روايات

رواية مشاعر موقدة الفصل السابع عشر 17 بقلم فاطيما يوسف

رواية مشاعر موقدة الفصل السابع عشر 17 بقلم فاطيما يوسف

رواية مشاعر موقدة الجزء السابع عشر

رواية مشاعر موقدة البارت السابع عشر

مشاعر موقدة
مشاعر موقدة

رواية مشاعر موقدة الحلقة السابعة عشر

ماذا عن كلمة من اربع حروف فقط قيلت بعد انتظار دام طويلاً ولهفة سهرت لها الليالي ؟
أتدرون ما صداها وماذا تمثل لي أيها المشاهدين ؟
فلتأتون معي أحلل لكم كل حرف بها ماذا يعني لي ؟
ولكن اعرفوا الكلمة أولاً “بحبك زيد” قالتها لي ملاكي المتحرك على مشاعر قلبي ،
فأولها ‘الباء’ وتعني أنا لها بحرٌ عذب مياهه يروي ظمئان صدرها العطشان ،
وثانيها ‘الحاء’ وتعني أنها حرب خُضتها بشجاعة وكنت محارباً قوياً استطعت امتلاك مدينتها بجيش فياض المشاعر من أسلحة وذخيرة لا تنتهي بل هي عرض مستمر وفزت بقلبها بسلامٍ وأمان ،
أما عن ثالثها ورابعها ‘الباء ثم الحاء’ بساط كبير فردته لها سـأحملها عليه وأهرب بها وأسابق الريح وهي على ظهره تستريح في عالم نمكث به وحدنا وأمامنا النجوم وتحدنا الكواكب من جميع الجهات وتحدثها عيناي أمام ضوء القمر ذاك النجم المعتم لكنه يبعث نور ونور قلبي حتماً سيرزقها الاطمئنان ،
كان معكم “زيد” من إذاعة هوى “ليلى” العاشق الولهان لأميرة الزمان .

#بقلمي_فاطيما_يوسف

بعد أن استمع اعترافها بحبها له ثارت مشاعره الموقدة داخله لينطق أخيراً بعد أن نظم أنفاسه:
ـ حمد لله على السلامة يا “ليلى” أخيراً قلتيها أنا مش مصدق نفسي والله ،
1

ثم تعمق النظر في ملامحها وجدها حزينة وما زالت لمعة الدموع عالقة في عينيها فأحس بالوجع الشديد ولربما كانت نادمة على اعترافها ليسألها بنبرة خافتة وداخله يتقطع :
ـ ليه لمعة الدموع دي يا “ليلي” وليه عيونك مش فرحانة وإنتِ بتقوليها ،

ثم أكمل بتأثر وهو يبتلع ريقه بصعوبة بالغة والسؤال يكاد يخرج من فمه رغماً عنه :
ـ معقولة ، إنتِ قلتيها غصب عنك وفي لحظة ضعف منك وانتِ مش حساها ؟!

شعرت بقشعريرة سَرت بجسدها من تأثرها بنظرة عينيه التي تتحدث عشقاً ،
ثم حمحمت وتحدثت بصوتٍ يكاد يسمع من شدة خجلها وهي تومئ رأسها لأسفل :

ـ لا يا “زيد” أنا قلتها لك بقلبي كمان مش بلساني بس اللي مخليني كدة إني مش عارفة الجاي ولا ضامنة الظروف ولا هعرف أوعدك بأي حاجة تطمنك لأني مليش سلطة على نفسي .

تحدث بنبرة واهنة والحزن يكسو صوته وملامحه من حيرتها وحكمها على علاقتهم بالوأد دائماً :
ـ هتفضلي لحد امته مش واثقة اني فعلا حبيتك واني اتغيرت وانك قدرتي تحولي الإنسان الضايع المفتقر لمشاعر الحب إنه بقي ناسك في محراب حبك يا “ليلى”

وأكمل باستفاضة وهو ينظر لها نظرات ساحرة:
ـ عارفة يعني ايه ناسك في حبك ؟
يعني بقت عيوني مبتشفش غيرك ودقات قلبي مدقتش لغيرك مشاعري مولود جديد اتولدت على ايدك ،

وتابع برجاء عاشق متيم:
ـ ارجوكِ يا “ليلى” انسي اللي شفتيه مني واللي عرفتيه عني وكل حاجة وحشة وده لسبب واحد بس تعرفي ايه هو ؟

رفعت مقلتيها الحائرتين وسكنت عينيه العاشقتين وهي تسأله بنظرة هائمة جعلت قلبه دق بوتيرة سريعة وشعر بأنه على أعتاب الوصول إلى قصر ليلته أخيراً وهي تنتظر إجابته فأكمل وهو ينظر لها بإعجاب من نظراتها وحديثه مغلف بالمكر والدعابة :

ـ علشان لما اتولد على ايدك يبقى لازم تاخديني جوة حضنك وتعلميني كل حاجة وتضميني لصدرك ما انتِ بقيتي ماما وانا صدقيني هبقى ولد مطيع جداً هتمسك في حضنك جامد وهسمع الكلام وعلشان انا كدة هبقى شطور وهسمع الكلام هتكافئيني كل شوية ومرة تديني بوسة من خدودي وهرد عليها أنا باتنين ومرة من عيوني وهرد عليها بعشرة ومرة من هنا ..
1

وأكمل بنظرة ساحرة وهو يشير إلى شفاه كي يسحبها لعالمه الفياض من المشاعر الجميلة التي يفقهها جيداً ويعلم قوانينها بشدة وحقت احمرت وجنتيها من تلميحاته الجريئة فهذه فرصته ولابد عليه أن يستغلها ولن يتركها أبداً تمر مرور الكرام :

ـ ومرات من شفايفي اللي كلهم شوق يدوقوا طعم الهنا وريحة الورود من شفايفك وانا دول بالذات هردهم بسخاء حكم أنا في كرم الحب وقوانين القرب معطاء قوووي يا لولا .
1

شهقت عالياً بخجل من تلميحاته وطريقته ونظراته التي تتآكلها وكأنها فريسة وأمامها ذئـ.ـب جائع بل متعطش بشدة وحينما تصبح فريسته بين يديه سيلتهمها دون أن يترك لها مساحة للابتعاد ولو قليلاً لتنطق بذهول :

ـ هاااااااا ، انت جرئ قوووي بجد وانا صفر المية في طريقتك دي ، انت بدئتها من الآخر يا “زيد” أرجوك انت بلاش تستعجل النهايات وخلينا نشوف طريقنا المتنافر هيتقابل ازاي ؟

استند على حافة الباب وهو يرفع حاجبيه ساخراً من برائتها مستنكراً كلامها :
ـ هما الكلمتين دول يعتبروا نهايات بالنسبة لك ؟!

ثم غمز لها بطريقة أخجلتها وما زالت ابتسامته العاشقة تزين محياه وهو مازال يشاغبها بحديثه المرح:
ـ ده انتِ طلعتي طيوبة خالص يا لولا ، طب ما دي البدايات يا روحي لو عايزة بقى ملخص بسيط للنهايات يبقى جيتي في ملعبي وهفتح لك دراعي بالأحضان ويا أهلا بالمعارك بقى والله يعينك .

رفعت حاجبها لطريقته مرة أخرى وما زال الذهول مسيطر عليها ثم تذكرت ما حدث لتلتمع عينيها بالدموع مرة أخرى وهتفت بنبرة صوت مختنقة من البكاء المتحجر في عينيها :

ـ انت شفت الفيديو اللي نزل على الفيسبوك والانستجرام وأكيد طبعاً غرق اليوتيوب ماهم لما بيصدقوا ،

واكملت بعيناي دامعة وقد تحررت الدموع منها مرة أخرى وهي تشعر بأنها أصبحت عرضة للقيل والقال :
ـ انا اتفضحت وبقيت البنت اللي بتعلق المعيد بتاعها و زميلها ابن الوزير واني بدور على الشهرة وبتدارى ورا التدين والالتزام لكن ربنا فضحني وحاجات كتيير قوي وما خفي في النفوس كان أعظم .

دق قلبه بعـ.ـنف داخل صدره حزناً عليها وشعر بالخزي من حاله لما وصلت إليه ثم تحمحم لينظف حنجرته عله يستطيع إخراج صوته وبالفعل تحدث بكلمات تهدئها :

ـ عادي يا “ليلي” متتحامليش على نفسك شوية وهينسوا كلامهم الفارغ ده ،

ثم تذكر بداية الفيديو وسألها سريعاً:
ـ بس الفيديو بادئ غريب شوية انتِ قابلتي اللي اسمه “رسلان” ده قبل كده وحصل بينكم مشادة ومسكك من دراعك وكان بيتعامل معاكِ بعنف زي اللي شفته في الفيديو ؟

أمائت برأسها للأمام تؤكد له ما رآه وهي تخفض بصرها للأسفل بنظرات خجولة ليجز على أسنانه غاضباً وعيناه تصوب تجاهها نظرات نـ.ـارية أرعبتها :

ـ وانتِ ازاي تسمحي لنفسك انك تقفي معاه في جراج لوحدكم و إنه يمسك دراعك ويقرب منك بالعـ.ـنف ده ده انتِ كنتِ في حضنه يا “ليلى” وهو كان مقربك جامد منه ،

وأكمل غضبه وهو يعاتبها بقسوة من غيرته العمياء:
ـ وأنا اللي قلت ده ذكاء اصطناعي عملوه لما اتخانقت انا والزفت ده علشان يعملوا بروباجندة ياخدوا عليها مشاهدات وفي الآخر يطلع حقيقة ده انا اللي عارفك من سنين وبقى لي كتير بلف وراكِ عمري ما قربت منك بالشكل ده ولا عمري اتجرات اني امسك ايدك حتى !
ازاي تسمحي له انه يقرب منك بالشكل ده يا “ليلى” انا انصدمت ؟

بكت على تصوره وتخيله لينطق لسانها بحسرة من بين بكائها :
ـ لما ده تخيلك للموقف وانت عارفني ومن شوية بتقول لي فكك دول هينسوا يبقى انا كده اتدمرت وسمعتي راحت في الارض .

وغامت عينيها في بكاء مرير مرة أخرى مما صوره له عقلها وهو في عالم آخر كيف سينتقم من ذاك المتداخل الذي اقترب من زهرته النقية التي لم يمسها أحد فهو أول من اقتطف من عبيرها حينما صرحت له بعشقها ؟

ليكمل بحدة وقد سيطرت الغيرة على معالمه بشدة :
ـ ولما البيه عمل مع الهانم ده ده كله ده كان فاضل له يرميكي في العربية وياخدك معاه يكمل اللي بداوا على كيفه و على مزاجه ايه اللي كان موقفك معاه على الشط ساعة كاملة تضحكي وتهزري معاه ها ؟!
وانا واقف مش طايق نفسي ولا طايق اللي حواليا وعيشتيني الساعة دي في كابوس ولولا صاحبي كان زماني مبهدل الدنيا اكتر من كده ،
ازاي بعد ده كله جالك قلبي تقفي معاه وتتكلمي وتمسكوا التليفون وتتكلموا مع حد تاني وكأنكم اصحاب و أحباب قوي كده !

وأكمل ملامه عليها وكأنها تخصه وكأنها امرأته بطريقة لاذعة فالعاشق يغار حد الجنون وهو ليس عاشقاً فقط بل متيم متشبس بأعتابها بل منتظر إشارة منها بلهفة وشوق شديد :

ـ حرام عليكِ اللي انتِ عملتيه فيا في اللحظة دي انا كنت هاين عليا اتعمي يا شيخة في الوقت ده ولا إني أشوفك واقفة معاه بتضحكي وتهزري وفي الآخر طلع عامل بلوة مع حضرتك ممكن تفهميني اللقطة دي برده ؟

كانت واقفة متسمرة تنظر له ببلاهة وعينان متسعة وفاهٍ شاغرة غير مستوعبة حديثه الصادم لها ولبرائتها ثم تحدثت بشرود وتيهة :

ـ انت ازاي بتحاسبني بالطريقة دي وازاي بتتكلم معايا بالشكل ده أصلاً هو انت معلش تبقى لي ايه علشان تتهمني الاتهامات دي كلها وأنا في عز المشكلة الكبيرة دي انا مخصكش أصلاً علشان تتحكم فيا بالشكل ده ؟

أجابها والحزن يكسو صوته وملامحه من كلامها الجارح له وهو يؤكد عليها بثقة :

ـ لا تخصيني يا “ليلى”وبالقوي كمان ولا تخصي “رسلان” ده ولا غيره ،

وأكمل بغيرة عمياء:
ـ من وقت ما اعترفتي انك بتحبيني يبقى انت تخصيني وبقيتي مني وليا وفيا وجوايا يا “ليلى” ومش هسمح لأي حد يقرب منك ولا انك تقربي من اي حد ،
وعاد مرة أخرى وهو يصيح بها لأول مرة بحدة أرعبتها وجعلتها ذهلت من طريقته تلك وهو يضـ.ـرب الحائط بقبضة يديه وقد برزت عروق رقبته وكأن المشهد تجسد أمامه من جديد :

ـ وبرده ما جاوبتنيش على سؤالي ازاي بعد اللي حصل ده كنت واقفه بتضحكي وبتهزري معاه بالشكل ده يا ليلى ازااااااااااااي ؟!

غمغم بتلك الكلمات بحروف مشدودة بالڠضب فظهرت ابتسامة ساخرة على وجهها وإندثر خواء عيناها وتلك الغيرة الهوجاء تبعثره محتلة ساحة عيناها لتستطرد بشراسة :

ـ انت ازاي بتزعق لي كده اتكلم بصوت واطي لو سمحت مش علشان اعترفت لك اني بحبك معناها كده تعلي صوتك عليا وتبدا تفرض سيطرتك وهيمنتك عليا وتلغي شخصيتي فوق يا “زيد” ،

ثم تمتمت بكلمات خرجت تلقائية وقد هدأت من نبرتها عندما رأت الغضب ما زال مسيطراً على معالمه بشراهة:
ـ ولعلمك بقى رسلان ده شاب طيب جدا ومحترم فوق ما تتخيل مش زي ما انت فاهم .

عواصف لااااا بل براكين أوقدت في صدره الآن واشتعل جسده من حديثها الحسن عن ذاك العدو اللدود له وصارت عينيه تطلق شراراً لها ويود أن يفتك بها الآن من شكرها لذاك الـ”رسلان” ليطلق فمه سباباً خرج بنفس تلقائيتها مما جعلها صدمت وهي تفتح فاهها بغرابة :

ـ يلعن ابو اللي خل…. يا شيخة انتِ كمان واقفة تشكري فيه وتوصفي له برائته وحنيته !
وأكمل بقسم :
ـ يمين بالله يا “ليلى” لو فكر يقرب منك تاني لهنسفه ولا هيهمني أبوه مين ياكش يكون ابن رئيس الوزرا حتى انتِ خط أحمر وممنوع الاقتراب .
رفعت حاجباها ساخرة باستنكار باندفاع وحدة:
ـ انت مجنون يا “زيد” انت ازاي تشتم الألفاظ دي قدامي وتعلي صوتك كدة ، اظهر وبان بقى على حقيقتك ؟

ضـ.ـرب باب الغرفة بقدمه وبنفس الصياح هدر بها وما زالت الغيرة العمياء تحتل جسده المشتعل وقلبه الذي يدق بعنـ.ـف وهو يريد الآن خـ.ـنق ذاك المتداخل بينهم دون رأفة :

ـ يعني عايزاني اعمل ايه وأنا شفت البيه وهو بيضحك لك وبيبتسم وبيقرب على شط البحر وداخل يتسرسب لك وأقف ساكت ومضايقش ولا أتخنق ولا أزعق ،

وأكمل بحدة وهو يلومها:
ـ لا وكمان الهانم واقفة بتوصف لي شهامته ورجولته وإنه ازاي طيب ومحترم بذمتك أجيب الهدوء ده منين إلا إذا كنت بني ادم بارد معنديش مشاعر ولا رجولة يا هانم ؟!

ثم هدا من نبرة صوته مكملا بنظرات عاشقة جعلتها تبدلت من حالة الغضب إلى حالة الشعور بالشفقة عليه :
ـ أو مبحبكيش وعايز أتسلى بيكِ شوية فهتغاضى عن أي حاجة أو أي موقف شفته ومش هعلق لك على أي تصرف يا “ليلى” علشان أعرف أشقطك كويس واحب فيكِ يومين ولما مزاجي يقفل أمشي ،

وأكمل بنبرة عاشقة متيمة:
ـ أنا بحبك قوووي قووي وبغير عليكِ قوووي ومش متحمل انك تقربي من أي حد أو أي حد يقرب منك ،

وتابع باعتراف جعلها تشعر بالشفقة والعطف على حالته المسكينة في عشقها:
ـ وانتِ واقفة معاه كنت هتجنن كنت هجيب من السما حتة وكنت عايز اجي اشدك من قدامه واخطـ.ـفك لأي مكان بعيد عن أي حد ، كنت عايز أعلي صوتي قدام الناس كلها اللي يعرفونا واللي ما يعرفوناش واقول لهم دي بتاعتي دي تخصني ما حدش يقرب منها ،

كنت عايز اولـ.ـع فيه وفي المكان لولا ان صاحبي كان ماسكني بقبضة من حديد كان زماني عامل مشاكل معاه قدامك فوق ما تتخيلي ،
شفتي وصلت في حبك لدرجة ايه يا “ليلى” وفي الآخر تقولي لي ما تتحكمش وانا ما اخصكش ،

وأكمل بحزن أدمى قلبها وقد التمعت عينيه بدمعة أبت أن تفر منه :
ـ انا حاسس ان انا من كتر حبي فيكِ هموت من الحب لو مبقيتيش ليا مش عارف ده عقاب من ربنا ولا عذاب ولا حاجة حلوة ولا حاجة وحشة ولا كل اللي انا فيه ده اسمه ايه ؟!
انا كنت قابلك البنات اللي بتتمناني وبتتمنى تتكلم معايا وبتتمنى قربي وبتتمنى بس نظرة مني وانا كنت بشاور لهم بس ، مش عارف ايه اللي حصل لي ؟!
مش عارف ليه انتِ بالذات وانتِ معاندة ومش فاهمة مشاعري ولا فاهمة حبي وتعلقي بيكِ انا مش متحمل أي حاجة تبعدني عنك وأي شخص يقرب منك يا “ليلى” مش متحمل افهمي بقي .

صدقيني ليلتي أنني أغار وشعور الغيرة في يمثل قليل من الجمر على قليل من النار هو بركان صغير داخلي ، هو احساس بالموت قربك ، هو شعور برغبة الانتحار ، فقط أشتعل من رأسي الى قدمي ،

شعرت بقشعريرة سَرت بجسدها من تأثرها بنظرة عينيه التي تتحدث عشقاً وألماً أحست به من كلماته وكادت أن تجيبه إلا انها استمعت إلى رنات هاتفها في الداخل فجرت سريعاً وأمسكت به وجدته والدتها ويبدو أنها قد وصلت ، فخرجت إليه وهي تخبره بقدوم والدتها :
ـ ماما أكيد وصلت تحت .
ثم فتحت الخط وأجابتها :
ـ حمد لله على السلامة يا مامي .

أجابت والدتها :
ـ الله يسلمك يا بابا ، أنا تايهة ممكن تنزلي لي في الاستراحة نطلع سوا .

ـ حاضر يا مامي خمس دقايق هكون قدامك .. قالتها وهي تنتوي النزول وتنظر إليه:
ـ مامي جت هنزل اطلعها لأنها تايهة في المكان عن اذنك.

منعها من النزول مشيراً إليها بكف يديه:
ـ خليكِ هنزل انا اجيب الدكتورة لأني محتاج أتكلم معاها شوية .

سألته باستغراب:
ـ ايه ده هو انت تعرف مامي ؟

حرك رأسه للأمام وأجابها بنظرة حزينة وداخله غير مطمئن للقادم :

ـ انا اعرف عنك كل حاجه يا “ليلى” وبقرب من أي حاجة توصلني ليكِ وانا عرفت ان مامتك اقرب شخص ليكِ هي صديقتك ووالدتك واختك وهي كل حاجة ليكِ،
يمكن انت ما تعرفيش ان اللي بيحب حد بيهتم بكل تفاصيله وبكل علاقاته ، بعد اذنك هنزل اجيبها .

تنفست سريعاً ودخلت إلى الغرفة ثم تحركا من أمامها وكليهما داخله يدق بوجع ويتنبأ لقدوم حدث لم يسرهم ،

وصل إليها بعدما دارت عينيه في المكان وما إن لمحها حتى ذهب أمامها ببسمة بشوش ووقف يمد يديه باحترام :
ـ ازيك يا دكتورة نورتي شرم .

بادلته السلام بابتسامة باهتة لما حدث منه ثم سألته بعتاب :
ـ الله يسلمك يا دكتور ، انا زعلانة منك قوي ينفع اللي حصل هنا مع انك وعدتني قبل ما تسافروا الرحلة دي وقبل ما تعملها انك هتحافظ عليها وهتخلي بالك منها مش هتعمل فيها كده ، تقوم تتخانق انت وصاحبك وهي واقفة في الوسط وتخلوا سمعتها كده ؟

وأكملت عتابها بنظرة تدل على الخذلان منه :

ـ ما اخذتش منك على كده يا”زيد” انت وعدتني وعدين قبل كده ونفذتهم ولو كان في موقف حصل اضطر ان انت وهو تمسكه في بعض كنت المفروض تبعدها خالص عن المكان وتتصرف لكن ما يحصلش اللي حصل انا بجد مصدومة فيك .

ابتلع ريقه بخجل من ملامها ليبرر لها بصدق نابع من عينيه واستشفته هي بحنكة نظراً لذكائها في قراءة من أمامها :

ـ والله يا دكتورة انا بعمل كل حاجة بوعدك بيها، وعدتك قبل كده لما كانت بتذاكر للثانوية اني هبعد عنها وبعدت وعدتك لما بلغتك بقرار التدريس في الجامعة اني مش هحاول أضايقها بس هاخد فرصتي في إني اثبت لها نفسي اني استحقها واستاذنتك بدون اي تطاول جارح ليها لا بالكلام ولا بالفعل ولا أعمل لها مشاكل وانا نفذت وعودي،
حتى قبل ما نطلع الرحلة دي عرفتك على كل حاجة علشان مش حابب اللف والدوران عليها من وراكِ وحضرتك دكتورة نفسية وتفهمي في نظرات العيون وتفهمي كمان في الأشخاص اللي قدامك اذا كانوا بيحوروا ولا لا !
أنا صادق جداً في مشاعري وواضح جداً وعمري ما تصنعت شكل ولا أسلوب ولا طريقة ،

وأكمل دفاعه عن حاله بيمين صادق :

ـ والله العظيم اللي حصل بمحض الصدفة من غير ما يكون له ترتيب وكله ما تعداش الخمس دقايق وجودها في الفيديو واللي كان بيصور استغل الخمس دقايق دول وقبل ما اكمل مع البني آدم ده الخناقة قلت لها اطلعي على فوق مش ذنبي والله كل اللي حصل تدابير القدر يا دكتورة .

رمشت بأهدابها وهي ترفع عينيها تنظر داخل عينيه وتختبر نظرات الصدق بهما ثم عاتبته بنبرة مملؤة بالحسرة لما حدث :

ـ للأسف كنت المفروض تتحكم في غيرتك قدام الشخص ده وتبقى اعقل من كده يـا”زيد” مامت الولد جاية في الطريق هي وجده والمشكلة شكلها مش هتتحل بالسهولة دي لان الموضوع بقى رأي عام لانه شخصية مشهورة .

أقسم لها مرة أخرى:
ـ والله انا وهي كنا واقفين في حالنا بتكلم معاها عادي زي ما بتكلم مع اي طالبة وبصراحة شدينا مع بعض شوية كالمعتاد وزي ما حضرتك عارفة بصيت لقيته جاي قدامنا وحصل اللي حصل في الفيديو مع اني لما شفتهم واقفين مع بعض وكانوا قاعدين قدام شط البحر بيتكلموا قعدوا تقريبا حوالي ساعة ما تتصوريش حضرتك حالتي كانت عامله ازاي وقتها حرفياً كنت بولـ.ـع نـ.ـار كانت قائدة فيا لكن تماسكت نفسي جداً علشان الوعد اللي وعدته لك وقلت ما تعملش مشاكل ولا فضايح من أولها وبعدين افهم منها في إيه لكن البني آدم السمج ده هو اللي دخل ما بينا وهو السبب في ده كله .

اتسعت دائرة عينيها بذهول وهي تسأله بدهشة :
ـ هي “ليلى” و”رسلان” كانوا قاعدين مع بعض وبيتكلموا وساعه كمان ؟!

ثم قامت من مكانها بتعجل والقلق ينهش صدرها :
ـ معلش يا “زيد” وصلني لأوضة “ليلى” لازم أفهم الموضوع باباها على وصول وما ينفعش ابان قدامه مش فاهمة حاجة ولا عارفة حاجه عن بنتي .

وقف هو الآخر أمامها وهو يخبرها بصدق بما صدمها قبل أن تتحرك فهو لم يسمح للظروف ولا المواقف أن تفرق بينهم :
ـ في حاجة مهمة عايز اعرفها لك يا دكتورة علشان تحطيها في اعتباراتك وانتِ داخلة تحلي المشكلة دي وكالمعتاد مش حابب اخبي عنك أي حاجة في أي تطور ما بيني وما بين “ليلى” ،

وأكمل وهو يومئ بنظرات عينيه للأسفل بنظرة حزينة :
ـ “ليلى” النهاردة اعترفت لي إنها بتحبني وسألتها اذا كان اعترافها ده في لحظة ضعف منها أكدت لي إنها عمرها ما تنطق حاجة مش هتحس بيها يا ريت يا دكتورة نتعجل بخطوة الارتباط وكل واحد وقتها هيلزم حدوده.

كانت تعلم بأن صغيرتها تعشقه وبشدة من أول مرة أخبرتها أنها حائرة وتراه أمامها في كل مكان حتى في أحلامها منذ تلك اللحظة علمت أن صغيرتها عاشقة له ولكن خطوة الارتباط ليست سهلة وليست مبنية على الحب فقط ولا على المشاعر المتبادلة بانجذاب بين الطرفين ؛ بل هي خطوة لها قوانين وحسابات أخرى فهتفت بتعقل :

ـ ما اقدرش اديك وعد بأي حاجة ولا أرد على كلامك حتى من غير ما اقعد مع بنتي وأفهم منها وأتكلم معاها وبعد ما المشكلة اللي حصلت دي تتحل وقتها يا”زيد” هحط طلبك في الاعتبار وهنتناقش فيه انا وانت وهي لأول مرة مع بعض بس أرجوك عايزة اطلع لها دلوقتي لأن أنا اتأخرت عليها زيادة عن اللزوم وزمان مامت الولد هي كمان على وصول وأكيد هنجتمع مع بعض كلنا فممكن تروح تستريح وتريح أعصابك وكل حاجة ما بينك وما بينها لسه بين إيدين القدر .

أماء برأسه بحزن شديد وداخله ينبض بقلق عارم وأن القادم ليس لصالحه بالمرة ونظرات عينيه تفطر القلوب فالحزن ارتسم على وجهه ببراعة ،
أخرج هاتفه كي يتصل بصديقه “يحيى” فهو يريد البوح بما في صدره من حزن عميق له وإلى الآن هاتفه مغلق فمسح على شعره بضيق شديد وتحرك يجلس أمام البحر والقلق والحزن هما سيدان الموقف معه يكاد يحترق بنـ.ـار تتآكل به وتنهش في صدره مما يشعر به .

*************
كانا يجلسان على متن الباخرة منذ ساعتين في ذاك الجو الرائع وهو يسـ.ـرق معها من الزمن والظروف لحظات من رواق البال فهتف بدعابة :
ـ أحسن حاجة إن الواحد قفل تليفونه وانت كمان وبعدنا عن العالم اللي هناك دي احنا مش جايين نتنكد مش سايبين نكد في البلد وجايين نتنكد هنا كمان ، أقول لك على حاجة احنا المفروض نفضل هنا لحد آخر اليوم وبعدين نبقى نروح نشوف الدنيا وصلت لايه ولا ايه رأيك يا نوري ؟

ابتسمت له بعيناي عاشقة وهي تشجعه:

ـ أحسن حاجة فعلاً بجد أنا كنت محتاجة الخروجة دي قوي بعيداً عن المشاكل اللي بتحصل من ساعة ما جينا مع أصحابك ،

واسترسلت حديثها وهي تنظر إلى المكان بسعادة وراحة اجتاحت أوصالها وهي تأخذ نفسا عميقا تستنشق به رائحة الهواء والبحر والطبيعة الخلابة حولها :
ـ وكمان المكان هنا جميل قوي والجو تحفة بجد ما انحرمش منك يا “يحيى” ولا إنك بتحاول تسعدني وتغير لي المود المقريف اللي بقى مصاحبني على طول .

كان يجلس أمامها مباشرة ويفصل بينهم تلك المنضدة ثم قام من مكانه وسحبها برفق حنون من يدها وتحركا سوياً وصعدا سطح الباخرة يشاهدون صراعها مع البحر وهي تبحر مياهه بسلاسة وتواجه الريح ببسالة ليتمسك كلتاهما بالعمود الحديدي الواقف بالقرب من حافة الباخرة ليتحدث هو بانتشاء لوجودهم في ذاك المكان الرائع وحدهم ويحكي لها بصدق عن مشاعره :
ـ تعرفي إني نفسي ابقى زي السفينة اللي راكبين عليها دي أبقى قوي ضد الأمواج مهما كانت ارتفاعها وضد الرياح مهما كانت عاتية و أوجه كل المشاكل اللي هتقابلني وياكِ بشجاعة علشان أثبت لك إن أنا فعلاً جدير بيكِ وان انا عايزك علشان نفسي نكون مع بعض مش علشان اي مبررات تانية عقلك يخيلها لك .

ردَّت بصوت يخرج بصعوبة من حلقها وهي تحاول تخبئة سحرها به وبالمكان وبوجودهم مع بعضهم الآن كي لا تفضحها عينيها :

ـ انت حبتني بجد يا يحيى ولا أنا صعبت عليك وتجربتي الصعبة اللي انا مريت بيها خلتك تشفق عليا وعلى حالتي وتفكر فيا كنوع من العطف عليا لأننا متربيين سوا ومفارقناش بعض ؟

اعتدل بوقفته وانتصب وهو ينظر داخل عيناها مؤكداً عليها وهو ينظر إليها بوله :

ـ طب مش مصدقة عيوني وهي هتبص لك وتأكد لك إني بحبك بجد يا نور ؟!
ولا دقات قلبي في قربك متثبتش حبي ليكِ من غير كلام ؟!

وأكمل بنبرة عاشقة متيمة لها وهو يؤكد لها انها معشوقته مراراً وتكراراً:
ـ إنتِ تتحبي قووي على فكرة يا نور وانتِ اللي كتير على أي حد حتى أنا ،

ثم نظر إليها بهيام وهو يريد بكل قوته ان يخرجها من حالة الكآبة والحزن:
ـ أنا اللي مربيكِ على ايدي ،
نسيتي اني أنا اللي علمتك الألف والباء ، نسيتي اني كنت باخدك من ايدك وأوديكي الدروس وانتِ صغيرة وأعدي بيكِ من الأماكن اللي كنتِ بتخافي منها ،
نسيتي إن كنت بسهر معاكِ ليلة العيد علشان أخدك من الصبح نصلي العيد مع بعض ومنسيبش بعض طول اليوم لحد ما النوم يفرقنا اجباري ؟!

بللت شفتيها الجافة وهي تنظر إلى السماء وقت الغروب ثم أخرجت ما تحمله من أوجاع منه في صدرها :
ـ انت ما تعرفش إن كل الحاجات اللي انت بتقول عليها دي محفورة جوايا عمري ما نسيتها بس اتوجعت منك قوي لما رحت خطبت مرة واتنين كنت بتثبت لي ان انا مش في دماغك غير اخت وبس فقدت الأمل وعرفت إن إنت مش نصيبي ولا ينفع تكون حبيبي .

لعن حاله بدل المرة ألف على حزنها ويأسها منه وأنه جرحها ذاك الجرح الدامي لقلبها ومشاعرها الرقيقة لينطق معتذراً بندم وهو يجذب يديها بين كفاي يديه ويحتضنهم بعشق :
ـ حقك عليا يا نوري أنا أستاهل كل الحاجات الوحشة تحصل لي على اني خليتك تحسي الإحساس الصعب ده بس والله أنا كنت شارد ومعرفتش قيمتك ولا اني بحبك اللي لما ضيعتي مني يمكن الاتنين اللي انا خطبتهم وسابوني كان علشان خاطر ما شافوش في عيني لهفة عليهم زي لهفتي عليكِ حقك عليا يا عمري .

تململ كف يدها بين يديه بحرج أحس به ولكن سألها بعيناي تلمع بابتسامة العشق وهو يحاول سحبها معه لعالمه :
ـ إنتِ امتى عرفتِ انك بتحبيني ، أو الإحساس بالحب اتأكدتي منه أي وقت بالظبط ملهوف قووي إني أعرف ؟

أجابته بصوتٍ هائم بنفس رعشة الشفاة مع إبتسامة سعادة ظاهرة داخل عينيها وهي تقرأ نظرات العشق في عينيه لترجع بذاكرتها إلى الوراء وقت أن تيقنت من عشقها له وبدأت تقص عليه بعيناي زارتها الابتسامة أخيراً:

ـ من اول ما دخلت ثانوي كنت عند خالتو وانت كنت لسه مبتدئ تدي دروس وكان عندك حصة وقتها وكنت مستنياك لما ترجع التليفون رن وخالتو كانت مشغولة في المطبخ فانا اللي رديت وقتها كانت واحدة صوتها ناعم بنوتة وبتسأل عليك انت فين ولازم تكلمها ضروري لما تيجي سألتها عن اسمها قالت لي “همس” ساعتها حسيت بنار قايدة في قلبي أول مرة أحس بيها لما عرفت ان في بنات بتكلمك وان انت تعرف بنات غيري وقتها شعوري وأحاسيسي كلها تجاهك اتنقلت في مكان تاني خالص وانا ما كنتش فاهمة ولا عارفة لحد ما بقيت أركز معاك وفي كل المواقف اللي بتحصل حوالينا من البنات ولما كنت بتيجي تحكي لي عن صحباتك اللي قابلتهم في الجامعة ولا اللي بتقابلهم في اي مكان في مطعم مثلاً كنت بتقطع من جوايا وكنت ببقى عايزة امسكك اخـ.ـنقك ولا إن واحدة غيري تبص لك ولا واحدة تحاول تاخدك مني،

ثم أخفضت بصرها للأسفل وأكملت اعترافها بخجل ونبرة أقرب للهمس :

ـ من وقتها وانا عرفت ان انا بحبك يا “يحيى” أووي .

شاغبها بدعابة حينما رأى خجلها وهو يهمس لها :
ـ طب كنتِ لمحي لي ولا اعملي أي منظر كدة ولا تعالي قولي لي بحبك زي اللي لسه طالعه من بقك دلوقتي وخلتيني واقف قدامك مش على بعضي يا بنت قلبي وعمري .

حاولت نزع كفاي يديها حينما شعرت بحرارة يديه بين يديها :
ـ طب سيب ايدي بقي وخلينا نرجع كفاية كدة ؟
رفع حاجبه باستنكار لطلبها وهو مازال يشاغبها:
ـ اه إنتِ بتهربي يا ماما بعد الهمسات والنظرات والحرارات اللي اشتعلت والجو بقي غروب ورومانسي يعني طبيعة وبحر وهوى نقي ووجه حسن وأنا وانت ولا حد تالتنا يعني فرصة رومانسية لن تتكرر مع اتنين عشاق وتقولي نمشي ،
1

وأكمل وهو يغمز لها بكلتا عينيه بشقاوة :

ـ طب ما تسبيني أكلل الاعترافات القمر دي مع الغروب فعلاً علشان اللحظات دي متتنسيش يا نوري صديقني هاخدك معايا للسحاب وهطيرك في عالم جميل .

اتسعت مقلتيها من كلامه لتغر فاهها بدهشة ناطقة اسمه بذهول :
ـ هاااااااا ، يحيى !

نظر لها مضيقاً عينيه مصطنعا عدم الفهم وقوس فمه بتسلي عندما شعر بخجلها مما أسعد قلبه وتحدث بوله :

ـ عيونه .
شعرت بقشعريرة سَرت بجسدها من تأثرها بنظرة عينيه التي تتحدث عشقاً ،
ثم حمحمت وتحدثت بصوتٍ يكاد يسمع من شدة خجلها:
ـ بطل بقى شغل المراهقين ده ويالا نرجع ومتحاولش تستغل ضعفي يا بن خالتي .

ـ أموت أنا في الشراسة ياقلب ابن خالتك … قالها ببسمة خفيفة زينت محياه وأكمل وهو يشير بيده إليها أن تتحرك :
ـ يلا يا ملاكي الجميل انا بشاغبك بس مش اكتر أنا أحب أعمل كل حاجة في وقتها من غير استعجال علشان تتعمل بمزاج وأنا أحب المزاج العالي يكون على الظبطة التمام لما نرجع بقى من السفر اروح لخالتو ونظبط الكلام يا بنت خالتي .

وتحركا كلتاهما للرجوع بعد قضاء تلك الأوقات السعيدة واختطافها من الزمن .

***********
ـ ازاي الفيديو ده حصل يا “رسلان” يا ابني وايه اللي خلاك تدخل خلاف زي ده فهمني يا حبيبي ؟

صاحت به والدته وهي تنظر بحدة إليه:
ـ هو انت لسه هطبطب يا بابا بعد البلاوي اللي شفتها في الفيديو ؟
ده ولد مستهتر ومش واخد باله هو مين ولا ابن مين وان شاء الله هيبقى هو السبب في البلاوي اللي هتحصل لنا أنا وباباه .

هدر بها أبيها حينما رأى الحزن على وجه حفيده :
ـ اسكتي يا نعمات لو هتلفطي وهتقولي كلام أهبل ميحلش الموضوع يبقى تاخدي بعضك وارجعي لجمعياتك وملكيش دعوة بالولد وأنا كفيل أحل المشكلة ؟

جزت على أسنانها بغضب من حدة والدها بها أمام ابنها ليعود النظر إلى حفيده وهو يربت على فخذه بحنو اعتاد عليه :
ـ احكي لي يا حبيبي ومش عايزك تضايق أي مشكلة وليها حل بس انت اطمن ومتخافش من اي حاجة ولا أي حد طول ما جدو حبيبك جمبك .

ارتمى “رسلان” في حصن جده وهو يقبله من رأسه قائلاً بامتنان :
ـ ربنا يخليك ليا يا جدو وميحرمنيش منك ابدا ولا من وجودك جنبي .

ثم خرج من أحضانه وبدأ يقص عليه كل شئ لينزعج جده معاتباً إياه:
ـ ليه يا بني دخلت نفسك في المشكلة انت غلطان يا “رسلان” ممكن يكون خطيبها او أخوها أو ابن عمها وانت متعرفش لأنك متعرفهاش ولا تعرف عنها حاجة ودلوقتي المشكلة بقت كبيرة جداً والدنيا مقلوبة وبقت قضية رأي عام .

أخفض بصره للأسفل ثم نطق نادماً :
ـ أنا عارف ان انا غلطان بس يا جدو انا استريحت لها وحسيت ان البني آدم ده بيترازل عليها فرحت غصب عني وحصل اللي حصل بس بدافع الجدعنة والله يا جدو .

ضـ.ـربت والدته كفا بكف وما زالت غاضبة منه :
ـ جدعنة ! والله إنت هتجيب لي جلطة انا قايلة لك تجنب المشاكل العادية تقوم تتخانق مع بنت في مرة وتروح تتخانق مع واحد علشانها في مرة تانية والفيديو جايبك همجي وبتاع سلطة وبتستخدم سلطتك على بنات الناس وشايفينك متحرش واللي شايفينك بلطجي اقرأ التعليقات بتاع الناس يا أستاذ إن مكانتش المشكلة دي تتحل النهاردة باباك وضعه هيبقى خطير جداً والدنيا هتتقلب على ابن الوزير المتحرش البلطجي وبتوع حقوق الإنسان هيتنططو فوق دماغنا وهلم جر بقى .

نظر “رسلان” إلى جده نظرات استفهام وكأنه يسأله عن صدق حديث والدته ليحرك رأسه بأسى :
ـ كلام والدتك صح جداً يا ابني المشكلة كبيرة للأسف ده غير الاتصالات اللي جت لوالدك بتهديد مباشر إن المشكلة دي لازم تتحل بأقصى سرعة على بكرة الصبح بالكتيير .

ابتلع “رسلان” ريقه وزاغت نظرات عينيه بخوف لينطق بتساؤل :
ـ طب الحل ايه في المشكلة دي يا جدو ؟

هنا أجابته والدته بحزم :
ـ مفيش غير حل واحد انت والبنت تعلنو خطوبتكم وتتم الخطوبة فعلياً وهنعزم فيها كبار البلد والموضوع يتدارى على انها كانت خناقة عادية بين واحد وخطيبته والناس اتدخلت في خصوصياتكم ونقلب الرأي العام لصالحنا .

سألها والدها :
ـ عندك حق يابنتي وكمان علشان سمعة البنت اللي هتروح في الأرض بسبب كلام الناس عنها بس هتعملي كدة ازاي وياترى أهلها هيوافقوا على الحل ده ونلم الموضوع ده بسرعة علشان جوزك برده ميتأذيش ؟

أجابته سريعاً وهي تنظر له باستجداء :
ـ مانا كلمت مامت البنت وهي بعتت لي رسالة انها وصلت وهنقابلها كمان نص ساعة بالظبط ومحتاجة حضرتك معايا يا بابا في انك تقدر تقنعهم لأنها شكلها مش ست ضعيفة ومش سهلة خالص .

حرك رأسه للأمام بموافقة:
ـ هو انا أقدر أسيبك يا بنتي أنا جمبك متخافيش هقوم أصلي المغرب وبعدها نتوكل على الله وإن شاء الله الموضوع هيتحل والخطوبة هتتم.

كان سعيداً لذاك الخبر ولهذا الحل ولم يعرف لم السبب وقلبه يدق بداخله بدقات لا يفهم معناها ولكن يشعر بالسعادة وداخله يردد “رب ضارة نافعة”
*****************
ـ ايه يا “ليلى” التطورات دي كلها وانا معرفش عنها حاجة كده بردو تهز ثقتي فيكِ ؟

أدمعت بحزن على كلام والدتها لها لتحاول التبرير :
ـ والله يا ماما كنت هكلمك لسه وأحكي لك على اعتذاره ليا وأخلاقه معايا وإنه طلع مؤدب خالص وكان موقفه معايا كان بسبب زهق من ضغط والدته عليه واعتذر لي كتير كمان وكان جنتل جدا معايا يا ماما وبعدين كنت واقفة أنا و “زيد” وشدينا مع بعض كالمعتاد وفجأة لقيت “رسلان” اتدخل وفكره بيضايقني وحصل اللي حصل .

نظرت إليها والدتها ونطقت بأسى:
ـ وطبعاً الولد الكاميرات محاوطاه من كل مكان من غير ما ياخد باله لأنه شخصية مشهورة وهيعملوا ترند من وراه يجيب لهم ملايين في أي خبطة ،

ثم أكملت بحزن على حال هؤلاء الشباب :
ـ للأسف بقو اسمهم قناصين السوشيال ميديا واللي بسبب تدخلهم في حياة الناس بكل الطرق غير المشروعة لازم الناس تتدارى بعد كدة وتلبس أقنعة علشان ميبقوش عرضة للفضايح والقيل والقال ، حسبي الله ونعم الوكيل في كل مؤذي ،

ثم احتضنت ابنتها الباكية وقبلتها من رأسها :
ـ متقلقيش يا ماما أنا جنبك وبابي كمان وصل تحت أهو وهنجتمع مع الولد وأهله كلنا كمان دقايق علشان نحل المشكلة الجامدة دي وربنا يستر بإذن الله .
**********
بعد مرور حوالي ساعة كانو مجتمعين في مطعم الفندق وبعد أن قضوا عدة دقائق في التعارف على بعضهم وتحدثوا في بداية المشكلة تحدث “رسلان” باعتذار موجه إلى والدي “ليلي” كما فهمه جده :
ـ أنا بعتذر لحضراتكم جداً بأسف شديد على اللي حصل مني تجاه الآنسة ” ليلى” في الجامعة واني ممتصتش غضبها وهي بتخبط على عربيتي واتعاملت مع الموقف بعـ.ـنف لايصح ابدا ،

وأكمل بندم حقيقي :
ـ وأنا عارف ومقدر إن أسفي ميعتبرش تصليح للخطأ الشديد ده بس ربنا يعلم اني كنت في حالة نفسية صعبة جداً بسبب مشاكل عندي ،

واستطرد شرحه للموقف وهو يوجه نظره إلى والدة “ليلى” :
ـ والدكتورة عارفة كويس الإنسان لما بيخرج عن شعوره وبيبقى في حالة غضب شديدة بيبقى خارج عن الوعي فأنا نادم جداً وكمان اعتذرت للآنسة “ليلي” ومستعد لأي ترضية ترضي حضراتكم عن الشئ المخزي اللي حصل مني .

هتف والد “ليلى” لذاك الشاب الخلوق وهو يتقبل اعتذاره بصدر رحب:
ـ أسفك مقبول يا ابني ويسلم الناس اللي ربوك على انك راجل تعتذر وقت الغلط لأن الاعتذار من شيم الكرام وانتو باين عليكم أهل كرم ومش زي ما بنسمع عن أصحاب السلطة .

هنا نظرت “نعمات” و “رسلان” إلى أبيها ذاك الرجل الخلوق صاحب النصائح الجهبذية والمنقذ للمواقف الصعبة وغير ذلك ثمرة تربيته في “رسلان” واضحة للجميع ليتحدث الجد أخيراً:
ـ يمكن “رسلان” علشان طيب اللي ماشيين وراه بالكاميرات عديمي الذمة والضمير مقتحمي الخصوصية هما السبب في اللي حصل وانهم استغلوا الموقف الأول وربطوه بالموقف التاني وعملوا فضيحة كبيرة للولد والبنت والموضوع انتشر بطريقة صعبة ومخيفة وللأسف مفيش غير حل واحد تسمعوه من راجل عجوز زيي ،

وتابع رشده لهم ببشاشة وجه وهو يبسط الأمور :
ـ نعلن عن خطوبة الأولاد وانهم مقري فاتحتهم ونعمل خطوبة كبيرة رد على الفضيحة الجامدة دي وبعدين يحلها الحلال.

انقبض قلب “ليلي” لذاك الحل المستحيل من وجهة نظرها وحدثت حالها وهي تنظر إليهم نظرات مشوشة :
ـ ماذا تقولون أنتم عن خطبتي لهذا الـ”رسلان” ؟!
كفوا ألسنتكم واسحبوا هرائكم هذا ، بحق الله لو حدث ما تقولون حتماً سينهار عاشق مجنون وملتاع بهوى “ليلى”
برئ أحبني بجنون وصار يتنفس عشقي حتى عبئ صدره كله بهوايا ولو خرجت منه حتماً سيذهب إلى الجحيم ،
لاااا والأدهى أنني علقته بحبالي واعترفت له بعشقي اليوم له وأذهب إليه غداً بالفراق!
يا الهي ساعدني يا الهي أنقذ عاشقان سوف يفرقهم القدر لقد كان منذ قليل ثائر كعاصفة شديدة تقتلع برياحها الأخضر واليابس من غيرته فقط علي فماذا عن ارتباطي بغيره ،
آااه “زيدي” يا لك من مسكين ، يا لنا من مساكين ، حتى فاقت على رأي أبيها الذي قضى على أخر ذرة عقل لديها وهو يردد لهم:

ـ الظاهر مفيش غير الحل ده علشان نردم على الفتنة دي .
ورددت عينيها الحزينة:
ـ لقد ضعتي “ليلى” في رداء الهوى الكذاب الويل لك “زيد” الويل لنا .

يتبع…..

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية مشاعر موقدة)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى