روايات

رواية ملاك يغوي الشيطان الفصل السادس والعشرون 26 بقلم مايسة ريان

موقع كتابك في سطور

رواية ملاك يغوي الشيطان الفصل السادس والعشرون 26 بقلم مايسة ريان

رواية ملاك يغوي الشيطان الجزء السادس والعشرون

رواية ملاك يغوي الشيطان البارت السادس والعشرون

ملاك يغوي الشيطان
ملاك يغوي الشيطان

رواية ملاك يغوي الشيطان الحلقة السادسة والعشرون

( الأخير )
زينة ..
كيف حالك …
أفتقدتك كثيرا جدا ..
أخبرني حميد عن تطور علاقتك بآدم وفرحت كثيرا من أجلكما ..
أنت فتاة طيبة وآدم جيد بطريقته الخاصة لطالما عاملني بأحترام لم أكن أستحقه وهذه حقيقة .. أنت السبب في أنني كشفت روحي أمام نفسي .. كنت مرآة رأيت فيها حقيقتي ولم يعجبني ما رأيت وشعوري تجاه ذاتي لم يكن جيدا أبدا .. أنهيت عقدي مع شركة الأزياء الفرنسية وعدت الى لبنان .. الى مزرعة والدي .. لا تتخيلي كم المعاناة التي تسببت لهم بها ولم أكن أستحق مسامحتهم لي ولا كمية دموع الفرح التي ذرفوها من أجل عودتي .. أخي جان كما أخبرتك سابقا لديه طفلان .. صبي وفتاة .. أتعلمين ماذا سمى طفلته ؟ .. نعم .. سماها نيكول لتذكرهم بي .. أرأيت ما الذي فعلتيه من أجلي وأجل عائلتي ؟ .. أنا شاكرة لظهورك في حياتي .. انت ملاك من نور أنار ظلام دنياي… لقد قررت أن أبقى بلنان وأفتتح بها دار أزياء خاص بي فقد أصبح لدي من الخبرة والمال ما يؤهلني لذلك الأن .. حبي لحميد لم أتخلص منه تماما ولكني أصبحت على ثقة من أنني قادرة يوما ما على نسيانه خاصة وقد عرفت منه أنه وجد انسانة أحبها حقا وينوي الأرتباط بها وأنا أتمنى له السعادة والخير .
راسليني ان أستطعت وان حدث يوما وزرت لبنان أرجوك أجعليني أراك وسوف أرسل لك عنواني ورقم هاتفي ومعك الأن عنوان بريدي الأليكتروني سأنتظر ردا منك .
والى لقاء قريب
نيكول
دمعت عينا زينة تأثرا برسالة نيكول .. أغلقت الهاتف ووضعته على المنضدة أمامها .. الهاتف الذي أهداه آدم لها فور وصولهما الى اسبانيا حتى يطمئن عليها أثناء وجوده بالعمل ..
اليوم الذي وصلا فيه كانت خائفة وقلقة من ردة فعل عائلته على خطبة آدم لها ورغم تأكيده المستمر لها بأن ليس هناك من داعي لقلقها الا أنها لم تأخذ بكلامه الا بعد مقابلتها لأمه .. كانت سيدة وقور جدا وتبدو صارمة .. تشبه في ذلك آدم كثيرا وبمجرد أن قدمها آدم اليها على أنها خطيبته أختفت صرامتها بقدرة قادر وعلت البشاشة محياها وأحتضنت زينة بقوة , دهشت زينة من ردة فعلها ففسر لها آدم الأمر قائلا بسخرية وابتسامة عريضة على شفتيه
– أعذري أمي يا زينة .. كانت قد فقدت الأمل في زواجي وقد كنت عصيا أمام مؤامراتها هي وشقيقتاي لتدبير زواج لي .
أبعدتها أمه عنها على بعد ذراع تتأملها وتتفحصها بسعادة
– كم أنت جميلة ورقيقة .. وتبدين صغيرة جدا أيضا .
أحمر وجه زينة حياءا ونظرت الى آدم الذي قال متبرما ولكن عيناه تمزحان
– لست عجوزا ماما .
وأكدت زينة كلامه بسذاجة غير مدركة لتمرير المزاح بينهما
– نعم هو ليس كذلك وأنا أيضا لست صغيرة جدا حقا وان كنت أبدو ..
ضحك الأثنان بمرح فازداد وجهها أحمرارا .. أحتضنتها أمه اليها من جديد
– لا تقلقي أنني أمزح .. وصدقيني حتى وان كنت أكبر منه في السن لن أعترض فأنت تبدين فتاة رائعة تدخلين الى القلب مباشرة وما قلتيه الأن يدل على صفاء نية لا نقابله كثيرا هذه الأيام .
عقب آدم على كلام والدته قائلا
– ماما لديها نظرة ثاقبة في البشر لا تخطئ أبدا ومنذ الأن أصبحت تحت حمايتها فكما لابد وقد لاحظت أنها لم تتركك من بين ذراعيها منذ أن رأتك وكان الله في عوني منذ الأن .
أنتهى المزاح وكانت والدته متحمسة لمعرفة موعد الزفاف وبالطبع الأسئلة شملت السؤال عن عائلتها وعندما رأت شحوب وجه زينة وتعلق نظراتها اليائسة بآدم فتوقفت عن طرح الأسئلة وقالت بذكاء
– يبدو أن هناك أشياء صعب تحكى فى هذه الجلسة وتحتاج لشرح طويل .
هم آدم بالكلام لكن والدته نهته ووقفت تسحب زينة معها
– لا .. سوف آخذ زينة الى غرفتها لترتاح أولا ثم سنجلس معا أنا وهي لتحكي لي كل شئ .. وأنت أذهب وأفعل أي شئ مفيد غير التدخل بيننا فهي منذ الأن أصبحت ابنتي كما أنت أبني .
عبس آدم في وجه أمه مازحا ثم مال على وجنتها وقبلها بحب ولكن حركته أدهشتها وجعلتها تنظر الى زينة وتقول
– أبني أصبح رقيقا وهذا عجيب .. بالتأكيد هذا هو تأثيرك عليه .. لا تقلقي يا فتاة مهما كانت مشكلتك فهي لن تغير من قدرك عندي أبدا .
تابع آدم رحيل زينة مع أمه وزفر براحة وابتسم لها مشجعا .
تركوها تستحم وترتاح من السفر ثم استدعتها حماتها المستقبلية لتناول الغداء معها .. كان منزلهم عبارة عن فيلا في حي راقي بمايوركا الأسبانية ومن بعد القارب الشراعي والفنادق الفخمة لم تندهش زينة من حجم الفيلا ولا روعة تصميمها وحاولت أن لا تشعر نفسها بأنها دون المستوى فهي بالأخير لا تهتم بالمال ولا تسعى خلفه فقد تركت ثروة خالد ولم يفرق معها الأمر وبالتأكيد آدم يعرف ذلك ولن ينظر اليها على أنها باحثة عن الذهب .
بعد الغداء جلستا في الشرفة الواسعة التي تطل على الحديقة التي تضم مستنبت للزهور أعجبت به زينة وتعلقت عيناها به فقالت حماتها
– سأعرفك على زهوري وأرجو أن تساعديني فى العناية بهم فأبنتاي متزوجتان وتعيش كل منهما ببلد آخر .
بعض قليل من التردد بدأت زينة تحكي قصتها وأنصتت اليها المرأة بهدؤ ولم تقاطعها الا لتستفسر عن شئ ما وبعد أن أنتهت زينة كان الحزن والأسى جليا على وجهها وقالت
– لم أشعر بهكذا حزن منذ وفاة زوجي والد آدم رحمه الله .
مالت على يد زينة تربت عليها برقة وقالت
– أنتهى كل شئ الأن .. أنت الأن بأمان معنا ولا تخشي شيئا أبدا .
أبتسمت لها زينة بأمتنان
– شكرا لك .. وشكرا لأنك قبلت بي وأنا من دون عائلة .
أعتدلت والدة آدم ولوحت بيدها قائلة بصرامة
– هراء .. اليتم ليس عيبا ولقد رأيت كثيرات ذوات حسب ونسب وكن أقل من عاهرات ولكن أنت يجب أن تفخري بنفسك وأبني كما هو واضح فخور بك كذلك.
ومنذ تلك المكاشفة بينهما تغيرت حياة زينة وان كان بها شئ من الخشية لأن تغدر بها الدنيا من جديد أصبحت الأن تعرف أن لها عائلة مستقبلية ستحبها وتحميها على الدوام .
****
لقد تعب حقا وطلعت عيناه كما يقولون ..
تلك الفتاة سوف تفقده عقله لا محالة .. تجعله يدور حول نفسه طوال الوقت تلاعبه وتحيره حتى فاض به الكيل .
بعد أن ترك القارب وعاد الى المغرب وجدها قد رحلت بعد أنتهاء العرس مباشرة وسأل أمه عن عنوان خالته فقالت له أمه بعدم رضى
– ألا تخجل من نفسك وأنت تعترف بجهلك بعنوان خالتك الوحيدة
هز رأسه بنفاذ صبر وقال
– آسف .. أنا حقا آسف .. آسف على أشياء كثيرة فعلتها وأشياء أكثر لم أفعلها .. فهل ستعطيني عنوان جنة أم لا ؟
– سأكتبه لك .
أخذت ورقة من مفكرتها التي تحتفظ بها قريبة منها دائما وبعد أن كتبت العنوان ناولته له .. تألقت ملامحه وهو يمني نفسه بقرب لقاءها ولكن ما لبث أن تجهم وعقد حاجبيه قائلا بأستنكار
– ماذا ؟ .. افريقيا الوسطى ؟
– خالتك تعيش بالرباط ان كنت تريدها .. ولكن ان كنت تريد جنة فهي من ضمن بعثة أطباء بلا حدود وهي الأن بأفريقيا الوسطى .. أنتظر عودتها ان كنت غير مستعجل .. سوف تعود بعد عام ان لم يحالفها الحظ بأخذ اجازة .
شعر حميد بالحنق الشديد ووقف لفترة لا يدري ماذا يقول ثم راح يتمتم بغيظ وهو يخرج من حجرة والدته
– أنا لن أذهب الى هناك .. لا أفهم ما الذي دفعها للسفر الى تلك البلاد ان لم تكن فتاة مجنونة .
ولكن بعد أسبوعين كان يستقل الطائرة متوجها الى جمهورية وسط افريقيا بعد أن أخذ الكثير من اللقاحات حتى شعر بأنه ذاهب الى منتجع للأوبئة .
تفاجأت جنة عند رؤيتها له في المخيم وظلت طوال دقيقتين كاملتين تنظر الى وجهه المرهق والعرق والغبار الذي يغطيه وسألته غير مصدقة
– ماذا تفعل هنا ؟
رد بغيط وقد شعر حينها بأنه يود ضربها لأنها جعلته يمر بتلك المحن على الطرق الغير صالحة للسفر والغابات التي قطعها هذا غير كمية الحشرات التي تعرض للدغها
– أقسم أنني ندمت على وجودي هنا .
توقع أن تغضب وتطلب منه الرحيل ولكنها أنفجرت في الضحك بمرح وقالت
– مرحبا بك أيها الثري المدلل في أرض الشقاء .. تعال نحن بحاجة الى الكثير من المساعدة هنا ولا نقول لا لأي يد تمتد الينا .
عرفته جنة على زملاءها من أطباء وباحثين من مختلف الجنسيات وبعد بضعة أيام من التذمر والتعب الشديد والأرهاق بسبب الحر بدأ يتأقلم وما كان يخفف عنه هو وجوده بجوار جنة طوال الوقت وكانت تضغط عليه بأستمرار وتتحداه أن يستمر كان يعرف أنها تراقبه وتنتظر أن يستسلم ويرحل ولكن ما رآه أثر فيه حقا وجعله يقدر ما تقوم به جنة ورفقاءها .. الأمراض وسؤ التغذية الذي يتعرض له السكان بسبب العنف والأضطرابات السياسية وقد أخبره رئيس البعثة وأحد الباحثين وكان ألماني الجنسية
– حتى بعد الأنتخابات الديمقراطية التي تمت فى 2016 الى أن الوضع مازال خطيرا فهناك 2.3 ملايين انسان أي ما يعادل نصف السكان يعتمدون على المساعدات الأنسانية للبقاء على قيد الحياة والنظام الصحي بالكاد يعمل في ظل النقص الحاد في العاملين الصحيين المؤهلين والأمدادات الطبية .. لذلك نشكر لك وجودك بيننا .
بعد ذهاب الرجل جلست جنة في المكان الذي تركه حول طاولة الطعام الخشبية التي تتوسط المخيم وسالته
– لماذا أنت هنا ؟
رد ساخرا
– أبعد كل هذا الوقت تسألين ؟
أشاحت بوجهها بتجهم وقالت
– لا أعرف لماذا تتعب نفسك بالمجئ الى هنا وأنت تعرف رأيي بك جيدا .
– ربما أود أن أجعلك تغيرين رأيك بي وتدركين أنني جاد فيما يخصك .
عادت للنظر اليه وقالت بتجهم
– حميد .. وجودك هنا لأسبوع أو حتى شهر لا يعني أنك تغيرت .. ستكون مجرد مغامرة بالنسبة لك وبعد أن ترحل أشك أنك ستجرؤ على اعادتها مرة أخرى .
قال بأنفعال غاضب
– أنا لا أقول أنني سعيد بالبقاء هنا ولكني أقدر الهدف السامي الذي تسعون لتحقيقة وأتمنى أن أساهم فيه وأن السبب الوحيد لوجودي هو محاولة أقناعك بالزواج مني وأنا لم أخفي هذا عنك أو عن أي أحد آخر هذه الحقيقة .
وقفت تقول بتصميم وعناد
– أذن ابقى .. عام هو مدة بعثتي .. أثبت لي تفانيك و ..
وقف بدوره يقاطعها قائلا بغضب
– أنت تقومين بتعجيزي .. تعرفين أن لدي عمل ينتظرني ومؤهلاتي لا تناسب المكان هنا .. ولكنك تنتقمين مني بوضع شروط تعجيزية لسبب لا أفهمه ..
أحبك يا جنة وأطلب منك الزواج .. لدي ماضي أعترف أنه ليس مشرفا ولن أتباهى أمامك أو أمام غيرك به .. لذلك سأطلب منك للمرة الأخيرة .. هل تقبلين الزواج بي أم لا ؟
أستولى الحزن على عينيها ولكنها قالت بصورة قاطعة
– للأسف .. لن أقبل .
حتى لو كان يضع أحتمال رفضها فى الحسبان الا أنه صدم منه وشحب وجهه ولم يقل شيئا وفي صباح اليوم التالي كان يحمل حقائبه ويضعها في السيارة الجيب التي أستأجرها لتقله الى المدينة ومن هناك سوف يأخذ الباص لساعات حتى العاصمة ليستقل الطائرة من هناك .
لم يودعها ولم يقل لها أنه سيرحل وقد قابل رئيس البعثة في الصباح الباكر وسلمه شيك بمبلغ كبير تبرعا منه للمنظمة ووعده بأنه سيستمر بذلك فشكره الرجل بأمتنان شديد وودعه بنفسه عند السيارة وسأله
– وماذا عن دكتور جنة ؟
قال حميد بمرارة ساخرة
– يبدو أنها تفضل البقاء هنا عن البقاء معي .
ولكنه لم يتوقع أن تلحق به جنة الى المطار
– لماذا لم تخبرني أنك راحل ؟
كان مندهشا من ظهورها أمامه قبل دقائق من أقلاع الطائرة
– لم أعتقد أنك ستهتمين .
أحمر وجهها بشدة وقالت وكأنها تنتزع الكلمات أنتزاعا
– ألم تنتبه الى أنني توقفت عن أنتقادك وتوجيه السباب لك ؟
قال ساخرا
– بالطبع لاحظت ولكن أفترض أنك توقفت عن ذلك فقط حفاظا على واجهتك الأجتماعية والثقافية أمام زملاءك النبهاء .
– غبي .. مازلت مغرورا رغم محاولاتك المضحكة لأثبات العكس
فاض به الكيل وقال بحنق شديد
– أنت الغبية والعنيدة لا أنا .. ان كنت تريدينني فأهلا بك .. وان كنت لا .. فدعيني أذهب في سلام .
واستدار يسير وهو يجر حقيبته خلفه والغضب والأحباط يتفاقمان بداخله
– تذهب في سلام .. أم تذهب لصديقاتك الجميلات .
صاحت من خلفه بحدة فتوقف واستدار اليها صائحا بدوره
– ومالك أنت بي .. أذهب حيث أشاء ولمن أشاء فلا تتدخلي في حياتي فقد تنازلت عن أي حق لك بها .
عاد يتابع طريقه ولكنه سمع خطواتها تعدو من خلفه
– حميد .. أنتظر .
توقف من جديد وقد قرر أن يعاملها بقسوة ولكن الدموع التي كانت تغرق وجهها ألجمته وجعلته عاجزا وضعيفا وهي تتابع
– لا تتركني ولا تذهب لأي أمرأة أخرى .. أنا آسفة ..
ثم تنهدت بقوة تحاول السيطرة على أنفعالها ثم تابعت
– انا حقا أحبك .. وقبل ان تحبني انت .. أنا موافقة ..أن أتزوجك .
لم يصدق أذنه للحظات ولم يصدق ان سعادته بموافقتها على الأرتباط به ستصل الى هذه الدرجة .. ترك حقيبته وأحتضنها بشدة .. أستكانت جنة بيم ذراعيه وبعد دقيقة كاملة أبتعدت عنه وقد أحمر وجهها خجلا وقالت
– ستكون مدة الخطوبة عاما كاملا .
رفع يده يهم بضربها ولكنه أوقف يده بالهواء فقالت بعناد دون أن يرف لها جفنا
– هذا شرطي الوحيد ما رأيك ؟
وافق بالطبع فلا خيار آخر أمامه .
****
وقف فراس أمام الباب الخارجي لمنزل والدي أروى ينتظر خروج ولديه .. فقد أعتاد خلال الأسابيع الماضية أن يأتي لزيارتهما وأخذهما كلما سمح وقت عمله لقضاء الوقت بصحبتهما .. في البداية كان يقبل دعوة حماه ليدخل وينتظرهم بالداخل وكان يقبل على أمل أن يرى أروى ولكنها كانت ترفض الخروج من حجرتها حتى يذهب .. لم يترك أحدا من العائلة والأصدقاء الا وترجاه أن يتدخل للصلح بينهما .. قرر أن يستمع الى نصيحة زينة ويتنازل عن كبرياءه ليداوي كبرياءها وقد كرث كل وقت فراغه من أجل التودد اليها والأهتمام بطفليه .
– بابا .
رفع فراس نظراته الشاردة ونظر الى حمدان أبنه الأكبر
– نعم حبيبي .
كانواجالسون فى أحد المطاعم يتناولون الغداء
– أنت تريد ماما أن تعود اليك .
بالطبع .. حمدان لم يعد صغيرا وأنفصالهما وأسبابه لا تخفى عليه
– لقد أخطأت في حقها ولها كل الحق لأن تغضب .
– ولكنك تحبها وتريدها أن تعود اليك .. أليس كذلك ؟
أبتسم له وقال
– نعم هذا ما أريده .. ولكنها ترفض رؤيتي أو الحديث معي .
قال نجد وهو يحاول أبتلاع الطعام المحشو به فمه
– تحدث اليها على الهاتف أو أكتب لها رسائل على الواتس آب .
نظر حميد بدهشة الى ولديه وقال
– وهل سوف تجيب ؟
قال حمدان
– حاول بابا لن تخسر شيئا .. نريد أن نعود الى منزلنا .. كما أن أمي حزينة جدا .
قال نجد بعفوية
– وتبكي بأستمرار .
تألم قلبه وكره حاله لأنه السبب في بؤسها وعندما أعاد الطفلين الى بيت جدهما وعاد هو وحيدا الى البيت أخذ بنصيحتهما وبدأ يرسل الرسائل الى أروى وأنتظر بعد أول رسالة التي كان يسأل فيها عن حالها ولم يكتشف أنه كان يحبس أنفاسه الا عندما زفر بقوة بعد أن فتحت الرسالة وقرأتها فتشجع وأرسل رسالة أخرى دون أن ينتظر الرد على الرسالة الأولى وأخبرها فيها أنه يفتقدها .. رأت الرسالة ولكنها لم ترد عليها أيضا .. بعد أسبوعين كان فراس قد أرسل مئات الرسائل دون أن يستلم ردا واحد .. أخبرها كل شئ .. ما فعله وما يشعر به .. أخبرها عن شوقه وألمه والحب الذي يكنه لها .. أخبرها عن عمله وأصدقاءه واتضح له أنه لم يكن يحكي معها أبدا وأنه لم يعتبرها يوما سوى زوجة فرضها القدر عليه لتكون أما لأولاده وقد أخبرها ذلك أيضا .. أعترف بضعفة وجبنه وندمه وفى آخر رساله أخبرها أنه مستعد ان يتذلل لها أمام العالم لترضى عنه ان كان هذا ما يرضيها لكي تغفر له تعود اليه.. وكالعادة لم ينتظر ردا على رسالته الأخيرة لذلك عندما سمع صون رنين الرسائل أمسك الهاتف بشئ من الملل ليرى من يراسله .. توقف النبض لديه للحظة ثم عاد لينبض بقوة ظن أن قلبه لن يتحملها وفتح الرسالة كما لو كانت لغما على وشك الأنفجار وكان فيها
( لا عشت ولا كنت لو جعلت زوجي ووالد أبنائي يتذلل أمام الناس من أجل أي أحد أو أي شئ )
لا تكفي الدموع لتعبر عما شعر به وهو يعاود قراءة سالتها مرارا وتكرارا .. هل هناك من هو أسمى وأكرم وأشجع من تلك المخلوقة !!.
رسالة أخرى ظهرت أمامه
( سأكون بأنتظارك غدا صباحا أنا والأولاد كي تعيدنا الى البيت )
هب فراس عن الفراش وهو يقول بانفعال
– لا والله لن أنتظر حتى الصباح .
ستبيت زوجته وأولاده تحت سقف بيته هذه الليلة .. سيذهب ولا يهم ان كانت الساعة قد تجاوزت الواحدة بعد منتصف الليل .
لم يلاحظ أنه يرتدي بيجامة النوم سوى وهو فى الطريق ولم يفكر مجرد تفكير فى العودة لتغييرها .
طرق الباب ورن الجرس بألحاح .. أنيرت أضواء البيت بأكمله وسمع أصوات قلقة وخطوات تتحرك .. فتح حماه الباب وقال بدهشة
– فراس ؟ .. ما الذي أتى بك فى هذه الساعة ؟
قال فراس وهو ينظر الى ما خلفه حيث تقف أروى وأمها متسعة العينين من الذهول
– جئت لآخذ زوجتي وأولادي .
ألتفت والدها اليها يسألها وهو لا يفهم شيئا
– أروى ؟
أبتسمت وأطرقت برأسها
– الأولاد نائمون .
دفع فراس حماه من أمامه ودخل يقول بأصرار
– سأحملهما ولا داعي لأخذ أي شئ اليوم .. لا أريد سواكم .
****
وقف آدم ينتظرها بشوق قرب شاطئ البحر
كان زفافا أسطوريا ..
تهادت زينة بثوبها الأبيض الطويل ..
ينقصها جناحا ملاك وتكون لجحيمه هلاك ..
تهللت شمس النهار فوق خصلات شعرها ..
وانحصرت أمواج البحر خجلة من لمس طرفها ..
غارت الزهور من وردات خدودها فقبلت أن تكون مداسا لأقدامها ..
أنها الملاك الذي أستطاع أغواء الشيطان بداخله ..
أستطاع أنتزاع دنسه بطهره ..
قضى على خبثه ببراءته ..
أنها ملاكه وقد أصبح قلبه جنتها ..
أمسك يدها المرتجفة وضمها الى قلبه معلنا بعيناه وكل خلاياه أنها كل ما يريده من هذه الدنيا .. نسيا لحظة أن ألتقت عيونهما أن هناك عالم من حولهما وهمس
– أصبحت لي.
ردت بصوت يرتجف من شدة مشاعرها
– نعم .. أصبحت لك .
*****
الختام
فوق سطح القارب حيث كان يرسو قرب شواطئ مارسيليا الفرنسية ..
جلس آدم وحميد وفراس فى دائرة وكل منهم يحمل طفلته بين ذراعيه .. العجيب أن زينة وجنة وأروى أنجبوا بالتتابع فتيات بين كل واحدة منهن شهرا تقريبا
تثائبت أبنة آدم البالغة من العمر عشرة أشهر وكانت أكبر الفتيات وأكثرهم هدؤا , قال وهو يهدهدها بحنان
– ملاكي يريد أن ينام .
ابتسم فراس ثم قبل وجنة أبنته ذو التسعة أشهر بحب
– وملاكي أنا أيضا فى طريقة الى النوم كذلك .
نظر حميد الى أبنته ذو الثمانية أشهر وقال بأمل وكان العشق فى عينيه يمحي أي أثر للتبرم فى صوته
– ليت ملاكي التي تشبه أمها تنام أيضا .
أستدارت الطفلة بين ذراعيه وضربته على وجهه بكفها الصغير ثم أنفجرت ضاحكة .. كشر حميد فى وجهها ممازحا وقال
– ألم أقل لكما أنها تشبه أمها .
جاءت جنة من خلفه تسأل بحدة
– ماذا تقول ؟
أنفجر آدم وحميد بالضحك فضاقت عينا جنة عليه بتركيز أكبر فقال بسرعة يتملقها
– أنا جائع .
أنضمت زينة وأروى اليهم وقالت أروى
– الغداء جاهز هيا .
وقف فراس وناول أبنته لزوجته ثم أحاطها بذراعه وسار بها الى الداخل وهو يهمس بشئ فى اذنها جعلها تبتسم .
وقف حميد وأسرع يحتضن جنة بذراعه بدوره
– حبيبتي .. ماذا أعدتم لنا اليوم .
تقبلت جنة مداهنته لها وقالت وهي تأخذ أبنتها الضاحكة من بين ذراعيه
– تعال الى الداخل وسترى .
بقى آدم وزينة وحدهما .. وقفا وأبنتهما بينهما وقد مالت برأسها على صدر والدها وبدأت تغلق عينيها , قالت زينة بحنان
– لقد نامت حبيبتي .
– تعال نضعها في فراشها .
ثم مال وقبل وجنة زينة بحب شديد
– افتقدتك .. دعينا نجهز رحلة لنا وحدنا .
ابتسمت له وهزت راسها بموافقه فضمها اليه ولحقا بالأخرين
أنها ثالث أجازة صيفية يقضوها معا على متن القارب بصحبة أصدقاءهم ..
سارا معا الى الداخل وشعور بالراحة والهناء يحوطهما والمستقبل أصبح أكثر وضوحا عما كان عليه فى أي وقت كان .
****
تمت بحمد الله

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية ملاك يغوي الشيطان)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى