه بالكامل بقى في الخلاص ، الخلاص وبس
اتحرك باهر بخطوات بطيئة وبقى يقترب اكتر من الماية وبعد محاربات داخليه لافكار كتير ومابين الشد والجذب والصراعات النفسية قرر انه يرمي نفسه في الماية وغمض عينه وأستعد للقفز ..

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية السيميائي)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!