روايات

رواية من أجلك الفصل الثامن 8 بقلم أسماء ندا

رواية من أجلك الفصل الثامن 8 بقلم أسماء ندا

رواية من أجلك الجزء الثامن

رواية من أجلك البارت الثامن

من أجلك
من أجلك

رواية من أجلك الحلقة الثامنة

خلال الأسبوع الماضي، عقد حامد شراكة بينه وبين فايز، أو هذا ما اعتقده فايز، فقد تلاعب المحامي الخاص بهما في الأوراق قبل الإمضاء وجعل فايز يبيع بالوكالة التي معه من إخوته الشركة بالكامل إلى حامد. وفي هذه الأثناء، تعرف حامد على سوسن واستطاع استمالة قلبها إليه وبدأ بإرسال الهدايا من المشغولات الذهبية لها يوميًا، ولكن مشاكل نقص العمالة من الفلاحين وتدهور حالة الأراضي الزراعية كانت تدفع فكر سوسن بعيدًا عن محاولات حامد للتقرب منها. فقرر حامد أن يتخذ خطوة سريعة في التقرب وذهب لزيارتها في القصر بحجة أنه علم من أخيها فايز أنها مريضة.
جلس حامد في غرفة الاستقبال داخل القصر ينظر إلى الزخارف الذهبية والأشياء الثمينة التي تزين جوانب الغرفة، كاد عقله ينحرف لأخذ أحد التماثيل الذهبية، لكن صوت خطوات قادمة من ساحة القصر باتجاه الغرفة دفعه لإعادة التمثال والاقتراب من المكتبة الضخمة ليمسك كتابًا من فوق أقرب رف ويتظاهر بتصفحه.
دلفت سوسن إلى الغرفة وهي ترتسم ابتسامة على وجهها وترحب به.
” اهلا ، اهلا ، حقيقى القصر نور بوجودك ”
تقدم باتجاهها بخطوات محسوبة ثم امسك كفها وقربه من فمه وطبع قبلة ثم قال
“القصر منور بشمسه اللي بتحلي أي مكان بتكون فيه، فايز قال إنك عيانة، وبصراحة قلبي ما طاوعنيش أستنى تيجي تشرفينا في المكتب وأنا بسمع كلام قلبي فجيت أطمن بنفسي.”
ابتسمت سوسن من قلبها فكأن هناك نبض جديد لم تشعر به سابقًا وقالت بكلمات مليانة خجل:
“آه، مش بعرف أرد على الكلام الحلو ده، بس بجد أنا سعيدة بوجودك هنا، يااه محدش من زمان اهتم بصحتي كده من بعد موت ماما الله يرحمها، اتفضل اقعد.”
“ربنا يرحمها، بس ليه حاسس في صوتك بزعل، عرفيني مين زعلك وأنا أمسحه من وش الأرض.”
صمتت قليلاً، ولكن فجأة ودون أن تشعر بدأت تتحدث عن مشاكل الأراضي الزراعية وتلك الشركة التي ظهرت من العدم ومحاولاتها لإيجاد حل لتلك الأزمة الخانقة، لكن تفكيرها لا يهديها إلى أي شيء. اقترب حامد من مجلسه إلى المقعد الذي تجلس عليه وأمسك بيديها وقال
“يااه بسيطة، إيه رأيك آخدك ونروح مقر الشركة دي ونشوف ممكن نوصل لاتفاق معاهم، مثلًا ياخدوا الأرض بالإيجار وهما بقى يتصرفوا في تشغيل الفلاحين، وإنتِ يا ست الكل ما تشغليش بالك بقى بمشاكل الأرض تاني، تاخدي فلوسك وتعيشي لنفسك بقى.”
“اممم بس تفتكر فايز وفوزي وصابرين يوافقوا؟”
صمت قليلاً ثم قال: “هم مش عاملين ليكي توكيل تتصرفي زي ما إنتِ كنتِ عاملة توكيل لفايز؟”
قطع حديثهم دخول صابرين وخلفها احدى العاملات تضع اكواب الشاى ثم انصرفت العاملة وجلست صابرين الى جوار أختها وقالت
” انا صابرين اختها الصغيرة معلش متعرفناش ”
كانت صابرين جميلة المظهر مما دفع قلب حامد للدق بدون هوادة لكنه تذكر سبب وجوده وهو جذب سوسن له وعلى اى حال فان صابرين متزوجه من ذلك المحتال، ابتسم وقال
“اهلا بيك ، انا حامد شريك فايز في مكتب التصدير”
قالت سوسن بحده ” خلاص أتعرفتم اتفضلى روحى شوفى بنت فوزى هتروح للدكتور الجديد ده امتى وعرفيها ان ده اخر دكتور وبعد كده ترضى بحالها بقى بلاش قرف ”
انحرجت صابرين من معاملة أختها لها أمام الرجل الغريب ونهضت مسرعة وهى تبكى الى الخارج، كاد الغضب يشتعل داخل صدر حامد لكنه استطاع ببراعة تجاهله ورسم على وجهه اللامبالاة وقال
” ها ايه رايك نسافر ليهم بكره ”
نظرت سوسن له بحب وقالت ” فعلا كلامك مقنع خلاص نتقابل بكره فى الشركة ونسافر سوى ”
” لا ، لا ، انا مش عايز فايز يعرف، انت متعرفيش هو رافض فكرة انى اتكلم معاكى ازاى ولا بيقول ايه عشان يبعدني عنك، انا حتى مقولتش ليه انى جاى هنا ”
” ايه ، فايز بيتكلم عنى ”
” يوووه ده من يوم ما قولت له انى عايز اتجوزك وهو بيقول كلام مقدرش اقوله ليكى، بس متزعليش انا مش مصدقه بدليل انى هنا ”
” انت طلبت تتجوزنى ”
” هو مقالش ليكى ، ده قالى انك رفضتى عشان يعنى انا تعليمى فوق متوسط و انتى خريجة جامعة ”
سكتت فترة وقالت ” لا انا ، مرفضتش ، اصلا هو ماقلش حاجه، وبعدين الراجل يعيبه اخلاقه مش شهادته ”
اقترب حامد لها ونظر فى عينها وقال ” يعنى انت موافقة تتجوزينى ، لا ، متجوبيش فكرى لحد بكرة لما نتقابل على الطريق بره ، بصى كمان انا هرجع لك نصيبك اللى اشتريته من فايز فى الشركه واعتبرى ١٥مليون دولار مهرك ”
” ايه ، نصيب ايه انا مبعتش نصيبى ، احنا اتشاركنا وانا اخدت ٥٠٠الف جنيه بس ”
” ازاى ده ، انا مش مصدق ان فايز يعمل كده، ده بايع لى نصيبك ونصيب فوزى و صابرين واخد ٤٥مليون دولار ”
نهضت سوسن وبدأت تدور حول نفسها وتتحدث
” ايه ، لا ، لا مش ممكن ، وليه مش ممكن ما هو قتل يزن اخوه الصغير عشان الورث ، انا لازم اوجهه ، لا ده انا هبهدله”
” استنى بس يا حبيبتى ، انتى لو واجهتيه دلوقتى هينكر او ممكن حتى يكون بيعك نصيبك فى القصر ويطردك بره ”
” امال ايه ، اسكت ، والقصر كمان مش ممكن ”
سقطت جالسة مكانها بالمقعد وهى تكاد ان تجن اقترب حامد اكثر و رفع راسها بأصابعه وقال
“لأ، إنتِ قوية، نهدي كده ونفكر، بصي الأرض لسه تحت إيدك، تقدري تاخدي منه حقك وتنتقمي، بس من غير ما هو يعرف إنك عرفتي عشان ما ياخدش حذره ويلغي التوكيل، أنا لازم أمشي فكري وقولي رأيك بكرة هستناكي على أول البلد.”
خرج حامد من القصر وهو يشعر بالانتصار فقد استطاع أن يبث الوقيعة بين رأسي الأفعى كما يسميهم وبعد أن ركب سيارته رفع عينيه الى اعلى فرأى صابرين تنظر من النافذة وهى تمسح دموعها ،شئ ما تقطع فى قلبه، همس لنفسه
” شكلك مظلومة ما بينهم ”
أدار السيارة وابتعد عن القصر لكنه ترك قلبه معلقًا بين جدرانه، لا يعلم كيف وهو رجل في أواخر الأربعين وأعزب، من الممكن بعد أن تتطلق صابرين من المحامي أن توافق به، خاصة بعد أن رأته مع أختها. مرت الليلة بشكل مختلف على العديد منهم، ولكن كانت ليلة خاصة على صابرين التي أصبحت لا تتحمل كل ما يحدث من حولها، خاصة بعد عودة فوزي ثائرًا كالإعصار بعد أن بلغته بحديث سوسن عن توقف متابعة ابنته مع الأطباء، وفي وسط العراك الدائر كانت ماهيتاب ابنة فوزي تستمع لكلام عمتها سوسن ولم تتحمل وصفها لها بالمقعدة المتأخرة عقليًا، وفي غفلة منهم اقتربت بكرسيها من أعلى الدرج ثم دفعت نفسها للأمام، سقط جسدها يتدحرج فوق الدرج ورأسها يرتطم بكل قوة. انتبه الجميع لصوت الارتطام، جرى فوزي محاولًا الإمساك بجسد ابنته لكنها في النهاية لفظت أنفاسها الأخيرة بين يديه.
ساد الصمت لأكثر من ليلة، واستغلت صابرين انشغال الجميع وهربت من البيت ولم يلاحظ اختفاؤها أحد حتى زوجها لم يكترث لعدم رؤيتها. ذهب حامد إلى القصر كي يقدم التعازي، بحث بعينيه عن من امتلكت قلبه لكنها لم تظهر، وبعد أن دلف إلى مقاعد الرجال جلس بجوار فوزي وقال
“البقاء لله”
لم يجيب فوزى بل انهمر من البكاء، همس حامد له
“وهي ماتت إزاي؟”
“وقعت من على السلم.”
“إزاي ده حتى صابرين كانت قالت إنها ما بتتحركش، يعني قعيدة من ولادتها.”
“لأ، لأ، هي كانت كويسة وهي طفلة بس بعد موت أمها ما بقتش تمشي ولا تتكلم، أنا أخدتها لدكاترة كتير محدش عرف يخرجها من اللي هي فيه.”
اقترب أحد الحراس ووضع ورقة في إيد فوزي وهمس له:
“باشا، مدام صابرين قبل ما تمشي من القصر سابت الورقة دي، وقالت لي أدهالك.”
انصدم فوزي وقال: “صابرين مشيت، راحت فين دي مالهاش حد غيرنا ولا مكان غير هنا؟”
تحرك الحارس مبتعدا ولم يعقب، فتح فوزى الورقة تحت أنظار حامد الذى كان متلهف لقراءة ما بها أكثر من فوزى
(أخي، لن أقول العزيز فلا يوجد أحد منكم فكر بي أو بحياتي عندما أخرجتموني من التعليم وألقيتم بي بين يدي ذلك الحقير الذي أقسم بالله لم يلمسني إلى اليوم، ولكن كل هذا لا يهم الآن، أردت إخبارك أن فايز اعتدى على زوجتك وهذا ما دفعها لقتل نفسها حرقًا، ولقد رأت ذلك المسكينة ماهيتاب ولكي لا تخبرك حقنها فايز بمواد كيميائية سببت الحالة التي كانت عليها وظل يحقنها كل ليلة من يومها، كنت أريد إخبارك سابقًا لكن كنت خائفة من فوزي فقد هددني أنه سيفعل بي ما فعله بزوجة يزن، أو الأسوأ سيجعلني مثل ماهيتاب ويعذبني إلى أن تخرج روحي، وقد كان فايز وسوسن هما من يرشوان الأطباء حتى لا يخبروك بالحقيقة، فكرت بالهروب كثيرًا لكن لم أفعل من أجل ماهيتاب، والآن هي ماتت فلم يعد شيء يبقيني هنا)
وقف فوزى والدماء تغلي في رأسه وقبل ان يتحرك امسك به حامد وقال
” اهدى كده، انت بشكلك ده هيضيع حق بنتك ومراتك”
” اهدى ايه، انا هقتله ، لا ، انا هولع فيهم الاثنين ”
” وتدخل السجن فى ناس زى دى، وبعدين ايه عرفك ما يمكن يتغدى بيك قبل ما تتعشي بيه”
” يعنى ايه ”
” بص انت لو قتلته كده كده مش هتطفى نارك، انت تحرق دمه و تاخد كل حاجه وتطرده هو واخته من القصر ”
جلس فوزى وقال ” اذاى ”
” مش هما عاملين ليك توكيل ”
“ده توكيل إدارة للمصانع بس ”
صمت حامد قليلا يستمع الى ادهم فى سماعة الهاتف ثم قال
” اكيد انت مش غبى يعنى وعارف مكان مرات يزن و ابنه، لو ظهروا كل حاجه هتبقى ليهم ”
” طب ما كده انا كمان هبقى فى الشارع ، بس يمكن مرات يزن ماتت بس ابنه عايش وانا عارف الملجأ اللى اترمى فيه وإن كان عليه فانا عارف اذاى اتصرف واعيش عيشه كويسه بعيد عن هنا ”
كان حامد يسجل كلام فوزي، وبعد دقائق لاحظ هدوء فوزي الذي اتضح أنه قرر تأجيل المواجهة إلى حين. نهض حامد ورحل مبتعدًا عن القصر. بعد ثلاثة أيام في شقة أدهم التي اشتراها داخل البلدة كي يكون قريبًا من القصر، كان حامد جالسًا معه، وبينما كانا يتحدثان عن الخطوات القادمة، رن هاتف حامد برقم سوسن، ابتسم حامد وهو يشير للهاتف، ثم وضعه على مكبر الصوت وأجاب
“سوسو، حبيبتي، عاملة إيه؟”
جاء صوتها غاضب: “حامد، تقدر تقابلني دلوقتي ونروح للشركة اللي بتأجر الفلاحين دي؟”
“اهدي بس، في إيه؟”
“الزفت فايز طالب من البنك قرض جديد، لأ وبضمان الأرض كلها!”
“تؤ تؤ، هو اتهبل، كده هيضيع حقك.”
“لأ وكمان بيدور على عقد الأرض بتاعة القصر، أنا مش هسكت أنا هاخد حقي ونتجوز وأجي أعيش في بيتك وهو بقى يدير الأرض يبيعها هي والقصر براحته.”
صمت حامد قليلًا وكان أدهم بيكتب له شيء ما، وبعد إن طال الصمت قالت سوسن بقلق:
“إيه، بتفكر في إيه، أنت غيرت رأيك؟”
“لأ طبعًا حبيبتي، بس أنا هبيع كل حاجة لي هنا ومسافر أعيش بره مصر، إيه رأيك تبيعي الأرض والقصر وتقنعي فوزي يبيع هو كمان ونسافر سوا؟”
صمتت ثم ضحكت ضحكة عالية وقالت: “هو اللي ابتدى بالغدر صح، يبقى يستحمل، أنا هبيع الأراضي والقصر وكمان المصانع بالتوكيل العام اللي معايا منهم كلهم، بس تعرف حد يشتري؟”
“امممم، طب اديني ساعة كده أسأل اللي هيشتري مني لو عايز وأرد عليكي.”
“تمام، مستنياك، هحضر شنطتي على ما ترد عليا.”
أغلقت الهاتف، فنظر حامد إلى أدهم اللي كان واضح على ملامحه الغضب والتفكير في شيء ما وقال:
“كنت فاكر إنك هتكون سعيد.”
“كنت هكون سعيد لو لقيت أمي وخليتها هي اللي تظهر بعد ما يبيعوا كل حاجة ليها وتطردهم من القصر بنفسها.”
وضع حامد إيده على كتف أدهم وقال: “فوزي قال إنها ماتت، وأكيد هي شايفاك وأنت بترجع حقها وحق أبوها.”
انهمرت الدموع من عين أدهم وقال: “مش هقدر أدخل القصر، يا وفي روح لـ نعيمة وهاتها عشان هي اللي هتظهر في الصورة.”
بعد مرور ساعة ونص اتصل حامد بـ سوسن وقال لها: “المشتري وافق هو وشريكته يشتروا كل حاجة بس بشرط تضمني إن القصر يكون فاضي عشان يستلموا من غير مشاكل.”
“تمام، موافقة.”
“خلاص هستناكي في أول البلد تجيبي العقود والتوكيل ونروح شركتهم ونخلص وهيحصل تحويل الفلوس لحسابك على طول، آه، ما تجيبيش الشنطة دلوقتي، بعد ما تبيعي وتاخدي فلوسك نرجع أنا أروح أجيب حاجات من مكتب فايز وأنتِ تروحي تجيبي الشنطة وتعرفيهم عشان يسيبوا القصر.”
“بجد، ممتاز، عشر دقايق وأكون في أول البلد وبعدين أبقى أرجع أجيب الشنطة عشان نتجوز على طول.”
“طبعًا، هيكون المأذون مستني.”

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية من أجلك)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى